بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. والصلاة والسلام على امام الانبياء وخاتم نبينا محمد بن عبدالله وعلى اله وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد ايها الاخوة الكرام فهذا هو مجلسنا الستون بعون الله تعالى وتوفيقه في مجالس شرح متن جمع الجوامع في اصول الفقه للامام تاج الدين ابن السبكي رحمة الله عليه. ونحن منذ الدرس الماضي والذي قبله شرعنا في اواخر هذا المتن المبارك. الذي جعل المصنف رحمه الله للمسائل المتعلقة باصول الدين. وهي مباحث ختم بها الاجتهاد والتقليد بعد عن حكم التقليد في اصول الدين ساق جملة من مسائل معتقد او ما يسمى بعلم الكلام مما تقرر في عقائد المسلمين باعتبارها امر ينبغي ان يكون مقررا عند المجتهد قطعا ويقينا لا تقليدا مرة من كبر الدرس الماضي جملة من هذه المسائل ووقفنا عند قوله رحمه الله تعالى والرضا والمحبة غير المشيئة والارادة. نعم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. قال المصنف رحمه الله وغفر له ولشيخنا ولوالديهما وللسامعين والحاضرين. والرضا والمحبة غير المشيئة والارادة. فلا يرضى لعباده الكفر ولو شاء ربك ما فعلوه. نعم. قال رحمه الله تعالى والرضا والمحبة المشيئة والارادة. هذا تفريق بين الارادة الالهية وبين المحبة. وان والارادة تفارقها. وهذا التقسيم والتفريق بين محبة الله. وبين مشيئته وارادته هي طريقة وعليها جمهور الاشاعرة وكثير منهم. بينما لا يقرر السلف هذا التقسيم على اطلاقه في التفريق بين محبتي والارادة لكنهم يقسمون الارادة كما تعلمون او المشيئة الى قسمين. ارادة او مشيئة كونية وهي ترادف معنى العلم والقدر. وهي لا تستلزم المحبة. فان الله عز وجل ليس شيء واقع في خلقه الا بارادته سبحانه ومثل ذلك تتنزل عليه النصوص في مثل قوله سبحانه وما تشاؤون الا ان يشاء الله وما تشاؤون الا ان يشاء الله رب العالمين. فلا يقع شيء في الكون الا بمشيئته سبحانه. سواء كان هذا الواقع امرا مشروعا بمعنى انه مطلوب شرعا او كان ضد ذلك فلا يقع في الكون من طاعة او معصية من ايمان او كفر من خير او شر من ضلال او هدى من حق او باطل الا وهو تحت مشيئة الله لعموم قوله وما تشاؤون الا ان شاء الله ان الله كان عليما حكيما. والقسم الاخر هي الارادة الشرعية او المشيئة الشرعية وهي التي تستلزم محبة وهي المقصودة بكل شيء اراده الله من خلقه شرعا. وهي طاعته والايمان به والاستجابة لرسله امره واجتناب نهيه وما الى ذلك من المعاني. فهذه ارادة شرعية وهي مستلزمة للمحبة. فلا يريد الله بهذا المعنى في الارادة شيئا الا احبه سبحانه ورضيه. والله جل جلاله ذكر انه لا يرضى لعباده الكفر فمثل ذلك تجتمع به الادلة على خلاف ما قررته بعض الطوائف. فاراد الله سبحانه كفر الكافر كونا. ولم يرده شرعا واراد سبحانه ايمان المؤمن كونا وشرعا. واراد سبحانه ايمان الكافرين شرعا اراده بمعنى انه علم وقوعه واراده منه بانه خاطبه به سبحانه وامره به. مع علمه بعدم وقوع ذلك منه في يطول وهذا التقسيم الذي عليه السلف هو احد قولي ابي الحسن الاشعري والمحققين من اصحابه. فيما ذهب المصنف رحمه الله الى اطلاق التفريق بقوله والرضا والمحبة غير غير المشيئة والارادة. بمعنى الكونية نعم. اما الشرعية فانها تستلزمها. قال فلا يرضى لعباده الكفر ولو شاء ربك ما فعلوه. نعم. هو الرازق والرزق ما انتفعوا به ولو حراما. نعم. هذه جملة اخرى نسبة الرزق الى الله سبحانه. وكم في كتاب الله من تقرير ذلك وفي سنته عليه الصلاة والسلام ان الله هو الرزاق ذو القوة المتين. وما من دابة في الارض الا على الله رزقها. وكأين من لا تحمل رزقها الله يرزقها واياكم وهو السميع العليم. ثم قال رحمه الله والرزق ما ينتفع به ولو حراما وهذا تقرير لما خالف فيه المعتزلة. فانهم قيدوا الرزق بالحلال. فالرزق عندهم المملوك يأكله مالكه وما كان حراما لا يصدق عليه انه مملوك لاكله. فلا يدخل عنده في مسمى الرزق. فالحرام عندهم ليس رزقا. والجمهور على شمولية لفظ الرزق للحلال والحرام. وقد قال الله في سورة يونس قل ارأيتم ما انزل الله لكم من رزق ان فجعلتم منه حراما وحلالا. قل االله اذن لكم ام على الله تفترون؟ فجعل سبحانه وتعالى الرزق او سمى وعيني رزقا وعموم مثل قوله تعالى وما من دابة في الارض الا على الله رزقها. وهذا العموم يشمل الاكل رزقا حلالا والاكل حراما. فالظالم والغاصب يأكل ما بيديه مما سيق اليهم. فمسمى الرزق لا يستلزم حله بخلاف ما قرره المعتزلة وتأولوا تلك النصوص التي جاء فيها العموم. نعم بيده الهداية والاضلال. خلق الضلال والهداية وهو الايمان. والتوفيق خلق القدرة والداعية الى الى الطاعة. وقال امام الحرمين خلق الطاعة. والخذلان ضده. نعم. عند الهداية بيد العبد يهدي نفسه او يظلها. ذلك لان المعتزلة يقررون ان عبد يخلق افعال نفسه خلافا لما عليه طوائف المسلمين كافة. وان العبد لا يخلق افعال نفسه بل سبحانه خالق العباد وخالق افعالهم. والله خلقكم وما تعملون. ومن هنا صنف الائمة في خلق افعال العبادة كما فعل البخاري وغيره رحم الله الجميع. فتقرير المعتزلة استدعى تقرير هذه الجمل خلافا لما قرروه في عقائدهم وهم يرون ان العبد يظل نفسه فيكون هو سبب اظلال نفسه. او هو الذي يهدي نفسه ونسبة الهداية الى الله عز وجل في النصوص التي تنسب فيها ولكن الله يهدي من يشاء الله يظلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم يجعلون نسبة الهداية الى الله في تلك النصوص بمعنى انه اعان عليها. لا انه خالقها وموجدها في لعباده وخلقه وانه لا يضل احدا ويرون هذا في عقيدتهم ضمن ما يسمى بالعدل المنسوب الى الله. وان الله لا يقضي على عبده كفرا او ضلالا ومعصية ثم ويحاسبه ويجازيه على ذلك. فنفوا ايضا نسبة الاظلال الى الله جل جلاله. وجعلوا ذلك من تمام تنزيههم له سبحانه ونسبوا ايضا جعلوا معنى نسبة الاظلال الى الله في النصوص بمعنى انه منع الالطاف التي يحصل بها الاهتداء للعبد فعلى كل يرون ان العبد يظل نفسه ويهدي نفسه. فيما يذهب اهل السنة لان الهداية هدايتان. هداية ارشاد ودلالة. والله عز وجل جعلها في اياته ورسله وفي كونه سبحانه عز وجل. وهداية التوفيق له وحده سبحانه. بمعنى اصابة الحق وقد ذكر المصنف معنى التوفيق عقب الهداية لشدة التلازم والارتباط الذي بينهم وهنا تفهم تلك النصوص كيف يقول الله لنبيه عليه الصلاة والسلام انك لا تهدي من احببت. ويقول له في اية اخرى وانك لتهدي الى صراط مستقيم. كيف يثبت له الهداية وينفيه عنه؟ فالمقصود انه نسب الهداية اليه بمعنى اهداية الارشاد والدلالة ونفى الهداية عنه صلى الله عليه وسلم بمعنى التوفيق لاصابة الحق. وذلك بيد الله وحده قال رحمه الله خلق الظلال والهداية وهو الايمان. ثم فسر التوفيق بانه خلق القدرة الداعية الى الطاعة عندما يخلق الله قدرة في عبده فان هذا توفيقا ولك ان تقول التوفيق جعل الله سبحانه فعل عبده وافقا لما يحب ويرضى فاذا جعل الله فعل العبد موافقا لمرضاته كان هذا توفيقا. ومن هنا جاء معنى التوفيق لانه من الموافقة والتوافق بين ما يفعله العبد وبينما يطلبه منه ربه سبحانه وتعالى. عرف امام الحرمين التوفيق بقوله خلق الطاعة ولم يجعله خلق القدرة لان قدرة العبد ليست في فعله فاحترز بذلك عما يقرره المعتزلة وبعدوا عنهم. قالوا والخذلان ضده يعني خلق قدرة المعصية او على طريقة امام الحرمين خلق المعصية. فعلى كل الله عز وجل عدل سبحانه. حرم الظلم على نفسه وجعله محرما بين عباده. فلن ترى عبدا ضالا شقيا عاصيا. ولن ترى ذلك الا بسبق بالله والله عز وجل قد علم سبحانه ان مثله ليس يهتدي وتجد مثل ذلك في النصوص فلما زاغوا ازاغ الله قلوبهم وامثال هذا كثير. فكتب الله الزيغ والضلال والشقاء والمعصية والغواية على من منه سبحانه انه ليس اهلا للطاعة. ومع ذلك فقد اتى عباده المهلة واعطاهم الفرصة واكسبهم حجة واتاهم العقل والبصيرة وقال وهديناه النجدين. ومع ذلك فظل من ظل بسبق علم الله وعدله. واهتدى من اهتدى بسبق علم الله عز وجل وعدله ايضا ورحمته. فالله رحيم بخلقه على السواء عدل معهم على السواء واقتضت حكمته ان يجيب بعض عباده دعوته وان ينأى بعضهم عنها فخلق العباد منهم مؤمن ومنهم كافر هذا ما يعتقده اهل اهل السنة والجماعة خلافا لمن فارق هذه الجمل في اعتقادهم. نعم والخذلان ضده واللطف ما يقع عنده صلاح العبد اخرة المعتزلة اللطف ما يختار المكلف عنده الطاعة تركا او فعلا. ما يختاره المكلف ايضا لما اول ان يفارقوا بين فعل العبد وبين تقدير الله وسبق قضائه وقدره. او قالوا هو ما يمكنه ان يفعله في واللطف يختلف باختلاف المكلفين عندهم. وليس في معلوم الله ما هو لطف في حق الكل. وحملوا مثل قوله تعالى ولو شئنا اتينا كل نفس هداها ولو شئنا بمعنى على القصر والالجاء. ان الله يلجأ بعض خلقه على هذا او ذاك فهم يفسرون هذا وفق نظرهم وتقرير عقيدتهم في القدر الذي يخالفون به اهل السنة. نعم والختم والطبع والاكنة خلق الضلالة في القلب. هذه مصطلحات ان الله عز وجل كما قال ختم الله على قلوبهم في المنافقين بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون الا قليلا. وقالوا جعلنا على قلوبهم اكنة ان يفقهوه. كل هذه اوصاف تعتري القلوب الزائغة المحجوبة عن الله التي لا تصيب الهداية ولا الحق ولا الرشاد. هذه اوصاف الختم ختم الله او طبع الله او في قلوبهم جعلنا على قلوبهم اكنة. قال في تفسير تلك الالفاظ جعلوا او خلق الضلالة في القلب. فاذا خلقت الظلالة في القلب حجب عن الهداية والعياذ بالله. الاكنة هي السترة جمع كن ويجمع ايضا الكن على اكنان وتجمع كنان اذا قلت مفرده مفرده فهو الغطاء الذي يكن فيه الشيء والجمع اكنه فاما كنان وجمعه اكن او كن وجمعه اكنان وكلاهما وارد في كتاب الله تعالى. ومن الجبال اكنانا فالمقصود انه يجعل القلب في شيء يعزله ويحجبه عن نور الحق والهدى فلا يصيب شيئا من هداية ولا من وعظ الواعظين او نصح الناصحين. نعم والماهيات مجعولة وثالثها ان كانت مركبة. هذه مسألة فلسفية محضة هل الماهية مجعولة او ليست كذلك ولسنا بحاجة الى الخوض في دقائقها وحسبكم من فهمها الجملة التالية. قولهم الماهيات مجعولة يمكن ان تفهمها بما اتفقوا على ان الممكن وعندهم تقسيم الاشياء ثلاثة ممكن ومستحيل وواجب. فالممكن الجائز الوجود ليس مستحيلا ولا واجبا يأتي وسطا يقولون الممكن لابد له من فاعل مؤثر فيه لأنه ليس مستحيلا حتى يوجد ولا واجبا حتى يجب وجوده من غير شيء. فهو ممكن. فاتفقوا على هذا ان الممكن لابد له من فاعل مؤثر فيه. ثم اختلفوا هذه الممكنات جائزة الوجود قبل دخولها في الوجود من حيث هي ممكنة قبل ان تخرج الى حيز الوجود. هل هي بتأثير فاعل فيها بجعلها ذواتا ام في جعل الذوات موجودة واخراجها الى حيز الوجود؟ والخلاف في هذه المسألة ينبني على قضيتين او اللتين فيهما خلاف. الاولى شيئية المعدوم. هل المعدوم يسمى شيئا او لا؟ والمسألة الثانية الماهيات. هل هي متقررة بذواتها اولى او متقررة بغيرها. هاتان جملتان. فعند اهل السنة المعدوم ليس شيئا وعندهم ايضا ان الماهيات لا يمكن استقلالها بذواتها بل بجعل جاعل لها ومؤثر فيها. وينبني على ذلك ان الماهيات مجعولة او موجودة بذاتها مجعولة بمعنى ان الله عز وجل جعلها موجودة ولولا ذلك لم لها وجود. فاتفقوا على ان المعدوم ليس شيئا ولا ذاتيا ولا ثابتا. وان الماهيات غير متقررة بذواتها. اذا اهيات مجعولة بجعل الله تعالى. وخالف في ذلك المعتزلة فقالوا المعدوم شيء ويقولون بشيئية المعدوم عليه يصح ان يسمى المعدوم شيئا. وقرروا ايضا ان الماهيات متقررة بذواتها. فانبنى على ذلك ان الماهيات مجعولة حال العدم في الخارج ولا تأثير للصانع فيه يعني لا تحتاج الى تأثير مؤثر وانه لا تأثير للصانع الا في اعطائها صفة الوجود لا في جعلها. اما هي مجعولة ومنهم من يرى ان المسألة تعود الى خلاف اللفظ فيما يقرره المعتزلة من كون الاشياء مجعولة بذاتها او بجعل الجاعل لها وعلى كل فالمسألة كلامية محضة لا ينبني عليها شيء سوى ما يتقرر عند القوم. قال والماهيات مجعولة وثالثها ان كانت مركبة فيفرقون بين الماهيات البسيطة او المركبة. نعم ارسل الرب تعالى رسله بالمعجزات الباهرات. وخص محمدا صلى الله عليه وسلم بانه خاتم النبيين المبعوث الى الخلق اجمعين المفضل على جميع العالمين وبعده الانبياء ثم الملائكة عليهم السلام. نعم هذه ايضا جمل اخرى من عقائد اهل الاسلام. ارسل الله سبحانه رسوله معجزات الباهرات والمقصود بالمعجزات هنا كل شيء يجعله الله عز وجل على يدي الانبياء والرسل امورا خارقة تحمل معنى التحدي والتعجيز فيها اثبات لصدق النبوة وحمل للعباد على الايمان والتصديق المعجزات متعددة والمقصود منها اثبات صدق نبوة النبي. ودفع الاعتراض وكسر حاجز التحدي بينهم وبين المكذبين قال وخص محمدا صلى الله عليه وسلم بانه خاتم النبيين عليه الصلاة والسلام وهذا مقرر في قوله ما كان محمد ابا احد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليما. المبعوث الى الخلق اجمعين. هذه ايضا من خصوصياته. عليه الصلاة والسلام كما بقوله كان كل نبي يبعث الى قومه خاصة وبعثت الى الناس كافة. وفي الفاظ بعثت الى الاحمر والاسود والله قد قال ايضا وما ارسلناك الا رحمة للعالمين. فهذه من خصوصياته عليه الصلاة والسلام والجمل في خصوصياته متعددة. جاء في بعض حديث انها خمس او ست خصال شيء خصه الله به عن سائر الانبياء والمرسلين عليهم وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام. قال رحمه الله المفضل على جميع العالمين. هذا ايضا مما تقرر في عقائد اهل الاسلام هذا مما تقرر في عقائد اهل الاسلام تفضيل نبينا صلى الله عليه وسلم على جميع الانام. تفضيلا من وجوه لا حصر لها فظله الله جل وعلا ورفع قدره واعلى شأنه وخصه بما لم يؤته احدا من البشر قبله او بعده صلوات الله وسلامه عليه. وهذه الخصوصية في التفضيل تعود الى امور عدة. اعظمها مكانته التي بوأه الله اياها. وما هيأه له في الاخرة من المقام المحمود والمكانة الرفيعة والوسيلة والفضيلة. فهذا ايضا مما تنطوي عليه قلوب اهل الاسلام اعتقاد تفضيل اطلاقا عليه الصلاة والسلام والنصوص في هذا المعنى متواترة كثيرة متعددة الوجوه. قال وبعده الانبياء اما الملائكة عليهم السلام في ترتيب الافضلية بعد نبينا صلى الله عليه وسلم من الخلق كافة تأتي درجة الانبياء جميعا وهم ايضا مراتب وهذا مقتضى قوله سبحانه وتعالى ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض. وقوله سبحانه ايضا تلك الرسل ظل بعضهم على بعض. والذي يذهب اهل السنة عموما تفضيله صلى الله عليه وسلم. ثم يتلوه الانبياء تباعا ابراهيم فموسى فعيسى وقيل نوح ثم تأتي تفضيل الانبياء عليهم السلام على اختلاف وتفاوت. في الجملة تأتي مرتبة الانبياء قبل سائر البشر ثم بعد الانبياء تأتي مرتبة الملائكة على سائر البشر ايضا وباقي الخلق من الجن وغيرهم الملائكة عائدة الى ما اثنى الله تعالى به عليهم. في قوله سبحانه عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بامره يعملون يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم ولا يشفعون الا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون. وقال ايضا سبحانه وتعالى عنهم عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون. فوصفه بتلك الاوصاف الحميدة التي دلت على مرتبتهم ولعصمتهم عليهم السلام من معصية الله والخطأ. فهم بهذا الوجه مكرمون. قول المصنف وبعده الانبياء ثم الملائكة يشير ايضا الى خلاف ان هذا التقسيم الذي عليه جمهور الاشاعرة وهي رواية عن ابي حنيفة في تفضيل الانبياء على الملائكة بينما تذهب الفلاسفة ويرجح المعتزلة تفضيل الملائكة على الانبياء بعد نبينا صلى الله عليه وسلم واختار ذلك الامام ابو بكر الباقلاني والاستاذ ابو اسحاق الاسفرانيني. واختاره الرازي ايضا في المعالم. بينما رجح في المحصول تفضيل الانبياء مذهب الجمهور وتوقفت طائفة من العلماء ذكر الامام البيهقي رحمه الله هذه المسألة وتفاوت اهل العلم في ان الملائكة افضل ام الانبياء افضل؟ وبعد ما ساق الخلاف ترى ان لكل وجهته والامر فيه سهل. قال وليس فيه فائدة سوى معرفة الامر على ما هو عليه وانه لا ينبني على ذلك شيء من مسائل الاعتقاد ولا من مسائل العمل. نعم والمعجزة امر خارق للعادة ومقرون بالتحدي. مع عدم المعارض والتحدي الدعوة. بعدما ذكر المعجزات قال المعجزة امر خارق للعادة مقرون بالتحدي مع عدم المعارض. والتحدي قال هو الدعوى. يعني الدعوة والى امكان الاتيان بمثله والمضاهاة. قوله امر خارق يشمل الفعل وعدم الفعل. ما قال فعل الخارق قال امر خارق يشمل الفعل مثل انشقاق القمر فهذا امر خارق. مثل ذهابه عليه الصلاة والسلام في الاسراء والمعراج. هذا امر خارق وتكفير الطعام بين يديه ونبع الماء من بين اصابعه صلوات الله وسلامه عليه. هذه افعال ويشمل ايضا عدم في علم مثل عدم احراق النار ابراهيم عليه السلام. فانها ايضا معجزة وهي امر خارق. فلم يعرف بانها فعل لان لا الخروج عدم الفعل. قوله مقرون بالتحدي تخرج به الامور العظائم التي ليست على سبيل التحدي مثل كرامات الاولياء. فانها ايظا خوارق في الغالب على خلاف ما يعتاد البشر. والفرق بينها وبين المعجزات اعني الكرامات جانب التحدي والتعجيز. فان معجزات الانبياء لا يستطيع البشر الاتيان بمثلها. وتأتي على وجه التحدي والتعجيز للبشر ان يفعلوا مثله. اما كرامات الاولياء وان وقعت لبعض الانبياء قبل النبوة فلا تسمى معجزة. مثل تسليم الحجر عليه صلى الله عليه وسلم قبل النبوة فان لم تكن انذاك مساقة مساق التحدي والتعجيز. ومثل تظليله الغمامة في قصة اتيانه مع عمه ابي طالب رحلة الشام قبل النبوة. وامثال هذا من ما جاءت به الروايات فانها لم يقصد بها التحدي فلا يسمى معجزة. لكن ما كان بعد النبوة فهي مقصود بها تحدي الاقوام وتعجيزهم قوله رحمه الله مع عدم المعارض خرجت الشعوذة والسحر فانها وان كانت فيها شيء من تحدي قرين واظهار الخوارق لكنها منتفية بوجود المعارض لها وهي انها ليست من الله جل وعلا وانها دجل وشعوذة وشيء من الخداع للبصر ومن تظليل النظر ومما يفعلونه افكا وزورا وليس على حقيقته كما يظهر للناظرين قوله والتحدي الدعوة كما قلت يعني هي الدعوة الى المعارضة قل فاتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم هذا هو التحدي وهي دعوة الاقوام الى الاتيان بمثله وتعجيزهم عن مثل ذلك. نعم والايمان تصديق القلب ولا يعتبر التصديق الا مع التلفظ بالشهادتين من القادر وهل التلفظ شرط او شطر فيه تردد؟ نعم يذهب علماء السلف كافة الى ان الايمان يرتبط بين القلب والبدن وان جوهره وجزءه الاهم والاكبر فيما يستقر في القلب فهو اعتقاد الجنان. ثم يضيفون الى ذلك نطق اللسان وعمل الجوارح. فيجعلون الايمان من هذه الثلاثة الاشياء في مجموعها تمثل الايمان. تصديق القلب وهو ما يستقر فيه من التصديق الجازم. ونطق لساني بالشهادتين للدخول في الدين. وامتثال الجوارح بالعمل والطاعة والاتيان بما امر الله الانكفاف عن الحرام. لكنك ترى ان الجزء الاهم في ذلك الذي يثبت به موجب الايمان لصاحبه هو عقيدة القلب وتلفظ اللسان جزء منه قال المصنف والايمان تصديق القلب. لا يقصد بذلك ايمان المرجئة ان مجرد الاقرار القلبي بمعزل عن كل ما يناقضه او يعارضه انه يحقق الايمان لصاحبه. لكن يقصد والجزء الاكبر في معنى الايمان وانه عمل القلب وتصديقه. ثم قال ولا يعتبر التصديق الا مع التلفظ بالشهادة ادتين من القادر قيد بالقادر لاننا متفقون على ان الاخرس يكمل ايمانه ويتم بمجرد اعتقاده لانه لا قدرة له على الكلام. ومثله المؤمن بعد كفر الذي اسلم واستقر في قلبه ولم يسعه التلفظ بالشهادتين قبل الايمان ودخل في الدين واعتنقه الا انه ما اتسع له ان يتلفظ بالشهادة فهذا خارج عن محل النزاع. لكن ماذا عن القادر على النطق بالشهادتين فلم ينطق بها؟ اهو مؤمن؟ قال رحمه الله ولا يعتبر التصديق الا مع التلفظ بالشهادتين من القادر هذا ذكره المصنف رحمه الله وهو مذهب الاكثرين من الاشاعرة بينما حكى الغزالي عن الجويني وقرره هو ان التلفظ ليس شرطا في حصول الايمان المنجي للعبد من النار. لكنه شرط احكام الاسلام الظاهرة عليه ولما قتل الصحابي رجلا لاذ وقد قال اشهد ان لا اله الا الله فزعم انه لم يطابق قلبه ما في لسانه قال عليه الصلاة والسلام هلا شققت عن قلبه؟ هذا مع وجود التلفظ. فاعمل النبي عليه الصلاة والسلام وقرر الامة ان احكام الاسلام الظاهرة تجري لمن اظهر الاسلام نطقا ولا يظهر الا بالشهادتين. ولهذا اجرى على اهل النفاق حكم الاسلام ظاهرا فعصم دماءهم عليه الصلاة والسلام واوكلهم في بواطن امورهم الى ربهم جل جلاله فكانت هذه عدة مطردة على كل فاحكام الاسلام الظاهرة تبنى على النطق بالشهادتين والتلفظ بها وليس عده مسلما واما الخلاف عند الرفض والاصرار مع القدرة فهذا لا خلاف ايضا في كفر صاحبه. بمعنى انه يزعم كونه مؤمنا ثم ثم يطلب منه اثبات ذلك بنطق الشهادتين فيابى ويصر على ذلك ويمتنع فلا تفسير لذلك الا الاصرار على الكفر والتسمي بالايمان مع الاتيان بما يناقضه وعدم اثبات ذلك بالشهادتين. نعم قال رحمه الله وهل التلفظ شرط او شطر؟ يعني هل النطق بالشهادتين شرط لصحة الايمان ام شطره يعني نصفه ومكمله قال فيه تردد واشار فيه الى خلاف اهل العلم وانه عند المتكلمين التلفظ شرط للايمان. وعند السلف هو شطره بمعنى مكمله الاخر الذي به يتم ويعصم به الدار في الدين في ماله ونفسه ودمه والاسلام اعمال الجوارح. ولا تعتبر الا مع الايمان والاحسان ان تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك. ساق المصنف رحمه الله ذكر الاسلام وعلاقته بالايمان وارتباطهما بالاحسان كما تقرر في حديث جبريل عليه السلام الذي اخرجه مسلم وغيره من حديث عمر رضي الله عنه في جبريل عليه السلام الى النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يسأله عن الاسلام فالايمان في الاحسان. قال رحمه الله والاسلام اعمال الجوارح وهذا ولا شك عندما يفرد ذكر الاسلام مقترنا بالايمان فينصرف الى اعمال الجوارح الظاهرة التي جاءت بذكر الاركان الصلاة بعد الشهادتين والصيام والزكاة والحج. هذا هو مراد الاسلام. فتنصرف الى اعمال البدن الظاهرة ويبقى الايمان مرادا به ما يستقر في القلب ويعتقده الصدر من عقيدة التوحيد. فاذا افترقا اجتمعا فاذا ذكر الاسلام وحده شمل الايمان. واذا ذكر الايمان وحده شمل الاسلام على القاعدة الشهيرة في العلاقة بين المصطلحين الشرعيين انهما اذا افترقا اجتمعا اذا افترقا لفظا في السياق اجتمع في الواحد منهما دلالة الاثنين. واذا اجتمعا في السياق افترقا بمعنى ان يستقلا فكل منهما بدلالة على مراده الخاص فالايمان للباطن والاسلام للظاهر. ولهذا اكد المصنف بعدما قال الاسلام اعمال الجوارح قال ولا تعتبر الا مع الايمان. يعني لا يكفي اسلام ظاهر من غير عقيدة صادقة بايمان راسخ. وانها تعتبر ثم قال والاحسان ان تعبد الله كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك. ما عرف الاحسان بشيء من هذا ولا يمكن ان يزعم احد انه يعرف الاحسان باتم من هذا التعريف بانه جاء على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم. والحقائق الشرعية تبلغ ذروة المعنى الواضح والكامل والجلي والعبارة المستقيمة عندما تأتي تعريفاتها وحقائقها في النص الشرعي. فهنا لا يعدل ابدا عن تعريف لمصطلح وحقيقة شرعية اذا غفر فيها بنص شرعي يأتي على حقيقتها. والعدول عنها عدول عن الفاضل الى المفضول. وعن الواضح الى الغامض المعصوم الى غيره مما يمكن ان يرد عليه ايراد ما. ومعاني هذه تطول وقد افاض فيها اهل العلم والمجلس هنا لا يتسع لذلك. لكن انه لا شك يظهر من معناه سمو ومعنى الاحسان وعلو درجته وانه يبلغ بصاحبه مرتبة رفيعة يستشعر فيها مراقبة الله سبحانه واطلاعه على نحو استوى فيه عمله الصغير والكبير الظاهر والخفي بصدق شعوره واستحضاره رؤية الله واطلاعه سبحانه وتعالى عليه نعم والفسق لا يزيل الايمان والميت مؤمنا فاسقا تحت المشيئة اما ان يعاقب ثم يدخل الجنة واما ان يسامح بمجرد فضل الله او مع الشفاعة. نعم هذه جملة اخرى مهمة في عقائد اهل السنة يفارقون بها كلا من المعتزلة والخوارج والمرجية فانها مرتبة وسط واهل السنة ما يزالون كذلك في كل ابواب العقائد فضلا من الله. فان المعصية عند اهل السنة بايمان المؤمن تنقص من ايمانه. لكنها لا تخرجه اذا فالمؤمن حال وقوع المعصية وتلبسه بالخطيئة ينقص ايمانه. فليست هي بالتي لا تضر ايمانه في شيء كما يقول المرجئة. وليست هي بالتي تقذفه خارج دائرة الايمان كما يقرر الخوارج والمعتزلة. هو باق داخل دائرة الاسلام مؤمن لكنه ضعيف الايمان ناقص الايمان لا يبلغ تمامه ولا يستشعر حلاوته اذا كان كذلك. هذا المؤمن وانت ترى انه وسط بين الطائفتين عندما يقرر المرجئة اولا انه لا يظر مع الايمان ذنب انه لا يظر مع الايمان ذنب كما لا ينفع مع الكفر طاعة. وهذي مفارقة شديدة لما دلت عليه جملة النصوص الشرعية وغولاتهم يجعلون كل من اقر بوجود الله على درجة في الايمان سواء. وان ايمان ابي لهب وابي جهل وفرعون كايماني الملائكة وجبريل وميكائيل الى اخر ما قالوا وان ابليس كان مؤمنا لانه يقر بوجود الله. الى تلك السقطات العجيبة يقابلهم ايضا غلاة الخوارج والمعتزلة. عندما يقرر الخوارج تكفير مرتكب الكبيرة. وانه بوقوعه في شيء من الكبائر فارق الايمان من وزايله واصبح في عداد اهل النار المخلدين فيها ان لم يتب. وتوسط المعتزلة فقالوا هو فاسق لا مؤمن ولا كافر وابتدعوا المنزلة بين المنزلتين ثم استقر قوله مع الخوارج في مصيره ومآله. فقالوا ان مات كذلك فهو في النار. اهل السنة يرون ان صاحب الكبيرة الفاسق بكبيرته له احد حالين. اما ان يتوب قبل الممات او يموت على معصيته وكبيرته وفسقه عياذا بالله. فان تاب تاب الله عليه والله يقبل ويتوب الله على من تاب كما في الحديث فان مات كافرا عفوا فان مات على معصيته غير تائب وهو الذي قال فيه المصنف والميت مؤمنا فاسقا يعني مات على فسقه ولم يتب. قال بكل وضوح تحت المشيئة يعني ان شاء سبحانه عذبه واخذه بمعصيته وان شاء غفر له. وجملة النصوص تقرر هذا المعنى ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء وما دون الشرك يشمل كل المعاصي الكبائر والصغائر. والله عز وجل ان شاء غفرها ولا تسأل كيف. فرحمة الله تسع خلقه اجمعين. بل ان رحمة الله التي جعلها عز وجل لعباده جعل منها جزءا به الخلق في هذه الدنيا انسهم وحيوانهم يتراحمون بجزء من مائة جزء وادخر الله تسعة وتسعين جزءا من رحمته يرحم به الخلائق يوم البعث يوم القيامة. فما ظنك برحمة قال الله عز وجل ورحمتي وسعت كل شيء؟ فهذا المعول معول اهل الجنة في دخول الجنة على رحمة الله. ومعول العصاة في التجاوز عن عصيانهم على رحمة الله. ومعول المسلم المعذبين في النار بسبب تراكم ذنوبهم وغلبة سيئاتهم ايضا على رحمة الله. فالكل عالة على الله يوم القيامة يستوي في هذا الانبياء والمرسلون والبشر العصاة والطائعون البررة والفساق الكل فقير الى رحمة الله في الدنيا وفي الاخرة ولا شك لكن في الاخرة اجل واعظم. فالمقصود ان صاحب الكبيرة المؤمن الذي مات على كبيرته كان يموت على الربا والعياذ بالله على الخمر على الزنا على السحر على شيء من الكبائر التي ما تاب منها حتى لقي الله فان اهل السنة يصلون على المؤمن الفاسق ولو كان صاحب كبيرا ولو لم يكن محتاجا الى الرحمة ما صلوا عليه ولا سألوا الله له الرحمة. فانه ليس كافرا عندهم يترحم عليه. ويرجى له العفو والمغفرة ويسأل الله عز وجل ان يتوب عليه ويعفو. ثم يوم القيامة ان شاء الله غفر له وان شاء عذبه سبحانه وتعالى. والله عز وجل قد يعاقبه يدخله النار بقدر ذنبه وخطيئته ومعصيته فاذا حوسب على ذنبه اخرج من النار باصل ايمانه فيدخل الجنة. وقد يغفر الله له عز وجل فلا يدخله النار اما ان تغلب حسناته على سيئاته. واما ان يقبل الله فيه شفاعة احد من الشافعين يأذن له سبحانه بالشفاعة يقبلها وهنا باب كبير وقد ساق شيخ الاسلام وغيره رحم الله الجميع عشرة اسباب يغفر الله تعالى بها المؤمن الفاسق العاصي اعظمها واكبرها رحمة الله ان يغفر له لا بشفاعة احد ولا لان حسناته حسناته اكثر ولا لانه له سابقة عمل توجب له رحمة الله بل يطلع الله على عباده فيرحم من شاء رحمة منه وفضلا سبحانه وتعالى. فالمعول كما قلت بالدرجة الاعظم يوم القيامة على رحمة الله. في كل ما يرجوه العباد. قال المصنف رحمه الله والميت مؤمنا فاسقا تحت المشيئة. اما ان يعاقب ثم يدخل الجنة واما ان يسامح. بمجرد الله قال او مع الشفاعة من يشفع من يشفع الشفاعات متعددة يشفع الانبياء. وعلى رأسهم نبينا صلى الله عليه وسلم ويشفع الصالحون والاولياء يشفع الاباء والامهات لاولادهم يشفع الاولاد لابائهم وامهاتهم. يشفع المؤمن الصادق اخيه المؤمن المصاحب له في الدنيا يشفع الملائكة وتسأل الله الرحمة والمغفرة وفضل الله واسع ويأذن الله لمن شاء ولا يقبل سبحانه الا لمن اذن له الشفاعة ورضي له قولا. فاذا قبل الله شفاعة احد نجى برحمة الله اما ان يخفف فعنه العذاب او يزول عنه او ترتفع درجته في الجنة او يخرج من النار او يمنع من دخول النار بعد ان استوجبها كل ذلك رحمة الله. فيا قوم هذه العقيدة في قلوبنا يا اهل السنة والله انما تزيد في قلب العبد تعلقه بربه. وانه مهما اسى ومهما اذنب واخطأ ومهما بعد عن الله يعرف ان له ربا رحيما. وان رحمته واسعة وان كرمه فلا يزال يقبل مهما بعد ولا زالوا يقترب مهما تباعد يعرف ان له رحمة عند ربه تسعه وتسع العباد اجمعين. فهذا من اعظم ما يجعل قلوب اهل الاسلام في عقائد اهل السنة يجعل قلوب العباد مقبلة على الله والا يستصغر الفاسق اجروا وذو الكبيرة الا يستصغر طاعة في جنب الله. والا يستقل شيئا تجلب له رحمة الله فانه لا يدري باي حسنة يدخل ولا يدري ايضا باي زلة وخطيئة ومعصية توجب له سخط الله والعياذ بالله. فهذه عقائد صحيح تقرر وتدرس لكن من رأي ذلك امر عظيم وحال كبيرة في حياة اهل السنة والجماعة وهم يعتقدون هذه المسائل التي بها تجتمع نصوص الشريعة بين الوعد والوعيد فيما غلبه المرجئة في اتجاه او الخوارج والمعتزلة في اتجاه اخر. نعم واول شافع واولاه حبيب الله محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم. نعم. لما ذكر الشفاعات ذكر هذه الجملة ايضا فيما صح به النص قوله عليه الصلاة والسلام انا اول شافع واول مشفع. ان كان باب الشفاعة مفتوحا يوم القيامة لمن يأذن الله لمن يشاء ويرضى والملائكة تشفع والصالحون والانبياء فمن كرامة الله لنبينا عليه الصلاة والسلام انه اول من يشفع يوم القيامة بين يدي الله واول مشفع يعني اول من تستجاب شفاعته ويقبل الله عز وجل له صلى الله عليه وسلم فهذا ايضا مما يعتقده المسلمون فخرا بانتسابهم الى هذا النبي العظيم صلى الله عليه وسلم وحرص على الاقتراب من هديه وسيرته واتباع سنته والطاعة لكل ما جاء به صلوات ربي وسلامه عليه. نعم ولا يموت احد الا باجله والنفس باقية بعد موت البدن وفي ثنائها عند القيامة تردد. قال الشيخ الامام والاظهر لا تفنى ابدا. لا يموت احد الا باجله. وما كان لنفس ان تموت الا باذن الله كتابا مؤجلا. وانه لن تموت نفس حتى تسوفي رزقها واجلها. كل ذلك سابق في علم الله قبل ان يخلق الخلق ومنذ ان يكون احدنا جنينا في رحم امه يكتب رزقه واجله وعمله وشقي او سعيد. فانه لا يموت احد حتى يأتي الاجل وكم يتعرض البشر لاسباب الموت فيبقى لاحدهم في عمره بقية لان اجله لم يحن. وكم يظن الصحيح والصغير والمعافى ان الحياة امامه ممتدة فيكون الاجل دون ذلك واقرب. وكل ذلك في علم الله سبحانه وتعالى قال والنفس باقية بعد موت البدن. ماذا يقصد بالنفس الروح باقية بعد موت البدن. فيفنى البدن وتبقى الروح. فاين تكون في عالم البرزخ وهذه حياة البرزخ تحيا فيها الارواح دون الابدان. حياة حياة لا يعلمها الا الله ليست ايات الاحياء في الدنيا وليست كحياة الاخرة. حياة الاخرة كاملة من كل وجه. وحياة الدنيا ناقصة تشوب وهالشوائب وحياة البرزخ بين ذلك ليست في كمال هذه ولا تلك ولا يعلم حقيقتها الا الله. ويدل على بقاء اياتي جملة بقاء حياة الارواح جملة من النصوص في مثل قوله ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربه مرزقون هي حياة البرزخ. وقوله في ال فرعون النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ولا يساعد على تفسير هذا نار جهنم في الاخرة لانه قال ويوم القيامة ادخلوا ال فرعون اشد العذاب. فبين بهذا ان النار التي يعرضون عليها قبل نار الاخرة في جهنم والعياذ بالله. مثل قوله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين ارواح الشهداء في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بعرش بالعرش تسرح من الجنة حيث جاءت الى اخر بما في الحديث فهذا دليل على ما يذهب اليه اهل الاسلام في عقيدتهم ان الارواح باقية بعد موت البدن. السؤال فاذا كان يوم القيامة هل تبقى الارواح ام تفنى اذا كان يوم القيامة وهي في في قبل القيامة في حياة البرزخ الصحيح انها باقية. قال وفي ثنائها عند القيامة تردد قال الشيخ الامام يقصد والده تقي الدين السبكي والاظهر لا تفنى ابدا يعني ان ارواح البشر هي التي تبقى معهم في حياة الاخرة. وهو محل نظر فهل تقول انها تفنى اذا قيمة القيامة وحلت الدار الاخرة. فكما يكون لهم ابدان بخلق جديد. تكون الارواح ايضا سوى التي كانوا عليها في دنياهم قال فيه تردد وليس في ذلك نص يمكن التعويل عليه بقطع وجزم وذكر عن والده ما سمعت ان الارواح باقية بعد العودة الى الحياة الاخرة. نعم وفي عجب الذنب قولان قال المزني الصحيح يبلى. وتأول الحديث عجب الذنب وهو اخره العظم الذي في اسفل الصلب عند العجز وهو بموضع اصل الذنب في الحيوانات اصل الذيل مثله في موضعه من الانسان يسمى عجب الذنب. ويروى ايضا بالميم عجم الذنب وفي تثريث العين ايضا لغات ثلاثة. فالمجموع ست لغات عجم وعجم وعجم بالميم ومثلها بالباء عجب وعجب وعجب فهي ست لغات صحيحة وقد عرفت معناها وبعضهم يحكي تثريث العين قال وفي عجب الذنب قولان يقصد ما في الصحيحين ليس من الانسان شيء يبلى الا عظما واحدا وهو عجب الذنب منه وفي رواية مسلم كل ابن ادم يأكله التراب الا عجب الذنب منه خلق ومنه يركب فاذا هو باق ثم قال فيه قولان قال المزني الصحيح يبلى طيب والحديث الوارد الذي سمعت قبل قليل قال تأول المزني الحديث تأوله بانه لا يبلى بالتراب كسائر البدن. بل يبلى بنفسه. كيف هذا؟ قال اليس ملك الموت يموت ويفنى ولا ولا ملك موت يقبض روحه فكيف يكون بامر الله؟ قال فكذلك عجب الذنب المقصود باستثنائهم من الحديث انه لا يبلى بالتراب كسائر اجزاء البدن بل بامر مستقل بنفسه لارادة الله عز وجل كما يميت الله ملك الموت بلا ملك موت ويبلي الله عز وجل عجب الذنب بلا تراب يتفتت فيه ويفنى ويبلى. لماذا ذهب المزني وغيره الى انه يبلى قالوا اجراء لعموم النصوص كل شيء هالك الا وجهه. فلا يبقى شيء اطلاقا والنصوص في ذلك متعددة قال رحمه الله وفي عجب الذنب بقول ان الصحيح عند الاكثر انه باق بالنصوص التي سمعت. وذهب المزني وغيره الى انه يبلى كذلك. وتأول الحديث ايضا بما عرفت نعم وحقيقة الروح لم يتكلم عليها محمد صلى الله عليه وسلم. فنمسك عنها. طيب وماذا اجاب عليه الصلاة والسلام لما سألته يهود عن نعم بالاية ويسألونك عن الروح قل الروح من امر ربي. وكان هذا الجواب كافيا وما اوتيتم من العلم الا قليلا بينما يخوض المتكلمون والفلاسفة وبعض المسلمين ممن حاول البحث في المسألة فخاضوا كثيرا في تعريف الروح وذكر حقيقتها وماهيتها؟ وهل هي جرم وجوهر ام هي مادة ام هي طيف ام هي ماذا؟ ولهم في هذا كلام طويل الجميل فيه ما ذكر المصنف قال لم يتكلم عليها محمد صلى الله عليه وسلم فنمسك عنها. هذا منهج حق وهذا علم سديد وليته هذا المنهج اضطرد مع علماء الاسلام في كل قضايا الدين والشريعة والعقيدة التي انتكت عنها النصوص الشرعية فيمسك عنها. واخص بذلك مسائل الصفات والتأويل فيها. والقول بما لم تأتي به النصوص. او نسبة شيء من الصفات لله جل جلاله اثباتا او نفيا. فيما لم تأتي في النصوص اثباتها او نفيها فهذا المنهج الحق ينبغي ان يضطرد وهو هو الذي كان عليه السلف قاطبة في كل باب من ابواب الغيب في المعتقدات لم يأت فيها نص فيمسكون عنه اثباتا او نفيا. نعم وكرامات الاولياء حق قال القشيري ولا ينتهون الى نحو ولد دون والد. مما يعتقده اهل السنة اثبات الكرامات للاولياء. وهي دون معجزات الانبياء. والمقصود بذلك الرد على المعتزلة الذين يمنعون في عقائدهم اثبات كرامات الاولياء. والسبب قالوا انه لو اثبتنا كرامات الاولياء سيفضي ذلك الى الاختلاط بمعجزات الانبياء بغيرها. وانه تختلط كرامة الولي بمعجزة النبي ولا وجه لذلك لان الذي يفارق معجزة الانبياء عن كرامات الاولياء شيئان. الاول انه يقصد بها التحدي كما مر وكرامة الاولياء ما يراد بها تحدي البشر اذا سيقت كرامة من الله لولي من اوليائه يراد بها اما تثبيته على الحق او دفعه عن سوء يراد به او اظهار ومكانته شيء من ذلك ولا يراد به التحدي والامر الاخر وهو المهم انه تقع كرامة الولي وهو لا يزعم النبوة ولا يدعيها فلا يمكن اختلاطها بحال معجزات الانبياء بل ربما وقعت الكرامة لولي اتفاقا يعني وهو لا يدري بها لكن يعلم بها الناس من حوله فكيف يقال انها بمعجزات الانبياء. كرامات الاولياء حق عند اهل السنة يثبتونها هم وسط. بين فئتين اخطأتا في مسألة كرامات الاولى المعتزلة والعقلانيون الجدد ومن لف لفهم في انكار الغيبيات وخوارق العادات بما لا تقبله العقول للمعتزلة كلام حتى في معجزات الانبياء واخذ وعطاء. فمن باب اولى ان يردوا كرامات الاولياء بهذه الدعوة التافهة. فهم ينكرونها واهل السنة وسط. فاذا انكرت المعتزلة الكرامات جملة بهذا المأخذ فانه يقابلها طائفة غلت في جانب اثبات الكرامات وتضخيمها بل واثبات المبالغات فيها التي لا تقبلها النصوص. فيثبتون كرامات الاولياء بدرجة تفوق احيانا معجزات الانبياء. احترز المصنف فقال قال القشيري ولا ينتهون الى نحو ولد دون والد هل تبلغ معجزة لولي ان يرزقه الله ولدا بلا والد كحال عيسى ابن مريم مثلا عليه السلام قال ما تبلغ هذا؟ هو رد ايضا على بعض الطوائف التي بالغت في مسألة الكرامات واثبتت طرفا من الخرافات والدجل تحت مسمى الكرامات. وهذا ايضا مما لا ينبغي تصديقه واهل السنة وسط. يقبلون ايمان بكرامة الولي وقد ثبت هذا. الم ترزق مريم رزقا يدخل عليها زكريا فيجد عندها الرزق قال انى لك هذا؟ قالت هو من عند الله. ان الله يرزق من يشاء بغير حساب. هذه قام لن تقول معجزة لان مريم ليست في عداد الانبياء عليهم السلام ولن تقول معجزة لانها ما ارادت بها التحدي. لك كرامة سيقت لها. والكرامات في اخبار الصالحين من الصحابة فمن بعدهم كثيرا واشهرها قصة عمر رضي الله عنه لما بعث سارية اميرا على سرية وهم بعيدا في ارض خراسان وهو في المدينة في رسول الله عليه الصلاة والسلام ولم يتفكر رضي الله عنه في شأن الجيش ويحمل همه حتى لاح له كرامة موقع الجيش وموقع العدو فصعد المنبر فقال يا سارية الجبل يا سارية الجبل. كانه يراه امامه فيخاطبه. ويسمع ساريه. خطاب امير المؤمنين جاءه فيستجيب للنصح فينجيه الله عز وجل وجيشه. هذه كرامات هي خوارق عادات. وذلك كما سمعت يؤتى لها ايؤتى بها الولي كرامة من الله عز وجل؟ وهي تثبيت للولي من ناحية وهنا ايضا كلام يطول في الرد على غلاة اثبات الكرامات. وان الكرامة ليست بالضرورة تنبئ على علو قدر صاحبها على غيره فربما يرزق كرامة بعض من يرزق هداية حديث عهد باسلام حديث عهد باستقامة فتأتيه الكرامة تثبيتا من الله وتثبيتا للايمان في قلبه وقد يكون غيره اصدق ايمانا واقدم آآ هداية واسبق قدما عند الله عز وجل يرزق مثل ذاك والمسألة حكمة من الله عز وجل. ولذلك حكم جليلة عظيمة. فلا يغرنك ما قد تراه ومن ولبعض من يبالغ في زعم الكرامات فيكون فيها شيء من الخرافات والدجل. اما الكرامات المزعومة باسم الكرامة التي فيها اسقاط للتكليف او هزء بالشريعة فلا والله لا يقبلها عقل مسلم احتكم الى شريعة الله امن الكرامات يا قوم اسقاط الفرائض ان يزعم غلاة المتصوفة انهم بلغوا درجة من الكرامة عند الله سقطت بها عنهم الفرائض والتكاليف فلا صلاة ولا صوم ولا حج ولا جهاد. وان يزعم قائلهم انه يحج من بيته من مقعده من حجرته في اقصى الشرق في بلاد دنيا وفي اقصى الغرب وانه يحمل حملا ويذهب بروحه فيقف بعرفة ويحج وربما كان وسط اصحابه فيحكي لهم انه قصد المسجد النبوي وهو في اقصى المغرب او المشرق فصلى جماعة في مسجده عليه الصلاة والسلام ثم رجع من حينه وغير ذلك من المبالغات التي لا يشك عاقل انها من جنس الدجل والشعوذة والخرافة. فجاء اهل السنة في اثبات الكرامة وسطا ليسوا ينكرونها كالمعتزلة وليسوا يبالغون في اثباتها بغلو كالطوائف التي غلت في اثبات الكرامات بل ذلك حق كما قال المصنف ولا ينتهون الى نحو ولد دون والد ولك ان تقيس على ذلك مآخذ الغلو في اثبات الكرامات التي لا تدخل في عقائد اهل الاسلام نعم ولا نكفر احدا من اهل القبلة هذه جملة اخرى مرت قبل قليل ان المؤمن الفاسق لا يزال مسلما وبالتالي لا نكفر احدا من اهل القبلة. المقصود باهل القبلة قبلة صاحب الصلاة. طالما هو من اهل القبلة يستقبل القبلة ويصلي فلا يكفر ما لم ما لم يغش مكفرا تثبت عليه احكامه بتحقق الشروط وانتفاء الموانع تكفير المعين لا يجرؤ عليه اهل السنة اطلاقا. يكفرون القول والمذهب والعقيدة والنحلة العقيدة لكن لا يكفرون احدا بقوله. ولا يتجهون الى ذلك ولا يعنيهم. يحقون الحق ويبطلون الباطل بالكلام على ما يستوجب الايمان او يستوجب الكفر. لكنهم لا يقصدون الاشخاص باعيانهم تكفيرا. فان هذا مما ينأون به عن انفسهم وهم يستشعرون خطر المسألة وعظم شأنها وان المسلم اذا قال لاخيه يا كافر فقد باء بها او انها ان لم تكن كذلك فقد حارت عليه يعني رجعت فلا يتجرأون على مسألة يغامر فيها احدهم بايمانه على حساب كلمة يتلفظ بها في حق رجل من اهل القبلة استقبل القبلة ودان بالملة وشهد الشهادتين كما فقلت ما لم يغشى مكفرا محققا شيء من امور الكفر حقيقة ثم يتحقق فيه ذلك باستجماع شروط وانتفاء الموانع علم بكون الفعل او القول مكفرا وفعله غير معذور ولا متأول ولا جاهل ولا شيء من الاعذار يقع فيه فذلك مما ينطبق عليه بعد اقامة الحجة عليه واما اهل السنة فلا يقولون بذلك ولا يتجرأون التكفير. هي حقيقة ايضا معتقد مهم يقف في وجه متساهلين اليوم في ايمان المؤمنين واسلام المسلمين وادخال من شاؤوا واخراج من شاؤوا من دائرة الاسلام فكأنما نصبوا انفسهم حكما على امة محمد صلى الله عليه وسلم فكفروا الامة بالجماعات لا بالافراد وجعلوا الكفر متسلسلا فكفروا فئة ثم الحقوا بها كل من اتصل بها عندما يكفر احدهم حاكما او اماما فيكفر اعوانه وجنده وحاشيته ومن يتصل به بوجه من الوجوه فانتهوا الى تكفير المجتمعات. لا تكفير الافراد. فذلك مما لا يتفق بحال ولا يأتي من منطلق عقائد اهل السنة والجماعة في التزام مسألة احكام التكفير. قال رحمه الله ولا نكفر احدا من اهل القبلة يقصد شيئين بالذنب فان الذنب لا يكفر والمعصية كما مر بك. ويقصد امرا اخر ان التكفير الذي يتحقق فيه صاحبه لقول او عمل فانه ايضا لا يكفرون بمجرد القول او الفعل حتى تتحقق الشروط وتنتفي الموانع. نعم ولا نجوز الخروج عن السلطان. نعم. ولو كان ظالما. وهذه ايضا في عقائد اهل السنة التي يفارقون فيها المعتزلة. فان المعتزلة الخروج على الامام الظالم قالوا لانعزاله بظلمه. فاذا وقع في الظلم فقد زال عنه وصف العدالة وهو شرط للامام والولاية فزال عنه احقيته فانعزل بظلمه فاذا انعزل فلم يعد واليا ولا اماما فلا يسمى الخروج عليه خروج اصلا واهل السنة يرون الصلاة والبيعة خلف البر والفاجر طالما اقام احكام الاسلام ولم يروا منه كفرا بواحا. فذاك امام تجب طاعته والصلاة خلفه والمسير في الجهاد والغزو ايضا تحت رايته لاستقامة الحياة خلف ذلك. ويرون ان هذا من من القواعد الكبرى التي خالف فيها البغاة واهل الاهواء اهل السنة والجماعة. فلا يمكن ان تعصم الدماء احفظ المهج والارواح وتحفظ ايضا حقوق المسلم في نفسه وماله وعرضه الا باقامة حكم حاكم. واقامة والاجتماع على حاكم ولو كان ظالما اولى من شتات وفوضى وهرج واعتداء على الحرمات وتعد على الحقوق وذلك ايضا في جملة ما يقرره اهل السنة. انبه الى ان الخروج الذي يحرمه اهل السنة يقصدون به خروج السلاح والدعوة الى والتأليب والتنكيل وما كان سببا الى ذلك. لكن المناصحة التي يقررها اهل السنة للعلماء والعلماء للولاة فذاك دأب السلف كابرا عن كابر ويرون من حقوق الولاة عليه نصحهم وكل بحسبه فتبذل النصيحة مع احتفاظهم بحقهم من الاحترام والتقدير والاجلال. نصحا يؤدي عنهم الواجب ويحفظ للولاة حقهم مكانتهم فلهم بالذين يسخطون الناس عليهم ولا ينتقدونهم بحيث تزل مكانتهم في نفوس الرعية فيتجرأون على العصيان والانشقاق والخروج ولهم بالذين يكتمون حكم الله ونصيحة الدين. وقد قال عليه الصلاة والسلام الدين النصيحة قال لها بعد ما كررها ثلاثا لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم فهذا جملة مما تنطوي عليه قلوب اهل السنة في اعتقادهم في مسألة الطاعة لولاة الامر والسلطان. نعم ونعتقد ان عذاب القبر وسؤال الملكين والحشر والصراط والميزان حق. نعم. نعتقد ان عذاب القبر سؤال الملكين وذكر جملة من الغيبيات. اما عذاب القبر فالمقصود به ما يجمع عليه اهل السنة في مثل قوله وقد تقدم سبحانه وتعالى النار يعرضون عليها غدوا وعشيا. انكرت المعتزلة عذاب القبر. ولهم بذلك تأويلات. اما انهم حملوا كل اية فيها عذاب القبر على اثبات عذاب القبر للمخلدين فقط في النار ويقصدون بهم اهل الكفر والفساق من امة الاسلام لانهم يرونهم من المخلدين في النار. او انهم يحملون كل نص في عذاب القبر بمعنى حدوث الالم الذي لا يشعر به صاحب القبر في قبره. فاذا حان يوم الحشر وجد الالم او انهم ينفون ذلك رأسا كما يثبت عن غلاتهم من ينكر عذاب القبر جملة. وما اخذهم في ذلك تقديس العقل الذي يقرر انه لا حس للبدن بمعزل عن الروح. فكيف يحس او يسمع او يرى؟ وعامة النصوص تخالف ذلك ومرت معكم بعض الايات الاحاديث قال وسؤال الملكين يقصد به ما ثبت ايضا في السنة الصحيحة اتاه ملكان فيقعدانه فيقولان ما كنت تقول في هذا لمحمد صلى الله عليه وسلم فاما المؤمن فيقول كذا واما المنافق والكافر في اثبات السؤال في القبر الذين الذي يأتي الملكان قال والحشر والمقصود به حشر الناس وفيه النصوص الكثير ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة ويا من يحشرهم جميعا يا معشر الانس الجن الى اخر تلك النصوص والصراط المقصود به المتن الصراط المنصوب على متن جهنم. والحديث عند مسلم ثم يظرب الجسر على جهنم وتحل الشفاعة ويقولون اللهم سلم سلم ولفظ البخاري ويظرب جسر جهنم فاكون اول من يجيز يعني يعبر الصراط ويجوزه قال ودعاء الرسل يومئذ اللهم سلم اللهم سلم. فاثبات في الصراط ايضا على ما اتت به النصوص حق. وقوله والميزان في مثل قوله تعالى ونضع الموازين لقسط ليوم القيامة وقوله والوزن يومئذ الحق فالميزان له كفتان حقيقتان لا مجاز توزن فيهما الاعمال وقيل صحائف الاعمال. وكل ذلك دلت عليه نصوص في الحسنات في كفة والسيئات في كفة وحديث البطاقة التي ترجح في كفة على الكفة التي تطيش بها السجلات التي تبلغ مد البصر تسعة وتسعين سجلا. فتثقل بهن البطاقة في كفة الحسنات وليس فيها الا لا اله الا الله قال كل ذلك مما يعتقد اهل السنة حقا. وهم يفارقون بذلك المعتزلة الذين ينفون تلك كالغيبيات التي لا يذعن بها العقل استقلالا. نعم. والجنة والنار مخلوقتان اليوم ويجب على الناس نصب امام. والجنة والنار مخلوقتان اليوم. لا خلاف في جنة يوم القيامة يدخلها اهل الايمان والطاعة ونار يعذب بها الله عز وجل الكفرة والعصاة. لكن الخلاف هل هي موجودتان اليوم في الدنيا قبل الاخرة قالت المعتزلة لا وجود للجنة والنار اليوم والله عز وجل ينشأها يوم القيامة المعتزلة في انكارهم ونفيهم وجود الجنة والنار اليوم منهم من يحيلها عقلا ومنهم من يحيلها سمعا كالقاضي عبدالجبار والجبائيين. طيب وماذا يقولون في النصوص اعدت للمتقين؟ كانت لهم جنات الفردوس نزل فيما يدل على اعدادها اليوم سواء نار جهنم او جنة النعيم. فقالوا في مثل تلك النصوص التي جيئت بصيغة الماضي انها تفيد تحقيق الوقوع لا حقيقته يعني مثلا قد افلح المؤمنون اذا جيء بالفعل صيغة الماضي يفيد تحقيق الوقوع. لا وجود حقيقته الان. فاول النصوص فيها الاخبار بصيغة الماضي على وجود الجنة والنار واعدادها للمؤمنين او للعصاة على انها متحققة الوقوع في الاخرة لا انها حقيقة قائمة في هذه الدنيا واهل السنة على خلاف ذلك قال الجنة والنار مخلوقتان اليوم. نعم ويجب على الناس نصب امام ولو مفضولا. يجب على الناس نصب امام ولو مفضولا. هذه مسألة هي بالفروع قضية نصب الامام ووجوب ذلك على اهل الاسلام لكنها لعظم شأنها وخطورتها تدرج في اصول الدين من ناحية. ومن ناحية اخرى كثرة الخلاف فيها ووقوع الطوائف فيها مواقع الغلو بين الشيعة والمعتزلة. فمنهم من اوجب الامامة منهم من اوجبها على الله تعالى الله. ومنهم من قدح في خلافة الخلفاء الراشدين كما تعلمون. فلعظم شأن الامامة ومنزلتها واتصالها بجملة من العقائد ادرجت المسألة والقضية في قضايا اصول الدين اهل السنة يقولون يجب على الناس على المسلمين نصب امام ولو كان مفضولا يجب نصب امام يكون له السمع والطاعة والناس فوضى لا سراة لهم ويجب ان يكونوا هكذا والا ضاعت الامور. واختلطت ووقع الهرج والمرج ولا تستقيم الحياة الا في ظل امام. تجب له السمع قال ولو كان مفضولا. اذا تثبت الامامة ولو للمفضول مع وجود الفاضل. هذه ايضا مسألة في تولية المفضول مع وجود الفاضل مذهب اهل السنة. وذهب الاشعري وطائفة الى عدم جواز تنصيب المفضول مع وجوب فاضل طيب فاذا حصل اذا نصب المفضول اماما مع وجود افضل منهم قالوا فانه يكون ملكا لا اماما ويفرقون بين قضية الامامة التي تجب لها الحقوق في النصوص الشرعية وبين الملك الذي تجب له الطاعة والاذعان استتبابا للامور وحفاظا على الحرمات لا غير. فهذا تفريق واهل السنة يرون صحة انعقاد الامامة للمفضول ولو مع وجود الفاضل. وان ذلك مما تتحقق به مقاصد الشريعة الكبرى. نعم ولا يجب على الرب سبحانه وتعالى شيء. خلافا للمعتزلة. الذين يوجبون ذلك حتى في مسألة نصب الامام يجعلونها من الواجبات على الله تعالى الله والميعاد الجسم الجسماني بعد الاعدام حق. نعم. هذه مسألة نختم بها جلسة الليلة. المعاد الجسماني بعد حق المعاد عودة الخلق بعد العدم ثم هنا الطوائف في هذا ثلاثة. هل عودة الخلق بعد الفناء بعد العدم؟ عودة بدن ام عودة روح ام عودتك اليهما ثلاثة اقوال الذي قاله المصنف المعاد الجسماني. يعني المعاد بالبدن المعاد الجسماني بعد الاعدام حق هذا عند الجمهور وهو المعاد يعني جسماني وروحاني عند الغزالي والراغب الاصفهاني والقاضي ابي زيد والكعبي المعتزل وجماعة يقولون المعاد بالجسم وبالروح معا. فيعاد الخلق جسما وروحا والقول الثالث الذي عليه الفلاسفة ان المعاد روحاني فقط لا جسماني وثمة طائفة الرابعة لم تذكر وهم منكروا المعاد بدلا وروحا. الدهريون الذين ينكرون المعاد لا بالبدن ولا بالروح وهي مفارقة للاسلام مفارقة جلية لا يبقى مع صاحبها ذرة من ايمان. اذا اهل السنة يعتقدون باعادة الخلق في جملة من النصوص التي اقر آآ اقرت هذا المعنى وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو اهون عليه. وله المثل الاعلى الا في السماوات والارض وهو العزيز الحكيم الى جملة من النصوص التي جاء فيها مثل قوله كما بدأنا اول خلق نعيده وقوله كما بدأ اكم تعودون وكثيرة هي النصوص في هذا المعنى؟ نقف عندها ذا ليكون بقية المسائل مؤجلة الى مجلس اخر ان شاء الله والله تعالى