الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السماوات وملء الارض وملء ما بينهما وملء ما شاء ربنا من شيء بعده. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان سيدنا ونبينا وحبيبنا محمدا عبد الله ورسوله وصفيه وخليله اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آل بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. وبعد ايها الاخوة الكرام مثال عقب غزوة الاحزاب لما اتجه النبي عليه الصلاة والسلام لحصار بني قريظة وجه الصحابة وقد عادوا الى منازلهم في المدينة واستنفرهم بالخروج الى حصون بني قريظة قائلا لا يصلين احد العصر الا في بني قريظة والحديث في البخاري من رواية ابن عمر وعند مسلم رواية ابن مسعود الظهر ظهر او عصر الشاهد هنا صلى الله عليه وسلم اياهم الا يصلوا الفرض الا في بني قريظة. فبينما كانوا في الطريق ادركتهم الصلاة فقال بعضهم فقال بعضهم لم يرد منا تأخير الصلاة فنصليها ها هنا ادركته في الطريق وقال بعضهم لا نصلي حتى نبلغ بني قريظة. في رأيكم اي الفريقين اقرب الى الصواب؟ يعني هل كان قوله عليه الصلاة والسلام لا يصلين احد العصر والا في بني قريظة كان يريد فقط الاستعجال والتحرك الفوري المباشر ولم يرد تأخير الصلاة وان الصلاة هذا والحفاظ على وقتها امر لا لا يتغير ولا يختلف واراد المبالغة في التحرك او اراد حقيقة تأخير الصلاة ولو ادركتهم حتى يصلوا بني قريظة تأخير الذي لا يخرج عن الوقت طبعا التخريج الذي التأخير الذي لا يخرجه عن وقتها. هل اراد الاستعجال فقط مع بقاء المحافظة على الصلاة في اول وقتها اثناء الطريق او اراد حقيقة تأخير الصلاة الى ادراك بني قريظة ليكون ذلك امرا مقصودا عنده. الصحابة تنقسموا طائفة طائفة فهمت هكذا وطائفة فهمت هكذا. في رأيكم اي الفريقين اصوب واقرب؟ الاولى اللي هو انه اراد الاستعجال ولم يرد تأخير الصلاة. ها؟ الاولى. ما في احد يرشح الثانية؟ الثانية. وحدك؟ اثنين. ثلاثة اربعة طيب تناصحوا تناصفوا وكونوا كالصحابة رضي الله عنهم. لما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم امرهم ولاحظ لاحظ الاجتهاد لما وقع منهم وقع وانقضى. اجتهدوا فطائفة صلت في الطريق وطائفة اخرت الصلاة. كلا الفريقين لاحظ انهم يتعاملون دون مع نص واحد واجتهدوا فاختلف اجتهادهم في فهم النص الواحد. فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وقبل ان هو سؤالي هو كيف بلغه؟ جاء جبريل عليه السلام فقال اصحابك فعلوا كذا وكذا؟ او هم الصحابة ذهبوا وتكلموا؟ طيب لماذا ذهبوا يعني حاول ان تقرأ ما وراء النص لماذا ذهبوا وتكلموا وحكوا له ما حصل من خلاف بينهم؟ كان رغبة في التعلم هم رغبة الامر صلى من صلى في الطريق وصلى من صلى لما وصل. لكن ارادوا ان يتعلموا مستقبلا كيف يصنعون اذا واجهوا مثل هذا النص؟ اليس هذا درسا في الاصول تعلمونه كيف نفهم قولك يا رسول الله؟ فطائفة فعلت كذا وطائفة احكم بيننا وانظر من الصواب. ما ارادوا بالمحاكمة انه يحكم على بعض الصلاة لا الجميع صلى في الوقت ولن يعيد احد. لكن ارادوا التعلم وكيف يكون احدهم اقرب الى ممارسة المنطق الصحيح والمنهج الصحيح لو تكررت الواقعة سيكون عندهم مستند فلم يخطئ صلى الله عليه وسلم احدا. ولن يعنف احدى الطائفتين على حساب احد. يعني صوب الفريقين صوب الفريقين من اعتمد من اعتمد على ظاهر اللفظ لا يصلين احد العصر. هذا نهي صريح حتى لو ادركتك في الطريق لا تصلي الا في بني قريظة. طب الطائفة الثانية على ماذا اعتمدت؟ يعني هذا واضح اعتمد على صريح الثاني على ماذا اعتمدوا؟ ها؟ لما لما قالوا بل نصلي قالوا لا يعني نصلي في الطريق نعم خالفوا هكذا الامر صراحة خالفوا النص لا هم نظروا الى المعنى يعني هم لم يهملوا اللفظة قالوا اللفظ هذا يراد به معنى اهم من ظاهر اللفظ. المعنى الاهم ما هو؟ المبادرة والاستعجال والفورية والتحرك نحو بني قريظة وهذا قد وقع تحركنا لكن ادركتنا الصلاة. اذا طائفة غلبت جانب اللفظ والوقوف عند ظاهره ودلالته وطائفة غلبت النظر الى جانب المعنى والحكمة المقصودة من اللفظ. وهذان مسلكان يحتاجهما الفقيه لا ان يقتصر على ظاهر اللفظ المجرد فحسب ولا ان يقتصر على الايغال في المعنى الذي ربما يعطل بسببه ظاهر اللفظ فمن جميل تعليق كلام ابن القيم رحمه الله لما ساق هذا الحديث فذكر ان الطائفتين من الصحابة اجتهدتا فتى في استنباط الحكم في التعامل مع النص وكل منهما سلك مسلكا. قال رحمه الله فهؤلاء سلكوا ارباب الظواهر وهؤلاء سلفوا المعالم يعني ابواب الظواهر اصحاب المذهب الظاهر الذين قد يجمدون احيانا ظاهر اللفظ دون النظر الى معناه ولا علته ولا حكمه يقول فهؤلاء سلكوا ارباب الظاهر يعني هم في الصحابة سلف. ومن ينظر الى المعنى والتعليم ويتعمق فيه ثم يقوى عنده المعنى ليكون اقوى من ظاهر اللفظ في سياق مقبول طبعا يقول فهؤلاء سلف ارباب المعاني. والنبي عليه الصلاة والسلام كما ترى صوب الطائفتين. فمن ثم كان المسلكان مقبولان عند الفقهاء. الذي هو الاخذ بظاهر اللفظ متى قويا. ولم يقوى المعنى على تجاوزه او تخطيه او ربما كان النظر الى المعنى هو الاقوى من خلال جمع النصوص الواردة وان تكون العلة او المقصد اعظم في المراعاة الحكم بنائه عليه. المقصود بذلك يا كرام امثلة متعددة. لم يتسع المقام وقد انتهى وقتنا المخصص. لم يتسع لعرض ما كان الصحابة يعيشون ومن تطبيق عملي اردت فقط اثبات قضية مهمة وهي ان تطبيق الاصول علما ذي قواعد علما ذا قواعد وطرق استنباط ودلالات وفهم كان موجودا في حياة الصحابة زمن النبي عليه الصلاة والسلام. وكان موجودا لان جزءا منه كان سليقة باللسان العربي للذي يمتلكونه وجزءا منه كان تربية من النبي عليه الصلاة والسلام يلقنهم فيها مبادئ الاستنباط ويعرفهم فيها مآخذ اخذ الحكم من الدليل فاجتمع عاد الى هذا فتكون القدر الكبير من الفهم والملكة التي اهلت الصحابة رضي الله عنهم ان يكونوا بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام فقهاء بالمصطلح الكامل بمعنى انهم يقوون على استنباط الاحكام للمسائل التي لم يكن لها ذكر في القرآن ولا في السنة وانهم قدروا منذ اليوم الاول من وفاة النبي عليه الصلاة والسلام قدروا على ان يتخذوا المواقف الصحيحة ويستنبطوا الاحكام الصحيحة وان يكونوا ومجتهدين تمام الاجتهاد. اقول منذ اليوم الاول فما مات النبي عليه الصلاة والسلام لو قد اجتمعوا يتناقشون في مسألة الاستخلاف. ثم انتهى امرهم الى اترى هذا الا اجتهادا؟ ثم اخروا دفنه عليه الصلاة والسلام ثم ابتدى ابو بكر رضي الله عنه بتنفيذ المهام انفذ جيش اسامة واختلف الصحابة ينفذ او ما ينفذ فكانوا على رأيين وكل رأي ابدى ما اخذه في الاجتهاد. ثم صاروا الى انفاذه رغم ما بلغوا من ارتداد الناس في الجزيرة عن الاسلام وامتناعهم عن اداء الزكاة. فرأوا في بعث جيش اسامة قوة للاسلام وظهورا له. الى اخر ما هنالك. حرب مرتدين جمع المصحف. مسائل هي نواة كل ذلك حصل في غضون سنتين في خلافة ابي بكر رضي الله عنه وهي قضايا كبرى في الامة. لكنها وجدت في اوساط الصحابة عقولا فقيهة غاية الفقه تمتلك من الة الاستنباط وقوة النظر في الدليل والجمع بين الادلة والوصول الى الحكم الشرعي صحيح كل ما تحتاجه الامة انذاك. اذا وجود النبي عليه الصلاة والسلام بين اظهرهم والوحي ينزل ما جعلهم عالة يتكففون الاحكام الشرعية ولا ينتظرون نزول الوحي في كل منزلة لكنهم كانوا تتنمى عندهم ملكة الاستنباط والفهم فعاشوا مع النبي عليه الصلاة والسلام زمنا عندهم الالة ومع ذلك فبعضهم افقه من بعض. وبعضهم اعلم بالشريعة والحلال والحرام من بعض. وبعضهم ادق في قوة النظر والاستنباط من بعض لما يقول عليه الصلاة والسلام واعلمهم بالحلال والحرام معاذ ابن جبل. ويقول عليه الصلاة والسلام يقدم يقدم العلماء يوم القيامة يتقدمهم معاذ برتوه فهو امام العلماء في الحشر يوم القيامة. هذه شهادة له بفقه عظيم وامامة ومعرفة بالحلال والحرام. في السياق ذاته يأتي بعض الصحابة الكبار في الفقه امثال ابن مسعود رضي الله عنه وارضاه ويبلغون القمة في الاستنباط والتعامل مع المسائل النوازل فكانوا ذلك الموحدون كل شيء. القصة العجيبة في ابن مسعود لما استفتوه في الخوف عن امرأة مات عنها زوجها قبل ان يفرض لها صداقا ولم يدخل بها فمالها وما عليها فاستشكل الامر صفح ايات القرآن والاحاديث التي يعرفها من السنة فاذا فيها الا امرأة مطلقة قبل الدخول لو امرأة مطلقة بعد الدخول او امرأة ميتة عنها زوجها بعد الدخول لكن ما في هذا الوصف المجمع تزوجها لم يدخل بها لم يحد الله مهرا ثم فلا دخول ولا تسمية مهر ولا هو طلاق هو موت لو تصفحت ايات البقرة وايات الاحزاب وان طلقتموهن من قبل ان تمسوهن اذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل ان تمسوهن واية الوفاة وفاة تتحدث عما بعد الدخول. فاستشكل الامر رضي الله عنه وبقي ثلاثة ايام ينظر في مسألة ويقلب النظر فيها فلما طال عليهم الامر جاؤوه فالحوا عليه بالجواب فاجتهد رضي الله عنه فقال ارى ان لها مهر نسائها لا وكس ولا شطط ولها الميراث وعليها العدة. فقضى بثلاثة اشياء مهر المثل. وانها تعتد وان لها الميراث. فجمع من ما اجتهد فيه ورآه اليق بوصفها من الجمع بين النصوص المذكورة في شأن النساء مطلقات وارامل ومدخول بها وغير مدخول بها فما اتم جملته حتى قام احد الحضور فقال اشهد ان النبي صلى الله عليه وسلم قضى في مروة بنت واشق بمثل ما قضيت. والله غاية في العجب ان بشر باجتهاده وفقهه ونظره المجرد ان يطابق حكما شرعيا منصوصا بالوحي. حكم النبي عليه الصلاة والسلام ابن مسعود قال على الحديث ولا يدري عنه قاله اجتهادا فتعجب اي فقه هذا واي اجتهاد بشري يملك من التوفيق والسداد ان يصيب حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتجاوزه مقدار شعرة. فيذكر ان ابن مسعود فرح بذلك فرحا عظيما بل يثقل عنه في المبالغة يقول انه ما فرح بعد فرحي بالاسلام بمثل في هذا الموقف لم يدل على امامة عظيمة وان يبلغ بفقه مرتبة النص الشرعي المنصوص هذا غاية في في الاجتهاد والتوفيق. اريد ونقول ان الصحابة متفاوتين في الفقه وفي الفتية والاستنباط ومع ذلك فكانوا مدرسة عظيمة تخرجوا فيها من رحاب النبوة على يدي رسول الله عليه الصلاة والسلام يتعلمون القرآن والسنة ويستنبطون منهما ويسددهما عليه الصلاة والسلام في كل ذلك حتى تكونت لهم الة الاجتهاد الكاملة والحديث في الجلسة المقبلة ان شاء الله هو تتابع لما نقفنا عنده الليلة وهو ماذا بعد هذه المرحلة من اجتهاد صحابتي زمن النبوة وكيف كانوا بعد ذلك ثم كيف انتقل هذا العلم الموروث في الصدور الى التابعين فمن بعدهم ثم كيف استحال ذلك مصنفات والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين