بسم الله الرحمن الرحيم. ايها الاحبة الكرام يطيب لاسرة تسجيلات الامام البخاري الاسلامية مكة المكرمة ان تقدم لكم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله على احسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له تعظيما واشهد ان سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله الداعي الى رضوانه. اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان واقتفى اثرهم الى يوم الدين. لما اطل محمد زكت الربا واخضر في البستان كل هشيم. صلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبيا محمد واله وصحبه. السلام عليك ايها النبي ورحمة الله وبركاته. سلام نشرف برفعه في كل لصلاة نصليها كل يوم مرات ومرات. فكيف بهذا السلام في ليلة مباركة شريفة كليلة الجمعة عباد الله حيث ندبنا الى الاكثار من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم في هذه الليلة وهذا اليوم المبارك يوم الجمعة سيد الايام. ونبينا صلى الله عليه وسلم سيد الانام. فلصلاة عليه في هذا اليوم وهذه ليلة مزية على سائر الايام وهو القائل بابي وامي عليه الصلاة والسلام. اكثروا من الصلاة علي ليلة الجمعة ويوم الجمعة. ومجلسنا هذا الذي ما زلنا نقلب فيه صفحات من حقوقه عليه الصلاة والسلام. الواجب له على امته من كتاب الشفاء بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم. انما نغترف به بكثرة الصلاة والسلام عليه الله عليه وسلم كلما مر اسمه وذكر وصفه وجاء الحديث عنه بابي وامي هو عليه الصلاة والسلام فينصرف احد احدنا من مجلسنا هذا وقد اغترف من الصلوات والسلام على نبي الهدى والرحمة بل ان شئت فقل اغترف من صلوات ربه من فوق سبع سماوات عليه العبد الذي يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم. فانه كما صح من صلى عليه صلاة صلى الله عليه بها عشرا. صلاتنا على نبينا صلى الله عليه وسلم شرف ومغنم ومربح عظيم صلاتنا على نبينا صلى الله عليه وسلم اجر وكنز من الحسنات. صلاتنا على النبي صلى الله عليه وسلم حب نروي به قلوب الظمأ لهذا النبي الكريم. صلاتنا على النبي صلى الله عليه وسلم وفاء باقل القليل في حقه العظيم صلى الله عليه واله وسلم. ايها الكرام ليلة الجمعة تزدهر. وتضيء سماؤها وتلألأ نجومها بالصلاة والسلام على النبي مصطفى من بعثه الله تعالى هدى ورحمة للعالمين. بعثه بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا. وداعيا الى الله اذنه وسراجا منيرا. بعثه ربه سبحانه وايده بالمعجزات والايات الباهرات. انزل عليه الوحي فعاش صلى الله عليه وسلم في سن الدعوة ثلاثا وعشرين سنة. ما فتئ ولم يكل حتى ادى الامانة وبلغ الرسالة صلى الله عليه وسلم وها نحن نأتي اليوم نشهد ان لا اله الا الله وانه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد كقرون متطاولة من الزمان بعد مئات والالاف من السنين كان فيها عليه الصلاة والسلام يدعو الامة يخرجها بامر رب بها من الظلمات الى النور. فكم له من الحق العظيم الواجب على امته؟ كم يجب له من الوفاء فيما قام به عليه الصلاة والسلام وفيما اقره القرآن هذا الباب العظيم ما زلنا نقف في ابواب منه في مسائل جاءت معنا في كتاب الشفاء. فان القاضي عياض رحمه الله كما مر بكم في مجالس سابقة. قد اتى في ايات من كتاب الله فيها العظمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم. كما يصفها القرآن الايات المتناثرة في كتاب الله هنا وهناك تحكي عظمة لمنزلة هذا النبي الكريم وجلالا وشرفا ورفعة قدر لهذا النبي العظيم. عظمه ربه شأنه ورفع مكانته هذا باب ما زلنا نقلب فيه الفصول فصلا فصلا. اتممنا فصولا خمسة بحمد الله نحن نشرع الليلة في الفصل السادس من الباب الذي اراد به المصنف رحمه الله ان يبين من كتاب الله ما هي منزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وصولا الى قضية عظمى يا كرام. هي ان نعرف عظمة هذا النبي الكريم عند ربنا عظمته صلى الله عليه وسلم جاءت في كتاب الله في ايات متعددة هنا وهناك. فاتى المصنف الله وجمع هذه الايات ثم صنفها وبوبها ورتبها في فصول متتابعة تنتظم كالعقد بها المسلم جيده حبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم. ويمتثلها في طريقه تعظيما وتوقيرا وفاء لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم يا قوم عظم ربكم شأن نبيكم صلى الله عليه وسلم. ثم جاءت الايات ما كان فيها بالقسم وبغيره تبين مكانته عليه الصلاة والسلام عند ربه. لنعلم يا امة الاسلام ان لنا نبيا عظيما عظمه ربه من فوق سبع سماوات. وفي ذلك اشارة تنتظم في دلالات يجب ان تكون نصب عيني كل مسلم ومسلمة. فما عظمه الله وجب ان نعظمه. فاذا ما وقفنا على هذا القدر من كتاب الله وتلك الايات التي تشير الى مكانة وعظمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فانا نقف على جملة من الحقائق ابرزها ثلاث اولها ان نعظم ما عظم الله وقد عظم الله في كتابه شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وليس يسع لمن فيما يعلم ان الله عظمه الا ان يعظمه. تعظيما لله ولشعائر الله ولحرمات الله. واما الاخرى فان نعلم يا كرام ان هذه المنزلة الرفيعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا التعظيم يراد به تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما اراد الله اذ ان من مقاصد البعثة التي ارسله الله بها ان يكون بين امته من وقورا محبوبا مجللا صلى الله عليه وسلم. ونحن نقرأ في كتاب الله انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه فتعزيره عليه الصلاة والسلام يعني تعظيم واحترامه وتوقيره ونصرته كل ذلك مطلب بل هو من مقاصد البعثة كما سمعت لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة واصيلا. واما الحقيقة الثالثة فانه اذا ايقنا ايها الكرام ان هذه المنزلة الرفيعة ثبتت لنبينا عليه الصلاة والسلام جلية في كتاب الله ليس في اية بل في ايات ولا في سورة بل في سور متعددة المكي ومنها والمدني علمنا يقينا انه عليه الصلاة والسلام قد تبوأ عند ربه من الحفاوة والمكانة والرفعة وعظيم القدر ما يجعل كل مسلم محب تواقا ان يقرب من ربه كما فاقترب نبيه عليه الصلاة والسلام وان تعلو منزلته عند ربه فليس امامه والله الا ان يشمر ويحث الخطى انطلق متتبعا سنن المصطفى عليه الصلاة والسلام. لعلمه انه قد ارتقى مرتقى ما بلغه احد من الرسل ولا الانبياء ولا الملائكة الكرام عليهم جميعا افضل الصلاة والسلام. فاذا علمت ان نبيك عليه الصلاة والسلام قد بلغ الذروة في العز والمجد والسؤدد وعلو المكانة والشرف والرفعة عند ربه. فانطلق رعاك الله. اتبع خطاه. وانت تبحث متلهفا عن مواضع لك من الشرف تتبوأها في الدنيا والاخرة. اقربنا منزلة واشدنا حبا واصدقنا اتباعا واقوانا ايمانا هو ذاك الذي ما زال يقترب من خطوات الحبيب. صلى الله عليه وسلم. وما زال يحث الخطى ينشد القرب من سنة نبيه عليه الصلاة والسلام رجاء ان يكون قريبا منه في منازل الاخرة. اذا التقى به وحشر في زمرته وفاز نسأل الله عز وجل جميعا ان يكرمنا بها. ايها الكرام هذا مجلسنا الرابع عشر في الحديث عن الفصل السادس الذي عنون له المصنف القاضي عياض رحمه الله بقوله فيما ورد من قوله تعالى في جهته عليه الصلاة والسلام اريد الشفقة والاكرام. هذا فصل فيه ضرب اخر. ولون اخر من الوان التعظيم الالهي لرسول الله عليه الصلاة والسلام. مر بك في فصول سابقة كيف ان الله عظم قدره. لما اقسم بعمره فقال لعمرك انهم لفي سكرة يعمهون. وكيف ان الله عظم شأنه لما اقسم له في القرآن انه عزيز المكانة عند ربه. والضحى والليل اذا سجى ما ودعك ربك وما قلى. وللاخرة خير لك من الاولى. ولسوف يعطيك ربك فترضى. انه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم امين. وما صاحبكم بمجنون. ولقد رآه بالافق المبين وهكذا ما جاء في سورة القلم وسورة النجم. هذا فصل اخر. يورد فيه المصنف رحمه الله مواضع من كتاب الله فيها خطاب في عظيم اللطف والرأفة والرحمة من ربه عز وجل. يتناول فؤاد الحبيب عليه الصلاة والسلام بقدر عظيم من المبرة والاكرام والشفقة والرحمة. وليس دلالة ذلك الا عظيم المنزلة له عليه الصلاة والسلام. عند خالق والاخرين وديان يوم الدين. عظم الله شأنه فيواسيه ربه من فوق سبع سماوات فيما يجد في طريق الدعوة من اللأواء والشدة والكرب والمأساة. يحن عليه الصلاة والسلام الى شأن امته ان تستجيب. ويضيق صدره لما يجد من الصدود والاعراب تكذيبا وسخرية واستهزاء وادعية واعتداء لانه بشر بابي وامي هو صلى الله عليه وسلم فتنزل والايات تسلية لفؤاد المصطفى صلى الله عليه وسلم. وتأتي المواضع من القرآن متتابعة. تسلي عنه وتفرج عنه وما ذاك الا لون عظيم من مكانته وحفاوة الوحي بشأنه عليه الصلاة والسلام. هذا فصل نقف فيه على بعض مواضع من كتاب الله فيه لون اخر من الوان التعظيم. من الوان المنزلة العلية له عند ربه ليظل مقروءا ومسموعا ايها الاخوة على مر الزمان ما لنبينا عليه الصلاة والسلام من المكانة والحفاوة والرفعة والشرف عند ربه من فوق سبع سماوات هذا الربنا الرؤوف الرحيم. البر الكريم يأتي في كتاب الله لنجد مواضع من كلام ربنا الكبير المتعال فيه عظيم الشفقة والرأفة والرحمة بفؤاد وقلب المصطفى عليه الصلاة والسلام. والله لن تنصرف من هذا السياق القرآني الا وملء صدورك شعور ان له من الحفاوة والمكانة والمنزلة الرفيعة ما يجعلك ان تنظر اي شأن له من عظمة والحب والاحترام في قلبك عبد الله. هذا الذي بلغ المبلغ الكبير الذي ما زلنا نقرأه في كتاب الله. هذه الاية ايات نحفظها نقرأها نسمعها نرتلها نترنم بها ينبغي ان تظل ذات وقع واثر من في افئدتنا معشر المسلمين في كل ما ينبغي ان يتدبر له كلام ربنا. واحد المعاني العظيمة في مثل هذا السياق هو الوقوف على تقرير هذه الحقائق وانزاله عليه الصلاة والسلام المنزلة اللائقة به حبا وتعظيما وتوقيرا واجلال وتصديقا لنكون اصدق في حبنا. لنكون ادق واعمق في ايماننا لنكون اقرب ايضا في استناننا وتطبيقنا للسنن والله كم تشتاق القلوب الناصحة؟ المؤمنة الصادقة ان تبصر لها في الحياة وبعد الممات موضع عن اقرب ما يكون من هديه عليه الصلاة والسلام. ومن منزلته ومن عظيم رفعته التي بوأه الله تعالى اياها نعم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين ولجميع المسلمين. قال القاضي ابو الفضل عياض ابن موسى الي رحمه الله تعالى الفصل السادس فيما ورد من قوله تعالى في جهته عليه السلام مورد شفقة والاكرام. قال تعالى طه ما انزلنا عليك القرآن لتشقى قيل طه اسم من اسمائه عليه السلام وقيل هو اسم لله وقيل معناه يا رجل وقيل يا انسان وقيل هي حروف مقطعة لمعان وقال الواسطي رحمه الله تعالى اراد يا طاهر يا هادي وقيل هو امر من الوطء. والهاء كناية عن الارض اي اعتمد على الارض بقدميك ولا تتعب نفسك بالاعتماد على قدم واحدة. وهو قوله تعالى ما ما انزلنا عليك القرآن لتشقى. نعم اورد المصنف رحمه الله في مطلع هذا الفصل الذي اراد ان ينتخب فيه من القرآن ما فيه دلالة واضحة جلية على عظيم المنزلة لرسولنا صلى الله عليه وسلم. فاتى بقوله سبحانه طه ما انزلنا عليك القرآن لتشقى. تقدم في مجلس سابق ان طه على اختلاف اقوال المفسرين في معناها فان الاقرب الذي تبرأ به الذمة ويوكل فيه العلم الى الله ان يرد علمها الى الى قائلها سبحانه وتعالى. فالله اعلم بمراد هذه الحروف المقطعات. وان قيل هو من اسمائه عليه الصلاة والسلام الا ان ذلك لا يثبت ولا يدل عليه الدليل والراجح عدم عد هذا اسما من اسمائه. وانما الذي حمل القائل بانه اسم من اسمائه مجيء الاية بعدها على سبيل الخطاب له. طه ما انزلنا عليك. فكأنه فهم ان انه نداء له عليه الصلاة والسلام يا طه لمجيء الخطاب بعدها مباشرة له ما انزلنا عليك القرآن لتشقى وهكذا جاء في قوله ياسين لان الخطاب جاء بعدها والقرآن الحكيم انك لمن المرسلين. والراجح ان ذلك ليس من اسماء عليه الصلاة والسلام. اورد المصنف ها هنا بعض الاقاويل في تفسير معنى طه مما ثبت به عن السلف القول وقد قدم في مجلس سابق قيل طه اسم من اسمائه عليه الصلاة والسلام. وقيل هو اسم لله ونسب هذا القول لحبر ابن عباس رضي الله عنهما وقيل معناه يا رجل وقيل يا انسان يعني ببعض اللغات الاخرى وقيل هي حروف مقطعة لمعان يعني معان استأثر الله تعالى بعلمها فيقال الله اعلم بمرادها. وقال الواسطي اراد يا قاهر يا هادي فكأن المعنى هو الاجتزاء بالحرف الاول من كل كلمة. الطاء للدلالة على طاهر والهاء للهاء وقيل هو امر من الوطئ والهاء كناية عن الارض. طه قيل معناها الامر بالوطء من الفعل وطئ فالامر منه يقال فيه طاء بطاء وهمز. فيقال طاء فابدلت الهمزة بهاء فيقال طه او طه. وقيل هي معناها مأخوذة من قولك طه. فعل امر دخلت عليه الظمير ابطأها فابدلت الهمزة الفا فقيل طه. فيعود الضمير على الارض اي يا محمد طأ الارض بقدميك وهذا المعنى مأخوذ من رواية سيأتي بها المصنف رحمه الله بعد قليل وهي لا تصح سندا لكن فيها الدلالة الى انه عليه الصلاة والسلام لما كان يجتهد في قيام الليل وينصب ويتعب فيقف على قدم واحدة قيل له طأ الارض بقدميك ما انزلنا عليك القرآن لتشقى. اي لتتعب نفسك وتجهدها لكنه يراد التعبد والانتصاب في طاعته بما لا يبلغ هذا المبلغ من الاشقاق والتعب والعند. قيل هو امر من الوطء والهاء اية عن الارض اي اعتمد على الارض بقدميك ولا تتعب نفسك بالاعتماد على قدم واحدة وهو قوله تعالى ما انزلنا عليك قرآنا لتشقى. نعم. قال رحمه الله تعالى نزلت الاية فيما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتكلفه ومن السهر والتعب وقيام الليل قال رحمه الله اخبرنا القاضي ابو عبدالله محمد بن عبدالرحمن وغير واحد عن القاضي ابي الوليد الباجي اجازة ومن اصله نقلت قال حدثنا ابو ذر الحافظ قال حدثنا ابو محمد الحموي الحموي. الحموي قال حدثنا ابراهيم بن خزيم الشاشي قال حدثنا عبد محيي قال حدثنا هاشم ابن القاسم عن ابي جعفر عن ربيع بن انس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا صلى قام على رجل واحدة ورفع الاخرى فانزل الله تعالى طه يعني طأ الارض يا محمد. ما انزلنا عليك القرآن لتشقى الا تذكرة لمن يخشى تنزيلا ممن خلق الارض والسماوات العلى ولا خفاء بما ولا خفاء بما في هذا كله من الاكرام وحسن المعاملة وان جعلنا طه من اسمائها عليه السلام كما قيل او جعلت قسما لحق الفضل بما قبله. لحق الفصل لحق الفصل بما قبله. نعم اورد كما سمعتم هذا الحديث من رواية الربيع بن انس وهو ابن انس بن مالك رضي الله عنه والربيع بن انس ليس صحابيا وبالتالي فهذه الرواية مرسلة يعني ليست من قبيل الصحيح عند المحدثين لانقطاع السند وفيها قال كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا صلى يعني صلاة الليل قام على رجل واحدة ورفع الاخرى مع كون الرواية لا تصح. لكن المقصود في المعنى ان وقوفه في قيام الليل عليه الصلاة والسلام على قدم واحدة كان الحامل على ذلك اظهار التعبد لله والاجتهاد في الطاعة وبذل مشقة النفس طلبا لمرضاة الله فكان هذا منسوبا اليه عليه الصلاة والسلام فعله في قيام الليل. قال فانزل الله تعالى طه يعني طأ الارض ويا محمد يعني قف بقدميك ثلثيهما ما انزلنا عليك القرآن لتشقى الا تذكرة لمن يخشى تنزيلا ممن خلق الارض والسماوات العلى. قال المصنف رحمه الله ولا خفاء بما في هذا كله من الاكرام وحسن المعاملة اين الاكرام في السياق؟ واين حسن المعاملة في لفظ الاية؟ هو في لذيذ الخطاب ودفء العبارة وروعة البدن طه ما انزلنا عليك القرآن لتشقى لا تجعل طه نداء له عليه الصلاة والسلام ولا اسما من اسمائه. تأمل في قوله سبحانه ما انزلنا عليك القرآن لتشقى. يعني محمد والخطاب له عليه الصلاة والسلام. فلماذا انزل الله القرآن؟ انزل الله القرآن ليكون مصدرا لسعادة البشرية لكن لذيذ الخطاب فيه اشعار بعلو المكانة وشرف المنزلة. ما انزلنا عليك القرآن لتشقى دعني لتتعب اذا يا محمد ما انزل عليك الوحي ليكون سببا للشقاء ولا للتعب او النصب الذي يمكن ان ينقطع به المرء عن مسيره الى ربه. ترى ما الذي كان عليه نبينا صلى الله عليه وسلم؟ ليقول له ربه ما انزلنا عليك القرآن لتشقى ما هو الا شدة الاجتهاد والتعب والنصب في سبيل مرضات ربه. تارة في عبادته وصلاته ودعائه وذكره. وتارة في القيام بما كلفه ربه. بتبليغ الدعوة والرسالة والوحي وارشاد الناس وهداية البشرية واحتمال ما يجد في ذلك من الصدود والاذى والاعراض والتكذيب والسخرية والاستهزاء كل ذلك يا احبة جهاد عظيم وبذل كبير كان يقوم عليه النبي صلى الله عليه وسلم اما رأيت ان ربه لما رأى من حاله التعب والنصب فيما انزل عليه القرآن لاجله. القرآن هو الذي قال له يا ايها المزمل قم الليل الا قليلا. نصفه او انقص منه قليلا او زد عليه ورتل القرآن ترتيلا القرآن هو الذي قال له يا ايها المدثر قم فانذر وربك فكبر. القرآن هو الذي قال له فاذا فرغت فانصب والى ربك فارغب. هذا التكليف الالهي العظيم. هذه الرسالة الجليلة التي تنوء بحملها الجبال. هذا التكريم العظيم الذي قام به المصطفى عليه الصلاة والسلام كانت حياة جهاد وتضحية وبذل وعطاء كانت حياة تعب حب وشقاء لكنه الشقاء الذي يطلب به مرضاة الله. فلما قام ما قام به عليه الصلاة والسلام من صنوف الاجهاد والنصب في سبيل القيام بما كلفه به ربه يقول الله له ما انزلنا عليك القرآن لتشقى اوما استفي لثنايا الاية وعباراتها اللطيفة التي تلمس فؤاد المصطفى عليه الصلاة والسلام لتظهر له عظيم الود والكرم والبر واللطف الذي يصل اليه من ربي. اما اذا كان المعنى ان القرآن وحده مصدر اسعاد لكان كان كافيا في السياق ان يقال ما انزلنا القرآن لتشقى. لكن ان يقال ما انزلنا عليك القرآن لتشقى والخطاب له عليه الصلاة والسلام انما هو في الحقيقة يلتمس فيها من الدلالة ما اراده المصنف رحمه الله. عظيم البر عظيم اللطف عظيم الود الذي كان يجد عليه الصلاة والسلام في خطاب ربه له من فوق سبع سماوات. ترى ما الذي كان يعيشه عليه الصلاة والسلام من الشعور وجبريل عليه السلام يأتيه بالوحي من فوق سبع سماوات وهو يسمع ربه يقول له ما انزلنا عليك القرآن لتشقى بالله عليك اي منصرف له عليه الصلاة والسلام؟ بعد هذا الوحي وفؤاده يعيش غمرة هذه العناية الالهية هذه الحفاوة الربانية هذا الكرم الالهي الذي يقول الله له ما انزلنا عليك القرآن لتشقى لكن الاية تظل تتلى الى قيام الساعة ونسمعها ونقرأها لنعلم ان ربه قد قال له ما انزلنا عليك القرآن لتشقى. اذا هو مصدر اسعاد والقرآن كذلك ايها الكرام لتشقى يعني لتتعب. لكن عبر بالشقاء للدلالة على نقيضه. اذا كان القرآن لم لم ينزل للشقاوة فلن يكون الا للسعادة. السعادة في القرآن في ثناياه في اياته. في طياته بين صوره واياته جاء مظمنا في كتاب الله. الذي نقرأه صبح مساء. هذا منجم السعادة وكنزها لنا امة لان الله قد قال ما انزلنا عليك القرآن لتشقى. اذا هو سعادة واسعاد. نجدها مخبوءة في كتاب الله فمن ارادها اقبل عليها. من تحراها بحث عنها لكنها والله ليست في كثرة اموال ولا رفعة مناصب ولا سعة في نعيم الحياة. السعادة التي اشار اليها القرآن مخبوءة بين اياته واسراره وعجائب حكمه وبديعه اياته ما انزلنا عليك القرآن لتشقى. كما قال قتادة رحمه الله لا والله ما جعله شقاء. ولكن جعله رحمة ونورا ودليلا الى الجنة. هكذا هو القرآن. وقد وصف الله القرآن في القرآن باوصاف تندهش لها العقول المبصرة وتتيه معها العبارات التي يمكن ان تقرب المعنى. وصف الله القرآن بانه نور وهدى ورحمة وانه شفاء وانه عجب وانه شيء ما يعرفه البشر عادة في سائر الكلام. هذا القرآن هو منجم الذي تعود اليه البشرية الاهثة. الباحثة عن السعادة لتجدها في كتاب الله. لكن تجدها في كتاب الله اذا اقبلت عليه بقلوب مفتوحة وعقول متدبرة والسنة تالية واذان صاغية عندها والله ستستظل البشرية بظل السعادة التي جعلها الله في كتابه الكريم. ما انزلنا عليك القرآن لتشقى هكذا هو دين الاسلام. دين رحمة. دين سلام. دين سعادة تهنأ بها الحياة البشرية. ابدا والله ما اكان القرآن ولا الاسلام سبيلا تجد فيه البشرية ضيقا ولا ظلما ولا عنتا ولا شقاء. كيف؟ والله قد قال منذ ان انزل كتابه على نبيه عليه الصلاة والسلام ما انزلنا عليك القرآن لتشقى. فاي شقاء يمكن ان يبقى في في قلب مسلم اقبل على القرآن؟ اي شقاء يمكن ان يظل له اثر ولو ضئيل في حياة عبد اقبل على القرآن تعاشى معه وتنعم به وتلذذ بالعيش معه وبصحبته. والله ان اسعد الناس حظا في الحياة. واهنأهم بالا اريحهم فؤادا واكثرهم سكينة وطمأنينة وانشراحا. هم اكثرهم حظا من كتاب الله. اخذا به قراءة وفهما وتدبرا علما وعملا اولئك اسعد البشرية. دع عنك وصفات السعادة. دع عنك ما يكتبه المفكرون او المجربون وخبراء الحياء دع عنك ما يقوله كبار البشر في وصف اوصاف السعادة وطرقها وابوابها. ها هو تابوا الله بين ايدينا. ليس طلاسم ولا الغازا ولا عبارات مقفلة هو كلام عربي مبين. من قرأه فهمه استدل بنور الهدى الذي جعله الله تعالى فيه عاش اسعد الناس. والله قد قال لنبيه عليه الصلاة والسلام ما انزلنا عليك القرآن لتشقى. يا قوم اذا كان الذي انزل عليه القرآن رسولنا عليه الصلاة والسلام. الذي كان يتكبد من عناء الوحي ما يراه اصحابه فيشفقون عليه. عندما يأتيه الوحي فيجد اثره ومشقته وشدته وعناءه. ومع ذلك يقول الله ما انزلنا عليك القرآن لتشقى فاي معنى يمكن ان يجده احدنا مع كتاب الله وقد سمع هذه الاية التي نزلت قبل اربعة عشر قرنا من الزمان وزيادة ما انزلنا عليك القرآن لتشقى. انها والله سعادة الحياة التي جعلها الله وتعالى في ضمن كتابه الكريم وكلامه العظيم جل في علاه. قال الله سبحانه وتعالى ما انزلنا عليك القرآن لتشقى الا تذكرة لمن يخشى. قال المصنف ولا خفاء بما في هذا كله من الاكرام وحسن المعاملة. نعم. قال رحمه الله تعالى ومثل هذا من نمط الشفقة والمبرة قوله تعالى فلعلك باقع نفسك على ااثارهم ان لم يؤمنوا بهذا الحديث اسفا. اي قاتل نفسك لذلك غضبا او غيظا او جزعا ومثله قوله تعالى ايضا لعلك باخع نفسك الا يكونوا مؤمنين. ثم قال ان شأن ننزل عليهم من السماء اية فظلت اعناقهم لها خاضعين. قال المصنف رحمه الله ومثل هذا من نمط الشفقة هذا موضع اخر من كتاب الله. يقول الله فيه في ايتين من كتاب الله خطابا لرسول بالله صلى الله عليه وسلم فلعلك باخع نفسك في الاية الاولى في سورة الكهف فلعلك باخع نفسك على اثارهم. ان لم يؤمنوا بهذا الحديث اسفا. وفي الاية الاخرى لعلك عن نفسك الا يكونوا مؤمنين. لعلك يا محمد باخع نفسك اي مهلك نفسك ومحملها ما لا تطيق. ما الذي يجعله عليه الصلاة والسلام يجد في نفسه هذا القدر من العنت والهلاك والشدة في قلبه الكبير الرؤوف الرحيم عليه الصلاة والسلام. ما نزلت الاية الا تطمينا لفؤاده. الا توسعة لقلبه عظيم عليه الصلاة والسلام على سعة فؤاده ورحمة قلبه عليه الصلاة والسلام الا انه كان يجد ضيقا وحزنا والما تدري لم؟ لانه يجد التباطؤ من امته التي بعث اليها ان تتأخر في الاستجابة لدعوته. سبحان الله حتى اذا ضاق صدر الحليم حتى اذا حزن صدر الرحيم عليه الصلاة والسلام فانما هو لاجل امته ولما وقف هذا المعنى واستنطقته هذه العبارات تجد الاية في تمام هذا اللطف الالهي في تطمين الفؤاد النبوي وتسليته والتوسعة عليه فلعلك باخع نفسك. لعلك مهلك نفسك يا محمد على اثار ان لم يؤمنوا بهذا الحديث اسفا يعني ما لك حق ان يكون هذا شأنك وما ينبغي ان يبلغ بك هذا الحرص وهذا الحب وهذه الرأفة وتلك الشفقة لا ينبغي ان تقودك الى الى مشارف الهلاك بنفسك رفقا بفؤادك يا رسول الله رفقا بقلبك العظيم يا محمد الا تهلك نفسك من اجل قوم طمس الله على قلوبهم وارتدوا على ادبارهم واخذوا من الدعوة وصاحبها موقف العداء عليه الصلاة والسلام. لكنه التلطف والترفق هو التأني بقلب الحبيب عليه الصلاة والسلام. بالله عليك هل هذا الا حفاوة الهية عظيمة؟ بقلب هذا النبي الكريم الذي يجدوا من العنت والاشفاق والقلق بشأن الامة التي اعرضت وصدت واستكبرت واستنكفت عن قبول الدعوة والهداية والدخول في الدين فيجد هذا القلب البشري عناء ومشقة وتعبا وحزن نفس تماما كالذي يحصل في قلب كل ناصح غيور محب حريص يحمل هم الدين والدعوة لكنه شتان شتان ان يعيش القلب البشري هذا من العناء والشفقة والحرص وهذا الهم فيأتي الوحي عذبا سلسبيلا يرطب الفؤاد المحزون فلعلك باخع نفسك اتهلك نفسك يا محمد رفقا بفؤادك؟ هونا على قلبك فان الله كاتب امره اعظم سبحانه وتعالى ما اراد في هؤلاء العباد. ولهذا قال الله سبحانه وتعالى ان شأن ننزل عليهم من السماء اية فظلت اعناقهم لها خاضعين. ربما كان في تدبير الاله وتقدير الخالق سبحانه ان تنزل عليهم اية تلجؤهم الى الايمان او بلية فتعاقبهم وتؤاخذهم على صدودهم واعراضهم انما يكفيك همك ايها القلب النبوي يكفيك ما انت فيه من شدة الحرص والهم الذي اطبق على الفؤاد. والله يا احبة ان كان رسولنا عليه الصلاة والسلام ليشعر في تنزل هذا الوحي بمثل هذه الايات على فؤاده الذي يكاد شفقة وحرصا وحزنا وهما وغما على امة يحرص عليها وهي تعانده يدله على الخير وهي تباعده. يأخذ بيديها الى النجاة وهي تأبى. ان كان فؤاده عليه الصلاة والسلام يشعر بعظيم هذه وهذا التلطف في الوحي الذي ينزل كالبلسم على الفؤاد المحزون على القلب الجريح الشاكي. فاننا والله انما انشعر ونحن امته ان ننهى مقام عظمة تبوأها رسولنا عليه الصلاة والسلام ان يكون في كتاب الله خطاب ينزل كلام يتلى ووحي يقرأ الى قيام الساعة. قال رحمه الله تعالى ومن هذا الباب قوله تعالى بما تؤمر واعرض عن المشركين. انا كفيناك المستهزئين. الذين مع الله الها اخر فسوف يعلمون. ولقد نعلم انك يضيق صدرك بما يقولون. وقوله تعالى ولقد استهزأ برسل من قبلك فحاق بالذين فسخروا منهم فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون. قال مكي رحمه الله تعالى سلاه الله تعالى بما ذكر وهون عليه ما يلقى من المشركين واعلم ان من تمادى على ذلك يحل بما يحل به ما حل بمن قبله. نعم هذه ايات اخر في هذا الفصل قوله سبحانه الا انا كفيناك المستهزئين قوله سبحانه ولقد استهزأ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون. لا شك ان سياق هذه الايات وامثالها دليل على نصرة الله لنبيه عليه الصلاة والسلام. وعلى توليه اياه وعلى عصمته عليه الصلاة والسلام وعلى حمايته وحفظه من عدو يناله او كيد يتربص به لا شك لكن الاية ايضا تحمل في ضمنها بمثل هذا السياق الذي سمعت في القرآن ان الله عز وجل وعدوا بنصرته وبحفظه وحمايته وبكفايته عليه الصلاة والسلام ان يكون له عون او درء سوى مدد الالهي الذي يحيطه الله تعالى به هذه الكفاية الالهية. هذه النصرة الربانية. هذه الحفاوة التي يجدها نبينا عليه الصلاة والسلام في بايات تتكرر في موضع عن موضع تدل على معنى واحد انك يا محمد بمنزلة عظيمة ومكانة رفيعة عند ربك فلا تحسبن ان الله عز وجل سيكون لك الى عدوك. ابدا لن يكله الله الى اعدائه. ولن يجعله وحيدا ولم يجعله بين ايديهم في مقام السخرية والتعدي والاستهزاء. حاشا يقول الله له فاصدع بما تؤمر واعرض عن المشركين انا كفيناك المستهزئين. هذه تحقيق الكفاية والتي جاءت جزما بمثله في قوله سبحانه اليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه. ومن يضلل الله فما له من هاد. ومن يهد الله فما له من مضل الله بعزيز ذي انتقام وانت تقرأ في طيات مثل هذه العبارات والالفاظ في القرآن تجد في طياتها هذا انا الكبير الحفاوة هذا المعنى العظيم المنزلة الرفيعة. هذا المعنى الكبير المرتبة الرفيعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم هذه نصرة النعم لكن في طياتها عظمة المقام. ورفعة الشام. لنجعل لنا في قلوبنا منزلة تليق بهذا المقام لنبي الاسلام عليه الصلاة والسلام لتمتلئ القلوب حبا يليق بمثل هذه المنزلة. لتمتلئ القلوب ايمانا يليق بهذه المرتبة لتمتلئ القلوب استنانا واتباعا وطاعة واقتداء لنبي عظيم. هذه منزلته التي في كتاب ربنا الكريم ليست اية ولا اثنتين ولا ثلاثا ولا خمسا ولا عشرا انها ايات جاءت تتنزل في الوحي جاءت بين مكة والمدينة جاءت في مواضع متعددة يقول الله له انا كفيناك المستهزئين. يقول له اليس الله بك عبده بل ويسليه بنصرة هي من جنس نصرة الله لاخوته الانبياء عليهم السلام. ولقد استهزأ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون. احاط بهم العذاب وعاد المكر عليهم وانتصر الله لانبيائه ورسله كما قال الله سبحانه ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين انهم لهم المنصورون. وكما فقال سبحانه انا لننصر رسلنا والذين امنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد تلك قضايا متكررة في بالله وقواعد لا يتطرق اليها الشك ولا اللبس ولا التردد ان الله ناصر انبيائه ورسله الكرام عليهم والسلام. هذه قاعدة يستوي فيها الانبياء اولهم واخرهم عليهم وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام. فالسؤال الان اذا الله قد قال ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين انهم لهم المنصورون. وقال انا لننصر رسلنا والذين امنوا في ايات الدنيا وقال وكان حقا علينا نصر المؤمنين. تلك قواعد متكررة في كتاب الله. فما معنى ان يأتي بعد ذلك مواضع اخر ايات اخر من كتاب الله فيها الخطاب المخصوص لرسول الله صلى الله عليه وسلم انا كفيناك مستهزئين والله لن تجد فيها الا مزيدا لتقرير المعنى المتقرر في تلك القواعد القرآنية ومزيدا من لطف وعناية وحفاوة اراد المصنف رحمه الله ابرازها بمثل هذا السرد من الايات ولقد استهزأ برسل من قبلك. يعني حصل لك ما حصل له وتولاهم الله كما سيتولاك في عنايته ونصرته وحمايته سبحانه وتعالى. فحاق بالذين سخروا منهم. اي وسيحيق بمن يفعل هذا من امتك مثل الذي حاق بالامم السابقة ممن استهزأ بمقام الانبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام. نعم. قال رحمه الله تعالى ومثل هذه للتسلية قوله تعالى وان يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك. ومن هذا قوله تعالى كذلك ما اتى الذين من قبلهم من رسول الا قالوا ساحر او مجنون والله تعالى بما اخبره به عن الامم السالفة ومقالها لانبيائهم قبله. ومحنتهم بهم بذلك عن محنته بمثله من كفار مكة. وانه ليس اول من لقي ذلك. ثم طيب نفسه وابان عذره بقوله تعالى فتولى عنهم اي اعرض عنهم. فما انت بملوم. اي في اداء ما بلغت وابلاغ ما حملت نعم ومثل هذه التسلية قوله تعالى وان يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك كذلك ما اتى الذين من قبلهم من رسول الا قالوا ساحر او مجنون. هذا الخطاب في القرآن لرسول صلى الله عليه وسلم لا يخفى ما فيه من التسلية لفؤاده. والتخفيف عنه والتخفيف عنه في هول ما يصيبه من هذه العبارات الجارحة والاساءات له عليه الصلاة والسلام وليس يخفاكم يا كرام ان الكريم في قومه والمهاب والمحترم يعز عليه ادنى عبارة فيها قدر من اساءة الادب. وانقاص المنزلة وايضا من عدم الاحترام فكيف بك اذا كان هذا الرجل المهاب الذي ما كان يعرف قبل البعثة الا بالصادق الامين والذي كان يضرب به المثل عفة وطهارة ونزاهة وصدقا وامانة فينقلب ذلك تماما بعد البعثة والنبوة ليسمع العبارات التي تطرق سمعه الكريم عليه الصلاة والسلام فيقال له ساحر. ويقال له شاعر ويقال له كذاب ويقال له مجنون. ثق تماما بل انها اشد من وقع السهام والنبل على فؤاد الكرام النبلاء. ان يألف احدهم من عبارة تسيء الى منزلته او ومن قدره ومكانته فما اعتنى باب الفضل والنبل والكرم بشيء اعز عليهم من جاههم ومنزلتهم ومكانتهم الاقوام فكان كذلك فؤاد الحبيب عليه الصلاة والسلام يشق عليه ما يسمع من تلك العبارات النابية والالفاظ الجائرة التي والله ما نطقوا بها الا عنادا واستكبارا والا فهم يعلمون علم اليقين انه ابعد عما يقولون. كما قال الله ولقد نعلم انه ليحزنك الذي يقولون فانهم لا يكذبونك. والمقصود انه كان يعيش هذا التأذي عليه الصلاة والسلام فتأتي امثال هذه الايات تسلية وان يكذبوك يا محمد فقد كذبت رسل من قبلك يعني لا تجزع لا يضيق صدرك فان هذا هو ديدن من سبقك من الانبياء. اما شعرت كم في هذا الاسلوب في القرآن من عظيم التلطف بالفؤاد المحزون عليه الصلاة والسلام يعني لا تحزن لا تجزع لا يضيق فؤادك لا ينبغي ان تحمل هما فان هذا امر اليه باقي الانبياء والرسل عليهم السلام. مثله قوله تعالى كذلك ما اتى الذين من قبله من رسول الا قالوا ساحر او مجنون فلست باول متهم ولست باول من ينسب اليه هذا الافك وتلك الفرى ان يقال له ساحر وكذاب وشاعر ومجنون يعلم الله كم كان في مثل هذا الخطاب الذي يتوجه اليه من افواه المعاندين من شديد الوقع على فؤاده عليه الصلاة والسلام لكن الله سبحانه وتعالى يسليه بذلك ويلطف له المقام ليقول له كذلك ما اتى الذي من قبله من رسول الا قالوا ساحر او مجنون. فما اصابك يا محمد ليس بعيدا عما اصاب من قبلك. وفي ضمن ايظا ما يتكرر معنا في هذا الفصل عظيم الحيطة الالهية بهذا القلب العظيم قلب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم والعناية بدفع ما يحزنه. والعناية بتطييب خاطره والعناية بان يبقى هذا الفؤاد المبتهج قلب والنبي عليه الصلاة والسلام ان لا يزال مشرقا. ان لا يزال متدفقا بالعطاء. ان تبتعد عنه كل ما يمكن ان تحجب عنه هذا وهذه الاشراقة التي كان ينبعث معها بحمل هم هذا الدين وتبليغ الرسالة للعالمين. قال الله له سبحانه وتعالى الا عنهم فما انت بملوم كذلك ما اتى الذين من قبلهم من رسول الا قالوا ساحر او مجنون اتواصوا به؟ هل كانت هذه وصية من امة الى امة انه كلما جاءكم نبي فعليكم بمثل هذا الكلام؟ هل كان كلام قوم موسى وصية عهدوا بها الى قوم عيسى من بعدهم فتبدلت العبارات جيلا بعد جيل وتناقلت الامم امة بعد امة تلك الاتهامات. توجه الى الانبياء عجبا اتواصوا به؟ هل هي وصية كان يتناقلها الكفرة من امة الى امة كانوا يتناوبون بها على حرب الانبياء والرسل هون عليك يا محمد فقد سبقت الى مثل هذا. اتواصوا به؟ بل هم قوم طاغون فتولى عنهم. حسبك الاعراب حسبك الاكتفاء بما حمل قلبك من الهم فما انت بملوم لست ملوما في حمل هذا الهم لكن يكفيك هم البلاغ هم الدعوة هم الوحي القرآن هم هذا الدين للامة. همي انا وانت عبد الله والله. نعم. قال رحمه الله تعالى ومثله قوله تعالى واصبر لحكم ربك فانك باعيننا. اي اصبر على اذاهم فانك حيث نراك ونحفظك سلاه الله تعالى بهذا في اية كثيرة من هذا المعنى. ختم المصنف رحمه الله تعالى هذا الفصل بهذه الاية وهي في ختام سورة الطور. قال الله تعالى لنبيه واصبري حكم ربك فانك باعيننا. هذا الفصل الذي خبله المصنف رحمه الله كما اسلفت مواضع من ايات القرآن فيها عظيم الحفاوة فيها عظيم المنزلة فيها عظيم الود واللطف الالهي بالنبي المصطفى صلى الله عليه وسلم دلالة على عظيم منزلته عند ربه وعلو قدره ومكانته صلى الله عليه واله وسلم. هذه الاية التي يقول الله تعالى فيه لنبيه عليه الصلاة والسلام. واصبر لحكم ربك يعني يا محمد بالصبر ها هنا على ما كان يجده دوما من صدود واعراض وتكذيب. وليس اشق على الناصح المحب المخلص الغيور من ان يكذب او يرد او ينكر عليه امره. قال واصبر لحكم ربك فانك باعيننا وسبح بحمد ربك حين تقوم. والله يجل الوصف عن معنى العبارة. فانك باعيننا هل تأملت ان يقول الله لعبد من عباده فانك باعيننا؟ والله ما اجلها من منزلة ما من درجة قال الله لموسى عليه السلام ولتصنع على عيني. وقال لمحمد صلى الله عليه وسلم فانك اعيننا فمن كان في عين الله اي اذى سيناله من كان في عين الله اي مكانة تبوأها. والله ما زلنا نقول لرسولنا عليه الصلاة والسلام من شرف المنزلة وعلو المكانة ما يجب ان تمتلئ بها قلوب المحبين من امته. الصادقين في استجابة امره واتباع دعوته الحريصين تمام الحرص على التمسك بسنته. والله منزلة شأنها ان تنبت في القلوب جذور المحبة وان تزهر فيها افانينا الطاعة والاتباع لرسول الله عليه الصلاة والسلام. هذه المنزلة الرفيعة التي تقرأها في كتاب الله فانك باعيننا. والله لو قال لك عظيم من العظماء. وقد تكفل بامرك وتعهد بشأنك. فقال انت على عيني كم ينصرف فؤادك ملؤه الغبطة والسرور والابتهاج والاتكال على ما وعدت به من الصون الرعاية والحماية فكيف بقول ربك من فوق سبع سماوات فانك باعيننا. ادركتم عظمة مكانة المصطفى عليه الصلاة والسلام عند ربه فانك باعيننا وحقه ان يكون عليه الصلاة والسلام حبه في المقل والقلوب ان يقال فيه والله انك لفي اعيننا حبا يا رسول الله. وفي قلوبنا وفاء وطاعة واتباعا. ولسان حال لاحدنا ما حنين الجذع اقوى من حنين يا حبيبا عطره يا حبيبا ذكره عطر السنين صلي يا ربي على من اشرقت روحه في الكون بالحق المبين. عطروا جمعتكم بكثرة الصلاة والسلام. على النبي المصطفى صلى الله عليه واله وسلم صلاة وسلاما تنبض حبا ووفاء وشوقا واتباعا. فاللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وازواجه وذريته كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما يا رب العالمين. اللهم ات نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها. اللهم امنا في الاوطان والدور واصلح وارشد وسدد الائمة وولاة الامور. رباه اجعل لنا وللمسلمين جميعا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين. اللهم ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة قنا عذاب النار وصل يا ربي وسلم وبارك على النبي المصطفى والنبي المجتبى محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين