بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه به اجمعين وبعد. فهذا اللقاء الثاني من اللقاءات التي نتناول فيها بعض الموضوعات والقضايا الاصولية بعد فراغنا بحمد الله تعالى من دراسة رسالة العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله الوصول الى علم الاصول. كان في لقاء الاسبوع الماضي عن دلالة المفاهيم مفهوم الموافقة ومفهوم المخالفة وجملة ما يقرره الاصوليون في هذا الباب مع قراءة ما ساقه الامام الشوكاني رحمه الله في ارشاد الفحول. لقاء الليلة يتناول موضوعا اصوليا اخر هي مسألة من مسائل الاصول في مذهب الامام مالك رحمه الله ويعتبر احد مسائل المالكية المختصة بهم في علم الاصول. وحتى يتبين موظعها نحن ونتحدث عن الاحتجاج بعمل اهل المدينة. وربما سماه المالكية اجماع اهل المدينة. آآ دعونا نبدأ بمقدمة بما درسناه في باب الاجماع في رسالة الاصول. الاجماع كما مر بكم دليل شرعي معتبر. من هذا الباب يتغلب الاصوليون عن جملة من انواع الاجماع من جمل مسائل الاجماع حديثهم عن اجماع اهل المدينة. اذا هو لون خاص او صورة من صور الاجماع يذكرها الاصوليون. قبل ان نتكلم عن المسألة وتقريرها في مذهب الامام ما لك رحمه الله من الجيد ان تتصور الخلاف الدائرة في كتب الاصول تجاه هذه القضية. عادة يتحدث الاصوليون عن اجماع اهل المدينة انا باعتباره صورة من صور الاجماع الضعيف الذي لا يصح الاحتجاج به. مرة اخرى يتناول مسألة اجماع اهل المدينة ضمن مسائل الاجماع باعتباره صورة من صور الاجماع الضعيف الذي لا ينبغي الاحتجاج به ووجه ضعفه انه لا يمثل الاجماع حقيقة. لان الاجماع هو اجماع الامة كافة او علماء الامة كافة. فلا لتخصيص ناحية او فئة او زمن ويعتبر اجماع اهله حجة على من سواهم. انما يتكلمون عن باجماع اهل الاسلام وعلمائه قاطبة في زمن من الازمان على حكم شرعي. هذا الحجة. فلا وجه لتخصيصه باهل بلد مدينة. ولهذا فانهم في بعض كتب الاصول الموسعة اذا ما فرغوا من حديثهم عن اجماع اهل المدينة وضعفوه ونصروا القول بعدم الاحتجاج به يعقبونه بمسألة اجماع اهل مكة وانه مثله في عدم صحة الاحتجاج به. ثم اجماع اهل البصرة واهل الكوفة باعتبارها معقل العلماء في فترة من الفترات. وايضا انها ليست حجة ولا يجوز الاحتجاج باجماعهم. فيسوون في هذا بين اجماع اهل المدينة واجماع من سواهم باعتبار ان القاسم المشترك انهم ليسوا الا جزءا من الامة والاجماع ينبغي ان يكون اتفاقا من الكافة. هذا هو الخلاف. فاذا ما فتحت كتب اصول المالكية وجدت ايضا فئة من اصوليي المالكية ينتصرون للقول بالاحتجاج بعمل اهل المدينة او اجماع اهل المدينة. وايضا تأتي المسألة غالبا في كتب الاصول مسائل الاجماع يقررون الاجماع وحجيته ومسائله على نحو ما درستم في الرسالة سابقا. ثم يعنون باجماع اهل المدينة وينتصر المالكية لهذا النوع من الاجماع ويعتبرونه حجة ودليلا ثم يجيبون عن كل عن كل الاعتراضات المخالفين من المذاهب الاخرى. واحد اكبر اوجه المعارضة هو ما وجه اختصاص المدينة من بين بلدان الاسلام فيكون تقرير المالكية كالمعتاد ان مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم لها مزية على غيرها من المدن لا من حيث ذاتها ولكن من حيث انها اختصت بمقامه عليه الصلاة والسلام بعد الهجرة وبعد فتح مكة ايضا. وايضا تواجد بها وتوافرهم بها بعد وفاته عليه الصلاة والسلام. وبقاء ابناء الصحابة وابناء ابنائهم من بعدهم. فكانت بذلك مختلفة عن سائر بلدان الاسلام وانصاره باحتوائها على على ثلة صحابة رسول الله عليه الصلاة والسلام وعندئذ اذا ما تحقق الاجماع فيهم وصدرت المسألة عن اتفاق علمائهم فانه اقوى واولى واهم من اجماع غيرهم من اهل البلدان التي لا يوجد فيها من الصحابة الا الاحاد. فان قيل ان بعض الصحابة قد خرجوا من المدينة ايام فتوحات واستقر بعضهم بالبصرة واخرون بالكوفة وغيرهم بالشام ومصر ونحوها فكون الجواب عند المالكية ان هذا يسير لكن الاغلب والاعظم الاكثرية من الصحابة لم لم يزالوا بالمدينة. فيعتبرون اجماعهم حجة من هذا القبيل التوسط في المسألة وهو ما حرره محقق المالكية هو الصواب بمعنى انهم لا يرون اجماع اهل المدينة جملة حجة ودليلا معتبرا ولا يرفضونه ايضا جملة لكن الصواب ان مذهب الامام مالك رحمه الله في هذه المسألة يتحرر في احتجاجه واستدلاله بعمل اهل المدينة في ما كان سبيله النقل. النقل المأثور عن زمن النبوة الى من بعده. يعني يحتج امام مالك رحمه الله بالشيء الذي ينقل رواية وانه موجود من زمن النبوة كما احتج على القوم ابي يوسف احتج الامام مالك رحمه الله في مناظرته للقاضي ابي يوسف رحمه الله وهو اكبر تلامذة الامام ابي حنيفة رحمه الله آآ وكان بينهما مناظرة في مجلس الرشيد. هارون الرشيد فاحتج الامام ما لك على احتجاجه بالصاع بمقدار الصاع النبوي انقولي عندهم بالمدينة وان هذا المقدار ينبغي الاحتكام اليه. وان نتفاوت المقادير من بلد الى بلد ينبغي ان يكون مرجعه الى صاع اهل المدينة والحجة عنده في ذلك انه الصاع الذي تناقله اهل المدينة جيلا بعد جيل متصلا الى زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم دون اختلاف فينبغي ان يكون هذا هو الفيصل وهذا الصاع الذي كان بين يدي رسول الله عليه الصلاة والسلام وتوزن به المقادير الواجبة في الزكوات والكفارات نحويها واحتج به رحمه الله فقبل ابو يوسف احتجاج مالك في هذه المسألة وصار الى قوله تاركا قول امامه ابي حنيفة رحم الله الجميع يقولون فما كان من هذا القبيل فيما ينقل من عمل اهل المدينة مأثورا برواية متصلة الى زمن النبوة هو الحجة عندهم وليس المقصود المسائل الاجتهادية التي محلها النظر والاجتهاد فهذه ولو علماء المدينة وفقهاؤها على قول فانهم ليسوا حجة على من سواهم. وهذا القول الوسط هو الحق. وهو الذي يحققه اصحاب مالك من المحققين رحم الله الجميع. ويرون ان هذا هو حقيقة مذهب مالك. ليس هو القول باطلاق باحتجاج العمل بما عند اهل المدينة في المنقول والاجتهاد وفي الرواية وفي الاستنباط لا. انما يحصرونه في نوع معين فهم بذلك ينطحون مذهب ما لك ويبعدون الشغب والاعتراضات التي ترد من المذاهب الاخرى. ثم هذا القدر وافقهم عليه غيرهم من علماء المذاهب انا سأقرأ على مسامعكم فصلا فيما يتعلق باجماع اهل المدينة فيما اورده الامام الباجي ابو الوليد رحمه الله في كتابه العظيم احكام الفصول في احكام الاصول. وهو آآ من من اجل واعظم كتب الاصول لدى المالكية. ويمكنك ان تقول يكاد يكون كتاب الباجي من اول كتب المالكية في الاصول اكتمالا. ثمة رسائل وابواب وموضوعات اصولية آآ كان ولا يزال علماء المذاهب يؤلفونها. لكن حتى جاء الامام ابو الوليد الباجي تكلم عن المالكية تحديدا ووفاة اربع مئة واربعة وسبعين للهجرة يعني انت في منتصف القرن الخامس المنتصف الثاني للقرن الخامس الهجري. فلما وضع كتابه احكام في احكام الاصول جاء كتابه متكاملا وما قبل مما هو موجود بين ايدينا من رسائل الاصول التي ينتسب مؤلفوها الى مذهب الامام مالك رحمه الله فانها رسائل غير مكتملة وكتب غير مجتمعة ابواب الاصول والمسائل لكنها اي فيها قدر كبير كمقدمة ابن القصار مثلا ورسائل القاضي عبد الوهاب وغيره من علماء المالكية. فجاء كتاب احكام الفصول من اجل كتب المالكية وهو مطبوع في هذا المجلد الضخم وطبعاته الجديدة مقسمة الى جزئين. كتاب الباجي رحمه الله اكتسب اهميته من عدة نواح. اهمها امامة ابي الوليد الباجي امامته فقهية الاصولية. ابو الوليد الباجي رحمه الله احد الذين ارتحلوا من الاندلس الى المشرق. فالتقوا بعلماء المالكية من بلاد المغرب العربي مرورا بمصر ثم انتهاء الى بلاد الشام والحجاز. فاكسبته الرحلة اطلاعا والتقاء الامصار ثم ايضا تهيأ له رحمه الله ان يلتقي بعلماء المذاهب الاخرى فالتقى بائمة الشافعية وبعض الحنفية ذلك فاكتسب ثراء وامامة رحم الله الجميع. ابو الوليد الباجي ايضا يكتسب كتابه اهمية اخرى كما قلت من ناحية الموضوعي في التصنيف فيعتبر كتابه ربما كان اول كتب المالكية الاصولية اكتمالا من حيث الموضوعات والابواب والفصول اذا ما اردت ان تبحث عن مسألة من مسائل الاصول عند المالكية وبحثت في كتب قبل ابي الوليد الباجي قد تجد المسألة وقد لا تجدها. لان مثلا تجد مصنفا يتكلم عن الاجماع فقط واخر عن القياس لكن هذا كتاب متكامل. ما بعد بالوليد الباجي جاءت عدد من المؤلفات. فيعد بهذا لكتاب ابي الوليد الباجي. ميزة ثالثة تحريره للمسائل فانه لا يكاد يورد مسألة الا ويحقق فيها مذهب ما لك رحمه الله وهذه اهمية جل في كتب مذاهب الاصول التي تنتسب الى الائمة. فانه ما يكاد يمر بمسألة الا وينقل قول فاذا اختلف النقل عن ما لك عند اصحابه حرر ذلك ايضا في نقل ما يقوله المشارق العراقيون مثلا من اصحاب مالك والمصريون من اصحاب مالك وماذا يقرر اهل كل بلد من العلماء المذهب وما الذي يرجحونه ثم غالبا ما يرجح اذا اختلف النقلة عن الامام مالك رحمه الله كل ذلك في الاطار الاصولي وليس في القضايا الفقهية. ابو الوليد الباجي كما قلت امام اصولي فقيه تيسر له ان يحرر هذا الكتاب فاصبح اعمدة عند المالكية ممن جاء بعده وهم ينقلون كثيرا عنه. ولهذا لما جاء لمسألة اجماع اهل المدينة او الاحتجاج بعمل اهل المدينة حررها على نحو بديع رحمه الله يقول رحمه الله فصل في ذكر اجماع اهل المدينة. هذا الفصل اين ورد؟ في اي باب؟ في باب الاجماع وولدت فرغ رحمه الله من الاحتجاج حول مسألة الاجماع السكوتي. ولما انتهى منها قال فصل في ذكر اجماع اهل المدينة. يقول الله قد اكثر اصحاب مالك رحمه الله في ذكر اجماع اهل المدينة والاحتجاج به. وحمل ذلك بعضهم على غير وجهه فتشنع به المخالف عليه. وعدل عما قرره في ذلك المحققون من اصحاب ما لك رحمه الله. اذا ويقرر من اطلع المسألة ان المسألة فيها شطط لدى بعض علماء المالكية وتقرير على نحو مبالغ وان فيها تشنيعا لدى المذاهب الاخرى لانها عند بعض المالكية على نحو غير سديد. فكان بذلك محلا للمخالفة وللتشنيع. ثم يقول رحمه الله وذلك ان مالكا انما عول على اقوال اهل المدينة وجعلها حجة فيما طريقه نقل كمسألة الاذان. وترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم. ومسألة الصاع وترك اخراج الزكاة من الخضروات وغير ذلك من المسائل التي طريقها النقل واتصل العمل بها في بالمدينة على وجه لا يخفى مثله. ونقل نقلا يحج ويقطع العذر. كلام متين كلام متين يحرر فيه ما الذي استند اليه الامام ما لك وجعله حجة عنده تعرف ما معنى حجة؟ يعني يستدل الامام ما لك رحمه الله على من يخالفه من الفقهاء في هذه المسائل يقول هكذا وجدنا العمل عليهم. يقول هذا مما لا نعلم خلافا فيه. هذا ما وجدنا الناس عليه. هذه الامام مالك في في مثلا في الموطى او في المدونة في الرواية المنقولة عنه. اذا جاء يستدل قد لا يجد نصا لا اية ولا حديث فيه في الاحتجاج في بعض المسائل التي مثل بها مسألة الاذان وترك والمقدار بالصاع وترك الجهر بالبسملة في الصلاة يكفيه رحمه الله ان يحتج فيقول هكذا العمل عندنا في المدينة. ويحتج بهذا ويعتبره دليلا. هنا نشأ الخلاف الاصولي هل هذا دليل؟ هل احتجاجك بامر يعمله اهل المدينة؟ دليل كانك تستدل باية او حديث هذا الكلام. هل يصلح ان يكون عمل اهل المدينة دليلا وحجة يستدل به الفقيه في مسألة هذا الذي وقع فيه الخلاف المحققون من اصحاب ما لك رحمه الله يقولون انما ايكون دليلا وحجة كما قال هنا ابو الوليد فيما طريقه النقل. كمسألة الاذان يعني لما يختلف فقهاء الحنيفية في صيغة الاذان والاقامة قام والتثنية في جمل الاقامة كما هي في الاذان مثلا او الاختلاف في بعض الفاظ الاذان. يحتج ما لك رحمه الله على ان هذا عمل اهل المدينة يقول الشافعي رحمه الله بصحة الجهر بالبسملة في الصلاة ويحتجون بحديث انس وانه آآ يثبت البسملة في بعض الروايات وينفيه في بعض الروايات ثم يثبت في اخر عمره انه كبر فنسي رظي الله عنه. ويحتجون ببعظ الاحاديث من ادلة ما لك رحمه الله في المسألة ان اهل المدينة جيلا بعد جيل ائمتهم يصلون في محراب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يجهرون بالبسملة. فيستحيل عنده ان يكون هذا الا متصلا بدليل وكأنك تحدد شيئا ثابتا عن رسول الله عليه الصلاة والسلام. يقول انا في زمن اتباع التابعين وورثنا هذا عن جيل التابعين وجيل التابعين ورثوا هذا عن الصحابة والصحابة من اين اخذوه؟ ثم يقول اتتصور ان يكون بلد يحوي الصحابة وابناءهم ثم تأتي مسألة من مسائل الدين كالصلاة وصفتها والقراءة فيها او الاذان او شيء يتعلق بالزكوات واخراج الواجب في الكفارات كمقدار الصاع او الخضروات ثم تظن ان قولا عليه فقهاء الكوفة او البصرة مخالف لما عليه اهل المدينة. وتظن ان هذا يمكن ان يكون مقبولا هذه وجهة ما الامام مالك رحمه الله في استناده الى الاحتجاج بعمل اهل المدينة. ولذلك سمعت ابا الوليد الباجي رحمه الله يقول وغير ذلك ان المسائل التي طريقها النقل اذا المسألة ليست من الاجتهاديات ولا المستنبطات. طريقها النقل قال واتصل العمل وبها في المدينة يعني ينقلونه جيلا بعد جيل على وجه لا يخفى مثله ونقل نقلا يحج ويقطع العذر. يقول رحمه الله هذا نقل اهل المدينة عنده في ذلك حجة مقدمة على خبر الاحاد على خبر الاحاد وعلى اقوال سائر البلاد الذين نقل اليهم الحكم في هذه الحوادث افراد الصحابة واحادوا التابعين. انتبه لماذا يقول هذا حجة مقدمة على خبر الاحاد. يروى الامام مالك رحمه الله في موطئه ويصحح السند في الرواية. البيعان بالخيار ما لم يتفرق وكان جميعا ثم لا يقول رحمه الله بمشروعية خيار المجلس في البيع. وكيف هذا؟ ثم يعتذر بانه ليس على هذا العمل عند اهل المدينة. فيكون الاشكال عند بادئ النظر كيف تجرؤ على ان ترد حديثا ثابتا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ هو ليس ردا هو يقول لك قارن لي بين رواية منقولة بطريق الاحاد. وان كان صحيحا لكن طريق الاحاد بمعناه انه ليس منقولا متواترا. يقول وعندي نقل متواتر عملي. عندي نقل متواتر عملي جيلا بعد جيل ليس عن فقيه ولا عن محدث ولا في رواية فيما يعمله اهل البلد في اسواقهم وتعاملاتهم وورثوا هذا التعامل عن ابائهم واباؤهم عن اجدادهم واجدادهم عن الصحابة. يقول هذا عندي اقوى اقوى من مجرد رواية وان صح سندها. لكن اذا تعارض هذا مع هذا يقول هذا عندي اقوى. فهذا وجه مذهب مالك رحمه الله فافهم لئلا تظن ان المسألة معارضة الرواية الثابتة بمجرد الهوى او الرأي او عمل الناس حاشا. فان قال قائل هذا اذا يصح ان يحتج به اهل كل بلد. فيقول اهل مصر واهل الشام واهل العراق. ايضا هذا الحديث لا يعمل به اهل بلدنا. فلذلك نتركه. الجواب ها هنا مختلف لا يقارن اهل البلاد الاخرى باهل مدينة رسول الله عليه الصلاة والسلام وخصوصا في هذه الازمان زمن ما لك الله مالك في اي سنة كان في اي قرن انت لا تتحدث عن القرن الرابع ولا الخامس تتكلم على اوائل القرن الثاني الهجري. اذا انت لا زلت في لاحفاد الصحابة وابناء الصحابة وهذا ليس بعيدا. والكلام لا يقرر ان مذهب مالك حجة وعمل اهل المدينة حجة الى اليوم. لا. ولذلك كان من بعض الاصوليين وهو تشنيع في غير محله. لما جاءوا لهذه النقطة وهي قضية وفرة الصحابة وحرصهم على نقل الرواية. قال من الصحابة وقد انقرضوا وابناؤهم وجاءت الاجيال من بعدهم. يقول فمن بقي في اهل المدينة؟ بشر كسائر البشر. واناس الناس في في سائر البلدان فما الذي يميزهم؟ بل قال بعض الاصول عبارة قاسية يقول ولو اطلع مطلع على ما بين لابتيها ما يعمل فيها من الفسوق والكبائر والفواحش لتجلى لرجع مثل هذا القول. نحن ما نتكلم عن عن الازمان المعاصرة. ولا تتكلم ما بعد تلك القرون المفضلة هو متقيد بذلك الزمن القرن الاول والثاني. وهو الزمن الذي فعلا يجتمع فيه ما لا يجتمع في غيره من بلاد الاسلام قاطبة. عودا على كلام الامام الباجي رحمه الله. يقول فهذا نقل اهل المدينة عنده يعني عند مالك في ذلك حجة مقدمة على خبر الاحاد وعلى اقوال سائر البلاد الذين نقل اليهم الحكم في هذه الحوادث افراد الصحابة واحاد التابعين قال وقد سلم هذا ابو بكر الصيرفي يعني من الشافعية. يعني وافقنا واقتنع بمثل هذه الاحتجاج وخالف فيه بعض اصحاب الشافعي واصحاب ابي حنيفة فقال بعضهم بنفي وجود هذا الخبر جملة وقد بينا وجوده وقال بعضهم ليس بحجة وان وجد قال رحمه الله والكلام معهم في وجه الاحتجاج به. الكلام مع من؟ مع المخالف. فاسمع كيف يحتج يقول وذلك انه اذا كان المؤذن يؤذن بالامس على المأثور اذانا على صفة قد علم جميعهم انه الاذان الذي عليه النبي صلى الله عليه وسلم. ثم اذن من الغد مؤذن فامسك الجميع عن الانكار عليه والاخبار بانه غير شيئا من الاذان وهكذا جيلا بعد جيل فانه بمنزلة ان يقولوا ان هذا هو الاذان الذي اذن به بالامس. اليس كذلك؟ عدم سكوت الجميع وعدم انكار اهل البلد وفيهم صحابة وابناء الصحابة ويقوم المؤذن يؤذن خمس صلوات في اليوم. ولا يقول احد منهم انت قلت جملة غير في الاذان او سمعنا شيئا جديدا او تركت شيئا ما لم يقولوا شيئا يقول فهو بمنزلة ان يقولوا يعني ننقل هذا كلاما صريحا ان هذا الا هو الاذان الذي اذن بالامس. ولو قاله بعضهم او نطق به الجزء الاول منهم لكان تواترا. يقطع العلم به. يقول ولذلك انظر الى هذا الوجه اللطيف الاخر في الاستدلال. قال ولذلك من دخل المدينة ولا علم له بموضع قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم استرشد عن المسجد والقبر فارشده رجل او اثنان. ما سأل كل اهل البلد. قابل واحدا فارشده رجل او اثنان الى القبر ولم ينكر عليه احد بمحظر جماعة من اهل المدينة وقع له العلم بان الذي ارشده اليه هو قبر النبي صلى الله عليه وسلم ولو لم يقع العلم بذلك الا لمن اخبره جماعة اهل المدينة لعدمه العالمون بذلك. فان هذا مما يتعذر وجوده يقول واما مسألة الصاع فابين في التواتر من ان تحتاج الى تمثيل او برهان او دليل. فهذا وما شابهه هو الذي احتج به ما لك من اجماع اهل المدينة. وطريقه بالمدينة طريق التواتر. ولا يجوز ان يعارض الخبر المتواتر بخبر احد فاحتجاج مالك رحمه الله باقوال اهل المدينة على هذا الوجه ولو اتفقا ان يكون لسائر بلادي نقل يساوي نقل المدينة في مسألة من المسائل لكان ايضا حجة. يقول لو لكن ما حصل هذا ولا يوجد هذا في بلد غير المدينة. فلو قال قائل فمكة الجواب ان مكة من بعد الهجرة لم تظفر ولم تحظى باثار النبوة والوحي والتشريع كما ظفرت به المدينة. وايظا اهل مكة ليسوا في صحبتهم لرسول الله عليه الصلاة والسلام. اقصد ممن اقام بمكة لو استوطنها ليست صحبتهم ونقلون الرواية وحملهم للدين كما هو شأن اهل المدينة من بعد الهجرة. يقول ولو ولو اتفق ان يكون لسائر البلاد نقل يساوي نقل المدينة في مسألة من المسائل لكان ايضا حجة ومقدما على اخبار الاحاد وانما نسب هذا الى المدينة لانه موجود فيها دون غيرها. هذه نقطة يقول رحمه الله والظرب الثاني من اقوال اهل المدينة ما نقلوه من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم من طريق الاحاد او ما ادركوه بالاستنباط والاجتهاد. هذا يحرر الان ابو الوليد الباجي. هذا النوع ليس اهل المدينة في حجة على غيرهم لانهم ينقلون رواية احاد وغيرهم ينقلها ايضا احد. واذا كانت اجتهادا واستنباطا فغيرهم ايضا يجتهد ويستنبط ليسوا حجة على غيرهم. يقول فهذا لا فرق فيه بين علماء المدينة وعلماء غيرهم. في ان المصير منه الى ما عضده الدليل والترجيح. ولذلك خالف ما لك في مسائل عدة اقوال اهل المدينة مالك نفسه في بعض مسائل الاجتهاد اراء شيوخه في المدينة وفقهاء المدينة. ما هذا؟ هل تعتبر هذا تناقضا من مالك؟ تارة يقول هذا ما وجدنا عليه العمل. وتارة يخالف برأيي لا هو يفرق بينما كان سبيله النقل المتصل بالعمل وما كان سبيله. الرواية بالاحاد او الاجتهاد والاستنباط يقول ولذلك خالف مالك في مسائل عدة اقوال اهل المدينة. هذا مذهب مالك في هذه المسألة. وبه قال محقق اصحابنا كابي بكر الابهري وغيره وقال به ابو بكر وابن القصار وابو تمام وهو الصحيح. قال رحمه الله وقد ذهب جماعة من من ينتحل مذهب مالك ممن لم يمعن النظر في هذا الباب الى ان اجماع اهل المدينة حجة فيما طريقه لاجتهاد يقول حتى هذا النوع بعض من لم يمعن كما قال ومن لم يحقق ايضا جعل هذا حجة قالوا وبه قال اكثر المغاربة. يقصد بالمغاربة عادة مصر ومن ورائهم لان المشارق هم فقهاء الشام والعراق والمغاربة من مصر فمن يليه من بلاد شمال افريقيا ثم ساق رحمه الله جملة من الاستدلالات. انا انتقل الى قوله ومما يبين صحة ما ذهبنا اليه في ذلك ان شاء الله. ان مالكا لم يحتج بذلك الا في المواضع التي طريقها النقل. هو يقول تصفحنا احتجاجات مالك. فوجدنا المسائل التي احتج فيها بعمل اهل المدينة كلها مسائل من هذا النوع طريقها النقل فاحتج بها على ابي يوسف في صحة الوقف وقال له هذه اوقاف رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدقاته ينقلها الخلف عن السلف. فرجع ابو يوسف عن موافقة ابي حنيفة في الى موافقة مالك ونظره في الصاع ايضا فاحتج عليه ما لك بنقل اهل المدينة للصاع وان الخلف عن السلف ان هذا الصاع الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يغير ولم يبدل. فرجع ابو يوسف الى مذهب مالك في ذلك وناظر مالك بعظ من احتج عليه في الاذان باذان بلال بالكوفة. فقال مالك رحمه الله ما ادري ما اذان يوم ولا اذان صلاة. يعني تحتج علي باذان سمعتم من بلال في كوفة هناك يوما او يومين او صلاة او صلاتين يقول مالك رحمه الله ما ادري ما اذان يوم ولا اذان صلاة هذا مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤذن فيه من عهده الى اليوم لم يحفظ عن احد انكار على مؤذن فيه ولا نسبته الى تغيير. ارأيت كيف الاستدلال؟ ولهذا الباجي وهذا لعمري من اقوى الادلة. ومما لا يعارض باخبار الاحاد. لان الاذان في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم امر متصل في وقت كل صلاة واهل المدينة هم اليوم الذين كانوا بالامس وعلموا صفة الاذان. فاذا اذن مؤذن اليوم ولم ينكر احد اذانه ولا نسبه الى تغيير علم ولا نسبه الى تغيير علم ان اذانه اليوم كاذانه بالامس. لانه يستحيل ان تغير الاذان فيتفق العدد الكثير والجم الغفير على ترك الانكار عليه. ولو جاز ان يتفقوا على ذلك. شف هذا ايضا من الالزامات المفحمة. ولو جاز ان يتفقوا على ذلك يعني على حدوث تغيير وعدم انكارهم. لجاز ان يتفقوا على ترك التكذيب لمن بدل قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وغير مسجده وعدل بالناس الى غيره واخفى كثيرا من مذهبه. واذا استحال ذلك استحال هذا ايضا قال ويستحيل ايضا ان يتفق العدد الكثير والجم الغفير على نسيان الاذان من وقت صلاة الى وقت صلاة. فثبت بذلك ان ان الاذان الذي كان فيه بالامس هو الاذان الذي كان فيه اليوم. اذا لم يظهر له منكر الى ان وصل الى زمن ما لك رحمه الله. اخيرا يقول وقد روى اسماعيل ابن اويس رحمه الله. اسماعيل بن اويس هذا ابن اخت الامام ما لك. وزوج بنته. اذا ما لك خاله. قد روى اسماعيل ابن وابي اويس رحمه الله عن مالك بيان قوله الامر المجتمع عليه عندنا. هذه عبارة تجدها كثيرا عند مالك في الموطأ في بعض روايات مدونة تأتي هذه في العبارات يقول الامر المجتمع عليه عندنا. اسماعيل ابن اخت الامام مالك سأل خاله عن هذه العبارة انت ماذا تقصد؟ الامر المجتمع عليه عندنا. قال سأله فقال اسماعيل سألت خالي مالكا رحمة الله عليه عن قوله في الموطأ الامر المجتمع عليه والامر عندنا ففسره لي فقال اما قولي الامر المجتمع عليه عندنا اي الذي لا خلاف فيه. فهذا ما لا اختلاف فيه قديما ولا حديثا. واما قولي الامر المجتمع عليه فهو الذي اجتمع اعليه من ارضى من اهل العلم واقتدي به. وان كان فيه بعض الخلاف. واما قولي الامر عندنا وسمعت بعض اهل العلم فهو قول من ارتضيه واقتدي به وما اخترته من قول بعضهم. هذه عبارات دقيقة واصطلاحات ابانا فيها مالك رحمه الله عن مراده هو فاذا قال الامر المجتمع عليه عندنا فهذا اقوى ما يحتج به ويعتبره من نقل الجيل بعد الجيل. هذا معنى قول مالك دون لفظه وتنزيل مالك لهذه الالفاظ على هذا الوجه وترتيبها مع تقاربها في الالفاظ يدل على ما تجوزه في العبارة وانه يطلق لفظ اجماع وانما يريد به ترجيح ما يميل اليه من المذهب. الى ان قال في اخر جملتين على انه لم يحفظ عنه من طريق ولا وجه. من يقصد؟ يقول غير انه لم يحفظ عنه من طريق ولا وجه. ان اهل المدينة فيما طريقه لاجتهاد حجة عنده. يقول هذا ما نقل عن مالك ولم يحفظ ولم يروى عنه. فهو ينكر على متأخر اصحاب ما لك تقرير هذا ونسبته الى مالك. قال وقد يورد الفصل في كتابه وان لم يكن قائلا به. ولكن على معنى ان يورد اقاويل الى الناس وجمل الكلام. ختم بهذه الجملة رحمه الله ما اورده فيما يتعلق باجماع اهل المدينة او عمل اهل المدينة. جاء الاصوليون من بعد فمن وقف على هذا التحرير اقر به ورأى انه الصواب الذي يصوغ فيه لمن يحتج به. غير ان نقل بعض متأخري ما لك اطلاق الاحتجاج بعمل اهل المدينة. فيما نقل رواية وفيما استنبط اجتهادا هو الذي هو الذي ان قل قوى الخلاف بين المذاهب وجعل المسألة دائما ترد في كتب الاصول على وجه الرفض والاستبشاع والرد والانكار. ولو اقتصروا على هذا القدر الذي حققه الباجل كان كافيا واظنه سيكون ايضا مقبولا في الاحتجاج والنزاع. ولهذا فمن من جميل رسائل شيخ الاسلام ابن تيمية رسالة له سماها صحة صحة اصول اهل المدينة. وبعضها تسميها صحة العمل او عمل اهل المدينة. رجح فيه رحمه الله ان هذا هو الصواب. ان ما احتج به ما لك من العمل من عمل اهل المدينة بهذا التحرير وبهذا التمثيل هو الصواب الذي لا ينبغي العدول عنه. ورجحه في رسالة صغيرة مطبوعة مستقلة ومطبوعة ضمن مجموع الفتاوى. بعض الرسائل المعاصرة ولا اقصد يعني اقصد الرسائل الجامعية اختصت هذه المسألة بدراسة فعمدت الى حصر جميع المسائل التي احتج فيها مالك رحمه الله بعمل اهل المدينة ومحاولة تنزيله على هذه الاصول وثبت ايضا بالدراسة ان المسألة ليست مطلقة وان كل ما يروى عن اهل المدينة ويحتج انباطا واجتهادا ورواية يحتج به لكن فعلا ثبتت انها هي هذه المسائل فتحرر بهذا مذهب مالك رحمه الله. كانت مسألة اردنا الوقوف عندها وقراءة ما ورد فيها عند محقق احد محقق مذهب الامام مالك رحمه الله والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين