بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي هدانا للاسلام وعلمنا الحكمة والقرآن. احمد الله تعالى ربي واشكره نستعينه واستغفره واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان سيدنا ونبينا وقدوتنا عيوننا محمدا عبد الله ورسوله. امام الهدى وسيد الورى صلوات ربي وسلامه عليه. وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وبعد اخوة الاسلام فمن رحاب بيت الله الحرام ومن جنبات الكعبة المعظمة ما زال هذا المجلس المبارك منعقدا في هذه الرحال ابي الطاهرة في كل ليلة من ليالي الجمعة نغتنم بها فضل الصلاة والسلام على نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم نتدارس هذا السفر المبارك كتاب جلاء الافهام في فضائل الصلاة والسلام على خير الانام صلى الله عليه واله وسلم للامام ابن قيم الجوزي رحمه الله تعالى وهذا المجلس المبارك المنعقد تباعا لاستكمال مضامين هذا الكتاب. قد تقدمت بعض مجالسه ايام شهر رمضان المبارك وما يزال هذا المجلس متتابعا لسرد بقية ما جاء في هذا الكتاب المبارك. تقدم ايها الاخوة المباركون ان الكتاب يشتمل على على سبعة ان الكتاب يشتمل على خمسة ابواب. انتهى منها البابان الاولان. حيث كان الباب الاول معقودا لبيان الروايات من الاحاديث والاثار التي رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بصيغة الصلاة والسلام عليه او فضلها او شيء ميم مروياتها ذات الصلة. والباب الثاني كان في شرح الفاظ هذه الصلاة المباركة على نبينا عليه الصلاة والسلام. وفيه فصول عشرة تم اتباعا بحمد الله تعالى بين فيها المصنف رحمه الله معاني الفاظ هذه الصلاة الابراهيمية بدءا من قولنا اللهم وصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ومعنى اسم النبي محمد وابراهيم وما يتعلق بالبركة الى اخر فصول ابواب الكتاب وهذا المجلس منعقد لبيان الباب الثالث تباعا ان شاء الله تعالى وهو الذي عنونه ابن القيم رحمه الله بقوله الباب الثالث في مواطن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم التي يتأكد طلبها اما وجوبا واما بابا مؤكدا. هذا الباب صلب الكتاب. وهو المتعلق مواطن الصلاة على النبي صلى الله عليه سلم التي جاء الحث عليها. وكما قال رحمه الله فانها اما تأتي على الوجوب او على الاستحباب. في هذا الباب اورد ابن القيم رحمه والله واحدا واربعين موضعا من مواضع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. تتفاوت قوة وظعفا بحسب الاحاديث والنصوص الواردة فيها لكنه حصر ذلك رحمه الله واستقصى فيه استقصاء بينا معقبا كل موطن بما دل عليه وبيان ذلك قوة وضعفا. وها نحن نعرض مضامين كتابي كما تقدم في بابين السابقين باذن الله تعالى مع ايراد مجمل وملخص ما يتعلق بكل موطن. قال رحم الله تعالى الباب الثالث في مواطن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم التي يتأكد طلبها اما وجوبا واما استحبابا مؤكدا. الموطن الاول قال وهو اهمها واكدها. في الصلاة في اخر التشهد هذا الذي نفعله كلنا امة الاسلام عندما نصلي لربنا فرضا كانت الصلاة او نفلا. فان احدنا لا يفرغ من صلاته لا يغادرها ولا يسلم منها خارجا. منها الا بعد ان يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم عقب التشهد الاول وهو ما يسميه الفقهاء بالتشهد الاخير. ويسمونه ايضا بالصلاة الابراهيمية. قال رحمه الله وقد اجمع المسلمون على مشروعيته واختلفوا في وجوبه فيها هذه مسألة فقهية اطال فيها ابن القيم رحمه الله تقريرها في هذا الموضع من الكتاب لجلالة المسألة واهميتها اذا دعونا نفهم جيدا ان الفقهاء على اختلاف مذاهبهم رحمة الله عليهم مجمعون متفقون على ان الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم داخل الصلاة في اخرها قبل السلام عمل مشروع من اعمال الصلاة. لكن هل هذه المشروعية هي على الوجوب ام على الاستحباب؟ ها هنا مذهبان للفقهاء سيعرض فيها ابن القيم رحمه الله اقوام قال هم ومذاهبهم وادلتهم فيها. قال رحمه الله فقالت طائفة ليس بواجب فيها. يعني ليس الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من الاعمال الواجبة في الصلاة. قال ونسبوا من اوجبه الى الشذوذ ومخالفة الاجماع. هذا القول هو قول جماهير الفقهاء ان الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم داخل الصلاة ليست من الواجبات. بل هي من المستحبات الكتاب لابن القيم رحمه الله من اجل المراجع التي تبحث فيها مسألة حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الاخير في الصلاة وعرض الادلة ومناقشتها فانه قد قرر فيها تقريرا نفيسا وحرر فيها تحريرا علميا متينا رحمة الله عليه وعلى سائر علماء الامة الابرار. فهذا اول المذهبين القول بعدم الوجوب. وابانا رحمه الله ان من الفقهاء والعلماء من جعل القول بالوجوب قولا شاذا وبالغ في الانكار عليه. قال منهم الطحاوي والقاضي عياض والخطابي فان انه قال ليست بواجبة في الصلاة. وهو قول جماعة الفقهاء الا الشافعي. ولا اعلم له قدوة. انتهى كلام رحمه الله قال وكذلك ابن المنذر ذكر ان الشافعي تفرد بذلك واختار عدم الوجوب. واحتج اربابها هذا القول بان قالوا واللفظ للامام القاظي عياظ رحمه الله. والدليل على ان الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ليست من فروض الصلاة عمل السلف الصالح قبل الشافعي. واجماعهم عليه. وقد شنع الناس عليه المسألة جدا وهذا تشهد ابن مسعود رضي الله عنه الذي اختاره الشافعي وهو الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم اياه ليس فيه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. وكذلك كل من روى الترمذي تشهد عن النبي صلى الله عليه وسلم كابي هريرة وابن عباس وجابر وابن عمر وابي سعيد الخدري وابي موسى الاشعري وعبدالله بن الزبير رضي الله عنهم لم يذكروا فيه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. لا يزال الكلام للامام القاضي عياض رحمه الله في بيان الدليل على عدم الوجوب ان عامة من روي عنهم من الصحابة في صيغة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم او في التشهد في الصلاة لم يذكروا فيها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. وقد قال ابن عباس وجابر رضي الله عنه هما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن. قال ونحوه عن ابي سعيد وقال ابن عمر رضي الله عنهما كان ابو بكر يعلمنا التشهد على المنبر كما تعلمون الصبيان في الكتاب وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعلمه ايضا على المنبر يعني وليس في شيء من ذلك امرهم فيه بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. قال الامام ابن عبدالبر، رحمه الله في التمهيد. ومن حجة من قال بان الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ليست فرضا في الصلاة حديث الحسن ابن الحر عن القاسم ابن مخيمرة قال اخذ علقمة بيدي فقال عبد الله اخذ بيده. يعني ابن مسعود وقال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اخذ بيدي كما اخذت بيدك فعلم التشهد فذكر الحديث الى قوله اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله. قال فاذا قلت ذلك فقد قضيت الصلاة فان شئت ان تقوم فقم وان شئت ان تقعد فاقعد قالوا فهذا الحديث يشهد لمن لم ير الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد واجبة ولا مسنونة وان من تشهد فقد تمت صلاته ان شاء قام وان شاء قعد. قالوا لان ذلك لو كان واجبا او سنة في التشهد لبين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وذكره. هذا مجمل نقل ابن القيم رحمه الله تعالى في هذه المسألة عن الحافظ ابن عبد البر وقبله عن الامام القاضي عياض رحم الله الجميع قال ابن القيم رحمه الله في ذكر الادلة الاخرى للقول بعدم وجوب الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام في التشهد في الصلاة قالوا وايضا فقد روى ابو داوود والترمذي والطحاوي من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا رفع رأسه من اخر السجود فقد مضت صلاته اذا هو احدث. واللفظ لحديث الطحاوي وعندكم لا تمضي صلاته حتى على النبي صلى الله عليه وسلم. قالوا وروى عاصم بن ضمرة عن علي رضي الله عنه قال اذا جلس مقدار التشهد ثم احدث قد تمت صلاته وايضا من الادلة حديث الاعمش عن ابي وائل عن ابن عباس عن ابن مسعود في التشهد قال ثم ليتخير ما احب من الكلام يعني ولم يذكر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. ومن الادلة ايضا حديث فضالة ابن عبيد ان رسول الله صلى الله الله عليه وسلم سمع رجلا يدعو في صلاته ولم يحمد الله ولم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم فقال عجل هذا ثم فقال له او لغيره اذا صلى احدكم فليبدأ بحمد ربه والثناء عليه ثم يصلي على محمد وال محمد ثم يدعو بما شاء اما رأيتم لقد ذكر الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام؟ لكن قالوا هذا الحديث فيه ان النبي عليه الصلاة والسلام لم يأمر هذا المصلي الذي ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمره باعادة الصلاة. ولو كانت فرضا او واجبا لامره بالاعادة كما امر ذاك الذي استعجل في صلاته واساء فيها فلم يتم الركوع والسجود. فقال ارجع فصلي فانك لم تصلي. ومن ايضا ان حديث المسيء صلاته الذي علمه النبي عليه الصلاة والسلام صفة الصلاة. قال اذا قمت الى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى تعتدل قائما. وذكر له صفة الصلاة لم يذكر له فيها النبي عليه الصلاة والسلام الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم. ولو كانت من فروض الصلاة التي لا تصح الصلاة الا بها. لعلمه اياها كما الركوع والسجود والطمأنينة في الصلاة. واحتجوا ايضا كذلك بان فروض الصلاة وواجباتها انما تثبت بدليل صحيح ليس له معارض من مثله. او باجماع ممن تقوم الحجة باجماعهم. هذه ابرز واظهر ادلة القائلين بعدم وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد في الصلاة وهو قول اكثر الفقهاء رحمة الله عليهم والادلة كما سمعتم. قال ابن القيم رحمه الله فهذا اجل ما احتج به النفات وعمدتهم قال ونازعهم اخرون في ذلك نقلا واستدلالا. وانطلق رحمه الله تعالى يعرض اجابة القول الاخر على هذا الادلة بالوجوب ودافع رحمه الله تعالى عن القول بوجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد في الصلاة ابتدأ من حيث ذكر هناك كلام الامام القاضي عياض وكذلك قول الحافظ بن عبدالبر وغيرهم من الفقهاء. قال ما نسبتكم الشافعي ومن قال بقوله في هذه المسألة الى الشذوذ ومخالفة الاجماع فليس بصحيح. فقد قال بقوله جماعة من الصحابة ومن بعدهم فمنهم عبد الله بن مسعود فانه كان يراها واجبة في الصلاة ويقول لا صلاة لمن لم يصلي فيها على النبي صلى الله الله عليه وسلم. ذكره ابن عبدالبر عنه في التمهيد وحكاه غيره ايضا. ومنهم ابو مسعود البدري فقد روى روى عثمان بن ابي شيبة وغيره عن شريك عن جابر الجعفي عن ابي جعفر محمد بن علي عن ابي مسعود رضي الله عنه قال ما ارى ان صلاة لي تمت حتى اصلي على محمد صلى الله عليه وسلم وعلى ال محمد صلى الله عليه وسلم. ومنهم عبدالله بن عمر ثم ساق بسنده عن عقبة بن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه قال لا تكون صلاة الا بقراءة وتشهد هد وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فان نسيت شيئا من ذلك فاسجد سجدتين بعد السلام. وقد اخرج الاثر ابن ابي شيبة في مصنفه وفي سنده ضعف وكذلك الضعف ايضا في سند اثر ابي مسعود البدري رضي الله عن الجميع قال الامام ابن القيم رحمه الله فاذا ليس الشافعي باوحد في القول بوجوب الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام في التشهد فهذا عدد من الصحابة كعبد الله بن مسعود وابن مسعود عقبة ابن عمرو الانصاري البدري. وكذلك عبدالله بن عمر رضي الله عنهم جميعا فانهم يقولون بالوجوب ويرون ان الصلاة لا تتم ان لم يذكر فيها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. قال ابن القيم ومن التابعين ممن قال بهذا القول ايضا ابو جعفر محمد بن علي والشعبي ومقاتل بن حيان. ومن ارباب المذاهب المتبوعين ايضا اسحاق بن طهوية فقال ان تركها عمدا يعني الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد. قال ان تركها عمدا لم تصح صلاته وان تركها سهوا رجوت ان تجزئه وهذا هو معيار الواجبات في الصلاة. ان تركها عمدا يبطلها. وان تركها سهوا يجبر بسجود السهو. وعلى رأي ابن اسحاق بن راهوية انها تسقط بالسهو كما قال رجوت ان تجزئه. قال ابن القيم قلت عن اسحاق في ذلك روايتان ذكرهما عنه حرب في مسائله قال باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد قال سألت اسحاق قلت الرجل اذا تشهد فلم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم. قال اما انا فاقول ان صلاته جائزة. وقال الشافعي لا تجوز صلاته ثم قال انا اذهب الى حديث الحسن ابن الحر عن القاسم ابن مخيمرة فذكر حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال حرب سمعت ابا يعقوب يعني اسحاق يقول اذا فرغ من التشهد اماما كان او مأموما صلى على النبي صلى الله عليه وسلم لا يجزئه غير ذلك لقول اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قد عرفنا السلام عليك فكيف الصلاة فانزل الله؟ ان الله وملائكته يصلون على النبي وفسر النبي صلى الله عليه وسلم كيف تكون؟ فادنى ما ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة عليه يكفيه فليقله بعد التشهد. والتشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الجلسة الاخيرة في الصلاة عملان هما ما عدلان يعني متكافئان متساويان لا يجوز لاحد ان يترك واحدا منهما عمدا وان كان ناسيا رجونا ان تجزئه مع ان بعض العلماء ان بعض علماء الحجاز قال لا يجزئه ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وان تركه اعاد الصلاة. تم كلامه يعني فيما نقل عن حرب في مسائله عن اسحاق بن راهوية رحمة الله عليهم جميعا فانظروا كيف انطلق الامام ابن القيم رحمه الله في اثبات ان الشافعي رحمة الله عليه لم يتفرد بالقول بالوجوب. وانه هناك من فقهاء السلف ومن التابعين قبلهم من الصحابة رضي الله عنهم من يقول بالوجوب. فليس قولا شاذا ولا ضعيفا او مخالفا للاجماع ثم قال ابن القيم رحمه الله واما الامام احمد فاختلفت الرواية عنه ففي مسائل المروذي قيل لابي عبد الله ان راهوية يقول لو ان رجلا ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد بطلت صلاته. قال ما ان اقول هذا وقال مرة هذا الشذوذ فهذه رواية تثبت ان الامام احمد رحمه الله لا يقول بالوجوب. قال وفي مسائل ابي زرعة الدمشقي. قال احمد كنت اتهيب ذلك. يعني القول بالوجوب. ثم تبينت فاذا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم واجبة قال ابن القيم رحمه الله وظاهر هذا انه رجع عن قوله بعدم الوجوب اذا تحرر من هذا النقد ايها الكرام ان الامام الشافعي رحمه الله لم يتفرد بالقول فيها ووافقه الامام احمد في اخر روايته التي رجع اليها ووافقه كذلك من ائمة المذاهب الكبار. اسحاق بن راهوية والشعبي وغيرهم ومن التابعين من سمعتم ومن الصحابة من تقدم ذكرهم رظي الله عنهم جميعا وقد تقدم في عبارة بعض الائمة كالطحاوي والقاضي عياض ان عمل السلف قبل الشافعي يدل على عدم الوجوب فاتى الى مناقشة هذه العبارة فقال رحمه الله. واما قولكم الدليل على عدم وجوبها عمل السلف الصالح قبل الشافعي واجماعهم عليه فجوابه ان استدلالكم اما ان يكون بعمل الناس في صلاتهم واما بقول اهل الاجماع انها ليست بواجبة. يقول كيف استطيع الحكم بان الشافعية تفرد وان عمل السلف الصالح قبله مخالف لقوله قال باحدى طريقين اما ان انظر الى عمل الناس من زمن الصحابة فمن بعدهم الى زمن الامام الشافعي لاحكم بان قول الشافعي مخالف لما كان عليه عمل الناس في الصلاة. او ان تكون عندنا رواية فيها نقل الاجماع نقلا صحيحا عن فقهاء الاسلام وعلمائهم عبر العصور لارى قول الشافعي مخالفا لهذا الاجماع. فهما طريقان استطيع بهما الحكم على ان قول الشافعي مخالف ما كان عليه عمل السلف في القول بعدم وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد. وهذا كلام علمي سليم. قال ابن القيم رحمه الله. فان كان الاستدلال بالعمل فهو من اقوى حججنا عليكم فانقلبت الحجة والدليل عليهم لا لهم. قال فانه لم يزل عمل الناس مستمرا قرنا بعد قرن وعصرا بعد عصر على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في اخر التشهد. قال وامامهم ومأمومهم ومنفردهم ومفترضهم متنفلهم حتى لو سئل كل مصل هل صليت على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة؟ لقال نعم بل حتى لو سلم من غير صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. وعلم المأمومون منه ذلك لانكروا ذلك عليه. قال هذا امر لا يمكن انكاره. وصدق رحمه الله. فان كنا نحتكم الى عمل السلف وعمل الناس في الازمان المتقدمة فهذا هو والواقع والقرينة التي ذكرها متجهة جلية واضحة. قال فالعمل اقوى حجة عليكم. فكيف يسوغ لكم ان عمل السلف الصالح قبل الشافعي ينافي الوجوب. قال افترى السلف الصالح كلهم ما كان احد منهم قط يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته. قال وهذا من ابطل الباطل اذا كان هذا الطريق لا يستقيم في الاستناد عليه للقول بعدم وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم او باثبات مخالفة الشافعي لما سلف عمل السلف الصالح بقي لنا الطريق الثاني. وهو ان نجد رواية صريحة صحيحة تحكي الاجماع. قالوا واما ان كان احتجاجكم بقول اهل اجماع انها ليست بفرض فهذا مع انه لا يسمى عملا لم يعلمه اهل الاجماع وانما هو مذهب مالك وابي حنيفة فتى واصحابهما لم يعلمه اهل الاجماع يعني ليس هو مما ذكر عن علم يستند الى اهل الاجماع بل هو مذهب مالك وابي حنيفة قال رحمه الله تعالى وانما هو مذهب مالك وابي حنيفة واصحابهما. وغايته انه قول كثير من اهل العلم نازعهم في ذلك اخرون من الصحابة والتابعين وارباب المذاهب كما تقدم فهذا ابن مسعود وابن عمر وابو مسعود والشعبي ومقاتل ابن حيان وجعفر ابن واسحاق بن راهوية والامام احمد في اخر قوليه يوجبون الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في التشهد فاين اجماع مسلمين مع خلاف هؤلاء واين عمل السلف الصالح وهؤلاء من افاضلهم رضي الله عنهم قال ولكن هذا شأن من لم يتتبع مذاهب العلماء ويعلم مواقع الاجماع والنزاع وقال رحمه الله عقب ذلك واما قوله قد شنع الناس المسألة على الشافعي جدا يشير رحمه الله الى ما نقله في صدر المسألة عن بعض الفقهاء في اعتبار الامام الشافعي متفردا في المسألة مخالفا لاجماع السلف الصالح قال قد شنع الناس المسألة على الشافعي جدا. يقول ابن القيم فيا سبحان الله اي شناعة عليه في هذه المسألة وهل هي الا من محاسن مذهبه؟ ثم قال لا يستحي المشنع عليه مثل هذه المسألة من المسائل التي شنعتها ثم قال لا يستحي المشنع عليه مثل هذه المسألة. من المسائل التي شنعتها ظاهرة جدا يعرفها من عرفها من المسائل التي تخالف النصوص او تخالف الاجماع السابق او القياس او المصلحة الراجحة. ولو تتبعت لبلغت وليس تتبع المسائل المستبشعة من عادة اهل العلم فيقتدى بهم في ذكرها وعدها والمنصف خصم نفسه. فاي كتاب خالف الشافعي في هذه المسألة ام اي سنة؟ ام اي اجماع؟ ولاجل ان قال قولا اقتضته الادلة وقامت على صحته وهو من تمام الصلاة بلا خلاف. اما تمام واجباتها او تمام مستحباتها. فهو رضي الله عنه رأى انه من تمام واجباتها بالادلة التي سنذكرها بعد ذلك فلا اجماعا خرقه ولا نصا خالفه فمن اي وجه يشنع عليه؟ وهل الشناعة الا بمن شنع عليه اليق وبه الحق هذا فيما اراد به ابن القيم رحمه الله التأكيد على ان هذا القول بالوجوب قول وجيه وله سلف صالح لم يتفرد به الشافعي ووافقه عليه طائفة من الفقهاء وغاية ان يقال ان مذهب الاكثر على القول بعدم الوجوب. لكن القول الاخر وجيه دير بالنظر في الادلة والاعتبار. هذه ادلة القائلين بالوجوب. وسيأتي الاجابة عنها دليلا فدليل. وسيأتي ذكر الادلة الوجوب في المجالس اللاحقة وكان هذا القدر لعرض مجمل قولي الفقهاء في المسألة والمدافعة عن مذهب القائلين بالوجوب ونسبة هذا القول الى كبار من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم ومن تبعهم من فقهاء التابعين والائمة المتبوعين في امة الاسلام ولهذا الباب ولهذا الكلام في تحديد الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام في التشهد في الصلاة تأتي تباعا في المجالس المقبلة ان شاء الله تعالى. الليلة مباركة ليلة الجمعة فاعمروها بكثرة الصلاة والسلام عليه الله عليه وسلم عسى ان تكون من صلاة ربكم عليكم عشرة اضعاف ما تغمركم رحمة وفضلا واحسانا وتفريجا للكربات توالا للهموم وتحقيقا للمطالب وبلوغا للمقاصد. جعلنا الله واياكم في عداد الخيار من امة محمد صلى الله عليه وسلم المتبعين لسنته المستمسكين بها. اللهم احيينا عليها وامتنا عليها. وارزقنا علما نافعا وعملا صالحا. والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله سيدنا ونبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. والحمد لله رب امين