الحمد لله الذي علم بالقلم علم الانسان ما لم يعلم. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان نبينا محمد عبد الله ورسوله اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آل بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وبعد. فهذا درسنا السابع بعون الله وتوفيقه في شرح اصول العلامة الشيخ محمد ابن صالح العثيمين رحمه الله تعالى. وكان الدرس في الماضي قد وقف بنا عند الحديث عن تعريف العام وصيغه وبعض مسائله والتي من خلالها طلبنا ان ننظر في في سورة الحجرات مرة اخرى بعد ان استخرجتم منها في لقائين ودرسين ماضيين كلا من صيغ الامر ودلالاته ثم صيغ النهي ايضا ودلالاته. وكان المطلوب ان نعود مرة ثالثة الى سورة الحجرات واياتها الكريمة التي جاءت بالاداب الشرعية. التي بها المسلم في علاقته بربه وعلاقته بنبيه صلى الله عليه واله وسلم. وعلاقته باخوته المسلمين جميعا ولهذا سميت السورة بسورة الاداب. وكان المران عليها والقصد من النظر فيها فوق اكتساب الملكة والدربة والتمهر من خلال تطبيق ما تعلمناه في الدروس الماضية ان يكون لنا بصر ونظر نعود فيه مرة بعد مرة لهذه السورة العظيمة فيكون لنا سببا يحملنا على النظر في هذه الاداب والتأدب بها واكتساب شيء من احكامها. وهذه اللطائف والاداب التي اشتملت عليها السورة المباركة متنوعة الابواب كما رأيتم وهي في جملتها تهذب المسلم وتنميه وتؤدبه بتلك كالاداب الشرعية الجليلة. كان المطلوب في الدرس الماضي ان ننظر في الصورة مرة ثالثة لنستخرج منها صيغ العموم. بعد ان تمهد لنا في درسنا الماضي انه ما من امر او نهي جاءت به الشريعة في الكتاب والسنة الا وله متعلق وهو لا يخرج في العادة عن العموم او الخصوص الذي سندرسه الليلة ان شاء الله. ومن اجل ذلك كان النظر يحملنا على ان نفكك اه الفاظ النص الشرعي وان ننظر فيه بطريقة اصولية تنظر الى الامر وتعرف دلالته والنهي وتعرف دلالته ثم تنظر الى ما توجه اليه الامر وما توجه اليه النهي وهو المتعلق فتنظر على اي محمل يحمل وعلى اي دلالة فان كان عموما او خصوصا او عموما دخله او مطلقا او مطلقا ودخله تقييد كل ذلك يراد بطالب العلم وهو في سبيل التفقه ان يتمرس فيه وان تعامله مع الدليل ليس كما كان يتعامل معه من سابق وانه يكتفي بايراد الفقيه للدليل في المسألة على انها دليل على الحكم الفلاني حتى فيقع نظره على موطن الاستدلال وطريقة الاستشهاد ومأخذ ومنزع الحكم في الاستدلال من تلك الاية او من ذلك هذه الملكة التي نسعى من خلال هذا الدرس الى الوصول اليها. ان يقول لاحدنا حس فيما بعد وملكة تكفيه. لو نظر في الدليل او حتى لو سمع فتوى فقيه او قرأ بيانا فيه استدلال ببعض النصوص الشرعية عن اي مسألة ما وحكم شرعي فانه يمكنه النظر ان يطابق ان الحكم الذي يقرر وعلاقته بالدليل ووجه ارتباطه به. سنبدأ بآيات السورة كما مر في الدرسين الماضيين لاسمع منكم صيغ العموم نستخرج اللفظ الذي فيه العموم ونحدد نوعه في الصيغ على نحو ما مر في السبعة الانواع التي ذكرها الشيخ رحمه الله تعالوا بسم الله الرحمن الرحيم قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله ان الله سميع عليم. فما صيغة عموم مر بكم؟ يا ايها الذين الذين واي نعم من الصيغ اسم موصول وقد تقدم ان المسائل موصولة كلها لها من صيغ العموم والمعنى ان النداء متوجه لكل من اتصف بالايمان يستوي في هذا الذكر والانثى الصغير والكبير والحر والعبد العربي والاعجمي المسلم حديثا والمولود في الاسلام كل هؤلاء لا فرق بينهم. ولهذا قال ابن مسعود رضي الله عنه اذا سمعت في كتاب الله يا ايها الذين امنوا فارعها سمعك. فانه امر تؤمر به او شر تنهى عنه. فيا ايها الذين امنوا يعني يا كل من امن بالله. وهنا يجب ان ينساق الجميع وان انقاذ بهذا النداء ليتوجه الى ما فيه. طيب الصيغة الثانية الذين امنوا الثانية والكلام فيها كالكلام في الاولى. طيب وبعدها؟ يا ايها الذين امنوا لا ترفعوا اصواتكم اصواتكم هذه صيغة عموم من اين لمعرف بالاضافة والمقصود كل اصواتكم لا يجوز رفعها. انظر الى النهي لا ترفع ومتعلقه كل الاصوات. فلا ترفعوا كل اصواتكم فوق صوت النبي. طيب وهذا يشمل ماذا؟ لما نقول عموم صوت الكلام ها صوت الضحك صوت النداء فكل من كان بين يدي رسول الله عليه الصلاة والسلام انه يشمله هذا التأدب بان ينتهي عن رفع اي صوت سواء كان صوته لينادي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم او صوته ليسأل عن مسألة او صوته ليجيب عن سؤال يوجهه النبي عليه الصلاة والسلام او صوته للاستفسار عن امر كل ذلك شامل لقوله لا ترفعوا اصواتكم بل اخرج القاضي عياض رحمه الله في الشفا في التعريف باخبار المصطفى صلى الله عليه وسلم عن عبدالرحمن بن مهدي الامام المحدث العلامة انه كان يقول اذا اذا ذكر مجلس وجلس يحدث بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يطلب الصمت والهدوء وعدم الرفع ويرى ان ذلك داخل في قوله تعالى لا ترفعوا اصواتكم فوق صوت النبي. ويرى ان المسلم الحاضر في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وهو مؤدب بهذا الادب الالهي الا يرفع صوته فوق صوت الرسول صلى الله عليه وسلم. فمثله المؤمن الى يوم يا امتي اذا ذكر بين يديه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيروى له الحديث او يكون مجلس حديث او يذكر فيه شيء من ادابه وسننه وسيرته واخباره صلى الله عليه وسلم ان يكون متضمنا لهذا الادب فلا يرفع صوته فوق صوت النبي. طيب ولا تجهروا له بالقول القول اي قول مهينا عن الجهر به بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. كل قول وذلك ايضا لا يستثنى منه شيء. كجهل في بعضكم لبعض. بعضكم هذا معرف بالاضافة والمقصود به بعض المسلمين جميعا. كما يجهر به بعضهم ببعض استحبط اعمالكم ايضا اعمالكم والمقصود كل عمل يمكن ان يكون سببا لاحباطه مثل هذا الصنيع وتقدم معكم في الدرس الماضي ان هذا من صيغ النهي غير الصريحة. نعم الذي يليه ان الذين يغضون والصيغة اسم موصول يعني هذا وصف لكل من اتصف بغض صوته عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. نعم. اصواتهم والمقصود كل صوت كل صوت يخرج من احدهم كما قلنا صوت كلام وسؤال ودعاء وسلام ومزاح وضحك كل الاصوات ينبغي ان تكون بهذا الوصف بين يدي رسول الله عليه الصلاة والسلام. اقول مقولة عبدالرحمن بن مهدي الذي ذكرها القاضي عياض في سوق طرقات القليل يؤكدها صنيع عمر رضي الله عنه لما كان جالسا زمن خلافته وقد سمع رجلين ارتفعت اصواتهما بين آآ في في المسجد النبوي فامر بهما فاوتي اليه. فسألهما من اين انتما؟ فقال من اهل الطائف. فقال اما لو كنت من اهل المدينة لاوجعتكما ضربا ترفعان اصواتكما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. فرأى ان كلامهم وحديثهم في المسجد النبوي قوي وهم بجوار الروضة وقبر النبي عليه الصلاة والسلام ان ذلك فيه اساءة ادب. وهذا يتعين ان ينبه عليه كل مسلم زائر مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم اذا جلس ينتظر الصلاة الى الصلاة او جلس مع رفقة له او اراد الانتظار حتى يخف الزحام ان يكون متأدبا بهذا الادب فاذا تحدث واذا تكلم واذا جلس وهو بجوار رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يشتمل على هذا الادب العظيم ان الذين يغضون اصواتهم هم عند رسول الله. طيب الحجرات؟ صيغة عموم. ها؟ جيد. هذه لا تحمل على العموم. لما يعني هل المعنى ان الذين ينادون رسول الله من وراء اي حجرة او حجراته عليه الصلاة والسلام؟ اذا ما الهنا؟ العهد ليست الاستغراق جيد وهذا تنبيه مر بنا في الدرس الماضي ان تفيد العموم والاستغراق بشرط ان لا تكون وقلنا العهد اما ذكريا واما ذهني يعني اما ان يكون مذكورا في السياق في صرف العهد اليه. مثل قوله تعالى انا ارسلنا اليكم رسولا شاهدا عليكم كما ارسلنا الى فرعون رسولا فعصى فرعون رسولا. فلما قال الرسول المقصود به الذي ذكر في الاية السابقة كما ارسلنا الى فرعون رسولا فلا يحمد على العموم. والعهد الذهني مثل هذا. يعني لا ذكر له سبب في سابقه في الايات. لكن الذهن ينصرف. ان الذين ينادون يا محمد من وراء الحجرات. ايش المقصود بها؟ حجرات النبي عليه الصلاة والسلام. فالعهد هنا ذهني. كما قال اخوة يوسف اكله الذئب ليس المقصود الهاونا للاستقرار انما المقصود الذئب المعهود في الذهن والمعروف عند الناس اذا اطلق اسم الذئب وهكذا فهذا عهد لا يحمد الله ما فيه على الاستغراق من وراء الحجرات. طيب اكثرهم لا يعقلون. الاضافة اكثرهم يعني اكثر الذين ينادون من وراء الحجرات. سؤال وصف الله تعالى بانهم لا يعقلون. هل هو لكل الذين ينادونه ام لاكثرهم؟ طب قال ان الذي ينادونك من وراء الحجرات. الذين عاموا. طيب هو عام الذين ينادونك ثم قال اكثرهم فاكثرهم قبل قليل تقولون هو ايضا عام. هو عام لكنه خصص ذلك الذين فصار المعنى ان اكثر الذين ينادونك من وراء الحجرات. وهذا فيه ادب عجيب وهو ان يتأدب المسلم في اطلاق الاحكام ووصف الناس بها فتعميم الاحكام جور. والقرآن يؤدبنا بهذا الادب. لان ليس كل من نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو كان مخطئا ولو نادى برفع الصوت ليس كل من فعل هذا موصوف بانه لا يعقل. انما كان الحكم هذا يشتمل على او يتناول ولاية الجفاة القادمين من خارج المدينة ولم يظفروا بالتربية النبوية ولا الادب النبوي فكان يصدر هذا منهم. لكن ربما حصل رفع بصوت ومناداة بين يدي النبي عليه الصلاة والسلام من اقوام غير موصوفين بذلك ولهذا قال اكثرهم لا يعقلون. الذي يليه ان جاءكم فاسق نكرة في سياق الشرط جيد. اما قلنا نكرة في سياق النفي نكرة في سياق النهي نكرة في سياق الشرط نكرة في الاستفهام الانكاري هذه نكرة في سياق الشرط يعني ان جاءكم اي فاسق فيشمل ذلك الفاسق المغرظ ويشمل الفاسق الصادق حتى في تلك المقولة فينطبق عليه ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا. يعني حتى لو كان الفاسق صادقا في موقف ما صدق تلك المرة وجاء بخبر فالواجب فتبينوا ولا يستثنى متى ثبت فسق رجل او امرأة ينقلون خبرا فان الواجب التبين بغض النظر عن دافعه وحامله وصدقه وكذبه لان الاية عامة. وما مأخذ العموم النكرة في سياق الشرط ان جاءكم فاسق. طيب الذي يليه. بنبأ اي صيغة هذي لا خلاص النكرة في سياق النفي الشرطي فاسق. لا لا لا نبأ ها هنا نكرة ذكر لكنها ليس فيها شيء من ادوات العموم. النكرة التي وقعت في سياق الشرط هي فاسق. جاءكم فاسق بنبأ. لكن هذا مطلق ويدل على ان اي خبر يأتي به الفاسق فانه كذلك يتناوله الحكم لكنها ليست صفة عموم. فقط تنبه الى تنبيه لطيف في قوله تعالى يا ايها الذين امنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله. لا تقدموا هذا نهي والفعل اشتمل على فعل وفاعل. اين المفعول؟ محذوف. لا تقدموا ماذا لا تقدموا يعني بماذا ستقدروا المفعول المحذوف؟ شيئا قولا فعلا رأيا حكما هوى شهوة طيب هذا مفعول محذوف لا تقدموا امرا اي امر ها هنا مفعول محذوف يقول المفسرون حذف المفعول يقتضي العلوم طيب ما درسناه والصيام لانه ليس بصيغة لكنه اسلوب من اساليب العموم يستفاد في مثل هذه التطبيقات. وتجد بعض المفسرين يعتنون بايات الاحكام ينصون على هذا ان من اساليب العموم ولم يقولوا صيغ لانه ليست صيغة. لما يقول لك الرجل لا تشرب. هو نهاك عن وما حدد لك المشروب الذي نهاك عنه. فالمفعول محذوف ويمكن ان تفهم لا تشرب ماء ولا شاهي ولا عصير فهو نهاك عن الشرب مطلقا فحذف المفعول يقتضي العموم ولهم في هذا قواعد لا يصنفونها ضمن الصيغ ولكن يصنفونها ضمن الاساليب اساليب العموم التي يستفاد منها يقول مثلا نفي المساواة بين شيء يقتضي العموم. آآ تقدير المقتضى في اللفظ عندما يحذف ايضا يقتضي في العموم على قول عند الاصوليين فهذه وامثالها ليست اساليب من الصيغ المنصوصة عليها في كتب الاصول لكنها يستفاد منها العموم على النحو الذي تقدم قبل قليل والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد واله وصحبه اجمعين