فان قال قائل اليس الله يقول انا في الجنة فاكهة ونخل ورمان ولحم وعسل ولبن امر وما وهذه معلومة فالجواب انها معلومة المعنى ولكنها غير معلومة الحقيقة لا تظن ان الفاكهة في الجنة كالفاكهة في الدنيا بل لها طعم اخر ولون اخر ولذة اخرى تختلف اختلافا عظيما المعنى واحد لكن الحقيقة مختلفة غاية الاختلاف في الجنة ما يمكن تنال الثمرة لا تنال الثمرة الا بتعب واعياء واحضار او اني ورقي وصعود هذا في الدنيا بالجنة؟ لا قطوفها دانية قريبة الانسان تحت الشجرة يا الله من فضلك اذا اشتهى شيئا من ثمرتها مجرد ما ينظر اليه يدنو منه حتى يكون بين يديه سبحان الله ولا يحتاج الى قطف قطوفها دانية خذه بيدك يأتي يحضر بين يديك ثم هو لا يتساقط ايضا حتى يظن انه فاسد مثلا ولا فساد في الجنة لا يتساقط تأتي يأتي الغصن ويتدلى ويكون بين يديه خذ ما شئت اللهم ارنا ذلك يا رب العالمين. اللهم ارنا ذلك. اللهم ارنا ذلك هذا النعيم الذي ينبغي للانسان ان يسعى له اما نعيم الدنيا فليس فيه خير قد يطغي الانسان وينسيه الذكر الله والدار الاخرة وقد يكون الانسان فيه مستقيما ويبذله في طاعة الله ولكن لا يكون كنعيم الاخرة ولهذا قال عز وجل فلا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرة اعين جزاء بما كانوا يعملون. وفي الحديث القدسي اعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر في هذا الحديث حث على الصيام وعلى الصدقة وعلى قيام الليل لان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم اذا ذكر شيئا وذكر ثوابه فانما يرغبنا في فعله ليس مجرد قصة فقط ما هي قصة تقال لا يريد ان ينشطنا على العمل اللهم اعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك وتحج البيت ثم قال الا ادلك على ابواب الخير؟ الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ ماء النار وصلاة الرجل في جوف الليل ثم تلا تتجافى جنوبهم عن المضاجع حتى بلغ يعملون ثم قال الا الا اخبرك برأس الامر وعموده وذروة سنامه؟ قلت بلى يا رسول الله قال رأس الامر الاسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد ثم قال الا اخبرك بملاك ذلك ككله قلت بلى يا نبي الله. فاخذ بلسانه فقال كف عليك هذا فقلت يا نبي الله انا لمؤاخذون بما نتكلم به قال ثكلتك امك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم او على مناخرهم الا حصائد السنتهم. رواه احمد والترمذي وابن ماجة بسم الله الرحمن الرحيم. سبق الكلام على اكثر هذا الحديث حتى انتهينا الى قوله صلى الله عليه وسلم فيما يطفئ الخطيئة وهو قوله وصلاة الرجل في جوف الليل ثم تلا النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم قول الله تعالى تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون فلا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرة اعين جزاء بما كانوا يعملون ثم قال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم لمعاذ الا ادلك على رأس الامر واموت وذروة سناده ثلاثة اشياء رأس الامر يعني رأس الشأن كله الذي خلق من اجله البشر قال بلى يا رسول الله قال رأس الامر الاسلام ان يستسلم الانسان لله ظاهرا وباطنا يستسلم لله بقلبه بحيث لا يتوجه الا اليه ولا يتعبد الا له ولا يخشع الا له ولا يستعين الا به وهلم جرة كذلك يستسلم بظاهره بعمله عمل الجوارح فلا يسجد لغير الله ولا ولا يستغيث بغير الله ولا يركع لغير الله وهلم جرى هذا الاسلام هو رأس الامر اما عموده فقال انها الصلاة فالصلاة يعني بذلك الصلوات الخمس المفروضة هذه عمود الاسلام. عمود الامر والعمود ما يستقيم عليه البناء تموت الخيمة مثلا وعمود السقف وما اشبهه فهو ما يستقيم عليه البناء الصلاة هو عمود الاسلام وهذا يدل على ان ان من ترك الصلاة انهدم بنيانه وانه ليس بمسلم كما هو القول الراجح من اقوال اهل العلم اما الثالث ذروة سنامه الجهاد في سبيل الله ذروة سنامه يعني اعلاه الجهاد في سبيل الله والجهاد في سبيل الله ينقسم الى قسمين جهاد بالقول وهو جهاد العلم فان الله تعالى جعل الجهاد بالقول جهادا فقال جل وعلا يا ايها النبي جاهدوا الكفار والمنافقين ومعلوم ان جهاد المنافقين ليس بالسيف ولكنه في القول وهذا يعني العلم العلم جهاد في سبيل الله بلا شك لان المتعلم يريد ان يحمي الشريعة ويحفظها ويجود عنها. كما ان الذي بيده السلاح يريد هذا بل ان العلم من حيث هو علم افضل من الجهاد في سبيل الله بالسلاح لكن الناس يختلفون منهم من يرجح له الجهاد في السلاح ومنهم من يرجح الجهاد بالعلم وذروة سنام الجهاد في سبيل الله ثم قال عليه الصلاة والسلام الا اخبرك بملاك ذلك كله اي بما تملك به كل هذا الشيء قلت بلى يا رسول الله فاخذ بلسانه يعني النبي صلى الله عليه وسلم وقال كف عليك هذا يعني لا تتكلم اسقط احذر اللسان يحذر اللسان فانه يوردك المهالك حتى ان الجوارح اذا اصبحنا فانهن يحملن اللسان ما يكون في هذا اليوم فقال معاذ يا رسول الله وانا لمؤاخذون بما نتكلم به الجملة استفهامية وان كانت ليس فيها اداة الاستفهام لكنها استفهامية يعني هل نؤاخذ بما نتكلم به قال ثكلتك امك يا معاذ ثكلتك يعني فقدتك وحزنت عليك وهذه الكلمة تقال لشحذ الذهن حتى ينتبه الانسان غاية الانتباه وقيل ان المعنى الدعاء ولكنه على تقدير محذوف والتقدير ثكلتك امك ان لم تعلم والصواب خلاف ذلك وان المراد بها الحث والتنبيه وهل يكب الناس في النار على وجوههم او على مناخرهم الا حصائد السنتهم الجواب نعم لا لا يكبه الا الا الحصائد عصائب اللسان كم من كلمة اوردت صاحبة اوردت صاحبها المهالك كم من كلمة يقولها الانسان من غضب الله يهوي بها في النار ما شاء الله فالواجب حفظ اللسان الكلمة ما دامت في قلبك فانت مالكها واذا نطقت بها فهي مالكتك ولذلك احرص على ان لا تتكلم جاء الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه قال من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او ليصمت والله الموفق الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين نقل المؤلف رحمه الله تعالى عن ابي امامة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من احب وابغض غضب الله واعطى لله ومنع لله فقد استكمل الايمان. رواه ابو داوود وعن ابي ذر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم افضل الاعمال الحب في الله والبغض في الله وهو ابو داوود وعن ابي وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده. والمؤمن من امنه الناس على دمائهم واموالهم. رواه الترمذي وزاد البيهقي في شعب الايمان برواية فضالة. والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله تهاجر من هجر الخطايا والذنوب بسم الله الرحمن الرحيم. هذه الاقاليم في بيان مقتضيات الايمان الايمان له مقتضيات واثار تظهر على العبد منها الحب في الله والبغض في الله. يعني انك لا تحب المرء الا لله لا من اجل ماله ولا من اجل قرابته ولا من اجل اي شيء يعطيك اياه انما تحبه لله وليس بينك وبينه صلة ولا معرفة لكن رأيت الرجل عابد لله عز وجل امرا بالمعروف ناهيا عن المنكر محبا للخير فتحبه لذلك وهذه المحبة الايمانية الدينية اما المحبة الطبيعية كمحبة الانسان للاكل والشرب والنكاح ومحبة القرابة وما اشبه ذلك فهذه لا دخل لها في هذا الموضوع الكلام على المحبة الايمانية هي التي هي التي من علامات الايمان تحب هذا الشخص مع انه ليس بينك وبينه قرابة وليس يهدي اليك ولا يعطيك لكنك تحبه لله رأيته عابدا لله فاحببته ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم لمعاذ بن جبل اني احبك فلا تدعن ان تقول دبر كل صلاة مكتوبة اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك يعني تقوله في اخر التشهد اخر تشهد قبل ان تسلم تقول اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك لان دبر الصلاة اخرها الا اذا قام الدليل على ان المراد بدبرها ما بعدها كما في قوله صلى الله عليه وسلم تسبحون وتحمدون وتكبرون دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين فهذا المراد به بعد الصلاة المهم ان الحب في الله من علامات الايمان البغض في الله تبغض الرجل في الله لانه على معاصي يترك الواجبات ويفعل المحرمات فتبغضه لذلك وان كان بينك وبينه قرابة وان كان يحسن اليك وما اشبه ذلك فانت تحبه لقرابته لتصلها لكن تبغضه في الله وبغضك اياه في الله لا يمنع ان تذهب اليه وتنصحه وتؤلفه لان بعض الناس اذا ابغض في الله هجر صاحبه وابعد عنه وصار يتكلم فيه وهذا غلط اذا ابغضت شخصا لله فحاول ان تصلحه لا سيما اذا كان من القرابة ولهذا قال الله تبارك وتعالى ووصينا الانسان بوالديه حملته امه وهنا على وهن وفصاله في عامين ان اشكر لي ولوالديك الي المصير وان جاهداك استمع وان جاهداك اي بذلا جهدهما وحرص حرص على ان تشرك فلا وان جاهداك على ان تشرك بالله ما ليس لك به علم وان جاهداك على ان تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما ان جاهداك يعني بذلا جهدهما وحاول ان تشرك بالله فلا تطعه لانه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وصاحبهما في الدنيا معروفا يعني لا تبعد عنهما لا تتبرأ منهما صاحبهما في الدنيا معروفا وهما كافران ويجاهدانك على الكفر يقول انا اكفر ويبذلان الغالي والرخيص لتكفر فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا