بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله سيدنا او نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن استن بسنته واهتدى بهديه واقتفى اثره واتبع سنته الى يوم اما بعد فهذا هو لقاؤنا السادس. في درسنا لشرح كتاب الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمة الله تعالى عليه الاصول من علم الاصول. ولقاؤنا السادس هذا يأتي بعد خمسة لقاءات مررنا فيها على صدر الكتاب ثم ابتدأنا بمسائله التي شرع فيها المصنف رحمه الله تعالى في الحديث عن دلالات الالفاظ. فرغن في اللقاء المنصرم من الحديث عن دلالة النهي تعريفه وصيغه وحكمه اذا ورد والمسائل المترتبة عليه ثم طلبنا النظر مرة اخرى في العودة الى سورة والايات التي اشتملت عليها السورة المباركة وهي سورة الاداب. وبما انها اداب فهي اوامر ونواه كما رأيتم اخرجتم في اللقاء الماضي الاوامر الشرعية التي اشتملت عليه السورة المباركة وطلبنا النظر فيها مرة اخرى لاستخراج ما فيها من النواهي الشرعية فنحن نقف معها دقائق معدودات نقف مع ما استخرجتموه من صيغ للنهي صريح وغير صريح في السورة لنشرع في درس الجديد الليلة بعون الله تعالى. ابتدأت السورة بقوله تعالى يا ايها الذين امنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله ان الله سميع عليم. فما اول صيغة نهي جاءت في السورة؟ هذا نهي عن ماذا؟ لا تقدموا نهي نهي عن التقدم او عن التقديم بين يدي الله ورسوله الفعل لا تقدموا فما مصدره؟ تقديم لا تقدموا نهى الله عز وجل اهل الايمان ان يقدم امرا بين يدي الله ورسوله. وعلى قراءة ابي جعفر وهي قراءة صحيحة لا تقدموا. قراءة يعقوب اتقدم بين يدي الله ورسوله. فهو نهي عن التقدم. لانها بمعنى لا تتقدم وحذفت احدى التائين في المضارع فلا تقدموا او لا تقدموا كلاهما نهي عن التقدم او عن تقديم امر بين يدي الله ورسوله هذا من اعظم الاداب واذا كانت السورة كما قلت في الدرس الماضي هي سورة اداب شرعية تعلم المسلم الادب مع ربه ومع نبيه صلى الله عليه وسلم في التعامل ومع اخوته من اهل الايمان جميعا فهذا اعظم الاداب. واولاها بالعناية وهو الادب في التعامل بين يدي الله ورسوله يعني تعظيم النص والامتثال له وعدم تقديم امر على حكم الله عز وجل وحكم رسوله عليه الصلاة والسلام. النهي الثاني في السورة لا ترفعوا والصيغة كالتي سبقها هي صيغة النهي الصريح وهو فعل مضارع الذي سبق بلا الناهية لا ترفعوا اصواتكم فالنهي عن رفع الصوت فوق صوت رسول الله عليه الصلاة والسلام. الذي يليه ولا تجهروا له قول ما الفرق بين رفع الصوت والجهر بالقول؟ لا ترفعوا اصواتكم قالوا ولا تجهروا. اليس الرفع هو الجهل هل هو تكرار للنهي نفسه؟ انت لو تأملت في متعلق قال لا ترفعوا اصواتكم. قال ولا تجهروا له. فالنهي عن رفع الصوت ليس بالضرورة ان يكون فيه نداء موجه لرسول الله عليه الصلاة والسلام. فاشتمل النهي كل السور التي يتعامل بها المسلم مع نبيه عليه عليه الصلاة والسلام سواء اكان يتحدث في مجلسه او كان يوجه الخطاب اليه او كان يوجه سؤالا اليه او كان يناديه في كل الاحوال هو مأمور بغض صوته. ولذلك جاءت الاية جاءت الاية التي تليها تأكيدا. ان الذين يغضون اصواتهم وهذا اية الادب ان يكون المسلم بين يدي نبيه عليه الصلاة والسلام خافض الصوت ان تكلم ان سأل ان اجاب ان نادى ان تحدث وفي كل احواله يلتزم الادب. طيب لا تجهروا له بالقول ولا ترفعوا اصواتكم كلاهما نهي صريح من صيغة المضارع المسبوق بلا الناهية كل النواهي التي مرت الى الان على الاصل في حكمها وهو تحريم فرفع الصوت فوق صوت النبي عليه الصلاة والسلام حرام. والجهر له قول كجهر الناس بعضهم لبعض حرام والتقدم بين يدي الله ورسوله ايضا حرام. على الاصل في حمل هذه الصيغ كلها على معناها الاساس وهو اقتضائه التحريم. طيب التي تليها؟ ان الذين ينادونك من وراء الحجرات اكثرهم لا يعقلون. ما في هنا نعم على طريقة الشيخ رحمه الله لما ذكر ان النهي يستفاد من من وصيغ غير صريحة كما كان في الامر. وذلك من الحكاية لافعال يذم اصحابها. او يترتب الوعيد على فاعليها. قال ها هنا ان الذين ينادونك من وراء الحجرات اكثرهم لا يعقلون. وهل العيب ها هنا او الذم مناداة من وراء الحجرات لانه نداء؟ لا لكن لان النداء من وراء الحجرات يستلزم يستلزم رفع الصوت الى الوقوع في المنهي عنه سابقا لا ترفعوا اصواتكم. فجاء ها هنا نوع من الذم لمن تعاطى الامر الذي ورد النهي عنه صراحة فانت ما زلت في نهي يتأكد باكثر من سورة. لا تجهروا لا ترفعوا ثم يقول ان الذين ينادونك من وراء الحجرات اكثر لا يعقلون. طيب التي تليها؟ فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين. ايضا ها هنا نهي غير صريح اين هو؟ ان تصيبوا قوما اين النهي غير الصريح؟ النهي عن ماذا؟ النهي عن عجل في الحكم على الناس واصابتهم بجهل. قال الله ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا اي اذا فعلتم ذلك واصبتم قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم النادمين. فهذا نوع من الذم وشيء من الاخبار بان من فعل هذا كانت عاقبته الندم. وعندئذ لا يحسن ان يفعل هذا الذي ذكر القرآن ان صاحبه سيؤول امره الى الندم اذا هذا تأديب من الله عز وجل لاهل الايمان. وكم في السورة يا اخوة وليس هذا المقام الان تعرض لمعاني الايات وكان المراد التطبيق لما لكن لعلكم تتأملون من خلال ما سنستعرضه الان مع ايات لا يسخر قوم والتي تليها والتي تليه الحقيقة فيها تأكيد عظيم جدا على غاية الادب الذي يجب ان يتمثله المسلم مع اخوانه المسلمين. والاحترام في التعامل واحسان الظن. في الوقت الذي تأسف فيه كثيرا لجملة من اهل الايمان يتجاوزون كل ذلك. فيقعون في اعراض اخوانهم ويتهمونهم بتخريصات وبعجلة من الظن وبعدم تبين والسورة كررت في مواضع كثيرة هذا المعنى العظيم. قال الله تعالى فتصبحوا على ما فعلتم نادمين اي عند اصابة قوم بجهالة وهذه الاصابة بجهالة سواء قصد صاحبها الانتقاص من مسلم او الطعن فيه او اللمز فيه او اسقاطه حسدا او بغيا او عدوانا صورة من الصور ان اصابة مسلم بجهالة يعني من غير تبين ولا معرفة يستمع فيها الاخرون بما يقوله الناس فيها المتكلم على ما يبلغه عن اخوته المسلمين. ويتساهل في كل ذلك في نقل خبرا ويشارك في رواية حكم وهكذا ينتقل الكلام على افواه المسلمين عن بعضهم البعض قال الله تعالى ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين. الذي يليه وكره اليكم الكفر والفسوق والعصيان. اخبر الله عز وجل انه كره الى اهل الايمان هذه الامور. فالفسق والكفر المعاصي كلها مذمومة شرعا مبني عنها على درجات فاعظمها الكفر. لانه اكبر الكبائر واعظم حرمات يغشاها ابن ادم على وجه الارض هو بالله والفسوق والعصيان كلاهما تجاوز لحدود الله ووقوعه في المعاصي واستشهاد في ترك الواجبات. الذي يليه قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا لا يسخر قوم من قوم هذا نهي عن السخرية بصيغة صريحة الذي يليه ولا تلمزوا انفسكم نهي عن التلامز واللمز ومن لطيف التعبير القرآني ولا تلمزوا انفسكم. جعل الله عز وجل لمز المسلم لاخيه يقوم مقام اللمز لنفسه. ولا يفعل هذا احد ولا يمكن ان يتعاطى انسان لمز نفسه بنفسه ان يعيب ذاته وان يلمزها بما فيها من نقص او من صفة الا تحمد فجعل القرآن لمز المسلم لاخيه في مقام اللمز لنفسه. وعلى هذا جاءت كثير من الايات كثير من الايات يقول الله تعالى لا تأكلوا خذوا اموالكم بينكم. فجعل مال اخوانك هو مالك. فاذا اكلته فقد اكلت ما لك بالباطل. قال ولا تقتلوا انفسكم هذا ليس نهيا عن الانتحار وهو قتل النفس لا هو نهي عن قتل المسلم لاخوانه. قال ولا تقتلوا انفسكم. قال يا ايها الذين امنوا عليكم انفسكم انظر كيف يصل المسلم يصل القرآن باهل الايمان في ربط العلائق فيما بينهم ان يجعلهم كالنفس الواحدة. فيكون المسلم مع اخوانه ليس شيئين بل هو شيء واحد ونفس واحدة وعندئذ يتحتم الاعتناء بما يعتني به المرء لنفسه لان اخوانه جزء منه وليس شيئا اخر فهذا غاية ما في ربط العلائق والتأكيد عليها. قال ولا نساء من نساء عسى ان يكن خيرا منهن ولا تلمزوا انفسكم. الذي يليه ولا تنابزوا القادمة هي عن التنابز بالالقاب الذي يليه بئس الاسم الفسوق بعد الايمان هذا نهي عن ماذا؟ عن الفسوق لانه ذم قال بئس الفسوق ان يكون اسما بعد ان من الله عز وجل على المؤمن بالايمان فهذا ذنب صريح بؤسا فهذا نهي ايضا عن مخالطة الفسوق وغشيانه الذي يليه. ومن لم يتب فاولئك هم الظالمون. هذا ذم لمن لمن ترك التوبة وهذا ايضا نوع من النهي غير الصريح غير المباشر ان تارك التوبة بمعنى المسرف المعاصي والمدمن وغير المقبل على ربه هذا ايضا مذنوب ومنهي عن استمراره على ما هو عليه دون توبة. لان الله وصفه بالظلم فاولئك هم الظالمون الذي يليه يا ايها الذين امنوا اجتنبوا كثيرا من الظن. اجتنبوا لكنه نهي عن الظن امر بماذا؟ امر بتلك الظلم. والامر بتركه امر او نهي هذا ما ربنا عليه في اخر درس الاسبوع الماضي. قلنا اذا جاء الامر بالترك فهو امر. فانت تحكم الصيغة. اجتنبوا هو امر امر بالترك فلا تظنه نهيا كما لو قال لك القائل اسكت ونهي عن الكلام. قال لك دع. قال اترك قال لك عليك لسانك ونحو هذا. فهذه الاوامر بصيغها هي اوامر فهي تحمل على الامر الشرعي. لكن قوله تعالى ان بعض الظن ما هذا؟ هذا نهي غير صريح عن الظن. فايضا يتأكد النهي عن الظن تارة بالامر باجتنابه وتارة بالنهي غير الصريح بترتيب الاثم على فاعله. الذي يليه ولا تجسسوا الذي يليه. ولا يغتب بعضكم بعضا ايضا نهي صريح الذي يليه هذا تأكيد على النهي عن الغيبة بصيغة اخرى ايحب احدكم ان اكل لحم اخيه ميتا جعل الله عز وجل فعل الغيبة والوقوع فيها في مثابة ان يأكل المسلم لحم اخيه ميتا قال فكرهتموه انظر كيف تفتح له الانسان مع مع محاولة تلمس الصيغ الشرعية اوامره تفتحت له اساليب فاصبح يمكن ان يقف مع النص الشرعي اية او حديثا فيلمس فيه امرا صريحا وغير صريح نهيا صريحا وغير صريح حينما كان يقف سابقا على مجرد الاوامر الشرعية بصيغه المعروفة الصريحة والنواهي كذلك الذي يليه يقول الشيخ ان تطيعوا الله ورسوله لا يلدكم من اعمالكم هذا نهي؟ ما هو هذا نفي نفي وليس نهيا ثم هو ثم هو اخبار عن فعل الله عز وجل ان من اطاع الله ورسوله ضمن الله له لا ينقص من اجره شيئا لا يردكم من اعمالكم شيئا. طيب كان هذا هو المقصود من محاولة تقليب النظر في هذه الايات استخراج بعض الصيغ وهي كما ترون نوع من الدربة والمكنة التي يتعاطى فيها طالب العلم في مثل هذه المراحل اساليب شتى