بسم الله الرحمن الرحيم. ايها الاحبة الكرام يطيب لاسرة تسجيلات الامام البخاري الاسلامية مكة المكرمة ان تقدم لكم بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي جعلنا في خير امة اخرجت للناس وخلع علينا لباس التقوى خير لباس. احمد الله تعالى واشكره استعينه واستغفره واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ولا رب سواه. واشهد ان ونبينا وقرة عيوننا محمدا عبد الله ورسوله المصطفى. ونبيه المجتبى اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته وصحابته ائمة الهدى. ومن سار على سبيلهم واتبعهم باحسان واقتفى اثرهم الى يوم اللقاء. اما بعد ايها الاحبة المباركون. فهذا لقاء يتجدد مع مجلس شمائل المصطفى صلى الله عليه وسلم في كل ليلة من ليالي الجمعة. نصيب سنة عظيمة بالاستكثار من الصلاة والسلام على الحبيب المصطفى صلى الله ربي وسلم وبارك عليه. ونحن مع هذه السنة التي نكترث انك تستكثر فيها من الاجرة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم فانما نقلب ايضا مواضع الحب الصادق له عليه الصلاة والسلام بالوقوف على شمائله العظيمة وسيرته العطرة. فان شمائل نبينا صلى الله عليه وسلم موجبة لحبه وتعظيمه ومعرفته كما بعثه الله تعالى هاديا ونذيرا وسراجا منيرا. بعثه الله عز وجل الى هذه الامة معلما وهاديا ونبيا واماما وقائدا. وجعله في كل باب من ابواب الحياة لامته اسوة وقدوة ودليلا. لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر وذكر الله كثيرا لكن الفرق الكبير ايها الكرام يا اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم اننا مع اتفاق الامة كلها في حبه عليه الصلاة والسلام وفي اتخاذه قدوة ودليلا الا ان اخذنا الصادق بحبه واتباع سنته على هذا الباب العظيم على معرفته عليه الصلاة والسلام والوقوف على جوانب عظمته التي كمل الله تعالى بها شأنه ورفع بها قدره واعلى ذكره بابي وامي هو عليه الصلاة والسلام. فان ذكره صلى الله عليه وسلم في كتاب الله اسيرمر بكم في مواضع عدة من هذا الكتاب الذي نتدارسه جاء من اجل بيان هذه المنزلة العظيمة. وقد نص القرآن على ان من مقاصد بعثته عليه الصلاة والسلام تعظيمه وتعزيره وتوقيره. انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه. فتعزيره عليه الصلاة والسلام يعني نصرته وتوقيره يعني احترامه وتعظيمه هذا مقصد شرعي دلت عليه الاية بوضوح كما رأيتم. هذا الكبير حب رسول الله عليه الصلاة والسلام. وتمام الايمان به وصدق الاستمساك بسنته. وملء القلوب بمحبته وتعظيمه وهيبته كل هذا متوقف على قدر ما يلم احدنا ويغترف من معين سيرته عليه الصلاة والسلام تعرف على جوانب عظمته عليه الصلاة والسلام. ولم يعش صلى الله عليه وسلم في حياته في النبوة ثلاثا وعشرين سنة ما عاش غائبا عن اعين اصحابه ولا عن نظر امته. بل رصدت افعاله واقواله ونقلت سيرته في كل احواله فكان شيئا يسر الناظرين ويفرح المؤمن بصحبته والانتساب الى امته لان له نبيا عظيما صلى الله عليه واله وسلم ونحن نحاول بدراسة الشمائل ايها المحبون وتقليب النظر في سيرته عليه الصلاة والسلام ان نملأ القلوب معرفة بمقدار حقه العظيم ونحاول ايضا ان تغترف القلوب من هذا العين من هذا المعين فتنعم بحبه عليه الصلاة والسلام حبا مبنيا على معرفة بموجبات هذا الحب وباسبابه لا حبا مجملا لا حبا مجملا لا يجد فيه المؤمن تفاصيل المحبة ودقائقها لكنه باب كبير يتنافس فيه الناس ويتفاوت فيه اهل الايمان ثم هي ليلة عظيمة تتكرر علينا كل اسبوع. ان ليلة الجمعة ليلة غراء زهراء. فيها من الخيرات والبركات اليس في غيرها من ليالي الاسبوع؟ ومما فيها مما يزيدها بهاء واشراقا ورونقا. كثرة الصلاة والسلام التي لتتفوه بها افواه المحبين لرسول الله عليه الصلاة والسلام. ولكأنك ترى والله سماء الامة كل ليلة من ليالي الجمعة او كل يوم من ايام الجمعة لترى سماء الامة تزهو وتزدهر وتضيء بكثرة الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم تنبعث بها لا اقول السنة المحبين من امته. بل والله تنبض بها قلوبهم. وتخفق بها افئدتهم وهم في لكل مرة ينطق بها لسانهم صلاة وسلاما على رسول الله صلى الله عليه وسلم فانما تنقبض وتنبسط عن حب دفن وتنبعث ايضا عن شوق صادق وحب لهذا النبي الكريم صلى الله عليه واله وسلم. فللمحبين جرعة كل كل ليلة من ليالي الجمعة وللصادقين من امته انس واستمتاع بكثرة الصلاة والسلام عليه كل يوم من ايام الجمعة فدونكم هذا الباب الكبير يتنافس فيه الصالحون المحبون ويستكثر منه ايضا الصادقون في اتباع سنته صلى الله عليه واله وسلم لم نور اطل على الحياة رحيما وبكفه فاض السلام عميما. لم تعرف الدنيا عظيما مثله. صلوا عليه وسلموا تسليما. فاللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته وصحابته شرف النبي على الانام مكانه وعلى بنيانهم بنيانه. صلى عليه الله في ملكوته ما صيغ من درر البيان بيانه واهتاج من ذكر الحبيب محبه واهتاز من شدو الهوى افناه وتضوع القلم السخي بمدحه وفم المحب وقلبه وبنانه. صلى الله عليه واله وسلم ونحن قد مر بنا في ليلة الجمعة الماضية استفتاح ذكر الكتاب الذي سنتدارسه بدءا من مجلس الليلة ان شاء الله. وهو السفر العظيم في شمائل المصطفى صلى الله عليه وسلم. الموسوم بالشفاء بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم. وهو من باسمه كما ترون كتاب وضعه مؤلفه الامام ابو الفضل القاضي عياض ابن موسى الي حصبي رحمة الله عليه وضعه تعريف المؤمن حقوق نبيه عليه الصلاة والسلام. نعم. فان لنبينا عليه الصلاة والسلام علينا حقوقا وهذه الحقوق تتعلم لانها ايمان واجب وعمل صالح حقوق رسول الله عليه الصلاة والسلام ايمان به والتصديق باخباره واتباع لسنته ومحبة له وتعظيم واجلال واكثار من الصلاة والسلام على رسول صلى الله عليه وسلم تلكم حقوق متعددة انحاؤها فكان مما فتح الله به على القاضي عياض رحمة الله عليه ان صاغ هذا الكتاب وصنفه وجمع فيه من النصوص والاثار ما يجلي هذا المعنى للامة وقرب هذا الباب تقريبا بديعا. ففتح الله عليه وجعل ابواب الكتاب كما ستسمعون الان في مقدمته كيف المسلم نحو معرفة بمقام وقدر وحق المصطفى صلى الله عليه وسلم. هذا كما قلت يا اخوة علم يتعلم ايمان يتزود به وباب من الخير والعمل الصالح الذي يتقرب به المسلم الى ربه. نعم. مجالس العلم التي تتعلمون فيها الحلال والحرام وشريعة الاسلام وماذا اوجب الله على عباده من التكاليف؟ كل ذلك باب من العلم الشرعي الذي به صاحبه ويرتفع به في الدرجات. فهذا لون من هذا العلم وباب عظيم عزيز فيه. ان يتعلم فيه حق والله وحق رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم هي من مغرز الايمان ايضا بموضع متين. هذه من اوثق عرى الايمان ان يمسك المؤمن بقلبه على هذه المعاني العظيمة. وان يقف بفقهه وعقله وادراكه ليقود نفسه نحو الواجب الاكمل كما اراد الله في هذا الباب العظيم ايمانا بالله وبرسول الله صلى الله عليه واله وسلم. نستفتح الليلة تبعون الله تعالى بمقدمة المصنف التي صاغها رحمه الله مقدمة لكتابه الذي سيكون بين ايدينا في كل ليلة من ليالي الجمعة ان شاء الله تعالى نبدأ مستعينين بالله متوكلين عليه سائلين اياه ان يرزقنا علم نافعا وعملا صالحا وفهما سديدا يقودنا الى ايمان اكمل ومحبة اصدق وطاعة اتم لهذا الباب الذي اجتمعنا لاجله في رحاب بيته الحرام انه تعالى خير مسؤول واعظم مأمول. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه وبعد قال المصنف رحمه الله تبارك وتعالى بسم الله الرحمن الرحيم وبه اتوكل. قال الفقيه القاظي الامام الحافظ ابو ابو الفضل عياظ ابن موسى ابن عياظ اللي يحصبي رضي الله عنه وارضاه الحمد لله المتفرد باسمه الاسمى المختص بالملك الاعز الاحمى الذي ليس دونه منتهى ولا وراءه مرمى. الظاهر لا تخيلا ووهب لا تخيلا ووهما. والباطن تقدسا لا عدم وسع كل شيء رحمة وعلما. واسبغ على اوليائه نعما عما. نعم. هذا مطلع قدمت المصنف الامام القاظي عياظ رحمه الله وهو كما سمعتم في اسطوره الاولى يبدو فيها ملامح ستبقى سائرة معنا طيلة الكتاب. المصنف امام بارع لغة وبلاغة وفصاحة. وسيبقى الكتاب في في جمله على هذا السجع الرائق الماتع ثم العبارات المحكمة البالغة في البيان والادب ذروتها. وهو رحمه الله يجمع بين عبارات مسبوكة يصاغ فيها معنى شرعي في اسلوب لغوي بديع. ولهذا ربما احتاجت بعض المفردات فيه الى بيان معناها وبعض الجمل الى بيان السياق في المقصود من دلالتها. ثم هي العبارات كما هو شأن البلاغة في لغة العرب تحمل اوجها ومعان فضفاضة يمكن للمتبحر في اللغة ان يقف فيها على وجوه متعددة. قال مستفتحا بحمد الله المتفرد باسمه الاسمى. يعني الاعلى شأنا والاعظم قدرا واسماء الله تعالى حسنى كلها وصفات فاته عظمى كلها جل في عليائه. واسماء الله تعالى هي الدليل الى عظمته جل جلاله. والى تعرف العباد على مكانته سبحانه وتعالى وعظيم منزلته لقدره حق قدره وللايمان به سبحانه في علاه. قال المختص بالملك الاعز الاحمى. وملك الله تعالى لا حد له. وسعت خزائنه كل شيء وبلغ ملكه كل شيء هو سبحانه المتفرد عن ملك الملوك بملك الدنيا والاخرة. ولهذا نحن نقرأ في سورة الفاتحة في كل ركعة من الصلاة مالك يوم الدين وفي قراءة الجمهور من القراء ملك يوم الدين. وهذا النوع من الملك خاص بالله سبحانه وتعالى فان ملك اعظم ملوك الدنيا ينتهي بموت احدهم. ويزول عنه ملكه وملكه الى غيره. اما ملك الله اه ملك الملوك ورب الارباب فانه ممتد الى ذلك اليوم العظيم. الذي تفنى فيه كل مظاهر الكبرياء والعظمة وينادى يومئذ بمن الملك اليوم؟ فيأتي الجواب الذي تنطق به الخليقة والكون باجمعه لله الواحد القهار فهذا الملك هو الاعظم ولذلك قال هو الاعز وهذا اللون من الملك لا يجارى ولا يقاس بغيره اطلاقا. فقال الاحمى لان ملك الملوك في الدنيا يوضع له والمقصود بالحمى حد يعرف به الملك حدود مملكته. ويعرف ايضا حظه من التصرف فانه ليس ملك في الدنيا اوتي ملك الارض كلها الا ما كان مما اتاه الله عز وجل بعض خلقه كسليمان عليه السلام. واما ملك الله وملكه سبحانه وتعالى فكما قال هو الاشد حماية يعني الذي يمتد حماه الى ما يدركه البشر وما لا يدركون وصفه فقال الذي ليس دونه منتهى. نعم. فلا منتهى لملك الله بخلاف ملك ملوك الدنيا المنتهي بموتهم وفناء وزوال ممالكهم. قال ولا ورائه مرمى. يعني لا يوضع حد لملك الله سبحانه. الظاهر لا تخيلا ووهم ما والباطن تقدسا لا عدما. هذان اسمان من اسماء الله كما في مطلع سورة الحديد. هو الاول والاخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم. ومهما تعددت اقوال اهل العلم في تفسير هذه الاسماء فانه لا ينبغي ان يتجاوز ما نبينا صلى الله عليه وسلم في معنى هذه الاسماء. وقد صح عنه انه قال الظاهر فليس فوقه شيء. والباطن ليس دونه شيء وهذا هو اصدق وصف لهذا الاسم. ومعناه واتم بيان لا يحتاج فيه معه الى غيره. لكنه تأتي بعبارات بعض اهل العلم في توسيع المعنى ومحاولة تقريبه الى الاذهان. قال رحمه الله وسع كل شيء رحمة وعلم وسعت رحمته الاحياء والاموات وهذا من عظيم رحمة الله يرحم الاحياء في الحياة بما شرع لهم من العبادات تكفر سيئاتهم. وبما يسوق اليهم من ارزاقهم ويخفف عنهم من مصابهم ويكشف عنهم من كرباتهم فهذه رحمات تتنزل. وسعت رحمته الاحياء ووسعت الاموات. فانهم وهم في قبور قد انقطعت اعمالهم وانتهت امالهم لكن رحمة الله لا تزال تصل اليهم. فشرع سبحانه من الابواب الرحمة الى الاموات ما لا يخطر على بال. فما يقول مسلم يمر بمقابر يسلم على اهلها. اللهم اغفر لهم وارحمهم الا وسعتهم رحمة الله دون ان يكون لذلك قصد مختص به. فما عساكم ان تقولوا في اباء لهم نية صالحة لا تزال تدعو لهم. وتترحم عليهم فانها باب من الرحمات التي يشمل الله تعالى بها عباده. اقول فوسعت رحمته الاحياء والاموات ووسعت رحمته ايضا العصاة والتقاة على حد سواء. البر والفاجر الشقي والسعيد الكل في رحمة الله ولو لم كن من رحمة الله بخلقه الا تردد انفاسهم في صدورهم وتلك الاقوات التي يسوقها سبحانه وتعالى رزقا اليهم لكانت اعظم وجوه الرحمة. فما بالك بعظيم من نعم الله التي تحيط بنا يمنة ويسرة فانها لون من رحمة الله تعالى بنا. الا وان من رحمة الله ما انتم فيه الان من التنعم بالبقاء في بيت الله الحرام وعلى مقربة من كعبته تنتظرون الصلاة الى الصلاة. اتظن ان الله ساق رحمة اعظم من هذه ان اتى بك الى بيته. ثم ادركت صلاة مفروضة جماعة في بيته الحرام. ثم تجلس مجلسا في ليلة شريفة تصلي وتسلم على نبيه وحبيبه عليه الصلاة والسلام. هذه رحمات يا كرام ومن رحمات الله بكم الصلاة سلام على رسوله صلى الله عليه وسلم فان الله كتب لكم بكل صلاة منكم على نبيكم عشر صلوات من ربكم عليكم اللهم صلي وسلم وبارك عليه. وعلمه سبحانه وتعالى ايضا وسع كل شيء. ما يعلمه البشر وما لا يعلمون. علم الشاهد والغيب علم الدنيا والاخرة وهكذا فباب واسع من وصف علم الله الذي لا يحيط به شيء. والله سبحانه لما وصف انه فقال يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم. ولا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء. فعلمه سبحانه وتعالى احاط بكل شيء وسع كل شيء علما واحصى كل شيء عددا. وعلمه سبحانه علمه سبحانه يبلغ ما يعلمه العباد ادوم ما يجهلون ويبلغ السر واخفى كما قال الله. فما هو الذي اخفى من السر؟ السر الصوت الذي تهمس به في اذن من تسر اليه فلا يسمعه غيره والله يعلمه. بل ويعلم ما هو اخفى من السر. قال اهل العلم لا اخفى من السر الا النفس فانه لا يسمعه حتى جليسك ولا من بجوارك. بل انت لا تدري عنه الا همهمة في داخلك. فالله يعلمه يعلم ما في الصدور ويعلم ايضا مكنونات الافئدة فهذا شيء من تقريب سعة علم الله والا فانه لا تحيط به قال رحمة الله عليه واسبغ على اوليائه نعما عما النعم جمع نعمة وعما جمع عميمة يعني كل نعمة من الله فهي عميمة اي عامة بالغة شاملة خص بها اولياءه وهم اهل دينه طاعته وهم درجات في الولاية من الله سبحانه وتعالى نعم. قال رحمه الله وبعث فيهم رسولا من انفسهم انفسهم عربا وعجما. وازكاهم محتدا وارجحهم عقلا وحلما واوفرهم علما وفهما واقواهم يقينا وعزما واشدهم واشدهم بهم رأفة ورحما. وزكاه روحا وجسما وحاشاه عيبا ووصم واتاه حكمة وحكما. اللهم صلي وسلم وبارك عليه وهكذا اجعلوا مجلسكم عامرا بالصلاة والسلام عليه كلما ذكر بوصف او ذكر اسمه عليه الصلاة والسلام فان احد مقاصد مثل هذا المجلس الاستكثار من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم. وصف المصنف رحمه الله نعمة من نعم الله العميمة التي ختم بها الفقرة السابقة قال واسبغ على اوليائه نعما عما فمن اعظم نعم الله بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم هل تخيلتم الكرام ذلك الزمن الذي اطبقت فيه الظلمات على الارض فلم يبق نور للتوحيد على فترة من الرسل حين عمت الجهالة وانتشر الشرك واطبق الظلام فلم يبق نور على الارض ارأيت عظيم نعمة الله لما اذن ببعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم تدري ماذا يعني هذا؟ هذا يعني شمسا اشرقت على الارض من ونورا عم الكون من جديد. وبعثة اذنت للحياة البشرية بسعادة بعد شقاء مطبق وظلام وهلاك. لان انه لو بقيت البشرية على ذلك الحال لكانت على مقت من الله وسخط لا ترجو لها رحمة ولا يبقى فيها موطن مستمسك لان تبقى لحظة في الحياة تستحق نعمة الله بالبقاء. فكانت بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم نعمة عظيمة من نعم الله. ولهذا جاء صريح الامتنان في كتاب الله لقد من الله على المؤمنين قلب قلب نعم الله وانظر فيها بالله عليك ما اعظم نعمة ترى ان الله حاباك بها سترى نعمة الصحة والعافية في البدن. سترى نعمة الزوجة والاولاد. سترى نعمة الاموال والارزاق. سترى نعمة طعام فطورك وغداؤك وعشاؤك سترى نعمة اللباس وهيئتك ونظافتك سترى نعمة النفس الذي يتردد في داخلك. ونعمة الماء التي تشربه والهواء الذي تتنفسه وترى نعما لا عد لها ولا حصر. وربما وجدت نعمة هي اعظم من اخرى مهما تعددت نعم الله عليك. فوالله ليست نعمة اعظم من نعمة الهداية لهذا الدين. وهذا الدين انما جاء بعثة لسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ولهذا قال الله فاتقوا الله يا اولي الالباب الذين امنوا قد انزل الله اليكم ذكرا رسولا. يتلو عليكم ايات بالله مبينات ليخرج الذين امنوا وعملوا الصالحات من الظلمات الى النور. فلولا فضل الله لكانت البشرية في ظلام مطبق ولولا بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم لما اذن بها الله سبحانه وتعالى لكانت البشرية اليوم منقادة الى شفير جهنم والعياذ بالله وتهوي لانها ما عرفت الله. ولا عرفت حق الله ولا دين الله. فامتن الله ببعثة رسوله صلى الله عليه وسلم فكان نورا اضاء للحياة البشرية من جديد. وسراجا اشرقت به الحياة البشرية ايضا في عهد جديد. ودوما لقد من الله على المؤمنين اذ بعث فيهم رسولا من انفسهم فكانت المنة تستحق ان يذكرها الله تعالى في كتابه في ذكر النعمة العظيمة التي حبا بها هذه الامة. فوالله كم نحن امة حظية بهذا الدين بهذا القرآن الكتابي بالمبين بهذا النبي الكريم صلى الله عليه واله وسلم. قال رحمه الله وبعث فيهم رسولا من انفسهم انفسهم وعجما انفسهم يعني ازكاهم. اعظمهم اغلاهم من النفاسة. وهي ان يكون الشيء عظيما رفيع القدر هي الثمن فهو عليه الصلاة والسلام بلا شك وامتراء. انفس الامة عربا وعجما. انفسهم اعلاهم قدرا. اشرفهم مكانا حسبك قول ربه لا ورفعنا لك ذكرك اي بشر تجد ان الله رفع ذكره كمثل نبيه عليه الصلاة والسلام. واحدنا اذ يرفع الله ذكره فانما هو لما مقامه عند ربه بطاعته واتباع سنة نبيه عليه الصلاة والسلام. لكن الله رفع ذكر نبيه. فيذكر الله في الاذان ويذكر معه رسول الله عليه الصلاة والسلام فلا يذكر الا ذكر معه. رفع ذكره لما لا تزال هذه الامة يا اخوة على اكثر من الف واربعمائة سنة لا تزال تقتات على سيرة هذا النبي العظيم. وتتعلم الهدي والقيم والمبادئ العلم والاخلاق والتزكية والروح العالية تتعلمه من سيرة رسول الله عليه الصلاة والسلام. والله ما عرفت البشرية انسانا بشرا ظل التاريخ يستقي من معين سيرته وعظيم هديه كمثل رسول الله عليه الصلاة والسلام. ولا تزال البشرية حتى قيام الساعة تفتح فيها الصفحات وتعقد فيها المجالس وتقام فيها صروح العلم تغترف من هدي رسول الله عليه الصلاة والسلام. هذا لون جليل من رفعة الله لذكر نبيه عليه الصلاة والسلام. هو اذا انفس الامة عربا وعجما كما قال المصنف رحمه الله قال وازكاهم محتدا ومن ما. ايضا هو ازكى الامة اصلا وطبعا. والمهقد اصل الشيء ومن من اي ما يكون مكان النمو والزيادة والرفعة وارجحهم عقلا وحلما واوفرهم علما وفهما واقواهم يقينا وعزما واشدهم به رأفة ورحما يعني هو اشد الامة بالامة رأفة ورحمة كما وصفه ربه بالمؤمنين رؤوف رحيم. قال وزكاه روحا وجسما. نعم زكى الله نبيه عليه الصلاة والسلام. في باطنه وظاهره. زكى فيه قوله وزكى فيه سمعه وبصره وزكى فيه خلقه وزكى فيه منطقه. كل ذلك تجده اقرأ سورة الضحى رعاك الله واقرأ واقرأ مطلع سورة القلم. واقرأ ايضا اول سورة النجم لتجد لونا عظيما. ربك من فوق سبع سماوات ينزل وحيا قرآنا يتلى الى يوم القيامة يرفع فيه شأن نبيه عليه الصلاة والسلام. والله يا قوم المقصود من ذلك ان تتعلم الامة مكانة هذا النبي العظيم. يا اخي اذا كان هذا مقامه عند ربه فكيف ينبغي ان يكون عندي وعندك عبدالله اذا كانت المنزلة الرفيعة والشرف العظيم والثناء العاطر زكاه به ربه بالله عليك اي منزلة له عليه الصلاة والسلام في فؤادك اي محبة افردتها لنبيك عليه الصلاة والسلام اي ثناء وتعظيم واجلال صدقا صدقا احيانا يأسرنا بعض البشر باخلاقه وسيرته فنزجي مديحا وثناء نثرا وشعرا ونعبر عن ذلك صدقا وننطق به في المحافل والمجالس ونحتفظ به ونتحدث به. والله لا اعظم في البشر من رسول لا صلى الله عليه وسلم ان يقال فيه المدح والثناء وقد مدحه ربه واثنى عليه. اما انه والله ليس بحاجة الى البشر ولا الثناء وقد زكاه رب البشر. واثنى عليه سبحانه. يا اخي اسمع الى ربك وهو يظهر لطفه بنبيه عليه الصلاة والسلام لما يقول له مثلا ولسوف يعطيك ربك فترضى ربه يقول له ولسوف يعطيك يعده ولسوف يعطيك ربك فترضى ثم انظر كيف يتودد اليه. الم يجدك يتيما فاوى الم يجدك يتيما فاوى؟ ووجدك ضالا فهدى ووجدك عائلا فاغنى. وهو قبل ذلك كله يفتتح يتيح الصورة بعد القسم ما ودعك ربك وما قلى. واقرأ في سورة النجم لتجد ايضا لونا اعظم من التزكية له عليه الصلاة والسلام ما ضل صاحبكم وما غوى. هذه تزكية لباطنه لعقله. ما ضل صاحبكم وما غوى. يقول وما ينطق عن الهوى يقول ما كذب الفؤاد ما رأى. يقول ما زاغ البصر وما طغى. يا اخي زكى فيه عليه الصلاة والسلام اعظم انواع ازكية واثنى عليه ربه اعظم انواع المدح والثناء. وقد اجمل ذلك الخلق العظيم في قوله في قول ربه له وانك على خلق عظيم. نعم هي تزكية عظيمة من ربنا سبحانه وتعالى. ربك العظيم اذا وصف شيئا بالعظمة تطبيق لخيالك العنان فانه شيء لا منتهى له. عظمة الاخلاق في رسول الله عليه الصلاة والسلام اسرت قلوب من ادركه وعاش معه ورآه وابصره مؤمنا او كافرا محبا صادقا متبعا او جاحدا معاندا كافرا. الجميع وقف على هذه العظمة. نحن اليوم بعد الف واربعمائة ست وثلاثين سنة من هجرته نقف ها هنا نتعلم. ونجلس ونتحلق تعقد المجالس لنتعلم طرفا من هذه العظمة ولاجل ذلك كان هذا التناول لمثل هذا الكتاب والله ليس الا محاولة للتعلم لطرف من عظيم قدره ومكانته بابي وامي هو عليه الصلاة والسلام. وخذوها باختصار والله لا يليق بنا ولا ينبغي لنا ان يكون في حياتنا انسان نحن اكثر معرفة منه برسول الله. عليه الصلاة والسلام. ولا ينبغي والله ابدا ان يكون انسان عندنا في الحياة. نحن اكثر احتراما منه لرسول الله عليه الصلاة والسلام. ولا ينبغي ابدا والله ان يكون بشر في الحياة يحتفظ في قلوبنا بالمحبة والاعظام والاكرام والاجلال مهما بلغ احسانه الينا مهما بلغت منزلته في قلوبنا لا ينبغي ان يكون له حظ في القلب اعظم مساحة من حق رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذا كلام ينبغي ان كن واضحا للعيان ينبغي ان يكون مقررا في الاذهان. ينبغي ان يكون راسخا في الوجدان. افردوا في قلوبكم المساحة اكبر لحب رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين البشر. واجعلوا له الحظ الاوفر مما يجب ان يكون لكل انسان حبا وتعظيما واجلالا وتوقيرا خطوة نحو تحقيق ايمان صادق فان الايمان الراسخ انما يقوم على هذه القواعد هذه تزكية ربه له. هذا مدح ربه له. هذا ثناء الله تعالى عليه. نحن بحاجة الى ان تعود القلوب ممتلئة بهذا المعنى العظيم. نعم. قال رحمه الله وزكاه روحا وجسما وحاشاه عيبا ووصم له حكمة وحكما وفتح به اعينا عميا وقلوبا غلفا واذانا صما. فامن به فعزره ونصره من جعل الله له في مغنم السعادة قسما. وكذب به وصدف عن اياته من كتب الله عليه الشقاء حتما. ومن كان في هذه اعمى فهو في الاخرة اعمى. صلى الله عليه وسلم صلاة تنمو وتنمى وعلى اله وسلم تسليما. اللهم صلي وسلم وبارك عليه. ختم المصنف رحمه الله هذا المطلب من مقدمته وهو كما رأيتم في غاية الروعة والبيان يصف به عظيم نعمة الله على الامة ببعثة رسول صلى الله عليه واله وسلم. وكيف ان الله جعل رسالته صلى الله عليه وسلم فتحا لعمل اعين وفتحا ايضا للقلوب المغلقة. ولصم الاذان التي عميت عن الحق. فكانت رسالته فاتحة للاعين العمى بالغلف والاذان الصم ثم انقسم الناس بازاء بعثته ورسالته الى قسمين فمؤمن مصدق طائع متبع واخر معرض معاند مكابر وهما فريقان كانا ولا يزالان في الامة حتى يرث الله الارض ومن عليها. بعد براعة التي بدأ بها المصنف رحمه الله شرع في ذكر مقصوده من الكتاب وغرضه فيه. نعم. قال رحمه الله اما بعد اشرق الله قلبي وقلبك بانوار اليقين ولطف لي ولك بما لطف به لاوليائه المتقين. الذين الله بنزل قدسه واوحشهم من الخليقة بانس بانسه بانسه وخصهم من معرفته وخصهم من معرفته ومشاهدة عجائب ملكوته واثار قدرته بما ملأ قلوبهم حبرة ووله عقولهم في عظمته حيرة فجعلوا همهم به واحدا ولم يروا في الدارين غيره مشاهدا فهم بمشاهدة جماله وجلاله يتنعمون. وبين اثار قدرته وعجائب عظمته يترددون وبالانقطاع اليه والتوكل عليه يتعززون. لهجين بصادق قوله قل الله ثم ذرهم هم في خوضهم يلعبون. كل هذه الاسطر التي بدأ بها المصنف بعد قوله اما بعد لم يدخل فيها الى ما بعد هذه لانه سيقول الان فانك كررت علي السؤال. لكنه جعل هذه الجملة الطويلة المعترضة دعاء والتماسا معان عظيمة اشرق الله قلبي وقلبك بانوار اليقين ولطف لي ولك بما لطف به لاوليائه المتقين وان ساق معه العبارة الرقراقة الماتعة في ذكر هذه المعاني في الدعاء. قال الذين شرفهم الله بنزل قدسه النزل ما يعد للضيف ويهيئ له. ويقصد ان يدعو لي ولك وله رحمه الله بما يكون كرامة لاولياء الله فيما يخصهم به من الحفاوة والاكرام. وجاء في بعض نسخ الكتاب الذي شرفهم الله بنور قدسه. يعني افاض عليهم من نور المعرفة والعلم والايمان. ما حباهم به ورفعهم به عن غيرهم من عباده واوحشهم من الخليقة بانسه. فان اهل الذكر لله الذين انقطعوا عن ذكر الخلق بذكر الخالق يجدون بينهم بين الخلق وحشة والمقصود انهم لا يأنسون كثيرا بالحديث الى البشر. والسبب انهم انسوا بذكر رب البشر وهذا معنى قوله رحمه الله واوحشهم من الخليقة بانسه. يعني استبدل سبحانه وتعالى لهم من الحال مما يستوحشون به مع الخلق ومعنى الاستيحاش انهم لا يجدون متعة ولا انسا كما يجد عامة الناس في قضاء الاحاديث وتلو الساعات تلو الساعات والعبارات التي تقال والاحاديث التي تدار لكنهم يجدون عوضا عن ذلك انسا بذكر الله. وهذا المقصود ان من وصل هذه الدرجة فهي درجة رفيعة اختص الله تعالى بها بعض المقربين الصالحين من عباده. قال وخصهم من معرفته ومشاهدة عجائب بملكوته واثار قدرته بما ملأ قلوبهم حبرة يعني فرحا وسرورا. وولها عقولهم في عظمته حيرة يعني تحاروا العقول دون ادراك حد عظمته سبحانه وتعالى. فجعلوا همهم به واحدا. يعني اجتمعت قلوب هؤلاء الاولياء المقربين على ان يكون رضا رب العالمين هو همهم الاوحد. وشغلهم الشاغل. فاذا قاموا وقعدوا ودخلوا او خرجوا اكلوا او شربوا او شربوا وصاموا او افطروا وصلوا او قعدوا كل ذلك يكون مقصودهم وهمهم الكبير فيه هو كيف رضا الله فصار هو مقصودهم الاكبر سبحانه وتعالى. قال ولم يروا في الدارين غيره مشاهدا المقصود هنا ما يغلب على القلوب من رؤية عظمة الله. فاذا ابصروا في الحياة طرفا من خلق الله اورث قلوبهم عظمة الله في ملكوت واثار صنعه في خلقه. وليس المقصود مشاهدة العين فان هذا غير ملحوظ في الدار الدنيا. وان كان في الاخرة هو المتحقق على مذهب اهل السنة رؤية الله رؤية عين كما هو مذهب اهل السنة نعيما واكراما لاهل الجنة وجوه يومئذ اذ الناظرة الى ربها ناظرة. واهل الكفر والشقاق محرومون. كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون. رؤية لا تعني الادراك والاحاطة فالله قد قال لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار وهو اللطيف الخبير. وجاء في بعض نسخ الكتاب ولم يروا في ارين غيره مشاهدا. يعني لم يروا غير الله عز وجل مطلعا عليهم. ومراقبا لاحوالهم ولسان حالهم الم يعلم بان الله يرى فالله شهيد عليهم وحفيظ ومطلع ومراقب قام هذا المعنى بقلوب اوليائه فعاشوا معنى راقبتني الله وهذا مقام عظيم في العبودية. ان يتصرف العبد كل شأن في الحياة مستشعرا نظر الله اليه وايضا معنى المراقبة لله لا يزال حاضرا في كل خطوة من خطوات حياته. قال رحمه الله فهم بمشاهدة جماله وجلاله يتنعمون. وبين اثار قدرته وعجائب عظمته يترددون. وبالانقطاع اليه التوكل عليه يتعززون لهجين بصادق قوله قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون. كل هذه كانت دعوة من المصنف ان يسلك الله به وبك وب هذا المعنى الكبير ويورثنا هذا المنصب الشريف. نعم. قال رحمه الله فانك كررت علي قال في مجموع يتضمن التعريف بقدر المصطفى عليه الصلاة والسلام. وما يجب له من توقير واكرام. وما حكم وما حكم من لم وما حكم من لم يوفي واجب عظيم ذلك القدر او قصر في حق منصبه الجليل الجليل قلامة ظفر قلامة الظفر المقصود به ما تقلمه من ظفرك عندما تنزع الزائد فان القطعة من الظفر التي تقطعها تسمى قلامة. وهذا من المبالغة في اساليب العرب ان قصر او فعل شيئا ويراد ذكر تقليله يقال قلامة ظفر يعني شيء يسير جدا. فهو يقول ها هنا من قص في حق رسول الله عليه الصلاة والسلام قلامة ظفر. يعني ولو بقدر يسير فانه يشرع في بيان حكمه. نعم. وان اجمع كمال اسلافنا وائمتنا في ذلك مما قال. وابينه بتنزيل سور وامثال فاعلم رحمك الله فاعلم رحمك الله فاعلم رحمك الله انك حملتني من ذلك امرا امرا. من يخاطب صنف رحمه الله قال قبل قليل فانك كررت علي السؤال في مجموع يتضمن التعريف بقدر المصطفى عليه الصلاة والسلام ثم يقول فاعلم رحمك الله انك حملتني من ذلك امرا امرا. من يخاطب هذا اسلوب درج عليه اسلافنا من المصنفين رحمهم الله خصوصا اذا ما كانت الكتب التي يصنفون نزولا عند رغبة سؤالي سائل وطلب طالب وهذا كثير عندهم رحمهم الله ربما كان صاحب الطلب تلميذا من التلاميذ رغب الى شيخه واستاذه ان يكتب له من ابواب العلم ما ينتفع به. فيستجيب له ويتنزل عند رغبته. وربما كان صاحب الطلب والسؤال قليلا من اقرانه او صاحبا من اصحابه ذو حظوة ومكانة ومنزلة. كما حصل مع الامام عبدالرحمن ابن مهدي رحمه الله اذ طلب من الامام الشافعي ان يضع له قواعد في الفقه فصنف له كتاب الرسالة. وربما كان الطلب من الشيخ الى استاذه كما حصل مع الامام البخاري رحمه الله في بتصنيف الجامع الصحيح وربما كان من الملوك والرؤساء والوزراء واصحاب الامرة والسلاطين فانهم كانوا العلماء ويحتفون بهم وكانت مجالسهم وكانت قصورهم عامرة حافلة بذكر العلماء وحضور مجالسهم وذكر مسائل العلم بحضرتهم فربما طلب هؤلاء الولاة والسلاطين والحكام عبر تاريخ الامة الطويل يطلبون من اهل العلم تصنيفا في مسألة ما او في باب ما فيرغبون بذلك ويتوجهون الى اهل العلم بهذه المطالب فتجد في مقدمات الكتب مثل هذه العبارات انه سألني او طلب مني من لا يسعني تجاوز سؤالي. او الرغبة عن تحقيق مراده. وربما صرحوا باسم صاحب طلب وربما اغفلوه وتركوه هكذا فانت لا تدري من الذي يقصده القاضي عياض رحمه الله لكنه على كل حال كان موفقا بلا شك لان طلبه ذاك وسؤاله القديم كان سببا في تدوين هذا السفر العظيم. فاضحى تراثا وذخرا للامة ممتدا الى اليوم بفضل الله وتوفيقه تتعلم منه الامة وتتلقى منه هذا العلم المعين. نعم. فاعلم رحمك الله انك حملتني من ذلك من ذلك امرا امرا وارهقتني فيما ندبتني اليه عسرا وارقيت وارقيتني بما كلفتني مرتقا صعبا ملأ قلبي رعبا. لماذا؟ لماذا كان طلب تأليف الكتاب في تعريف حقوق رسول الله عليه الصلاة والسلام وقدره؟ لماذا هابه القاضي عياض ولماذا قال كلفتني حملتني امرا امرا امرا شديدا وارهقتني عسرا. لم؟ ويقول وارقيتني مرتقا صعبا ملأ قلبي رعبا. لماذا كل هذا التخوف والحذر؟ لان المقام عظيم يا اخوة عندما يكون الحديث عن حق الله جل جلاله. فانه مقام والله تتقاصر دونه كل علوم العلماء وكل فهوم العقلاء. وعندما يكون الحديث ايضا عن حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم اي اقامة تتحدث عنها واي باب عظيم من الدين والايمان والعلم تريد ان تقف عليه. والله ما يهاب هذه المهابة الا العلماء الراسخون الربانيون الذين عرفوا حقيقة ان هذا باب فيه من الهيبة والاجلال ما تقشعر له الابدان ما كان يتكلف الجواب رحمه الله لكنه صدق لما قال ارقيتني مرتقا صعبا وملأ قلبي رعبا. لانه باب كبير وفيه من الهيبة والجلال ما تظن ما تظن انه ربما لاستشعاره هذا المعنى رحمه الله رزق توفيقا وسدادا ونرجو ان يكون مع ذلك توفيقا واخلاصا كتب له بقاء هذا المصنف والكتاب الى اليوم. يا اخوة نحو من الف سنة والامة تقرأ هذا الكتاب ويطبع اليوم ويقرأ في بيت الله الحرام ليت شعري هل درى القاضي عياض رحمه الله لما صنف الكتاب انه سيأتي يوم اجلس انا وانت في بيت الله الحرام. نقرأ كتابه ونتدارسه. يا اخوة النيات امرها عظيم والله. واخلاص ما في القلوب سر التوفيق الالهي ولعله نقول لعله لانا لا نعلم الغيب لعله رحمه الله قد حمل في قلبه طوية صافية ونية خالصة كتب له الفتح والتوفيق ثم هذا الدوام في العمل. تقول ذلك في كل ائمة الاسلام الكبار رحمهم الله. الى اليوم في الامة من يذكر ابا حنيفة ومالكا والشافعي واحمد ويترحمون عليهم. كم في الامة يذكرون البخاري ومسلم وابا داوود والترمذي والنسائي وابن ماجة ويترحمون عليهم هذه نيات تظن ان اصحابها قد اخلصوا فيها تماما لله فرزقوا هذا المعنى الكبير العظيم وانا وانت سنتعلم هذا المعنى لنخلص فيما بين ايدينا. من علم نتعلمه او مسألة ندرسها او خير تبذله او خدمة للدين نقدمها فانك والله لا تدري فيما يكتب الله لك القبول. اخلص ودع امرك لله واقبل على الله واجعل فيما بينك وبين الله اعظم مما بينك وبين الخلق. تزين كما شئت حفظك الله وتلبس وتهيأ واجمل هيأتك ونظر الناس اليك لكن اجعل في باطنك اعظم من ذلك قدرا لان نظر الخالق اليك اعظم من نظر المخلوقين. ونحن فيما تقوم اقدارنا في الدنيا فوالله بما في بواطننا اعظم بما يقوم بظواهرنا والله المستعان. فان الكلام في ذلك يستدعي تقرير اصول وتحرير فصول والكشف عن غوامض ودقائق من علم الحقائق مما يجب للنبي صلى الله عليه وسلم ويضاف اليه او يمتنع او يجوز عليه ومعرفة النبي والرسول والرسالة والنبوة والمحبة والخلة وخصائص هذه الدرجة العلية وها هنا مهامه فيح تحار فيها القطا مهامه المهامه جمع مهمه والمهمه الارض القفر الواسعة التي اشبه ما تكون بالصحراء والاراضي البيضاء الخالية. ويقال خاض الانسان او مشى في مهمة اذا كان لا يدري اين اتجاهه يمنة او ويسرى فيشبه ان يتيه. يقول هذا طريق هو مهمه. مهمه افيح يعني واسع ممتد اتر له نهاية لا من هنا ولا من هناك. والجمع مهامه فيحن. قال تحار فيها القطا. القطا نوع من الطير يعرف اسرابا اسرابا. ويقال عنه انه نوع من الطيور هو اصدق واكثر من يهتدي الى موضع الماء. فاذا القطا وهو اذكى الانواع من الطيور التي تستدل على موضع الماء. يضيع في هذه المهام فهو مثل يضرب لانه ان كان هو ولى بكل رزقه الله سيأتيه ويضيع فغيره من الخلق اولى بالضياع والحيرة وها هنا وها هنا مهامه فيح تحار فيها القطا وتقصر بها الخطى ومجاهل تضل فيها الاحلام ان لم تهتدي ان لم تهتدي بعلم علم ان لم تهتدي بعلم علم ونظر سديد ومداحض تزل بها الاقدام ان لم ان لم تعتمد على توفيق من الله وتأييد. يريد رحمه الله ان هذه الابواب من المسائل في النبوة والرسالة وحقوق رسول الله عليه الصلاة والسلام مسالك ربما يخطئ فيها من لا يرزق التوفيق. وهذا وجه من وجوه الخطر في تناول هذا الباب انها مسائل له حساسة تتعلق بصلب العقيدة. الخطأ فيها ربما يقود الى ضلال وغواية. والتقصير فيها ربما ينأى ايضا بصاحبه عن السداد والتوفيق ولذلك ابانا عن مكمن الخطر في الاقدام على باب من الدين والعلم هو بهذه المثابة والمنزلة التي تستحق المهابة والاجلال لكني لما رجوت لما رجوته لي ولك في هذا السؤال والجواب من نوال وثواب بتعريف قدره جسيم وخلقه العظيم وبيان خصائصه التي لم لم تجتمع قبل في مخلوق وما يدان الله تعالى به من حقه الذي هو ارفع الحقوق ليستيقن الذين اوتوا الكتاب ويزداد الذين امنوا ايمانا ولما اخذ الله تعالى على الذين اوتوا الكتاب ليبيننه للناس ولا يكتمونه ولما حدثنا به ولما حدثنا به ابو الوليد هشام ابن احمد الفقيه رحمه الله بقراءة عليه قال حدثنا الحسين ابن محمد حدثنا ابو عمر النمري حدثنا ابو عمر النمري حدثنا ابو محمد ابن عبد المؤمن حدثنا ابو بكر محمد ابن بكر. حدثنا سليمان ابن الاشعث حدثنا موسى ابن اسماعيل حدثنا حماد اخبرنا علي بن الحكم عن عطاء عن ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سئل عن علم فكتمه الجمه الله بلجام من نار يوم القيامة. رحم الله القاضي عياض ساق في مقدمته هذا الحديث بسنده وهذا جزء من منهجه رحمه الله فانه يورد الاحاديث النبوية مسندة مسندة عمن يرويها من شيوخه الى رسول الله عليه الصلاة والسلام ثم ساق الحديث ليبين انه ما حمله على تقحم الصعاب وخطورة موضوع الكتاب الا انه علم لا يجوز وساق الحديث النبوي من سئل عن علم فكتمه الجمه الله بلجام من نار يوم القيامة. فكان هذا دافعا له رحمه الله ان يبادر الى تصنيف الكتاب وان يضع فيه الجواب وان يصنفه على تلك الابواب تقربا الى الله ووفاء بحق هذا العلم وخروجا من تبعة هذا الحديث. فانها امانة تحملها اهل العلم. والله عز وجل قد اخذ الميثاق واذا اخذ الله ميثاق الذين اوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه. هذا ميثاق غليظ يتحمله اهل العلم علم ليس عند اليهود والنصارى فقط بل في كل الامم. والله عز وجل حملهم ان الذين يكتمون ما انزلنا من البينات هدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب اولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون عياذا بالله. قال الله الا الذين لتابوا واصلحوا وبينوا. فلا بد من البيان لتبرأ ذمم اهل العلم. قال فاولئك اتوب عليهم وانا التواب الرحيم رحمه الله بسنده هذا الحديث العظيم ليبين ان هذا الحديث كان ولم يزل حجة العلماء رحمهم الله في الصدع بالحق وبيان نور الشريعة وهداها الذي تحملوه بطلب العلم فكان حقا لزاما عليهم ان يبذلوه امة وان يعلموه فان العالم ما تعلم العلم لنفسه بل يرتقي به في درجات اهل العلم وليخرج الناس به بما حباه الله تعالى به من العلم من من الظلمات الى النور. فساق الحديث يبين محمله رحمه الله. والاولى في في قراءة اسانيد الاحاديث ان يقال قبل قوله حدثنا قال فيقال بين كل اسم واسم قال حدثنا قال اخبرنا لانه يتركها المحدثون اختصارا والقارئ ينطق بها عند ذكر السند. نعم فبادرت الى نكت مسفرة عن وجه الغرض النكت جمع نكتة وليس هي المعنى الشائع عندنا بمعنى الطرفة والمعنى الذي يبعث على الضحك. النكتة هي الدقيقة من مسائل العلم. المسألة في النظر تسمى نكتة والجمع نكت ومنه مصنف الحافظ ابن حجر النكت على نزهة النظر او على نخبة الفكر. النكتة المسألة الدقيقة الثقة التي لا تجدها الا عند اهل العلم المحققين الراسخين وجمعها نكت قال فبادرت الى نكت يعني مسائل فيها من الدقة والغوص العلمي ما يسفر عن وجه الغرض. نعم فبادرت الى نكت مسفرة عن وجه الغرض مؤديا من ذلك الحق المفترض. اختلستها على استعجال لما المرء بصدده من شغل البدن والبال بما طوقه الانسان من مقاليد المحنة التي ابتلي بها. فكادت تشغل فكادت تشغل تشغل عن كل فرض ونفل وترد بعد حصن التقويم الى اسفل السفل. يقصد رحمه الله ما ابتلي به من امر القضاء فانه تولاه في اكثر من موضع رحمه الله واليقظاء اشبيلية وسبتة وفاس فوجد هذا نوعا من الابتلاء ولا شك ان القضاء منصب عظيم يقول ان القضاء اشغله ومع ذلك فانه عزم رحمه الله على تصنيف الكتاب فوفقه الله واتمه بحمد الله. ولو اراد الله بالانسان خيرا لجعل شغله وهمه كله فيما يحمد غدا او يذم محله فليس ثم سوى حضرة النعيم او عذاب الجحيم ولكان عليه بخويصته واستنقاذ مهجته وعمل صالح يستزيده وعلم نافع يفيده او يستفيده. نعم جعل رحمه الله يلتمس الاعتذار لنفسه وهذا لون عظيم من تواضع اسلافنا العلماء ايها الكرام والله رزقنا الله في الامة وحبانا بائمة كالجبال لكنهم علمونا قولا وفعلا معنى التواضع الذي تتحلى به العلماء ائمة وتبوءوا في حياتهم مناصب رزقوا فيها الامامة واقبال الناس عليهم واحترامهم وتقديرهم ومع ذلك ترى احدهم يقول مثل هذه العبارات انه ليس باهل لذاك. وانه مشغول وانه ضعيف الحيلة. وانه قليل البضاعة مع ما ارزقوا رحمهم الله من التوفيق والسداد والصواب مع ما بلغوه من الامامة. لكن هذا هو العلم وثمرته ايها الكرام فانك لا ترى لا ترى الشجرة تنحني اغصانها الا اذا تحملت ثمارا. وثمرة العلم هي التي تدني العلماء تواضعا واخباتا واذلالا. اما الشجرة الفارعة في الطول فانما تمتد في السماء اذا خلت من الثمار واذا اقتصرت على اوراق واغصان فلها ان تمتد في السماء ما تشاء ثم استمر المصنف رحمه الله تعالى يذكر فيه حاجته ورغبته الى عون ربه وسؤاله التوفيق والسداد والجبر والعون. نعم. جبر الله صدع قلوبنا وغفر عظيم ذنوبنا وجعل جميع استعدادنا لميعادنا وتوفوا وتوفر دواعينا فيما ينجينا ويقربنا اليه تعالى زلفى ويحضينا بمنه وكرمه ورحمته ايه امين وصلى الله على نبينا محمد نعم. نويت تقريبه ولما نويت تقريبه ودرجت تبويبه ومهدت تأصيله وخلصت وتفصيله وانتحيت حصره وتحصيله ترجمته بالشفاء بتعريف حقوق المصطفى وحصرت الكلام فيه في اقسام اربعة نعم. نعم نكمل ان شاء الله تعالى في الليلة المقبلة من ليلة الجمعة القادمة تتمة مقدمة المصنف وفيه ذكر اقسام الكتاب الى اخر مقدمته رحمة الله عليه. ونحن نسأل الله عز وجل ان يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح. وان يزيدنا ايمانا وعلما وحلما وسدادا وهدى. هذه ليلة شريفة استكثروا فيها من الصلاة والسلام على رسول الله. واجعلوا لكم نصيبا وافرا وسهما عظيما في السبق في هذا الباب الكبير فانه اجر وحسنات. وصلوات من رب الارض والسماوات الصلاة على النبي عليه الصلاة سلام شرف وغنيمة وفضل وبركة يتقلب فيها المؤمن المحب ليلة الجمعة ويوم الجمعة فاجعلوا لكم فيها حظا وافرا عظيما هو النبي المصطفى والرسول المقتدى اسوتنا وحبيبنا وقائدنا وامامنا رفع الاله على البرية شانه يا كاملا ما فيه عيب شانه صلى عليه الله في عليائه ما دوزن القمر به اوزانه واختار ترس واختال تمدائحي بمديحه وشذا به قلم الوفاء او زاد ثم نسأل الله عز وجل ان يجعل علمنا حجة لنا لا علينا. وان يكون لنا بابا كبيرا نقترب فيه الى رحمته ورضوانه سبحانه وتعالى اللهم انا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما يا رب العالمين واجعل ما علمتناه حجة لنا لا علينا يا اكرم الاكرمين اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين. اللهم انا نسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والسلامة من من كل اثم والغنيمة من كل بر والفوز بالجنة والنجاة من النار. نسألك اللهم يا حي يا قيوم باسمائك الحسنى وصفاتك العلى ان تحفظنا جميعا والمسلمين بحفظك يا حي يا قيوم. اللهم اكلأنا برعايتك وتولنا بولايتك. نسألك اللهم ان تحفظ امننا وايماننا وسلامتنا واسلامنا. اللهم وفقنا لما تحب وترضى وخذ بنواصينا الى البر والتقوى. اللهم يا عزيز يا قادر، يا قوي يا قاهر، من ارادنا والمسلمين والاسلام بسوء فاشغله بنفسه. واجعل كيده في نحره واجعل تدميره في تدبيره يا ذا الجلال والاكرام. ربنا عليك توكلنا واليك انبنا واليك المصير. اللهم انت مولانا الا فنعم المولى ونعم النصير. اللهم عليك باعداء الملة الذين تحزبوا لحرب دينك وعبادك المؤمنين. والصد عن سبيلك يا رب العالمين. اللهم عليك بهم فانهم لا يعجزونك. وصلى الله على نبينا محمد