الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله سيدنا ونبينا محمد وعلى على اله وصحبه اجمعين وبعد. تدرج بنا الحديث في المجالس السابقة في الاسابيع الماضية. من الحديث عن نشأة هذا العلم وكونه ملكة آآ يتعامل بها ويفهم بها صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم رضوان الله عليهم اجمعين ثم انتقال ذلك الى شكل مدارس كانت على ايدي الصحابة في مختلف الاقطار والمدن التي آآ نزلوا بها رضي الله عنهم ثم تحولوا ذلك الى تدوين مستقل على يد الامام الشافعي رحمه الله في كتابه الرسالة فكان بذلك نواة للتأليف في علم الاصول. كان في الاسبوع الماضي تحديدا عن مؤلفات الاصول او حال علم الاصول في مرحلة ما بعد كتاب الرسالة للشافعي. وكيف انها اخذت نمو مزدهرا عبر الاجيال والقرون المتتابعة بالقرن الثاني فالسادس وما بعدهما. حتى اضحى هذا علم حتى اضحى هذا العلم علم مستقلا بكتبه ومصنفاته التي يرجع اليها طلاب العلم. فمجلسنا الليلة بعون الله تعالى حديث عن المذاهب العلمية في الاصول وانقسامها ومعايير هذا الانقسام الى حنفية وجمهور. ثم ايضا الجواب عن بعض الاشكالات المتعلقة بهذا التقسيم فيما يخص مذهب الجمهور الذين يمثلون المالكية والشافعية والحنابلة. وكيف يتأتى للجمهور مع اتحادهم في الاصول في المذهب ان يكون اختلافه في الفروع باقيا. يعني كيف يمكن ان نفسر اجتماعه في الاصول واختلافه في الفروع؟ ايضا اشكال يتعلق التقسيم وهو ما معياره؟ ولماذا اصبح الحنفية في هذا التقسيم؟ يقابلون الجمهور. وسؤال ثالث اين تقع المذاهب الاخرى كالظاهرية من هذا التقسيم وسؤال اخير قد لا يسع له درسنا هذا فنؤجله الى لقاء اخر وهو الحديث عن المذاهب العقدية. ما موقعها ايضا من هذا تقسيم وما اثرها تحديدا في علم الاصول وفي المسائل التي تقررت فيه. وحديث الليلة كما قلت هو الحديث عن المذاهب العلمية في الاصول والمعلوم ان المذاهب الفقهية السائدة اربعة وهي على ترتيبها الزمني تبعا لوفاة ائمة المذاهب مذهب الحنفية ومذهب المالكية ومذهب الشافعية ومذهب الحنابلة. هذه المذاهب الفقهية اربعة خدمت فقها بالتدوير وجمع المسائل وفتاوى ائمة المذاهب منذ وقت مبكر. وكان اكثر العناية بهذه المذاهب الاربعة هو نقل فتاوى ائمة المذاهب ومذاهبهم في المسائل واقوالهم في الاحكام الفقهية. ابو حنيفة رحمه الله جمعت فتاواه ومسائله. ومدارسته مع تلاميذ وطلابه على الطريقة التي ارتضاها في تدريس الفقه. والامام مالك رحمه الله صنف موطأه وفي تراجمه كثير من فقهه ثم مسائله وفتاواه ايضا على ايدي طلابه ونقلت المذهب عنه. فكانت المدونة مدونة ايضا حقيقة لمذهب مالك رحمه الله. واما الامام الشافعي رحمه الله فانه اكثر الائمة عناية بتحرير مذهبه لما كتب مذهبه بيديه في كتابه الام. وقرر فيه اجتهاده واختياره في المسائل في مختلف ابواب الفقه. والامام احمد رحمه الله الجميع هو ايضا ممن عني اصحابه بنقل مذهبه وفتاواه ومسائله فنقلت وحفظت ورويت. هذا فيما يتعلق بمذاهبهم فقها. اما الاصول فانه كما مر بكم سابقا ليس منهم الا الامام الشافعي رحمه الله هو الذي اعتنى بتدوين ارائه ومذهبه في مسائل الاصول من خلال كتابه الرسالة وباقي الائمة نقلت مذاهب واجتهد اصحابهم في تحرير قواعدهم في الاستنباط ومذاهبهم في مسائل اصول الفقه. فالمذاهب الفقهية اذا اربعة. وهو الذي يعلمه الصغير قبل الكبير من من عموم متعلم المسلمين ان المذاهب الفقهية السائدة اليوم التي تنتسب للائمة الاربعة وتبتعد في بعض المسائل تتفق في امور وتختلف في غيرها. لكنها في الجملة تتحد في اصول الشريعة ومصادرها كلية الرجوع الى اصول الاستدلال كتابا وسنة واجماعا وقياسا. هذه القواسم المشتركة بين المذاهب الاربعة جعلت من اختلافهم الفقهي على اختلافه لكنه متحد في اصول الاستنباط واصول الادلة التي ترجع اليها. حديثنا الان عن اصول هذه المذاهب نحن نتكلم عن العلم اصول الفقه وهو كاسمه ينبغي ان يكون اصلا للفقه. فاذا كنت تتكلم عن فقه ابي حنيفة رحمه الله فان اصول فقه الحنفية ينبغي ان تكون حقيقة هي اصول لمذهب ابي حنيفة. وقل مثل ذلك في المذاهب الثلاثة. الذي يقتضيه التقصير عقلا ان تكون المذاهب الفقهية اربعة وان تكون المذاهب الاصولية ايضا. اربعة. لان كل مذهب له اصوله الذي يقوم عليه وعليه فان المذاهب الاربعة ينبغي ان تتمثل في علم الاصول ايضا على مذاهب اربعة. لكن الموجود في التقسيم الاصول في ساحة هذا العلم وميدانه تقسيم ثنائي. فيقال المذاهب في علم الاصول مذهبان وليست اربعة. مذهب ومذهب الجمهور. فينقسم هذا العلم الى قسمين او الى مذهبين كبيرين. مذهب الحنفية ويقابله مذهب الثلاثة المالكية والشافعية والحنابلة في مقابل مذهب الحنفية. فيقال مذهب الجمهور ومذهب الحنفية. ثمة تسمية اخرى لهذا التقسيم يقال فيها مذهب الفقهاء ومذهب المتكلمين او طريقة الفقهاء وطريقة المتكلمين. تطلق طريق الفقهاء او مذهب الفقهاء فيما يرادف في الاصطلاح الاول مذهب الحنفية. فاذا اذا قيل مذهب الحنفية يقابله بالاصطلاح الاخر تسمية مذهب الفقهاء. واذا قيلت طريقة الجمهور او مذهب الجمهور يقابله في الاصطلاح الاخر مصطلح مذهب المتكلمين او طريقة المتكلمين. قبل ان نناقش حيثيات هذا التقسيم هو في الجملة هكذا. اصطلاح شائع بين ايدي طلبة العلم وبين الاصوليين على وجه الخصوص. فاذا قيلت طريقة الفقهاء فالمراد بها مذهب الحنفية. واذا قيل طريقة المتكلمين فالمراد به مذهب ولما يقال الجمهور ها هنا في الاصطلاح العام في الاصول فيما يقابل الحنفية فانه يشمل المذاهب الثلاثة. المالكية والشافعية والحنابلة بخلاف الاصطلاح الذي يستخدم في الفقه المقارن او الفقه الخلافي لما يقال مذهب الجمهور فان مصطلح الجمهور في الفقه الخلافي هو مصطلح نسبي يعني هو في كل مسألة بحسبها. جئت لبعض المسائل فتقول الجمهور فيها على كذا وانت تقصد مذهب الحنفية الشافعية والمالكية مثلا دون الحنابلة. وفي مسألة اخرى تقول هذا مذهب الجمهور تريد مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة دون المالكية مصطلح الجمهور في الفقه في كل مسألة بحسبها. تذكر مذهب الذي انفرد بقول ما ثم تقول في مقابله وذهب الجمهور الى هكذا هو مذهب الجمهوري هو القول بكذا. كذلك في علم الاصول ربما اتيت الى مسألة جزئية تفصيلية بعينها تتحدث عن العلماء فتقول ذهبت المالكية مثلا الى الاحتجاج بعمل اهل المدينة. وهو عندهم احد الادلة المعتبرة ويرى الجمهور عدم الاحتجاج هنا ماذا قصدت بالجمهور؟ ما يقابل المالكية فيدخل فيه الحنفية والشافعية والحنابلة هذا اصطلاح لا يتعارض ما مع ما قلته قبل قليل في التقسيم. لانك لما تتكلم عن مسألة جزئية بعينها وتتحدث فيه عن نسبة القول الى مذهب دون مذهب فانه يفهم من خلال حكايتك للخلاف ماذا تقصد بالجمهور؟ لانك افرزت قبل قليل مذهب المالكية ففهم ان الجمهور هم من عدا مذهب المالكية لكنني اتكلم قبل قليل في التقسيم الاصطلاحي الرئيس الكبير الذي تبنى عليه مذاهب الاصوليين جملة فانه وحيث يقال مذهب الجمهور او طريقة الجمهور فالمراد به المذاهب الثلاثة ما عدا مذهب الحنفية. ما معايير هذا التقسيم ولمن قسم الى هذين المذهبين في الجملة مع ما بينهما من شيء من الاختلاف والتفاوت او التقارب على خلاف هذا التقسيم. ساوجز الحديث اخوتي الكرام في نقطتي الاثنتين اولاهما ان احد معايير التقسيم وهي الشائعة والتي تذكر في كتب تاريخ العلوم ولعل اول من ذكره ابن خلدون في مقدمته هو انه قال ان هذا التقسيم الذي استقر عند الاصوليين من تقسيم المذاهب الى مذهبي مذهب حنفية ومذهب جمهور هو بالنظر الى الطريقة التي سلكها الفقهاء سوريون في تدوين مسائل علم الاصول. اذا هو بالنظر الى منهجية التأليف. والطريقة التي سلكت في مسائل علم الاصول. فمن نظر وفحص وتأمل سيجد ان للحنفية مذهبا ومنهجا مستقلا وطريقة يتسمون بها يخالفون بها المذاهب الثلاثة. فيما يمكن ان تجعل المذاهب الثلاثة في منهجية التأليف في كتب الاصول وطريقتهم في التصنيف يمكن ان تجعلهم منهجا واحدا وطريقة مستقلة. اذا لما نقول ان المذاهب الثلاثة بهذا المعنى الذي فقبل قليل لما نقول ان المذاهب الثلاثة تتحد في مذهب واحد فاياك ان تفهم انهم يتفقون في الاصول وفي القواعد وفي المسائل هذا لا يمكن ان يكون لانهم لو اتفقوا على القواعد في الاصول للزم من هذا اتفاقهم في الفروع وليس الامر كذلك لكن هذا التقسيم هو نظر الى منهجية التأليف وسأشرح لكم بمزيد تفصيل. سرت وتقررت طريقة الحنفية في تدوين مسائل علم اصول على طريقة استنباط القاعدة من خلال فتاوى واقوال ائمة المذهب الحنفي. فاذا جاء يقرر قاعدة الاصولية فانه يستنبطها ويستخرجها من النظر الى تصرفات فقهاء المذهب وهم الثلاثة تحديدا يعني الامام وابو حنيفة والامام القاضي ابو يوسف والامام محمد ابن الحسن الشيباني. فالثلاثة ائمة المذهب عنهم تؤخذ فتاوى المذهب ومسائل المذهب وفقه المذهب. فجاء الاصوليون من الحنفية فعمدوا الى تلك الفتاوى والمسائل المروية عن ائمة المذهب فحاولوا استنباط قواعد اصول المذهب من خلال فتاويهم. فيقولون مثلا مذهبنا عدم الاحتجاج بخبر واحد فيما تعم به البلوى قد لا يجدون عبارة منصوصة بهذا اللفظ عن ائمة المذهب لكنهم يثبتون من خلال الفتاوى ان ائمتهم لا يحتجون ببعض الاحاديث ولا يرونها محلا للاستنباط ونظروا فوجدوا ان سبب ذلك كونه خبرا من اخبار الاحاد والمسألة واقعة ضمن دائرة ما يسمى بعلوم البلوى. فجعلوا من ذلك قاعدة ثم اختبروا هذه القاعدة في مسألة اخرى وثالثة ورابعة مما نقل على ائمة المذهب فاستقرت عندهم قاعدة استخرجوها من خلال فتاوى ائمة المذهب والمسائل المنقولة عنهم وصاغوا منها قاعدة. اذا طريقتهم في تقرير القواعد الاصولية. قواعد الاستنباط او الاستدلال هي ومستخرجة ومستنبطة من فتاوى ائمة المذهب وفروعهم وفقههم الذي حفظ وروي ونقل فاستنبت منه اصولا. ولهذا فان التسمية الاخرى لهذه الطريقة التي اعتمدها الحنفية في تدوين مسائل علم اصول تسمى بطريقة الفقهاء. لانها تعتمد على الفقه مباشرة. وتستقي القواعد الاصولية من خلال الفروع الفقهية متناثرة فانت لا يعجزك عندما تمسك كتابا كاصول السلخسي مثلا. او كتابا كاصول فخر الاسلام البزدوي وبعض شروحه او منار للنسف وبعض شروحه لا يعجزك ان تقف في المسألة الواحدة على عشرات الفتاوى المنقولة عن ائمة المذهب. لان هذه هي الطريقة معتمدة عندهم في تقرير وصول المذهب وقواعده. فحتى يقول ان قاعدة المذهب عندنا قائمة على اعتبار دلالة العام مثلا دلالة قطعية لا ظنية انه يعمد الى تقرير ذلك استنباطا من خلال فتاوى ائمة المذهب. فيسوق لك مثالا ومثالين ومسألة ومسألتين وخمسة وعشرة يثبت من خلالها انه بتصفح اراء فقهاء المذهب واجتهاداتهم فان ما تؤكد هذه القاعدة. فيصوغ منها قاعدة ويؤسسها ويأصلها ويبني عليها. اذا هذه طريقة الحنفية في التصنيف جعلت منهم مذهبا مستقلا وجعلت طريقتهم متميزة عن طريقة غيرهم من الاصوليين في سائر المذاهب الثلاثة. ولهذا سميت كما قلت الاصطلاح الاخر بطريقة الفقهاء لانها تعتمد على الفقه وتستقي منه وتبني عليه. ما الذي يقابل هذا عند الجمهور عند المالكية عند الشافعية عند الحنابلة يقابل ذلك طريقة اخرى طريقة اخرى في التصنيف. تختلف عن طريقة الحنفية فلا يعمدون الى فتاوى امام المذهب. ولا الى مسائله المروية عنه. ولا الى فقهه المدون. والمنقيل عنه ليستخرج منه القواعد كما صنع الحنفية لكنهم يقررون المسائل ويعتمدون مناقشة قواعد علم الاصول بالنظر من المسائل والقواعد من حيث هي. يناقشون القاعدة بتجرد. دون النظر الى موقف المذهب منها. يعني مثلا يريدون مناقشة الحنفية فيما ضربت له مثالا قبل قليل الاحتجاج بخبر الواحد فيما تعم به البلوى. فمن يقرر القاعدة بغض النظر عن موقف امام مذهبه من القاعدة يحاكم القاعدة الى ماذا؟ يحاكم القاعدة الى ادلتها العقلية والشرعية. ولهذا يكثر في طريقة متكلمين او في طريقة الجمهور سمها كما شئت. يكثر في طريقتهم عندما يقررون القاعدة يكثر عندهم تعزيز ذو القاعدة او الاستدلال لها عقلا ونقلا. فيسوق لها من الادلة العقلية ومن الادلة النقلية او الشرعية ما لصحة القاعدة يعني مثلا يريد ان يستدل على ان الامر يدل على الوجوب. في طريقة الحنفية ينقلون فتاوى عن ائمة المذهب تنص عندهم على انه لو استخدم صيغة افعل فانها تستلزم الامتثال وتقتضي ترتب العقاب على المخالفة. وهذا عندهم كاف لاثبات ان هذا هو قاعدة المذهب عند الجمهور الطريقة تختلف. لما يريد ان يقرر ان القاعدة هي الامر تدل على الوجوب. لا يبحث عن ماذا قال امام لمذة القاعدة ولا ماذا نقل عنهم الفتاوى يأتي للقاعدة من حيث هي يقول هذا امر والامر صيغة افعل عند العرب. فيناقشها من حيث الدلالة اللغوية ماذا تريد بصيغة افعل؟ فيناقش المسألة من هذه الزاوية ومن هذا الاتجاه ويعمد الى طريقة العرب في الاستعمال ثم مقتضى العقل ماذا لو قال السيد لعبده افعل فلم يفعل. ووجه الشبه ان السيد له امر على عبده. والعبد في مقام التعامل مع سيده يستوجب الامتثال ولا خيار له. فهو من هذه الجهة هو هو شبيه بمقتضى التكليف بين الخالق والمخلوق. انه اذا وجه اليه الامر فليس امامه اختيار الا الامتثال. وهكذا يناقشون يقول الا يحسن ان يوبخه ان يعاقبه ولا يستلزم من ذلك كذا وكذا. فاذا ثبت الامر كذلك اذا القاعدة الشرعية في النصوص الشرعية الامر يدل على الوجوب. فيناقشون ويقررون القواعد من حيث هي. دون النظر الى موقف امام المذهب. ثم فمر بالمسائل قاعدة تلو قاعدة سلك هذا المسلك. اذا النظر الى منهجية التأليف هو احد اهم المعايير انقسم من خلالها تقسيم مذاهب العلماء في الاصول الى مذهبين اثنين. مذهب الحنفية ومذهب الجمهور. هذا عيار هو المقرر كثيرا في الكتب. في كتب علم الاصول والمقدمات وفي كتب تواريخ العلوم كما اشرت قبل قليل. وهو صواب الى حد كبير لكنه غير مضطرد. وترد عليه بعض الايرادات ناقشها بعض الباحثين. وآآ تستلزم ايضا بعد الاشكالات التي لا يمكن الالتفاف عنها. وساتي الى الاشارة اليها عاجلا الان. الذي يهمني الان ان ندرك ان هذه الطريقة التي يتسم بها مذهب الجمهور هم يرونها اي الجمهور اكثر موضوعية وحيادية وانصاف قاسم في تقرير القواعد انها لا تخضع الى اجتهاد فقهي هو ثمرة ينبغي ان يكون فرعا لا ينبغي ان يكون اصلا اذا هم ينتقدون طريقة الحنفية انهم جعلوا الفروع الفقهية اصلا للاصول. يقولون هذا خلاف المنطق. المنطق يقول ان تجعل الاصل اصلا يبنى عليه الفرع وليس العكس. لا تعمد الى الفرع فتستقي منه اصلا تؤسس عليه. لكن هي هكذا طريقة الحنفية. ولهذا هذا صار مذهبهم احيانا تقرر فيه القاعدة الاصولية وليس لها فروع كثيرة لكن لانهم وجدوا ان تصرفات الائمة في بعض مسائل تنص على امر ما فصاغوا منها قاعدة تمثل قاعدة اصولية تخدم المذهب في مسألة ما من المسائل هذا ايضا يمكن ان تقول انه انه لا يمكن بمقتضى هذا التقسيم. لا يمكن ان تجد عند الحنفية قواعد اصولية تستدم مع الفروع الفقهية عندهم والفتاوى المقررة. لانها مستقاة منها اصلا. وهم يمتدحون طريقتهم بهذا المنحى. ان جعلنا الاصول والفروع متسقة. ولانه ليس من المنطق ان تقرر اصلا ثم تجد فروع مذهبك تخالفه. على كل هما مذهبان كما رأيت الان قبل قليل فيما يرى الجمهور ان الصواب والاسلم والاعدل في تحرير وصياغة قواعد تريد ان تكون محل تحكيم. وتريد ان تكون قاعدة يصلح استعمالها فيما بعد. مع كل حادثة ومسألة نازلة ينبغي ان تناقش على محك الموضوعية. وبالتالي لا تخضعها الى اي اجتهاد. ناقشها من حيث هي. فيرون طريقتهم اقرب الى الموضوعية والانصاف والتجرد والى تحرير المسائل العلمية التي حقها ان تقرر على هذا النحو. هذه طريقة الجمهور يبقى السؤال ما مناسبة تسميتهم بطريقة المتكلمين؟ او مذهب المتكلمين؟ يتبادر الى اذهان عموم طلبة العلم ان تسمية المتكلمين مأخوذة من علم الكلام. وعلم الكلام بهذا الاصطلاح هو العلم المذموم الذي دخل على علوم الشريعة في مرحلة ما بعد ترجمة الكتب اليونانية في زمن الخليفة المأمون لما انشأ دار الحكمة فعربت كثير من كتب اليونان وكان فيما عرب منها كتب والفلسفة اليونانية ثم درسها علماء المسلمين او طلبة العلم وتشردوها واثرت هذه كثيرا على بعض العقائد الاسلامية وبعض الافكار ومناهج التأليف فكان فيما دخل فيه شيء من هذا التقرير وان علم الكلام الذي اصطبغ به بعض المنتسبين للاسلام او علماء الاسلام اثر عليهم فجعلهم كذلك. لكن السؤال الذي لا جواب عنه على هذا الفهم هل المقصود لما نقول طريقة متكلمين ان الشافعية والمالكية والحنابلة الذين كتبوا في الاصول هم علماء كلام يعني علماء علم الكلام الذين تشربوا الفلسفة والمنطقة الجواب لا بل فقهاء واصوليون وممن خدموا المذاهب وحرروا اصولها. فما وجد تسمية بعلم الكلام. وجه التسمية هي مرة اخرى المنهجية في التأليف ان طريقة المتكلمين تعمد الى تقرير المسائل ومحاكمتها عقلا وما يقتضيه المنطق وهذا هو اساس علم الكلام وصلبه الذي يقوم عليه. ان تقرر المسائل الكلامية من حيث مقتضى الدلالة العقلية. وهذا ايضا بارز هو واضح كطريقة الجمهور كما قلت فانهم لا يكادون يخلون مسألة من المسائل عند نقاشها او تحريرها لا يؤخذون من دليل عقلي يعززها ويقويها ويرون ان هذا ايضا من تمام الموضوعية والانصاف والتجرد عند تحرير المسائل. اذا هي لا علاقة لها ان يكون المؤلف او العالم في هذا المذهب ان يكون متشردا بالبدع وان يكون قد تأثر بعلم الكلام او اختلفت عقيدته لا علاقة هي هي مسألة تتحدث عن طريقة التصنيف ومنهجية الكتابة والتدوين في هذا العلم فسيرة التسمية بين الفريقين فقهاء ويقابله متكلمون او حنفية ويقابله الجمهور. هذا كما قلت المعيار في التقسيم هو السائد. والشائع بين العلم لكن عليه بعض الاشكالات او التنويهات التي نحتاج الحقيقة الى الجواب عنها. لان هذا المعيار يقتضي ان كل ما كلف من كتب الاصول بهذه الطريقة اعني الرجوع الى فروع المذاهب واقوال الائمة واستقاء القواعد منها ان كل سلط على هذه الطريقة ينبغي ان يكون في دائرة ها في دائرة مذهب الحنفية وطريقة الفقهاء بينما ماذا شئت؟ بعض الكتب التي صنفت عند غير الحنفية هي تسلك هذا المسكن. واوضح مثال له كتاب العدة للقاضي ابي ادم المعدود في اوائل بل من اول كتب اصول الحنابلة التي صنفت في تقرير قواعد مذهب الامام احمد رحمه الله الاصولية. ماذا يصنع القاضي ابويا على؟ في كل مسألة وعنون لها ويدوب لها يعمد الى احدى الروايات رويتي عن احمد رحمه الله في مسألة من المسائل يثبت بها ان هذا هو مذهب احمد رحمه الله في تلك القاعدة. اذا هو تماما كصنيع الفقهاء الحنفية فلما لا يصنف كتابه ضمن طريقة الفقهاء؟ وهو قطعا ليس حنفيا. اذا هو حنبلي لكنه صنف كطريقة الفقهاء فهذا وارد. كما ان العكس صحيح. اي ان بعض الحنفية ايضا صنف كتابه في الاصول على غير طريقة على طريقة المتكلمين وهذا يغلب عند المتأخرين كالكمال ابن الغمام مثلا رحمه الله وغيره من الحنفية فانهم صنفوا او جمعوا وادون اصول المذهب الحنفي على طريقة المتكلمين لا على طريقة الفقهاء. وخصوصا من صنف جامعا في كتابه بين الحنفية والجمهور كما صنع بديع النظام الساعاتي بديع الزمان الساعاتي لما لما صنف كتابه الجامع بين البلدة والاحكام سماه بديع النظام الجامع بين البزدوي والاحكام. فانه لما صنف كتابه هكذا عمدوا الى الجمهور لما جاء الكمال ابن همامة رحمه الله في التحرير وهو قد جمع بين اصول الشافعية واصول الحنفية فانه اعتمد ايضا طريقة جمهور في التصنيف ولم يعتمد طريقة الحنفية. اريد ان اقول ان هذه التسمية او هذا التقسيم وهذا الاصطلاح هو في الاعم الاغلب لكنه ليس بمطلق وعليه فلا يردوا من الاشكال ان بعض الفقهاء او بعض الاصوليين من الحنفية صنف على طريقة الجمهور او العكس. فاننا نتكلم عما هو غالب وشائع ومستمر. هذا احد المعايير. طبعا هذا المعيار ترتب عليه ميزة موجودة بوضوح في كتب اصول الحنفية. كتب اصول الحنفية ثرية ومليئة بالفروع الفقهية فانك لما تتصفح واحد الكتب ككتاب مثلا اصول كتاب الفصول للجصاص. او كتاب اصول السرخسي. فانك تكاد تكاد تقرأ في كتاب من كثرة الفروع واردة والمسائل المحكية والتي تسند تباعا في المسألة الواحدة. ثم هذا اضفى على كتب الحنفية شيئا شيئا من الفهم الذي يسهل على الدارس فهم القاعدة. لانها ترتبط مباشرة بفروع التي تبين معنى القاعدة وكيف ارتباطها بالفقه عند الحنفية فلذلك يزول في كتب الحنفية ممن الف على هذا الطريقة يزول عنها الجفاف الذي يجده طلاب علم الاصول ممن قرأ او درس على طريقة كتب الجمهور الذي يجد فيها تقرير القاعدة المجردة تماما عن اي ارتباط بمسألة فقهية ربما اعوزه الفهم في في كثير من المسائل وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد واله