الحمد لله الذي علمنا الاسلام وعلمنا الحكمة والقرآن. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ذو الجلال والاكرام واشهد ان سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله صفوة الانام اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته وصحبه الائمة الاعلام ومن تبعهم باحسان واقتفى اثرهم الى يوم الدين اما بعد. هذه المرحلة انتهت الى جيل جاء بعد غير التابعين وعليك ان تتابع مسيرة هذا العلم الى اين وصل. اذا الصحابة لا خوف والعلم موجود وقائم وحاضر ومطبق وجليل وبارز وطبقوه وقادوا به الحياة. اين اضحى العلم في من بعدهم؟ وماذا فعل التابعون؟ والى اين اتجهت مسائل هذا العلم؟ الى الان انت لم تعلمي لم يصر بعد علما مكتوبا في كتب ولا مصنفات لا زال علما في الصدور والعقول يمارسونه بالنظر والاستنباط والنقاش والخلاف وابداء الرأي. استمر الامر كذلك في جيل التابعين. واصبح الصحابة يورثون هذا العلم لمن جاء بعدهم كما ورثوا سائر العلوم الشرعية. اما ورثوا رواية القرآن وتلاوته؟ اما ورثوا رواية الحديث النبوي وحفظه وحمله اما ورطوا الفقه ومعرفة الاحكام والمسائل؟ كذلك هم ورثوا النظر في الادلة وطرق الاستنباط وقواعد الدلالات وما الى ذلك ورثوها كيف؟ ورثوها اخذين عنهم من التابعين وطلابهم والذين يقصدونهم الجلوس اليهم والانتفاع بعلمهم سادة منهم كل ذلك كان حاصلا. تلمس ذلك في الجيل الذي جاء بعض الصحابة كما قلت. وقد تشكلت حلق للصحابة وان شئت فقل مدارس وانشأت المذاهب كان الصحابة رضي الله عنهم يقودون تعليمها ومدرستها وتلقين الناشئة فيها. وذلك الى توزع بقاء الصحابة في بلاد الاسلام بعدما اتسعت رقعتها وانتشر الاسلام. فتجد ابن عباس رضي الله عنهما في مكة يا ابن عمر رضي الله عنهما في المدينة. وابن مسعود رضي الله عنه في الكوفة. وانس ابن مالك رضي الله عنه في البصرة وابو الدرداء رضي الله عنه في الشام وهكذا. فتوزع الصحابة وكان من سياسة الفاروق عمر رضي الله عنه اذا الجيوش الفتوحات وفتحت البلاد واستقرت وتمكن فيها الاسلام ان يبعث باحد علماء الصحابة او قرائهم او فقهائهم في ذلك البلد ليعلم اهلها. فيكون مرجعهم ويكون مفتيهم ويكون قارئهم ويكون معلمهم. فكان سبقه الصحابة بتلك الامصار التي فتحت فيما بعد من السياسة العمرية رضي الله عنه التي ارسل بها الاسلام ومكن بها. لم يكن يسيرا فعلى الصحابة ان يفارقوا ديارهم وان يتركوا المدينة التي تعلقت بها قلوبهم وان يبتعدوا عن مجاورة المصطفى صلى الله عليه وسلم كان ذلك لكنهم رأوا مصلحة الامة الكبرى في هذه القضية. وان نشر الدين وتعليم الاسلام وبذل العلم في ارجاء البلاد الاسلامية مصلحة متعدية بحجم الامة هي اولى من المصالح الشخصية المتعلقة بذواتهم ان يبقى في المدينة واجتماعهم وتكدسهم ثم يحقق المصلحة المترتبة على انتشارهم. فعمد الصحابة رضي الله عنهم الى ذلك. الذي حدث فيما بعد انك اصبحت تقرأ في خارطة التاريخ مدرسة ابن عباس في مكة مدرسة ابن عمر في المدينة مدرسة ابن مسعود في الكوفة مدرسة انس في البصرة ما كان المقصود انشاء مدارس بمصطلح مدارس ولا كان المقصود ان يجمع طلابا له ويعلقون هذا مذهبي وهذه طريقتي. لكن القوم امامهم رجل صحابي من صحابة رسول الله عليه الصلاة والسلام. ما يبرحون مجلسه ولا يستهون الا وقد ترددوا عليه ويتعلموا منه القرآن يسمعون منه الحديث يستفتونه في المسائل بهذه الملازمة كانوا يتشردون طريقة الصحابي وكانوا يستلهمون منهجه وكانوا يتشربون ايضا طريقته في التفكير والنظر في الادلة الى الان لم لم تعد مسائل الاصول قواعد في شكل مسائل علمية نظرية. ولم يكن احدهم يجلس ويفتح الاحاديث درس اصول فقه او ويقول هذا بدرس اصول ثقة يعلمهم قواعد يطبق عليها ما الى الان لا زال علما في الصدور ولا زال يورث بالصحبة والملازمة استفتاء والتعلم والسؤال حتى هذه المرحلة. الذي اختلف ان طريقة الصحابة رضي الله عنهم في فهم ومناهجهم في التفكير هي التي انتقلت وورثت فصار اهل الكوفة متأثرين بفقه ابن مسعود رضي الله عنه فلما تجد سلسلة المذهب الحنفي الى الامام ابي حنيفة ترجع في اصولها الى طريقة ابن مسعود رضي الله عنه. وهذا سلسلة يدلك على ان فقه المذاهب فيما بعد هو مرتبط بفقه الصحابة بطريقة او باخرى مباشرة او غير مباشرة. لما تنظر الى الحجاز مكة والمدينة فترى ابن عباس بمكة ففي اول ما تفقه بها ثم ارتحل المدينة والمدينة بها كبار الصحابة ابن عمر من اشهرهم ثم فقهاء المدينة السبعة من جيل التابعين ثم يأتي من بعدهم فتجد فقه مالك منحدرا من تلك السلسلة من فقهاء المدينة. فتجد الفقه والطريقة في الاستنباط والنظر في الادلة متأثرة فقهاء الصحابة في ذلك البلد. فهذا الذي يقصده بظهور ما يسمى بمدارس الصحابة. اذا ليست مدرسة اصطلاحية. وليست مناهج ولا كانت يعلم فيها قواعد الاصول لكن كما قلت كانت صحبة وكانت ملازمة وكان استفتاء وكان معرفة للحكم من خلال يتشرب الاخذون عنه من كبار طلابه وتلامذته يتشربون طريقته ومنهجه وهديه. فاذا كان احد طلابه ارتحل والتقى بصحابي اخر جمع ما عند هذا الى ما عند ذاك وهكذا. فالذي نريد الوصول اليه الان ان جيل التابعين ورث علم الصحابة فيما يختص بما نحن بالحديث عنه في اصول الفقه ورثوه وراثة من خلال التأثر بطرائق الصحابة الذين سكنوا المدن وكانت هذه سمة بارزة ربما وجدت الرجل من التابعين او اتباع التابعين قد زار اكثر من بلد وجلس الى اكثر من فيغلب عليه التأثر بالصحابي الذي لازمه فترة اطول. فاصبح سعيد بن المسيب مشهورا بالاخذ عن ابي هريرة ثم تأتي الى فقه سعيد بن المسيب وهو سيد من سادات التابعين بل امامهم وتجده صهر الذي هريرة تزوج بنته وقد اكثر من الاخذ عنه رواية الحديث عنه ثم حمل فقهه وطريقته ستفهم الطريقة التي تأثر بها فحمل فقها عظيما واسعا من فقه احد الصحابة الكبار تأتي الى نافع مولى ابن عمر وهو مولاه وخادمه اكثر من مجرد تلميذ وطالب. الطالب التلميذ يلقاه في المسجد ويلقاه في الحلقة ويلقاه في السوق لكن المولى معه حتى في البيت فتشرب فقهه في كل شيء حتى فيما لا يقصد تعليمه فيه. وهذا الذي يقصده بالتأثير الكبير للصحابة في الجيل الذي جاء بعدهم نافع مولاه واسألوا عن صنيع ابن عمر في البيت اذا كان في البيت قال شيء لا تطيقونه قيل وما هو قال الصلاة الوضوء من صلاة الى صلاة الوضوء من كل صلاة الى صلاة والمصحف فيما بينهما ما عنده وقت فراغ يتوضأ لكل صلاة ومن الصلاة الى الصلاة على المصحف فانظر كيف حكى شيئا رآه وابصره ما تكلم به ابن عمر ولا حكاه لكن الملازمة والصحبة والرفقة اثمرت توريثا لهذا اذهب فاصبح فقه ابن عمر يمكن ان تكون مستنسخا عند مولاه نافع ثم ينتقل من نافع الى من يأتي بعده فتجده من كبار المتأثرين به مالك الامام مالك رحمه الله وشيوخه من قبل تشربوا هذا الفقه عن ابن عمر فاضحى واثر في منهجهم ومذاهبهم وطريقتهم فيما بعد. هذا الذي نقول وينسحب تماما على مدرسة مكة وفيها ابن عباس وكبار الاخذين عنه مولاه عكرمة ومن جاء بعدهم حتى يمتد الى ابن جريج ثم الشافعي هكذا السلسلة تتشرب هذا المنهج والعلم والطريقة والناس تأخذ هذا العلم وراثة جيلا بعد جيل. المقصود الان ان الصحابة رضي الله عنهم في المرحلة ورث العلم عن طريق انتشارهم في الافاق وتدريسهم لطلابهم من التابعين والاخذين عنهم بل وبعضهم ورث العلم حتى لابنائه كما في ابناء ابن عباس وابناء ابن عمر درسوه لاولادهم وكانوا حملة لهذا العلم وناقلين عنه واقصد بالعلم الرواية والفهم الرواية اخذ القرآن ورواية الحديث والفهم والنظر فيه. فكل ذلك كان مكتسبا. يعني ارأيت مثلا لو لو تخيلت انك جالس في مجلس ابن عمر ثم يرى احد اولاده يخذف بحصاة والخف والمسكال الحصاة الصغيرة ووضعها بين الابهام الشباب والقذف بها فنهاه ابوه عبد الله ابن عمر وقال له ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الخلف وقال ان نهى انها لا تنكأ عدوا انما تفقه العين وتكسر السلم. يعني ما فيها خير. ان كان فيها ضرر اذى للعين او ومع ذلك لا تظدوا عدوا. فبلغه بالحديث. وبعد قليل عاد ابنه مرة اخرى فعبس وقذف بها. فغضب عليه ووبخه وعاتبه عتابا شديدا. الان هذه اليست تربية؟ اليس منهجا يتلقاه الولد والجالسون في المجلس؟ ويعرفون ان هذا المنهج فوق قضية تقديس النص والتعامل معه وهيبته والوقوف عنده هو فافهمه ان النهي يقتضي الوقوف عنده وعدم التجاوز وان النبي عليه الصلاة والسلام شديد يجب الوقف عنده. هكذا فهموا وبخه عاتبه طرده قيل هجره قيل يعني قرر الا يكلمه بعد كذلك المجلس ابدا هذه مداخل تنبؤك عن انهم كانوا من خلال المعايشة يورثون العلم الذي حملوه رضي الله عنهم وارضاهم. اسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه اجمعين