فصل ينبغي ان يكون اعتناؤه بقراءة القرآن في الليل اكثر. هذا الفصل خص به المصنف وهو لا يزال الان في اداب حامل قرآن سواء كان معلما او متعلما يقال يا صاحب القرآن هذه من اعظم الوصايا هذا الفصل الجليل بنصوصه الاتية واثاره المروية فيه هي والله نصائح غالية. وهي اثمن اثمن وانفس ما ينصح ويهمس به في اذن صاحبه القرآن المحافظة على قراءة القرآن بالليل. وكان مشايخنا لا يزالون يقولون لا شيء انفع لحافظ القرآن في تثبيت حفظه من كثرة قراءته. هذه القاعدة ثم يقولون كالتالي فاعظم ما يكون في تثبيت حفظه لقراءته وتكراره ان يقرأه على من يسمع له قرينا كان او صاحبا او استاذا فقرائته على من يستمع اليه اثبت لحفظه من قراءته لوحده ثم امامته بما يقرأ في الصلاة انفع له من قراءته على من يستمع اليه اما القيام به في قيام الليل فهو انفع واكد واثبت من ذلك كله. لا شيء اعون لحامل القرآن على تثبيت حفظه من قراءته له في قيام الليل. ولو قل ولو كانت ركعتين ولو قرأ فيهما صفحات وايات معدودات لكنها تثبيت عظيم بما يحفظه حافظ القرآن من القرآن. فخص المصنف رحمه الله هذا الفصل لهذا التوجيه الرباني الكريم في العناية بقيام الليل. ينبغي ينبغي ان يكون اعتناؤه بقراءة القرآن في الليل وفي صلاة الليل اكثر قال الله تعالى من اهل الكتاب امة قائمة يتلون ايات الله اناء الليل وهم يسجدون يؤمنون يؤمنون بالله واليوم الاخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات واولئك من الصالحين. وثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه انه قال نعم الرجل عبد الله لو كان نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي ما الليل. من عبد الله؟ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في قصته لما بات ليلة في المسجد فرأى رؤيا فجاء فقصها على اخته حفصة رضي الله عنها فقصتها حفصة ام المؤمنين رضي الله عنها على النبي صلى الله عليه وسلم. وكان فيها رؤياه رضي الله عنه لشيء يبعث على حسن ظن به فقال النبي عليه الصلاة والسلام معلقا على الرؤية التي قصتها اخته حفصة عليه قال نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي في الليل نقلت حفصة هذه الجملة الى اخيها. قالت يقول لك رسول الله عليه الصلاة والسلام نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي في الليل. فكان عبد الله بعد لا ينام من الليل الا قليلا. كيف؟ يسمع رسول الله يقول نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي في الليل. وفي الحديث هذا على لفظه امور عظيمة. نعم الرجل عبد الله لو كان ونعم الرجل انا وانت وثالثنا ورابعنا لو كان لنا مثل هذا نعم حافظ القرآن لو كان له ورده من الليل ونعم ما يكون لو خصه الله بهذا الشهر فحافظ هذا الالتزام بهذا المنهج والعناية بالليل للمسلم عموما شرف فكيف هو لصاحب القرآن؟ انتم يا اهل القرآن خصكم الله فجعل صدوركم مستودعا لكلامه وجعل فيها اياته وسوره فانتم والله احرى بهذا الشرف وانتم اقرب واخص بانكم تقرأون من صدوركم وتخرجون من اجوافكم كلام الله. فتنطلق به السنتكم وتحبر به وتتعطر به افواهكم والقرآن لا يزال جليسكم وانيسكم عامة نهاركم فاذا صففتم اقدامكم ووقفتم بين يدي لا في اي ساعة من ساعات الليل من عقب العشاء وسنته الى اذان الفجر. اي ركعتين تصليهما في تلك الساعات في اي دقيقة منها انت واقف فيها قيام ليل. قل او كثر طال او قصر. لكن اجعل هذا نصب عينيك لتظفر بهذا الشرف نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي في الليل. نعم وفي الحديث الاخر في الصحيح انه صلى الله عليه وسلم قال يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل ثم تركه. هذا ايضا التفات الى وصية اخرى لعبدالله بن عمرو بن العاص يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل ثم تركه تعريض بالنصيحة فيها لطف يعني لا يفوتك الشرف والاجر والخير فتغبن مثل فلان. ما الغبن الذي حصل لفلان فتأتي الوصية النبوية تقول يا عبد الله لا تكن مثل فلان. تدري ماذا حصل منه؟ كان يقوم الليل ثم تركه. تلك افة ذاك فوات وغبن فاياك ان يقع لك مثله. اظمم هذه الوصية الى تلك وكلا الحديثين في الصحيحين يخرج لك ان النبي عليه الصلاة والسلام عندما اراد ان يرعى في بعض فتية الصحابة وشبابهم النشأة الايمانية الطاهرة والقوة يرتبطوا فيها بتثبيت اقدامهم على هذا الطريق ارشدهم الى هذا الباب وهو العناية بقيام الليل. وروى الطبراني وغيره عن ابن سعد رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال شرف المؤمن قيام الليل والاحاديث والاثار في هذا كثيرة. الحديث صحيح حسن بشواهده كما حكم عليه الالباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة. شرف المؤمن ليس المنصب الذي يتبوأه ولا الجاه الذي يحصله. ولا النسب الذي ينتسب اليه. شرف المؤمن قيام الليل عد نفسك ما شئت في المجتمع وحز ما شئت من فخار ومناصب والله لا شيء يعدل مثل قوله عليه الصلاة والسلام شرف المؤمنين قيام الليل. هذا وان قيل للمؤمنين عامة. فاهل القرآن وحفظته وحملته وقراؤه هم اولى الناس اسم الله بهذا الشرف هم اقرب اليه من غيرهم. ولهذا ما زالت الوصية لاهل القرآن ان يكون حظهم من هذا الباب اكثر من غيرهم في الامة على الاطلاق وقد جاء عن ابي الاحوص الجشمي قال ان كان الرجل ليطرق الفسطاط طروقا اي يأتيه ليلا فيسمع لاهله دويا كدويا النحل قال فما بال هؤلاء يأمنون ما كان ما كان اولئك يخافون. قال النووي رحمه الله ابو الاحوص بالحاء والصاد المهملتين واسمه عوف بن ما لك الجوشمي لضم الجيم وفتح الشين المعجمة منسوب الى جوشم جد قبيلة قال الفسطاط فيه ست لغات فسطاط وفسطاط بالتاء بدل الطاء. وفساق بتشديد السين والفاء فيهن مضمومة ومكسورة. يعني ثلاثة فسطاط وفسطاط وفساق كلها وبضم الفاء وتقول مثلها بالكسر فسقاط وفي الساق وفي الساق فست لغات قال والمراد به الخيمة والمنزل وقال ايضا رحمه الله فيسمع لاهله دويا الدوي بفتح الدال وكسر الواو وتشديد الياء صوت لا يفهم. جاء اعنى بالاحوص الجوشامي. قال ان كان الرجل ليطرق الفسطاط طرقا. يعني ربما كان الرجل العابر في قرية او مدينة او يأتي الفسطاط وهو الخيمة او المنزل او البيت من الشعر المنصوب. ياتي طرقا في الليل يأتي عابرا فيمر بالليل فيأتي الى ذاك المكان فيسمع لاهله لاهل الفسطاط. يسمع له دويا كدوي النحل. من اقترب من خلية نحل وصنع سمع صوت دوي النحل الذي هو نوع من الدوي وصوت متداخل لا يفهم منه شيء. قال كان ذلك بسبب قيامهم لليل وقراءتهم للقرآن. قال هذا كان شأنهم. من اتى ليلا الى فسطاط وخيمة وبيت شعر وجد اهله لهم دوي بالقرآن دوي النحل قال فما بال هؤلاء يعني في زمانه؟ فما بال هؤلاء يأمنون ما كان اولئك يخافون؟ يعني امنوا فناموا كأن الخوف الذي بعث اولئك قد انعدم عند هؤلاء. فيها التفاتة الى معنى انه لا شيء يعين على قيام الليل مثل احياء عبادة الخوف من الله في القلب. ولا شيء افوته يضعف ذلك ويزبله مثل الامن. والامن من مكر الله مذموم في الكتاب وفي فاذا امن العبد ركن الى الدعة والخمول وعدم النشاط في الطاعة. نعم وعن ابراهيم النخعي قال قال النخاعي بفتح النون والخاء منسوب الى النخاع جد قبيلة. وهو من كبار السلف وفقهاء التابعين كان يقال اقرؤوا من الليل ولو حلب شاة. يقول ابراهيم النخعي كان يقال يعني يذكرها مقولة متداولة في زمانهم واذا كان زمن ابراهيم النخعي زمن اتباع التابعين في كبارهم او صغار التابعين فاذا قال كان يقال فيذكره من ابناء جيله وزمنه وهو زمن اواخر الصحابة مثلا او بداية التابعين كان يقال اقرأوا من الليل ولو حلب شاة يعني اجعل لك نصيبا من الليل تقرأ فيه القرآن ولو قدرا يسيرا بمقدار حلب الشاة. وحلب الشاة ما يتجاوز دقائق يقول اقرأوا من الليل ولو حلب شاة. وعن يزيد الرق وعن يزيد الرقاشي قال النووي الرقاشي بفتح الراء وتخفيفه في القاف وقال حلب شاة بفتح اللام ويجوز اسكانها في لغة قليلة. نعم اذا انا نمت ثم استيقظت ثم نمت فلا نامت عيناي. يقول يزيدني الرقاشي. اذا انا نمت في اول الليل ثم استيقظت استيقظ لاي سبب كان ثم نمت يعني لم اجعل قيامي من نومتي في الليل ذهابا الى حرام وقوفا بين يدي الله والصلاة ولو ركعتين. يقول اذا انا نمت ثم استيقظت ثم نمت فلا نامت عيناي. يعني كما نقول بالعامية عساني لا نمت ان كان هذا عودة لي الى الفراش فلا اظهر من الليل ولا بركعتين ولا بمقدار يسير ولا بايتين قل الا نمت او فلا نامت عيناي اشارة الى التشديد في هذه المسألة عندهم باعتباره اصلا عظيما حقيقة لا يعدل عنه ولا يفوته الا من فاته حظه وخير عظيم في دنياه قبل اخراه قلت وانما رجحت صلاة الليل وقراءته لكونها اجمع للقلب وابعد من الشاغلات والملهيات والتصرف في الحاجات واصون من الرياء وغيره من المحبطات مع ما جاء مع ما جاء الشرع به من ايجاد الخيرات في الليل. فان الاسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم كان ليلا. يقول النووي رحمه الله ان في الليل خصوصا بركات لا توجد في غيرها. ذكر منها ثلاثة اشياء انها اجمع للقلب وابعد من الشواغل يقول الله سبحانه وتعالى ان ناشئة الليل هي اشد وطئا واقوم قيلا. ان لك في النهار طويلا فخص الليل فهو فعلا ابعد عن الشواغل. والامر الثاني قال اصون من الرياء وغيره من المحبطات. حيث يختلي الانسان في داره فلا هو في المسجد ولا امام الناس ولا في المجامع. والامر الثالث قال ما جاء به الشرع من فضائل الليل. فالاسراء كان ليلا وساعة الاجابة تكون ليلا والنزول الالهي يكون ليلا وفيه اورد النصوص التالية. فان الاسراء كان ليلا. ما الدليل ما الدليل؟ سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام. نعم. وحديث ينزل ربكم كل ليلة الى سماء الدنيا حين يمضي شطر الليل فيقول هل من داع فاستجيب له؟ الحديث الحديث في الصحيحين وهو ايضا اشارة الى شرف الليل نزول رب النزول الالهي الكريم. وفي الصحيح ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الليل ساعة يستجاب فيها الدعاء كل ليلة حديث عند مسلم ولفظه من رواية جابر رضي الله عنه ان في الليل لساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله خيرا من امر الدنيا والاخرة الا اعطاه اياه وذلك كل ليلة. هذا لفظ مسلم وهو اشارة ايضا الى كشرف الليل وخصوصيته بهذه الكرامة الربانية وروى صاحب بهجة الاسفار باسناده عن سلمان الانماطي قال رأيت علي ابن ابي طالب رضي الله عنه في المنام يقول لولا الذين لهم ورد يقومون واخرون لهم سرد يصومون لدكدكت ارضكم من تحتكم سحرا لانكم قوم سوء لا تطيعونه. واعلم ان فضيلة القيام بالليل والقراءة فيه تحصل بالقليل والكثير. وكلما كثر كان افضل الا ان يستوعب الليل فانه مكروه الدوام عليه والا ان يضر بنفسه. نعم. كلما كثر حظ العبد من قيام الليل كان افضل. فخمس دقائق خير من دقيقتين ونصف ساعة من عشر دقائق وساعة خير كلما زاد كان افضل. ومن قرأ من القرآن عشر ايات في الليلة خير من لا شيء. وخمسون اية خير من عشر ايات والمئة خير وكلما زاد كان افضل الا في حالتين. تكون الزيادة في قيام الليل افضل الا في حالتين ان يستوعب الليل فانه يكره الدوام عليه. قم الليل الا قليلا نصفه او انقص منه قليلا او زد عليه ورتل قرآن ترتيلا. اما احياء الليل كله على الدوام فخلاف السنة ولما جاءت ثلاثة النفر الى ازواج النبي عليه الصلاة والسلام فسألوا عن عمله فاخبروا فكأنهم تقالوها. قال احدهم انا اما انا فاقوم ولا ارقد. يعني يقوم الليل كله. جاء التعليق نبوي من رغب عن سنتي فليس مني. فاذا هذا خلاف الهدي. لاحظ قال فانه يكره الدوام عليه. يعني من كان هذا هديه دائما لكن من جاء الى رمضان والعشر الاواخر خاصة. فاحيا الليل كله فليس مخالفا للهدي النبوي. لانها في بعض الاوقات تكون وفق هديه عليه الصلاة والسلام. والحالة الثانية التي لا يكون فيها الاكثار من قيام الليل افضل. قال ان يضر لنفسه ووجه الظرر ان يكون مريضا يتأذى وهو بحاجة الى راحة في شق على نفسه مشقة يفقد معها النشاط والطاعة الصحة والعافية بعدها اياما يقال له ارفق بنفسك ان تقوم نصف ساعة ثم تنام لمرضك وحاجتك وتعبك وارهاقك خير لك من ان تقوم ثلاث ساعات ثم انت تمرض يومين ثلاثة ايام متتابعات. او ان يكون له تعب وارهاق ونوم شديد. ثم يبغض ويواصلوا ويصروا على استمرار القيام رغم ما هو فيه من التعب والنعاس فيذهب يخلط في القراءة لا يعي ما يقول. فخلاف ذلك يبقى الأمر على قاعدته كلما كان اكثر كان افضل. ومما يدل على حصوله بالقليل على حصول ماذا على حصول القيام وفضله في الليل ولو بالقليل. حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قام بعشر ايات لم يكتب من الغافلين. ومن قام بمئة اية كتب من القانطين. ومن قام بالف اية كتب من المقنطرين رواه ابو داوود وغيره. والحديث ايضا صححه الامام الالباني رحمه الله تعالى بشواهده في السلسلة الصحيحة. وهو الحقيقة من من اكثر المرغبات لقيام الليل بقليله وكثيره. من قام بعشر ايات تدرون ما عشر ان تقرأ بعد الفاتحة سورة الفلق في ركعة وسورة الناس في الركعة الثانية هذه احدى عشرة اية. من قرأ بعشر ايات من بعشر ايات لم يكتب من الغافلين. هذا ادنى ما يكون يقوم به المؤمن ركعتين في الليل قبل ان ينام او بعد ان يستيقظ قبل الفجر عشر ايات يكفيك من فضلها انك تخرج من وصف الغفلة. لم يكتب من الغافلين ثم اتى بالمرتبة الثانية ومن قام بمائة اية كتب من القانطين. القنوت لله ام من هو قانت اناء الليل ساجدا وقائما يحذر الاخرة. الذي جاء الثناء على على عباد الله تعالى به وعلى الصالحين في امتي انهم قانتون لله عز وجل. هذا وصفهم وادنى ذلك البلوغ الى مئة اية. اما المرتبة الثالثة قال وما من قام بالف اية كتب من المقنطرين. الذين حازوا القنطار من الاجر والقناطير المبلغ والمقدار العظيم الكبير جدا اعطي قنطارا من الاجر. وفي بعض الالفاظ لما بين القنطار قال مثل الجبل العظيم من الاجر والحسنات هذا بقراءته او بقيامه بالف اية من كتاب الله الكريم. نعم. وحكى الثعلبي عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال من صلى بالليل ركعتين فقد بات لله ساجدا وقائما. هذا المأثور عن ابن عباس رضي الله عنه ذكره الثعلبي في تفسير قوله تعالى الذين يبيتون لربهم سجدا وقياما. في سورة الفرقان في ذكر صفات عباد الرحمن. انت كم مرة قرأت الاية؟ ما الذي تبادر الى فهمك؟ والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما. ربما بات او تبادر الى ذهنك انه قيام الذي يستغرق الليل الناس نيام وهؤلاء قيام يصلون يبيتون لربهم سجدا وقياما. حكى الثعلبي في تفسيرها عن ابن عباس قال من صلى بالليل ركعتين فقد بات لله ساجدا وقائما. ايفوتك هذا الاجر؟ اتنسى حظك من هذه الفظيلة بركعتين ان تقومها تقرأ فيها ما كتب لك من كتاب الله الكريم. وهذا ولا شك في الفصل الذي تم الان بهذا الاثر. من اعظم ما تعين به المسلم عموما وحافظ القرآن خصوصا والله. مما يستعين به على جمع قلبه وصلاح حاله واستقامة امره وتثبيت قدميه وحسن صحبته للقرآن لا اعظم والله ولا اجل من ان يأخذ المسلم نفسه في هذا الباب ولو بالقليل ثم هي نوع من توطين النفس وتدريبها وتعاهدها على هذه الامور العظام فسلوا الله من فضله وجدوا واعزموا فان من سار في هذا الطريق ولو بالقليل كتب له الفتح عما قريب. ولا يزال الناس يتعهدون انفسهم في هذا الطريق حتى يأذن الله تعالى لمن شاء منهم فيبلغون فيه المبالغ العظيمة ويصلون فيها الى مصاف القراء واهل الليل والعباد الصالحين. بلغنا الله واياكم جميعا عن من فضله فصل ثبت عن ابي موسى الاشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال تعاهدوا هذا القرآن فوالذي نفس محمد بيده لهو اشد تفلتا من الابل في عقولها. رواه البخاري ومسلم. هذا الفصل تأكيد يا اهل القرآن على ضرورة دعاهم والمحافظة على القرآن لمن اكرمه الله بحفظه وتحصيله وجمعه في صدره الله الله فقد اتاكم الله شرفا عظيما. فيا حسرة من ضيع هذا الشرف بعدما حصله. ويا غبنة من فوته بعد ما اخذه. ويا خيبته والله ان يؤتى شرفا يتمناه الكثيرون في الامة وان يتقلد قلادة انفس ما تكون في مناصب الدنيا وشرفها ثم هو حتى يفقدها يوما. تعاهدوا هذا القرآن يقولها نبيكم صلى الله عليه وسلم. والتعاهد استمرار التثبيت والمراجعة والقراءة على الدوام. التعهد للشيء ليس بحصوله مرة ومرتين. تعهدك الشيء استمرارك على فعله مرات ومرات دون كلل ولا ملل. تعاهدوا هذا القرآن. فوالذي نفس محمد بيده لهو اشد قال له طب من الابل في عقولها؟ ضرب مثلا بما كان يعرفه الناس انذاك. الابل اذا اقتادها صاحبها فبلغ من يريد ان ينزل فيه بيتا او مسجدا فانه يحتاج الى ربط بعيره. بعقال وحبل ونحوه يعقل قدمها حتى لا تنطلق. لانه يعرف عندهم انه لا شيء اسرع في التفلت فقدان والذهاب بعيدا من ابل يتركها صاحبها عند الباب لا يعقلها يعني لا يربطها بعقال. ومعروف عندهم ان من ترك بعيره ظن انه سيدخل خمس دقائق ويرجع اليه لن يجده. ليس هذا فحسب. هو لما لا يجده وذهب يتبعه لن يجده ابدا لسرعة الابل في تفلته فاذا بها قد غابت في اعماق الصحراء وفي الفيافي فييأس من صاحبها من تحصيلها ابدا انظر المثل اذا القرآن سريع التفلت. واذا ذهب ربما صعب تحصيله. واذا حصلته فانك بحاجة الى توثيقه قل فهو اشد تفلتا من الابل في عقولها. ولا تحتاجون الى اثبات جربتم في انفسكم وعرف الحفاظ طيلة حياتهم ما زالت مدارس القرآن ومساجده وحلقاته تعرف ان المحافظ على حفظه شديد التعاهد. وان من فكر ان يركن الى قوة في حفظه ويكتفي به. او يستند الى شيء من ملكة اوتيها. ويظن انه ليس بحاجة الى معاهدة ومراجعة تثبيت فقد خاب ووجد حقيقة مصداق قول النبي عليه الصلاة والسلام. المعنى بطريقة اخرى اذا ابصرت عيناك حافظ يبلغ الغاية في اتقان حفظه وشدة ضبطه فاعلم انه ما حصلها براحة ولا كثرة استرخاء ولا بركون الى شيء من ملذات الدنيا لا والله ما يؤتى صاحب الحافظ صاحب الحفظ حفظه المتين وضبطه الشديد الا بشدة معاهدة. والا بقوة مراجعة والا باستمرار للتعاهد والا فان القرآن لا يحابي احدا وهذه سنة ماضية لهو اشد تفلتا. فاذا ابصرت من ختم القرآن في طفولته وصباه وظل منذ ذلك العمر حتى شابت لحيته وقد امضى بعد حفظه القرآن ثلاثين سنة وخمسين سنة وستين ولا يزال حافظا متقنا يعلم القرآن او يدرس في الحلقات ويرد على الاخطاء او يؤم في الصلوات او يصلي بالناس القيام في رمضان فيسمعهم كتاب الله قليلا اخطاؤه عديم التردد لا يخلط اتظن ان هذا امر سهل؟ لا والله ولهذا كان الكرامة عظيمة عند الله. اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا. فمن صاحب القرآن في حياته يصحبه القرآن في قبره تصحبه في حشره ويكرمه الله تعالى به يوم القيامة عندما تجتمع الخلائق. تعاهدوا هذا امر لا خيار لنا فيه والنبي عليه الصلاة والسلام يخاطب الامة تعاهدوا هذا القرآن ومعاهدة الشيء والتعاهد عليه لا يحصل بالمرة بعد المرة والحين بعد الحين لكنه بالدواء على ذلك والاستمرار دون ما انقطاع. نعم. وعن ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الابل المعلقة المعقلة كصاحب الابل المعطلة التي ربطت بعقال فهذا اسمه مفعول الابل المعقدة التي ربطت بعقال والعقال هو الحبل الذي يربط به البعير حتى لا يتحرك او يفر من مكانه ان عاهد عليها امسكها وان اطلقها ذهبت للابل والتشبيه به كما مر في الحديث السابق والحديث ايضا في الصحيح كالذي قبله. وعن انس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عرضت علي اجور امتي حتى القضاة حتى حتى القضاة يخرجها الرجل كالقذاة. حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد النووي رحمه الله القذاة كالعود وفتات الخزف ونحوهما مما يكنس المسجد منه. فتات صغير قال عرضت علي اجور امتي القذاة يخرجها الرجل من المسجد. وعرضت علي ذنوب امتي فلم ارى ذنبا اعظم من سورة من القرآن او اية اوتيها رجل ثم نسيها. رواه ابو داوود والترمذي وتكلم فيه. هذا من اشد ما يؤرق اهل القرآن في حفظهم للقرآن اعظم ما يخوف قلوبهم هذا الوعيد الوارد في الحديث الذي سمعتم وعرضت علي ذنوب امتي فلم ارى ذنبا اعظم من سوء سورة من القرآن او اية اوتيها رجل ثم نسيها. بل بصراحة ظل هذا الحديث مانعا لبعض لمن يرغب في حفظ القرآن يخشى ان يحفظه. فيقول ان اكون في سلامة الله لي ولا علي خير من ان ادخل في باب فاتحمل به وزرا انا لا اضمن ما الذي يحصل في مستقبل عمري فانسى اية او سورة او قرآنا حفظته. وهذا ولا شك من من اه تلبيس ابليس ومن حيل الشيطان ان يحول بين المؤمن وبين الاقبال على القرآن وحفظه بانه اياك تدخل في هذا الباب ثم تنساه وانت على وعيد عظيم فيتركه ويبتعد عنه هي حيلة ولا شك وشيء من خدع الشيطان. اما الحديث فلا يصح. ولهذا قال رواه ابو داوود والترمذي وتكلم فيه. اشار الترمذي رحمه الله عقب تخريجه الحديث الى ضعفه. وان فيه انقطاعا عن عن المطلب ابن عبد الله بن حنطب عن انس والمطلب لم يسمع احدا من الصحابة. اخرج الحديث عدد من الائمة ايضا لكنه ضعيف جدا ولا يصح الحديث واخرج ابو عبيد في فضائل القرآن بسند حسن عن الضحاك ابن مزاحم. قوله موقوفا عليه ما من احد تعلم القرآن ثم نسيه الا بذنب يحدثه لان الله يقول وما اصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديهم وان نسيان القرآن من اعظم المصائب. هو ولا شك آآ خسارة عظيمة. وامر جلل ان يحفظ المسلم القرآن ثم ينساه. او سورة ثم تتفلت عنه. هي لا شك حدث عظيم. لكن ان تكون على هذا المقدار انها من اعظم الذنوب وليس شيء اعظم منها في الاسلام دلت النصوص على خلاف ذلك. ليس هذا تهوينا للمسألة يا كرام لكنها يخشى ان تكون في عداد قوله تعالى ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا. ونحشره يوم القيامة اعمى. لا سيما اذا كان نسيان صاحب القرآن للقرآن باعراضه هو عنه. يعني اهماله وتفريطه الصدود والاعراض يتيسر له ان يراجع القرآن فيابى. تتاح له الفرص ويدعى الى ما يعينه على تثبيت القرآن فيستنكف يستثقل يرفض هذا ولا شك نوع من الحرمان نسأل الله السلامة الذي يدل على ان صاحبه محجوب عن هذا الباب. وان لم يثبت في هذا نص صحيح صريح في المسألة بعينه لكنها على باب عظيم. يقال مثلها في جنس العبادات عموما. اي عبد اوتي خيرا ثم سلب فتح له بباب طاعة وعبادة ثم حرم. هذه امارة يتفطن لها الصالحون والمتيقظون الى ان ها اشارات يلتمس منها احدهم نجاة نفسه فيعود. ويصحح المسار. فما بالك بكرامة عظيمة مثل القرآن معه المرء في صدره ثم يحفظه زمنا لما كان في طفولته او شبابه. فاذا كبر وانخرط في مشاغل الحياة تضاعف بالقرآن تباعد تعهده للقرآن ظل ينشغل وينصرف ثم قل نصيبه من الورد مع كتاب الله حتى اصبح شيئا من الذكريات انه كان يحفظ سورة كذا او كان من عداد الحفاظ في زمان كذا ويذكرها على حسب انه لم يعد له سبيل اليها. وما اغلق الله عز وجل على عبد بابا من ابواب الخير وقد فتحها له سبحانه وتعالى. لكن العبد قد اغلقوا الباب على نفسه وهو الذي يوصد بالمفتاح على خير كان هو بصدده. فتؤول المسألة الى العبد ان يعود وان يصلح حاله وان يقبل على ربه فمن اقبل على الله اقبل الله عز وجل اليه وعن سعد بن عبادة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال من قرأ القرآن ثم نسيه لقي الله عز وجل يوم القيامة اجزم. رواه وابو داود والدارمي وهو ايضا ليس احسن حالة من الحديث الذي قبله وفيه ايضا ضعف فيما اخرجه ابو داوود والدارمي وتقدم الكلام عن الحديث قبله. فصل عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من نام عن حزبه من الليل او وعن شيء منه فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل. رواه مسلم وعن سليمان ابن هذا الحديث الذي اخرجه مسلم فيه بيان السنة لمن فاته حظه من الليل ان يقضيه بالنهار في من نام عن ورده يقول عليه الصلاة والسلام في حديث عمر رضي الله عنه من نام عن حزبه من الليل والحزب المقصود به المقدار الذي يلتزم به المرء لنفسه وردا من القرآن. وقيل المراد ما كان يعتاده من صلاة الليل. من نام عن حزبه من الليل او عن شيء من نام تعبا نام ارهاقا اخذته عينه فما استطاع ان يؤدي ورده المعتاد. فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر يعني يقضيه في النهار. قال كتب له كانما قرأه من الليل. وهذه بشارة. وهذا باب فتح ان فاتك ذلك من الليل فعوضته بالنهار كتب لك اجره كانما فعلته بالليل كرامة من الله عز وجل وترغيبا في الاقبال على هذا الباب عظيم وعن سليمان ابن يسار قال قال رحمه الله سليمان ابن يسار بالمثناة تحت ثم بالسين المهملة يسار قال قال ابو اسيد نمت البارحة عن النووي رحمه الله ابو اسيد بضم الهمزة وفتح السين اسمه ما لك بن ربيعة شهد بدرا الله عنه قال ابو اسيد رضي الله عنه نمت البارحة عن وردي حتى اصبحت فلما اصبحت استرجعت وكان وردي سورة البقرة فرأيت في المنام كأن بقرة تنطحني. رواه ابن ابي داود وروى ابن داود. قال النووي بكسر الطاء وفتحها تنطحه او تنطحني وخرج هو ايضا ابن ابي داود. والمقصود ايضا في كتابه المصاحف. سليمان ابن يسار ينقل هذا الاثر عن ابي اسيد رضي الله عنه انه كانما وجد شيئا من العتب والمعنى الذي وجده بسبب تركه لورده من الليل فيه شيء من من ترك المرء حظه وان لم يكن نصا وترى المصنف اتى به في اخر الفصل لانها ليست مما يحتكم اليه انما هي يستأنس بذكرها ورواه ابن ابي الدنيا عن بعض حفاظ القرآن انه نام ليلة عن حزبه فرأى في منامه كأن قائدا يقول عجبت من جسم ومن صحة ومن فتى ومن فتى نام الى الفجر والموت لا تؤمن خطفاته في ظلم الليل اذا يسري. نعم. الباب السادس الباب الخامس بحمد الله تعالى في فصوله الخمسة التي تمت الان وها نحن نشرع في الباب السادس. وعسى ان يسع مجلسنا اليوم لاتمامه وفيه ستة وخمسون فصلا واكبر ابواب كتاب التبيان وهو كما يقول النووي الان منتشر جدا يعني باب كثير الفصول بعضها اخذ ببعض حتى يتم مقصوده. الكلام في هذا الباب على اداب القراءة ان التي قبلها كانت لاداب حامل القرآن والتي قبلها كانت لاداب معلم القرآن ومتعلمه. فانظر كيف تدرج؟ بدأ خص اداب المعلم والمتعلم يعني في المسجد والمجلس والمدرسة كيف يكونون. ثم انتقل الى اداب حامل القرآن وهو اعم من ان يكون معلما ومتعلما حافظ للقرآن قد لا يكون هذا ولا ذاك لكن يجمعهم وصف حمل القرآن. فذكر ما سمعتم من الاداب من الخصائص من لاحظ ان مكان الكلام لحامل القرآن عموما تكلم على تعهد القرآن حذر من نسيانه دل على شرف قيام الليل تكلم على النية تكلم على الورد الذي يختمه في كم يختم؟ هو يتكلم على حامد القرآن. في هذا الباب يتكلم على اداب قراءة وهذا يشترك فيه كل المسلمين صغارا وكبارا عربا وعجما رجالا ونساء. كل مسلم له حظه من هذا الباب. ولهذا فهذا باب كبير فيه اداب متعددة لكل من اراد ان يقرأ القرآن حافظا او غير حافظ. متعلما او جاهلا عربيا او جميلا هذا كما قال المصنف هو مقصود الكتاب يعني احد اكبر مقاصده التي من اجله صنف الكتاب رحمه الله