الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السماوات وملء الارض وملء ما بينهما وملء ما شاء ربنا من شيء بعد. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان سيدنا ونبينا وحبيبنا محمدا عبد الله ورسوله وصفيه وخليله اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آل بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. وبعد ايها الاخوة الكرام مثال اخر ايضا في ذات السياق فيما يتعلق بفهم لنصوص القرآن لما نزل قوله تعالى فاي الفريقين احق بالامن ان كنتم تعلمون الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اولئك لهم الامن وهم مهتدون. ايضا شق ذلك عليهم الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اولئك لهم الامن فهم مهتدون. فقالوا يا رسول الله واي ما لم يظلم نفسه قبل ان تقرأ سؤاله حاول ان تقف على الفهم الذي فهموه من الاية فوجهوا من خلاله السؤال. هم فهموا كالتالي الذين امنوا بصيغة العموم باسم الموصول كل من دخل في الايمان ولم يلبسوا ايمانهم بظلم والظلم ها هنا نكرة ووقع في سياق النفي فافاد العموم يعني لم يشمل ايمانهم اي صورة من صورة صور الظلم قليلا كان او كثيرا. عظيما كان او حقيرا. هذا القيد الذي خصص به الذين امنوا هذا قيد الان اذا الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اولئك لهم الامن. لو كانت الاية الذين امنوا اولئك لهم الامن لطاروا بها فرحا لانها تشمل كل مؤمن. فلما جاء القيد وخصص ذلك العموم الذين امنوا وقيده بصنف من اهل الايمان وهو من وصف بوصف ها ولم يلبسوا ايمانهم بظلم. كان الوصف هذا اولا مضيقا لدائرة العموم من جهة ومشتملا على على وصف دقيق حساس من جهة اخرى. وهو انتفاء انتفاء التباسه بالظلم في اي صورة من صوره كان او كثيرا فخشي الصحابة رضي الله عنهم الا يدخلوا في الاية. فاذا ما دخلوا في الاية خسروا ما فيها الامن المرتب عليها والهداية التي وصف الله بها اصحابها فشق ذلك عليهم قالوا يا رسول الله واينا لم يظلم نفسه؟ فرأيت كيف فهموا؟ هذا هو الذي يقال باللغة الاصولية هو تطبيق عملي لا زلت اقول القوم عرب ويفهمون اللغة اكثر مما نتعلمه نحن بالقواعد وبالاساليب وبالدراسة اهم الاية وعلموا المراد النص منها وان المراد به العموم وان الظلم المراد انتفاؤه بكل صوره. فقالوا يا رسول الله واينا لم يظلم نفسه فقال عليه الصلاة والسلام مجيبا لهم ليس ذلك. يعني ليس المراد ما فهمتم من عموم الظلم بكل صوره وانه يشترط في من يريد تحصيل الامان المذكور في الاية الا يكون قد وقع شيئا من الظلم بمفهومه العام الواسع الذي فهموه. ثم صرفهم الى نص اخر قصر فيه الظلم وهو قول لقمان لابنه يا بني لا تشرك بالله ان الشرك لظلم عظيم. فمعنى الاية الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بشرك لان الظلم هو الشرك. ففسر لهم الظلم الواردة في النص بالظلم الوارد في اية اخرى فسر لهم قرآنا بقرآن وانزال عنهم الاشكال وزاح عنهم الغم الذي اعتراهم من خشية ما فهموا من النصف عمومه. اذا فهمهم في البداية قبل الجواب كان شديدا او خطأ كان صوابا ما خطأهم عليه الصلاة والسلام لكنه بين لهم ان المراد بالذنب ليس العموم الذي تبادر الى اذهانهم لكنه جنس من الظلم. وانه حمل الظلم لا على مفهومه العام بل على جنس من وعلى نوع منه وهو الظلم الذي يظلم فيه العبد نفسه بالشرك بالشرك مع الله سبحانه وتعالى وهذا الظلم الذي هو الشرك يقابل الايمان الوارد في الاية الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اي بشرك. فجعل الظلم الوارد في الاية في مقابل الايمان والذي يقابل الايمان هو الشرك وليس المراد الاعتداء على الحقوق او اكل اموال الناس بالباطل او الاعتداء على اعراض الناس او اموالهم او دمائهم كل ذلك ظلم. لكن الاية كما فسرها النبي عليه الصلاة والسلام يراد بها الشرك. اذا هذا تطبيق عملي الصحابة رضي الله عنهم فهموا نصا ثم انظر كيف جاء فعرضوا اشكالهم وعرضوا اه على النبي عليه الصلاة والسلام ما فهموا وصوب لهم الفهم وابان لهم المحمل الصحيح ما هذا؟ هذا تطبيق عملي. اذا هل درس الصحابة اصول الفقه؟ هل تعلموا؟ الجواب لا. كان سليقة. كان ملكة. كان شيئا كما لو سأل مبتدئ في طالب في في في علم النحو طالب علم فقال هل كان الصحابة يعرفون النحو؟ وهل كانوا يقيمون الاعراب اقامة سليمة؟ لا الحنون؟ الجواب نعم انهم عرب اقحاح فصحاء فكانوا اذا تكلموا تكلموا بلا تكلف وكان احدهم يقيم اللغة فما كان علما يتعلم انه كان شيئا يعيشونه. فالصحابة اصحاب لغة ثم اكتسبوا مع ذلك معاصرتهم للوحي. ومعايشتهم للنبي عليه الصلاة والسلام فماذا يعني هذا؟ يعني هذا مزيدا من الفهم في النصوص الشرعية والتعامل مع كلام الله وكلام رسوله عليه الصلاة والسلام. فكما قد يفهمون شيئا فيصوب لهم الفهم. قد يبادرون الى معنى فيصرفهم الى معنى اخر. كل هذا مع قوة لسانهم العربي الذي يفهمون به النص العربي كان مزيدا في تنمية الملكة عنده في فهم والاجتهاد. فهذا قوى فهمهم رضي الله عنه وتعامله مع النصوص الشرعية وتمكنهم من قواعد الاستنباط وبلغوا فيه الغاية. من الامثلة ايضا على ذلك في فهم رضي الله عنهم حديث عائشة عائشة رضي الله عنها كما في الصحيح لما سمعت قول النبي صلى الله عليه وسلم من نوقش الحساب عذب من نوقش الحساب عذب قالت عائشة رضي الله عنها يا رسول الله اوليس قد قال الله تعالى فسوف يحاسب حسابا يسيرا؟ قال ليس ذلك ليس ذلك انما ذلك العرض ولكن من نوقش الحساب يهلك تعال معي الى فهم عائشة رضي الله عنها لما سمعته صلى الله عليه وسلم يقول يقول من نوقش الحساب عذب فهمت عموما يشمل كل من يتعرض للحساب يوم القيامة انه صاحب عذاب. كل من يتعرض للحساب يوم القيامة فهو معذب من نوقش الحساب عذب. صيغة العموم كما يقولون باللغة الاصولية المعاصرة من اسم مبهم. يفيد العموم فافاد ان كل من اتصف بمناقشة الحساب ترتب عليه الجزاء في الشرط. فعل الشرط من نوقش والجواب عذب فيترتب الجواب في الشرط على كل من اتصف بمناقشة الحساب. فهمت هذا العبور. فاستشكلت معارضته لنص اخر في كتاب الله. فاما من اوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسبه حسابا يسيرا. رأت رضي الله عنها ان صنفا من الحساب في كتاب الله موصوف انه يسير والحساب اليسير هل يسمى عذابا؟ فهذا منشأ الاشكال عندها رضي الله عنها. اذا هذا فهم وهذا فهم في درجة راقية من درجات الفهم عند الاصوليين وهو الجمع بين النصوص ومقابلة نص بنص اخر يبدو في ظاهره التعارض ولا يقوى العالم ولا الفقيه ولا اجتهد الوصول الى هذه الدرجة الا اذا استجمع النصوص وتصفحها واحتواها وقلبها ثم عرف كيف ينزل كل نص منزلته اذا اشكال عائشة رضي الله عنها ليس قلة فهم بل قوة في الفهم وبلوغ للدرجة العالية فيه. ثم استشكلت هذا فعرضت اشكالها على النبي عليه الصلاة والسلام قائلة يا رسول الله اوليس قد قال الله تعالى فسوف يحاسب حسابا يسيرا طبعا هي ما تكلمت ولا شرحت الاشكال لانها فاهمة والنبي عليه الصلاة والسلام يفهم وجه الاشكال. فاختصر في هاتين الجملتين في سماعها للحديث. وفي قراءته للاية اختصرت وجه الفهم وطريقة الاستنباط ووجه المعارضة والاشكال. وفهم النبي عليه الصلاة والسلام الاشكال الواردة عندها. فالخلاصة ان كل من نوقش الحساب يعذب مع ورود نص اخر يقول ان صنفا من اهل الحساب يوم القيامة حسابهم يسير. فكيف تعمل بالحساب اليسير مع العلوم الواردة في قوله من نوقش الحساب عذب؟ فاجاب عليه الصلاة والسلام بقوله انما ذلك العرض يعني الاية التي قرأتيها افادت العرض الذي عرض العباد على عرض الاعمال على العباد يوم القيامة. عرض الصحائف. فمجرد العرض ان تعرض عليك صحيفتك وترى ما فيها من غير نقاش ان تعرض عليك صحيفتك فترى ما فيها ثم يعفو الله عنك ويأذن لك بالانصراف الى الجنة. هذا هو الحساب اليسير انما ذلك العرض ان يكرمنا الله عز وجل فيكون حسابنا يوم القيامة مقتصرا على عرض العمل دون المناقشة. يعني دون ان يسألك الله عبدي فعلت كذا واحصيت عليك كذا واقترفت كذا ووقعت كذا وصنعت كذا اذا وفيت من هذا النقاش واقتصر امرك على عرض العمل فهذا هو الحساب اليسير. نسأل الله تعالى ان نكون من اهله. اما النقاش يعني من دخل دائرة النقاش وجاء السؤال عنه فذاك العذاب كما قال عليه الصلاة والسلام من لوقش الحساب عذب ثم اكد لها ذلك بقوله انما تالت العرض ولكن من نوقش الحساب يهلك. ليش يهلك؟ لما يهلك؟ لانه لا حجة اصل لا عذر اليوم الكلام على وقائع اقترفها العبد ثم هي مثبتة في صحيفته يعني انه لم يمحوها باستغفار ولا توبة انه لم يكفرها بعمل صالح. اذا لقي الله في صحيفته قبائح وذنوب ومعاصي لا عذر له فيها. ولو كان له عذر لمحيت. ولتجاوز الله عنها فالمناقشة عندئذ عسيرة وذاك الهلاك كما قال النبي عليه الصلاة والسلام. اه خذ مثالا اخر باللون الاخر في تطبيق هذه الامثلة في تطبيق القواعد في الفهم والاستنباط مع النبي عليه الصلاة والسلام بين يدي الصحابة رضي الله عنهم. جاء اعرابي يحمل هما الى النبي عليه الصلاة والسلام يشكو ان امرأته ولدت له غلاما اسود فاستشكل ذلك وتعاظم الامر في نفسه والامر منطوي في طياته على شيء من التهمة انه ابيض وزوجته بيضاء فكيف اتاه الولد الاسود؟ فهو متضمن لشيء من التهمة التي ما باح بها الرجل ولا صرح لكنه اقتصر على قوله يا رسول الله ان امرأتي ولدت غلاما اسود. نقطة انتهت الجملة الكل يفهم والصحابة فهموا والنبي عليه الصلاة والسلام فهم. فاراد ان يجيبه بمسألة بسيطة جدا وسهلا وواضحة ان اختلاف الالوان في الانساب وارد ان اختلاف الالوان في الانساب وارد وانه قد يكون اختلاف لون احد الاولاد اختلاف لون في احد الاولاد في الاسرة بسبب وجود شيء من ذلك في السلالة في الاجداد قريبا كانوا او بعيدين وان هذا ثابت والناس فعرف على هذا ويفهمونه ويجدون هذا لكن بعض الناس يتقبل بعضهم لا يقبل خصوصا اذا كان الجد الذي يحمل هذا اللون جد بعيد ما ادركته الاجيال يعني لا جيل الابناء ولا الاباء فربما كان هذا خفيا فاستشعروا ذلك واستبشعوه. قال يا رسول الله ان امرأتي ولدت غلاما اسود. كم اختصارا يقول النبي عليه الصلاة والسلام له ربما نزعه عرق وكان هذا كافيا في الجواب. لكنه عمله بطريقة اخرى ليكون ادعى لفهمه. قال له هل لك من ابن؟ قال نعم. قال فما الوانها؟ قال حمر. والحمر عند العرب هو البياض يعني ابنه بيض. قال هل فيها من اورق؟ هل فيها في اذن كيفها جمل؟ فيه سواد مختلف اللون؟ قال نعم يا رسول الله قال اما اتاه ذلك؟ من اين جاء هذا الجمل الاسود؟ من بين هذا القطيع الذي ليس فيه الا الجمال البيض؟ قال لعله دعه عرق ففهم الرجل ان هذا في الطبعة مركوز والناس تدرك هذا فقال النبي صلى الله عليه وسلم وهذا ايضا لعله نزعه عرق هذه الطريقة في الاستدلال مشابهة بالشيء واعطاؤه حكمه لاستوائهما في الوصف هو القياس عند الاصوليين هو القياس. القياس ان تسوي بين اصل وفرع في حكم لوصف مشترك بينهما. سوى النبي صلى الله عليه وسلم بين الانسان والابل. سوى بين الانسان والابل في اعطائه حكم جواز اختلاف اللون من باب لعله عرض والوصف المشترك كون هذا كون هذا واردا في السلالات في الكائنات الحية انتقال الصفات الوراثية كما ارباب الطب وعلم الاحياء صفات سائدة وصفات متنحية قد تكون الصفة غائبة فتحظر في جيل وتغيب في اجيال لكنها تكون موجودة بمعنى انها محمولة عند عند جيل الابناء وان لم تظهر فربما يأتي في جيل الاحفاد واحفاد الاحفاد فتظهر هذه الصفة ليس لانها جاءت من فراغ هي محمودة في الجينات كما يقولون هذا هو القسم المشترك بينها لكون السلالات الكائنات الحية في الانسان والحيوان تحمل الوصف ذاته في طريقة التلقيح الذكر والانثى وانتقال صفات وتكوين النطفة الى اخره. هذا هو القدر المشترك فسوى بينهما في الحكم. هذه الطريقة يمكن ان تقول كان النبي عليه الصلاة والسلام يخاطب رجل على قدر عقله وفهمه فيما يعيش في باديته من تربية الابل وضرب له مثالا قريبا يكون ادعى لازالة الشك الذي علق في قلبه فجاء يشتكي ويمكن ايضا ان تقول وكان ايضا تقريرا شرعيا لمبدأ من مبادئ التعامل مع النصوص وهو اعمال العقل في اعطاء الاحكام في اعطاء الاشياء المستوية في اوصافها احكاما متفقة. هذا الذي قرره الاصوليون ثم شرعوا الحديث عن باب القياس. واذا يتكلمون في القياس ويضربون له امثلة يستدلون بوقوع القياس زمن النبي عليه الصلاة والسلام بل منه مباشرة عليه الصلاة في مثل هذا الحديث فيقولون هذا تطبيق عملي للقياس. تماما لما قال لهم عليه الصلاة والسلام وهو يعدد لهم ابواب الخير والاجر. وفي بضع احدكم صدقة قالوا يا رسول الله ايأتي احدنا شهوته ويكون له فيها اجر؟ قال ارأيتم لو وضعها في حرام اكان عليه وزر؟ فكذلك اذا وضعها في الحلال كان له اجر كان يمكن ان يقول لهم في الجواب؟ نعم. لما قالوا اياتي احدنا شهوته ويكون له فيها اجر؟ كان الجواب الكافي نعم لان كلم المجيب هو النبي عليه الصلاة والسلام وانت تتلقى وحيا لكنه ماذا تفهم من قوله ارأيتم ويأخذ الجواب نعم ثم يقول لهم فكذلك اليس هذا تلقينا؟ اليس هذا تعريما؟ اليس هذا توسعة لمذابح الاستنباط؟ تربى عليه الصحابة. فتكونت الملكة اذا جزء من الملكة كان لغة صديقة عندهم يتكلمون بها ويفهمون بها النصوص. والجزء الاخر كان تنمية هذا كم موقف حكيناه الان والنبي عليه الصلاة والسلام يطبق معهم ويتكلم معهم ويجيبهم ثم يعمل لهم هذه الامثلة وتكون عندهم شواهد حية. الا تنتظر بعد ذلك ان يتكون لدى الصحابة رضي الله عنهم في افهامهم وفي تعاملهم واستنباطاتهم قدر كبير من الفهم والادراك العميق للنصوص الشرعية؟ الجواب بلى هذا كانوا افقه الامة كما قال ابن مسعود رضي الله عنهم كانوا افقه الامة واعمقها علما وابرها قلوبا الى اخر ما وصفهم به رضي الله عنهم اجمعين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين