بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي اعلنا في امة الاسلام واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ذو الجلال والاكرام واشهد ان ان سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله. صلوات ربي وسلامه عليه وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد فما يزال مجلسنا هذا ايها المباركون في ذكر حقوق المصطفى صلوات الله وسلامه عليه. فيما نتدارسه من كتاب الامام القاضي عياض رحمه الله اه الموسومي بالشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه واله وسلم. وهذه المجالس التي ما زالت تابعة نقلب فيها صفحات هذا السفر المبارك نريد ان نقف منها على شيء ما يتصل بعقيدتنا وصلب في شهادتنا التي نكررها كل يوم مرات ومرات ونحن نقر بالوحدانية لله والنبوة والرسالة لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم. واقرارنا بالنبوة والرسالة له عليه الصلاة والسلام يستلزم حقوقا عظيمة وواجبات جمة. وهذا الكتاب الذي بين ايدينا وما زلنا نقلب صفحات هو من هذا القبيل يوقفنا على تلك الحقوق العظيمة والواجبات المتحتمة لنبي الامة عليه الصلاة والسلام وما يلزمه جميعا وما يلزمنا جميعا ايها المسلمون تجاه النبي المصطفى من حق وواجب صلوات ربي وسلامه عليه وفي هذه الليلة تحديدا ليلة الجمعة حيث يكون لنا من خلال ما نتدارسه ونقرأه ونسمعه في مثل هذا المجلس متسع لكثرة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه واله وسلم. ونحن نقرأ مثل تلك النصوص التي تدل على عظيم حقه وجليل منزلته بابي وامي هو عليه الصلاة والسلام. فينصرف احدنا من مجلس كهذا في ليلة كهذا كثير الصلاة والسلام على رسولنا صلى الله عليه وسلم. واذ نقول كثرة الصلاة والسلام عليه صلوات الله وسلامه عليه فاننا نعني بذلك بابا كبيرا من ابواب الاجر والعطاء الالهي. الفضل والكرم الذي تقابل فيه الصلاة الواحدة عليه صلى الله عليه وسلم بعشر صلوات من ربك الكريم الجليل سبحانه وتعالى. واذا صلى ربك على عبد من عباده حسن حاله وصلح شأنه ولم تزل رحمة الله سبحانه وتعالى تحيط به. فهنيئا لكل موفق في الى تلك هذه استكثر من رحمة ربه وصلاة ربه عليه بكثرة صلاته على نبيه صلى الله عليه واله وسلم ثم ان لنا فوق ذلك شرف هذا المكان الذي نحن فيه. وبيت الله الحرام وجوار كعبته المعظمة. حيث تجتمع القلوب المسلمة تلتمس رضا الله ورحمته وعفوه وغفرانه. فانت ترى الجموع المؤمنة ها هنا بين طائف وبين ملبي وبين مكبر وبين تال للقرآن وساع بين الصفا والمروة. وقائم على قدميه منتصبا يرجو رحمة الله وخامس المسادس وعاشر كل اولئك يزاحمون على رحمة الله في رحاب بيت الله. وانا والله لنرجوا ان بمجلسنا هذا لنزاحم بالمناكب في نيل رحمة ارحم الراحمين في ساحة بيته الحرام وفي رحاب بيته المعظم لم لا؟ ونحن نستكثر من الصلاة والسلام على نبيه المصطفى. صلى الله عليه واله وسلم. بل ان والله لنرجوا فوق ذلك المضاعفة التي وعدنا بها فانه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا. فصلوات الله وسلامه عليه ما تعاقب الليل والنهار وما توافد الحجاج والعمار وما كبر مكبر وما كبر مكبر ودعا داع وتلا قارئ للقرآن ايها الكرام وقف بنا المجلس في ليلة الجمعة الماضية في اثناء الفصل التاسع من الباب الاول. الذي جعله القاضي عياض رحمه الله تعالى في ذكر عظيم منزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الله. ولذلك اصبح يقلب ايات القرآن ويخرج منها ما يدل على جليل المكانة وعظيم المنزلة لرسولنا عليه الصلاة والسلام. مرت بنا فصول ثمانية بها من الوان هذه العظمة لرسول الله عليه الصلاة والسلام شيء عظيم. وفيها ايضا من تنويع ذلك التشريف الالهي لنبي صلى الله عليه وسلم ما تدهش له الالباب. وكل ما ذكر وما سيذكر من شرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وكرامته عند ربه وعظيم منزلته. فكل ذلك كما قيل مرارا هو والله شرف لامته عليه الصلاة والسلام قامة لها ورفعة لشأنها فانه مما شرفت به هذه الامة بين الامم شرفها بنبيها عليه الصلاة والسلام السلام الفصل التاسع الذي ابتدأناه في ليلة الجمعة الماضية خصه المصنف رحمه الله بما تضمنته سورة الفتح من الكرامات وخص سورة الفتح بهذا الفصل لانها اشتملت على قدر عظيم جليل من تلك المنزلة الرفيعة لرسول الله عليه الصلاة والسلام. اما ان المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه له من الحفاوة في كتاب الله شيء عظيم. فجاءت ايات سورة الفتح التي نزلت سنة الحديبية عام ست من الهجرة. وفيها من البشارة فيها من النصر فيها من التأييد فيها ايضا من المواساة فيها من رفعة الشأن فيها من الخيرات ما سماه الله تعالى فتحا وكما مر بكم في حديث البراء وجابر وابن مسعود وغيرهم رضي الله عنهم اجمعين في تسمية صلح الحديبية فتحا وان كان المتبادر فتح مكة الا ان يوم الحديبية كان فتحا مبينا. قال الله تعالى انا فتحنا لك فتحا مبينا ومر ما في صدر هذه السورة من الكرامات لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم مر فيها الفتح المبين مرت فيها الهداية للصراط المستقيم. مرت فيها مغفرة اكرم الاكرمين. مر فيها النصر العزيز. مر فيها السكينة على الصحابة وفيها الوعد والبشارة بالجنات وتكفير السيئات ثم جاء في هذا السياق قوله سبحانه انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة واصيلا فهذه البشارات وهذه المناقب المجتمعة التي جاءت في سياق واحد في سورة الفتح جعلت المصنف رحمه الله يفردها بحديث مستقل في هذا الفصل التاسع فيما تضمنته سورة الفتح من كراماته صلى الله عليه واله وسلم وقف بنا الحديث عند كلام المصنف رحمه الله تعالى فيما ذكر من وصف النبي عليه الصلاة والسلام بالشهادة وما امر ما امرت الامة به وما عدلت به بعثته من مقصد عظيم لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة واصيلا. فنستأنف حيث وقفنا لنربط السابق باللاحق في قول المصنف رحمه الله تعالى ثم قال انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه بكرة واصيلا. نعم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام وتملان على خير خلق الله اجمعين. اللهم صلي وسلم وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. اللهم لنا ولشيخنا ووالديه ووالدينا والمسلمين والمجتمعين. قالوا المصنف رحمه الله تعالى ثم قال اعوذ بالله من الشيطان الرجيم. انا اغسلناك ومبشرا ونذيرا لتؤمنوا بالله ورسوله تعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة واصيلا فعد محاسنه وخصائصه من شهادته على امته لنفسه. بتبليغه الرسالة لهم وقيل شاهدا لهم بالتوحيد ومبشرا لامته بالثواب. وقيل بالمغفرة ومنذرا عدوه العذاب وقيل محذرا من الضلالات ليؤمن بالله ثم به صلى الله عليه وسلم. من سبق قتله من الله الحسنى ويعزروه ان يجلونه وقيل ينصرونه وقيل يبالغون في تعظيمه ويوقروه اي يعظموه. نعم. تضمنت الاية وصفه عليه الصلاة والسلام باوصاف ثلاثة والبشارة والنذارة. فقال انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا. وقد مضى الحديث عن ان وصفه وعليه الصلاة والسلام بالشهادة يعني امرين اثنين او يحتمل معنيين اثنين وتقدم مثلها في سورة الاحزاب في معناها الاول يراد بها كونه عليه الصلاة والسلام شاهدا لنفسه على انه بلغ امته وهذا معنى عجيب فانه لا يشهد احد لنفسه. ولا يتأتى في اثبات الحقوق ابدا ان يدعي امرؤ شيء لنفسه ثم يشهد لنفسه بنفسه. واما هذا فخاص به عليه الصلاة والسلام. وفيها مما لا يخفى من عطاء الله له واختصاصه بهذه المنزلة العظيمة ان يشهد لنفسه بانه ادى ما كلف به وبلغ رسالة الله سبحانه وتعالى الى امتي. واما المعنى الاخر كما تقدم بكم قبل ذلك فانه عليه الصلاة والسلام شاهد على امته بانه بلغ الرسالة ويشهد لهم بتعديلهم والثناء عليهم وذكر مناقبهم وهذا المعنى كما تقدم سابقا في سورة الاحزاب جاء هنا كذلك قال انا ارسلناك شاهدا. ولهذا قال المصنف رحمه الله فعد محاسنه وخصائصه من شهادته على امته لنفسه بانه بلغ الرسالة. لتبليغه الرسالة لهم. وقيل شاهدا بالتوحيد فهذا تعديل وثناء يشهد لامته انها على الصراط المستقيم. ويشهد لها انها على التوحيد ويشهد لها انها اجابت داعي الله وهذا كما قلت فيه من الشرف لي ولك عبد الله ان يشهد لنا يوم القيامة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحجز مقعدك بصدق الايمان والاتباع والطاعة تظفر بشهادته عليه الصلاة والسلام في ذلك الموقف العظيم وهذا باب لكل مؤمن صادق في ايمانه. طائع لربه مجيب لامر نبيه عليه الصلاة والسلام. يظفر بهذه الشهادة النبوية هي والله اسمى من كل الشهادات واشرف من كل التزكيات ومهما بلغك ثناء من احد وتزكية ومدح من كبير او صغير فوالله ان شهادة الرسول عليه الصلاة والسلام لاحد من امته في ذلك الموقف العظيم هي التي لا لا يعدلها شيء. قال رحمه الله ومبشرا لامته بالثواب وقيل بالمغفرة. ومنذرا عدوه بالعذاب وقيل نذيرا يعني معناه محذرا من الضلالات. ليؤمن بالله ثم به صلى الله عليه وسلم. من سبقت له من الله الحسنى. اما معنى لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه فالتعزير هو التوقين. هي النصرة هي التعظيم لجناب الله عليه الصلاة والسلام. والمقصود بتعظيمه عليه الصلاة والسلام ان نعتني تمام الاعتناء بالمنزلة العظيمة التي انزل الله اياها نعم فان من تعظيم الله ان نعظم ما عظم الله وقد عظم الله شأن نبيه عليه الصلاة والسلام. فمن اراد ان يعظم شيئا عظمه الله فليعتني بتلك المواطن. ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربي وحرمات الله كل شيء له حرمة ومكانة وقدر عظيم. الاعتناء به واجب وتعظيمه مطلب فعظم الله بيته وعظم كتابه وعظم نبيه عليه الصلاة والسلام. وحق لنا جميعا عباد الله ان نعظم ما عظم الله ونحن في هذا السياق نتحدث عن عظمة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. عظمه ربه عظم اخلاقه. عظم عقله ودينه واستقامته وعظم شأنه كله عليه الصلاة والسلام. فواجب الامة من بعد ان تقوم بواجب التعظيم انه عليه الصلاة والسلام. عاش الصحابة معه رضوان الله عليهم مراعين هذا الحق العظيم في التعظيم. له عليه الصلاة والسلام فكان اصدق صور التعظيم عندهم تجاهه. عليه الصلاة والسلام صدق الايمان به. والمبادرة لامره والوقوف عند نهيه وعدم تقديم شيء بين يديه عليه الصلاة والسلام. ناهيكم عن عظيم الادب والاحترام فانهم كانوا لا يحدون البصر اليه هيبة له عليه الصلاة والسلام. ولا يرفع احدهم منهم صوته فوق صوته عليه الصلاة والسلام بل بلغ بهم الادب كما حكى انس رضي الله عنه كانوا اذا اتوا ابواب حجراته طرقوها بالاظافير ادبا وحشمة وهيبة واحتراما لرسول الله عليه الصلاة والسلام. وكل ذلك مما تقرأه في سير الكرام من الصحابة رضي الله عنهم هو تنزيل لهذا المعنى الكبير في التعظيم. لرسول الله عليه الصلاة والسلام الا ان اعظم ما يعظم به رسول الله عليه الصلاة والسلام الاستجابة لامره. والوقوف عند شريعته والاستنان بسنته. والله عبد الله معظم انت رسول الله لو كانت سنته عليه الصلاة والسلام معظمة في حياتك. عندما يكون شأنه في حياتك مقدما على كل اولوياتك عندما تكون السنة شعارك ودثارك عندما تستيقظ عليها وتنام عليها. عندما تصبح وتمسي عليها عندما لا ترضى ان تمس سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام. ولا ترضى ان تفرط فيها بقليل ولا بكثير. اقرأ في اخبار اولئك الكرام تجدهم جعلوا السنة النبوية فوق اعينهم حبا واحتراما. ومبادرة وامتثالا. هذا التعظيم الصادق الله عليه الصلاة والسلام احكي ذلك ليكون حديثنا عن التعظيم واضحا مبينا لتكون مرآة ننظر فيها تعظيمنا لرسول الله عليه الصلاة والسلام. ولنعلم يا كرام ان التعظيم له عليه الصلاة والسلام ليس كلاما وليست قصائد تمدح بها محاسنه عليه الصلاة والسلام وتذكر فيها شريف خصاله ثم ابصروا فلا ترى الا تنكبا عن التطبيق السنن. ولا ترى الا زهدا في الاتيان عليها. ولا ترى الا مزيدا من التفريط في تطبيق اي تعظيم؟ هذا تعظيم اجوف واسمحوا لي يا كرام كل مؤمن يروم تعظيم المصطفى عليه الصلاة والسلام فليبدأ بقلبه اولا فليحله فيه المكانة اللائق به حبا فلا يقدم محبة احد من البشر على حبه عليه الصلاة والسلام ثم انقيادا وامتثالا وطاعة واقتداء فلا يقبل بحال ان يكون امر في هذه الحياة مقدما على امر عليه الصلاة والسلام وربك يقول يا ايها الذين امنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله ان الله عليم ثم تأتيك الابواب تباعا في اظهار وابراز هذا الجانب العظيم من التعظيم. نريد ان نتجاوز ذلك التعظيم الاجوف التعظيم الشكلي الظاهر المقتصر على دعوى التعظيم ودعوى المحبة اولا القريب هذا الى شعار ورايات وعبارات دون ان يكون لها في رصيد الحياة نصيب. اصدقنا تعظيما لرسول الله صلى الله عليه وسلم هو اعظمنا امتثالا لسنته. واشدنا حبا له عليه الصلاة والسلام. فلا يلوي على شيء كما يلوي على السنن حبا وحرصا واقتداء وتطبيقا. ثم حثا ونشرا وبعثا لها بين الانام. هذا هو شأن المحبين. المعظمين لرسول الله عليه الصلاة والسلام. والله ما عظم احد نبي الله صلوات الله وسلامه عليه كما عظمه الله ولن يكون شيء في نواحي التعظيم ودواعيه اصدق ولا اوضح ولا ابين مما جاء في كتاب الله. فليكن هذا ميزانا لنا يا قوم قال وتعزروه. اما توقروه فهو التعظيم والاحترام. فالتعزير النصرة. التعزير منع سنته من ان منها او يتطاول عليها او يزهد فيها او تموت باهمالها. وتوقيره احترامه مهابته. لقد عاش الصحابة اوفر من هذا المعنى كما اسلفت فكان احترامهم بالنظر والكلام والمشي والقدوم والصحبة والدخول والخروج له عليه الصلاة والسلام في صحبتهم اياه كانت ابرز الشواهد على صدق الاحترام والتوقير. فماذا بقي لنا نحن اليوم؟ باي شيء سنظهر توقيرنا لرسول الله عليه الصلاة والسلام. باي معنى سنظهر احترامنا له عليه الصلاة والسلام. كيف سيكون احد عظيم الادب وهو لم يظفر بالحياة معه ولا الجلوس اليه ولا المشي معه ولا الخروج ولا الدخول كما حصل للصحابة رضوان الله عليهم اجمعين. لا يزال الباب مفتوحا في اظهار هذا الادب من الاحترام. حتى الصوت الذي قال الله فيه ان الذين يغظون اصواتهم عند رسول الله اولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى. لهم مغفرة واجر عظيم. وقد صرح علماؤنا بان رفع الصوت في مجلس يذكر فيه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم باللغط ورفع الصوت انه داخل في بخلاف هذا الادب اذا بوسعنا في مجالس السنة وحديث المصطفى عليه الصلاة والسلام ان نظهر هذا الادب فنكون له صلى الله عليه وسلم. ولما ابصر الفاروق عمر رضي الله عنه ذات يوم اثنين في مسجده عليه الصلاة والسلام قد ارتفعت اصواتهما بالكلام فغضب فاخذ كفا من حصباء فرمى بها اليهم فالتفتوا اليه فناداهما فلما اقبل اليه قال من اين انتما؟ فقال من اهل الطائف. فعذرهم عمر بانهم ليسوا ممن يعلم ما لهذا المكان ثم دلوا على ما يجب من التعظيم والاحترام في مسجد رسول الله عليه الصلاة والسلام اوليس اوليس جسده الشريف صلى الله عليه وسلم معهم في مقربة من ذلك المسجد الذي يصلون فيه. فينبغي ان يكون الادب حاضرا بعدم رفع الصوت. فقل مثل ذلك لكل كل زائر الى المسجد النبوي وواقف للسلام امام الحجرة على النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه ذاك مقام في اظهار الادب الا ترفع الاصوات الا يظهر النظر. وان يظهر مقام الاحترام والاجلال كما امر الله سبحانه وتعالى اعلم رعاك الله ان هذا مقصد من مقاصد بعثته. الله يقول انا ارسلناك يا محمد. لتؤمنوا انتم يا امة لتؤمنوا بالله ورسوله واللام للتعليم. وتعزروه وتوقروه. ارسله الله ليعزره. ارسله الله لنوقره ارسله الله لنؤمن به كل ذلك واجب ينبغي ان تفتح له الاذان تتبصره الاعين وتستوعبه الافئدة تعظيمه عليه الصلاة والسلام وتوقيره مقصد من مقاصد بعثته كما هو الايمان به عليه الصلاة والسلام. كل ذلك يأتي في قول ربنا سبحانه وتعالى لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه. قال المصنف رحمه الله يعزروه ان يجلوه وقيل ينصرونه وقيل يبالغون في تعظيمه ويوقروه ان يعظموه. وقد ثبت عن ابن عباس رضي الله الله عنهما في التفسير ان تعزروه قال التعزير الاجلال والتوقير التعظيم وفي المعنيين تقارب كما هو واضح. نعم قرأ بعضهم تعززوه بزايين من العز. والاكثر والاظهر ان هذا في حق محمد صلى الله عليه وسلم ثم قال وتسبحوه فهذا راجع الى الله تعالى. القراءة شاذة لا تصح وتعززوه بزائين على انه من العز يعني ان تحافظوا على لون في التعامل معه يظهر اعزازه عليه الصلاة والسلام. لكن الصحيح في تعزروه وقد مضى شرح معناه. قال رحمه الله والاكثر والاظهر ان هذا في حق محمد صلى الله عليه وسلم ما هو؟ وتعزروه وتوقروه. تأمل معي في الاية يقول الله لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه فالضمير يعود الى اقرب مذكور هو قوله ورسوله عليه الصلاة والسلام. وتوقروه الضمير يعود الى من؟ الى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وتسبحوه والضمير يعود الى من؟ الى الله فكيف خالفتم في عود الضمائر مع انها متعاطفة؟ قال المصنف والاكثر يعني اكثر اهل العلم والاظهر يعني الظاهر ايضا من حيث السياق ان عود هذا الضمير في قوله وتعزروه وتوقروه عائد الى رسول الله صلى الله عليه وسلم. واما وتسبحوه فباتفاق انها عائدة الى الله سبحانه وتعالى. ومثل هذا سائغ في العربية ولا اشكال فيه. ولهذا يرى بعض القراء ان الوقف على قوله وتعزروه وتوقروه اولى. فيقرأ القارئ لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه. ثم يستأنف وتسبحوه بكرة واصيلا. والامر في هذا واسع. قوله اكثر والاظهر اشارة الى ان بعض اهل العلم ذهب الى ان الضمائر كلها عائدة الى الذات الالهية. وان المقصود في قوله وتعزروه يعني ربنا. وتوقروه يعني ربنا وتسبحوه يعني ربنا. واما تعزير الله فمعناه نصرة الله بنصرة دينه سبحانه وتعالى. وتوقير ربنا احترامه واجلاله وتعظيمه جل في علاه. وتسبحوه يعني تنزهونه عما لا يليق بذاته العلية. هذا المعنى ذهب اليه بعض اهل العلم كالامام الزمخشري والالوسي في تفسيره. وقد رجحوا ان وما يرى كلها عائدة الى الذات الالهية. فاشار المصنف الى هذا الخلاف مع الترجيح الذي سمعت قبل قليل. قال ثم قال وتسبحوه قال فهذا راجع الى الله سبحانه وتعالى. وقد جاء في سورة الاعراف فالذين امنوا به يعني بالنبي عليه الصلاة والسلام وعزروه واتبعوا النور الذي انزل معه اولئك هم المفلحون. نعم. قال ابن عطاء جمع للنبي صلى الله عليه وسلم في هذه السورة نعم مختلفة من الفتح المبين وهو من اعلام الاجابة. وهذا في اول الايات انا فتحنا لك تحمو بينا فاذا جملة من النعم جملة من المناقب جملة من المنازل الرفيعة والشرف جاء في سياق الايات في سورة الفتح. قال الفتح المبين وتقدم بكم ان المقصود به صلح الحديبية. نعم. والمغفرة وهي من اعلام المحبة. قال الفتح من اعلام الاجابة يعني من علامات اجابة الله سبحانه وتعالى له. واما المغفرة فمن علامات المحبة ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر. وكل ذلك قد تقدم في المجلس الماضي. نعم. وتمام النعمة وهي من اعلام الاختصاص ويتم نعمته عليك. وهذا دليل على الاختصاص وان له من الحظوة والمكانة ما هو حفي به عليه الصلاة والسلام. فدل ذلك على مزيد شرف وعناية ينالها من اكرم الاكرمين. والهداية وهي من اعلام الولاية ويهديك صراطا مستقيما. قال فتكفل ربه له بهدايته. دليل على توليه اياه سبحانه وتعالى ومن تولاه الله كفاه امره. الولاية اشرف مراتب الصالحين. واعلى درجات المتقين. ولا تنافس الاخيار في شيء في هذه الحياة كما تنافسوا في ليل ولاية الله. واشرف ما تنعم به العباد من المنازل والمراتب والدرجات هي درجة الولاية واذا كانت النبوة لا تنال الا اصطفاء من الله فان ولاية الله تنال اجتهادا في طاعة الله. والسبق الى الله ومجاهدة النفس في القرب من هذه المنزلة الرفيعة. قال وقوله سبحانه وتعالى ويهديك قال من اعلام الولاية وصدق فان اشرف اولياء الله في امة محمد عليه الصلاة والسلام هو رسول الله صلى الله عليه وسلم نحن انما نلتمس نيل ولاية الله من طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم. فنسلك دربه ونتبع سنته رجاء ان نصيب شيئا من هذا الشرف العظيم بنيل ولاية رب العالمين. فالمغفرة تبرئة من العيوب وتمام النعمة ابلاغ الدرجة الكاملة والهداية وهي الدعوة الى المشاهدة. وقال جعفر بن محمد من تمام نعمته عليه ان جعله حبيبه واقسم بحياته ونسخ به شرائع غيره وعرج به الى المحل الاعلى وحفظه حفظه في المعراج حتى ما زاغ البصر وما طغى. يسوق المصنف الان ها هنا. كلاما لطيفا للامام جعفر ابن محمد وهو يتكلم عن طرف من معنى قوله سبحانه ويتم نعمته عليك. اما اما نال النبوة عليه والصلاة والسلام فهذا اشرف ما يكون. فما معنى ان يتم الله النعمة عليه؟ هذا يمكن ان يفهم بمعان متعددة ما هو تمام النعمة التي اتاها الله رسوله عليه الصلاة والسلام. يمكن ان تلتمس في ذلك وفرة من المعاني قال جعفر بن محمد من تمام نعمته عليه ان جعله حبيبه نعم. فلما احبه ربه وقربه اليه كان هذا من تمام نعمة. قال واقسم بحياته كما تقدم بكم في قوله سبحانه لعمرك. انهم لفي سكرتهم يعمهون. ونسخ به شرائع فهذا من تمام النعمة ايضا. وعرج به الى المحل الاعلى. يعني فوق سابع سماء. حيث بلغ سدرة المنتهى حيث بلغ موضعا ما بلغه قبله ملك مقرب ولا نبي مرسل. هذا دليل عظيم واضح جلي على تمام نعمة اوتيها رسولنا صلى الله عليه وسلم. قال وحفظه في المعراج حتى ما زاغ البصر وما طغى يعني حتى بلغت تلك الدرجة التي وصفه الله فيها بقوله ما زاغ البصر وما طغى وقد تقدم ذلك معنا في سورة النجم نعم وبعثه الى الاسود والاحمر الى الى البشرية جمعاء ولم يبعث الى العرب فقط ولا الى اهل الجزيرة ولا الى اهل زمانه فقط بل الى كل بشر الى يوم القيامة. واحل واحل له ولامته الغنائم هذا اشارة الى ما جاء في حديث في الصحيحين قوله عليه الصلاة والسلام اعطيت خمسا لم يعطهن احد من الانبياء قبلي فقوله اعطيت اذا هي عطية وجعلها جعفر رحمه الله في في المنن والنعم التي اتمها الله لرسوله عليه الصلاة والسلام. قال خمسا لم يعطهن احد من الانبياء قبلي اعطيت الشفاعة. ونصرت بالرعب مسيرة شهر واحلت لي المغانم ولم تحل لي احد قبلي وكان النبي يبعث الى قومه خاصة وبعثت الى الناس كافة وجعلت لي الارض مسجدا وطهورا. فايما رجل من امتي ادركته الصلاة فليصلي. اذا هذان انتمى من نعم التي اعطيها رسولنا صلوات الله وسلامه عليه. وجعله شفيعا مشفعة وجعله شفيعا مشفعا. ما الفرق بينهما؟ الشفيع الذي يبذل الشفاعة وشفيع على هذه الصيغة صيغة مبالغة. يعني هو شافع لامته عليه الصلاة والسلام. ولكثرة ما يبذل من الشفاعة لامته نال صيغة مبالغة شفيع. فشفيع كثير الشفاعة. ومشفع بمعنى مقبول الشفاعة عند الله فهو شافع مشفع. يعني له حق الشفاعة بل ومقبول منه شفاعته عند ربه وهذا ولا شك فضل وكرم ونعمة عظيمة وسيد ولد ادم وقرن ذكره بذكره ورضاه برضاه وجعله احد ركني التوحيد. قال ايضا وسيدة ولد ادم يشير بهذا الى حديث اخرجه بعض اصحاب السنن كابن ماجه وغيره في قوله عليه الصلاة كلام انا سيد ولد ادم يوم القيامة ولا فخرا. وانا اول من تنشق عنه الارض يوم القيامة ولا فخرا وانا اول شافعي واول مشفع ولا فخر. ولواء الحمد بيدي يوم القيامة ولا فخرا. اخرجه وابن ماجة وصححه الالباني وغيره. الحديث في مسلم ولفظه انا سيد ولد ادم يوم القيامة واول من يشق عنه القبر واول شافعه واول مشفع. وفي صحيح البخاري بلفظ انا سيد الناس يوم القيامة فنعم له السيادة عليه الصلاة والسلام على البشرية جمعاء. ليس على امته بل على البشرية من لدن ادم عليه السلام الى قيام الساعة. قوله انا سيد ولد ادم يعني سيد نسل ادم جميعا. والسيادة تعني الشرف والتقدم ورفعة الدرجة وان لا شيء من المناصب والمراتب والكرم والسؤدد يمكن ان يفوق فيه بشر نبينا عليه الصلاة والسلام بهذه المنزلة الرفيعة من السيادة. ثم لاحظ بعد ذلك قوله ولا فخره. فما كانت السيادة التي ظفر بها على العالم مدعاة لاشعري او بطل او تكبر او استعلاء. بل يقول بكل تواضع بابي وامه عليه الصلاة والسلام ولا وحق له والله ان يفخر والحق لنا نحن. معشر امته ان نفخر بسيادته عليه الصلاة والسلام وان نكون من امته قال ووسيد ولد ادم وقرن ذكره بذكره ورضاه برضاه. جعل سبحانه وتعالى ذكره مقرونا لنبيه عليه الصلاة والسلام كما تقدم بكم في قول الله سبحانه ورفعنا لك ذكره. وقول كثير من اهل العلم قال فلا يذكر في الاذان الا ذكر معه عليه الصلاة والسلام ولا يذكر في الشهادتين الا ذكر معه عليه الصلاة والسلام قال ورضاه برضاه من يطع الرسول فقد اطاعه الله فجعل الطاعتين مقترنتين وهذا من تمام الكرم والشرف والعز له عليه الصلاة والسلام وجعله احد ركني توحيد يعني في الشهادتين. فلا يستقيم لمسلم اسلامه حتى يقول اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله الله صلى الله عليه وسلم ولو وقف في المنتصف فقال اشهد ان لا اله الا الله ما عد بذلك مسلما. فان كثيرا من الملل يقولون فلا اله الا الله ولم يشفع ذلك لهم بدخول الاسلام ولا يعدون في اهل الملة فالتوحيد الصحيح الذي لا يقبل الله من عبد دينا سواه لن يكون الا بتمام الشهادة له بالرسالة والنبوة عليه الصلاة والسلام ثم قال تعالى ان الذين يبايعونك انما يبايعون الله يد الله فوق ايديهم. يعني بيعة الرضوان. اي انما يبايعون الله ببيع ببيعتهم اياك نعم وهذا ايضا ملحظ اخر عظيم من الشرف. مرة اخرى تأمل في الاية ان الذين يبايعون دونك يا محمد انما يبايعون الله والبيعة انما تكون بالمصافحة باليد فيضع المبايع يده في يد رسول الله عليه الصلاة والسلام ويعلن بيعته على ما تكون عليه البيعة. فجعل الله عز وجل واقام واقام قام بيعة الصحابة للنبي عليه الصلاة والسلام مقام مبايعته سبحانه ان الذين يبايعونك انما يبايعون الله وهذا ولا شك فيه من عظيم الكرامة لرسول الله عليه الصلاة والسلام مما لا تجده في موضع اخر من كتاب الله بهذا المعنى بهذه الدلالة انما يبايعون الله. وقصة ذلك في الحديبية كما يعلمه كلكم انه عليه الصلاة والسلام ما اشرنا في الدرس السابق لما جاء واقبل الى مكة يريد العمرة منع عليه الصلاة والسلام. فبعث عثمان ابن عفان رضي الله عنه ليكون مفاوضا لقريش يخبرهم فيه برغبة رسول الله عليه الصلاة والسلام وصحبه دخوله الى مكة لاتمام العمرة. وانهم انما جاءوا لنسك. وخرج عليه الصلاة والسلام على الرؤيا التي رآها وبشر بها اصحابها انهم سيدخلون مكة محرمين. فلما منع ارسل عثمان مفاوضا رضي الله عنه. فلما اقبل عثمان احسنت قريش وفادته واستقباله فاكرموه فلما ابتدأ الحديث بادروه بعرض الطواف له وقد دخل عثمان واذ تتكلم عن ست سنوات من الهجرة فانت تحكي عن الصحابة المهاجرين الذين ولدوا في مكة وعاشوا بها وترعرعوا ونشأوا وتعلقت قلوبهم بالكعبة ببيت الله الحرام واذا به منذ ست سنوات ما ابصر احدهم الكعبة. بهجرتهم مع النبي عليه الصلاة والسلام الى المدينة. فاي تتصوروا ان يكون في قلب واحد منهم وقد وصل مرة اخرى الى مكة ووقعت عيناه على الكعبة. اي شوق اي تعظيم اي رغبة في ان يكون من اوائل الفائزين؟ فلما ابتدأ الحديث عرضت عليه قريش الطواف فقال والله لا اطوف حتى يطوف رسول الله صلى الله عليه وسلم. وابى رضي الله عنه ارأيت؟ هذا لون من التعظيم الذي نحكيه؟ هذا لون من عظيم ادب الصحب الكرام رضي الله عنهم في حياتهم مع رسول الله عليه الصلاة والسلام. مع انه لو طاف لما عد مسيئا والله. مع انه ولو طاف لن يعاتب رضي الله عنه. مع انه لو فعل لكانت فرصة ثمينة لا يفرط فيها احد. ولم ذلك شيء من اخلاله بالدور الذي بعث له. لكن شيئا عظيما كان قائما في قلبه. وكان حاضرا على الدواء. حبه وتعظيمه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فرفض رضي الله عنه واصر على التفاوض فابتدأ الحديث معه ثم طال به المقام اتى عندهم تلك الليلة اكرموه واستضافوه فتأخر وابطأ في عودته الى رسول الله عليه الصلاة والسلام. فقلق بشأنه ثم حصائح واشاع مشيع ان عثمان قد قتل. فاغتم لذلك عليه الصلاة والسلام. فنادى اصحابه وقال لان صدق الخبر فلا ابرح مكاني هذا حتى اقاتل القوم. فدعا الصحابة الى المبايعة. لانهم انما خرجوا من المدينة ما خرجوا يريدون غزوة ولا قتال خرجوا يريدون عمرة واحراما ونسكا وطاعة ومن عظيم وفائه لاصحابه عليه الصلاة والسلام الا يغير بهم طريقا خرجوا اليه. فلما تغير الامر عرض عليهم المبايعة. فتبادر الصحابة وكانوا الفا واربعمئة ونيفا. فتبادروا يبايعون كلهم يمد يده. يعلن بيعته على الموت على تضحية على القتال مع رسول الله عليه الصلاة والسلام. وكلهم والله ذاك الرجل الذي لا يمكن ان يتأخر وقد ناداه عليه الصلاة والسلام ان اشترك معي وهات يدك معي. فطفقوا يبادرون يبايعون يضعون اكفهم في كفه الشريف عليه الصلاة والسلام. يبايعون على النصرة على الجهاد على القتال على التضحية على الفداء. فكانت هذه بيعة الرضوان كما سماها الله. لقد رضي الله عن المؤمنين اذ يبايعونك تحت الشجرة. وعثمان غائب. فلما اتم الصحابة مبايعته وضع النبي عليه الصلاة والسلام كفه في كفه الاخرى وقال اللهم هذه عن عثمان. فكانت منقبة شريفة لامير المؤمنين ذي النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه فتمت البيع فجاء الثناء الالهي من فوق سبع سماوات لقد رضي الله عن المؤمنين اذ يبايعونك تحت الشجرة الف واربع مئة انسان جاء الوحي يخبر بان الله قد رضي عنهم. فبؤسا والله لكل من تنقص احدا من الصحابة الكرام او نالهم بسوء او انتقص او حط من اقدارهم. فضلا عن ان يصفهم بخروج عن الدين او كفر والعياذ بالله فوالله لا قرت عين اساءت الى الصحب الكرام. ولا انعم الله قلبا ولا اتم له هناءة وهو اقدح في صحابة رسول الله عليه الصلاة والسلام. والله يقول من فوق سبع سماوات لقد رضي الله عن المؤمنين اذ يبايعونك تحت الشجرة ثم انظر الى عظيم الثناء فعلم ما في قلوبهم. فانزل السكينة عليهم واثابهم فتحا قريبا. ومغانم كثيرة يأخذونها وكان الله عزيزا حكيما. تمت البيعة واصبح الصحابة على اتم الاستعداد. لكنهما ان جاء الخبر اذا بان عثمان رضي الله عنه ما زال حيا. ففازوا بالاجر ولم يتعرضوا لقتال. فازوا بالرضوان لتعلم ان النية الصادقة وفق التعامل مع الله يبلغك ما لا تحتاج ان تبذل معه احيانا شيئا ما. لكن اصدق مع الله. واجعل بيعتك مع الله مدى الحياة بع نفسك لله واجعل نفسك على مقتضى امره ونهيه جل في علاه. والله ربك كريم من ان ذو فضل واكرام ويعطي سبحانه ويقبل من عبده اذا اقبل. ويفرح به اذا تاب واناب. ربك كريم سبحانه. فقال لقد رضي الله عن المؤمنين ثم جاءت هذه المنقبة وهذا الثناء لاولئك. فكان ولم يزل عند اهل الاسلام. ان الصحابة رضي الله عنهم درجات في الفضل والكرامة وان اهل بيعة الرضوان يوم الحديبية من اصحاب المراتب الرفيعة. لم لا وقد قال الله له؟ لقد رضي الله عن المؤمنين اذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فانزل السكينة عليهم واثابهم فتحا قريبا. وهنا يقول الله ان الذين يبايعونك انما يبايعون الله. فكان هذا لونا اخر من الشرف لهؤلاء انهم اذ يبايعون رسول الله صلى الله عليه وسلم فانما هي بيعة مع الله وانهم يبايعون الله ببيعتهم لرسوله عليه الصلاة والسلام. ثم جاء هذا التأكيد بمعنى اعظم يد الله فوق ايديهم. وهذا المعنى العظيم الذي اختلفت فيه جدا عبارات المفسرين. تدل على شرف واي شرف والله وكرامة واي كرامة لتلك الفئة المؤمنة الصادقة مع رسول الله عليه الصلاة والسلام ونالوا هذا الشرف بشيء واحد بحبهم وتعظيمهم وصدق امتثالهم لرسول الله. لما دعاهم الى البيعة اقبلوا وتوافدوا ما تأخر احد. ولا تردد احد ولا فكر احد ان يتراجع وما اقدم اصلا لقتال لكن لا فرصة لتردد ولا تفكير ولا تأمل والداعي هو رسول الله صلى الله عليه وسلم خذ هذا المبدأ وعشه ايضا انت في حياتك. لن اقول لك ستعيش حيا مع رسول الله عليه الصلاة والسلام لكن انظر الى داعي سنته في حياتك. ثم انظر الى موقفك في سرعة الابتداء. والامتثال وسرعة الاتيان وفور اجابة انت ستعيش هذا المعنى كما عاشوه رضي الله عنهم. ومن لم يطق ان تكون حياته في صغير اموره وكبيرها فيها سرعة المبادرة والاقبال والامتثال الى سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام تخشى انه لو كان حيا بين صحابته بلغ ذلك المبلغ فيه ايضا من التردد والاحجام وعدم الاقبال. المسألة يا كرام شيء عظيم يستقر في القلوب. وينشأ عنه تلك مواقف المشرقة التي حفظها التاريخ بل حفظها الوحي في قرآن يتلى الى يوم القيامة. يد الله فوق ايديهم. هذا المعنى في قوله يد الله فوق ايديهم شرف عظيم. وتعني ان الصحابة اذ وضعوا ايديهم في يد رسول الله عليه الصلاة والسلام يبايعون يوم الحديبية في بيعة الرضوان سنة ست من الهجرة فانما كانت يد الله فوق ايديهم. وعلى ما يقرره سلف الامة في اثبات الصفات للبارئ. سبحانه وتعالى فان اثباتها لا يستدعي تأويلا. ويد الله عز وجل يد على الحقيقة لا يعلم كيفيتها الا الله. ولا يتصور عقد بشري ابدا. كن هدالك ولا يبلغ الاحاطة به بالغ مهما لكن الله يقول يد الله فوق ايديهم. وعلوه سبحانه وتعالى. وفوقيته على خلقه فوق سماواه العلا ايضا يستلزم ان تكون يده سبحانه فوق ايديهم. وذلك لا يستلزم مماسة ولا يستلزم معنى لا يقبله العقل يد الله فوق ايديهم. وانت اذا ابصرت فقلت القمر فوقنا وصدقت. ولا يستلزم من قولك ان القمر فوق انه قد سقط على رأسك واصبح مماسا له. فاذ نقول يد الله فوق ايديهم. وربنا فوقنا جميعا. فانه لا داعي الى ان يذهب ذاهب الى تأويل اليد ها هنا بمعنى اخر وسيورد المصنف رحمه الله شيئا من تلك العبارات مع الافصاح بانها لون من المجاز الذي عدل فيه بهذا المعنى كثير من اهل العلم عن الحقيقة التي يدل عليها اللفظ يد الله فوق ايديهم. يريد عند البيعة قيل قوة الله وقيل ثوابه. وقيل فمنته وقيل عقده. نعم. جاء في بعض اهل كلام اهل العلم يد الله يعني قوة الله فوق ايديهم. وقيل ثوابه يعني وقع له ثواب الله ببيعتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وقيل منته وقيل عقده. وكل ذلك سائغ ان تفسر اليد بالعطاء وعطاء الله سواء. وان تفسر اليد بالقوة سائغ مجازا في اللغة. لكن حيث لا يمكن حمل اللفظ على معناه في الحقيقة. وحيث يكون هناك داع يسوغ للمجاز. فان لم يكن ذلك فلا حاجة اليه. نعم ولهذا قال وهذه استعارة وهذه استعارة وتجليس في الكلام وتأكيد لعقد بيعتهم اياه وعظم وعظم وشأن المبايع صلى الله عليه وسلم. اذا هي مجازات كما صرح القاضي رحمه الله. والحقيقة كما اسلفت اثبات اليد لله سبحانه وتعالى وكونها فوق ايديهم لضرورة كونه سبحانه وتعالى فوق خلقه وذلك لا يستلزم مماسة ولا معنى تألفه العقول او ولا تقبله. وقد يكون هذا وقد يكون من هذا قوله تعالى فلم تقتلوهم ولكن ان الله قتلهم وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى. وان كان الاول وفي الباب المجاز وهذا في باب الحقيقة. لان القاتل والرامي بالحقيقة بالحقيقة هو الله. وهو خالق وهو وخالق فعله ورميه وهو خالق فعله وهو خالق وهو خالق فعله ورميه وقدرته عليه ومسببه ولانه ليس في في قدرة البشر توصيل تلك الرمية حيث وصلت حتى لم يبق منهم ما لم تملأ عينه وكذلك قتل الملائكة قتل الملائكة وكذلك قتل الملائكة لهم قال القاضي رحمه الله وقد يكون من هذا يعني على المعنى الذي ذكره في تفسير قول الله سبحانه يد الله فوق ايديهم بالمعنى المجازي الذي قرره يقول قد يكون من هذا الباب ومن هذا القبيل تفسير قوله سبحانه وتعالى وما اذ رميت ولكن الله رمى في يوم بدر فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى السؤال اما حصل من الصحابة قتال يوم بدر؟ اما اعمل سيوفهم في رقاب الكفار؟ اما وضربوا وقاتلوا وقتلوا بلى. فكيف يقول الله فلم تقتلوه؟ ولكن الله قتلهم. حتى تفهم تدرك ان المعنى ليس نفيا لحقيقة القتل الذي وقع على ايديهم. لكن المقصود ان ما بذلوه من اسباب القتل يكن ليبلغ في قريش بسبب القتل وحده. ما الذي فعل الصحابة؟ وقد كانوا ثلاثمائة وبضعة عشر. يقابلون الف فانسان ما الذي سيفعله عدد في مقابل ثلاثة اضعاف؟ حتى ينتصروا وتكون لهم العزة ويعودون بفرح النصر والشهادة كيف حصل هذا؟ قال الله لم يكن هذا بفعلكم انتم. وليس المعنى انهم ما رموا بسهم ولا ضربوا بسيف ابدا. لكن المعنى ان ما حل بقريش من المقتلة وما بلغتموه من النصر لم يكن قم بقتلكم انتم فحسب ولكن الله قتلهم. وما رميت اذ رميت. لما اخذ عليه الصلاة والسلام يوم بدر كفا من من الرمل فرمى بها على وجوه القوم وقال شاهت الوجوه. قال فما بقي احد منهم الا دخل في منخريه وفي عينيه من تراب تلك الرمية قد رمى حقيقة عليه الصلاة والسلام لكن هل رمية كفي من انسان تبلغ عيني الف رجل وتدخل في مناخرهم وفي عيونهم قال وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى. يعني ان الله عز وجل قد بلغ برميتك تلك كما بلغ بقتال اصحابك معك ما بلغكم اياه من النصر الشريف والعز يوم الفرقان يوم بدر. هذا كله اراده المصنف رحمه الله تقريبا للمعنى الذي صرف الاية في سورة الفتح وهي ليست كذلك من كل وجه. ومن عظيم انصافه رحمه الله لما قال وقد يكون من هذا فاشار باسلوب التقليد انه ربما يسع في التأمل ان يحمل كما حملت هذه الاية. لكن الاية فيها نفي صريح فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم. فلما اثبت سبحانه اني امرا نفي قبله في اللفظ كان ذلك موجبا ان نفهم على اي شيء وقع النفي وعلى اي شيء وقع الاثبات حتى لا يحصل تناقض. اضافة الى ان الله عز وجل امد الصحابة يوم بدر من السماء قاتلت الملائكة باسيافهم حقيقة. اذ يوحي ربك الى الملائكة اني معكم. فثبتوا امنوا سالقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الاعناق واضربوا منهم كل بلاء وضربت عليهم السلام حقيقة باسيافها يوم بدر. يقول الراوي كما في الصحيح ارفع سيفي يوم بدر فاذا رقبة الرجل تقطع امامي لا ادري من ضربها ورأت قريش ورجالاتها ولما رجعوا فقيل لابي سفيان ماذا حل بكم؟ قال والله لقد لقينا رجال على خير بلق بين السماء والارض ما يقابلهم احد. ولا يقوم لهم احد. يوم احد. قال رجل سمعت صوتا من السماء اقدم حيزوم. يقول النبي عليه الصلاة والسلام صدق ذاك مدد من السماء الثالثة. قاتلت الملائكة حقيقة. فهذا كله دليل على معنى قوله فلم تقتلوهم. يعني لم يكن الذي حصل في نصر الله لكم في تلك الموقعة بسبب قتلكم وسيوفكم ايديكم فحسب لكنه كان سببا الاهيا عظيما فوق ذلك. ابصره بعضهم ادركه بعضهم. نزل الوحي حقيقة يخبر مثل هذا ليس قريبا ابدا من قوله يد الله فوق ايديهم. يريد ان يقول المصنف. فقول المصنف رحمه الله تعالى وان كان الاول في باب المجاز يقصد الاية الاولى يد الله فوق ايديهم على ما قرره رحمه الله. والراجح ابقاؤه على الحقيقة مسوة بغيرها من النصوص. قال وهذا في باب الحقيقة يعني اية سورة الانفال. لان القاتل والرامي بالحقيقة هو الله وهو خالق فعله ورمي يعني خالق فعل النبي عليه الصلاة والسلام. ورميه في قوله وما رميت فلم تقتلوهم. قال وقدرته عليه هو خالق القدرة ومسببه ولانه ليس في قدرة البشر توصيل تلك الرمية حيث وصلت. حتى لم يبق منه من لم تملأ عينيه يقصد كف الذي رمى به النبي عليه الصلاة والسلام وجوههم يوم بدر وقال شاهت الوجوه. قال وكذلك قتل الملائكة لهم حقيقة. يعني لان الملائكة شاركت عليها السلام في يوم بدر واحد وغيرها من المواقع التي امد الله تعالى فيها جهده واهل دينه بمدد من قاتلوا حقيقة نعم وقد قيل وقد قيل في هذه الاية الاخرى انها علامة انها على المجاز العربي اللفظ ومناسبته اي ما قتلتموه وما رويته انت اذا رميت وجوههم للحصباء والتراب ولكن الله رمى قلوبهم من جذع اي ان منفعة الرمي كانت من ذكر الله. فهو القاتل والرامي بالمعنى وانت بالاسم. نعم. يقول انه يمكن حمل الاية الاخرى في قوله فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم ايضا على المعنى المجازي. فيصبح قوله ولكن الله قتله ليس القتل الحقيقي بل والقتل المجازي بمعنى قتل القلوب خوفا وهلاعا وجزعا. وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى يعني رمى في قلوبهم هذا الجزع والخوف حتى هزموا. وعندئذ يصبح حبل الايتين معا على هذا المحمل من التأويل الذي ذكره المصنف وقد اشرت الى ما هو عليه كثير من المحققين من سلف الامة. قال وبالتالي فيكون المجاز ها هنا من باب مقابلة اللفظ ومناسبته فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم. فذكر القتل سبحانه وتعالى والمراد به ليس حقيقته لكن استخدم اللفظ ها هنا للمقابلة وهذا لون من البلاغيات في جمال اللغة. وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى. كل ذلك اذا حمل القتل والرمي على غير معناه الحقيقي. يقول يعني ان منفعة الرمي كانت من فعل الله فهو القاتل والرامي بالمعنى وانت بالاسم تم فصلنا التاسع الذي خصه القاضي رحمه الله تعالى لما تضمنته سورة الفتح من كراماته عليه الصلاة والسلام لنستأنف الله تعالى في لقائنا المقبل الفصل العاشر وهو خاتمة حصول اول هذه الابواب. ويبقى لنا يا كرام ان احدنا في كل مجلس يجلسه يفيد منه علما ويزداد فيه خيرا وايمانا وهدى ان يكون له نصيب وافر وحظ من هذه ليلة مباركة فعطروا فيها الانفاس بكثرة الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ولسان احدكم يا سيد الابرار حبك في دمي نهر على ارض الصبابة جاري. هذا المعنى الذي تمتلئ به القلوب محبة تحملنا على صدق اكمل وطاعة اتم وحب اعظم له عليه الصلاة والسلام. واعلموا انكم ندبتم ليس الى الصلاة والسلام عليه هذه الليلة بل الى كثرة الصلاة والسلام عليه. وهو القائل عليه الصلاة والسلام اكثروا الصلاة علي ليلة الجمعة ويوم الجمعة فمهما فعلت وعددت واستكثرت من الصلاة والسلام عليه فاعلم انك تريد ان تبلغ مبلغا يوصف بانه ليلة عظيمة وعمل جليل ورحمة كلنا يرجوها. فالتمسوها بكثرة الصلاة والسلام عليه. صلوات ربي وسلامه عليه الى يوم الدين. اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء. نسألك يا ربي وانت الكريم المنان ذو الجلال اكرام ان ترحم موتانا وموتى المسلمين. وان تشفي مرضانا اجمعين. اللهم انا نسألك ان تجعل لنا وللامة