بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. والصلاة والسلام على عبد الله رسوله سيدنا ونبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن والاه اما بعد. فلا يزال استعراضنا لهذه الموضوعات الاصولية في كل لقاء انطلاقا من الاتيان على بعض الابواب والمسائل التي لم ينتظمها رسالة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمة الله عليه وقد تقدم في اللقائين السابقين الحديث في اولهما عن دلالة المنطوق والمفهوم انواعها وشروطها وكان في الثاني منهما الحديث عما تناولناه من الاحتجاج بعمل اهل المدينة عند الامام مالك رحمه الله لقاء الليلة سيتناول موضوعا ثالثا ايضا مما لم تنتظمه رسالة الشيخ رحمة الله عليه اه حديثنا الليلة او درس الليلة هو تقسيم دلالات الالفاظ على طريقة الحنفية او مذهب الحنفية. فتقسيم الالفاظ عند الجمهور كما مر بكم ينقسم باعتبارات متعددة كان اهمها الحديث عن تقسيم دلالة الالفاظ باعتبار الوضوح والخفاء وانها تنقسم كما مر بكم الى مجمل وظاهر ومؤول ونص باعتبار الوضوح والخفاء فما خفي انا مجملا فان اتضح مع الاحتمال كان ظاهرا وينصرف عن الظاهر بقرينة او بدليل ويسمى مؤولا وان كان واضحا تمام الوضوح كان نصا. هذه الطريقة التي استقرت في تقسيم الجمهور يقابلها تقسيم اخر على مذهب الحنفية. في دلالات الالفاظ احببت ان يكون لقاء الليلة ودرسنا متعلقا بهذا التقسيم عند الحنفية وعرض ما تناولوه في هذا التقسيم لسببين اثنين اولهما ان هذا تقسيم معتبر في اصول الحنفية والاطلاع عليه مفيد ومهم. والسبب ان بعض الاصطلاحات في هذا التقسيم ايضا توافق في التسمية بعض الاطلاقات والاصطلاحات على طريقة الجمهور. فلان لا يحدث تداخل عند طالب العلم وقد درس شيئا من الاصطلاحات وقد درست دلالة النص مثلا ودلالة الظاهر ودلالة المؤول بمعان والمصطلحات المعينة فيشكل ربما يشكل على طالب العلم ان هذه الاصطلاحات نفسها تقول دلالة النص تطلق عند الحنفية ولكن بمعنى اخر وبمصطلح اخر. فما لم يميز طالب العلم اطلاق الجمهور واطلاق الحنفية لهذه الدلالات من الالفاظ ربما وقع في اشكال او ربما قرأ في بعض كتب الحنفية شيئا من هذه الاصطلاحات فحملها على معنى ما فهمه عند جمهور وليس الامر كذلك. سنقرأ مواطن من تقسيم دلالات الالفاظ واصطلاحاتها والمعاني المرادة منها. كما ساقه اه الامام عبدالعزيز البخاري رحمه الله صاحب كشف الاسرار. كتاب كشف الاسرار شرح فيه البخاري اصول فخر الاسلام البزدوي ومختصر البزدوي في الاصول الفقه عند الحنفية هو احد المتون المعتبرة عند المتقدمين من الحنفية. ولهذا كثرت شروحه اقتنى به الحنفية جدا حتى جاء كتاب منار الانوار للامام النسفي وهو آآ مقارب جدا في وتقسيمه ومضمونه لاصول فخر الاسلام البزدوي. فلما جاء منار الانوار عند المتأخرين من الحنفية صار العمل عليه واقبال شراح ايضا عليه فهما متنان من المتون المختصرة هي محل عناية الحنفية ومحل اعتبار كتب الاصول عندهم اصول فخر الاسلام ذوي واصول المنار للنسفي رحم الله الجميع. كتاب كشف الاسرار للبخاري هو شرح على اصول فخر الاسلام البزدوي وللتقييد فان عند الحنفية في كتب الاصول كتابان كل منهما يسمى كشف الاسرار. واذا قيل كتاب كشف الاسرار او عزي اليه فلا بد من تقييد الكتاب ليعلم المراد به. وايضا وجه الاشكال ان كلا من كشف الاسرار الاول والثاني شرح على هذه المتون المختصرة المعتمدة. فكشف الاسرار الاول لعبدالعزيز البخاري هو شرح على اصول فخر الاسلام البزدوي. وكشف القرار الثاني هو شرح على منار الانوار للنسف وصاحبه الامام النسفي نفسه فانه صنف المنار ثم وضع عليه كشف الاسرار في طرح منار الانوار فاذا قيل كشف الاسرار لا بد ان يقيد فاما ان تقول للبخاري او تقول للنسفي فالذي سنقرأ منه الليلة هو كشف الاسرار بخاري وبالتالي هو شرح على اصول فخر الاسلام للبزدوي رحم الله الجميع. اه في تقسيم الكلام انا سأقرأ البجداوي دون التعرض لما اورده الشاري عبدالعزيز البخاري لانه اقرب والمقصود الاتيان على التقسيم. فانتبه معي كيف تعامل الحنفية مع دلالات الالفاظ وكيف قسموها؟ ولهم فيهم تقسيم بديع ومأخذ لا يوجد مثله عند الجمهور. يقول الامام البزدوي رحمه الله وانما تعرف احكام الشرع بمعرفة اقسام النظم والمعنى. شيء عندهم يسموه النظم وشيء يسمونه المعنى. يقصدون بالنظم سياق اللفظ. في النصوص الشرعية في الكتاب والسنة. يعني الجملة في سياقها والكلمة ايضا في الجملة يسمونها النظم. فيقسمون التعامل مع النصوص الشرعية قسمين. تعامل مع النظم وتعامل مع المعنى يقول رحمه الله وانما تعرف احكام الشرع بمعرفة اقسام النظم والمعنى. طيب وما هي اقسام نظموا المعنى قال وذلك اربعة اقسام. يرجع الى معرفة احكام الشرع. القسم الاول في وجوه النظم القسم الاول في وجوه النظم صيغة ولغة. والقسم الثاني في وجوه البيان بذلك النظم والقسم الثالث في وجوه استعمال ذلك النظم وجريانه في باب البيان. تابع التقسيم معي مرة اخرى يقول القسم الاول في وجوه النظم صيغة ولغة. يعني ما هي الصيغ التي تأتي عليها النصوص الشرعية؟ من ناحية الطياغة واللغة فقط يقسمونها الى اقسام سيأتي ذكرها الان. لكن لما يقسمون التعامل مع النصوص الشرعية يقولون القسم الاول في وجوه النظم صيغة ولغة. الثاني ما هو؟ قال في وجوه البيان بذلك النظم. في وجوه البيان الطريقة التي يقع بها البيان بهذا النظم والتركيب الذي حصل. القسم الثالث في وجوه استعمال ذلك البيان ريانه في باب البيان. كيف تستعمل ذلك البيان باقسامه؟ باستنباط المعاني. قال والرابع في معرفة وجوه الوقوف على المراد والمعاني على حسب الوسع والامكان واصابة التوفيق. هذا التقسيم اجمالي وخذ التفصيل الان. قال اما القسم الاول ما هو؟ في وجوه النظم صيغة ولغة. قال فاربعة اوجه. الخاص والعام والمشترك والمؤول. شوف هذا تقسيم مغاير تماما لطريقة الجمهور. القسم الاول الذي هو في وجوه النظم صيغة ولغة يقول اربعة انواع. الخاص والعام والمشترك والمؤول. والقسم الثاني ما هو في وجوه البيان بذلك النبض. قال القسم الثاني اربعة اوجه ايضا. الظاهر والنص والمفسر والمحكم يشترك معك ها هنا مصطلحان جاء مثلها ما عندهم جمهور. النص والظاهر لكني معنى المراد به هنا عندهم يختلف عن المعنى المراد عند الجمهور. اذا القسم الثاني في معرفة وجوه البيان بذلك النبض قال اربعة اوجهين ايضا الظاهر والنص والمفسر والمحكم. وانما يتحقق معرفة هذه الاقسام الاربعة ما هي؟ الظاهر والنص والمفسر والمحكم. انما يتحقق معرفة هذه الاقسام باربعة اخرى في مقابلته كل مصطلح يقابله مصطلح. الخفي والمشكل والمشكل والمجمل والمتشابه. اربع مقابل اربعة الخفي والمشكل والمجمل والمتشابه. وستوزع الاربع على اربعة السابقة فالخفيف في مقابل ممتاز الظاهر والمشكل في مقابل النص والمجمل في مقابل المفسر والمتشابه في مقابل جيد كل هذا الاربعة اوجه والاربعة الاوجه المقابلة لها هي اقسام ماذا وجوه البيان بذلك النبض. طيب نأتي للقسم الثالث الذي سماه وجوه استعمال ذلك بيان وجريانه في باب البيان. قالوا القسم الثالث اربعة اوجه ايضا. الحقيقة والمجاز والصريح والكناية تلاحظن اصطلاحات بلاغية خالصة في علم البيان. الحقيقة والمجاز والصريح والكناية. هذي اربعة اوجه تتعلق بالقسم الثالث الذي هو وجوه استعمال ذلك البيان وجريانه في باب البيان ومن اسمها البيان فجاءت الاصطلاحات بيانية من علم البيان. والقسم الرابع ما هو؟ في معرفة في معرفة وجوه الوقوف على المراد المعاني قال والقسم الرابع اربعة اوجه ايضا. الاستدلال بعبارته وباشارته وبدلالته وباقتضائه قال القسم الرابع اربعة اوجه ايضا الاستدلال بعبارته بعبارة النص وباشارته باشارة النص بدلالته دلالة النص باقتضائه باقتضاء النص. عندهم اربعة اوجه لمعرفة الوقوف على المراد الاستدلال بالعبارة وبالاشارة وبالدلالة وبالاقتضاء. ويختصرها الحنفية فيقولون العبارة الاشارة الدلالة الاقتضاء. او يقولون دلالة اقتضاء دلالة العبارة دلالة الاشارة دلالة الدلالة. فهذه اربعة مصطلحات يقابلها شيء من الاصطلاحات التي مرت عند الجمهور كما سيأتيك تعريف الان والمثال لكل واحد من هذه. قال وبعد معرفة هذه الاقسام قسم خامس وهو وجوه اربعة ايضا معرفة مواضعها معانيها وترتيبها واحكامها. الان الذي يهمنا من هذا التقسيم الرباعي الان تقسيم رباعي. والرباعي انقسم الى رباعي ايضا كل قسم انقسم الى اربعة فمعرفة الوجوه هذه كلها يهمنا منها تقسيمان اثنان ساتي الى ذكرها الان لكن ساورد عليك الان خاتمة هذا التقسيم الاجمالي الذي سيشرع بعده البزدوي في التفصيل. اسمع ماذا قال. قال واصل الشرع هو الكتاب والسنة. فلا يحل لاحد ان يقصر في هذا الاصل. بل يلزمه محافظة النظم ومعرفة اقسامه ومعانيه مفتقرا الى الله تعالى مستعينا به راجيا ان يوفقه بفضله. كلام رائع وهو مربط الفرس الحقيقة لكل طالب علم يبتغي فهم المراد عن الله وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذا قمة الشرف انت تتهيأ وبهذا العلم بان تتبوأ هذا المنصب الشريف ان تكون امرأ مكلفا مسلما يعقل عن الله مراده ومراد رسوله عليه الصلاة والسلام. ولهذا هو قال لك المسألة تتوقف على عاملين اثنين. احدهما عنايتك بهذا الاصل واهتمامك به ومعرفتك لتقسيمات النظم والدلالة على المعاني وكيف تتعامل معها؟ والعامل الثاني الذي تفتقر اليه ما هو؟ هو توفيق الله و وعونه. ولهذا قال مفتقرا الى الله تعالى مستعينا به راجيا ان يوفقه بفضله. وقد اصاب رحمه الله فلن عبد في مثل هذا المطلب الشريف الجليل الا بهذين الاثنين. ان يأخذ المسألة بحقها في جد ويجتهد ويتعب وينصب في ادراك العلم وتحقيقه وان يكون من الحذاق وان يتقن فيه وان يبرع. والعامل الاول مقدم ومتابع لاحق وهو توفيق الله والتماس الفضل منه. الافتقار اليه ودعاؤه والتضرع اليه سبحانه وتعالى. ان يفتح على العبد لان هذا علم والعلم هبة يؤتيها الله عز وجل وباب من فضله يفتحه على من يشاء من عباده. ثم هو ليس علما فحسب. بل هو اشرف مراتب العلم واجلى مقاصده واسمى مراتبه ان يتبوأ الطالب العلم هذه المرتبة الشريفة. اذا هو احرى ان يكون من توفيق الله عز وجل وفضله على من يشاء من عباده. هذا التقسيم الرباعي انا ساتجاوز فيه القسم الاول. وسأنتقل الى التقسيم الثاني تقسيم وجوه البيان الظاهر والنص والمفسر والمحكم وما يقابله الخفي والمشكل والمجمل والمتشابه لانتقل بعده للقسم الثالث عفوا الذي هو دلالة الاشارة والاقتضاء والعبارة. يقول رحمه الله تعالى وهو يتحدث عن القسم الثاني الذي هو معرفة وجوه البيان بذلك النظم يقول رحمه الله تعالى واما القسم الثاني انظر كيف قسم ظاهر ثم بعده ماذا قال؟ النص ثم المفسر ثم هذا الترتيب حفظك الله عند الحنفية هو من الاضعف الى الاقوى. ومن الادنى الى اعلى هذا الترتيب ظاهر نص مفسر محكم هو الانتقال من الاضعف الى الاقوى. اذا ايهما عندهم دلالة الظاهر او النص ايهما اقوى النص او المفسر؟ ايهما اقوى المفسر ام المحكم؟ طيب اسمع للتفريق وانت لاحظ ان الجمهور اقوى المراتب ما هو؟ النص. لكن عند الحنفية هو الثالث في الترتيب. يعني فوقه مرتبتان. لكن طريقة التقسيم ومأخذ التقسيم عندهم مختلف. قال رحمه الله فان الظاهر اسم لكل كلام ظهر المراد به سامع بصيغته. كل كلام ظهر المراد به للسامع بصيغته مثل قوله تعالى فانكحوا ما طاب لكم كن من النساء فانه ظاهر في ماذا؟ في ماذا؟ في الاباحة. قال فانه ظاهر في الاطلاق. يعني اطلاق الاذن والاباحة. وقوله تعالى واحل الله البيع ظاهر في ماذا؟ في اباحة البيع. قال هذا ظاهر في الاحلال واضح؟ هذا الظاهر عندهم. قال واما النص فما ازداد وضوحا على الظاهر بمعنى من المتكلم لا في نفس الصيغة. مأخوذ من قولهم نصصت الدابة اذا استخرجت اذا استخرجت منها سيرا فوق سيرها المعتاد. وسمي مجلس العروس منصة لانه ازداد ظهورا على سائر المجالس بفضل تكلف اتصل به خذ المثال قال مثاله قوله تعالى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فانكحوا ما لكم قلنا ايش؟ ظاهر في الاباحة. قال فان هذا ظاهر في الاطلاق نص في بيان العدد اذا الاية فيها دلالتان من حيث الاباحة هو ظاهر. ظهر للسامع بمجرد الصيغة. لكن لما قال مثنى وثلاثة ورباع تحديد العدد يقول هذا ازداد وضوحا فهو مرتبة فوق الظاهر. حدد العدد بصيغة لا تحتمل الا البيان. فيعتبرون النص اقوى من الظاهر. اسمع ماذا يقول يقول فان هذا ظاهر في الاطلاق نص في بيان العدد. ليش نص في العدد؟ قال لانه سيق الكلام للعدد. وقصد به ظهورا على الاول بان قصد به وسيق لها. مثال اخر ومثله قوله تعالى واحل الله البيع وحرم الربا قلنا ظاهر في ماذا؟ ظاهر في جواز البيع اذا نص في ماذا؟ لا لو قلت محرم الربا هو ايضا ظاهر في تحريم الربا نص في ماذا؟ خلاص حل البيع ظاهر. ها قاربت نص في ماذا؟ ها؟ ان الربا لا يعد بيعا. في التفريق بين البيع والربا. اسمع ماذا يقول قال واحل الله البيع وحرم الربا فانه ظاهر للتحليل والتحريم. تحليل ماذا وتحريم ماذا؟ تحرير البيع وتحريم الربا نص للفصل بين البيع والربا لانه سيق الكلام لاجله. ذلك بانهم قالوا انما البيع مثل الربا الاتي رد على هذه التسوية. اذا الكلام سيق ابتداء لاي شيء. لبيان الفرق بين البيع والربا وانهما ليسا سواء. لما قالوا احل الله البيع وحرم الربا استفدت شيئين. الشيء الاول النص على تحليل البيع وتحريم الربا يقول هذا ظاهر لكن ليس والمقصود الاول في الجملة القرآنية. المقصود الاول ما هو؟ التفريق بين البيع والربا ردا على مزاعم العرب في التسوية بينهما. يقول فان هذا نص للفصل بين البيع والربا لانه سيق الكلام لاجله. فازداد وضوحا بمعنى من المتكلم لا بمعنى في صيغته. الان تركت الظاهر والنص وهما متقاربان لكن ايهما اقوى؟ النص قال حكم الاول ما هو؟ الظاهر ثبوت من وما هو يقينا وكذلك الثاني. يعني كله من الظاهر والنص يثبت بيقين ما دل عليه. الا ان هذا عند اه روظي اولى منه ما هو؟ النص وحكم الاول ثبوت ما انتظمه يقينا وكذلك الثاني. اذا التسوية بينهما في الحكم لكن عند الترجيح عند المعارضة فان دلالة النص عندهم اقوى من دلالة الظاهر. والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين