بسم الله الرحمن الرحيم. ايها الاحبة الكرام يطيب لاسرة تسجيلات الامام البخاري الاسلامية مكة المكرمة ان تقدم لكم بسم الله الرحمن الرحيم حمدا لربنا الكبير المتعال المتفرد بنعومة الجلال والكمال احمده تعالى واشكره حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. اكرم واعطى واغدق واسدى الخير خيره. والفضل فظله والعبد عبده. ولا اله غيره. سبحانه وبحمده لا نحصي ثناء عليه هو كما اثنى على نفسه. وصلاة وسلاما على الرسول المصطفى والنبي المجتبى حبيب القلوب وسعدها وبهجة القلوب وانسها. يا خير خلق الله يا زين الورى واجل من ذكر الاله وكبر صلى عليك الله في ملكوته اعداد ما حمل السحاب وامطرا. ما اشرقت شمس واظلم غاسق وتضوعت رياك مسكا اذثرا. تشرق شمس المساء في ليلة كل جمعة من الاسبوع. ليس كل مساء بل مساء الجمعة. وليست كل جمعة بل جمعة المحبين لنبيهم صلى الله عليه وسلم مقبلين ليلة الجمعة بنبض قلوبهم وخفق افئدتهم صلاة وسلاما. على نبي الهدى والرحمة نبي السلام والايمان النبي الذي اكرمنا الله تعالى ببعثته ورسالته. اكرمنا الله عز وجل برأفته ورحمته ليلة تتلألأ سماء الامة بصلوات المحبين على نبيهم صلى الله عليه وسلم. مضمخة بعبق الحب الاجلال والوفاء وهم يستبقون في فضاء فسيح ايهم اكثر صلاة وسلاما هذه الليلة على رسول صلى الله عليه وسلم وهم يستبقون ايهم اكثر حبا ووفاء لنبيه صلى الله عليه وسلم بل ايهم اصدق ايمانا واتباعا لهذا النبي الكريم. القائل اكثروا الصلاة علي ليلة الجمعة ويوم الجمعة. فمن صلى علي صلاة صلاة صلى الله عليه عشرا. يقول ابن القيم رحمة الله تعالى عليه فصلاة العبد على الرسول صلى الله عليه وسلم هي ثناء على الرسول واردة من الله ان يعلي ذكره ويزيده تعظيما وتشريفا. قال والجزاء من جنس العمل فمن اثنى على رسوله جزاه الله من جنس عمله بان يثني عليه ويزيد تشريفه وتكريمه فكلما استكثر العبد بالصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ناله من شرف الصلاة والسلام بذكره للنبي عليه الصلاة والسلام صلاة من ربه جل في علاه. هتفت وغنت باسمك الخفقات وعلى فمك طابت الصلوات صلى عليك الله يا نورا سرى في المشرقين ففرت الظلمات. يا كرام ما زال ما زال مجلسنا اهذا نتصفح فيه حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم على امته. التي نجدها في هذا الكتاب المبارك الشيف ابي تعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه واله وسلم. وقد وقف بنا المقام في الفصل السابع الذي خصه المصنف القاضي رحمه الله لما جاء في كتاب الله مما اخبر الله به من تفضيل نبيه صلى الله عليه وسلم على اخوته والرسل عليهم السلام وذلك ان دل فانما يدل على شرف المكانة وعلو المنزلة لان الانبياء والرسل سادة البشر وهم اعلاهم قدرا واشرفهم مكانة. فاذا كان بعظهم افظل من بعظ على مقتظى قوله سبحانه تلك الرسل فظلنا بعظهم على بعظ فان من كان افظل منهم من الاخرين اجل قدرا واعظم شأنا. وقد دلت النصوص كما سيمر بكم على شرف المصطفى صلى الله عليه وسلم وعلو منزلته وشريف مكانته. هذا الفصل في سياق الفصول السابقة التي مضت معنا في الكتاب تؤسس للوقوف على ما جاء في كتاب الله. من عظيم منزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم اننا نؤصل لاصل عظيم من الايمان هو الايمان برسولنا صلى الله عليه وسلم. وما يترتب على هذا الايمان من حقوق له عليه الصلاة والسلام حبا وتعظيما واجلالا وصدقا في الطاعة والاتباع اقتنانا واقتداء. هذه الحقوق اخذ بعضها برقاب بعض. وكلها يبنى على اصل عظيم هو تمام التعظيم لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي جعله الله تعالى احد مقاصد بعثته كما جاء في قوله عز اسمه انا ارسلنا شاهدا ومبشرا ونذيرا لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه. فتعزيره توقيره عليه الصلاة والسلام مقصد من مقاصد البعثة التي ارسله الله تعالى بها. هذا التعظيم والتوقير انما مما جاء في كتاب الله ومما دلت عليه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فهذا الباب الذي ما زلنا في فصوله الستة السابقة والسابع الاتي الليلة هو وقوف على ما جاء في كتاب الله من عظيم المكانة لرسول الله صلى الله عليه عليه وسلم. نتعلم منها كيف يكون التعظيم في قدره عليه الصلاة والسلام. وهذا التعظيم الذي جاء في الايات التي كي تتلى على المسامع وتتلوها الالسنة وتتنعم بها القلوب المؤمنة وتتدبرها العقول المسلمة كانت ولم تزل وتتلى وتسمع فحقها ان تنال حظها من العلم والعمل. وهذا احد مقاصد الكتاب الاول في كتاب الشفاء بتعريف المصطفى. الفصل السابع هو تتمة لما سبق من الفصول الماضية. في ذكر هذه الايات القرآنية التي اشيروا الى منزلته عليه الصلاة والسلام. وكم قلنا مرارا يا كرام شرفه عليه الصلاة والسلام بين البشر وبين اخوته الانبياء والرسل عليهم السلام هو شرف لامته جمعاء. تتشرف الامة بشرف نبيها صلى الله عليه وسلم وتعلو منزلتها عند ربها بعظيم منزلة نبيها صلى الله عليه وسلم. فالشرف له عليه الصلاة والسلام لا بامته والكرامة له عليه الصلاة والسلام. ايضا تنال امته فكم هي امة الاسلام والله سعيدة شريفة كريمة عند الله بما لنا من منزلة وكرامة وشرف لنبينا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. اذا هذا باب من الايمان نؤمن به. باب من العلم نتعلمه. باب من الحب به القلوب باب من الطاعة والاتباع نأخذ به النفوس اخذا في هذا الباب العظيم علنا نستبق في هذا الطريق الكبير طريق السنة على صاحبها افضل الصلاة واتم التسليم. نعم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين ولجميع المسلمين المحبين لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال القاضي ابو الفضل عياض بن موسى رحمه الله تعالى الفصل السابع في بما اخبر الله تعالى به في كتابه العزيز من عظيم قدره وشريف منزلته على الانبياء وحظوة وحظوة رتبته قوله تعالى واذ اخذ الله ميثاقا النبيين لما اتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال اقررتم واخذتم على ذلكم اصري؟ قالوا اقررناه. قال فاشهدوا وانا معكم من الشاهدين. نعم هذا الفصل كما سيمر بنا في مجلس الليلة باذن الله. مداره مداره على قاعدة هي تفضيل نبينا صلى الله عليه وسلم على غيره من الانبياء والرسل عليهم السلام. وها هنا حديثان جمع بينهما اهل العلم. احدهما نهيه صلى الله عليه وسلم عن التفضيل بين الانبياء. فانه لما تداول بعض الصحب رضي الله عنهم تفضيل الانبياء على بعض. ابى نبينا صلى الله عليه وسلم عن التخيير والمفاضلة ورفض ذلك بين الانبياء. وقال لا تفضلوني على الانبياء ونهى عن التخيير بينهم. وذكر عليه الصلاة والسلام فيما يكون من الشأن في اخر الزمان. عندما ينفخ في الصور فصعد عق من في السماوات ومن في الارض الا من شاء الله. يقول صلى الله عليه وسلم ثم افيق فاذا موسى اخذ العرش فلا ادري اكان في من استثنى الله ام افاق قبلي؟ ودل ذلك على انه صلى الله عليه وسلم احتفظ بعظيم قدره وادبه مع اخوته الانبياء عليهم جميعا افظل الصلاة والسلام. بحق موسى عليه السلام ذكر هذه المنقبة الشريفة له. هذا جانب من النصوص الواردة التي رآها اهل العلم. غير متعارضة مع النصوص التي تدل صراحة على ان الانبياء بعضهم افضل من بعض. وذلك صريح قول الله سبحانه تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض على بعض وقوله صلى الله عليه وسلم انا سيد ولد ادم ولا فخر. فاذا ثبتت سيادته صلى الله عليه على ولد ادم مطلقا والانبياء عليهم السلام بعض ولد ادم ثبت تفضيله ايضا عليهم جميعا فضل الصلاة والسلام. هذا اذا يجمع بينه يا قوم بان نهيه عليه الصلاة والسلام وامتناعه عن التفضيل بين الانبياء او تفضيله هو على غيره من الانبياء عليهم السلام انما كان لاحد امرين. احدهما اغلاق باب الغلو والاطراء الذي يفضي الى رفعه عليه الصلاة والسلام برفعه فوق منزلة الانبياء الا يتجاوز به مرتبة البشرية او ان يكون غلوا واطراء لا يتبعه عمل. والمأخذ الاخر الذي يمكن ان يكون خلف هذا المنع النهي النبوي هو تواضعه الكريم صلى الله عليه وسلم. واعترافه بحق اخوته الانبياء عليهم السلام. واحتفاظه بحق من الشرف والسؤدد والكرامة التي يشتركون جميعا في اصلها وهي النبوة التي رفع الله تعالى بها اقدارهم شرف منازلهم واعلى مكانتهم بين الخلق. الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس. وربك يخلق ما يشاء ويختار فاختار الله هؤلاء واصطفاهم ورفع مكانتهم فهم بشر لا كالبشر عليهم وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام اذا فهمت ذلك رعاك الله لم يبق اشكال في ان يثبت في النصوص الشرعية تفضيله صلى الله عليه وسلم على غيره من الانبياء التفضيل الذي يفضي الى ماذا؟ لا الى مفاخرة بنبينا بين الانبياء فحسب فهذا الذي نهى عنه الله عليه وسلم لكن الى فخر وشرف يقود الى صدق في الايمان به. وتمام في الاستمساك بسنته السؤال بمعنى اخر افخور انت عبد الله بنبيك محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولان لا يبقى الجواب بنعم او لا كلمتان تقالان باللسان. اجعل جوابك نعم فيما يظهر عليك عبد الله فخرا وشرفا باعتزازك بانتمائك الى امة رسول الله صلى الله عليه وسلم. باعتزازك برفع راية سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ان لا يرى الناس في مظهرك ومخبرك في قيامك وقعودك في حركتك وسكونك في كل شأن من شؤونك لا الا اثر السنة تظهر على شأنك كله في حياتك. عندما يكون اعتزاز احدنا وافتخاره وشرفه برسول الله صلى الله عليه وسلم فان ذلك يظهر اصدق ما يظهر. اصدق ما يظهر في عبادة احدنا. في عقيدته في اخلاقه وسلوكه في تعامله في شعاره في الحياة. ان تكون سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم هي الظل يستظل به هي الطريق الذي يسلكه. هي المركب في بحر الحياة الذي يركبه. عندما يكون فخر احدنا وعزه وشرفه بالانتساب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم اخذا هذا المسلك فارفع رأسك بكل شرف وفخر ان تقول انك من امة محمد صلى الله عليه وسلم. وحاشاكم يا كرام من ان يقتصر هذا الفخر وشرف الشاب الى هذا الشرف العظيم الى امة النبي الكريم. هذا الرسول العظيم عند ربه عليه الصلاة والسلام. ان يقتصر هذا وينحسر في مدائح تنشد وعبارات تقال وقصائد تنظم ويكون حظ احدنا من الشرف بالانتساب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك القدر الذي لا ينبئ وحده بالصدق عما يحمل القلب من هذا القدر العظيم من التعظيم للنبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه. من اجل ذلك كان هذا الفصل فيما اخبر الله تعالى به في كتابه العزيز. من عظيم قدره صلى الله عليه وسلم وشريف منزلته صلى الله عليه وسلم على الانبياء وحظوة رتبته صلى الله عليه عليه وسلم. ساق المصنف في في مطلع هذا الفصل قول الله تعالى في سورة ال عمران واذ اخذ الله ميثاق النبيين اما اتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم الخطاب الى من الى النبيين واذ اخذ الله ميثاق النبيين لما اتيتكم معشر الانبياء من كتاب وحكمة ثم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه. اختلف المفسرون في المراد بالان لما لما لما اتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول. قيل الخطاب الى الانبياء انفسهم عليهم السلام وقيل الخطاب الى اممهم لانهم هم المخاطبون بان يكونوا مصدقين بجميع الانبياء والرسل لا نبي الامة وحده فحسب. ولهذا جاء في شريعتنا ان من عقائدنا في اركان الايمان عندنا. الايمان بالانبياء جميعا والانبياء بالكتب جميعا التي انزلها الله على رسله عليهم الصلاة والسلام. لما اتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول فقيل الخطاب الى الانبياء عليهم السلام. وقيل الخطاب الى اممهم ويقول الطبري رحمه الله مرجحا ان الاولى من ذلك ان يعود الخطاب الى كليهما. فالخطاب الى الانبياء والى اممهم ان يكونوا على هذا الميثاق الذي اخبر الله انه اخذه على الانبياء. واخذ على الانبياء ان يأخذوه على امم فما مضمون هذا الميثاق الالهي عباد الله؟ هذا ميثاق رباني واحدنا اليوم اذا تكلم في مواثيق الشرف وقيل انه التزم بميثاق ما من المواثيق بين البشر والامم جعل ذلك علامة على مبدأ لا يسوغ ابدا التراجع عنه او التنازل او التفريط بمضمونه. فما بالكم بميثاق الهي اخذه الله فاطر السماوات والارض رب العالمين اله الاولين والاخرين وديان يوم الدين. اخذ الرب جل جلاله هذا الميثاق على النبيين وعلى الامم. فما مضمون هذا الكتاب؟ قال ثم جاءكم رسول مصدق ما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه. قيل رسول هنا في الاية نكرة. والمراد به اي رسول وان الميثاق الالهي هذا يقتضي ان تكون الامم كلها وفية بهذا الميثاق. فما من نبي يبعثه الله جل جلاله. ولا رسول يبعث الا كان حقا على الامم ان تؤمن به وتنصره. وقيل رسول هنا نكرة لكن المراد محمدا صلى الله عليه وسلم. لكن المراد محمد صلى الله عليه وسلم ان يكون احل ايمان ونصرة من جميع الانبياء ذلك انه في اخر الزمان ولا نبي بعده. ويؤيد هذا كما سيأتيكم في ثنايا ان الله ان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر عن موسى عليه السلام انه لو كان حيا ما وسعه الا ان يتبع الله صلى الله عليه وسلم وذلك لما رأى في يد عمر ابن الخطاب قطعة من التوراة. وكان عمر رضي الله عنه يتصفحها وينظر فيها فغضب صلى الله عليه وسلم. وقال منكرا عليه ما يصنع. امتهوكون فيها انتم يا ابن الخطاب والله لقد جئتكم بها بيضاء نقية لو كان موسى ابن عمران حيا ما وسعه الا اتباعي او ان يتبعني. فدل ذلك على مضمون هذا المعنى في الاية وكل ذلك ثابت تفسيره عن بعض الصحابة والتابعين كابن عباس وعلي رضي الله عنه وقتادة وطاووس وغيرهم كما سيأتي الحديث عنه. نعم قال ابو الحسن. قال ابو الحسن القابسي رحمه الله تعالى استخص الله تعالى محمد اختص الله تعالى. اختص الله تعالى محمدا صلى الله عليه وسلم لم يؤته غيره ابانه له وهو ما ذكره في هذه الاية. قال المفسرون رحمهم الله تعالى اخذ الله الميثاق بالوحي فلم يبعث نبيا الا الا ذكر له محمدا صلى الله عليه وسلم ونعت واخذ عليه ميثاقه ان ادركه ليؤمنن به. وقيل ان يبينه لقومه ويأخذ ميثاق فاقهم ان يبينوه لمن بعدهم. يقول الامام القرطبي رحمه الله في تفسيره فاخذ الله ميثاق النبيين اجمعين ان يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم وينصروه ان ادركوه وان يأخذوا بذلك الميثاق على اممهم واللام في قوله لتؤمنن به ولتنصرنه جواب القسم. فهو بمنزلة الاستحلال كقولك استحلفك لتفعلن كذا. فكان هذا ميثاقا غليظا كما ترى. اخذ على الانبياء وعلى الامم. اما مضمون الميثاق فهو الشاهد في الفصل. وهو مكانة رسول الله عليه الصلاة والسلام. وانه جعل له من والمنزلة والحق الواجب في رقاب الامم جميعا من ايمان ونصرة ما لم يثبت لغيره من النبيين عليهم على نبينا افضل الصلاة واتم التسليم. هذا منزع لطيف المأخذ. ساقه الامام القاضي عياض رحمه الله من هذه الاية مبنيا على اقاويل اهل التفسير فيها في المضمون الميثاق الالهي الذي اخبر الله تعالى باخذه على النبيين وعلى اممهم. نعم وقوله تعالى وقوله تعالى ثم جاءكم الخطاب لاهل الكتاب المعاصرين محمد صلى الله عليه وسلم. قال علي ابن ابي طالب رضي الله عنه لم يبعث الله نبيا من ادم من بعده الا اخذ عليه العهد في محمد صلى الله عليه وسلم لان بعث وهو حي ليؤمنن به ولينصرن ويأخذ العهد بذلك على قومه. ونحوه عن السدي وقتادة رحمهم الله. في اية تضمنت فضله من غير وجه واحد اثر علي امير المؤمنين رضي الله عنه كما سمعتم. قال لم يبعث الله نبيا من ادم فمن بعده الا اخذ عليه العهد في محمد صلى الله عليه وسلم. لان بعث وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه. ويأخذ العهد بذلك على قومه هذا المروي عن علي روي مثله عن ابن عباس رضي الله عنهما حيث قال ثم ذكر ما اخذ عليهم يعني اهل الكتاب انبيائهم من الميثاق بتصديقه يعني محمدا صلى الله عليه وسلم. اذا جاءهم واقرارهم به على انفسهم. يا قوم هذا نبي اخذ الميثاق على الامم قبلنا بوجوب الايمان به. ان ادركوه ونصرته ان ادركوه فاي واجب عظيم وحق ثبت له عليه الصلاة والسلام على الامم جميعها فهو اعظم واشد وجوبا والله في حق امته نحن امة الاسلام. نحن اعظم الامم وجوبا متعلقا في رقابنا بهذا العظيم الايمان به عليه الصلاة والسلام ونصرته عليه الصلاة والسلام. اما انها ليست نصرة بدن فما ادركنا شرف الصحبة معه ولا شرف الجهاد معه. ولا شرف الحضور الذي قضاه الصحابة. تضحية وفداء وايمانا جهادا مع رسول الله عليه الصلاة والسلام. لكن لكل جيل في امة محمد صلى الله عليه وسلم. لكل جيل من حظه من نصرته. فاما جيل الصحابة فقد ابرأوا ذممهم والله شهيد. والتاريخ شاهد والامة شاهدة فقد نصروه ودفعوا عنه بانفسهم واموالهم واعراضهم ودمائهم. وكان صلى الله عليه وسلم اعز عليهم الله حتى من نفوسهم التي بين جنباتهم فقد قضوا ما عليهم رضي الله عنهم وارضاهم وسلك بنا سبيلهم. واما من جاء بعدهم فلا يزال هذا الباب مفتوحا. ان تأخذ عبد الله بحظك من نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فما السبيل؟ فما السبيل وقد لحق بالرفيق الاعلى السبيل في نصرته نصرة سنته عبد الله. نصرة سنته والدفاع عنه. نصرته عليه الصلاة والسلام بالتعريف بشأنه والاشادة بذكره وتبليغ الامم عن عظيم مكانته وشريف سيرته. اعظمنا نصرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد مماته صلى الله عليه وسلم هو اعظمنا اجتهادا في نشر سيرته ورفع رايتها في العالمين ونشرها في الخافقين وتعريف الامة جمعاء من هو محمد رسول الله صلى الله الله عليه وسلم هذا باب والله يتفاوت فيه المؤمنون تفاوتا شديدا. فاعلم ان ما هو تفاوت في القيام بهذا حق من الميثاق الذي اخذه الله ليس علينا فحسب بل حتى على الامم السابقة. ونحن اولى والله ان نكون عند هذا الميثاق بحقه من الوفاء بحقه من الاداء بحقه من البذل الواجب. هذا ميثاق شئت ام ابيت. هو في رقبتك عبد الله فابذل ما تبرئ به ذمتك امام الله. هذا اجعله في كفة عبد الله. وفي الكفة الاخرى اجعل منظورك فيها حبك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وعظيم ما يحمل قلبك له من الوفاء والنصرة والتعظيم وكيف تنطلق النفوس والافئدة المؤمنة بحثا عن موقع تثبت فيها بشرف نصرتها لنبي الامة صلى الله عليه وسلم. ليس بالضرورة فيما ها هنا النصرة عندما يستفزنا عدو جاهل او حاقد او مغرض فيتطاول على مقام النبوة بشيء ان تكرهه النفوس المؤمنة. تلك نصرة لكنها محدودة تماما. ومن المغيب في اذهان الاجيال المسلمة. ان يظن ان النصرة لا معنى لها الا ذلك. عفوا ليست تلك الا خطوة واحدة ان ينتصر له عليه الصلاة والسلام. اذا اخطأ المخطئون وجهل الجاهلون وتقيأ الحاقدون سخرية واستهزاء. تلك خطوة في طريق النصرة لكنها ليست كل شيء النصرة الحقيقية ان تثبت قدميك في طريق السنة. النصرة الحقيقية ان تكون امرأ يرفع راية السنة فينشرها وفي العالمين. النصرة الحقيقية ان تظل سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مورثة في الاجيال. يعلمها الاباء للابناء والمعلمون للطلاب ويعلمها الكل للكل. فلا ترى الناس ولا تلتفت يمينا وشمالا فلا ترى الا الكل ناصح للكل الكل يوصي بالاخذ بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلا ترى البيوت الا عامرة بالسنن ولا والمساجد والحلقات والمجالس لا تراها ايضا الا ناضحة بالسنن. لا ترى الاسواق والطرقات والمراكب والموانئ مطارات الا امة الاسلام فيها عاملة بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذا باب والله يا قوم نحن احوج الى اما نتداعى به ونتواصى عليه ان يكون لنا حظ صادق من نصرتنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الباب. يا احبة ما نقوله في هذا المجلس هو حق واجب لرسول الله صلى الله عليه وسلم. واجب علي وعليك وعلى كل مسلم. بل الميثاق في الايمان والنصرة هو كما سمعت لتؤمنن به ولتنصرنه. كان ميثاقا الهيا قبل ان اولد انا وتولد انا انت بل قبل ان توجد امة الاسلام اخذه الله على النبيين السابقين. واذ اخذ الله ميثاق النبيين. لما اتيت من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول سواء قلت رسول هنا اي رسول فيدخل فيهم محمد صلى الله عليه وسلم. او قل هو محمد صلى الله عليه وسلم بعينه كان ذلك اكد ما مضمون الميثاق لتؤمنن به ولتنصرنه هذا من اكد المواثيق واحقها وفاء واشدها استمساكا بالاعناق يا قوم فليبذل كل واحد ما تبرأ به ذمته وما يوفي به مع هذا الميثاق الالهي الذي اخذه الله تعالى على النبيين وعلى اممهم. نعم قال رحمه الله تعالى قال الله تعالى واذ اخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن ان نوح وابراهيم وموسى وعيسى ابن مريم. واخذنا منهم ميثاقا غليظا. وقال قال تعالى انا اوحينا اليك كما اوحينا الى نوح النبيين من بعده واوحينا الى ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب الاسباط وعيسى وايوب وعيسى وايوب ويونس وهارون وسليمان. واتينا داود زبورا ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما رسلا مبشرين ومنذرين لان لا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل. وكان الله عزيزا حكيما. لكن الله يشهد بما انزل اليك. انزله بعلمه والملائكة يشهدون بالله شهيدا. هاتان ايتان ساقهما المصنف رحمه الله تعالى عقب الفراغ من الاية الاولى ورأى فيها رحمه الله تعالى شاهدا اخر على تفضيل الله جل جلاله لنبينا صلى الله عليه وسلم على سائر الانبياء. اين تلحظ عبد الله هذا التفظيل الالهي في سياق الايتين؟ في الاية الاولى يقول الله تعالى في سورة الاحزاب واذ اخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وابراهيم وموسى وعيسى ابن مريم. وقال في الاخرى في سورة النساء انا اوحينا اليك كما اوحينا الى نوح والنبيين من بعده واوحينا الى ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط وعيسى وايوب ويونس وهارون وسليمان واتينا داوود زبورا واكمل ما يتعلق وبباقي الرسل المأخذ ها هنا في الايتين في تشريفه وتفضيله عليه الصلاة والسلام هو تقديمه في الذكر على اخوته الانبياء بعث بعدهم وذكر في سياق الانبياء قبلهم في الايتين. قال الله في الاية الاولى واذ اخذنا من النبيين ميثاق ومنك ومن نوح وابراهيم وموسى وعيسى ابن مريم. لاحظ ان قوله من النبيين يتناول النبيين جميعا لكن خص اولو العزم من الرسل بالذكر تفصيلا باسمائهم لشرفهم وعظيم منزلتهم. فذكر صلى الله عليه وسلم قبلهم. واذا اخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومنك ومن نوح وابراهيم وموسى وعيسى. ذكروا على النسق عليهم السلام بالتوالي حسب تواريخ ووجودهم بين الامم. نوح فابراهيم فموسى فعيسى. وكان مقتضى الترتيب ان يكون نبينا عليه الصلاة والسلام بعد عيسى عليه السلام وكان مقتضى ذلك ان يكون السياق ومن نوح وابراهيم وموسى وعيسى ابن مريم ومنك. لكن الله قال ومنك ومن نوح وابراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وغير خاف ان في هذا من الاشارة اللطيفة الى ما له عليه الصلاة والسلام من شرف المنزلة وعظيم المكانة ولو بتقديم الذكر في هذا السياق. والاية اخرى في النساء اختها انا اوحينا اليك كما اوحينا الى نوح والنبيين من بعده. ثم يأتي ذكر الانبياء على النسق عليهم السلام بهذا التتابع المذكور ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط وعيسى وايوب ويونس وهارون وسليمان وداوود ثم قال وكلم الله موسى تكليما. هذا الحشد الكريم من الانبياء الكرام عليهم السلام. في هذا السياق الذي هم ثقل البشرية على وجه الارض. واشرف من خلق الله من بني ادم. واعلاهم منزلا. يؤتى بهم في هذا السياق الذي يتلألأ بهذه الاسماء العظيمة عند الله يسبقها ذكر محمد صلى الله عليه وسلم. انا اوحينا اليك كما اوحينا الى نوح والنبيين من بعدهم. هذا كما ترى ليس صريحا بالنص فيما يتعلق بتفضيله عليه الصلاة والسلام لكنها اشارة قصد بها المصنف رحمه الله ان تكون بهذه الدلالة وعلى كل فقد نوع في هذا الفصل اين الاية الصريحة وبين التي تشير الى ذلك اشارة وبين بعض المآخذ التي تؤسس هذا المعنى كما سيأتي. نعم قال رحمه الله تعالى وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه انه قال في كلام بكى به النبي صلى الله النبي صلى الله عليه وسلم فقال بابي انت وامي بكى به النبي يعني عمر قال كلاما بكى به عند صلى الله عليه وسلم. والاثر الوارد الان عن الفاروق عمر لا يصح بل لا اصل له. وفيه من الركاكة ما ما يربو عنه لغة الفاروق عمر رضي الله عنه لكنه اتى به المصنف بصيغة التضعيف كما ترى لما قالوا وروي عن عمر ابن الخطاب ولو كان هي سند لفعلت مثل ما يفعل في الاحاديث والاثار التي يسندها المصنف رحمه الله. نعم فقال بابي انت وامي يا رسول الله لقد بلغ من فضيلتك عند الله ان بعثك اخر الانبياء وذكرك في اولهم فقال مريم واخذنا منهم ميثاقا غليظا. المعنى المذكور صحيح. لكن نسبة ذلك الى الفاروق عمر رضي الله عنه سندا الى اثبات وصحة وذلك غير متوفر. ففرق بين ان تقول ان الرواية ضعيفة. او لا تصح او لا اصل لها. وبين ان تقول ان ما جاء فيها صحيح المعنى فنفينا لاثبات الرواية بنسبتها الى عمر لا يعني رفظ ما جاء فيها انما رفظ نسبتها الى عمر رضي الله عنه من قوله نعم هو ان اهل النار يودون ان يكونوا اطاعوك وهم بين اطباقها يعذبون يقولون. يا ليتنا اطعنا ان الله واطعنا الرسول. نعم. اذا هذان ايضا موضعان من القرآن قد علمت ما فيهما من هذه الاشارة الى الفصل الذي المصنف رحمه الله لهذا المعنى. نعم قال قتادة. قال قتادة رحمه الله تعالى ان النبي صلى الله عليه وسلم قال كنت اول الانبياء في الخلق واخرهم في البعث. فلذلك وقع ذكره مقدما هنا قبل قبل نوح وغيره قال السمرقندي رحمه الله تعالى في هذا تفضيل نبينا عليه السلام لتخصيصه في الذكر قبلهم وهو اخر وهم قول قتادة الاول ان النبي صلى الله عليه وسلم قال كنت اول الانبياء في الخلق واخرهم في البعث ايضا لا يصح وسندا فقتادة ليست له صحبة وروايته هنا مرسلة. والسند ايضا فيه من لا تصح الرواية عنه. فمثل ذلك لا نسبته قولا الى رسولنا صلى الله عليه وسلم. فان صح اخذنا ما فيه حكما ودلالة واشارة كنت اول الانبياء في الخلق يحتاج الى اثبات لان هذا من الغيب. فان قلت ما في هذه الرواية قلنا لا يثبت نحتاج الى سند صحيح واما اول ما خلق الله عز وجل فهو القلم. كما ثبت بذلك الروايات الصحيحة الصريحة. ثم خلق الله على ما شاء من خلقه سماء وارضا ثم خلق ملائكة السماء ثم كانت خلقة ادم عليه السلام. فاثبات سبق نبينا صلى الله عليه وسلم في الخلق على سائر المخلوقات او على سائر بني ادم او على سائر الانبياء اي فئة من البشر ان يثبت بنص صحيح يوجب المصير اليه. واما ما لا يثبت بذلك فلا يصح قوله ولا اعتقاده. قال ذلك وقع ذكره مقدما قبل نوح وغيره. بل نقول وقع مقدما قبل نوح وغيره من الانبياء عليهم السلام. ليس لانه متفق عليهم في الخلق بل لامر اعظم هو علو مكانته وشريف منزلته بابي وامي هو عليه الصلاة والسلام. نعم. قال رحمه الله تعالى المعنى اخذ الله تعالى عليه الميثاق اذ اخرجهم من ظهر ادم كالذر يشير رحمه الله ها هنا الى ما جاء في قوله تعالى واذ اخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح ومثله ايضا في سورة الاعراف واذ اخذ رب من بني ادم من ظهورهم ذريتهم. هذا الميثاق المأخوذ على ادم عليه السلام. وعلى ذريته جميعا قبل ان يكونوا في هذا الكون على البسيطة هو الميثاق الالهي. ميثاق الفطرة التي امروا فيها بتوحيد الله والايمان به والاستجابة لرسله. والامتثال لامر ونهيه جل في علاه. هذا الميثاق ميثاق قديم ازلي. اخذ به على سائر البشر هذا الايمان الرباني. قال رحمه الله ما اخذ الله عليه الميثاق اذ اخرجهم من ظهر ادم كالذر يشير الى المعنى الذي ثبت فيما اشرت اليه. نعم. قال رحمه الله تعالى وقال تعالى تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات واتينا عيسى ابن مريم البينات وايدناه بروح القدس ولو يا الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا. نعم تقدم في مطلع مجلس الليلة ان هذه الاية هي من صريح اثبات التفاضل بين الانبياء عليهم السلام. وهي اصل في هذا الباب. يقول الله سبحانه تلك اصولي فضلنا بعضهم على بعض. فاثبتت الاية ان بعض الرسل عند الله افضل من بعض وانهم على شرفهم وعظيم منازلهم واصطفائهم ورفعتهم فوق سائر البشر الا انهم فيما بينهم يتفاوتون. تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض. ثم جاءت الاشارة الى بعض وجوه هذا التفضيل. منهم من كلم الله كما حصل لموسى عليه السلام والله قد قال وكلم الله موسى تكليما ومثلما حصل لرسولنا صلى الله عليه وسلم في قصة الاسراء والمعراج لما كلمه ربه ودنا صلى الله عليه وسلم عند سدرة المنتهى وبلغ تلك المنزلة الرفيعة الشريفة هذا الكلام هو نوع من المناقب الشريفة التي لا يؤتاها اي احد من البشر بل ولا من الانبياء عليهم السلام الا من فضل الله. فهذا وجه تفضيل منهم من كلم الله ولا شك ان من كلم الله من الانبياء والرسل هم افضل بهذا الاعتبار. وبهذا الوجه من المناقب من غيرهم من الانبياء عليهم السلام. من غير من قصة في احد ولا نقص في قدر احد من الانبياء. لكن الشرف والمناقب التي تثبت هي لها حقها من الشرف ولا يعني ذلك انتقاصا ولا سلبا لغيرهم. واما الوجه الاخر التي اشارت اليه الاية فقوله سبحانه واتينا عيسى ابن مريم البينات وايدناه بروح القدس. يشير الى تفضيل عيسى عليه السلام بهذا الاعتبار. اتاه الله تعالى البينات وايده وبروح القدس فهذا صريح اذا ان عيسى افضل من بعض الانبياء. وان من كلم الله افضل من بعض الانبياء. وفي الجملة الرسل بعضهم افضل من بعض. فاذا ثبت هذا الاصل ووجدنا نصوصا تدل على شرف رسولنا صلى الله عليه وسلم انه اوتي ما لم يؤت غيره من الانبياء جميعا ثبتت فضيلته عليهم جميعا. قال الله سبحانه وتعالى ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا. فهذا اذا باب من التفضيل بين الانبياء والرسل السلام. قوله سبحانه ورفع بعضهم درجات. بعضهم الضمير يعود هنا الى الرسل. رفع بعض رسل اذا ليس كلهم. وهذا البعض الذي رفع الله درجته درجاته هو اعلى ممن لم ترفع درجته. وفي فكلهم ارفع درجة من سائر البشر. اذا سادة البشر هم الانبياء والرسل. وهم اعلاهم من وهم تيجان البشرية وشرفها وفخرها. ثم هم فيما بينهم. بين الانبياء والرسل عليهم السلام يتفاوتون شرفا وفضيلا رفع الله بعضهم درجات. وكلم بعضهم واتى بعضهم البينات وايدهم بروح القدس تلك مناقب يا اخوة ودرجات من الشرف والكرم والسؤدد يؤتيها الله من يشاء هذا شرف الهي والله يختص برحمته من يشاء. والله ذو الفضل العظيم. فاذا ثبت ذلك فيبني المصنف رحمه الله تعالى فيما يأتي من كلامه على ثبوت فضائل ومناقب لرسولنا صلى الله عليه واله وسلم قال ابو الفضل رحمه الله تعالى قال اهل التفسير اراد بقوله ورفع بعضهم درجات محمدا صلى الله عليه وسلم لانه بعث الى الاحمر والاسود واحلت له الغنائم وظهرت على يديه معجزات وليس احد من الانبياء اعطي فضيلة او كرامة الا وقد اعطي محمد صلى الله عليه مثلها قوله سبحانه في الاية ذاتها ورفع بعضهم درجات. قلنا بعضهم الضمير يعود الى الرسل. يعني رفع الله بعظ الرسل درجات. قال بعظ اهل التفسير بعظهم اذا تركتها هكذا على اطلاقها فما ان الله رفع بعض الرسل وما من شك ان من هذا البعض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. بل قال بعضهم ان قوله ورفع بعضهم البعض المقصود هنا هو رسولنا صلى الله عليه وسلم خاصة جيء به على سبيل التنكير على سبيل الابهام اجلالا وتعظيما. فانه يحصل بالابهام من التعظيم ما لا يحصل بالتصريح في بعض السياقات وهذا من مقتضى الفصاحة والبلاغة. قال ورفعنا ورفع بعضهم درجات. فما التي رفع بها رسولنا صلى الله عليه وسلم. ذكر ها هنا رحمه الله اشارة الى ما جاء في بعض احاديث تفضيل النبي عليه الصلاة والسلام على باقي الانبياء. قوله عليه الصلاة والسلام في الصحيحين اعطيت خمسا لم يعطهن احد من الانبياء قبلي وذكر بعض ما جاء هنا قال بعث الى الاحمر والاسود وذلك قوله عليه الصلاة والسلام في الصحيحين وكان النبي يبعث الى قومه خاصة وبعثت الى الناس كافة. اوليس هذا تفضيلا يا قوم؟ قد يقول قائل لكن الانبياء كانوا يبعثون الى اقوامهم خاصة لانهم انبياء تلك الامم. واما نبينا عليه الصلاة والسلام فحيث لا نبي بعده فهذا يقتضي يقينا انه لابد ان يكون مبعوثا الى الناس كافة والا يكون مختصا بامة العرب التي بعث فيها وان مقتضى ختم النبوة به ان يكون نبيا ورسولا لكل من يأتي بعدهم ولو بلغوا في التعداد والاجيال والقرون تاريخ البشرية كلها. صحيح لكن هذا هو مناط الشرف الذي نتكلم عنه. ومناط التفضيل بينه وبين باقي الانبياء فهو اوسع الانبياء دائرة في الامم. وكان النبي يبعث الى قومه خاصة. وبعثت الى الناس كافة وفي بعض الروايات وبعثت الى الاحمر والاسود. فهذا وجه من وجوه التفضيل. اما الاخر فقوله واحلت له الغنائم قال عليه الصلاة والسلام في الصحيحين واحليت واحلت لي المغانم. المغانم او الغنائم ما يجمع من اموال العدو بعد الحرب في الجهاد سواء كان سلاحا او مالا او مركوبا او متاعا او سبيا كل ذلك مغنم. يغنمه المجاهدون في سبيل الله الذين يقاتلون الكفرة الذين يصدون عن سبيل الله جهادا يعزون فيه راية الاسلام ويرفعون فيه راية دين ويدحرون فيه المعادين لله ورسله والمكذبين للانبياء. هذا الجهاد لا ما يزعم بعض الناس اليوم من كونه جهادا يستبيحون به الاعراض المسلمة والدماء المسلمة والاموال المسلمة ثم يظنون ذلك مغنما اثموا وكذبوا. فالجهاد الشرعي الذي ذكره النبي عليه الصلاة والسلام وما يكتسب فيه من اموال هي المسماة غنيمة شرعا. وكان في شرائع الانبياء سابقين عليهم السلام ان الغنيمة لا يحل اخذها بل تجمع فتحرق قربانا لله ولا يحل الانتفاع بها فجاءت شريعة محمد صلى الله عليه وسلم. وخص بها من بين الانبياء ان ان جهاد الاسلام يغنم الجيش المسلم ما يغنمه من اموال تعود الى الجيش. فتقسم بينهم على ما جاء في كتاب الله في قسمة الفيء والمغانم فهذه ايضا خصيصة تميزت بها امة محمد صلى الله عليه وسلم واعطيها نبينا عليه الصلاة السلام دون سائر الانبياء. اما الثالثة فقال وظهرت على يديه المعجزات. هذه ليست مخصوصة به عليه الصلاة والسلام فلكل نبي معجزته. ولكل نبي ايته فكانت اية موسى السحر وعصاه ويده او يداه وكانت اياته متعددة الطوفان والجراد والقمل والضفادع وعدة ايات وكانت حياة عيسى عليه السلام الطب وان يبرأ الاكمه والابرص ويحيي الموتى باذن الله. وان يخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طائرا باذن الله. وكانت ايات الانبياء السابقين هكذا متعددة. فما معنى ان يقول في نبينا وظهرت على يديهم معجزات يقصد انها اكثر عددا. واعظم ايضا اثرا وتتفاوت رتبها. فمعجزاته عليه الصلاة والسلام اشتملت على النوعين الحسي والمعنوي. وذلك ولا شك اعظم وابلغ في ان تحقق المعجزة المراد من صدق الرسول واثبات نبوته والتحدي المعجز للبشر. المعجزات الحسية في حياة المصطفى صلى الله عليه وسلم كثيرا ان ترى الماء ينبع من بين اصابعه. والطعام يكثر من تحت يديه عليه الصلاة والسلام. وانشقاق القمر نصفين يظهر جبل ابي قبيس بمكة هذي معجزات حسا رآها الناس وعاشوها وعاصروها ونقدوها. هذه على عظمته وضخامتها وشدة حدثها الا انها محدودة بزمان. فاليوم لا نرى انشقاق القمر واليوم لا نرى الماء الذي نبع ولا الطعام الذي تكاثر وتلك المعجزات رآها من عاينها. نعم نؤمن ونصدق بها لانها ثبتت عندنا فنؤمن بها والله كما لو رأيناها. وكما لو عشناها وادركناها لكن المعجزة الاعظم المعجزة الحسي المعجزة المعنوية. اعظم من الحسية لانها لا تزال على مر الاجيال. وتلكم ايات لذا واعظم معجزة اوتيها رسولنا صلى الله عليه وسلم. هي هذا القرآن العظيم. كلام الله الخالد قوموا على مر الزمان الذي ما تغير منه حرف ولا كلمة. نقرأه اليوم فنوقن تماما انه والله كما قرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم حرفا بحرف وكلمة بكلمة ونوقن تماما انه ما نقص منه جملة لا كلمة ولا اية ولا صورة ولا بعض منه ذلكم ان الله قال حين انزله انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون. حفظ الله الوحي هذه المعجزة التي اعجزت البشر. والمقصود ان المعجزات المعنوية اعظم اثرا واكثر بقاء في الامة لانها لا تزال مشهودة معاينة لكل الاجيال. فهذا القرآن المحفوظ بحفظ الله. وهذا الدين الباقي وتلك الامور الغيبية التي اخبر المصطفى عليه الصلاة والسلام بوقوعها. هي معجزات اخرى. ما اخبر بوقوعه من اشراط الساعة ومن احداث الكون فيقع وتعاينه البشرية وتعيش احداثه تلكم اية ومعجزة دالة على صدقه عليه الصلاة والسلام. قال وليس احد من الانبياء اعطي فضيلة او كرامة الا وقد اعطي محمد صلى الله عليه وسلم مثلها. ومقتضى ذلك منطقا ان تقول اذا كان كل نبي قد بعث الى قومه خاصة فاعطي من المعجزات والايات ما يؤمن على مثله البشر فان نبينا عليه الصلاة والسلام بما انه قد بعث الى البشرية جمعاء والى الامم كلها الى قيام الساعة فان ما يؤتاه من الايات والبينات ينبغي ان بمثابة ذلك كله. وقد قال عليه الصلاة والسلام ما بعث الله نبيا الا واتاه على ما على مثله يؤمن البشر. قال اني والا واني اوتيت القرآن ومثله معه. فذكر الوحي القرآن الكريم والسنة التي جعلها الله تعالى على لسان المصطفى اصلى الله عليه وسلم وحيا؟ فكان ذلك من المعجزات التي اشار اليها المصنف رحمه الله. نعم. قال رحمه الله تعالى قال بعضهم ومن فضله ان الله تعالى خاطب الانبياء باسمائهم وخاطبه بالنبوة والرسالة في كتابه فقال يا ايها النبي ويا ايها الرسول في كتاب الله تقرأ كثيرا نداء الانبياء باسمائهم اذ قال الله يا عيسى ابن مريم يا ابراهيم اعرض عن هذا. يوسف اعرض عن هذا واستغفري لذنبك. يا زكريا ان نبشرك بغلام اسمه يحيى وامثال هذا كثير. فنداء الله تعالى للانبياء في الكتاب الكريم جاء باسمائهم مجردة بينما جاء الخطاب لرسولنا صلى الله عليه وسلم بهذا الوصف بالنبوة او بالرسالة. فلا تجد فيها الا يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك. يا ايها النبي اتق الله. يا ايها النبي بما تحرم ما احل الله لك؟ يا ايها النبي اذا طلقتم النساء يا ايها النبي جاهدي الكفار والمنافقين. وهذا كثير في كتاب الله. ولم يذكر نبينا صلى الله عليه وسلم باسمه الصريح مجردا الا بوصف الرسالة معه. محمد رسول الله. والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل. قال بعض اهل العلم حتى لما جاءت الاية في ذكر اسمه مجردا اكان محمد ابا احد من رجالكم جاء تمام الاية ولكن رسول الله وخاتم النبيين. هذا لون لطيف خفي من فيه عليه الصلاة والسلام وتفضيله في الذكر على هذا النحو في كتاب الله الكريم. له دلالة واعتبار لا ينكر اخفاؤها رحمه الله وحكى السمرقندي عن الكلبي في قوله تعالى وان من شيعته لابراهيم ان الهاء على محمد صلى الله عليه وسلم اي ان من شيعة محمد اي ان من شيعة محمد لابراهيم اي على دينه ومنهاجه واجازه الفر وحكاه عنه مكي وقيل المراد منه نوح عليه السلام ختم المصنف رحمه الله الفصل بهذه الاية. في سورة الصافات لما عوقبت قصة نوح وقبل قصة ابراهيم قال وان من شيعته لابراهيم الظمير فيما يبدو في ظاهر السياق والاقرب ايضا انه عائد الى نوح عليه السلام. لكنه ذكر قولا عن الكلبي ان الهاء الى محمد صلى الله عليه وسلم على ان الهاء هنا تعود لا الى اسم مذكور بل الى معهود ذهني وان من شيعته محمد صلى الله عليه وسلم لابراهيم. فيكون مقتضى ذلك ان يكون ابراهيم عليه السلام من شيعة محمد صلى الله عليه وسلم واجازه الفراء يعني لغة فان هذا سائغ. لكن الذي عليه الجمهور وهو الراجح والظاهر المتبادر من السياق ان الضمير يعود الى ابراهيم عليه السلام وما ثبت من صريح التفضيل بالنصوص المذكورة السابقة تغني عن هذا. ايها الكرام ليلتكم هذه شريفة مباركة ترك ليلة الجمعة ندبتم فيها الى الاكثار من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم فاغنموها بكثرة الصلاة والسلام عليه تنال عددا مضاعفا من صلوات ربكم من صلوات ربكم سبحانه وتعالى فاجعلوها طريقا عظيما لهذا المغنم الكبير من الخيرات حسنات اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما يا رب العالمين. اللهم اغفر لنا وارحمنا وتب علينا. اللهم ارحم موتانا تانا واشفي مرضانا وتقبل منا يا اكرم الاكرمين. نسألك يا رب باسمائك الحسنى وصفاتك العلى ان تكفينا والمسلمين جميعا من شر اشرار وكيد الفجار ومن شر طوارق الليل والنهار. يا واحد يا احد يا قهار. اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا واسعة وشفاء من كل داء. اللهم اغفر لنا ولوالدينا وارحمهم كما ربونا صغارا. اللهم ارحم ابائنا وامهاتنا احياء ان وميتين. اعظم يا ربي اجورهم وضاعف حسناتهم. وكفر سيئاتهم وارفع درجاتهم في عليين. واجمعنا بهم وازواجنا في جناتك جنات النعيم. اللهم ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة