بسم الله الرحمن الرحيم. ايها الاحبة الكرام يطيب لاسرة تسجيلات الامام البخاري الاسلامية في مكة المكرمة ان تقدم لكم بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي اكرم عباده المؤمنين بهذا العظيم وبكتابه الكريم ونبيه الامين صلى الله عليه وسلم. نحمد ربنا سبحانه وتعالى ونثني عليه بما هو واهل له فالفضل كله بيديه والخير امره بيديه سبحانه الخير خيره والامر امره والعبد عبده ولا اله الا هو واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له جل ثناؤه وتقدست اسماؤه وتتابعت ماؤه لا نحصي ثناء عليه هو كما اثنى على نفسه. واشهد ان نبينا وحبيب قلوبنا محمدا عبد الله ورسوله امام الانبياء وخاتم المرسلين ومبعوث الله رحمة للعالمين. صلوات الله وسلامه عليه تترى الى يوم الدين اما بعد ايها الاخوة الكرام فهذه ليلة الجمعة اقبلت ويقبل معها خير عظيم وفضل عميم. يقبل معها اجر كبير ينتظره المؤمن كل جمعة في يومه وليلته. هذا هذا الاجر الكبير رحمة متتابعة من الله ينالها المؤمن بكثرة الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. فان يوم الجمعة من ايام الاسبوع يوم عظيم يوم عيد وعبادة كما يقول ابن القيم رحمه الله تعالى يوم الجمعة يوم عيد وعبادة من ليلة جمعتي الى مغرب الجمعة. كل ثانية فيها خزائن من الحسنات. ومن اراد انشراح الصدر وغفران الذنب الكرب وذهاب الهم فليكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه واله وسلم. ايها الكرام صلاتنا على نبينا صلى الله عليه وسلم مستودع للرحمات. لان لنا بكل صلاة عشر صلوات من ربنا سبحانه وتعالى. ولو صلى عليك صلاة واحدة كتبت لك رحمة تسعك في دنياك واخراك. ان رحمك الله قضى لك همك وفرج كربك ان رحمك الله يسر امرك وحقق مناك. رحمة الله نبذلها لنيل المنى. وننشدها في كثير من العبادات والطاعات الا فاعلموا ان رحمة الله اوسع ما تكون في كثرة الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو القائل من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا. الا ترون اننا في صلاة الجنازة نقدم قبل الدعاء على امواتنا وطلب الرحمة لهم. نقدم على ذلك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؟ اوما شعرتم اننا نطرق ابواب الرحمة قبل الدعاء لهم. بالصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. فهذا مجلس نستكثر فيه من الصلاة والسلام على النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ونحن نقلب صفحات الكتب ونقلب ومعها نسائم الاشواق والحب والحنين في الافئدة المؤمنة برسول الله صلى الله عليه واله وسلم. فكل مؤمن لن يعدم ان يجد في قلبه تلك الوريقات التي اثمرت حبا وطاعة واقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم انما هو التعاهد والسقيا والعناية التامة بهذه الوريقات ان يشتد عودها. وان اغصانها وان تثمر زهراتها حتى تكون ظلا يتفيأه احدنا في هذه الحياة ثم هي ايضا رحمة كبيرة وشرف ومغنم عظيم يجده هناك في اخراه. ما زال طريق السنة ايها الاكارم ما زال طريق السنة هو الطريق المعبد نحو طاعة صادقة تامة وقرب ونيل لولاية الله في طاعة رسول الله صلى الله عليه واله وما زال حديثنا في هذه الليالي المباركات ليالي الجمع في تصفح ما كتبه الامام القاضي عياض رحمه الله تعالى في كتاب به الموسوم بالشفاء بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه واله وسلم. ما زلنا في اول ابوابه في ثناء الله تعالى عليه واظهار عظيم قدره لديه صلى الله عليه وسلم. وقد تم بنا الحديث عند منتهى الفصل الاول لنشرع في الفصل الثاني وهو الحديث عن وصف الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم بالشهادة نعم شكر الله لك شيخنا وجبر بخاطرك كما جبرت بخاطري وقبلتني قارئا في مجلسك. الفصل الثاني في وصفه له تعالى بالشهادة وما يتعلق بها من الثناء والكرامة. قال الله تعالى يا ايها النبي انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا. وداعيا الى الله باذنه فرجا منيرا. جمع الله تعالى في هذه الاية دروبا من رتب الاسرة وجملة اوصاف من المدحة وجعله شاهدا على امته لنفسه بابلاغهم الرسالة. وهي من خصائصه عليه الصلاة والسلام. ومبشرا لاهل طاعته ونذيرا لاهل معصيته. وداعيا الى توحيده وعبادته. وسراجا منيرا يهتدى به للحق. تقدم ايها الاخوة الكرام ان القاضي عياض رحمه الله لما خص الباب الاول بجمع ما ورد في كتاب الله من الايات دالتي على عظيم منزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الله فانه قد جعل ذلك في فصول يضم في كل كل فصل مجموعة من الايات التي يمكن ان تتحد في المضمون والعنوان. تم الحديث في الفصل الاول عن الايات التي ذكرت محاسنه صلى الله عليه وسلم وما اعد الله له من شريف المناقب والمنازل والرتب الرفيعة. جاء في هذا الفصل فقال في وصف له تعالى بالشهادة وما يتعلق بها من الثناء والكرامة. ما الشهادة؟ ليست الشهادة ان يموت شهيدا في سبيل سبيل الله في غزوة من الغزوات او في الجهاد فهذا لم يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم بان الذي كتب له مرتبة اعلى من الشهادة وهي النبوة. لان الله لما اثنى على عباده المنعم عليهم فقال اولئك الذين انعم الله عليهم من والصديقين والشهداء والصالحين. فذكر الشهداء بعد ذكر النبيين والصديقين. والواو وان كانت لا تقتضي ترتيبا على الصحيح الا ان هذه المنازل ها هنا جاءت مرتبة بمجموع ما دلت عليه النصوص من شرف هذه المراتب بعضها فوق بعض فان كتب الله له النبوة فالمقصود بالشهادة ها هنا ان الله عز وجل جعله شاهدا. شاهدا على اي شيء شاهدا لنفسه على امته وشاهدا لامته. فهاتان شهادتان ثابتتان لرسول الله صلى الله الله عليه وسلم. اما الاولى فانه يشهد لنفسه بانه ادى ما امر الله. وانه بلغ الرسالة انه قد وفى بالواجب كما امر الله في ثلاث وعشرين سنة. فما لقي الله ولا لحق بالرفيق الاعلى الا وقد برئ الذمة او لم يستنطق اصحابه او لم يستنطقهم صلى الله عليه وسلم ويستنطق الامة جمعاء لما خاطبهم يوم عرفة في حجة الوداع وهو يقول الا هل بلغت؟ وهو يرفع اصبعه الى السماء والصحابة اجمعين يهتفون؟ بلى فينكت اصبعه اليهم ويقول اللهم فاشهد. كررها مرارا عليه الصلاة والسلام فاقام الشهادة لنفسه على امته انه ادى ما عليه. وانه بلغ الامانة. واننا والله اليوم والى يوم القيامة نشهد فردا فردا انه صلى الله عليه وسلم ادى الامانة. وبلغ الرسالة. وقد جاهد في الله حق الجهاد وانه فعل ما امر الله وبلغ الوحي وابلغ الدين ولم يترك لهذه الامة شيئا من امور دينها الا علمها اياه. ما ترك خيرا الا دل الامة عليه. ولا شرا الا حذر الامة منه. نشهد بذلك ونجعل ذلك جزءا من وعقائدنا معشر المسلمين. فهذه الشهادة الاولى ان يشهد لنفسه صلى الله عليه وسلم. والشهادة الاخرى ان يشهد لامته فيزكيهم بانهم عدول اصحاب شهادات مقبولة عند الله. وان الامم اذا جاءت انبياؤهم يوم القيامة ويسألهم ربهم ماذا صنعتم؟ فتقول الانبياء واحدا واحدا انهم قد بلغوا وادوا فيسألهم ربهم عن اثبات شهاداتهم. فلا تقوموا اممهم مقام الشهادة الواجبة لانبيائهم. كما تفعل امتنا بنبيها صلى الله عليه وسلم فتأتي امتنا شاهدة للانبياء السابقين بانهم قد بلغوا فاذا سئلوا ومن اين علمتم؟ فيقولون امنا بما اخبر الله وما جاءنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم وظن ذلك ان الانبياء قد بلغوا الرسائل وانهم قد ادوا ما كلفوا به ثم يطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يشهد لامته فيزكيهم. فتكون شهادته تزكية لقبولها في ذلك الموقف العظيم. وهذا ما سيمر بنا في ثنايا هذا الباب الموسوم بوصف الله تعالى لنبيه. صلى الله عليه وسلم بالشهادة. قال الله تعالى يا ايها النبي انا ارسلناك شاهدا. شاهدا على ماذا شاهدا على ماذا شاهدا على انه بلغ الرسالة. وشاهدا على امته انهم عدول خيار تقبل شهادتهم. شاهدا ومبشرا ونذيرا مبشرا لاهل الايمان بما اعد الله لهم نذيرا لاهل الجحود والكفر والعصيان بما توعدوا به من وداعيا الى الله باذنه فقد بلغ الرسالة وادى الامانة وسراجا منيرا. فهو نور الامة الذي بعث الله تعالى به كما مر بكم في الفصل الاول في نصوص من القرآن اتت بهذا المعنى قال القاضي عياض رحمه الله جمع الله تعالى في هذه الاية دروبا من رتب الاسرة او الاثرة. يعني الوانا من الاوصاف. وهي كما مرت بكم في الفصل السابق او خمسة شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا الى الله باذنه وسراجا منيرا. هذه الاوصاف الخمسة القاب شرف وهي ايضا قلادة كانت في القرآن تدل على عظيم المنزلة لرسول الله صلى الله عليه وسلم. قال رحمه الله وجملة من اوصاف وجملة اوصاف من المدحة فجعله شاهدا على امته لنفسه. بابلاغهم الرسالة. قال وهي من خصائصه عليه الصلاة والسلام. كيف هي من خصائصه لانه في حكم الشريعة لا يحق لاحد ان يشهد بحق لنفسه. انما يتخذ شاهدا من غيره. فكيف قبل من رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يشهد لنفسه هذه هي المنقبة وهذا هو الشرف وهذه الخصيصة التي كانت له عليه الصلاة والسلام دون غيره لا من الانبياء ولا من سائر البشر ان يكون شاهدا لنفسه بنفسه صلى الله عليه وسلم. وهذا ان دل فانما يدل على عظيم المنزلة المطلقة التي تبوأها عليه الصلاة والسلام ولم يكن لهذا ولم يكن هذا لاحد من البشر. وانت اذا دعتك قضية الى المثول بين يدي قاضي او وطلبت منك الشهادة فلا يحق لك ان تقول انا اشهد وقد رأيت وسمعت وحظرت فانما انت مدع والمدعي لا يشهد لنفسه انما يتخذ شاهدا يثبت دعواه. لكن نبينا عليه الصلاة والسلام وقد قال الله له انا ارسلناك وايضا تقرأ في كتاب الله فكيف اذا جئنا من كل امة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا. يعني على صلى الله عليه واله وسلم قال رحمه الله ومبشرا لاهل طاعته ونذيرا لاهل معصيته وداعيا الى توحيده وعبادته وسراجا منيرا يهتدى به للحق نعم حدثنا الشيخ ابو محمد بن عتاب رحمه الله قال حدثنا ابو القاسم حاتم بن محمد حدثنا ابو الحسن القابسي حدثنا ابو زيد قال حدثنا. قال حدثنا ابو الحسن القابسي قال حدثنا ابو زيد المروزي قال حدثنا ابو عبدالله محمد بن يوسف قال حدثنا البخاري قال حدثنا محمد بن سنان قال حدثنا فليح قال حدثنا هلال عن عطاء ابن يسار قال لقيت عبدالله بن عمرو بن العاص قلت اخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اجل والله انه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن. يا ايها النبي انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحرزا للاميين. انت عبدي ورسولي. سميتك المتوكل. ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الاسواق ولا يدفع بالسيئة السيئة. ولكن يعفو ويغفر ولن يقبضه الله حتى به الملة العوجاء بان يقولوا لا اله الا الله ويفتح به اعينا عميا واذانا صما وقلوب غلفا وذكر مثله عن عبد الله ابن سلام وكعب الاحبار. وفي بعض طرقه عن ابن اسحاق ولا صخب في الاسواق ولا صخب ولا صخب في الاسواق ولا متزين بالفحش ولا قواال للخنا اسدده لكل جميل. واهب له كل خلق كريم. واجعل السكينة لباسه. والبر شعاره. والتقوى ضميره. والحكمة معقولة والصدق والوفاء طبيعته. والعفو والمعروف خلقه. والعدل سيرته. والحق شريعته والهدى امامة والاسلام ملته. واحمد اسمه. اهدي به بعد الضلالة. واعلم به بعد الجهالة. وارفع بعد الخمالة واسمي به بعد النكرة اكسر به بعد القلة. واغني به بعد العيلة به بعد الفرقة واؤلف به بين قلوب مختلفة. واهواء متشتتة. وامم متفرقة امته خير امة اخرجت للناس. صلى الله عليه واله وسلم هذه الجمل التي سمعتم ايها الاحبة الاكارم هي قطع من نصوص التوراة التي جاءت في وصف رسول الله صلى الله عليه عليه وسلم وقبل ان نقف مع جملها وعباراتها السؤال هو هل بنا حاجة امة الاسلام ان نبحث في نصوص التوراة ما يشهد لمديح رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنا حاجة بعدما ثبت في كتاب الله وتواترت به النصوص في الكتاب والسنة. ابينا حاجة ان نقلب في التوراة وننظر ما فيها ونقلب عباراتها وصفحاتها هل نحتاج الى ان نشهد اليهود لنا لنبينا عليه الصلاة والسلام ليس بنا حاجة فعلام يسأل عبد الله بن عمرو بن العاص؟ وقد سأله عطاء بن يسار حدثني عن صفة رسول الله صلى الله عليه سلم او اخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول عبد الله اجل والله انه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن ويسوق الحديث. والحديث اخرجه البخاري وغيره هذا يا كرام ليس فقرا في النصوص التي تدل على شرف المصطفى صلى الله عليه وسلم عندنا في الاسلام. لنبحث عنها في والانجيل حاشا لكنها الشواهد المتتابعة والادلة المتضافرة التي يؤازر بعضها بعضا التي تزيده شرفا صلى الله عليه وسلم وان له في كتب الله السابقة واثبات شرف وفخر. جاء للانبياء السابقين وللامم سالفة يعني ان التوراة وقد انزلت على موسى عليه السلام ويقرؤها اليهود ولا محمد بينهم صلى الله عليه وسلم لكنهم يقرأون في نصوص كتابهم وكلام ربهم ان نبيا بهذا الوصف العظيم سيكون في اخر الزمان لهذه الامة المرحومة المباركة. هذا مزيد شرف لا شرف بعده. ان يسبق له صلى الله عليه وسلم قبل بعثته. بل قبل ان امته وان توجد ان يوجد في كتاب سابق في ملة سابقة لامة سابقة ان يأتي ذكره عليه الصلاة والسلام وان يكون موصوفا باعظم الاوصاف واشرفها. ثم يأتي هذا في كتاب يهود فيقرؤونه. ويبقى هذا محفوظا عندهم ويتناقلوه احبارهم ورهبانهم حتى يبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيتطابق بعض ما جاء في تلك النصوص والعبارات ببعض ما جاء في كتاب الله الكريم. فهو اذا مزيد شرف ليس بحثا ولا تنقيبا. وعبدالله بن عمرو ها هنا لما اجاب فقال اجل والله انه لموصوف بالتوراة ببعض اوصافه او ببعض صفته في القرآن ثم عدد لم يكن يقصد اننا لا نجد شيئا في كتاب الله فهلم اعطيك مما اجد في التوراة ابدا. انما هو يقول كلما قرأت عنه في كتاب لا فهو موجود مثله بل من قبل للامم السابقة وفي كتب انبيائهم السالفة. هذا مأخذ. واما الاخر ايها الكرام ان هذه النصوص وقد ادركها الصحابة عبد الله بن عمرو عبد الله بن سلام ويذكر عن كعب الاحبار حتى من اليهود الذين ككعب الاحبار وعبد الله ابن سلام. وقد كانوا من احبار يهود وعلمائها. وقرأوا التوراة وعرفوا ما فيها. فهم يشهدون ان هذا ثابت في كتابهم. وان التوراة تشتمل على هذه الاوصاف. فانما هي دليل عظيم. من دلائل النبوة التي قد انوارها والتي تشمل هذه الامم الى يوم القيامة. ولا يبقى انسان على وجه الارض قد ادرك نبوة المصطفى صلى الله عليه وسلم لا يبقى معذورا الا باتباع دينه والشهادة له بالرسالة وللانقياد في ركب امته صلى الله عليه وسلم بل حسبك قوله والله لو كان موسى ابن عمران حيا ما وسعه الا ان يتبعني صلى الله عليه واله وسلم واذ ينزل عيسى عليه السلام في اخر الزمان فيدرك امة ويدرك جماعة تصلي صلاة الفجر في المسجد. فيقدمونه اماما فيأبى. يأبى معتذرا بان انه لا يتقدم اماما على اتباع امة محمد صلى الله عليه وسلم. هذا الشرف يا امة محمد صلى الله عليه وسلم كان شرفا نتقلده جميعا بهذا النبي الكريم الذي اعلى الله منزلته ورفع قدره فهو شرف والله نفتخر به لكنه طرف علينا ان نقوم بحقه الواجب علينا كيف؟ صدق حب لرسول الله صلى الله عليه وسلم. صدق طاعة واتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم والا والله فسينقلب الى فخر زائف وشرف لا معنى له انما لو كنت صادقا في شرفك بالانتساب الى هذه الامة وفخرك برسول الله صلى الله عليه وسلم فليظهر اثر هذا الشرف والفخر والفرح في كل كل ذرة في حياتك في كل شيء في كيانك. ان يثبت قولك وفعلك وكل ذرة وحركة وسكنة. ان تكون شاهدة انك فخور بالانتساب الى هذه الامة. انك صاحب شرف لنبي هذه الامة صلى الله عليه وسلم. يا قوم لو كنا نقرأ ايات من القرآن لقلنا كتاب الله انزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاشتمل على ايات وسور ترفع مكانته وتعلق قدره لكننا نقرأ نصوصا وعبارات من التوراة. فماذا كان يراد لليهود ان يعلموه؟ وكان نبيهم اذ ذاك حيا موسى عليه السلام اجب الان امة من الامم ينزل عليها وحي على نبيها وهو حي بين ايديها. فيقرأ عليه النصوصا من كلام الله في التوراة تخبرهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اجبني ماذا كان يراد منهم؟ ليس اتباعه ابدا لان نبيهم حي قائم ولم يكن كن المقصود ان يتركوا نبيهم ليلحقوا بنبي ما خلق ولا بعث بعد. فماذا كان المقصود اذا ان قلت ان المقصود ان يقذف في قلوب البشر من وقت مبكر عظيم المنزلة لهذا النبي الكريم. وان تقف البشرية من وقت مبكر ايضا على ان الله اصطفى من الانبياء نبيا واجتبى من الرسل رسولا جعل له من الشرف كانتي والحظوة ما ليس لغيره من اخوته الانبياء عليهم السلام. يا عزيزي هذه ان كانت رسالة سبقت قبلنا الى امة خلت ونبيها قائم وكتابها وحي ينزل. وسيق لهم هذا الخطاب ليعلموا هذا المعنى ويقفوا على عظيم هذا القدر فما عساي ان اقول عني وعنك في امة ادركتها النبوة المباركة. وعاشت في ظلال هذه الامة وتشرفت بالانتساب انها رسالة ينبغي ان تكون اكثر وضوحا في حس كل مسلم. واكثر وعيا وادراكا واكثر اشراقا في بكل مسلم وان تكون الحياة في قلوب افراد الامة فردا فردا ذكرا وانثى صغيرا وكبيرا متعلما وعالما ان يكون الكل في هذا سواء رسالة من الله يراد بلوغها لكل افراد الامة بلا استثناء ان هذا النبي الكريم ذو منزلة عظيمة عند ربه العظيم. وان هذا انما هو بوابة كما اسلفت مرارا. لاكون مدخلا عظيما من اخر الطاعة والحب والاتباع بعد ان يؤسس في القلب هذا المعنى الكبير. عظيم المنزلة عظيم المكانة التعظيم وقار هي والله يا احبة عتبة اساس. لن تنبت شجرة المحبة في القلب الا على تعظيم عظيم ولن تورق اوراق هذه المحبة الا بمحبة يشتد ساقها. ويقوى بنيانها في القلوب. هذا كله انما مؤسس بمثل هذه المعاني وتقريب النظر فيما في كتاب الله وما صح في سنة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم هذا عطاء ابن يسار يأتي الى عبد الله ابن عمر ابن العاص وعبدالله ابن عمرو ممن اسلم صغيرا وكان صبيا من صبيان الصحابة صحابي وابوه صحابي وادرك شرف الصحبة وحاز علما عظيما من الرواة المكثرين ومن فقهاء الصحابة المفتين رضي الله عنهم اجمعين. وكان له شيء من العلم بما عند اليهود في كتابها. فسئل فقال اخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال عبدالله بن عمرو والله انه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن. يا ايها النبي انا ارسلناك شاهدا مبشرا ونذيرا. هذه الاية التي نقرأها في سورة الاحزاب لها اختها هناك في التوراة قبل السنين والقرون جاءت هكذا ليست لامتنا بل لامة يهود وليست على نبينا بل على موسى عليه السلام. هذا المعنى قديم وهذا المعنى تجدد في كتاب الله لتأكيد هذا المعنى ونزول الوحي بهذا اللفظ. ثم ما ستسمع الان من العبارات لك امثالها بل واضعافها في شريعة الاسلام في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال وحرزا للاميين. الاميون هم امة العرب بالاميين كما قال الله تعالى هو الذي بعث في الاميين رسولا منهم. لان العرب امة امية كما قال ايضا صلى الله عليه وسلم. نحن امة امية لا نقرأ ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا وهكذا. واشار بثلاثين وقبض خنصره في الثالثة يشير الى تسع وعشرين. هي امة امية وهذا الوصف كما تقدم ثابت في الكتاب والسنة. قال وحرزا للاميين حرزا يعني حفظا. مانعا. كيف يكون صلى الله عليه وسلم بما وصف في التوراة كيف يكون حفظا لامة العرب كيف يكون حافظا؟ نعم بالرسالة التي بعثه الله تعالى بها اليهم كان مانعا لهم من الهلاك. كان مانعا لهم من تردي في جهنم كان مانعا لهم بان يسلكوا طريق الظلمات فاخرجهم الله تعالى به من الظلمات الى النور به من النار الى الجنة رسولا يتلو عليكم ايات الله مبينات ليخرج الذين امنوا وعملوا الصالحات من الظلمات الى نور قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات الى النور باذنه ويهديهم الى صراط مستقيم. فبعثه الله نورا لهذه الامة وهاديا لها فكان مانعا من هلاكها. قال انت عبدي ورسولي. سميتك المتوكل ليس بفضل ولا غليظ ولا صخاب في الاسواق. ليس بفظ الفظاظة غلظ الطبع ولا غليظ ليس شديدا لا في قول ولا في فعل ليس بفظ ولا غليظ وهذا هو الوارد في قول الله تعالى ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ستأتي الاية فبما رحمة من الله لنت لهم. ولو كنت فظا غليظ القلب لو حرف امتناع لامتناع. يعني امتنع انفظاظهم من حولك لامتناع فظاظتك وغلظتك صلى الله عليه وسلم. لم تكن منه غلظة ولا فظاظة ولذلك ذلك لم يكن من امته انفضاب عنه ولا ابتعاد ولا نفرة تألفت القلوب بالرحمة التي اودعها الله في قلب المصطفى صلى الله وعليه وسلم قال ليس بفظ ولا غليظ. هكذا تقول التوراة يا احبة من مئات السنين. ان نبينا صلى الله عليه وسلم ليس بفظ ولا غليظ ثم اراد الله فولد رسول الله صلى الله عليه وسلم هنا في ربا مكة ثم بعث بعد ان بلغ الاربعين وقضى من عمره بعد النبوة ثلاث عشرة سنة في مكة. وهو يحارب ويؤذى ما تركوا اذية الا مسوه بها قولا فعلا قالوا ساحر وقالوا شاعر وقالوا كذاب وقالوا مجنون ووضعوا سلا الجزور على ظهره وشدوه من ثيابه وارادوا الاعتداء عليه بقتله يخرج طريدا وحيدا مهاجرا ليس في صحبته الا ابو بكر في معية الله ومع ذلك كله لا تحفظ الروايات. صحيحها ولا ضعيفها بل ولا كذبها. انه انه اغلظ بعبارة او باشارة او موقف او حركة. ما هذا؟ هذا الذي اخبر الله عنه قبل مئات السنين. ليس بفظ ولا غليظ. امن به من امن وصدقه من صدق وكفر من كفر وجحد من جحد وعاند من عاند فلا والله ما حفظ التاريخ الانساني انه اساء الى انسان قط لا زوجة ولا ولد ولا صديق ولا جار ولا قريب ولا عدو حتى الجهاد وهو الجهاد انما يخرج مجاهدا ويريد بابي وامه عليه الصلاة والسلام ان يقود هذه الكتيبة الكافرة الى رضا اه والى القبول بهذا الدين والى الدخول في الاسلام. يرجع من الطائف وقد كذب وطرد عليه الصلاة والسلام. فيستأذنه الملك في ان يطبق عليهم الاخشبين فتدركه الرحمة يسأل الله ان يخرج من صلبهم من يعبد الله لا يشرك به شيئا ولعل انه يأتي اليوم الذي يدخلون فيه في دين الله طائعين وتمر الايام وتتوالى السنين. يهاجر الى المدينة طوال الغزوات يلاحقونه بالعداء والحرب والصد عن سبيل الله. ثم يأذن الله فتفتح مكة ويجتمعون عنده حول الكعبة فيسألهم ما تظنون اني فاعل بكم فيقولون اخ كريم وابن اخ كريم فيقول اذهبوا فانتم الطلقاء. تألفت القلوب عليه بالرحمة فدخل الناس في دين الله افواجا. وتلك ثقيف في الطائف وهواز وما حولها جحدت وصدت وكفرت. تتوالى السنين فاذا بها تقبل مسلمة بعد غزوة ثقيف وحنين. تدخل القرى وقد دخلت القلوب قبلها في الاسلام. طائعة والله ما اجتمع هذه القبائل وتلك الجماعات على هذا الدين والقبول برسالته الا لعظيم ما اودع الله في قلبه من الرأفة والرحمة بعد هذا كله فان الذي يجب علي وعليك. وانت تقف على هذه المعاني التي تعلمها تماما. وتكررت على مسامعك كثيرا وانت تعلم عظيم ما في قلب رسول الله عليه الصلاة والسلام من الرأفة والرحمة لامته والاشفاق والعنت ان يصيبه شيء من الذي يشق عليهم في الشريعة بعد ذلك كله والله لا يبقى الا ان تملأ قلبك حبا لنبي ملأ الله قلبه رأفة ورحمة بي وبك وبجميع امته صلى الله عليه وسلم. يقول في التوراة ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الاسواق. صخاب يعني شديد الرفع بالصوت. واتى في الرواية التالية ولا صخب والمعنى واحد السخام او السخام بالصاد او بالسين معناها رفع الاصوات قال ولا صخاب في الاسواق. يعني لم يكن صلى الله عليه وسلم ذاك الرجل الذي تظهر عليه اثار الطيش والجهل السفه او قلة العقل لان رفع الصوت مظنة الطيش وعادة يحصل هذا عندما يريد امرؤ ان يصل الى مطلوبه في نقاش او حوار او جدال فاذا اراد اختصار الطريق لا يبحث عن حجة عندما يكتفي برفع الصوت. قال ولا صخاب في الاسواق وانت اعلم ان خفض الصوت في الكلام والحديث من شيم الادب وان من علامات الاحترام والوقار وتمام العقل هدوء الرجل والمتحدث في صوته وان يكون كلامه مسموعا معقولا تحليه الزينة والوقار ويبقى خفض الصوت بقدر الاسماع هو السمة. وليس معنى ذلك الا يحتاج الى رفع الصوت اذا احتاج اليه بلى كان يرفع صوته صلى الله عليه وسلم بتلاوة القرآن اذا ام الناس وكان يرفع صوته اذا خطب كانه منذر قوم او يمسيهم. هذا وارد. انما المقصود ان رفع الاصوات المذكور ها هنا في الاسواق لانه الغالب. او الاحتراز لان رفعه وبالصوت كان في بعض المواضع التي يشرع فيها رفع الصوت كما هو في شأن الامامة في الصلاة او الخطابة في الجمعة لاسماع الناس ولايقاع الجمل موقعها لكن الصخب المطلق ورفع الصوت واللجاجة وشيء من الثرثرة ودوي الكلام الذي معه الاصوات هذا ابدا ليس من شيم الكرماء ولا اولي العقد والحلم وذلك الذي نزه عنه صلى الله عليه واله وسلم قال رضي الله عنه ولا يدفع بالسيئة ولا يدفع بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر هذا ايضا مما ثبت في وصفه عليه الصلاة والسلام. لا يدفع السيئة بسيئة مثلها. مع ان الله قال وجزاء سيئة سيئة مثلها. هذه الاية في مقام الحق من حق الانسان اذا سامه سوء ان يرد السوء بسوء. وجزاء سيئة سيئة مثلها. وان عاقبتم فعاقبوا بمثل لما عوقبتم به هذا حق لكن فوق مرتبة الحق مرتبة الفضل. وهي اعلى وهي التي خص الله بها نبيه عليه الصلاة والسلام من حقك ان تأخذ مظلمتك وان تقتص لنفسك. لكن الفضل الاكمل ان تعفو. قال الله تعالى سيئة سيئة مثلها فمن عفا واصلح فاجره على الله انه لا يحب الظالمين. مرة اخرى جاء تكرار معنى باسلوب اخر ولمن انتصر بعد ظلمه فاولئك ما عليهم من سبيل انما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الارض بغير الحق اولئك لهم عذاب اليم ولمن صبر وغفر. ان لا من عزم الامور. قال رضي الله عنهم ولا يدفع بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء بان يقولوا لا اله الا الله الملة التي كانت عليها العرب وقد انحرفت عن الحنيفية السمحة. وقد مالت الى عبادة الاوثان. وتعلقت بالاصنام نعم فانحرفت عن فطرة الله التي فطر الناس عليها. وتركت بقايا من الحنيفية التي كان عليها اتباع من ممن ممن اقبل على بقايا من دين ابراهيم عليه السلام. فاصبحت العرب والبشرية انذاك في جاهلية جهلاء. وظلال من مطبق وملة عوجاء. قال لن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء. وحقا ما قبض رسول الله عليه الصلاة والسلام الا وقد دخلت الامة في الاسلام فاقاموا ملتهم على الحنيفية وعلى الصراط المستقيم دخلوا في دين الله افواجا اقر الله عينه بهداية امته وقبول دعوته واتباع ملته صلى الله عليه واله وسلم قال ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء بان يقولوا لا اله الا الله اي ويقول معها محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويفتح به اعينا عميا. عميا يعني عن ابصار الحق واذانا صما اي عن سماع الحق وقلوبا غلفا اي عن قبول الحق. فكل قلب لا يقبل الحق فهو قلب مغلف؟ واي اذن لا تسمع الحق فهي اذن صماء واي عين لا تبصر الحق ولا تهتدي بنوره فهي عين عمياء. لنعلم ان هذه الجوارح التي خلقها الله عز وجل انما تتحقق معانيها بان يستعملها العبد في طاعة الله ويقبل بها هدى الله الذي انزل به الكتب اتى به الرسل عليهم السلام نعم كثير من الناس يرى لكنه اعمى وكثير من الناس يسمع لكنه اصم وكثير من الناس له قلب ينبض ويتدفق به الدم في كل انحاء الجسد لكنه قلب اشل هؤلاء المعرظون عن دين الله. الكفرة ومن يصد عن سبيل الله. يقول ربك جل في علاه ان شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون لا تظن انه اصم بمعنى انه لا يسمع صوتا ولا تظن انه ابكم بمعنى لا ينطق حرفا بلى لكنهم كما قال الله الصم البكم الذين لا يعقلون ولو علم الله فيهم خيرا لاسمعهم ولو اسمعهم لتولوا وهم معرضون. فالمقصود ان حقيقة الابصار وحقيقة السمع وحقيقة الانتفاع بكل كل ما متعك الله به من الجوارح لن يكون الا فيما اراد الله منك وهو عبادته. وقبول الحق الذي بعث الله تعالى به انبياء والرسل عليهم السلام. ما عدا ذلك فاصحابها محرومون. ولو رأوا ابعد المسافات ولو سمعوا ادق الاصوات ولو كانوا اكثر الناس نشاطا بحيوية وصحة بدن لكنهم في ميزان الشريعة ليسوا كذلك. فلما بعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم فتح الله به اعينا عميا واذانا صما وقلوبا غلفا. اليوم اذ تستمتع عينك وترى وتستمتع ببصرك وتسمع فافرح ان الله جعلك في امة هذا النبي الذي فتح الله به اعين العمي والاذان الصم والقلوب الغلف. صلى الله عليه واله وسلم. قال وذكر مثله عن عبد الله ابن سلام وهو احد احبار يهود ادرك النبوة فاسلم رضي الله عنه وارضاه وشهد له النبي صلى الله عليه وسلم بخير قيل وفيه نزل قوله تعالى وشهد شاهد من بني اسرائيل على مثله فامن واستكبرتم. وكعب الاحبار ادرك النبوة الا انه اسلم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولمدرك شرف الصحبة. قال وفي بعض طرقه عن ابن اسحاق يعني فيما يروى عن كعب الاحبار. والمروي عن كعب الاحبار وعبدالله بن سلام. بحكم علمهم بالتوراة قبل ان يسلموا. فقد كانوا من الاحبار يعني ان لهم معرفة وعلما كافيا واطلاعا على نصوص التوراة. قال وفي بعض طرقه عن ابن اسحاق ولا صخب في الاسواق وهي كالعبارة السابقة ولا صخاب في الاسواق. ولا متزين بالفحش. نعم. عصم الله نبيه عليه الصلاة والسلام ان يتصف بالفحش قولا او فعلا. فكان معصوما من ذلك فما حفظت عنه لفظة نابية ولا حركة ساقطة ولا قول او فعل يأبى عنه الكرماء ولا ارباب المروءة عصمه الله من كل ذلك فكمله. قال ولا متزين بالفحش ولا قواد للخنا الخنا قبيح القول وفاحشه. عندما تذكر العورات وتذكر السوءات. وتذكر السباب والشتائم ان اكرم الله السامعين فان هذا لسان اجلكم الله قد تلطخ بالخنا وربما يقدر لبعضنا انه يكون عفيف اللسان شريف القول طاهر الفم لا يسمع الناس منه سوءا ولا فحشا لا سبا ولا خنا ولا ذكرا مما يستقبح من ما لا يقبله ارباب المروءات لكن بعضنا اذا استفزه الشيطان واحاط به الغضب سقط به اللسان فخرج ما لا يخرج من مثله فاذا اعتذر قال انما هي ساعة غضب والكريم ايها الكرام ابدا لا يرضى ان يطلق لسانه في شيء من تلك المواضع القذرة. لان الكريم كريم ولان نبينا صلى الله عليه وسلم قد جلله ربه وعظم وصفه فقال وانك لعلى خلق عظيم. فكان في وصفه ولا قوام لل للخنا اسدده بكل اسدده لكل جميل واهب له كل خلق كريم واجعل السكينة لباسه والبر شعاره اللباس لباسان داخلي وخارجي فاللباس الداخلي هو ما يلي الجسد ما يمس البشرة وهذا يسمى شعارا. واما اللباس الخارجي فيسمى لباسا او يسمى دثارا. قال واجعل السكينة لباسه والبر شعاره. يعني البر وهو الطاعة والتقرب الى الله. كانه له قد اصبح جزءا منه صلى الله عليه وسلم لا ينفك عنه. قال والتقوى ضميره يعني في صدره. والحكمة معقولة اي مناط عقله الذي ارتبط به هو الحكمة. فلا يتصرف الا بحكمة. ولا يتكلم الا بحكمة. ولا يقرر امرا الا صلى الله عليه واله وسلم. والصدق والوفاء طبيعته. بمعنى انه لا يتكلفها تكلفا. انما هي طبيعة اذا تكلم صدق واذا وعد اوفى قال والعفو والمعروف خلقه العفو عمن ظلم والمعروف كل احد والعدل سيرته فاقام حياته على العدل وانت تعلم ان العدل يبذل لكل انسان مسلم وكافر من بر وفاجر العدل خلق امر الله تعالى به فقال ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى. قال والحق شريعته يعني في دينه الذي بعثه الله به فهو حق لا ريب فيه ولا باطل بلا افتراء. والهدى امامه. وفي بعض النسخ من كتاب الشفاء والهدى امامه والمعنى واحد. لان امامنا امامنا ولا يكون الامام الا اماما. فجعل الهدى امامه يعني يقتدي به ولو قلت امامه فالمعنى واحد. والاسلام ملته واحمد اسمه اهدي به بعد كما قال الله عز وجل ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان يعني قبل النبوة قبل الوحي وكذلك اوحينا اليك روحا من امرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان. اهدي به بعد الضلالة واعلم به بعد الجهالة وارفع به بعد الخمالة يعني يرفع شأن الامة بعد ان كانت خاملة. ومعنى خاملة اي مغفورة الذكر لا يأبه لها ولا يرفع لها رأس ولا يعرف الناس لها قدرا ولا وزنا. وهكذا كانت امة العرب قبل الاسلام. انما كانت في بادية تعيش لطعامها وشرابها وحياتها ومماتها. بينما كانت الحضارات لامم عاصرتها. فكانت اصحاب صولة وجولة كفارس والروم وبعض القبائل وبعض الحضارات القائمة انذاك لكن امة العرب انما عرفت تاريخها حقا وارتفع شأنها وعلى ذكرها بين الانام حقا ببعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولهذا قال الله وانه لذكر لك ولقومك هاي شرف ورفعة ذكر بنزول القرآن وظهور هذا الدين لهذه الامة. قال وارفع به يعني يرفع شأن الامة بعد الخمالة يعني بعد ان كان خامل الذكر خفيا. قال واسمي به بعد النكرة. كانت امة نكراء لا تعرف. فاصبحت معلومة معروفة واصبح اسمها بين الامم وحضارتها بين الحضارات امة عريقة في الذكر والتاريخ فكان هذا ببعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم واكثر به بعد القلة واغني به بعد العيلة واجمع به بعد الفرقة. هذه جملة اوصاف عقب كانوا قليلين فكثرهم الله كانوا خائفين فامنهم الله. كانوا فقراء فاغناهم الله. ولهذا لما عاد عليه الصلاة والسلام يوم حنين. وقد قسم الغنائم ولم الانصار شيئا فكأنهم وجدوا في انفسهم شيئا جمعهم فكان مما قاله لهم يا معشر الانصار الم تكونوا ضلالا فهداكم الله بي ومتفرقين فالفكم الله بي وفقراء فاغناكم الله بي كلما قال شيئا قالوا الله ورسوله امن فطفقوا يبكون رضي الله عنهم معتذرين عما بدر ومنهم رضي الله عنهم اجمعين قال واغني به بعد العيلة العيلة الفقر وان الله كتب به الغنى بعد الفقر والفقر والغنى ها هنا حسا ومعنى. اما المعنى فالفقر فقر العقائد فقر القلوب حقيقة وما كانت تعيشه البشرية قبل النبوة المحمدية هو فقر بمعنى الكلمة. لان ما كانت تعيشه من قيم وما كان قد تعيشه من مبادئ وما كانت تعيشه من عقائد هو في الحضيض. وفي الميزان لا يسوى شيئا. فكان فقرا حقيقيا. فقلب الله هذا الفقر بالاسلام غنى. غنى القلب بامتلائه بتوحيد الله وغنى القلب بالعقائد التي جاءت بها الشريعة. غنى القلب بالمبادئ بالاخلاق بالقيم بالعبادات القلبية التي جاءت بها الشريعة على يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا هو الفقر والغنى حسا. اما معنى فما ساق الله من الخيرات وما كتب لاهل هذا دين من الفتوحات التي انتقل بها المسلمون انذاك من حال الى حال. قال واجمعوا به بعد الفرقة. نعم فكانت العرب جماعات متفرقة وقبائل متناحرة فالف الله ليس بين العرب بعضها ببعض لا بين العرب وغير العرب فاصبحت الملة تجمع البشرية جمعاء المسلم اخو المسلم وها هنا تتلافى هذه الرابطة كل عائق وتتجاوز كل الحدود وتذوب معها كل الفواصل فلا عرق ولا لا جنسية ولا حدود ولا اقليمية ها هنا الدين يذوب معه كل فارق وينصهر معه كل عائق واجمع به بعد قال واؤلف به بين قلوب مختلفة واهواء متشتتة وامم متفرقة. وكلما اقبل الناس حجا وعمرة الى رحاب بيت الله الحرام. ادركت شاهدا لصدق هذا الكلام. تجد الاجناس المختلفة والالسنة المتفرقة والعقول المتفاوتة والحضارات المتباينة فاذا به قد اجتمعت بالله ما الذي جمعها لا حضارة ولا لسان ولا لغة ولا طبقة ولا ثقافة لكن جمعها ما هو اسمى من ذلك واشرف. هو هذا الدين الذي انصهروا كلهم داخل اطاره واصبحوا قالبا واحدا في بوتقته هذا هو الدين الذي اكرم الله به هذه الامة. قال واجعل امته خير امة اخرجت للناس صلى الله عليه واله وسلم. نعم. وفي حديث اخر اخبرنا رسول الله صلى الله عليه عن صفته في التوراة عبدي احمد المختار مولده بمكة ومهاجره بالمدينة او قال طيبة امته الحمادون لله على كل حال. الحديث في اسناده من لا يعرف كما اخرجه الطبراني والبيهقي غيرهما واخرجه الدارمي موقوفا على كعب وبالتالي فتعاملنا معه على انه حديث مرفوع لا يشفع له صحة الحديث. لكنه جاء في عبارته ان الوصف الذي جاء في التوراة عبدي احمد المختار مولده بمكة ومهاجره بالمدينة او قال طيبة. امته الحمادون لله على على كل حال وهكذا جاءت نصوص الشريعة تؤدبنا معشر المسلمين بان نحمد الله على كل حال. لان المؤمن بكل خير على كل حال كما قال صلى الله عليه واله وسلم فايا كان حالك فانت على خير. واذا كنت على خير وجب ان تحمد الله. وبالتالي فيكون احدنا حامدا لله على كل حال. فصارت هذه الامة المحمدية امة حمد حمادون لله. وهذه الامة كما انا نبينا صلى الله عليه وسلم هو احمد الخلق لربه كانت امته احمد الامم ايضا لربها كان هذا من التوافق بينما خصه الله تعالى به نبيا بين الانبياء صلى الله عليه وسلم وما خصنا به امة بين الامم في مقام الحمد الذي هو اعظم قامات في العبودية. نعم. وقال تعالى الذين يتبعون الرسول النبي الامي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل يأمرهم يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات. ويحلوا لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم اصرهم ويضع عنهم اصرهم والاغلال التي كانت عليهم. فالذين امنوا به زروه ونصروه واتبعوا النور الذي انزل معه اولئك هم المفلحون قل يا ايها الناس اني رسول الله اليكم جميعا الذي له ملك والارض لا اله الا هو يحيي ويميت فامنوا بالله ورسوله النبي الامي الذي يؤمن بالله وكلماته لعلكم تهتدون. نعم مناسبة هذه الاية لذكر الاحاديث التي سبقت بنا قبل قليل في وصف به صلى الله عليه وسلم كما في التوراة وقد مر بنا حديث عبدالله بن عمرو بن العاص في البخاري وحديث عبد الله ابن سلام وكعب الاحبار عند غيره. هذه الاوصاف لما جاءت في التوراة اتى المصنف رحمه الله ونحن لا نزال في الباب او في الفصل الذي فيه وصف الله لنبيه بالشهادة صلى الله عليه وسلم. وقد مر بك في اول الرواية فيما جاء في التوراة انه موصوف ببعض صفته في القرآن يا ايها النبي انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا فلما جاءت الاحاديث في ذكر صفته في التوراة ناسب ان يذكر المصنف رحمه الله هذه الاية. الذين يتبعون الرسول الامي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل. اذا هذه الاوصاف الاتي ذكرها مذكور بها نبينا صلى الله عليه وسلم في التوراة والانجيل كذلك ما هو؟ يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم اصرهم والاغلال التي كانت عليهم. هذه اوصاف مشتركة جاءت في القرآن كما جاء في التوراة كما جاءت في الانجيل بنص القرآن. قال الله تعالى فالذين امنوا به وعزروه. اي عظموه ووقروه ونصروه واتبعوا النور الذي انزل معه اولئك هم المفلحون. قل يا ايها الناس اني رسول الله اليكم جميعا الذي له ملك السماوات والارض لا اله الا هو يحيي ويميت فامنوا بالله ورسوله النبي الامي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون. نعم. وقال تعالى فبما رحمة من والله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الامر. فاذا عزمت فتوكل على الله اه ان الله يحب المتوكلين. وهذه اية اخرى ايظا هي شاهد لبعظ ما جاء في الاحاديث السابقة ثقتي ببعض وصفه في التوراة. قال فبما رحمة من الله لنت لهم. وقد قال هناك ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الاسواق وهذه ايضا لها شاهد عندنا في كتاب الله. ولو كنت فظا غليظ القلب. لانفضوا من حولك. اثبت الله له فبما رحمة من الله لنت لهم. واثبت ذلك بقوله ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من من حولك فلو هنا حرف امتناع لامتناع يعني انما رأيتهم مجتمعين لم ينفضوا من حولك ولم ينفروا وعن دعوتك لم يحصل هذا لان غلظة وفظاظة لم تحصل منه صلى الله عليه وسلم. فامتنع اذا انفضاض الامة من حوله او نفرتهم عن دعوته لامتناع النفرة في خلقه فظاظة وغلظة وحاشاه الله عليه وسلم نعم قال السمرقندي ذكرهم الله منته ان جعل رسوله رحيما بالمؤمنين لين الجانب ولو كان فظا خشنا في القول لتفرقوا من حوله. ولكن جعله الله سمحا سهلا طلقا برا لطيفا هكذا قاله الضحاك. سمحا سهلا طلقا برا لطيفا رحيما عليه الصلاة والسلام. لا تظن ان هذه الاوصاف انما جاءت في خلقه الكريم عليه الصلاة والسلام مع الموافق ومع المحب ومع القريب ومع الموالي ابدا. لكن كان هذا حتى مع النافلين عن دعوته. حتى مع اصحاب المواقف في الخطأ وفي الانكار عليهم كان صلى الله عليه وسلم دوما هذا النمط في الخلق الكريم من التعامل. لم يكن فظا ولا غليظا. ماذا فعل بالاعرابي الذي تبول في المسجد ماذا فعل بالشام الذي جاء يستأذنه في الزنا؟ بل ماذا فعل بمن جاء معترفا بين يديه بانه اقترف الفاحشة انت والله لن تجد في موقف من هذه قط ولا في غيرها انه اغلظ في عبارة او اشتد في الخطاب فاذا انا هذا خلق كريم منه صلى الله عليه وسلم مع الناس جميعا من حوله يستوي في ذلك عنده القريب والبعيد. بل يستوي الذي سبق ايمانه وحسن اسلامه بمن كان حديث عهد باسلام بل يستوي عنده في ذلك البر والطائع مع مقصري او الجاهل او حتى المخطئ الواقع في منكر او خطأ او ذنب او معصية. وجد الجميع منه عليه الصلاة والسلام هذا خلق الكريم الرأفة واللين وطلاقة الوجه والبشاشة وحسن التعامل حتى امتلك القلوب عليه الصلاة والسلام. فاسرها حبا له صلى الله عليه وسلم وصدق رغبة في طاعته والاقتداء به والايمان بسنته صلى الله عليه وسلم والرغبة الجازمة في احتذاء حذوه والاهتداء بهديه بابي وامي هو عليه الصلاة والسلام. هذه الاوصاف التي مرت بك كثيرة في نصوص الكتاب والسنة. ها هي ذي شواهدها وتتنقل في كثير من المواضع حتى وجدناها في كتب الانبياء السابقين في نصوص التوراة هذا المعنى الكبير ينبغي ان جليا معلوما واضحا لكل مسلم يحب الله ويحب رسوله صلى الله عليه وسلم. كما قال هون السمرقندي رحمه الله ولو كان تفظا خشنا في القول لتفرقوا من حوله ولكن جعله الله تعالى سمحا سهلا طلقا برا لطيفا فلما وجدت الامة منه هذه المعاني كان هذا مصداق قول ربه له سبحانه وتعالى لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عن التم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم. لم يزل في هذا الفصل بقية نأتي عليها في مجلس ليلة الجمعة المقبلة ان شاء الله فاجعلوا ليلتكم هذه عطرة بكثرة الصلاة والسلام. على نبي الهدى والرحمة صلى الله عليه وسلم. واجعلوا جمعتكم غدا ايظا عامرة عاطرة بكثرة الصلاة والسلام عليه. واجعلوا نصب اعينكم يا رعاكم الله. انكم تغترفون بالصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم من الحسنات والاجور بل ومن رحمات ربنا العفو الغفور التي تتنزل بعشرة اضعاف بعدد ما تصلي وسلم على نبيك الكريم صلى الله عليه وسلم. فعطروا افواهكم وعطروا مجالسكم. واملأوا صحائف اعمالكم نورا وصلاة سلاما على النبي صلى الله عليه وسلم لتنعموا برحمة عظيمة وشرف كبير وحسنات لا يسبقكم فيها الا من كان اكثر ومنكم حظا بهذه الابواب كن بالصلاة على النبي اماما. عطر بها الساعات والايام لولاه بعد الهنا ما اشرقت الهدى للكائنات قياما. فاللهم صل وسلم وبارك عليه عدد ما صلى عليه المصلون. وصل يا ربي وسلم وبارك عليه عدد ما قل وعدد ما غفل عن الصلاة عليه الغافلون. اللهم صل وسلم وبارك عليه صلاة وسلاما. تبلغنا بها اعلى الدرجات وتكتب لنا بها وافر الحسنات وترحم لنا بها الاموات وتشفي لنا به المرضى وتحقق بها الحاجات يا كريما قريبا مجيب الدعوات اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء. اللهم ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة قنا عذاب النار اللهم احفظ علينا امننا وايماننا وسلامتنا واسلامنا ووفقنا لما تحب وترضى وخذ بنواصينا الى البر والتقوى. اللهم احفظنا والمسلمين جميعا من شر الاشرار. وكيد الفجار ومن شر طوارق الليل والنهار. اللهم يا بر يا رحيم يا لطيف يا خبير نسألك لطفا ورحمة لعبادك المؤمنين في كل مكان. اللهم فرج الهموم ونفس الكربات. اللهم اقض وارحم الاموات. اللهم اشف المرضى وحقق الامال. لا اله الا انت ولا رب سواك. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين