بسم الله الرحمن الرحيم. ايها الاحبة الكرام يطيب لاسرة تسجيلات الامام البخاري الاسلامية مكة المكرمة ان تقدم لكم بسم الله الرحمن الرحيم حمدا لله الكبير المتعال فردي بنعوت الجلال والكمال. احمده تعالى واشكره. واستعينه واستغفره. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان نبينا محمدا عبد الله ورسوله امام الانبياء وخاتم المرسلين ومبعوث الله تعالى رحمة للعالمين. النبي الكريم الرؤوف الرحيم عليه صلاة رب العالمين فاللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته وصحابته اجمعين. وبعد فهذه الليلة الشريفة المباركة التي نجتمع فيها من كل اسبوع لتصفح اعطر الصفحات واكثرها اشراقا في تاريخ البشر عندما يكون الحديث عن امام الانبياء وخاتم المرسلين. نبي الهدى والرحمة صلى الله عليه عليه واله وسلم صفحات مشرقة مضيئة لم تضيء للتاريخ دربه وانما انارت للبشرية طريقها الى الله الله سبحانه وتعالى بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم فاشرقت الدنيا بعد ظلماتها. وانفرجت فيها الهموم والكربات بهذا الدين العظيم وببعثة سيد المرسلين صلى الله عليه واله وسلم. كانت ولم تزل ليلة الجمعة يا كرام ليلة فيها من البهجة والانس في قلوب المحبين لنبيهم عليه الصلاة والسلام لكثرة ما يعيشون هذه الليلة من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم. الحب يقودهم والشوق يحدوهم والوفاء الذي ملأ صدورهم لهذا النبي الكريم يجعلهم يستزيدون من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم. في ليلة كلهم انها اشرف الليالي وابركها واعظمها. فلما كانت كذلك كانت احرى الليالي بان يغترف فيها المسلم من صلوات ربه عليه بصلاته على نبيه صلى الله عليه واله وسلم. ولن تحيط البشرية في هدي النبي الكريم صلى الله عليه وسلم كل ما هو حق له بما جاء من وصفه وعظيم شأنه عليه الصلاة والسلام قد ذكر ذلك في كتابه فاشاد به واعظم ومدح في الثناء. تأبى الحروف وتستعصي معانيها حتى ذكرتك فانهالت قوافيها. محمد قلت فاخضرت ربا لغتي وسال نهر فرات في بوادي فيها شأن المصطفى صلى الله عليه وسلم. منبع لكل محب ومنجم يجد فيه ما يعينه على مزيد من كالحب والوفاء التي تقوده الى الطاعة والاتباع والاستنان لرسولنا صلى الله عليه واله وسلم. يا بعث الله لنا نبيه عليه الصلاة والسلام اعظم نبي وخاتم الرسل. فكان لنا شرفا وفخرا لكن كان مع ذلك لنا اماما نقتدي به عليه الصلاة والسلام. فما زال هذا الطريق منذ زمن صحبه الكرام رضي الله عنهم فمن بعدهم يتسابقون فيه الخطى نحو الاقتراب من هديه الاكمل صلى الله عليه وسلم. وما زال حديثنا ومجالسنا في كتاب الشفاء بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم للامام القاضي عياض رحمة الله عليه بابا تعلموا فيه شأنه الكريم وحقوقه العظيمة عليه الصلاة والسلام. لمزيد من الحب والايمان لمزيد من الطاعة والاقتداء لمزيد من اداء الحق الواجب له عليه الصلاة والسلام في رقابنا. والمناطة بنا معشر الامة الذين اكرمنا الله تعالى بهذه البعثة وهذا الدين وهذا النبي الكريم. في كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم وقف بنا الحديث في الفصل الخامس الذي خصه القاضي عياض رحمه الله للحديث عن تلك الايات من كتاب الله التي اقسم الله فيها سبحانه وتعالى بما شاء من خلقه اثباتا لتحقيق مكانة المصطفى صلى الله عليه وسلم عنده سبحانه تعالى وقد جاء فيه المصنف رحمه الله بمواضع اربعة من كتاب الله الكريم. مضى منها اثنان ويبقى منها الليلة معا انا اثنان وربطا للسابق باللاحق نقول اتى المصنف رحمه الله في هذا الفصل اولا بما جاء من قسم الله تعالى في سورة الضحى وما جاء في هذه السورة العظيمة من ثنائه سبحانه على النبي المصطفى صلى الله عليه واله وسلم وابان فيه وجوها من هذه المدحة والثناء العاطر. ثم لما فرغ من ذلك اتى الى الموضع الثاني. وهو الذي كان حديث تنا في مجلس ليلة الجمعة المنصرم الحديث عما جاء في سورة النجم. وقسم الله سبحانه وتعالى بالنجم الذي جاء بعده مكانته عليه الصلاة والسلام وها نحن الليلة نأتي على الموضعين الاخيرين في الفصل احدهما قسمه سبحانه وتعالى في سورة التكوير والاخر في سورة القلم نعم. بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم. اللهم اغفر لنا شيخنا وللحاضرين وجميع المسلمين قال المصنف رحمه الله تعالى وقال الله تعالى فلا اقسم بالخنس الجواري الكنس والليل اذا عسعس والصبح والصبح اذا والصبح اذا تنفس انه لقول رسول كريم ذي قوة بالعرش مكين مطاعم ثم امين. وما صاحبكم بمجنون. ولقد رآه بالافق المبين. وما هو الغيب بضنين وما هو بقول شيطان رجيم قوله لا اقسم اي اقسم انه لقول رسول كريم اي كريم عند مرسله ذي قوة على تبليغ ما من الوحي مكين اي متمكن المنزلة من ربه. رفيع المحل عنده. مطاع ثم اي في السماء امين على الوحي قال علي بن عيسى وغيره الرسول الكريم هنا محمد صلى الله عليه وسلم فجميع الاوصاف بعد فجميع الاوصاف بعده على هذا له وقال غيره هو جبريل عليه السلام. فترجع الاوصاف اليه. نعم هذا الموضع الثالث الذي اتى به القاضي عياظ رحمه الله من القرآن الكريم الذي فيه قسم ربنا سبحانه وتعالى. قسم على قضية هي التي في اراد اظهارها في هذا الفصل وهي عظيم منزلة رسول الله عند الله صلى الله عليه واله وسلم. ومكانته العظيمة الرفيعة جاءت مبثوثة في مواضع من كتاب الله. الا منا ان من اعظم ما في كتاب الله من هذه المواضع هو ما اقسم الله عليه. لما للقسم من دلالة على تعظيم المقسم عليه وتبجيل امره واظهار شأنه. يقول الله في مختتم سورة التكوير فلا اقسم بالخنس وكما تقدم ان لا اقسم هنا معناها اقسم ولا هنا للتأكيد. وربما كان معناها انه اقسم تأكيدا على قسمه سبحانه وتعالى. فاقسم الله ها هنا في هذا السياق بالخنس والجواري الكنس والليل اذا عسعس والصبح اذا تنفس هذه اربعة اشياء اقسم الله تعالى بها اقسم بالخنس وهي الكواكب السيارة التي وسوء اي تختفي تارة وتظهر تارة. وقيل التي تتجه نحو المشرق فتغيب في الافق. هذه الكواكب سواء كانت هي بعينها فيما عرفه الناس مما فتح الله عليهم من علوم الفلك فسموا ما شاء من الكواكب التي اطلعوا عليها وعرفوها وهي الكواكب المعروفة منذ القدم عطارد والزهرة والارض والمريخ والمشتري وزحل او ما اضاف اليها العلم فيما بعد في الاعصار المتأخرة فاكتشف ما ورائها من كواكب اي هي وغيرها مما ملأ الله به هذا الفضاء. يقول الله فلا اقسم بالخنس. والقسم لانها اية عظيمة فهي وغيرها من الكواكب من اعظم الدلائل على عظيم خلقة الله جل في علاه. الذي يخلق ما يشاء يسير الافلاك ويدبر الكون فيظهر منها ما يظهر ويختفي منها ما يختفي. وبعضها مشرق مضيء والاخر مطمس مظلم كل ذلك بامر الله وقدرة الله. فهذه الكواكب التي تسير وفق قدر معلوم. وهي تتحرك في افلاخها بامر الله جل وعلا ولو كان ولو كان وراء ذلك تدبير غير تدبير الاله ما انتظم الكون. ولا استقام له شأن. قال الله فلا اقسم والناس الجواري الكنس الجواري يعني الجاريات في الفلك. هذه الكواكب تجري ومفردها جارية قمع جواري والكنس هو ايضا وصف لهذه الكواكب كما ذكر الله التي تكون فوق الافق تظهر ليلا ثم تكنس وتستتر عند مغيبها قال الله سبحانه وتعالى والليل اذا عسعس وعسعس في لغة العرب تفيد معنيين متقابلين ضادين بمعنى اقبل وادبر. فلك ان تقول في معنى الاية والليل اذا اقبل. ولك ان تقول والليل اذا البراء وكلا المعنيين قال به المفسرون لان اللفظ محتمل. فاقسم الله بالليل والليل اية في هذا الكون. يأتي بظلامه فيغيب معه كل ظياء فتسكن النفوس وتبحث عن راحتها وتأوي الطيور الى اعشاشها والوحوش الى اوكارها. والانسان وايضا الى بيته قال الله تعالى والليل اذا عسعس والصبح اذا تنفس ومعنى تنفس الصبح هنا اقباله واشراقه على الكون واضافة هذا المعنى من التنفس الى الصباح يشير الى معنى بعث الحياة كل يوم مع اشراقة كل في صباح فكما يتنفس ابن ادم اذا اصبح واستنشق هواء جديدا وافتتح من حياته صفحة جديدة ليوم جديد فان الصبح اذا اشرق على الكون كان مؤذنا بيوم جديد وحياة جديدة فكأنما هذا الكون يتنفس مع الصباح ولا ارعى اروع من تنفس يفتتح به المرء يومه بذكر الله. فيبدأ يومه بذكر الله سبحانه وتعالى اقبال على طاعته واستغفاره وذكره سبحانه وتعالى فهذه اربعة اشياء اقسم الله بها. فلا اقسم بالخنس الجواري الكنس. ان جعلتها وصفا كان قسما واحدا والليل اذا عسعس والصبح اذا تنفس ثم جاء الجواب الذي هو موطن التعظيم في الاية. انه لقول رسول انه الضمير يعود الى هذا الوحي الذي كذبته العرب. وانكرته قريش. وما بلغهم اياه رسولنا صلى الله عليه انه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم امين هذه الاوصاف المذكورة ها هنا لهذا الرسول الكريم. قال المصنف رحمه الله قال علي بن عيسى الرسول الكريم هنا محمد صلى الله عليه وسلم. انه لقول رسول اي رسولنا عليه الصلاة والسلام. فتكون الاوصاف الاتية بعده له صلى الله عليه وسلم كريم ذي قوة عند ذي العرش عند الله يعني مكين يعني صاحب مكانة عظيمة رفيعة مطاع ثم له امر ذو طاعة ثم اي هناك في السماء امين صاحب امانة على الوحي الذي بلغ به. هذا على القول بان المقصود بقوله رسول كريم في الاية هو محمد صلى الله عليه وسلم ونسبه الى علي بن عيسى وهو الامام الرماني النحوي صاحب التواليف العديدة التي تتجاوز مئة مصنف في التفسير والعقيدة والنحو وغيرها وينسب الى مذهب الاعتزال. فقال المقصود هنا رسولنا عليه الصلاة والسلام. وجاء ايضا هذا الوصف رسول كريم في سورة الحاقة. قال الله تعالى فلا اقسم بما تبصرون وما لا تبصرون؟ انه لقول رسول كريم وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليل لما تذكرون لكن اكثر المفسرين على ان الرسول الكريم المقصود ها هنا في سورة التكوير هو جبريل عليه السلام وهذا الذي عليه اكثر بل ما ذكر بعض المفسرين قولا سواه انه لقول رسول كريم اي جبريل عليه السلام وهو ايضا لكنه رسول الملائكة. كما ان محمدا صلى الله عليه وسلم رسول البشر. انه لقول اي لتبليغ رسول كريم الوحي يوحي الله تعالى به الى جبريل عليه السلام. فيرسله الى محمد صلى الله عليه وسلم. فمن هنا كان رسولا ووصفه الله بانه كريم لما له من المكانة فهو الامين وهو روح القدس عليه السلام. ذي قوة وقوة جبريل عليه السلام معلومة بما جاء في بعظ النصوص انه كما امره الله خسف بقرية لوط بوظعها على جناحه فرفع بها الى السماء ثم بها الارض انه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش عند الله مكين وهو ولا شك كما دلت النصوص كثيرة عليه السلام ذو مكانة عظيمة وله ايضا الشأن الكبير ولذلك قال مطاع ثم اي له امر مطاع في فله جند من السماء يأتمرون بامره بما يأمر الله تعالى به. وهو ايضا امين على الوحي ايضا في ابلاغ الرسل وانزال الوحي وتبليغ الرسالة. هذه الاوصاف لجبريل عليه السلام هي الراجحة. ولذلك قال المصنف قال علي ابن ابن عيسى وغيره الرسول الكريم هنا محمد صلى الله عليه وسلم فجميع الاوصاف بعد على هذا له. وقال غيره هو جبريل عليه السلام فترجع اوصاف اليه على ان الرسول الكريم المذكور في سورة الحاقة هو محمد صلى الله عليه وسلم بلا خلاف فيكون قوله رسول كريم جاء في القرآن في موضعين. اريد باحدهما امين الوحي جبريل عليه السلام وهو هنا في سورة التكوير واريد اخر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهو المذكور في سورة الحاقة كما نبه على ذلك شيخ الاسلام وغيره. قال المصنف رحمه الله تعالى لا اقسم اي اقسم انه لقول رسول كريم اي كريم عند مرسله وهو الله سبحانه وتعالى. ذي قوة اي على تبليغ ما حمله من الوحي مكين اي متمكن المنزلة من ربه رفيع المحل عنده مطاع ثم اي في امين اي على الوحي. قال هذا كله لبيان ان المقسم عليه شأن رسولنا صلى الله عليه وسلم. فالسؤال الان اذا كان المرجح ان المقصود بالرسول الكريم هنا هو جبريل عليه السلام. فهل فات من هذا الموضع من القرآن ما اراد المصنف رحمه الله الاشارة اليه من قسم الله على عظيم منزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ الجواب لا امرين الاول ان احد القولين في الاية كما سمعت ان يعود الوصف ها هنا الى رسولنا صلى الله عليه وسلم. فيكون هذا الموضع من الشاهد باقيا على حاله. وان قلت المقصود هو جبريل عليه السلام وهو الراجح والصحيح فيكون ما سيأتي من الايات ولقد رآه الافق المبين وما هو على الغيب بظنين وما هو بقول شيطان رجيم بعد قوله وما صاحبكم بمجنون؟ المقصود به من؟ رسولنا صلى الله عليه وسلم وهو ايضا معطوف على المقسم عليه. قال الله فلا اقسم بالخنس. الجواري الكنس والليل اذا عسعس والصبح اذا تنفس. هذا القسم العظيم لربنا العظيم. فعلا ماذا اقسم ربكم؟ قال انه لقول رسول كريم ثم جاءت الاوصاف الى قوله مطاع ثم امين. هذه قضية وقع ذلك القسم عليها. والقضية الاخرى المعطوفة عليها وما صاحبكم بمجنون هذا معطوف على قوله انه لقول رسول كريم اي وما صاحبكم بمجنون هو ايضا معطوف على جواب القسم فلا يزال في هذا السياق القرآني الاشارة الى عظيم منزلة رسولنا صلى الله عليه وسلم عند الله. انظر كيف يثني الله عليه كيف يدافع ربه عنه؟ كيف يرد عنه افك الافاكين؟ وفرية المفترين. اسمع كيف يدافع عنه ليثبت له عظيم المنزلة وشريف المكانة. يقول انه لقول رسول كريم يعني جبريل عليه السلام. ومع ذلك فقد ابقى لرسولنا صلى الله عليه وسلم الوصف الجميل والثناء الحسن. فقال وما صاحبكم بمجنون؟ ونسبه اليهم ما صاحبكم الذي تعرفون من قومكم من بني جلدتكم من عشيرتكم ما صاحبكم بمجنون؟ وهذا نفي لما اتهمت به قريش لما قالوا عنه عليه الصلاة والسلام وحاشاه قالوا شاعر وقالوا كذاب وقالوا ساحر والله ما قالوها الا مدافعة لشيء تلج في صدورهم والا فهم اوثق ما يكونون في كمال عقله عليه الصلاة والسلام. واوثق ما يكونون في كمال صدقه الصلاة والسلام واوثق ما يكونون في كمال شأنه كله كما قال الله فيما تقدم معكم فيما سبق في مجالس مضت لما قال الله سبحانه وتعالى ولقد نعلم انه ليحزنك الذي يقولون فانهم لا يكذبونك. ولكن الظالمين بايات الله يجحدون. هم لا يكذبون وعليه الصلاة والسلام لكنه الجحود والعناد والاصرار. نعم ولقد رآه يعني محمدا قيل رأى ربه وقيل رأى جبريل في صورته. وما هو على الغيب بظنين اي متهم ومن قرأ بالضاد فمعناه ما هو ببخيل بالدعاء به والتذكير بحكمه وبعلمه وهذه لمحمد عليه السلام باتفاق. قال الله سبحانه وما صاحبكم بمجنون. فهذا نفي للتهمة كما قلت. قال الله سبحانه ثباتا لهذه البراءة التي مدح بها نبيه عليه الصلاة والسلام ما صاحبكم بمجنون؟ ما الذي حمل قريشا على تهمة صلى الله عليه وسلم بالجنون انه وصف لهم وذكر لهم ما لا تحتمله العقول في غير ايمان. لكن المؤمن للغيب ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما ما امن مؤمن بمثل ايمان بالغيب ولما اثنى الله على اهل الايمان في كتابه اول ما امتدحهم به الايمان بالغيب قال ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما ارزقناهم ينفقون وايماننا بالغيب واحدة من اسس الايمان واركانه العظيمة كما نتعلمها ونحن صغار. والمقصود ان مؤمن بلا ايمان بغيب والبشر بلا ايمان بغيب سيبقى مصطدما بما لا تحتمله العقول. يخبر عليه الصلاة والسلام بوحي ينزل ومن السماء يخبر برؤية خلق ما تعهده البشر. جبريل عليه السلام وامثاله يخبر باسراء الى بيت المقدس في يوم وليلة والعودة منه يخبر بمعراج الى السماء السابعة. فلا تحتمل العقول امثال هذا. ولهذا يتهمونه بالجنون. واذا حكى لهم او وصف صلى الله عليه وسلم. ما يشهده من ايات ربه الكبرى. وما يلحظ من المعجزات وما يبلغ من ايات الله ان اول ما يدفع به المكذب رسالة نبينا عليه الصلاة والسلام الاتهام بالجنون. قال الله وما صاحبكم بمجنون ولا رآه بالافق المبين. ان كان الحامل على تهمة الجنون ان يصف ما لا يعقلون فقد اثبت الله ذلك قد رآه بالافق المبين. من رأى من ولقد رآه ها هنا فاعل ومفعول فمن رأى من باتفاق ان الرائي هنا هو رسولنا صلى الله عليه وسلم. ولقد رآه رأى النبي صلى الله عليه وسلم من رأى جبريل عليه السلام قال المصنف رحمه الله ولقد رآه يعني محمدا صلى الله عليه وسلم. قيل رأى ربه وقيل رأى جبريل في صورته والصحيح هو الثاني. ولقد رآه بالافق المبين. الصحيح والثاني وعليه المفسرون لان قوله ولقد رآه في الظمير يعود الى ما رؤى الى ما رآه نبينا عليه الصلاة والسلام بهذا القيد في الافق المبين وحتى على القول باثبات رؤية نبينا صلى الله عليه وسلم لربه ليلة الاسراء والمعراج فانها لا توصف بانها في الافق المبين فالمقصود ها هونا جبريل عليه السلام اي رأى محمد صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام في الافق المبين. افق مكة وسماؤها فانه قد ابصره كما قال الله سبحانه وتعالى في سورة النجم فيما مر معكم في الليلة الماضية. لما قال وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى علمه شديد القوى ذو مرة فاستوى وهو بالافق الاعلى. قال هناك الافق قل اعلى وقال هنا الافق المبين وهذا من عجيب بيان القرآن وروعة اسلوبه. هذا الافق المبين افق مكة وسماؤها قيل في شرق مكة وقيل في غربها ايا كان الموضع فقد ابصر عليه الصلاة والسلام جبريل عليه السلام في وصفه التي خلق الله تعالى عليها في خلقة عظيمة لا تسعها انظار البشر لكنها كانت في غاية العظمة وقد فرج جناحيه عليه السلام وله ست مئة جناح يسد الافق ويملأ السماء فاصابته هيبة لمنظره صلى الله عليه وسلم. قال الله ولقد رآه بالافق المبين. هذا الثناء الان في مقام الدفاع عن رسول الله عليه الصلاة والسلام. كما ترى ان الله ينفي عنه تهمة الجنون لكنها في الوقت ذاته مدحة وثناء ورفعة الشأن. هذا النبي صلى الله عليه وسلم بلغت به كرامة الله ان يرسل اليه امين الملائكة وسيد الملائكة وامامهم ومقدمهم فينزل الى رسولنا صلى الله عليه وسلم فيا ويبصره على هيئته التي خلقه الله تعالى عليها. قال وما صاحبكم بمجنون؟ ولقد رآه بالافق المبين كان افقا مبينا يعني ما كان افقا وراءه الجبال والاكام فتختفي معي الرؤيا. لكنها كانت رؤية يقينية واضحة فيها رآه بالافق المبين الواضح المنكشف. فما كان ثمة شيء يعزل الرؤيا او يغبشها او يشوشها حتى تقول ربما رأى ما لم يرى وربما وصف ما لم تقع عينه عليه حقيقة او لا تقول هو خيال خيل اليه جاءت الاية في تمام الايضاح ولقد رآه بالافق المبين. ثم يستمر السياق القرآني في اتمام المدح والثناء قال وما على الغيب بضنين ما هو اي محمد صلى الله عليه وسلم؟ على الغيب اي على الوحي الذي اؤتمن عليه والرسالة التي كلف بابلاغها ما هو عليها ظنين ما ظنين؟ قرأت بقراءتين صحيحتين احداهما بالظاء وما هو على الغيب بظنين ومعناها كما قال اي متهم فالظنة التهمة اي ما هو بمتهم على الغيب على الوحي بل هو امين فما يوحى اليه يبلغه وما يصل اليه ايضا يكلم به الاصحاب. ما هو على الغيب بظنين فليس تهمة ابدا تثبت في حقه صلى الله عليه وسلم بالقراءة الاخرى بالضاد وهي قراءة الجمهور وما هو على الغيب بضنين اي ببخيل فلم يكن يبخل فيما جاءه من الوحي بل كان يبثه عليه الصلاة والسلام وكان ينشره وكان يعلمه ولهذا قال ما هو ببخيل بالدعاء به والتذكير بحكم وبعلمه وهذه لمحمد عليه الصلاة والسلام باتفاق. تم هذا الموضع الثالث من الفصل في مواضع القرآن التي جاءت في كتاب الله ولطالما قلنا يا كرام هذه مواضع من القرآن في الضحى في النجم في التكوير والاتية في القلم مواضع لطالما قرأناها وسمعناها بل وحفظناها صغارنا واطفالنا فبالله عليكم كم مرة يقع في وجداني احدنا وهو يقرأ الايات ويسمعها ويترنم بها ويحفظها ويكررها ويتدبرها كم مرة وقع في الوجدان ان هذا تعظيم من ربنا العظيم لنبينا الكريم عليه الصلاة والسلام ما الرسالة التي بلغتك عبد الله من كلام الله في مثل هذه المواضع؟ اما شعرت ان الله يخاطب الامة الى يوم القيامة ليقول لهم هذا النبي عظيم المكانة عندي. هذا النبي رفيع القدر عند ربه. هذا النبي عظيم الشأن عند ربه. يدافع عنه ربه ويتولاه ويعصمه من الناس ليرفع شأنه ويحقق مكانه. كل ذلك رسالة لي ولك عبد الله ان هنا في قلب احدنا من التعظيم اللائق برسول الله صلى الله عليه وسلم ما هو مراد الله؟ وان يكون له في صدورنا جميعا معشر الامة من الحب والتعظيم من الاجلال والتوقير من الوفاء والشوق ما يحملنا اتم ما يكون على صدق الايمان به عليه الصلاة والسلام على عظيم الحب له عليه الصلاة والسلام على شدة الاستنان بسنته والتمسك بهديه وشريعته عليه الصلاة والسلام هذا طريق يا احبة. يحمل احدنا عن الاقتراب من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس من من باب الاجر والثواب فقط. لا بحثا عن السنة لنيل اجرها فحسب. بل بحثا عن حب يعمر القلب ويروي الفؤاد بحثا عن تعظيم كما جاء في كتاب الله نريد ان نملأ به الصدور. هذه قضايا عظيمة عند ربنا. ومن تمام تعظيمنا لله ان نعظم ما عظم الله شعائر الله حقها التعظيم. وحرمات الله حقها التعظيم فما عظم الله حقه ان يعظم في القلوب عباد الله. ونبينا صلى الله عليه وسلم احد المعظمات في كتاب الله التي يجب ان نملأ الصدور بها تعظيما. تعظيما ليس معناه التقديس وليس معناه الرفعة فوق درجة الالوهية فقد كان القرآن في هذا الباب في غاية الوضوح واتم البيان انه عليه الصلاة والسلام بشر لا كالبشر وانه امام الانبياء وخاتم المرسلين وقد حظي بالمكانة العظيمة عند ربه بما سمعت وقرأت وما سيمر بك ايضا من اياته في كتاب الله الكريم. اذا هذا هو الموضع الثالث في سورة التكوير. ويبقى الموضع الرابع الذي ختم به المصنف هذا الفصل من نعم وقال تعالى نون والقلم وما يسطرون. ما انت بنعمة ربك بمجنون. وان لك غير ممنون وانك لعلى خلق عظيم. فستبصر ويبصرون بايكم المفتون. ان ربك هو بمن ضل عن سبيله وهو اعلم بالمهتدين. فلا تطع المكذبين. ودوا لو تدهنوا فيدهنون. ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم. مناع للخير معتد اثيم عتل بعد ذلك زنين. ان كان ذا مال وبنين. اذا تتلى عليه اياتنا قال اساطير الاولين سنسمه على الخرطوم. نعم هذا هو الموضع الرابع وقد اقسم الله سبحانه وتعالى فيه بشيئين اثنين بالقلم وبما يستر الناس به بالقلم والقلم وما يسقرون. ثم جاء المقسم عليه في جملتين وثلاث واربع فيها من غاية التعظيم لرسولنا عليه الصلاة والسلام ما حقه ان نفهمه في مجلسنا الليلة يا كرام؟ يقول الله له ما انت بنعمة ربك بمجنون قولوا له وان لك لاجرا غير ممنون وقال له وانك لعلى خلق عظيم. هذه ايات ثلاث متتابعات الخطاب فيها لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما انت وان لك وانك فاذا كان الخطاب له فاياك ان تظن انها انتهت عند بلوغها اياه عليه الصلاة والسلام. والا ما كانت وحيا يتلى. ولا كانت قرآنا نتعبد بتلاوته الى يوم الخطاب له نعم. لكن الرسالة لي ولك عبدالله ولكل مسلم في الامة. يقول الله لنبيه عليه الصلاة والسلام ما انت يا محمد بنعمة ربك بمجنون. ويقول له وان لك لاجرا غير ممنون ويقول له وانك لعلى خلق عظيم. هل كان هذا مجرد تسلية لفؤاد رسول الله عليه الصلاة والسلام؟ ايام مكة والدعوة صعبة والمحنة مشتدة والاذى متتابع وصدر عليه الصلاة والسلام ربما اصابه من الضيق والضجر والهم حتى تأتي لالات تسلية وتخفيفا عن فؤاده عليه الصلاة والسلام؟ الجواب نعم هو كذلك لكنه ليس كل شيء لو كان تسلية لفؤاده لانتهى المقام وكففنا عن الكلام لكن الاية تقرأ الى يوم القيامة هذا نبيك عليه الصلاة والسلام يقول الله له ما انت بمجنون. يقول ان لك لاجرا. يقول انك لعلى خلق عظيم. وصلت الرسالة اذا ان او سبحانه وتعالى يقسم له في القرآن العظيم بهذه القضايا اشارة الى الاشادة به والاحتفاء بمكانته ورفعة ذكره ومنزلته عليه الصلاة والسلام. فيكون ما يأتي بناء على ذلك هو ان يفهم المؤمن ويعقل ويستوعب ويدرك تماما ما لهذا النبي الكريم عند ربه العظيم صلى الله عليه وسلم. فاقسم الله سبحانه ها هنا على هذه الجمل الثلاث سيأتي في شرحها كلام المصنف رحمه الله ثم يستمر السياق في دفع ما يتهم به المتهمون ويأتي الانتقاص بل وعيد عظيم وتهديد شديد الى كل من تعدى على مقام النبوة فستبصر يا محمد ويبصرونهم ايضا هذا الوعد الالهي بايكم مفتون؟ من منكم اصابته الفتنة؟ فكان هو المنصرف عن الهداية الى الغواية عن الرسل الى الضلال قال الله ان ربك هو اعلم بمن ضل عن سبيله وهو اعلم بالمهتدين ثم جاء التوجيه الالهي بالانصراف في عن امثال هؤلاء والاكتفاء بما من الله تعالى به عليه. نعم. اقسم اقسم الله تعالى بما اقسم به من عظيم قسمه على تنسيه المصطفى مما مما غمصته الكفرة به وتكذيبهم له وانسه وبسط امله بقوله محسنا خطابه ما انت بنعمة ربك بمجنون. نعم. ينزهه عليه الصلاة والسلام. ينزهه ربه عما غمصته فرطوا به اي ما عابته به واحتقرته لما وصفته بالكذاب والساحر والمجنون والشاعر فقال الله هذا دفاع عن عنه ومدحا له ودفعا عما اتهمته به الكفرة وكذبوه بل يؤنسه ربه ويبسط له الامل قال محسنا خطابه ما انت بنعمة ربك بمجنون هذه سعادة الدنيا تمام العقل وجزالة الرأي عظمة العقل عرفها البشر في عقل محمد عليه الصلاة والسلام. عظمة رأي وتدبير. عظمة عقل وتفكير. عظمة قرار واتخاذها في المواقف التي قاد فيها النبوة والرسالة على مدى ثلاث وعشرين سنة. عظمة تجلت في وجوه متعددة ليس هذا مقام بسطها. لكنها حسبك كأن تسمع فيها كلام الله ما انت يعني يا محمد بنعمة ربك بمجنون. فانظر لم يكن فقط دفاعا عن تهمة لكنها احتوت فوق ذلك مزيدا من الانس مزيدا من الرفعة لشأنه والتعظيم لحاله عليه الصلاة والسلام والله عز وجل يقول له ما انت بنعمة ربك بمجنون. هذه اذا سعادة الدنيا. الاستمتاع بوفور العقل وجزالة الرأي. ثم ثنى عليه بسعادة الاخرة نعم وهذه نهاية المبرة في المخاطبة واعلى درجات الاداب في المحاورة. ثم اعلمه بما له عنده من نعيم دائم وثواب غير منقطع لا يأخذه عد ولا يمتن به عليه. فقال تعالى وان لك لاجرا غير ممنون نعم هذه سعادة الاخرة وقد وصف الله نعيم اهل الجنة في الجنة بان لهم اجرا غير ممنون في اكثر من اية من كتاب الله. والله خص نبيه عليه الصلاة والسلام قيل للامة كلها ان الذين امنوا وعملوا الصالحات لهم اجر غير ممنون. وقيل صلى الله عليه وسلم خاصة له وحده وان لك لاجرا غير ممنون. والله لكأنه في كفة والبشرية كلها في كفة ان يخصه ربه بذكر نعيم الجنة له على حدى. بما خوطبت به البشرية جمعاء. هذه سعادة الاخرة. ان لك لاجرا غير ممنون ممنون اي غير منقطع. اي مستمر دائم. وقيل غير ممنون اي غير معدود ولا محصي في حساب. وقيل غير ممنون اي لا تحصر به المنة عليك. لا يحصل به الامتنان والثالث اضعف الاقوال. وقد جمع المصنف بين المعاني الثلاث في هذه الجمل لما قال وثواب غير منقطع هذا المعنى الاول لا يأخذه عد وهو القول الثاني عند اهل التفسير ولا يمتن به عليه وهو ثالث المعاني فجمع رحمه الله بين اقوال المفسرين في معنى غير ممنون. نعم. ثم اثنى عليه بما منحه من هباته. وهداه اليه اكد ذلك تتميما للتمجيد بحرفي التأكيد. فقال تعالى وانك لعلى خلق عظيم. هذه تمام التزكية والمدح والثناء لرسولنا صلى الله عليه وسلم. والله ما استطاع احد ان يمدح نبينا في خلقه. عليه الصلاة والسلام الا وقد في العبارات واتى بالاوصاف وحبك الجمل وحبر العبارات من اجل ان يظهر الوصف في مقام يليق بامام الهدى ونبي الرحمة عليه الصلاة والسلام في عظمة الاخلاق التي خلقه الله تعالى عليها. ان جئنا نتحدث عن الكرم عن الحلم التواضع عن الصدق عن الامانة عن الوفاء ان تحدثنا ايضا عن الرأفة والرحمة عن الاحسان عن الجود والكرم والعطاء كن وذلك تفرض له الصفحات تلو الصفحات والله ليس الا اقتباسا يسيرا ونبذة وغرفة من بحر هذه الجملة وانك لعلى خلق عظيم الخلق العظيم يتركك فيه هذا التعبير القرآني ان تحلق بلا انتهاء عظيم وحدث ما شئت في وصف العظمة حسبك ان الله العظيم يصف هذا الخلق بانه عظيم. فاي عظمة هي في خلق المصطفى عليه الصلاة السلام بل الاروع في هذا التعبير في الاية يقول له وانك لعلى العلوية فقد تربع على عرش الخلق العظيم صلى الله عليه وسلم. وانك لعلى خلق عظيم. بل قال المصنف اكدها حرفي التوكيد انك لعلى. ان حرف التوكيد واللام الملتحقة بحرف الجر للتوكيد ودلالتها على القسم. اي انك والله لعلى خلق عظيم اي شأن هذا في وصف عظمة الخلق المحمدي؟ يا امة محمد صلى الله عليه وسلم. السؤال الان اي موضع لنا من هذا الحظ الكبير في هذا الخلق العظيم. والحظ ها هنا ليس باستمتاع الاسماع والابصار والارواح بهذا الوصف في الالهي للخلق النبوي لكنه والله لا يحصل تمام الاستمتاع بالخلق المحمدي بعد ان تشنف الاذان وتكحل العين وتبهج الفؤاد بما تقف وتسمع وتقرأ من هدي وخلق رسول الله عليه الصلاة والسلام اقول لا يتم لك الاستمتاع بالخلق المحمدي الا اذا ارتشدت منه رشفة. وتخلقت به ولبسته خلقا خلقا. وبدأت الا به في صنائعك في اقوالك في افعالك في حركاتك وسكناتك لتقتبس قبسا من عظمة الاخلاق من خلق رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال وانك لعلى خلق عظيم. فانظر كيف احتوت العبارة على وجازتها. وقلة الفاظها معنى عظيم ما زال اهل الاسلام سلفا وخلفا. ممن يفرض الصفحات بل والمجلدات والله ما هو الا توسيع لهذه العبارة التي ما زالت البشرية منذ اكثر من اربعة عشر قرنا تحاول ان تستخرج من هذه الكلمتين وانك خلق عظيم ما تحاول ان تفهم وتفهم به البشرية اي عظمة هي في خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم. لن اقول اقيمت الدراسات وانشأت الابحاث وكتبت الكتب ودونت المجلدات وانشأت الموسوعات في وصف هذا الخلق العظيم. فانظر كيف جاء هذا التعبير في كلام الله؟ كيف هذا الوصف الجليل في القرآن في كلمتين؟ وانك لعلى خلق عظيم. كل كلما ضاقت بك الدنيا كلما ضاقت بك الاخلاق كلما افقرت بالمشاعر كلما جذب عندك الخلق فتذكر وانك لعلى خلق عظيم. هي والله جرعة ننبعث بها من جديد. فاذا ما احاط بنا شعور حملنا على التجافي في عن الكرم او الحلم او التواضع او الصدق او الامانة وشعرنا اننا اضعف ما نكون في تلك اللحظات فلنتذكر ان لنا قال عنه ربه من فوق سبع سماوات وانك لعلى خلق عظيم. والله سيقودك هذا الى ان تقترب من نبيك عليه الصلاة والسلام فتختلف جرعة من هذا الخلق العظيم فتقوم السلوك وتهذب الخلق وتصحح المسار وتعود الى كمالاتك البشرية نحن بشر نخطئ ونصيب. نذل ونخطئ ونحاول مرة بعد مرة. لكنه لا تقويم لنا. ولا مرآة لنا نصحح في هذا ذواتنا ونهذب فيها اخلاقنا الا كمثل ما خلق الله تعالى به نبيه عليه الصلاة والسلام ومدحه واثنى به عليه قال وانك لعلى خلق عظيم. هذا الخلق تجده في كل سطر من اسطر السيرة النبوية المشرقة. تجده في كل موقف من في حياته عليه الصلاة والسلام قرأها الناس في كل اقواله وافعاله. وتمثلت الاخلاق في كل شأنه عليه الصلاة والسلام. بل حتى اذا غضب واشتد به الغضب عليه الصلاة والسلام ما زال الخلق العظيم يتحلى به بابي وامي هو عليه الصلاة والسلام بل لطالما قلنا والله مهما تحلى احدنا بالخلق وتمثل به ومهما تجملت البشرية بالاخلاق فان الاخلاق انما تجملت بتخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم بها. فاصبح يمدح الوفاء لما عرفناه من معناه في خلق صلى الله عليه وسلم اصبحنا نحب التواضع والصدق والامانة لما تعلمنا معانيها فيما قرأناه من سيرة رسولنا صلى الله عليه وسلم احببنا الاخلاق وامتدحناها واثنينا بها على اصحابها ليس لذاتها بل لانها كانت اعظم ما تكون لما رأيناها مشرقة في حياة رسولنا صلى الله عليه واله وسلم. نعم قيل القرآن وقيل الاسلام وقيل الطبع الكريم وقيل ليس لك همة الا الله. الخلق العظيم الذي اثنى الله تعالى به عليه فسر بانه القرآن. قيل القرآن كما في حديث عائشة ام المؤمنين رضي الله عنها. لما سئلت عن خلقه عليه الصلاة والسلام قالت للسائلة اولست تقرأ القرآن؟ قال بلى. قال كان خلقه القرآن فهذا اختصار وايجاز فكل ما في كتاب الله من جوامع الخلق او تفصيله فقد كان متمثلا في حياته عليه الصلاة اقصد بالجوامع في مثل قوله خذ العفو وامر بالعرف واعرض عن الجاهلين وامثال هذه من الجوامع واما نزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله. هذه الجوامع في الاخلاق تمثلت مفصلة في حياة عليه الصلاة والسلام. وقيل الخلق عظيم الاسلام وهذا ليس من تنافي الاقوال بل هو من المترادفات وهو ايضا من الاختلاف الذي يحمل على التنوع فما اخلاق الاسلام هي كما جاء في القرآن لكن خلق الاسلام ما يكون فيه الاسلام عماده وما يكون فيه الشأن ما جاء في القرآن والسنة متمثلة الى ليس لك همة الا الله وقد كان كذلك والله. ما كان له هم ينام عليه ويصحو يصبح عليه ويمسي الا هذا الدين العظيم وما كلفه به رب العالمين. كانت همته مرضاة ربه. كانت همته فيما يسعى اليه في تحقيق مراد الله وقد قال موسى عليه السلام من قبل وعجلت اليك ربي لترضى. وقد كان هديه عليه الصلاة والسلام كذلك واتم. بل كان يرضيه ربه. فيقول فلن اولينك قبلة ترضاها. ويقول ومن اناء الليل فسبحوا اطراف النهار لعلك ترضى. هذا الرضا في مقام البحث عما يريد به عليه الصلاة والسلام ارضاء ربه الكريم هو المتمثل في جماعة ذلك الخلق. ومتى كانت همة المسلم؟ ارضاء ربه زانت اخلاقه واستقامت حياته لانه يعلم تماما ان الله لا يرضى له سفاسف الاخلاق. ولا دنيئها ولا يحب له ربه سبحانه تعالى ما ينحط في اعين الناس من الاقوال والافعال. فكل ذلك كما ترى من جمع الاقوال وحملها على اختلاف التنوع وليس نعم قال الواسطي اثنى عليه بحسن قبوله لما اسداه اليه من نعمه وفضله بذلك على غيره. لانه على ذلك الخلق فسبحان اللطيف الكريم. يقصد رحمه الله هذا الخلق من واهبه هو الله هذا الخلق الذي زان نبينا عليه الصلاة والسلام. انما كان من الله سبحانه وتعالى فهو الواهب له وهو المعطي فمع انه سبحانه جل في علاه قد جمل نبيه عليه الصلاة والسلام بمثل هذه الاخلاق الا انه امتدحه بها فقال وانك لعلى خلق عظيم. فسبحانه من اله كريم يعطي العطية ويثيب عليها وييسر الخير ويشكر عليه صاحبه. ولهذا قال اثنى عليه بحسن قبوله لما اسداه اليه من نعمه. وفظله بذلك على لانه جبله على ذلك الخلق. نعم. فسبحان اللطيف الكريم المحسن الجواد الحميد الذي يسر للخير وهدى اليه ثم اثنى على فاعله وجازاه عليه سبحانه ما اغمر نواله واوسع افضاله ثم سلاه عن قولهم بعد هذا بما وعده به من عقابهم وتوعدهم بقوله فستبصر ويبصرون. بايكم المفتون؟ ان ربك هو اعلم بمن ضل سبيله وهو اعلم بالمهتدين. اليست هذه الايات وعيدا على اولئك المنتقصين لرسولنا صلى الله عليه وسلم بلى فستبصر ويبصرون بايكم المفتون. ان ربك هو اعلم بمن ظل عن سبيله وهو اعلم بالمهتدين. مع ان سياق كما ترى هو بالدرجة الاولى موجه الى توعد اولئك المتعدين على مقام النبوة المنتقصين لرسول الله عليه الصلاة والسلام المسيئين اليه الا ان الايات حملت في جانبها الاخر مزيدا من التعظيم والمدح والثناء. لان ربه من فوق سبع سماوات يدافع عنه ويتوعد بعقاب من يمكن ان يعتدي او يسيء او يؤذي الى مقامه عليه الصلاة والسلام فكان هذا ايضا مع ان الايات في سياق الوعيد الا انها تحمل في معناها الاخر استمرارا وتتابعا في مزيد من المدح والثناء رفعة الشأن لنبينا عليه الصلاة والسلام. كانت تسلية سلاه عن قولهم ذلك. ووعده بعقابهم. وتوعدهم بهذه الايات وما كان ذاك الا لاجل عظيم مكانته عند ربه سبحانه وتعالى. فستبصر يا محمد ويبصرونهم اما عاجلا في الدنيا واما مؤخرا في الاخرة فيما يكون في دخول الجنة او النار بما يبصر معه كل امرئ ما هو الوعد الحق الذي اخبر الله تعالى به ان ربك هو اعلم بمن ضل عن سبيله وهو اعلم بالمهتدين. نعم. ثم عطف بعد مدحه على ذم عدو وذكر سوء خلقه وعدي معايبه. متوليا ذلك بفضله. ومنتصرا لنبيه. فذكر بضع عشرة خصلة من خصال الذم فيه بقوله فلا تطع المكذبين. ودوا لو تدهنوا فيدهنون. ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم مناع للخير معتد اثيم. عتل بعد ذلك زنيم. ان كان امال وبنين اذا تتلى عليه اياتنا قال اساطير الاولين. نعم. يقول ثم عطف بعد مدحه على ذم عدو وذكر سوء خلقه وعد معايبه متوليا ذلك بفضله ومنتصرا لنبيه. صلى الله عليه وسلم اذا لا تزال الايات هنا في سورة القلم عقب ذلك القسم والقلم وما يسطرون. ما زالت الايات في مزيد من التتابع لاثبات عظيم مكانته عليه الصلاة والسلام. ما شأن عظيم المكانة النبوية في سياق الايات التي تتجه الى المكذبين بالوعي وهذا العقاب الشديد؟ الجواب ان هذا الوعيد والعقاب على اي شيء كان على اي شيء كان هذا الوعيد والوعيد الذي جاء في الايات لاولئك القوم على اي امر كان على اعتدائهم وتنقصهم لرسول الله عليه الصلاة والسلام. فانظر كيف صار الاعتداء على مقام النبوة. كيف صار التنقص لرسول الله عليه الصلاة والسلام شأنا عظيما وحدثا جليلا. ينزل فيه وحي من فوق سبع سماوات يزلزل الكون ليقول اياكم والمساس بمقام هذا النبي لانه مقام عظيم اياكم والمساس والاقتراب بلفظة نابية او سخرية او استهزاء تجعل العبد الحقير الذليل فقير الضعيف على حافة الهاوية. متعرضا لعقاب الله وسخط الله ونقمة الله. في ايات تتلى الى يوم القيامة ما كانوا بمؤمنين ليسمعوا هذا الكلام ليكف احدهم ويرتدع ويقول امنت بالله فيقف كلا لكنها خطاب لاهل الايمان ان اعلموا ان لنبيكم صلى الله عليه وسلم من المنزلة عند ربه والمكانة عند خالقه والحفاوة عند ربه به فوق سبع سماوات ما يجعل هذا المقام العظيم جليلا في غاية العظمة والجلال. ومن تعداه انتقصه او اذاه او تعدى عليه او احتقره فقد تعرض لوعيد وعقاب الجبار ذي الجلال والملكوت سبحانه وتعالى. يقول الله تعالى له فلا تطع المكذبين لا تطع اولئك الذين يكذبون في قولهم ولا تشغل بالك بما يقولون والله رغم انها شيء من الوعيد لهم لكن كم فيها من التسلية لفؤادي والتطييب لخاطره عليه الصلاة والسلام. لا تطع هؤلاء يا محمد. ودوا لو تدهنوا فيدهنون. كم كان احدهم يود ويتمنى ان فيدهنونهم ايضا. وذلك كما قيل في بعض اسباب نزول الاية انهم قالوا يا محمد امدح الهتنا واثني عليها فنفعل ذلك مثلك نحن ايضا فنمدح الهك ولا نذمه ولا نعيبه. قال الله ودوا لو تدهنوا دينون لكنه عليه الصلاة والسلام كان منهيا عن ذلك فلا تطع المكذبين. والحق حق وفي مقام العقائد لا التقاء في منتصف الطرق بل القاعدة لا اعبد ما تعبدون. لكم دينكم ولي دين في كل سياسات الحياة ثمة تفاوض واتفاق على انصاف الحلول وامساك العصا من الوسط كما يقولون. الا في العقيدة واثبات حق العبودية لله فهذا لا يقبل التفاوض ولا المساومة ولا الانتصاف في الطرق ولا مسك العصا من الوسط لكم دينكم ولي دين ودوا لو تدهنوا فيدهنون. هذا التوجيه الالهي كما فيه دفاع عن رسولنا صلى الله عليه وسلم. وفيه ذود عن فيه تشريف لمقامه ورفعة لمكانته واثبات لهذا المعنى من حماية الله ورعاية الله وتولي الله نبيه عليه الصلاة والسلام قال ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم منان للخير معتد اثيم عتل بعد ذلك زني ان كان ذا مال وبنين. اذا تتلى عليه اياتنا الاساطير الاولين هل المقصود به شخص بعينه في السياق؟ لانه جاء بالافراد عقب الجمع قال الله اولا فستبصر ويبصرون. قال فلا تطع قال ولا تدهنوا ودوا لو تدهنوا فيدهنون. ثم قال ولا تطع كل حلاف مهين. السياق يدل على الجمع بصيغته لا تطع يا محمد كل من كان هذا شأنه. وعلى هذا عامة المفسرين انه عليه الصلاة والسلام نهاه ربه عن التأثر والاستجابة والطاعة لكل من كان هذا وصفه. والامر له امر لامته من بعده عليه الصلاة والسلام فيا امة محمد اياكم والطاعة والاستجابة والانقياد الى كل من كان هذا وصفه في البشرية. الحلاف المهين الهماز المشاء بالنميمة المناع للخير المعتدي الاثيم. كل اولئك ينبغي ان يكونوا فئة منبوذة في المجتمعات. من صلة عن التأثر او التأثير. لا ينبغي ان يكون العبد مساقا لمن كانت هذه اوصافه. ينبغي ان يبصر العبد في حياته بنور الله ويهتدي في الحياة بامر الله. قال رحمه الله ثم عطف بعد مدحه على ذم عدوه وذكر سوء خلقه وعد معايبه ذلك بفضله ومنتصرا لنبيه صلى الله عليه وسلم فذكر بضع عشرة خصلة من خصال الذم فيه هذا المذكور هو المطلق ها هنا كل حلاف مهين والمقصود به عامة من يتصف بهذه الاوصاف. وبعض المفسرين حمله على بعض المشركين باعيانهم قيل هو الوليد ابن المغيرة. وقيل هو الاخنس ابن شريق. وقيل ابو جهل وقيل عتبة بن ربيعة وغيرهم من الموصوفين وغالب من سمى احدا من هؤلاء قالوا هو الوليد بن المغيرة لانه المذكور في قوله ان كان ذا مال وبنين فقد كان كثير المال كثير الولد. قال الله تعالى ولا تطع كل حلاف مهين. حلاف اي كثير الحلف مهين اي حقير ذليل كثير الهمز والغمز والانتقاص للاخرين مشاء بنميم يمشي بالنميمة على وجه الافساد. مناع للخير فهو ليس بداعية للخير ولا بطريق للخير يعبر من خلاله. قال معتد اي كثير الاعتداء اثيم غارق في الاثم عتل معناه غليظ شرس الخلق قاس زنيم معناه دعي لا اصل له ولا نسب صحيح ينتسب اليه قال الله سبحانه وتعالى ان كان ذا مال وبنين والمقصود الاستفهام. وفي قراءة صحيحة اان كان ذا مال وبنين يعني هل الذي حمله على هذا التكبر والتجبر والتعدي على حدود الله ان مد الله له مالا وبنينا؟ وهو المذكور وايضا في مثله في سورة المدثر. لما قال الله سبحانه وتعالى واصفا اولئك الذين تمادوا وتكبروا وتجبروا. قال الله سبحانه وتعالى ذرني ومن خلقت وحيدا. وجعلت له مالا ممدودا وبنين شهودا. ومهدت له تمهيدا. ثم يطمع ان ازيد وقيل هناك ايضا هو المقصود الوليد ابن المغيرة. قال الله سبحانه وتعالى اذا تتلى عليه اياتنا قال اساطير الاولين نسبها الى الخرافات والدجل والى القصص التي تؤثر عن الاقوام السابقين خرافة تروى واسطورة تحكى. هذا من تمام التمادي والهزء والاستهزاء والسخرية بهذا الوحي وبهذا الدين العظيم. قال المصنف ذكر بضع عشرة خصلة. والمذكور في سياق الايات احدى عشر خصلة ولعله رحمه الله لان العرب تقول بضع عشرة البضع بين الثلاث الى التسع وهو على مذهب عند بعضهم ما فوق العشرة يدخل في البضع فلعله كان يرى هذا المذهب نعم ثم ختم ذلك ثم ختم ثم ختم ذلك بالوعيد الصادق لتمام شقائه وخاتمة بواره بقوله سنسمه على الخرطوم. فكانت نصرة الله له اتم من نصرته لنفسه ورده تعالى على عدوه ابلغ من رده. واثبت في ديوان مجده. ختمت الايات بقوله سنسمه على الخرطوم اي سنجعل له علامة على وجهه وانفه بشؤم او عقاب او وعيد لان اشرف ما في المرء رأسه واشرف ما في الرأس الوجه فاذا كانت علامة العقاب والشؤم بادية على الوجه والانف ارفع ما في الوجه واعلاه. فاذا الانف الذي هو غاية رفعة الانسان وشرفه سيكون محلا للشؤم والعقاب والسخط. ففي هذا كما ترى ليس من الوعيد فقط بل ومن التحقير والتهوين والسبب انه اعتداء على مقام الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الا فشؤما وسحقا والله وسوءة وعارا وخزيا في الدنيا والاخرة. لكل معتد على مقام النبوة. لكل متطاول ساخر من اي كان من البشر هذا الوعيد نزل قبل ان تعرف البشرية المعاصرة شيئا من التطاول المشؤوم لكن الوعيد الالهي ينتصب لكل هؤلاء دفاعا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورفعة لشأنه وتعظيما لمكانته. ولهذا قال المصنف رحمه الله فكانت نصرة الله له اتم من نصرته لنفسه اي والله وقال ايضا ورده تعالى على عدوه ابلغ من رده اي والله فلا يزال قرآنا يتلى وتسمع في المنابر وفي المآذن والمحاريب ويقرأها الصغار والكبار. هذا الوعيد للاعتداء على مقام النبوة. قال ابلغ من رده اثبت في ديوان مجده فصلوا وسلموا على من عظم الله شأنه وعلى من اثنى عليه في كتابه وعلى من رفع مكانته هذه ليلة مباركة اغتنموها بشرف الصلاة والسلام على الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وملء صدوركم تعظيم هذا النبي الذي عظم الله ملء صدوركم الحب الكبير لهذا النبي الذي عظم الله نبيه صلى الله عليه وسلم به في كتابه ولسان احدكم وفيك تسيل المحابر روشوقا وتهفو النفوس حنينا اليك تطيب الحياة بذكرك دوما. ويشرح قلب يصلي عليك. فصلى الله عليه واله وسلم وسلاما دائما وابدا