بسم الله الرحمن الرحيم. ايها الاحبة الكرام يطيب لاسرة تسجيلات الامام البخاري الاسلامية مكة المكرمة ان تقدم لكم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي اكرمنا بنور الهدى وجعلنا في امة المصطفى صلى الله عليه وسلم. واشهد ان لا اله الا الله لا شريك له له الحمد في الاخرة والاولى. واشهد ان سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله المصطفى ونبيه المجتبى صلوات ربي وسلامه عليه وعلى ال بيته وصحابته ائمة الهدى ومن تبعهم باحسان واقتفى اثره وهم الى يوم اللقاء. اما بعد فهذه الليلة المباركة الشريفة ايها الكرام ليلة الجمعة. التي تزهر سماؤها وتضيء انوارها بكثرة صلاة المحبين على النبي صلى الله عليه وسلم هذه الليلة الشريفة. وهم يستشعرون دوما له بابي وامي عليه الصلاة والسلام اكثروا من الصلاة علي ليلة الجمعة ويوم الجمعة. واننا لفي مكان شريف مبارك في رحاب بيت الله الحرام وعلى مقربة من كعبته المعظمة منتظرين الصلاة الى الصلاة. فخير ما يغتنمه المرء في ليلة كهذه. في كان كهذا في جلسة عظيمة يؤجر عليها كهذه هو الاشتغال بما خصت به هذه الليلة الشريفة من جليل العمل وصالح القرب التي يجدها المرء اوفر ما تكون في صحيفته يوم يلقى الله. الا وان الصلاة والسلام على رسول الله الله عليه وسلم ليلة الجمعة من جليل العمل الصالح الذي طالما استكثر منه الصالحون. في هذه الليلة المباركة ويوم غد المبارك الصلاة والسلام على رسولنا صلى الله عليه وسلم رحمة تغشى المؤمن بكثرة الصلاة والسلام عليه وهو يعلم تماما قوله عليه الصلاة والسلام من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا. فعشر صلوات عبد الله لك من الله كلما قلت اللهم صلي وسلم على رسول الله. هذه الصلاة المباركة التي تغشاك من ربك هي رحمته بك سبحانه صلاة الله عليك ثناؤه عليك وذكرك في الملك الاعلى صلاة الله عليك اذا بلغتك واحاطت بك وجدت وانكشفت عنك الكروبات وتحققت ذاتك الامنيات. صلاة الله على نبيه غاية المنى. وصلاتنا على نبينا صلى الله عليه وسلم نحن ايضا ننال بها المنى لما ينالنا من ربنا سبحانه وتعالى. في مجلس كهذا ايها الكرام ما زلنا نقلب الصفحات في حقوق المصطفى صلى الله عليه واله وسلم. حقوقه على الامة بحجم الدور العظيم والرسالة الكبرى التي التي قام بها صلوات الله وسلامه عليه طيلة مدة بعثته. وما كان لها من الاثر الممتد الى اليوم والى يوم القيامة. نحن تكلموا عن اعظم حق لبشر على بشر حق رسول الله صلى الله عليه وسلم على امته. هذا الكتاب الذي ما زلنا نقلب وصفحاته ونتدارس مسائله كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه واله وسلم للقاضي عياض ابن يحصبي رحمة الله عليه. وما زلنا في الباب الاول الذي جعله المصنف رحمه الله في ذكر المكانة العظمى لرسول الله صلى الله عليه وسلم عند ربه جل في علاه. واتينا على منتهى الفصل الثالث الذي جعله رحمه الله تعالى فيما ورد في بالله تعالى اياه مورد الملاطفة والمبرة. ومضت بكم الايات التي كان فيها التي كان فيها لطيف الخطاب رب الارباب الى رسولنا عليه الصلاة والسلام في مثل قوله تعالى عفا الله عنك لما اذنت لهم. وقوله سبحانه وتعالى ولولا ان ثبتناك لقد كدت تركن اليهم شيئا قليلا. ووقف بنا الحديث عند اية سورة الانعام قد نعلم انه ليحزنك الذي يقولون فانهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بايات الله يجحدون وكان هذا هو ختام الفصل الثالث بقي لنا فيه بقية نأتي عليها لنشرع في الفصل الرابع الذي يكون محل مدارستنا الليلة بعون الله تعالى. بسم الله الرحمن والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. نبينا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين. قال المصنف رحمه الله تعالى ثم عزاه وانسه بما ذكره عمن قبله ووعده النصر بقوله تعالى ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا واوذوا حتى اتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبأ المرسلين. فمن قرأ لا يكذبونك بالتخفيف فمعناه لا يجادلونك فمن قرأ لا يكذبونك بالتخفيف. من قرأ لا يكذبونك بالتخفيف لا يكذبونك. بل قرأ لا يكذبونك بالتخفيف فمعناه لا يوجد. لا يجدونك كاذبا. وقال الفراء والكسائي لا يقولون انك كاذب وقيل لا يحتجون على كذبك ولا يثبتونه. ومن قرأ بالتشديد فمعناه لا ينسبونك الى الكذب. وقيل لا يعتقدون كذبك. ومما ذكر هذا ختام ما جاء به المصنف رحمه الله تعليقا على ما اورده في الكلام على قول الله سبحانه قد نعلم انه ليحزنك الذي يقولون. فانهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بايات الله يجحدون. والمصنف رحمه الله قد اتى بهذه الاية في سياق ما في القرآن الكريم من لطيف الخطاب لرسول الله عليه الصلاة والسلام. فانظر كيف لما اشتد عليه الاذى صلى الله عليه وسلم والمه اشد الم تكذيب قومه له ومعاندة قريش وصدها عن سبيل الله. بازاء ذلك كله يأتي قول الله سبحانه له قد نعلم ايا محمد انه ليحزنك الذي يقولون. وما الذي كانوا يقولون لطالما قالوا ساحر وكذاب وشاعر ومجنون. ولطالما قالوا انه يفرق بين الرجل وزوجه وبين المرء وابيه وامه ولطالما ولطالما تبعوه بالاذى من هذا القبيل. فقال الله له قد نعلم انه ليحزنك الذي يقولون لكن لطيف الخطاب هنا في الاية في قوله سبحانه فانهم لا يكذبونك. يعني ثق تماما ان الذي يصدر عنهم من اذى وتكذيب ومعاندة ليس لانهم يتهمونك بالكذب فانهم لا يكذبونك. يعني لم تزل يا محمد عندهم في دواخل امينا ثقة صادقا. ووالله ان في ذلك من عظيم التسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما يطيب معه كل كل اذى في القلب وما يبرأ معه كل جرح. لان الموقف الذي يصيب الانسان من المعاندة والمخالفة سوى الاذى هو ان يكون في مقام الاستصغار او الهوان والاحتقار. وربه عز وجل خالق الخلق المطلع على الغيب. يقول له يا محمد انهم لا يكذبونك. فما هو اذا وما الذي يحملهم على ما هم عليه؟ قال ولكن الظالمين بايات الله يجحدون. هو استكبار عن قبول الحق. اذا هو ليس جرحا لشخصك يا محمد وليس انتقاصا لذاته بل لم تزل عزيزا لم تزل رفيع الشأن لم تزل محترما مهابا هذا هو الذي في داخل انفسهم يخبر عنه ربنا سبحانه وتعالى. فانهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بايات الله عبد الله اذا هذا كان شيئا اخبر عنه الله في قلب امرئ يكذب الله ويكذب رسوله عليه الصلاة والسلام وابى وعاند واصر على الكفر ومضى في غيه يعمى ويبتعد عن الصراط المستقيم. اذا كان هذا كذلك والله عز وجل عن حاله انه غير مكذب لرسول الله عليه الصلاة والسلام. فانهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بايات الله يجحدون. اذا كان الله قد القى له هذه المكانة. والله عز وجل قد جعل له هذه المهابة وهذا الاحترام والوقار والتصديق الائتمان والثقة في قلب المكذب والمعاند والكافر. فماذا يجب ان يكون عليه الحال؟ في قلب المؤمن المطيع المتبع المصدق بنبوته. فضلا عن ان يكون قد بذل قلبه حبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فضلا عن ان ليكون قد ازهر في قلبه نبت المحبة طاعة واتباعا واستنانا هو والله انما يكون في اعظم منازل القلوب احتراما ومهابة ووقار. وهو كذلك قلب المؤمن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. انما عليك ان تفتش في دواخل صدرك عن هذا المعنى العظيم ستجد ستجد يقينا ان لرسول الله صلى الله عليه وسلم عندك انت؟ نعم في قلبك له كانت العظمى وله المنزلة التي لا ينبغي ان ينافسه فيها احد. وما عليك الا ان تعتني بذلك غاية الاعتناء. ثم تنظر الى اثر ذلك كيف يجب ان يكون في حياتك؟ وكيف تكون السنة عامرة مزهرة مضيئة وظلا تسير به في طريق السنة تحذو خطى الحبيب صلى الله عليه وسلم. وتقتفي اثره خطوة بخطوة يدفعك فيه الحب. ويقودك فيه هذا منزل الكبير له في قلبك عليه الصلاة والسلام. قال المصنف رحمه الله ان الاية فانهم لا يكذبونك قرية بقراءتين كلتاهما صحيحتان فانهم لا يكذبونك بالتخفيف وهي قراءة اهل المدينة الامام نافع وقراءة الكساء وانهم لا يكذبونك قراءتان صحيحتان قوله فانهم لا يكذبونك بالتخفيف من الفعل اكذبا وقوله لا يكذبونك بالتشديد من الفعل كذب يكذب. قال المصنف رحمه الله فمن قرأ لا يكذبونك بالتخفيف فمعناه لا يجدونك كاذبا. اي لا يجعلونك كاذبا. وهذا في غاية اثبات تصديقهم لرسول الله عليه الصلاة والسلام فانهم لا يكذبونك بمعنى انهم اصلا لا يجعلونك كاذبا في نظرهم وهذا فرق بين ان تكون في نظر امرئ من الصادقين ويكذبك في خبر ما. فيقال قد كذبك لكنك عنده لست بكاذب انما هو في هذا الخبر لم يصدق الذي نطقت به. فهو ها هنا هو ها هنا كذبك. لكنك عنده صادق اما قوله فانهم لا يكذبونك هذا ابلغ في اثبات صدقه عليه الصلاة والسلام. بمعنى انهم لا يحلونه اصلا مرتبة الكذب في انظارهم اطلاقا. فانهم لا يكذبونك. ولهذا قال رحمه الله فمن قرأ بالتخفيف لا يكذبونك فمعناه لا يجدونك كاذبا. اي لا يجعلونك كذلك. وقال الفراء والكسائي لا يقولون انك كاذب وقيل لا يحتجون على كذبك ولا يثبتونه. ليس لهم طريق الى اثبات ذلك بحال. ومن قرأ بالتشديد لا يكذبون قال فمعناه لا ينسبونك الى الكذب وقيل لا يعتقدون كذبك وعلى كلا الامرين فان اثبات الصدق له صلى الله عليه وسلم في نفوس وقلوب المكذبين المعاندين ثابت بنص القرآن. فغيرهم من المؤمنين المتبعين لامته. المنقادين على ملتهم اولى بان يكونوا اكثر تصديقا لرسول الله عليه الصلاة والسلام. وهذا الذي لطالما قلنا انه يجب ان يثمر حبا وطاعة واستنانا بسننه عليه الصلاة والسلام نعم ومما ذكر من خصائصه وبر الله تعالى به ان الله تعالى خاطب جميع الانبياء باسمائهم. فقال الا يا ادم يا نوح يا ابراهيم يا موسى يا داوود يا عيسى يا زكريا يا يحيى ولم يخاطب هو الا يا ايها الرسول ولم يخاطب ولم يخاطب هو الا يا ايها الرسول يا ايها النبي يا ايها المزمل يا ايها المدثر. نعم وهذا باب اخر من لطائف الخطاب القرآني من ربنا سبحانه وتعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام فان الله اذا خاطب نبيه في القرآن صدر الخطاب قوله يا ايها النبي ويا ايها الرسول او يا ايها المزمل يا ايها المدثر وغير خاف عليكم ان المرء اذا بوصف من الاوصاف يجتنب فيه ذكر اسمه الصريح فانما محمل ذلك غاية الاحترام. فنحن مثلا في مقامات البشر يربأ احدنا من نفسه ان ينادي من يحترم باسمه الصريح ابا كان مثلا او اخا اكبر او معلما وشيخا او رجلا محترما ذا جاه ومنزلة الامراء والوجهاء واصحاب المسؤولية يأبى المسلم يأبى العاقل الادب والاحترام ان يناديه باسمه الصريح. فيجعل محل ذلك لقبا للاجلال والاحترام. فهذا كذلك ورد في القرآن فان اذا اراد خطاب نبيه قال يا ايها النبي اتق الله. يا ايها النبي لما تحرم ما احل الله لك؟ يا ايها النبي اذا خلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن. او يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك. وهكذا فانت ترى الخطاب يصدر بياء النبي يا ايها الرسول ولن نصدر في القرآن اية واحدة يا محمد افعل كذا. يا محمد مر قومك بكذا هذا بيان صريح في عظيم الملاطفة التي يجدها نبينا عليه الصلاة والسلام من خطاب ربه له في القرآن في حين ان ذكر الانبياء للاخرين عليهم السلام جاء صريحا باسمائهم يا ابراهيم اعرض عن هذا انه قد جاء امر ربك. يوسف اعرض عن هذا واستغفر لي ذنبي. وفي اداة يا زكريا انا نبشرك بغلام اسمه يحيى. وتجد هذا متكررا فينادى الانبياء باسمائهم في القرآن وليس في هذا ما انقصى. لكن ان يكون النداء لنبينا صلى الله عليه وسلم بالاوصاف جليلة بالنبوة بالرسالة يا ايها المزمل يا ايها المدثر فهذا ايضا الماحة لطيفة الى هذا الباب اللطيف من خطاب الله عز وجل له كما قال المصنف رحمه الله في ملاطفته اياه على وجه المبرة كل ذلك جزء من الايات التي ساقها المصنف ختم بها رحمه الله الفصل الثالث الذي جعله في هذا المعنى اللطيف. هي لبنة يا احبة تبنى فوق اللبنات الأخر ما مصيرنا في هذا الكتاب؟ فيما مضى من الفصول؟ ولا ما سيأتي الا والله تثبيتا لهذا المعنى الكبير. ما هو هي المكانة العظمى لرسول الله صلى الله عليه وسلم عند ربنا سبحانه وتعالى عند رب العالمين. عند اله الاولين والاخرين عند خالق السماوات والارض والملائكة والانس والجن اجمعين. عند رب هذا الكون وخالقه الذي لا ينفعه سبحانه وتعالى عبادة العباد ولا يضره عصيانهم المستغني عن خلقه اجمعين. ومع ذلك فانك تجد ان من خلق الله عز وجل كلهم انسانا بوأه الله عز وجل منزلة رفيعة وجاء في القرآن ايات متعددة على انحاء متفاوتة فيها اثبات هذه المكانة الرفيعة. فقط لتعلم ان له عند رب به تلك المكانة فيجب ان يكون له في صدرك في بالغ الحب وصادق الاحترام وجليل الوقار ما ينبغي ان يكون عليهما هو لائق به بابي وامي هو عليه الصلاة والسلام. لما ختم المصنف رحمه الله هذا الفصل الثالث شرع في الفصل الرابع ولا يزال يطوي الفصول تبع الفصول يثبت هذه المعاني بوجوه متفاوتة فاتى بالفصل الرابع في قسمه سبحانه وتعالى بعظيم قدره اقسام الله في القرآن بقدر رسول الله ومنزلته عليه الصلاة والسلام. نعم الفصل الرابع في قسمه تعالى بعظيم قدره قال تعالى لعمرك انهم لفي سكرتهم يعمهون. اتفق اهل التفسير في هذا انه قسم من الله جل جلاله. بمدة حياة محمد صلى الله عليه وسلم واصله ظم العين من العمر ولكنها فتحت لكثرة الاستعمال ومعناه يا محمد وقيل وعيشك وقيل وحياتك وهذه نهاية التعظيم وغاية البر والتشريف. قال ابن عباس رضي الله عنهما ما خلق الله تعالى وما ذرأ وما رأى نفسا اكرم عليه من محمد صلى الله عليه وسلم. وما سمعت الله تعالى اقسم بحياة احد غيره وقال ابو الجوزاء ما اقسم الله تعالى بحياة احد غير محمد صلى الله عليه وسلم. لانه اكرم البرية عنده اللهم صلي وسلم وبارك عليه يقسم ربنا سبحانه وتعالى بما شاء من خلقه كما شاء سبحانه وفي كتاب الله عز وجل العديد من القسم الالهي. اقسم الله بازمان متفاوتة فقال والعصر والفجر والضحى واقسم باجزاء من اليوم فقال والليل اذا يغشى وقال والفجر وقال والنهار اذا تجلى واقسم سبحانه وتعالى بمخلوقات عظمى في هذا الكون. فقال والشمس وضحاها. والقمر اذا تلاها اذا جلاها والليل اذا يغشاها والسماء وما بناها والارض وما طحاها وهذا كثير جدا في كتاب الله. اقسم الله وبالعديد من خلقه بالسماء ونجومها وبالارض وبالافلاك وبالازمان وبالاوقات بل وببعض النباتات والتين والزيتون وطور سنين. هذا القسم في القرآن بكل من له صلة بالعلم بتفسير القرآن يحمل على معنى التعظيم بالمقسم به. والله عز وجل اذا اقسم بشيء من خلقه فمحمل ذلك على التنويه بذكره. ولفت الانظار الى عظيم خلق الله تعالى فيه وجليل دلالته على وحدانية الله وملكوته وعظيم استحقاقه لما خلق الخلق من اجله وهو افراده سبحانه وتعالى بالعبودية. هذا باب القسم في القرآن وهو كثير متعدد. جاء بعضه في اثناء السور جاء اكثره في مفتتح كثير من السور بل اقسم الله حتى بكتابه صاد والقرآن ذي الذكر قاف والقرآن مجيد حميم والكتاب المبين. فهذا القسم المتعدد يدل على عظمة المقسم به. فاقسم الله بكتابه واقسم كثير من خلقه واقسم ها هنا في هذه الاية بحياة نبيه صلى الله عليه وسلم فقال لعمرك انهم في سكرتهم يعمهون. فاجري هذا القسم مجرى ما تقدم في القاعدة في قسم الله سبحانه وتعالى في القرآن. فانما يدل وعلى عظيم ما اقسم به وعلى التنويه بشأنه وجلالة قدره وقد حصل هذا في القسم بعمر او رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله لعمرك انهم لفي سكرتهم يعمهون. والاية في سورة الحجر في ذكر الاخبار عن شأن قوم لوط وما احاط بهم من طمس البصائر وانتكاس الفطر واتيان الذكور من دون النساء في الفاحشة حتى بعث الله تعالى اليهم رسولا يحذرهم وينبئهم فعتوا واصروا وتمادوا في طغيانهم يعمهون فجاءت الملائكة ضيوفا وجاءت تنذر وجاءت تخبر نبي الله عز وجل بالارتحال. فتمالأ القوم على على الظيوف وهم جنس من خلق الله من الملائكة تمثلوا في صورة بشر لكن مطموس البصيرة لا يهتدي الى شيء من نور الحق اطلاقا فاخبر الله عز وجل عن ذلك كله. فلما جاء ال لوط المرسلون قال انكم قوم منكرون. قالوا بل جئناك بما كانوا فيه يمترون واتيناك بالحق وانا لصادقون. خاف لوط عليه السلام ان يتآمر قومه على شيء يسوءه في ضيفه قال واتقوا الله ولا تخزوني في ضيفي. اليس منكم رجل رشيد؟ قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق. وانك لتعلم ما نريد لما اغلقت الابواب ويأس لوط عليه السلام جاء الامر بالارتحال. وبنذارة الله عز وجل بان يقلب عليهم الارض ظهرا لبطن وان يمطر عليهم من السماء حجارة من سجيل منضود قال الله مسومة عند ربك هي من الظالمين ببعيد في هذا السياق لما يأس لوط عليه السلام قال هؤلاء بناتي ان كنتم فاعلين يخبر عليه السلام ان الاولى بهم اتيان البيوت من ابوابها واستحلال لقاح النساء بما احل الله واجتناب ما هم فيه جاء قوله تعالى لعمرك انهم لفي سكرتهم يعمهون. يعني قد اغلق الباب دون هداية القوم. واخبر الله عز وجل انه هم يتمادون فقال لعمرك انهم لفي سكرتهم يعمهون. قال الله بعدها فاخذتهم الصيحة مشرقين. فجعلنا عاليها لها وامطرنا عليهم حجارة من سجيل. هذا القسم كما قال القاضي عياضنا رحمه الله اتفق اهل التفسير في هذا انه قسم من الله جل جلاله بمدة حياة محمد صلى الله عليه وسلم. واصله ظم العين العمر ولكن فتحت لكثرة الاستعمال لعمرك. ومعناه وبقائك يا محمد وقيل وعيشك وقيل وحياتك والمعنى يقول القاضي عياض وهذه نهاية التعظيم وغاية البر والتشريف اي والله ان يقسم الله بحياة رسوله صلى الله عليه وسلم. اذا فما ظنك بمنزلة حياته في هذا الكون؟ وقد اقسم الله تعالى بها ما عساك ان تقول في عمر رسول الله عليه الصلاة والسلام وعيشه وحياته التي اكتست انوارها بنور بعثته لما جاء اين الامة بشيرا ونذيرا وهاديا وسراجا منيرا يحمل بين جنبيه الرأفة والرحمة بالامة يدلهم على الخير يقودهم الى الجنة ويحذرهم من الشر ويخاف عليهم صلى الله عليه وسلم اي حياة هذه؟ اتظن انها حياة كحياة باقي البشر كلا والله وقد اقسم بها رب البشر. ولم يقسم بحياة احد سواه. يقول ابن عباس رضي الله عنهما ما اتقى الله تعالى وما ذرأ وما برأ نفسا اكرم عليه من محمد صلى الله عليه وسلم. وما سمعت الله تعالى بحياة احد غيره وقلب الجوزاء ما اقسم الله تعالى بحياة احد غير محمد صلى الله عليه وسلم لانه واكرم البرية عنده يا احبة هذا اتفاق المفسرين في معنى الاية انه قسم بحياة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد قال ابن كثير رحمة الله عليه اقسم تعالى بحياة نبيه صلى الله عليه وسلم. وفي هذا تشريف عظيم ومقام رفيع جاه عريض قال ابن عباس ما خلق الله وما ذرأ وما برأ نفسا اكرم عليه من محمد صلى الله عليه وسلم وما سمعت الله اقسم بحياة احد غيره لعمرك انهم لفي سكرتهم يعمهون. يقول وحياتك وعمرك وبقائك في الدنيا انهم لفي سكرتهم يعمهون. وقال شيخ المفسرين الامام الطبري رحمه الله يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه سلم وحياتك يا محمد ان قومك من قريش لفي سكرتهم يعمهون. ثم ساق اثر ابن عباس رضي الله عن الجميع. هذا المعنى ايها الكرام تتابع عليه مفسروا كتاب الله سبحانه وتعالى. ان المخاطب في قوله لعمرك هو ورسول الله عليه الصلاة والسلام وان القسم وقع بعمره وحياته وعيشه وبقائه بابي وامي هو عليه الصلاة والسلام دلالة دلالة على عظيم حياته. واختلافها عن حياة باقي البشر ومنزلة عمره وبقائه وعيشه في امته. وان لها من الاثر والبركة ما هدى الله تعالى به الامة واخرجها به من الظلمات الى النور. الا ان بعض المفسرين لمح في الاية بمعنى اخر وهو ان الخطاب ها هنا للوط عليه السلام لان السياق في شأن قوم لوط والخطاب عن لوط وقومه. وهذا اولى الى تناسب السياق وادعى اليه ان يكون الخطاب من مبدأ قصة لوط الى منتهاها حديث عن لوط عليه السلام وقومه والخطاب في الاية اليه. يقول القاضي ابن ابي ابو بكر رحمة الله عليه يقول رحمه الله قال المفسرون باجمعهم اقسم الله هنا بحياة محمد صلى الله عليه وسلم. تشريفا له ان قومه من عيش في سكرتهم يعمهون وفي حيرتهم يترددون. ثم ساق اثر ابن عباس والله ما خلق الله وما ذرأ وما برأ نفسا اكرم عليه من محمد صلى الله عليه وسلم. يقول ابن العربي رحمه الله وهذا كلام صحيح يعني ما نقل عن المفسرين وما قاله ابن عباس رضي الله عنهما ثم قال ولا ادري ما الذي اخرجهم عن ذكر لوط الى ذكر محمد صلى الله عليه وسلم وما الذي يمنع ان يقسم الله بحياة لوط يناقش ابن العربي رحمه الله دون ان يتجرأ ابن العربي من علماء القرن الثامن الهجري والتاسع وما بعد. يخبر انه لما نظر في كلام المفسرين قبله وجدهم متفقين على ان الخطاب ها هنا لرسول الله والقسم بعمره وحياته عليه الصلاة والسلام. لكنه وجد ان السياق القرآني كله حديث عن قوم لوط والحديث عن لوط والخطاب له عليه السلام. فقال لا ادري ما الذي اخرجهم عن ذكر لوط الى ذكر محمد؟ عليه الصلاة والسلام وما الذي يمنع ان يقسم الله بحياة لوط؟ يقول ما الاشكال؟ لو قلنا ان قوله تعالى لعمرك الخطاب للوط عليه السلام. والقسم فيه امر لوط عليه السلام. انظر ماذا يقول؟ يقول وما الذي يمنع ان يقسم الله بحياة لوط ويبلغ به من التشريف ما شاء ثم اسمع ماذا يقول فكل ما يعطي الله للوط من فضل ويؤتيه من شرف فلمحمد ضعفاه صلى الله عليه وسلم لا تظن انه لو صرفنا الاية الى انه خطاب للوط انها ان هذا سيكون شيئا من حجم الكرامة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام. ابدا فكل ما يعطي الله للوط عليه السلام من فضل ويؤتيه من شرف فلمحمد ضعفاه ليش؟ قال انه اكرم على الله منه او لا تراه والخطاب لابن العرب رحمه الله يقول اولا تراه قد اعطى لابراهيم الخلة ولموسى التكريم واتخذ الله ابراهيم خليلا وكلم الله موسى تكليما. فاعطى ابراهيم صفة الخلة وهي مرتبة شريفة رفيعة. خالص المحبة واصدقها واعطى لموسى التكليم واعطى ذلك كله لمحمد صلى الله عليه وسلم. فهل اثبات الخلة لابراهيم منصة في حق لله صلى الله عليه وسلم؟ وهل اثبات التكليم لموسى عليه السلام؟ من قص في حق رسول الله عليه الصلاة والسلام؟ ابدا هو يقول ثبت ان ما اعطى الله عز وجل للانبياء الاخرين عليهم وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام. ما اعطاهم الله من الشرف والمكانة فقد ثبت رسولنا عليه الصلاة والسلام ضعفه وذلك لان له من المنزلة ما ليس لغيره من اخوانه الانبياء عليهم السلام. يقول رحمة الله عليه فاذا اقسم الله بحياة لوط يعني هب ان هذا القسم على ما نصحح ونرجح انه قسم بحياة لوط. قال فاذا اقسم الله بحياة لوط فحياة محمد ان ارفع صلى الله عليه وسلم. يقول سيكون هذا اثباتا لشرفه عليه الصلاة والسلام اذا ثبت هذا للوط من باب الاولوية قل ولا يخرج من كلام الى كلام اخر غيره لم يجري له ذكر لغير ظرورة. يعني ان السياق القرآني في سورة الحجر عن لوط عليه السلام وقومه ما ذكره ابن العربي يا اخوة ها هنا ليس ليس هدما لما قاله المفسرون رحمة الله عليهم اجمعين لكن مناقشة علمية فيها شيء من لفت النظر الى انه لو افترضنا ان الاية ستحمل على الخطاب للوط عليه السلام فلا تظن انها حاجبة الشرف وهذا القسم عن حق حياة رسول الله عليه الصلاة والسلام ومنزلتها عند ربه يقول بل هي لا تزال اثباتا على عظيم مكانتهم جاء الامام القرطبي رحمه الله بعد ابن العربي وذكر كلامه فعقب عليه فقال ما قاله حسن فانه كان يكون قسمه سبحانه بحياة محمد صلى الله عليه وسلم يكون كلاما معترضا في قصة لوط. وقال القشيري ابو نصر في تفسيره ويحتمل ان يقال يرجع ذلك الى قوم لوط اي كانوا في سكرتهم يعمهون. وقيل لما وعد لوط قومه وقال هؤلاء بناتي ان كنتم فاعلين قالت الملائكة يا لوط لعمرك انهم لفي سكرتهم يعمهون ولا يدرون ما يحل بهم صباحا يعني من عقاب الله الذي انذرهم به فساء صباح المنذرين والمقصود انه اطبق المفسرون رحمة الله عليهم على ان المعنى في قوله لعمرك قسم من الله سبحانه وبحياة نبيه صلى الله عليه وسلم. وكما قال القاضي عياض فيه من نهاية التعظيم وغاية البر والتشريف ما لا يخفى. واثر ابن عباس رضي الله عنهما صريح في هذا المعنى. وما ذكره ابن العربي رحمه الله مدارسة ومذاكرة ومناقشة لا تتجاوز العلمية من امام علم ابداه رحمه الله وجها ومع اثباته لا يزال يثبت مزيد التشريف في حق رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بقي التنبيه يا كرام الى ان اقسام الله سبحانه بحياة نبيه صلى الله عليه وسلم يحمل على ما مضى ذكره الا وهو تعظيم حياة رسول الله عليه الصلاة والسلام. وجلالة منزلتها وعظيم مكانتها لكنها لا تجعل ذلك جائزا لنا معشر البشر ان نقسم بحياة رسول الله عليه الصلاة والسلام. فلا يصح ما يدرج على بعض الالسنة من القسم بحياة النبي عليه الصلاة والسلام. ومن باب اولى حياة غيره فلا يقال وحياتك وحياة ابيك وحياة امك. ولا وحياة النبي عليه الصلاة والسلام لامرين اثنين. الاول ان قسم الله بشيء من خلقه لا يصلح ان يكون دليلا لنا ان نقسم بها فهل يجوز لنا ان نقسم بالفجر وبالسماء وبالليل وبالنجم؟ وقد اقسم الله بها؟ الجواب لا. لكن الله له ان يقسم بما شاء من خلقه اما نحن فليس لنا ان نقسم الا بما اذن الله لنا ان نقسم به. فقال عليه الصلاة والسلام لا تحلفوا بابائكم وقال ايضا عليه الصلاة والسلام لا تحلفوا بغير الله من حلف بغير الله فقد كفر او اشرك فجاء النهي عن ذلك اطلاقا فلا يجوز القسم ولا يصح الاستدلال بجواز القسم بالنبي عليه الصلاة والسلام او بحياته استدلالا بقوله لعمرك بالا يقول هذا الله قد اقسم به فاذا نقسم به ويدل ذلك على الجواز والجواب ان الله الذي اقسم به هو الذي منعنا على لسان نبيه عليه الصلاة والسلام من ان نقسم بغير الله من كان حالفا فليحلف بالله او ليسكت. فلا يجوز القسم على هذا النحو استدلال الم بالاية والله اعلم. نعم وقوله تعالى ياسين والقرآن الحكيم. اختلف المفسرون في معنى ياسين على اقوال. فحكى ابو محمد مكي انه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال لي عند ربي عشرة اسماء ذكر ان منها طاء ها وياسين اسمان له وحكى ابو عبدالرحمن السلمي عن جعفر الصادق رحمه الله تعالى انه اراد يا سيد مخاطبة لنبيه صلى الله عليه سلم نعم هذه اية يس والقرآن الحكيم. وطه ما انزلنا عليك القرآن لتشقى هناك يا احبة سور في القرآن افتتحت بهذه الحروف التي يسميها العلماء الحروف المقطعات في اوائل السور. وهي اربعة عشر حرفا جاءت في نحو ثمان وعشرين سورة مثل الف لام ميم والف لام راء وياسين وحميم وطه ونحو ذلك ها هنا اقوال عديدة لاهل العلم المفسرين في معاني هذه الايات كل ذلك اتجاه الى ان الله لما خاطب العرب وكانت اعظم ما يملكون في حياتهم هو اللسان والفصاحة والبلاغة وانشاد الاشعار كان هذا القرآن بفصاحته من اعظم المعجزات والدلائل على نبوة رسولنا صلى الله عليه وسلم. فتحداهم من الاتيان بمثله او بعشر سور او بسورة منه. ومع ذلك عجزوا فجاء هذا اللون من الخطاب الف لام ميم. على غير على غير ما عهدته العرب. لا في الخطاب ولا في في المناظرات ولا في انشاد الاشعار ولا في التفاخر ولا المباهاة ما حفظت العرب ان عربيا يقول لاخر يخاطبه حا ميم. او يقول له الف لام راء ما عهدت ذلك. فكان وجود هذا في القرآن حقيقة شيئا مدهشا ملفتا لانظار العرب التي ما عهدت هذا النوع من استعمال اللغة العربية لا في شعرها ولا في نثرها فاتجه عدد من المفسرين الى ان هذه الحروف هي رموز لمعان. فقال بعضهم الاختصارات الف لام ميم يعني الله وجبريل هو محمد الالف الله واللام جبريل والميم محمد قاف قيل اقسام بالقمر وقيل اقسام بجبل عظيم. نون قيل هو جبل وقيل حوت عظيم. هو اتجاهات مهما رأيت بعيدة كانت محاولة لاثبات انها كلمات او حروف ترمز الى كلمات يراد الاشارة اليها. وان غامض ويهتدي اليه القلائل ممن وسع الله في العلم والنظر فادرك المراد. فيما ذهب المحققون. وكثير ايضا من فسرين الى الامساك عن تفسير هذه الحروف المقطعات. وايكال علمها الى الله. فيقال في تفسيرها حروف الله اعلم بمرادها فما معناها؟ انزلت تحديا للعرب ان ما ستسمع بعدها من الكلام الذي يبلغ في البيان سحرا ويبلغ في الاثر عجب ويبلغ في البلاغة والفصاحة مبلغا عظيما هو الذي ابتدى بحرفين يس. وابتدأ بثلاثة حروف الف لام ميم بل بحرف صاد ونون وقاف لكن هذا الحرف والحرفان والثلاثة سيأتي بعده من الايات في كلمات وعبارات مترسلات متتابعات لو انزلت على جبل لخر الجبل خاشعا من خشية الله لو خوطب به الارض لتكلمت لتشققت لا اسمع الموتى ولسير الجبال ولو ان قرآن سيرت به الجبال او قطعت به الارض او كلم به الموتى اي لكان هذا القرآن. فهو نحو من الاعجاز العجيب في مخاطبة العرب ارباب اللسان وللفصاحة والبلاغة التي كانت تفاخر ولا تفاخر الا بما حباها الله من فصاحة وطلاقة لسان وبيان قول. فامساك اهل العلم عن تفسير هذه هو الاسلم لان الجزم بما وراء ذلك نوع من الغيب الذي لا يهتدى الى طريقة ما لاثباته. على هذا فمثل ياسين وطه هي من هذا القبيل. لكن عددا من اهل العلم استثنى ياسين وطه وقالهما اسمان لرسول الله الصلاة والسلام دون بقية الحروف دون حميم ودون الف لام ميم مثلا ودون كاف ها يا عين صاد لما؟ قالوا لان ما بعدها اشعار بتتمة الخطاب ياسين والقرآن الحكيم انك لمن المرسلين. طه ما انزلنا عليك القرآن لتشقى. فاشعر هذا عندهم انه نداء له عليه الصلاة والسلام. ولهذا فما تزال العامة اليوم تسمي ياسين وتسمي طه على انها من اسماء رسول الله عليه الصلاة والسلام هو قول اورده بعض اهل العلم قد لا يكون له حظ كبير من الصحة لكنه قول اثر فاثبته القاضي عياض والا كما ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى فقال واما ما يذكره العوام ان ياسين وطه من اسماء النبي صلى الله عليه وسلم غير صحيح ليس ذلك في حديث صحيح ولا حسن ولا مرسل ولا اثر عن صاحب وانما هذه الحروف مثل الف لام ميم وحم ميم والف لام راء ونحوها. قال هنا القاضي عياض رحمه الله اختلف المفسرون في معنى ياسين على اقوال فحكى ابو محمد مكي انه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال لي عند ربي عشرة اسماء ذكر ان منها طه وياسين وجاء في الرواية المزمل والمدثر ونحوها. قال ذكر انها اسمان له يعني ياسين وطه. الحديث لا يصح في سنده كذاب واخر ضعيف ابدا لا يرقى الى تحسين ولا اثبات نسبة هذا الكلام الى رسول الله عليه الصلاة والسلام فلا يثبت به حجة ولا قال وحكى ابو عبدالرحمن السلمي عن جعفر الصادق رحمه الله تعالى انه اراد يعني في معنى يس اراد يا سيد مخاطبة لنبيه صلى الله عليه وسلم. سيذكر لك الان جملة من اقاويل اهل العلم في تفسير ذلك هي كلها تفريع كما قلت عن الاتجاه الى ايجاد معنى للحروف المقطعات. في معنى يس والف لام ميم ونحو ذلك. نعم وعن ابن عباس ياسين يا انسان اراد محمدا صلى الله عليه وسلم. وقال هو قسم وهو من اسماء الله تعالى الان هذا اثر اخر عن ابن عباس يقول ياسين من اسماء الله قال قسم وهو من اسماء الله تعالى نقل ذلك حتى عن الامام مالك رحمه الله فيما نقل القاضي ابن العربي وانه سئل عمن يسمي ياسين فلم يحبذ ذلك وعلله بانه من اسماء الله ولا ينبغي التسمية به. قال سعيد بن جبير رحمه الله هو اسم من اسماء محمد صلى الله عليه وسلم. قال ولدليله؟ قوله تعالى بعده انك لمن المرسلين يعني تتمة الخطاب له. نعم وقال الزجاج قيل معناه يا محمد. وقيل يا رجل وقيل يا انسان. وعن ابن وعن ابن الحنفية ياسين يا محمد وعن كعب ياسين قسم اقسم الله تعالى به قبل ان يخلق ان يخلق السماء او الارض بالفي عام. يا محمد انك لمن المرسلين. ثم قال والقرآن الحكيم. انك لمن المرسلين طيب هذا كله كما رأيت هو اثبات لما نقل عن اهل العلم في تفسير ياسين هل ايراد القاضي عياض رحمه الله تعالى لهذه الاقوال؟ تسليم بان سير الاية في ياسين هو اسم لرسول الله عليه الصلاة والسلام ابدا. هي اثبات لما نقل عن اهل العلم. لكنه سينقل الان كلاما في في غاية التحرير فيقول رحمه الله نعم فان قدر انه من اسمائه صلى الله عليه وسلم وصح فيه انه قسم كان فيه من التعظيم ما تقدم ويؤكده ويؤكده فيه ويؤكده فيه القسم عطف القسم الاخر عليه. وان كان بمعنى النداء فقد جاء قسم اخر بعده لتحقيق رسالته. والشهادة بهدايتي اقسم الله تعالى باسمه وكتابه انه لمن المرسلين بوحيه الى عباده وعلى صراط مستقيم من ايمانه اي طريق الاعوجاج فيه ولا عدول عن الحق. نعم. الان ذكر القاضي عياض بعض الاقوال عن اهل العلم في تفسير ياسين على نحوين اول انه قسم بالنبي صلى الله عليه وسلم والثاني انه نداء. فانظر ماذا قال؟ قال فان قدر انه من اسمائه صلى الله عليه وسلم وصح فيه انه قسم لاحظ بهذا التقييد يقول ان قدر وان صح فان لم يقدر ولم يصح فان هذا الكلام لا داعي للاشتغال به كثيرا والوقوف عنده طويلا. يقول ان قدر وان صح يقول كان فيه من تعظيم ما تقدم ما الذي تقدم ان الله عز وجل لما يقسم في قوله لعمرك فان هذا غاية البر والتشريف والتعظيم يا قوم والله لنبيكم عليه الصلاة والسلام والله يا احبة ان المؤمن ليفرح اذا وجد تعظيما من الله عز وجل له لشخصه واذا وجد ثناء من ربه سبحانه وتعالى له على ضعفه. فاننا والله لاشد فرحا اذا ما وجدنا في كتاب الله تعظيما لرسوله الا عليه الصلاة والسلام تدري لما؟ لان التعظيم له تعظيم لامته. لان التعظيم له عليه الصلاة والسلام وتشريف مكانته شيء لا ينال شخصه صلى الله عليه وسلم وحده بل والله يدخل فيه امته الا ترى الى كم ينافح ويدافع ويحاول عليه الصلاة والسلام ان يصيب لامته كل ابواب الخير فمهما وجد عليه الصلاة والسلام عند ربه من الحظوة والمكانة والمنزلة ليجعلنها ليجعلنها في نصيب امته صلى الله عليه وسلم وقد فعل فنفرح لان ما يناله عليه الصلاة والسلام من هذه المعاني عند ربه. وما يحبوه الله تعالى به من الكرم والشرف والتعظيم والاجلال نعلم والله تماما انه سينعكس ذلك على امته تشريفا وتعظيما. وان ما له من الحظوة عند ربه سيجعله عليه الصلاة السلام لامته وقد فعل كما قلت صلى الله عليه وسلم. فلهذا يقول القاظي عياظ فان قدر انه من اسمائه عليه الصلاة والسلام وصح فيه انه قسم كان فيه من التعظيم ما تقدم ويؤكد فيه القسم عطف القسم الاخر عليه. لو قلت انه قسم يس فما الذي جاء بعده والقرآن الحكيم هذا قسم فيكون قسما برسول الله عليه الصلاة والسلام يعقبه قسم بالقرآن فكأنه اقسم الله بنبيه وعطف عليه قسما بكتابه. فما الذي يجتمع فيه القسم باعظم بشر وهو المصطفى عليه الصلاة والسلام اعظم كتاب وهو القرآن؟ اين جواب القسم؟ انك لمن المرسلين. فعاد هذا القسم العظيم لاثبات قضية عظمى رسالته عليه الصلاة والسلام بل وهدايته على صراط مستقيم. يقول رحمه الله وان كان بمعنى النداء يعني هب انه ليس وياسين نداء يا محمد يا انسان يا رجل على ما تقدم من معاني اقاويل السلف. فان قدر انه نداء فقد جاء قسم اخر بعده لتحقيق رسالته. والقرآن الحكيم انك لمن المرسلين. على صراط مستقيم والشهادة بهدايته. يقول اقسم الله تعالى باسمه وكتابه انه لمن المرسلين بوحيه الى عباده. وعلى صراط مستقيم من ايمانه اي طريق الاعوجاج فيه ولا عدول عن الحق فاذا ملت الى الراجح والوقوف عن تأويل هذه الحروف المقطعات وتكل علمها الى عالم البريات وخالقها فقلت ياسين الله اعلم بمرادها فانك لا تزال في السياق والقرآن الحكيم انك لمن المرسلين. فلا تزال في السورة الدلالة الواضحة على عظيم المنزلة ان يقسم الله بكتابه على صدق رسالة نبيه عليه الصلاة والسلام. نعم قال النقاش لم يقسم الله تعالى لاحد من انبيائه بالرسالة فيك بالرسالة في كتاب الاله وفيه من تعظيمه وتمجيده على تأويل على تأويل من قال انه يا سيد ما فيه. نعم يعني فيه من التعظيم والتمجيد ما فيه لو كان معنى ياسين يا سيد فليس فقط هو اثبات اسمه بل وصف السيادة. وان الله عز وجل يخاطبه بهذا المعنى. كل ذلك على ما تقدم انه لو ثبت ذلك وترجح في تفسيرها بالمعاني التي سلفت. نعم. وقد قال عليه السلام انا سيد ولد ادم ولا فخر صلى الله عليه وسلم وله السيادة ثابتة على خلق الله اجمعين في صحيح مسلم انا سيد ولد ادم ولا فخر. سيادتهما حملته على الفخر وحاشاه بابي وامي عليه الصلاة والسلام بل ما زادته والله الا تواضعا ولين جانب وحفاوة وقربا من الفقراء وتواضعا واهتماما بالامة وحرصا عليهم سيادته ما كانت الا رأفة ورحمة بامته صلى الله عليه وسلم. اما قلت لك حيثما ثبت وصف تشريف وتعظيم له وجدت في ظلالها والله حفاوة لامته حيثما وجدت تعظيما وتكريما وتشريفا بوصف او بعبارة او بلقب لرسول الله عليه الصلاة والسلام والله تجد في ظلالها حفاوة لامته ومنزلة رفيعة افلا نفرح ان نجد في كتاب الله تعظيما لشأن رسول الله؟ بلى والله عليه الصلاة والسلام افرح لاننا نحبه. فكل ما يناله من الكرم والحفاوة والشرف نفرح لانها نالت اعظم محبوب في قلوبنا عليه الصلاة والسلام هذا اولا ونفرح ثانيا لعلمنا ان كل ما يناله بابي وامي عليه الصلاة والسلام من الشرف والحفاوة والكرم فلان وبكل شرف من امته ننال نصيبا من هذا الشرف والحفاوة والكرم الذي اختصه الله تعالى به. فصلى الله عليه من نبي جعل الله تعالى تشريفه وتعظيمه وتكريمه حظا وافرا لامته. تلوذ بهذه المعاني العظيمة وهي تجد فيها هذا المعنى كبير من الوصف الكريم من الله سبحانه وتعالى وقال تعالى لا اقسم بهذا البلد وانت حل بهذا البلد قيل لا اقسم به اذا قيل لا اقسم به اذا لم تكن فيه بعد خروجك منه حكاه مكي وقيل لا زائدة اي اقسم به وانت به يا محمد حلال او حل لك ما فعلت فيه على التفسيرين والمراد بالبلد هنا والمراد بالبلد عند هؤلاء مكة والمراد بالبلد عند هؤلاء مكة. وقال الواسطي اي نحلف لك بهذا البلد الذي شرفت مكانه مكانك فيه حيا وبركتك ميتا يعني المدينة والاول اصح لان السورة مكية وما بعده يصححه قوله تعالى وان تحل بهذا البلد. ونحوه قول ابن عطاء في تفسير قوله تعالى وهذا البلد الامين. قال امنها الله تعالى بمقام بمقامه فيها وكونه بها فان فان كونه امان حيث كان. نعم. هذه ثالث الايات التي ساقها المصنف في هذا الفصل في قسم الله تعالى بعظيم قدر رسول لا صلى الله عليه وسلم الاية الاولى لعمرك انهم لفي سكرتهم يعمهون والاخرى يس والقرآن الحكيم. وقد تقدم ما فيهما. سورة لا اقسم بهذا البلد وانت حل بهذا البلد. يا احبة ان يقسم الله بنبيه مباشرة لعمرك او بحياته فيه من التشريف والتكريم وتعظيم القدر ما غيره ما هو غير خاف. وان تحمل معنى ياسين على انه اسم له. فتقول قسم او نداء اعقبه قسم بجلالة منزلته واثبات رسالته ايضا فيه من التشريف والتعظيم ما لا يخفى. لكن ان يقسم الله ببقعة وبمكان في الدنيا من اجل حلول رسول الله صلى الله عليه وسلم بها فهذا باب اخر من العظمة يا كرام ان يصبح المكان عظيما بعظمة من يسكنه وان يحل هذا المكان من البركة والتشريف والتعظيم لعظمة من حل به. يقول ربك لا اقسم بهذا البلد يعني كم وان تحل بهذا البلد فحل القسم بهذا البلد لان النبي صلى الله عليه وسلم حل بهذا البلد وكما قال القاضي يعيا فسواء فسرنا بلا هنا على النفي لا اقسم يعني ان الله عز وجل ينفي قسمه بهذا البلد اذا لم تكن فيه بعد خروجك منه يا محمد. فاذا خرجت فان الله لا يقسم به اشارة الى عظيم منزلته وانه اذا فارقه عليه الصلاة والسلام لم يكن له تلك المكانة عند ربه سبحانه وتعالى. والصحيح الذي عليه المفسرون ان لاه هنا ليست زائدة وهم يتحاشون لفظة زائدة في شيء من كلام الله لانه لا زائد في كتاب الله لكن يقولون هي توكيد فيقول المعنى لا اقسم اي اقسم ولا هنا تحل بهذا البلد. قيل لا اقسم به اذا لم تكن فيه بعد خروجك منه حكاه مكي. وهذا على حملي لا في قوله تعالى لا اقسم على النفي اي لا اقسم وقد فارقت هذا المكان اشارة الى ان الى ان مقامه عليه والسلام بمكة هو الذي جعل الله هو الذي كان هو الذي اقسم الله تعالى به اما وقد فارقها فقد زال هذا المعنى قال وقيل لا زائدة اي اقسم به وانت به يا محمد حلال او حل لك. هذا على التفسير الاخر ان ها هنا لا تكون نافية وتكون زائدة بتعريف النحات ويجتنبونها في تفسير القرآن فلا يصفون شيئا في القرآن لان كل لفظ في القرآن له دلالته. فيفسرونها بالتوكيد والمعنى لا اقسم اي اقسم. فتكون توكيدا باتا للمعنى. اقسم بهذا البلد وانت حل به. فالواو في قوله وانت واو الحال. يعني اقسم يا محمد في هذا البلد حال كونك مقيما به. وانت حل يقال حل فلان بالبلد. معناه وطئها واقام بها ونزل بها وانت حل اي مقيم وهذا معنى قوله وانت به يا محمد حلال. والمعنى الاخر وانت يا محمد لك ما فعلت فيه بمعنى ان الله لم يثرب عليه ولم يحرج عليه عملا عمله بمكة ولم يجعل ذلك في شيء منه حرجا عليه صلى الله عليه وسلم او حل لك قال على التفسيرين. والمراد بالبلد عند هؤلاء مكة. وقال الواسطي في قول اخر يحمل فيه تفسير على المدينة قال اي نحلف لك بهذا البلد الذي شرفته بمكانك فيه حيا وبركتك ميتا. يعني المدينة قال القاضي عياض والاول اصح يعني ان المقصود بالبلد مكة قال لان السورة مكية فاذا اقسم بها في مكة قبل هجرته صلى الله عليه وسلم الى المدينة فلا معنى لان تفسر بها المدينة قال وما بعده يصححه قوله تعالى وانت حل بهذا البلد. يعني التفسير بالمدينة يساعد عليه قوله انت حل بهذا البلد فانه كان مقامه بعد الهجرة بالمدينة. قال ونحوه قول ابن عطاء في تفسير قوله تعالى وهذا البلد الامين قال امنها الله تعالى بمقامه فيها وكونه بها صلى الله عليه وسلم فان كونه امان حيث كان. ثم قال ووالد وما ولد ومن قال اراد ادم والد يحمل على ادم لانه ابو البشر جميعا وهو والد الكل. فوالد اقسم الله بادم وما ولد بذرية من اراد ادم فهو عام وفسرت الاية بقوله ووالد ابراهيم عليه السلام لانه الاب الثاني ابو الانبياء عليهم السلام قال ومن قال هو ابراهيم وما ولد فهي اشارة الى محمد صلى الله عليه وسلم لان ما ولد ابراهيم من الانبياء فقد كان وامامهم ومقدمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال فتضمن السورة فتتضمن السورة القسم به عليه الصلاة والسلام في نقف عند هذا وقد اورد القاضي عياض رحمه الله في الباب ايات اخر فيها ايضا اشارة الى القسم به صلى الله عليه واله وسلم. هذه الماحة في قدر نبيكم صلى الله عليه وسلم في كتاب الله بقسم الله تعالى به تعظيما وتشريفا واجلالا. فعظموا نبيا عظمه الله واملأوا صدوركم بحب رسول الله صلى الله عليه وسلم واجعلوا ليلتكم عامرة بكثرة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه واله وسلم ولسان حال احدنا شرف النبي على الانام مكانه. وعلى على بنيانهم بنيانه صلى عليه الله في بملكوته ما صيغ من درر البيان بيانه واهتاج من ذكر الحبيب محبه واهتز من شدو الهوى افنانه وتضوع القلم السخي بمدحه وفم المحب وقلبه وبنانه. فصلوا وسلموا على رسول الله عليه الصلاة والسلام صلاة وسلاما باللسان تحركون بها افواهكم وبالقلوب تنبض بها افئدتكم وبركة ترجونها في ليلتكم وغدكم واجعلوا ذلك من جليل العمل وصالحه الذي تتقربون به الى ربكم. اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد صلاة دائمين ابدا واجعلنا يا ربي في اعظم من تقرب اليك ومن اوجه من توجه اليك ومن اخصهم زلفى لديك يا ذا الجلال والاكرام. اللهم نسألك رحمة واسعة لنا ولوالدينا واولادنا وازواجنا وللمسلمين اجمعين. اللهم اجعل لنا ولامة الاسلام جميعا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية. اللهم انا نسألك باسمائك الحسنى وصفاتك العلى ان تختم انا بخير وان تجعل عواقب امورنا الى خير. اللهم ارحم امواتنا واشف مرضانا وتقبل صلاتنا ودعائنا وصالح اعمالنا اللهم اجعل عملنا كله صالحا ولوجهك خالصا يا ذا الجلال والاكرام. ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم وتب علينا انك انت التواب الرحيم واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار صلي يا ربي وسلم على النبي المصطفى المختار واله وصحبه المهاجرين والانصار وتابعيهم ومن تبعهم باحسان ما تعاقب الليل والنهار واخر دعوانا يعني الحمد لله رب العالمين