بسم الله الرحمن الرحيم. ايها الاحبة الكرام يطيب لاسرة تسجيلات الامام البخاري الاسلامية مكة المكرمة ان تقدم لكم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء وخاتم المرسلين دين سيدنا ونبينا محمد ابن عبد الله وعلى اله وصحبه ومن استن بسنته واهتدى بهداه. اما بعد ايها الاخوة الكرام فهذه ليلة الجمعة المباركة التي يجد فيها المسلم مغنما كبيرا وخيرا كثيرا. في ليلة الجمعة يكثر الخير ويشرع للمسلم الاكثار من الصلاة والسلام على نبي الهدى والرحمة نبينا محمد بن عبدالله. صلى الله عليه واله وسلم في هذه الليلة يعيش المسلم فرحة وانسا في ليلة من ليالي الانس وهو يستمتع فيها بالصلاة والسلام على من احبه القلب وتعلق به الفؤاد واستنار المسلم بطريقته وسنته بابي وامي هو عليه الصلاة والسلام ما زالت سيرة رسول الله عليه الصلاة والسلام في عيني المؤمن المحب ما زالت على من يرفرف في حياته ومنارا يهتدي به في طريقه يقتفي الاثار ويتقفل خطى ويحث هدي النبي عليه الصلاة والسلام في كل شأن من شؤون حياته شأن المحب ان يكون دوما في ظلال من يحب. وهكذا يبقى المؤمن في ليلة الجمعة مستكثرا من الصلاة والسلام على رسوله فكيف اذا كان مع ذلك كله قد ندبنا هو عليه الصلاة والسلام الى الاكثار من الصلاة والسلام عليه في ليلة كهذه هو القائل صلى الله عليه وسلم ان من افضل ايامكم يوم الجمعة فاكثروا من الصلاة علي فيه فان صلاتكم معروضة علي وقد قال ايضا بابي وامي عليه الصلاة والسلام اكثروا من الصلاة علي ليلة الجمعة ويوم الجمعة. فهذا شأن المحب في كل ليلة من ليالي الجمعة وما زال شأننا نحن كذلك في مدارسة هذا الباب العظيم من حبه عليه الصلاة والسلام والوفاء بعظيم حقه عليه الصلاة والسلام. وملئ القلوب بحبه عليه الصلاة والسلام. وزرع هذا المعنى الكبير من معرفة قدره وتوقيفه واجلاله عليه الصلاة والسلام وصولا الى ايمان اعظم واقتفاء اكمل وحب اصدق واستناد ان اتم صلى الله عليه واله وسلم نبينا عليه الصلاة والسلام اعظم البشر على البشر حقا على الاطلاق. وحبه مقدم دم على الكل باطلاق. فمن ثم كان حتما على كل مسلم ومسلمة. ان يكون له في قلبه هذا اللواء المرفوع حبا صلى الله عليه وسلم وتقديما لامره على كل امر وتعظيما لسنته واقتداء بهديه عليه الصلاة والسلام الكرام ان الطريق الذي يسير فيه المؤمن يغترف من حب المصطفى صلى الله عليه وسلم. ويعلي من راية الوفاء والتعظيم والتقدير والاجلال لهو امر حتم في طريق صدق الايمان به عليه الصلاة والسلام. وما زال ما زالت مجالسنا في كتاب الشفاء لتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم. للامام القاضي عياض الي رحمة الله عليه في هذا الكتاب الذي ما زلنا نتصفح ابوابه وفصوله. هذا مجلسنا الثاني عشر بعون الله وتوفيقه. وما زلنا في الفصل الذي خصه يصنف رحمه الله في قسم الله جل جلاله في كتابه الكريم لبيان منزلة النبي العظيم صلى الله عليه واله وسلم وقد مضى الحديث فيما تقدم في مجلسين سابقين عن قسم الله سبحانه جل في علاه في سورة ضحى بالضحى وبالليل قسما بمكانة رسول الله عليه الصلاة والسلام. وهذا المجلس في موضع اخر من كتاب الله كريم في سورة النجم التي استمعنا الى قراءة امامنا وقد امتع فيها وابدع حفظه الله في حديث هذا المكان من بالله في حديث الله في كلام الله عما لرسول الله صلى الله عليه وسلم من المكانة والحظوة عند الله سورة النجم ايها احبة موضع اخر من كتاب الله فيه من جليل القدر لرسول الله صلى الله عليه وسلم في موضع يقسم فيه الله الكرام تبين في المجلس السابق ان كلام الله عظيم. وعظمته تقود القلوب الى الاذعان والخضوع والاخبات عظمة كلام الله لها وقع في نفوس العباد. بل لها اثر واي اثر؟ قال الله عنه. ولو ان قرآنا سيرت به الجبال او قطعت به الارض او كلم به الموتى. اي لكان هذا القرآن. فقد اخبر الله في كلامه عن كلامه انه سبحانه جعل لهذا القرآن من الاثر ما لو كان كفيلا بتسيير الجبال الراسية وتقطيع الارض طلبة الجامدة وتكليم الموتى وهم اموات لا يسمعون لكان للقرآن من الاثر ما هو كفيل بذلك. فذلك طرف يا كرام من عظمة كلام ربنا جل في علاه. فكلام ربنا سبحانه عظيم. والايات في كتاب الله كلها سبحانه وتعالى كلها تدل على مواضع من التعظيم اللائق الواجب لله جل جلاله. فاذا تكلم ربنا بكلام وجب على اعلى مع محامل التعظيم والاجلال والوقار. فاذا اقترن شيء من كتاب الله بامر يريد ربنا سبحانه تعالى مزيدا من التنويه بعظمته وشأنه قدم بين يدي ذلك قسما. يقسم فيه سبحانه بما شاء من خلقه. فمتى سمعت عبد الله موضعا يقسم فيه الله فارعي سمعك فانه امر عظيم. وجليل يقسم فيه ربنا سبحانه في سورة الضحى كما تقدم بكم. اقسم الله ليقول لنبيه عليه الصلاة والسلام. والامة تسمع وتقرأ الى يوم القيامة ليقول له ما ودعك ربك وما قلى. ليقول له وللاخرة خير لك من الاولى. ليقول له سوف يعطيك ربك فترضى. وهذا اليوم في هذه الليلة موضع اخر من كتاب الله. فيه قسم اخر اقسم الله تعالى به في السياق ذاته التنويه والتعظيم والاشادة ورفعة المقام والذكر لرسولنا صلى الله عليه واله وسلم يقسم الله سبحانه في سورة النجم بقضايا عظيمة مردها كلها الى امره عليه الصلاة والسلام ولذلك اتى بها المصنف رحمه الله وفي هذا الفصل فانه ما زال يلتقط من كتاب الله المواضع التي يشار فيها الى هذا المعنى العظيم الذي هو تعظيم الله برسول الله صلى الله عليه وسلم. من اجل ان اعقل انا وانت ويعقل كل مسلم ومسلم ان امرا عظمه الله يجب ان يعظمه العباد. وان امرا اقسم الله سبحانه وتعالى على تحقيقه بيان معناه فيجب ايضا ان يحل محله في القلوب المسلمة تعظيما وتوقيرا ومعرفة لقدر هذا الكلام العظيم ان كلام ربنا سبحانه وتعالى لا يأخذ بالالباب ويقع موقعه في الصدور. فاذا كان هذا محتفا بامر النبي العظيم صلى الله عليه وسلم فلنعلم يا امة الاسلام انه ليس تنويها ولا تعظيما لشأنه فحسب صلى الله عليه وسلم انه كما قلنا مرارا ان تعظيمه تعظيم لامته. وان رفعة شأنه رفعة لشأن امته صلى الله عليه وسلم. فحق لنا ان نجد من البهجة والفرح والانس والاستبشار في كل موضع من كتاب الله نجد فيه اشادة وتنويها ورفعة بشأن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ليس فقط لانه تنويه ورفعة شأن بمن نحب صلى الله عليه وسلم. وليس لانه ايضا اعلاء ورفعة وعزة لمن اعزته القلوب واحبته ورفعته فوق كل محبوب صلى الله عليه وسلم لكنه لذلك ولانه يلحقنا نحن ايضا من هذا الشرف وتلك الرفعة بقدر ما يلحق نبينا عليه الصلاة والسلام سورة النجم موضع اخر في كتاب الله اقسم فيه الله سبحانه وتعالى على امور تعلقت برسول الله عليه الصلاة ليخبر الله عن مكانته عليه الصلاة والسلام فيقول ما ضل صاحبكم وما غوى. ليقول وما ينطق عن الهوى ليقول ما كذب الفؤاد ما رأى ليقول ما زاغ البصر وما طغى. هذا الثناء وهذا المقام كله جاء في سياق اثبات معنى العظيم. اما ان السورة يا قوم سورة مكية نزلت لبيان المعنى الذي كان القرآن يخاطب به قريشا طيلة البعثة في سنواتها بمكة اثبات العقيدة الانقياد لله توحيدا وطاعة وعبادة. صدق رسول الله عليه الصلاة والسلام اثبات نبوته اثبات قضية البعث والمعاد والرجوع الى الله والوقوف بين يديه للحساب. سورة النجم كسائر السور تناولت هذه القضايا خطابا لقريش واثباتا واقامة للحجج. لكن السياق جاء فيما يتعلق برسول الله عليه الصلاة والسلام فلما كان السياق يراد به اثبات صدق النبوة جاء هذا التزكية والاجلال والتعطير لمقام رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول له ربه ما ضل صاحبكم وما غوى؟ ويقول والامة تسمع وما ينطق عن الهوى ويقول في هذا السياق الايات التي ستسمعون وتقفون على بعض معانيها وطرف من دلالاتها. والمراد يا احبة ان سورة النجم هي الاخرى موضع وجد فيه القرآن قسما من ربنا سبحانه وتعالى. ويجد فيه المستمع والتالي والمتدبر هذا الجلال تلك العظمة في ثنايا هذا السياق لتعظيم مكانة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. فبعد ان اتم المصنف رحمه الله الحديث عما تضمنته سورة الضحى ثنى بهذا الموضع من كتاب الله في سورة النجم. نعم. على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين. قال المصنف رحمه الله وقال الله تعالى والنجم اذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى علمه شديد القوى. ذو مرة فاستوى. وهو بالافق الاعلى ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين او ادنى فاوحى الى عبده ما اوحى. ما كذب فؤاد ما رأى افتمارونه على ما يرى؟ ولقد رآه نزلة اخرى عند سدرة المنتهى عند جنة المأوى اذ يخشى السدرة ما يغشى. ما زاغ البصر وما طغى. لقد رأى من ايات ربه الكبرى اختلف المفسرون في قوله تعالى والنجم باقاويل معروفة منها النجم على ظاهره ومنها القرآن جعفر بن محمد انه محمد عليه السلام وقال هو قلب محمد وقيل في قوله تعالى والسماء والطارق وما ادراك ما الطارق النجم الثاقب النجم هنا ايضا محمد صلى الله عليه وسلم حكاه السلمي بعد ان ساق المصنف رحمه الله هذه الايات من سورة النجم قال اختلف المفسرون في قوله تعالى والنجم باقاويل معروفة. منها النجم على ظاهره ومنها القرآن ومنها محمد صلى الله عليه واله وسلم. ما ابتدى به المصنف رحمه الله من الاقوال هو الظاهر والمتبادر وهو الراجح ايضا بين اهل العلم فان النجم المقسم به هنا هو النجم المعروف الكوكب المضيء في السماء. وسواء اريد النجم بجنسه يعني جنس النجوم فاقسم الله به او يقال انه نجم معين وقد رجح بعض المفسرين انه نجم الشعر الذي جاء ذكره في اخر السورة ذاتها وانه هو رب الشعر. ونجم الشعر نجم كانت العرب قديما تحيطه بعض الاعتقادات والخرافات والاساطير. فكان قدماء المصريين مثلا يرون ان نجم الشعر اذا كان قد عبر بالفلك في الاعلى فان من شأنه ان يفيض معه نهر النيل. فيحسبون بذلك حسابه ويعدون له. وكانت الفرس ايضا تدير بعض الاساطير فيما يتعلق بنجم الشعرة فكان نجما اثيرت حوله كثير من الخرافات والاعتقادات. فجاء القرآن لتبديد مثل هذا وما كانت العرب تألهه او تعظمه. فجاء ذلك ببيان شأنه وانه ما هو الا خلق من خلق الله. فقال والنجم اذا هوى فهذا المعنى المتبادر انه النجم الكوكب المضيء في السماء. وقيل في معناه انه القرآن. وانما وصف ها هنا انه نجم لاشتماله على المعنى المذكور في الاية. فيكون من شأن القرآن الاضاءة واللمعان والاشراق الذي بمحل الهداية للناظرين. كما هي النجوم في السماء هدايات كما اخبر الله وبالنجم هم يهتدون. ولان من معاني ايضا واوصافه انه يحصل به ما ذكر في هذا الوصف والنجم اذا هوى. فاذا قلت ان النجم هنا هو القرآن. فكيف يكون المعنى فيه اذا هوى المعنى اذا هوى اي اذا نزل منجما بانه ينزل حسب الوقائع والاحداث. قال وثالثا عن جعفر لمحمد انه محمد صلى الله عليه وسلم. وقال هو قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم. اقسم الله تعالى به لكن هذا المعنى اليس مشهورا ولا مذكورا بين اقوال المفسرين ضمن الاقوال الشهيرة او المعتبرة. ولذلك اخره المصنف رحمه الله ثم عضده بما ذكر في قوله تعالى والسماء والطارق وما ادراك ما الطارق؟ النجم الثاقب. قيل ايضا هناك ان النجم المقصود هو محمد صلى الله عليه واله وسلم. ايا كان فقد اقسم الله ها هنا بالنجم. بهذه الحالة اذا هوى ولا يهوى النجم ولا يهوي النجم الا اذا ارسل او انطفأ وذلك اية من ايات الله اقسم بها الله قال والنجم اذا اهوى ثم ثنى سبحانه وتعالى فى الاية بعدها بالمقسم عليه فقال ما ضل صاحبكم وما غوى؟ من صاحبهم هو رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا الخطاب الى امة العرب غير المؤمنة انذاك ليقول لهم قرآن يا عرب ما ضل صاحبكم وما غوى. ما ضل بل لم يزل عليه الصلاة والسلام رشيدا. لم يزل مهتديا ما عرف للضلالة طريقا. ولا عرف في الغواية سبيلا صلى الله عليه وسلم. كان ذلك قبل ان يكون نبيا فكيف بما هو بعد النبوة؟ كان قبل ان يكون نبيا ما تلطخت عقائده عليه الصلاة والسلام بشيء من اجناس من ادناس الرجس الشرك والجاهلية. بل ما زال عليه الصلاة والسلام منصرفا عنها. فما سجد لصنم ولا تأله لغير الله ولا عبد غير الله فكيف هو بعد ان بعثه الله؟ وبعد ان اصطفاه واجتباه وارسله بهذا الدين. انه واجب ان يكون اكثر هداية واكثر استقامة واكثر رشادا عليه الصلاة والسلام. وهذا تبديد لما كانت قريش تثيره من القاب تريد التنفير منه بوصفه بالسحر او الشعر او الكذب او الجنون. فكان هذا القرآن دفاعا عن رسول عليه الصلاة والسلام ورفعة لشأنه وتزكية لامره ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى فما يخرج من فيه الا حق عليه الصلاة والسلام ونطقه اما ان يكون قرآنا وحيا جاءه من الله فاخبر به امته عليه الصلاة والسلام واما ان يكون حديثا ينطق به بلسانه عليه الصلاة والسلام بوحي ومعنى يقذف في قلبه بالعصمة التي عصمها الله تعالى به. فانه ما زال عليه الصلاة والسلام ينطق عن حق ورشاد وسداد. وما تنطق عن الهوى ومن هنا استند اهل العلم الى ان حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام كما هو القرآن وحي ينزل من السماء وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى. فالوحي وحيان. الوحي الاول هو القرآن الذي نتلوه ونرتله ونحفظه ونتعبد الله به ونصلي به. هذا الوحي الاعظم شأنا. واما سائر كلامه عليه الصلاة والسلام. فهو ايضا لون من الوحي بصريح قوله سبحانه وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى. ومن هنا تعلقت قلوب الصحابة رضوان الله عليهم. باحاديث رسول الله عليه الصلاة والسلام. وتعطرت اسماعهم شنفت اذانهم بلذيذ خطابه عليه الصلاة والسلام. فتعلقت به الاسماع وابتهجت به القلوب. وحفظته الافئدة والصدور ثم نقلوه وحفظوه ورووه لنا جيلا بعد جيل. وما زال ايضا اهل العلم في تعظيمهم لحديث رسول الله عليه الصلاة بهذه العناية وهذه الحفاوة اجلالا لكلام اخبر الله عنه انه وحي يوحى وما ينطق عن الهوى. ان هو الا وحي يوحى ولما سأله بعضهم يا رسول الله اني اكتب عنك ما تقول وقد قيل لي لا تكتب عنه فربما تكلم في غضب وفي غير حال من الرضا فقال عليه الصلاة والسلام اكتب فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه الا حق واشار الى فيه صلى الله عليه واله وسلم. اذا كان في كل ما ينطق به عليه الصلاة والسلام. ناطقا عن وحي وليس من الهوى يعني من حظ النفس واستئثارها وما يصدر عنها في ذاتها من شيء في ذلك ابدا. ثم قال الله تعالى ان هو الا وحي يوحى علمه شديد القوى. هذا الوحي علمه له جبريل عليه السلام والمقصود بعلمه انه اتى به من الله فحدثه به واوحى به اليه شديد القوى جبريل عليه السلام الموصوف وها هنا بشديد القوى والموصوف في سورة التكوير بانه ذو قوة عند ذي العرش مكين. والموصوف انه بالروم ايضا في مواضع من كتاب الله انه امام الملائكة الذي اختاره الله من بين ملائكة السماء عليهم السلام ليكونوا رسولا الى امام الانبياء عليه الصلاة والسلام بهذا القرآن. انها عظمة القرآن التي اصطفى الله لها من الملائكة امامهم وسيدهم وامينهم واصطفى لهذا القرآن من الانبياء والرسل امامهم وسيدهم ومقدمهم عليه الصلاة والسلام فقال علمه شديد القوى ذو مرة فاستوى ذو مرة ذو هيئة حسنة ومنظر بديع فاستوى او هو بالافق الاعلى؟ انها اللحظة التي رآها التي رأه فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بشعاب مكة ذات يوم فانه ابصر في السماء فاذا جبريل عليه السلام على الهيئة التي خلقه الله تعالى عليها باسطا جناحيه في السماء قد الافق واذا هو بمنظر مهيب عظيم ارتجف له فؤاد المصطفى صلى الله عليه وسلم فاصابه من الهيبة والتعظيم والاجلال ما اصابه. فقال الله ها هنا ان هو الا وحي يوحى علمه شديد القوى. ذو مرة فاستوى وهو بالافق الاعلى ثم دنا. يعني اقترب جبريل عليه السلام. ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين او ادنى اقترب من رسول الله عليه الصلاة والسلام الى هذا الحد الشديد من القرب وهذا مثل تضربه العرب لاقرب ما يكون فكان قاب قوسين او ادنى. هناك حصلت نقطة الالتقاء ولحظة الايحاء. فاوحى الى عبده اوحى من اوحى الى من فاوحى الى عبده ما اوحى من الذي اوحى جبريل عليه السلام الى رسول الله وعبد الله محمد صلى الله عليه وسلم ما اوحى. وقيل معناه فاوحى الله الى عبده محمد صلى الله عليه وسلم ما اوحى الى جبريل عليه السلام. والمقصود ان القرآن الذي اوحي به الى جبريل عليه السلام ليبلغه اوحى الله به الى محمد صلى الله عليه وسلم فاوحى الى عبده ما اوحى وغير خاف ان هذا الاسلوب من الايهام دون بيان لحقيقة ما اوحي به دال على عظيم على عظيم هذا وحي وعلى شدة ما فيه من من الايحاء فاوحى الى عبده ما اوحى. والوحي هو هو النداء الخفي هو النداء الخفي والصوت الذي ليس يكون مجهورا ولا مسموعا. فاوحى الى عبده ما اوحى. فكان هذا الاسلوب من الايهام دليلا على عظمة الوحي وانه يكتفى فيه بالاشارة والايجاز بان الله اوحى ما اوحى. وما يدريك ما الذي اوحى الله تعالى به الى انبيائه وملائكته عليهم جميعا صلاة الله وسلامه. قال سبحانه وتعالى ما كذب الفؤاد ما رأى اي فؤاد وفؤاد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كذب فيما رأى ما الذي رأى؟ رأى جبريل عليه السلام ورؤياه ما كانت خيالا ولا كانت هاجسا ولا خاطرا كانت رؤيا حقيقية ما كذب الفؤاد ما رأى فما رآه وحق وما حدث به صدق عليه الصلاة والسلام ما كذب الفؤاد ما رأى ثم لاحظ معي. لو كانت رؤية عين وبصر لكان ورود الخلل اليه متوقعا. فربما ابصر احدنا شيئا ليس كما هو في الحقيقة لكنه له هكذا او تخيل له كذا لكن رؤيا الفؤاد اشد يقينا. وهي التي لا يتطرق اليها الوهم لانها رؤية عين وابصار. وافقت مع ذلك رؤيا فؤاد. وتصديق قلب وطابق العين وطابق القلب العين فكان في ذلك اثبات واي اثبات لصدق ما رأى عليه الصلاة والسلام. وذلك كله كما ترى في سياق اي قضية بصدق الوحي واثبات صدق نبوته عليه الصلاة والسلام. انما تأمل معي. كيف حكى القرآن هذا المعنى؟ كيف وصف هذا الامر ولو كان المعنى اثبات صدقه عليه الصلاة والسلام لكان الامر اقصر من ذلك وايسر لكن اثبات صدقه جاء متضمنا في ازكيته والثناء عليه ورفعة شأنه عليه الصلاة والسلام. وبايزاء ذلك كله يصل المعنى المراد انه صادق فيما دعي لا محالة وان الوحي الذي يؤتى به كلام الله وانه صادق فيما يخبر عن الله ما كذب الفؤاد ما رأى افتما على ما يرى افتجادلونه على ما يراه؟ وقد رأى ما لا تروا واخبر عما لا تعلمون ولقد رآه نزلا اخرى هي ليست مرة رأى فيها جبريل عليه السلام. والمقصود الرؤية على هيئته العظيمة التي خلقه الله تعالى عليها ستمائة جناح كل جناح يملأ ما بين السماء والارض فيسد الافق. هذه العظمة في الخلقة رآه عليها النبي صلى الله عليه ليس مرة بل مرتين. احداهما في مبتدأ الوحي في شعاب مكة في سماء مكة نعم رآه. والقرآن يثبت ذلك ما كذب الفؤاد ما رأى افتمارونه على ما يرى؟ ولقد رآه نزلة اخرى مرة اخرى حصلت له رؤية جبريل عليه السلام لكن المرة الثانية انما كانت هناك في السماء. في قصة المعراج عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى. هناك حيث بلغ صلى الله عليه وسلم مبلغا. وارتقى مرتقى. ما وصل اليه قبله ملك مقرب ولا نبي مرسل. حيث بلغ ذلك المقام العظيم. ابصر جبريل عليه السلام هناك مرة اخرى. فقال الله تعالى اعند سدرة المنتهى؟ عندها جنة المأوى اذ يغشى السدرة ما يغشى. وما الذي يغشاها؟ انه امر ابهم هنا ليترك لك عدم التصور فانك غير مدرك عظمة الملكوت الاعلى. ما الذي يغشى سدرة المنتهى؟ ما الذي يحيط بها ما الذي يبلغه هناك من بلغ المكان؟ انه التعظيم الذي يتركك واقفا امام هذا الابهام. اذ يغشى السدرة ما يغشى لكن المقصود اثبات عظمته عليه الصلاة والسلام اذ بلغ هذه المنزلة العظيمة وبلغ هذا المقام الرفيع ثم تأتي الاية بعدها لتزيد البهاء بهاء والتعظيم تعظيما. ما زاغ البصر وما طغى لم يكن بصره زائغا عليه الصلاة والسلام ولا طاغية. ما زيغ البصر؟ زيغ البصر الاختلال ان يرى ما لا يرى ان يبصر ما لا يبصر ان يزعم رؤية شيء ما رآه حقيقة. كل هذا منفي عن رسول الله عليه الصلاة والسلام. ما زاغ البصر انما ابصر حقيقة ما اخبركم عنه. وما رآه فهو صدق وما اخبر عنه فهو حق. ما زاغ البصر وما طاغى ما طغى ما تجاوز وهذا من عظيم ادب رسول الله عليه الصلاة والسلام لما كان في تلك الحضرة العلوية بالمقام الاسمى فانه ما زال بصره في موضع الذي يؤذن له فيه بان يكون فيه عليه الصلاة والسلام مع ان الموضع فيه من العظمة ومما يخطف الابصار شيء عظيم لكنه مع ذلك وصفه الله فقال ما زاغ البصر وما طغى. يا قوم احدنا اذا دخل موضعا للمرة الاولى وكان فيه مما يبهر الابصار من عظمة البناء والزخرفة والتشييد لوجدت احدنا مشدوها بلا اختيار مندهشا من غير ما يحس فتراه يقلب بصره يمنة ويسرة وهو ينظر هنا وهناك. بل لا تزال احيانا البنايات الشاهقة والابراج مرتفعة ما زالت خاطفة للابصار. لانها كذا تخطف الابصار. وتسحر الانظار. فكل موضع يدخله احدنا للمرة الاولى في البنايات الشاهقة وفي المكان المزين والمزخرف والذي يخطف الابصار ببنائه وعظمته او الوانه فان من شأن الانسان عادة ان يتأثر حسه وبصره بما يرى في ظل متتبعا متقلبا متخطف البصر لكننا عليه الصلاة والسلام وقد شهد موقفا ومكانا وعظمة والله لو وضعت الدنيا بكل ما فيها من عظمة بلاء ومكانة ما ساوت مثقال ذرة في عظمة الملكوت الاعلى عند سدرة المنتهى عند جنة المأوى كما قال لكن بصره عليه الصلاة والسلام كان في حدود ما اذن الله به فقال ما زاغ البصر وما طغى. ما ذاك الا امتلاك المشاعر. وعظمة القلوب وعظمة المكان الذي يخبر فيه عن مثل هذا الانسان لكنه موضع حكى فيه القرآن صفحة من الغيب ما شهدتها انا ولا انت. ولا رآها احد منا بل لا نحن ولا الصحابة الذين عاشوا معه عليه الصلاة والسلام ولا اقرب الناس اليه ما عاش احد منهم هذه لحظة لكن القرآن يكشف لك المشهد بهذا المعنى البديع العجيب. المتضمن لعظيم توقير رسول الله عليه الصلاة والسلام عليه وعظمة الثناء من عظمة المثني جل في علاه. والله يثني على نبيه فيقول ما زاغ البصر وما طغى قد رأى من ايات ربه الكبرى. هذا السياق وما بعده في سورة النجم من اجل اثبات صدق نبوته. ولكنه كما رأيت جاء في ثنايا تعظيمه والاشادة به وتزكيته العطرة صلى الله عليه وسلم. والله لن يبلغ مادح بمدحه عليه الصلاة والسلام مقدار اية من ثناء الله عليه. ولم يبلغ معظم تعظيمه عليه الصلاة والسلام بمقدار موضع من كتاب الله عظمه فيه الله لكن المراد ان نعظم ما عظم الله وقد عظم الله نبيه واثنى عليه ورفع قدره واعلى شأنه فحق والله على قلب كل مسلم يشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يملأ صدره تعظيما بما عظم الله ان كنا نعظم الله فمن عظم الله عظم ما عظم الله واعلى واحل بالمكانة الاسمى في القلوب ما رفع الله شأنه. هذا نبينا يا قوم محمد صلى الله عليه واله وسلم من يجب ان تمتلئ القلوب حبا له وتعظيما له ومعرفة لعظيم حقه الواجب وقدره المتعين على امته صلى الله عليه وسلم وصولا الى المعنى المراد والمقصود الاعظم او هو صدق الايمان وتمام الطاعة والاتباع وصدق الاستنان وملء القلوب بحبه الوافر عليه الصلاة سلام هذا طرف من كتاب الله في سورة النجم حكى فيه القرآن وهذا المعنى ووصف فيه النبي صلى الله عليه وسلم هذا الوصف العجيب البديع البليغ وفي كلام المصنف الاتي رحمه الله شيء من بيان هذا المعنى في ثنايا الايات. تضمنت هذه الايات من فضل وشرفه العد ما يقف دونه العد واقسم جل اسمه على هداية المصطفى وتنزيهه عن الهوى وصدقه فيما تلا وانه وحي يوحى اوصله اليه عن الله جبريل عليه السلام نعم تضمنت هذه الايات من فضله وشرفه العد ما يقف دونه العد يعني من شرفه العظيم من شرفه الكبير عليه الصلاة السلام ما يقف دونه العبد واقسم جل اسمه على هداية المصطفى وتنزيهه عن الهوى. ما ضل صاحبكم وما غوى ما ينطق عن الهوى قال وصدقه فيما تلى لما قال وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى. وانه وحي ما اليه عن الله جبريل عليه السلام وهو الموصوف بالشديد القوى. نعم. ثم اخبر تعالى عن فضله بقصة الاسراء وانتهاء الى سدرة المنتهى وتصديق بصره فيما رأى وانه رأى من ايات ربه الكبرى. وقد نبه على مثل هذا في اول سورة الاسراء لما قال سبحانه هناك سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى الذي باركنا ما حوله لنريه من اياتنا. فذكرت ها هنا الايات وذكرت هناك الايات التي اراها الله لنبيه عليه الصلاة الصلاة في احدى اعظم المعجزات وهي الاسراء والمعراج. ولما كان ما كاشفه عليه السلام من ذلك الجبروت وشاهده من عجائب ابل ملكوت لا تحيط به العبارات. ولا تستقل بحمل سماع ادناه العقول رمز عنه تعالى بالايماء والكناية الدالة على التعظيم. فقال تعالى فاوحى الى عبده ما اوحى. نعم. لما بلغ هذا المكان واوحى الله تعالى له بهذا الوحي العظيم جاء هذا اللفظ في القرآن فاوحى الى عبده ما اوحى دون بيان لتفاصيل هذا الموحى ما هو. لكنه كما قلت ايهام ابهام من ورائه التعظيم شأن هذا الوحي قال ولما كان ما كاشفه عليه السلام من ذلك الجبروت وشاهده من عجائب الملكوت لا يحيط به العبارات ولا تستقل بحمل سماع ادناه العقول رمز عنه تعالى بالايماء والكناية الدالة على التعظيم الجبروت فعول او فعلوت من الجبر وهو القوة. والملكوت كذلك من الملك والمقصود بيان الغاية. والتعظيم والمبالغة في شأن هذه الصفات لله سبحانه وتعالى وهو موصوف بها كما في دعائه عليه الصلاة والسلام سبحان ذي الملكوت والجبروت فقال تعالى فاوحى الى عبده ما اوحى. وقيل ايضا معناه اوحى الى عبده جبريل. ما اوحاه الى محمد صلى الله عليه وسلم. نعم النوع من الكلام يسميه اهل النقد والبلاغة بالوحي والاشارة وهو عندهم ابلغ ابواب الايجاز لان في الابهام من التفخيم والتعظيم ما ليس في الايضاح ولذلك انت ترى ان القرآن اذا تحدث عن يوم القيامة فيأتي بهذا الابهام القارعة ما القارعة وما ادراك ما القارعة لانه مهما وصف هول القيامة فلن يبلغ الوصف مبلغه. لكن الابهام في لغة العرب سبيل الى مزيد. من المبالاة في التفخيم والتعظيم والاشارة. القارعة ما القارعة؟ الحاقة ما الحاقة؟ وما ادراك ما الحاقة؟ يقول ما ادراك ما هي نار حامية الحطمة وما ادراك ما الحطمة كل شيء يعظم في القرآن يأتي على سبيل الابهام ان انزلناه في ليلة القدر وما ادراك ما ليلة القدر. اذا هذا ضرب من فصيح اسلوب العرب وبلاغتها في الكلام استعمال اساليب الابهام الذي يحمل من معاني التعظيم ويحمل من معاني التفخيم ما ليس في الايضاح ولا التفصيل. نعم. وقال تعالى لقد رأى من ايات ربه الكبرى انحسرت الافهام عن تفصيل ما اوحى وتاهت الاحلام في تعيين في تعيين تلك الايات الكبرى. قال القاضي الامام ابو الفضل رحمه الله وهو ان القاضي عياض. نعم. اشتملت هذه الايات على اعلام الله تعالى لا بتزكية جملته عليه السلام وعصمتها من الافات في هذا في هذا المسرى فزكى فؤاده ولسانه وجوارحه فزكى قلبه بقوله ما كذب الفؤاد ما رأى ولسانه بقوله وما ينطق عن الهوى بصره بقوله ما زاغ البصر وما طغى. صلى الله عليه واله وسلم وهذا من عظيم وصف نبينا صلى الله عليه وسلم في القرآن. زكاه الله جملة وزكى وزكى اشياء متعددة مما متعلقاته عليه الصلاة والسلام كما قال القاضي عياض زكى قلبه فقال ما كذب الفؤاد ما رأى. وفي هذه التزكية الإلهية والله شيء من العظمة لا ينبغي الا ان يكون لرسول الله عليه الصلاة والسلام. ولما عظم الله فؤاده ارتضاه وحيه سبحانه وتعالى فاوحى اليه هذا الدين والقرآن العظيم والكتاب المبين. زكى قلبه فقال ما كذب ما رأى وزكى لسانه فقال وما ينطق عن الهوى. وزكى ايضا عقله لما قال ما ضل صاحبكم وما غوى قال وزكى بصره بقوله ما زاغ البصر وما طغى. وزكى خلقه فقال وانك لعلى خلق عظيم صلى الله عليه واله وسلم ان تزكية ربنا لنبينا صلى الله عليه وسلم لتحملنا والله على اعظم محامل الاجلال والتعظيم والحب الصادق لرسول الله عليه الصلاة والسلام. حدثني ايها المحب في قلبك عمن تحب ان اعظم من يحل قلبك حبا وتعلقا انما تعلق قلبك به لجميل اوصافي. ولجليل خصاله ولعظيم ما وجد فيه القلب من نواحي الجمال او الجلال لا محالة. ان احببت مخلوقا فهو لذاك. وان احببت مطوما او مشروبا او مركوبا او ملبسا او سكنا فلامر ما تعلق به قلبك لا محالة اما لشيء وافق هواك او لشيء جدته مناسبا لمرأة او لشيء تعلق به القلب فاستحسنه لما رآه كل ذلك يقع في قلوبنا لاننا بشر وهذا مما لا يستنكر لكن الملفت للنظر ان كل دواعي كل ما يمكن ان يكون من دواعي اسر القلوب بالحب اجتمعت بكل مجامعها في شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم. لانك ان تحدثت عن جمال الخلقة والهيئة فقد كان الاجمل عليه الصلاة والسلام واوتي من محاسن الخلقة وبديع الوصف ما حكاه الصحابة في ابواب متعددة مرت بكم في ابواب سابقة. وان تحدثت عن جليل الاخلاق ورفيع الصفات فحسبك قول ربه له وانك لعلى خلق عظيم لن تتحدث عن عفو او تواضع او كرم او صدق او وفاء او رأفة او شفقة وعدد ما شئت من صفات في الحسن والكمال لوجدتها مجتمعة مكتملة في رسول الله. عليه الصلاة والسلام. بل لطالما قلنا والله لا يعرف الصلاة والسلام بالاخلاق انما تعرف الاخلاق به. فاذا اردنا ان نصف العفو ما هو فلنضرب له مثلا من عفو رسول الله عليه الصلاة والسلام. وان اردنا ان نعرف التواضع ما هو فلا نعرفه الا بمثال من تواضعه عليه الصلاة والسلام. وقل مثل ذلك في الكرم والسخاء والحلم والعطاء يظرب به المثل برسول الله عليه الصلاة والسلام يعرف معاني هذه الاخلاق وليتمثلها البشر في حياتهم انموذجا يحتذى. ولئن تحدثنا عن جميل الاحسان وعظيم صنائع المعروف التي يقدمها انسان لانسان. فتأسر حبا وتعظيما واجلالا فوالله لا احد لا احد اعظم احسانا الى احد من رسول الله عليه الصلاة السلام على امته والله ما اعطانا مالا ولا ادخر لنا كنزا ولا ترك لنا ميراثا نتمتع به في واسع متع الحياة لكن انه انقذنا الله تعالى به من الظلمات الى النور وكفى. وقادنا الى جنة عرظها السماوات والارض. واستنقذنا الله به من ظلمات والشرك والوثنية والخرافة الى نور التوحيد وهدى الله وصراطه المستقيم. فمهما احسن اليك انسان يوما لن يبلغ البشر اجمعون في احسانهم اليك احسان رسول الله صلى الله عليه وسلم اليك. حدثني الان اي بشر يجب ان القلب اكثر من رسول الله عليه الصلاة والسلام. واي داع من دواعي الحب يمكن ان يجتمع في محبوب اكثر من رسول الله صلى الله الله عليه وسلم يا قوم هذا ايمان والله نتعلمه وباب من الادب هو مقدمه ولا يجب ان يتحدث انسان عن قضية من قضايا الدين والاخلاق والعقيدة الا بعد الاتيان على اصولها وهذه عروة وثيقة من اساسها الراسخ وبنيانها الشامخ. الحديث عن تعظيم الله وحبه واجلاله الحديث عن تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم ايضا وحبه واجلاله بالمعنى الوارد في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا ربنا في كتابه العظيم. قبل اربعة عشر قرنا من الزمان في كلام يطرق اذان البشر الى يوم القيامة يقول الله تعالى مادحا نبيه ما ضل صاحبكم وما غوى ويقول وما ينطق عن الهوى ويقول ما زاغ البصر وما طغى ويقول وانك لعلى خلق عظيم في مواضع لو جمعت بعضها الى بعض لوجدت القلب والله مذعنا لا محالة. بتعظيم هذا الامر الذي عظم الله. وباحترام القلب وملئه حبا وتوقيرا وتعزيرا لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم هي خطوة يا قوم خطوة اولى في طريق عظيم. نحن نتتابع فيه الخطوات مرة بعد مرة. هذا الطريق الواسع الكبير هو اقتداء برسول الله عليه الصلاة والسلام. عبد الله الست تبحث عن القرب من الله؟ الست تبحث عن السبق يوم القيامة؟ الست اشهد ان تكون في الفئة الاولى السابقون السابقون والله لن تسبق. ولن تتقرب ولن تقترب من ربك بشيء من طريق نبيه عليه الصلاة والسلام. وهذا نبيه صلى الله عليه وسلم اخبر الله عنه بهذه الاوصاف. واعلى شأنه بتلك المناقب ثق تماما انك لن تتقرب الى ربك بطريق اقرب من طريق رسوله عليه الصلاة والسلام. فلن تجتهد اعظم من الاجتهاد في اتباع سنته والاقتصار على ما اورثنا اياه صلى الله عليه وسلم من عظيم الهدي في العقائد في العبادات في المعاملات في الاخلاق والله لا اكرم على الله من عبد ملأ قلبه بحب رسول الله عليه الصلاة والسلام واقتفى اثره واقترب من ربه طريق سنة رسوله صلى الله عليه واله وسلم. يقول القاضي عياض رحمه الله اشتملت هذه الايات على اعلام الله تعالى جملته عليه الصلاة والسلام وعصمتها من الافات في هذا المسرى. فزكى فؤاده ولسانه وجوارحه زكى قلبه بقوله ما كذب الفؤاد ما رأى. ولسانه بقوله وما ينطق عن الهوى وبصره بقوله ما زاغ البصر وما طغى وزكى عقله ايضا في السياق ذاته لما قال ما ضل صاحبكم وما غوى وزكى خلقه لما قال وانك لعلى خلق عظيم يقول ابن عباس رضي الله عنهما في قول الله سبحانه ما زاغ البصر وما طغى يقول رضي الله عنه لم يحول بصره ما رآه الى جهة من الجهات وما طغى ما تجاوز ما امر برؤيته صلى الله عليه واله وسلم ايها الاحبة الكرام هذا خبر نبيكم صلى الله عليه وسلم كما هو في كلام ربكم سبحانه وتعالى جل وتقدست اسماؤه. هذا المعنى ينبغي ان يكون له ميدان عظيم. في حياتنا معشر العباد نحن نقتفي هذا الباب الكبير في تعلم معاني الايمان واصوله الراسخة. هذا قرآن نسمعه هذا قرآن نتلوه هذا قرآن تصلي به ونترنم باياته تلاوة واستماعا. فاي اثر لكلام الله في قلوبنا عباد الله؟ ان لم يكن هو الوعي التام والادراك الكامل والتدبر الامثل لما في كتاب الله من هذه المعاني العظيمة. وهذه المعاني العظيمة انما تقود الى بوابات الخير الكبرى في الحياء وبوابات الخير منحصرة في اتباع سنته عليه الصلاة والسلام ليجد فيها المسلم الطريق الارحب والمسلك الاوسع لما يرجوه من نجاة وسلامة في الدار الاخرة. يا كرام هذا طريق وسط. بين غلو وجفاء بين تفريط وافراط بين اهمال لشأن السنن وانعزال عنها وانزواء وزهد وتقلل بقصد او بغير قصد وبين ايغال وبين ايغال ومبالغة وغلو يخوض فيه المسلم متجاوزا حدود ما اثنى الله به على رسوله صلى الله عليه وسلم هذا كلام الله ولا اصدق من الله. وهذا ثناء الله ولا ابلغ من ثناء الله. فكيف يتصور عبد ان من في قلبه وعاطفة صادقة يمكن ان تقوده في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم او الثناء عليه لتبلغ به مرتبة اعظم من المرتبة التي اوصله اليها القرآن. لما يوصف عليه الصلاة والسلام بشيء من خصائص الالوهية واوصاف الربوبية التي لا ينبغي ان تكون الا لله. فعلم الغيب وسبق الخلق والاطلاع على ما كان ويكون. كل ذلك من خصائص الالوهية التي انفرد الله تعالى بها. واستأثر بها سبحانه دون احد من خلقه. فقال عالم الغيب فلا يظهر به احدا الا من ارتضى من رسول فانه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا. اذا فهدي القرآن هو الهدي الاكمل في تعلم ما ينبغي من الحقوق لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وتعظيمنا يا احبة لرسول الله عليه الصلاة والسلام ان يكون بميزان القرآن لا بميزان العواطف والاهواء. يا احبة لسنا نزايد والله على حب في القلوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولسنا ننازع احدا او ننافسه في حبه العظيم الذي يكتنزه في قلبه لاشرف الخلق وامام الانبياء وسيد الرسل عليه الصلاة والسلام. بل والله لن نقول الا هنيئا لكل محب بحبه صادق في قلبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم. بل هنيئا له هذا النعيم في قلبه بحب يملأ به فؤاده لرسول صلى الله عليه وسلم لكننا ابدا لن نوافق على ان نترك هذا الحب يسري من غير انضباط باصول الشريعة وان استرسل في رفع رسول الله عليه الصلاة والسلام فوق مرتبة البشرية التي جعله الله تعالى عليها نعم كان بشرا لا كلب بشر وانسانا لا يماثله انسان لكن هذا لا يليق بحال ان يرقى به الى درجة الالوهية او خصائصها او الربوبية فيها كل ذلك لم يأتي به القرآن بل قد اباه وامتنع عنه رسول الله عليه الصلاة والسلام لما قال القائل كرته انت سيدنا وابن سيدنا. فقال عليه الصلاة والسلام انما انا عبد فقولوا عبد الله ورسوله. ابى. فقال قال قولوا بقولكم او ببعض قولكم لا يستجرينكم الشيطان. انما انا عبد. فقولوا عبد الله ورسوله. ابى صلى الله عليه وسلم وهو القائل انا سيد ولد ادم ولا فخرا. فلم يكن هذا تناقضا. اثبات السيادة له هذا محل اتفاق. لكنني يكون هذا سبيلا الى شيء من المبالغة والاطراء فهو القائل عليه الصلاة والسلام لا تقروني اي لا تبالغوا في مدحي ولا ترفعوني فوق منزلتي لا تطروني كما اطرت النصارى ابن مريم. انما انا عبد فقولوا عبد الله ورسوله طوله فوالله هذا نداء لكل من ملأ قلبه بحب رسول الله عليه الصلاة والسلام نداء على لسان رسول الله عليه الصلاة والسلام الذي قال قولوا بقولكم او ببعض قولكم. والذي قال لا تطروني كما اطرت النصارى ابن مريم. فسبيل التعظيم الله عليه الصلاة والسلام هو ما ذكره القرآن. هو ما اشاد به ربنا الكريم المنان. هو ما جاء في ثنايا هذه الايات العطرة التي نسبح في معانيها ونحلق في افيائها استمتاعا بهذا الوصف العظيم من كلام ربنا العظيم لنبينا الكريم عليه الصلاة والسلام. هذا الوصف والله هو اصدقه. وهذا الثناء هو اعظمه. ولن يبلغ مادح بمدحه. ولا شاعر بشعره ولا واصف بوصفه ولا معظم بتعظيمه والله لن يبلغ احد منهم مقام كلام الله جل في علاه. انما العظمة كلها والثناء في اصدق معانيه. والوصف في اجلى اوصافه ومدحه هو ما جاء في كتاب الله. ولو اراد عبد ان يتمدح برسول الله عليه الصلاة والسلام. فوالله حسبه ما مدحه الله تعالى به. لان احدا لن يبلغ من طاحتي والجمال في العبارة ولا البيان مبلغ القرآن. فحسبكم فحسبكم وامسكوا وليكن لنا في مدحه عليه الصلاة والسلام متسع في حدود ما مدحه الله تعالى به. وما اثنى الله تعالى به عليه. ومثل هذا وارد حتى على السنة الصحابة فانهم واثنوا عليه صلى الله عليه وسلم. وقد ذكروا من اوصافه وجماله وجلاله وعظيم ما سخر الله على يديه من تأثير على القلوب وسحر للابصار والافئدة واستجابة واجتماع القلوب على حبه ما اقره عليه الصلاة والسلام. لكنه لما جاءت في لبعض العبارات شيء من المبالغة والتجاوز ابى عليه الصلاة والسلام ورد الامور الى نصابها ليقول للامة فلا ابلغ من مدح القرآن لرسول الله صلى الله عليه وسلم. ولا تعظيم اجل من تعظيم القرآن لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا ثناء اعطر من ثناء الله على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. وللقلوب حقها في ان تتمدح بمحبوبها صلى الله عليه وسلم وللنفس ايضا حظها في ان تستمتع بالثناء وعاطر الذكر وجميل الوصف لمن تعلق به القلب وامتلأ حبا وتعظيما واجلالا. واحق من مدح واصدق من انصرف فيه القول ثناء وتزكية من البشر هو رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ولن يكون شاعر ولا متحدث ولا خطيب ولا مادح في هذا المقام بباب من الابواب منه في حديثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن ميزان القرآن حكم عدل ينبغي المصير اليه وينبغي عادة الامور في كفتيه لنكون في ميزان الشريعة في باب من اعظم ابوابها. وهو معرفة عظيم القدر لرسول الله عليه الصلاة والسلام. وهذا ربنا في كتابه سبحانه وتعالى في مواضع متعددة يثني على نبيه بما يلفت انظار العباد. وبما يقع في قلوبهم من المعاني التي يجب عليهم ان يمتلئوا بها وان ينطلقوا من خلالها. اما ان مدحه حق عليه الصلاة والسلام. والثناء عليه وتزكيته امر تتابع عليه الصحب الكرام فمن بعدهم رضي الله عنهم اجمعين. فلم يحرج احد على احد. ولم يحجر احد على احد ان اما الذي يحجر ويحرج فيه ان يتجاوز فيه وصف القرآن وان يذكر فيه ما لا يرضاه هو رسول الله صلى الله عليه واله وسلم واما المادحون فلا حد لهم واما المثنون عليه فلا منتهى لعباراتهم. لكن الشأن اعظم من ان تحيط به العبارة. وحسب القلوب ان يكون حظها من الحب في الطاعة والاقتداء. فالاستمساك بالهدي اكمل منه من تغني اللسان. والعبارات والشعارات والابيات والاشعار لكن المحب يتراوح بين هذا تارة وتلك تارة ولسان حاله حرفي واوراقي وحبر يراعي لبت لمدحك اذ دعاها الداعي صلى عليك الله يا علم الهدى ما حرك الشوق الدفين شراع هي ليلة مباركة فعطروا فيها الانفاس بكثرة الصلاة والسلام على نبي الهدى والرحمة الذي امر الله بالصلاة والسلام عليه. فقال يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما. وهو القائل عليه الصلاة والسلام اكثروا من الصلاة علي ليلة الجمعة ويوم الجمعة. فاللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد صلاة وسلاما تبلغنا بها الامال. وصل يا ربي وسلم وبارك عليه صلاة الا من ترفعنا بها في اعلى الدرجات. وصلي يا ربي وسلم وبارك عليه صلاة وسلاما. تقودنا بها نحو السنن الوافية والاستمساك بها هذه الاكمل واتباع سنته وفرقته الناجية. اللهم صل وسلم وبارك عليه صلاة وسلاما دائمين ابدا. اللهم علمنا ما هنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما يا رب العالمين. اللهم انا نسألك باسمائك الحسنى وصفاتك العلى ان تحفظ علينا امننا ايماننا وسلامتنا واسلامنا يا رب وفقنا لما تحب وترضى وخذ بنواصينا الى البر والتقوى اللهم ادم علينا نعمة الامن وظل الامان ونعوذ بعز وجهك ونوره وجلاله يا ذا الجلال والاكرام من كل حاسد وشامت ومبغض يريد بنا والاسلام الاسلام والمسلمين سوءا يا اله العالمين. اللهم من اراد بنا ذلك فاشغله بنفسه. واجعل كيده في نحره واجعل تدبيره في تدبيره يا ذا الجلال والاكرام اكرام. اللهم كن لاخوتنا المجاهدين المرابطين في الحدود. اللهم ثبت اقدامهم وانصرهم على عدوك وعدوهم. اللهم يا رب سدد واحفظ اماكنهم اللهم انزل عليهم صبرا وامدهم بجند من عندك يا حي يا قيوم. اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع وفق يا رب عبدك خادم الحرمين لما تحب وترضى. وخذ بناصيته الى البر والتقوى. سدد يا ربي رأيه وقوله وعمله واجعله في ما يخدم الاسلام والمسلمين. اللهم ربنا اتنا في