وقد انعم الله تعالى على بني اسرائيل بنعم كثيرة فضلهم على العالمين قال له موسى عليه الصلاة والسلام يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم اذ جعل فيكم انبياء وجعلكم ملوكا واتاكم ما لم يؤت احد من العالمين وقوله التي انعمت عليكم قد يقول قائل يغني عنها قوله نعمته فنقول نعم ومن حيث الاغناء يغني لكن ذكرها فيه بيان كمال امتنان الله عز وجل حيث قال انعمت عليكم وبلفظ الفعل الدال على احداث هذه النعم وانه لولا ان الله عز وجل هو الذي من بها ما حصل لهم واوفوا بعهدي واوفي بعهدكم اوفوا اي ايتوا به وافيا وعهده سبحانه وتعالى انه عهد اليهم ان يقيموا الصلاة بيوت الزكاة ويؤمنوا برسله كما قال تعالى ولقد لقد اخذ الله ميثاق بني اسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا وقال الله اني معكم لئن اقمتم الصلاة واتيتم الزكاة وامنتم برسلي وعزرتموهم واقررتم الله قرضا حسنا هذا عهد الله لاكفرن عنكم سيئاتكم اوفي بعهدكم ما هو عهد الله لهم الذي عاهدهم اذا وافوا بعهده ان يوفي به لاكفرن عنكم سيئاتكم ولادخلنكم جنات تجري من تحتها الانهار فلو وفوا بعهد الله لوفى الله لهم بعهده واياي فارهبون اياي فارهبوني فيها اشكال من ناحية العراق اولا ارهبون اصلها ارهبوني بالياء وهي محذوفة من اجل مراعاة الفواصل فاذا كانت ارهابون قد اخذ مأمولها فاين العامل في في اياياي من اجاز ان ان يتسلط العامل على معمولين فلا اشكالان لكن من لم يجز فهذا اشكال يقال انه يقدر العامل في اياي بحسب السياق بحسب السياق ويمكن ان نقول خافوا اياك ارهبوا اياي ترهبوه واما الفا في قوله فرهبون فقيل انها لتحسين اللفظ والرهبة هي الخوف المشعر بازدياد التأثر مما خافهم لانك تشعر بانها تدل على رقة وعلى ان هذا الخوف آآ خوف مؤثر وامنوا بما انزلتم مصدقا لما معكم قوله امنوا معطوف على قوله اذكروا بما انزلت مصدقا لما معكم وهو القرآن انزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم وقوله مصدقا لما معكم ما الذي معه التوراة بالنسبة لليهود والانجيل بالنسبة للنصارى فان الله تعالى قد بين في التوراة والانجيل وصف محمد صلى الله عليه وسلم بيانا كاملا حتى صاروا يعرفونه كما يعرفون ابناؤه وقوله مصدقا لما معكم اي لما ذكر من اوصافه صلى الله عليه وسلم واوصاف القرآن الذي يأتي به وكذلك ايضا ومصدر لما معهم شاهد لها بالصدق فصار تصديق اه تصديقها للقرآن تصديق القرآن لها من وجهين الوجه الاول انه وقع مطابقا لما اخبرت به والوجه الثاني انه قد شهد لها بالصدق فالقرآن يجل دلاله واضح على ان الله انزل التوراة وانزل للانجيل وهذا شهادة الذهب انها شهادة لها بانها صدق وكذلك القرآن الثورة والانجيل قد ذكرت القرآن وذكرت محمد صلى الله عليه وسلم فاذا وقع امر كما اخبرت صار ذلك تصديقا لها طيب ولهذا لو حدثتك بحديث فقلت انت صدقت ثم وقع ما حججتك به مشهودا تشاهد بعينك صار الوقوع هذا تصديقا ايضا ولا تكونوا اول كافر به يعني لا يليق بكم وانتم تعلمون انه حق ان تكونوا اول كافر به ولا يعني ذلك كونوا ثاني كافر لا المعنى انه لا يليق بكم ان تكونوا اول كافر وانتم تعلمون انه حق وفي قوله تكون الظمير ظمير جمع واول كافر كافر مفرد فكيف يصح ان نخبر بالمفرد عن الجماعة قال المفسرون ان تقدير الكلام اول فريق كافر به لان خطاب بني اسرائيل عموما وهم جماعة يعني لا تكونوا اول فريق كافر به لانه لا يليق بكم وانتم تعلمون انه حق ان تكونوا اول المكذبين فكان عليكم ان تكونوا اول مؤمن به ولا تشتموا باياتي ثمنا قليلا تشتروا غير تشتروا بان تشهو بمعنى تبيعه تشتروا بمعنى تأخذ بالشراء وقول باياته ثمنا قليلا يعني بذلك الجاه والرئاسة وما اشبه ذلك لان بني اسرائيل انما كفروا يريدون الدنيا ولو انهم اتبعوا محمد صلى الله عليه وسلم لكانوا في القمة ولاوتوا اجرهم مرتين لكن حسدا وابتغاء لبقاء الجاه والشرف وانهم هم اهل كتاب حسدوا النبي صلى الله عليه وسلم فلم يؤمنوا به وقوله ثمنا قليلا يدل على ان ما كان من امر الدنيا فهو قليل مهما تعاظمه الانسان فانه ليس بشيء بالنسبة للاخرة واياي فاتقون نقول في اعراب اياه فاتقون كما قلنا في في اياياي فارهبون. اما التقوى فهي اتخاذ وقاية من عذاب الله عز وجل فعل اوامره واجتناب نواهيه ففي الاية الاولى يا فارهبون امر بالتزام الشريعة والا يخالفوها عصيانا وفي قوله اتقون امر بالتزام الشريعة والا يخالفوها لا في الامر ولا في النهي قال ولا تلبسوا الحق بالباطل تلبس اي تخلط فهم كانوا يأتون بشبهات تشبه على الناس فيقول مثل محمد حق لكنه يبعث في الاميين لا لجميع الناس فيلبسون الحق بالباطل لان الذي يسمع لان الذي يسمع مثل هذا الكلام لا يقول ان ان بني اسرائيل كفروا بمحمد بل امنوا به وكفروا لكن اذا لبسوا على الناس وقالوا ان محمدا عربي مرسل الى العرب واتوا بمثل قوله تعالى هو الذي بعث في الاميين رسولا شبهوا ولبسه على الناس قال وتكتم الحق وانتم تعلمون هنا الواو هل هي عاطفة او واول نعية تحتمل يعني يحتمل المعنى لا تلبسوا الحق بالباطل ولا تكتموا الحق وانتم تعلمون ويحتمل لا تلبسوا الحق بالباطل مع كتمان الحق لكن على هذا التقدير يبقى اشكال وهو ان قوله لا تلبس الحق بالباطل يقتضي ان يكونوا ان يقتضي انهم يذكرون الحق والباطل فيقال نعم هم وين ذكروا الحق والباطل؟ فقد كتموا الحق في الحقيقة لانهم لبسوه بالباطل فبقي خفيا فيبقى الان يبقى جواز ان تكون الواو عاطفة وان تكون واو المعية ووثقتم الحق وانتم تعلمون اي تعلمون ان الحق لما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام وانكم مبطنون في ايمانكم اياه واقيموا الصلاة واتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين. اقيموا الصلاة هذا عام كل الصلوات الفريضة والنافلة وايتاء الزكاة يعني اعطاءها مستحقها وهي المال الذي اوجبه الله تعالى بل الجزء او القسط الذي اوجبه الله تعالى في الاموال الزكوية واركعوا مع الراكعين. من من الراكعون الراكعون هم هذه الامة يعني صلوا معهم مع صلاتهم والتزموا باحكامهم وشرائعهم ففي هذه هذه الايات فوائد منها ان الله تعالى يوجه الخطاب للمخاطب اما لكونه اوعى من غيره واما لكونه اولى ان يمتثل وهنا وجهه لهم لانهم اولى ان يمتثلوا لكوني لان عندهم من العلم برسالة النبي صلى الله عليه وسلم وانها حق ما ليس عند عند العرب العرب جهال ليس عندهم علم ومن فوائد هذه الاية الكريمة ان التذكير او تذكير العبد بنعم الله عليه كقوله اذكروا نعمتي التي انعمت علي فهل هذا من وسائل الدعوة الى الله؟ بمعنى اننا اذا اردنا ان ندعو شخصا نذكره بالنعم الجواب نعم نذكره بالنعم لان هذا ادعى لقبول الحق وادعى لكونه يحب الله عز وجل ومحبة الله تحمل العبد على ان يقوم بطاعته من فوائد الاية الكريمة اه ان انه ان لله المنة بانعامها على هؤلاء لقوله التي انعمت عليكم وقد ذكرت لكم قبل قليل ان هذا انه ذكرها بالفعل لانها متجددة حادثة ليست من كسب هؤلاء ومن فوائد هذه الاية الكريمة ان من وفى لله بعده وفى الله له بقوله اوفوا بعهدي وفي بعهدكم واوفي كما تعلمون جواب نعم جواب الطلب في قولي عوفوا بعهدي ولهذا جاءت مجزومة بحذف حرف العلة ومن فوائد الايات الكريمة ان من نكث بعهد الله فانه يعاقب بحرمانه ما رتب الله تعالى على الوفاء بالعهد وذلك لان المنطوق الاية ان من وفى لله وفى الله له فيكون مفهوم من لم يأت فانه يعاقب ولا يعطى موعد به ومن فوائد هذه الاية الكريمة وجوب الوفاة بالنذر لان النادر معاهد الله كما قال الله تعالى ومنهم من عاهد الله لان اتانا من فضله لمن صدقن ولنكون من الصالحين النادر معاهد لله تعالى ومن فوائد هذه الاية الكريمة وجوب اخلاص الرهبة لله لقوله اياي فارهبون ومن فوائدها ان الرهبة عبادة لان الله تعالى امر بها وامر باخلاصها فان قال قائل هل يجوز او هل ينافي التوحيد ان يخاف الانسان من سبع او من عدو لا لا ينافي التوحيد ولهذا وقع من الرسل ابراهيم لما جاؤه ضيوف وابوا ولم يأكلوا ايش اوجب اوجس منه مخيفة وموسى عليه الصلاة والسلام لما القى السحرة حبالهم وعصيهم ايش اوجز ابن مخيف كذلك ايضا الخوف الطبيعي مما تعطيه الطبيعة ولو قلنا لانسان انك اذا خفت من احد سوى الله خوفا طبيعيا لكنت مشركا لو قلنا بذلك لكان هذا من تكليف ما لا ما لا يطاق لان خوف الانسان لا خوف طبيعي وكل انسان يخاف مما يخشى منه الضرر فان قال قائل لو منعه هذا الخوف من واجب عليه ان ينهى عنه او لا قلنا نعم ينهى عنه بان الواجب عليه يستطيع ان ان يقوم به الا اذا جاء الشرع بالعفو عنه في هذه الحالة فاذا جاء الشرع بالعفو عنهم في هذه الحال فلا حرج عليه بهذا الخوف قال الله تعالى انما ذلكم الشيطان يخوف اوليائه فلا تخافوهم وخافوني ان كنتم مؤمنين ولكن اذا كان في الشرع رخصة رخصة لك قال فما امر الله به في هذه الحال فلا بأس ولهذا لو كان الانسان اه يريد ان يصلي صلاة الفريضة وحوله جدار قصير ويخشى ان قام ان يتبين للعدو فهل يصلي قاعدا نعم يصلي قاعدا وهذا لان الله تعالى عفا عنه قال الله تعالى فاتقوا الله ما استطعتم ولو كان العدو اكثر من مثلي المسلمين هل يلزمهم ان يصابروهم او يجوز ان يفروا يجوز ان يفروا فالمهم ان الخوف الطبيع لا يلام الانسان عليه الا اذا تضمن ترك ما اوجب الله فاذا لم يتضمن ذلك فهو لا لا يلام عليه ومن فوائد الايات التي بعدها انه يجب على بني اسرائيل ان يؤمنوا بمحمد بالقرآن الذي جاء به محمد عليه الصلاة والسلام بقوله وامنوا بما انزلت مصدقا لما معكم ومن فوائدها ان الكافر مخاطب بالاسلام وهذا مجمع عليه لكن هل يخاطب بفروع الاسلام نعم فيه تفصيل ان اردت بالمخاطبة انه مأمور ان يفعلها فلا لانه لا بد ان يسلم اولا ثم يفعلها ثانيا. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ ابن جبل فليكن اولا ما تدعوهم اليه شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله فان اجابوا لذلك فاعلمهم ان الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة طيب اذا هم لا يخاطبون بالفعل يعني لا يقال افعله فلا نقول الكافر تاصل فلنمر اولا بايش بالاسلام وان اردت بالمخاطبة انهم يخاطبون بالفروع انهم يعاقبون عليها اذا ماتوا على الكفر فهذا صحيح ولهذا يقال للمجرمين ما سلكوكم في سفر قالوا لم نك من المصلين ولم نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين حتى اتانا اليقين يعني هذا دأبهم حتى ماتوا ووجه الدلالة من الاية انه لولا انهم كانوا مخاطبين بالفروع لكان قولهم اه لم نك من المصلين ولم نك نطلب من المسكين عبثا لا فائدة منه