بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله وكفى وصلاة وسلاما على عباده الذين اصطفى واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له يجزي اهل الوفاء بالتمام والوفاء واشهد ان نبينا محمدا عبد الله ورسوله المصطفى ونبيه المجتبى صلوات الله وسلامه عليه وعلى ال بيته وصحابته ائمة الهدى ومن تبعهم باحسان وسار على نهجهم اما بعد فهذه الليلة الشريفة المباركة ليلة تأنس فيها قلوب المحبين بكثرة الصلاة والسلام على النبي المصطفى صلوات الله وسلامه عليه. وهي في كل صلاة وسلام تغترف من صلاة ربها عليها عشرة اضعاف. فطوبى والله وهنيئا وسعدا وبشرى. لكل محب تقلب ليلته مستمتعا بالصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. يقلب حبا وينتقل ويستزيد خيرا ورحمة وبركة من رب الارض والسماء. صلاتنا على نبينا صلى الله عليه وسلم عبادة صلاتنا عليه محبة وقربة. صلاتنا عليه صلى الله عليه واله وسلم لون من الوفاء عزيز يجده المؤمن اوفر ما يكون في ليلة كهذه ايها الكرام. ليلة الجمعة التي تزهر سماؤها بالصلوات والسلام التي تنبعث بها افواه وقلوب المؤمنين في هذه الامة المباركة. يعترفون فيها وفاء بحق المصطفى صلى الله عليه وسلم ويعبرون فيها عن حب عظيم امتلأت به القلوب والافئدة. فلا ابرك من هذه الليلة في امة وهي تعيش هذه العبادة وتتقلب في اكنافها. ان الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم عبادة عظيمة واجر وفير فكيف وهي مندوبة في ليلة كهذه في قوله عليه الصلاة والسلام اكثروا الصلاة علي ليلة الجمعة ويوم الجمعة فمن صلى علي صلاة صلى الله عليه عشرا. ان صلاتنا على الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام كفارة للذنب للهم وقد قال عليه الصلاة والسلام لابي ابن كعب اذا تكفى همك ويغفر ذنبك. ويقول ايضا عليه الصلاة والسلام في فيما روى ابو هريرة رضي الله عنه صلوا علي فان صلاتكم علي زكاة لكم. يقول ابن القيم رحمه الله معلقا على هذا المعنى فهذا فيه اخبار بان الصلاة زكاة للمصلي على النبي صلى الله عليه وسلم والزكاة تتضمن النماء والبركة والطهارة. والحديث الذي قبله في قوله لابي اذا تكفى همك ويغفر ذنبك؟ قال والذي قبله انه فيه كفارة. وهي تتضمن محو الذنب. فتضمن الحديثان ان لا تمنع على النبي صلى الله عليه وسلم تحصل طهارة النفس من رذائلها. ويثبت لها النماء والزيادة في وفضائلها والى هذين الامرين يرجع كمال النفس فاعلم او فعلم انه لا كمال للنفس الا بالصلاة على النبي صلى الله عليه واله وسلم التي هي من لوازم محبته ومتابعته وتقديمه على كل من سواه من المخلوق صلوات الله وسلامه عليه انتهى كلامه رحمه الله. فاجعلوا لكم حظا وافرا ليلتكم هذه بالصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم واجعلوا مجلسكم هذا ايضا منطلقا في مطلع ليلتكم هذه بكثرة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم وما زال مجلسنا عامرا بفضل الله لتقليب الصفحات في كتاب الشفاء لتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه واله سلم للامام القاضي عياض ابن موسى الاحصوبي رحمه الله تعالى. وقف بنا الحديث يا كرام عند عاشر فصول الباب وهو اخر الفصول في اول ابواب الكتاب نختم به الباب الاول وقد خصه المصنف رحمه الله للحديث عن الايات والصور التي لم يتعرض لها في فصول سابقة. بابنا الاول الذي انهينا فيه فصولا تسعة. جعله المصنف رحمه الله لبيان المواضع التي تظهر عظيم قدر رسول الله صلى الله عليه وسلم. مما جاء منصوصا في كتاب الله وهو كثير عظيم مبارك كما مر بكم في ليالي سابقة. المجالس الماضية كان المصنف رحمه الله يحرص على تخصيص كل فصل لموضوع وعنوان او بموضع من كتاب الله جاء فيه عظيم القدر والمنزلة والمكانة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تأتى له ذلك رحمه الله في فصول تسعة تامة. فجاء الفصل العاشر لتمام وجعله المصنف رحمه الله لمحاولة جمع باقي المواضع من القرآن التي تدل في السياق ذاته على عظيم قدر رسول الله صلى الله عليه وسلم. وما له من المكانة الرفيعة والمرتبة الشريفة عند ربه. تبارك وتعالى مما لم يذكر في فصول سابقة فكأنه جعل الفصل الاخير في هذا الباب خاتمة يجمع فيه المواظع التي لم يمضي لها ذكر ولم يسبق لها ايراد في فصول الباب التسعة السابقة. وهذا منه رحمه الله. محاولة قدر المستطاع للاحاطة بهذا الباب وما جاء من المواضع في كتاب الله الكريم. وقبل ان نشرع في قراءته احببت التذكير بانه لم يزل هذا الصنيع من القاضي عياض رحمه الله يمثل يا كرام بوابة مهمة لنا. عندما يكون الحديث عن عظيم المصطفى عليه الصلاة والسلام. عندما يكون المعنى هو اظهار فضل نبينا ومكانته عند ربه جل في علاه. فانه ينبغي الا نتجاوز هذا الباب. وينبغي ان تؤسس اولى الخطوات على هذا المعنى. فانه لا اعظم مكانة لرسول الله صلى الله عليه وسلم مما جاء في كتاب الله. فوالله ما عظم احد نبي الله صلى الله عليه وسلم مثل ما عظمه ربه جل في علاه. ولن تجد اطلاقا مدحا ولا ثناء ولا تشريفا ولا تكريما لرسول الله صلى الله عليه وسلم اعظم مما خصه به ربه بكلامه في كتابه العظيم. فاعظم الشرف واجل المناقب واسمى المراتب وازكى ما جاء في ثناء ومدح لرسولنا صلى الله عليه وسلم. هو ما جاء في كتاب الله الكريم. فاولى كل محب يخفق قلبه حبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ان يبقى يعيش مع هذه الايات من كتاب الله يعرف فيها عظيم القدر لرسول الله عند الله. ويعرف فيها المكانة الرفيعة لنبي الامة في كتاب الله. ويعرف فيها ما خصه الله تعالى به وما جاءت الايات التي تتلى الى يوم القيامة في بيان مكانته صلوات الله وسلامه عليه. اذا هو مدخل مهم ينبغي العناية به وينبغي ان يؤسس حبنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وتعظيمنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وادراكنا لعظيم قدره وشريف مكانته ينبغي ان يؤسس على ما جاء في كتاب الله اولا. منه انطلق المصنف رحمه الله تعالى لنعلم ان ما نقرأه وما نسمعه في كتاب الله منذ ان نزل هذا الوحي ومنذ ان تلته هذه الافواه المؤمنة في الامة كانت ولم تزل تصدح في الكون اشادة برسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما تلي القرآن في الامة فلا يزال قدره عليه الصلاة والسلام يعلن في الخافقين. ولا تزال مكانته صلوات الله وسلامه عليه تسمعها في محارب المساجد وعبر المآذن وفي تلاوات القراء وفيما يتلوه الناس وما يحفظه الصبيان لتعلم ان الله عز وجل اودع في كتابه مكانة نبيه صلى الله عليه وسلم لتبقى محفوظة ولو اندرس العلماء وكتابة المؤلفين وثناء الشعراء ولو محيت كل تلك الاثار. فلا يزال ثناء ربه عليه باقيا ما بقي كتاب الله في الامة. ولا يزال عظيم قدره عليه الصلاة والسلام مرفوع الراية ما بقي كتاب الله يتلى اسمع ويحفظ وتردده الالسنة وتحفظه الصدور ويبقى يترنم به المؤمنون الى قيام الساعة. هذا وحده يا قوم والله عظيم شرف لرسول الله عليه الصلاة والسلام ان يودع فضله ومكانته وعظيم شرفه ومناقبه وثناء ربه عليه ان يودع في كتاب الله وان يبقى هذا محفوظا متلوا وان يبقى مترددا في هذا الزمان عبر التاريخ الى ان يرث الله عز وجل الارض ومن عليها. والامة تقرأ في مثل والضحى والليل اذا سجى ما ودعك ربك. وما قال والامة تقرأ في مثل قوله فلنولينك قبلة ترضاها. والامة تقرأ في مثل قوله والنجم اذا هوى. ما ضل صاحبكم وما غوى في ايات سيرة مرت بكم في فصول الباب الاول التسعة السابقة. فهذا فصل اخير ختم به المصنف اول الابواب. التي جعلها هذا المعنى لاستخراج ما في كتاب الله من الايات الدالة على عظيم قدر رسول الله عليه الصلاة والسلام. وقد ابدع المصنف رحمه الله في تلك الفصول التسعة وابراز مواضع من القرآن لطالما قرأها احدنا واستمع اليها لكنها لم تقع موقعها كما هو في كتاب الله فيه تجلية لعظيم القدر وشريف المكانة لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم فهذا عاشر الفصول يختم به المصنف التسعة السابقة ويجعله خاتمة لاول ابواب الكتاب. نعم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى آله اصحابه اجمعين اما بعد اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين ولجميع المسلمين قال رحمه الله تعالى الفصل العاشر. فيما اظهره الله تعالى في كتابه العزيز من كرامته عليه ومكانته عنده وما خصه الله به من ذلك سوى ما انتظم فيما ذكرناه قبل. نعم يقول رحمه الله سوى ما انتظم فيما ذكرناه قبل. يعني في غير ما اورده المصنف في الفصول التسعة السابقة. فهذا فصل يظهر او يورد فيه ما اظهره الله تعالى في القرآن الكريم. من كرامته صلى الله عليه وسلم على ربه مكانته عند ربه وما خصه الله تعالى به في كتابه الكريم قال سوى ما انتظم فيما ذكرناه قبله. اذا هو يجعله خاتمة يورد فيه ما لم يرد قبله في الفصول التسعة السابقة. نعم. قال رحمه الله من ذلك ما نصه على من قصة الاسراء في سورة سبحان والنجم ومن طوت عليه القصة من عظيم منزلته وقربه ومشاهدته ما شاهد من العجائب. نعم اشارت الايات اشارة في سورتي الاسراء والنجم الى هذه المعجزة الكبرى معجزة الاسراء والمعراج. التي يقول الله سبحانه وتعالى عنها في مطلع سورة الاسراء سبحان الذي اسرى اه بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله لنريه من اياتنا انه هو السميع البصير. وقال ايضا في اشارة في سورة النجم وهو يظهر مكانته وحظوته عليه الصلاة والسلام عند ربه وما بلغه من المكانة العظيمة لما قال الله عز وجل ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى الى ان قال لقد رآه نزلة اخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى اذ يغشى السدرة ما يغشى ما زاغ البصر وما طغى الا ان الموضعين في كتاب الله هذين في سورة النجم وفي سورة الاسراء لم يرد فيهما تفاصيل ما جاء في في حادثة الاسراء والمعراج كما تعلمون. ولم يأتي في كتاب الله تفاصيل هذه الحادثة والمعجزة الباهرة الا في الصحيحة الثابتة. وهذا الباب قد جعله المصنف رحمه الله مخصوصا لما جاء في كتاب الله من تلك وعلو المنزلة وشريف المكانة. اما ان الاسراء ولا شك من اعظم الدلائل على عظيم منزلة رسول الله عليه الصلاة سلام. لما تضمنته قصة الاسراء من مواقع فيها عظيم الشرف والتقديم والتكريم. اما ان الانبياء عليهم السلام في الاقصى فصلوا خلفه مأمومين فان يكون النبي الخاتم المؤخر اماما لمن سبقه من الانبياء شرف واي شرف. ثم عرج به الى السماوات السبع كلما استفتح سماء وجد فيها نبيا من الانبياء فيسأل عنه فيقال له فلان فيرحب به ويحييه الى ما صار من قصة فرض الصلاة فيمر بموسى عليه السلام فيأمره ان يرجع الى ربه. الحفاوة التي وجدها في ثنايا قصة الاسراء والمعراج وتشريفه على الانبياء وتقديمه عليهم جميعا افضل الصلاة والسلام دليل جليل على علو المنزلة وشرف المكانة. فضلا عما في قصة الاسراء ذاتها من كرامة له عليه الصلاة والسلام. ان يصعد به في ليلة من ارض مكة الى السماء السابعة. وان يؤتى به الى تلك المنزلة فيثبت فؤاده ويسل خاطره وتشرع ويعود عليه الصلاة والسلام بهذا هذه الكرامة وبهذا الاعجاز ليعيش مرحلة جديدة من دعوته في امته صلوات الله وسلامه عليه. قصة الاسراء عظيمة. وحادثتها باهرة ومعجزة عجيبة. وجاءت تفاصيلها في السنة. لكن المصنف فلما خص هذا الباب لما جاء في القرآن الكريم من الكرامات النبوية وعظيم المنازل التي وردت في كتاب الله قد جاء في كتاب الله الاشارة اكتفى رحمه الله ها هنا بالاشارة فقال ما تضمنته سورة الاسراء وسورة النجم وما انطوت عليه قصة من عظيم منزلته وقربه ومشاهدة ما شاهد من العجائب. اذا فاين تفاصيل هذا العجب؟ اين تفاصيل هذه العظيمة اين بيان هذا القرب الكبير الذي خصه به ربه الكبير المتعال؟ هذا لم يرد في كتاب الله. لكنه في سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام. ومن عظيم تبويب المصنف ودقته رحمه الله اجل الحديث عما ورد في قصة الاسراء الى الباب الثالث واوعب فيه هناك تفاصيل الحادثة وما انطوت عليه وما تضمنته الروايات ومن فرد به بعض الرواة عن بعض ومتى ضمنه ذلك من بعض المسائل مما اختلف فيه اهل العلم مثل هل رأى النبي صلى الله الله عليه وسلم ربه ليلة المعراج وما حصل من خلاف كل ذلك جاء مستوعبا. لكنه في موضعه الملائم له من كتاب وقد جعل المصنف رحمه الله الباب الثالث مخصصا لما جاء من الكرامات والفضائل والخصائص مما تضمنته السنة والاثار لا مما جاء في كتاب الله فارجأ الحديث عن هذا الموضوع العظيم والمعجزة البالغة الى موضعه من الكتاب. نعم قال رحمه الله تعالى ومن ذلك عصمته من الناس بقوله تعالى والله يعصمك من الناس قوله تعالى واذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك او يقتلوك او يخرجوك. ويمكرون اذكروا الله والله خير الماكرين. ومن ذلك عصمته من الناس. من ذلك يعني من كرامته عند ربه اظهره الله في كتابه العزيز من عظيم المنزلة لرسول الله عليه الصلاة والسلام عصمته عليه الصلاة والسلام قال عصمة من الناس ليست العصمة المقصودة هنا عصمة النبوة بمعنى الصيانة من الوقوع في الذنوب والمعاصي عصمته من الناس. يعني حمايته عليه الصلاة والسلام. يعني منعه ان ينال باذى. عصمته صلوات الله وسلامه عليه الا يناله احد بسوء او اذى او قتل ونحو ذلك. هذه العصمة ثبتت في قوله والله من الناس فكيف عصمه ربه؟ اخرج الترمذي واحمد وغيرهم رحم الله الجميع. بحديث في سنده ضعف ان النبي عليه الصلاة والسلام كان يحرس من اصحابه بالمدينة. يعني كانوا يتناوبون الحراسة عليه خشية ان يناله احد اليهود بسوء او احد المنافقين باذى او يعترظه عليه الصلاة والسلام. قال كان يحرص عليه الصلاة والسلام نزلت الاية والله يعصمك من الناس فاخرج عليه الصلاة والسلام رأسه من القبة فقال ايها الناس انصرفوا فقد قمني الله تعالى. الحديث فيه ضعف لكن المعنى الوارد ها هنا في الاية تناوله المفسرون ببيان شيء عجيب. اسمع الى ما الامام ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير والله يعصمك من الناس. يقول ابن قتيبة يعصمك ان يمنعك منه والله يعصمك يعني يمنعك من الناس ان يصيبك احد منهم بسوء. يقول ابن كثير ومن عصمة الله له حفظه له من اهل مكة وصناديدها وحسادها ومعانديها ومترفيها. مع شدة العداوة ونصب المحاربة له ليلا ونهارا. ارأيت عاش في مكة عليه الصلاة والسلام ثلاث عشرة سنة. كانت ممتلئة بالمواجهة. اصحابه تعرضوا بالوان والوان من الاذى فعذبوا واوذوا وفتنوا عن دينهم بل قتل بعضهم. اما قتل ياسر والد عمار وزوجه وسمية وكانوا يتعرضون لسوء العذاب وكان يعذب بلال وغيره من الموالي والجواري بمكة فتن الصحابة واوذوا اذى شديد لا تقل لانهم ضعفاء حتى اشراف الصحابة اوذي بعضهم. فما الذي منع الاذى عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ان يبلغه اذى فيه من الاهانة والاحتقار ما قد يبلغ غيره من البشر. هذا المعنى الكبير والله يعصمك من الناس. يقول ابن كثير رحمه الله حفظه الله تعالى من اهل مكة وصناديدها وحسادها الى ان قال مع شدة العداوة ونصب في محاربة له ليلا ونهارا بما يخلقه الله من الاسباب العظيمة بقدره وحكمته العظيمة فصانه الله في ابتداء الرسالة بعمه ابي طالب. وقد كان في كفالته وكان يدفع عنه اذى قريش. وكان يمنعهم من ان ينالوه اسمع يقول اذ كان رئيسا مطاعا في قريش وخلق الله في قلبه محبة طبيعية لرسول الله صلى الله عليه وسلم لا محبة شرعية يعني لا محبة لدينه لانه ما امن سؤال ربك الذي اودع قلب ابي طالب حبا لابنه لاخيه محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام. اما كان ربك قادرا ان يودع قلب ابي طالب حبا شرعيا وايمانا بنبوته واستجابة لدينه لكن حكمة الله ما كانت كذلك. يقول ابن كثير رحمه الله ولو كان اسلم قرأ عليه كفارها وكبارها. لو اسلم ابو طالب لتجرأت عليه قريش. ولا اعتدت عليه وعلى ابن اخيه رسول الله عليه الصلاة والسلام. فكم لله في ذلك من حكمة؟ يقول ولو اسلم لاجترأ عليه كفارها وكبارها. ولكن لما بينه وبين لهم قدر مشترك هابوه واحترموه. فصارت الصيانة لرسول الله عليه الصلاة والسلام بعمه ابي طالب. يقول فلما مات ابو طالب نال منه المشركون اذى يسيرا ثم قيض الله له من الانصار فبايعوه على الاسلام وساق رحمه الله الوانا من الله لرسول الله عليه الصلاة والسلام تسخر الاسباب ويقدر ربك المقادير التي تضمن عصمة لرسول الله عليه الصلاة والسلام وهذا لون عجيب يا اخوة. وشرف عظيم والله هو دلالة واية كبرى الا انها ليست موقفا في السيرة. وليست مرحلة وليست صفحة تقرأ سيرته عليه الصلاة والسلام خلال ثلاث عشرة سنة بمكة وعشر سنوات بالمدينة كانت فيها العصمة الالهية لرسول الله عليه الصلاة والسلام. يبقى سؤال هنا ايضا يثار. يقول ابن الجوزي رحمه الله فان قيل فاين ظمان العصمة وقد شج جبينه وكسرت رباعيته وبورغ في اذاه. اما اعترضه بعض سفهاء قريش بمكة باذى؟ اما وضعوا سلل الجزور على ظهره الشريف عليه الصلاة والسلام اما ابتدروه بالسنة فيها من السوء؟ فقالوا ساحر وكذاب وشاعر ومجنون فاين قوله والله يعصمك من الناس بل اما احاطوا بداره يريدون قتله؟ صحيح انهم ما قتلوه فاين والله يعصمك من الناس فكيف وقد مات عليه الصلاة والسلام وهو يحكي انه يجد اثر السم في الشاة التي سمته فيها اليهودية؟ فاين فوالله يعصمك من الناس؟ هذا سؤال. يقول ابن الجوزي رحمه الله فان قيل فاين ضمان العصمة؟ وقد شج جبينه يعني احد وكسرت رباعيته صلى الله عليه وسلم ووجد يوم احد اذى شديدا وبولغ في اذاه يقول فعنه جوابا الاول ان الله عصمه من القتل والاسر وتلف الجملة. يعني عصمه الله مما يمنعه عن تبليغ الرسالة مما يمنعه عن الاستمرار في تبليغ دعوة الله ودين الله ووحي الله. هذا قد تكفل الله به. لكن ليس المعنى ان يعصمه الله الله من كل شر من كل سوء من كل اذى فان ذلك لو حصل لو كان فيه معنى الكرامة لرسول الله عليه الصلاة والسلام الا انه يفوت به معنى عظيم ان يقتدى به لمن بعده من الدعاة والمصلحين وارباب الخير وحملة الامانة في الامة. كيف سيكون لهم اسوة في تحمل الاذى والسوء. الا ان يكون لهم قدوة برسول الله عليه الصلاة والسلام. اذا ستفهم ان معنى والله من الناس كما يقول هنا رحمه الله عصمه من القتل والاسر وتلف الجملة فيما يمنع من تبليغ الرسالة. قال ما عوارض الاذى فلا تمنعوا فلا تمنعوا عصمته الجملة منه. هذا المعنى الاول والجواب الاول والمعنى ان هذه الاية نزلت بعدما جرى عليه ذلك. في سورة المائدة والله يعصمك من الناس ومعلوم ان سورة من اواخر ما نزل من القرآن. فلما اخبر الله بقوله والله يعصمك من الناس كانت العصمة تماما بعد نزول الاية فهذا جواب يزول به الاشكال. يعني ان ما حصل بمكة وما حصل باحد وما حصل في بعض المواقف كان قبل ان انزل قوله تعالى والله يعصمك من الناس اذا فزال الاشكال. يتجلى لك امر عظيم. الله قد تكفل بعصمة نبيه عليه الصلاة والسلام. عصمة احاطه الله بها من اذى الكفار والمعاندين والحاسدين. عصمة لم تمنعه من تبليغ الرسالة واداء الامانة وكان الاذى الذي يبلغه عليه الصلاة والسلام اذى محتمل اذى ينكر الصبر عليه اذى الجهاد واذى التعب واذى النصب واذى السخرية والاستهزاء اذى الاخراج من مكة والاجبار على الهجرة اذى مفارقة الوطن والاهل والولد كل ذلك حاصل لكن هذا الاذى وبقاؤه مع العصمة الالهية ليجمع الله تعالى له بين عصمة وصيانة ربانية وبين اجر عظيم يناله باذى كفار كفار الامة ومؤذيها ومعانديها. فجمع الله تعالى له بين شرف الاجر باحتمال الاذى وبين العصمة والحفظ وبين الشهادة بموتة السم كما يفسره بعض العلماء انه لما قال اني وجدت اثر السم قالوا ابى الله الا ان يجمع لنبيه بين النبوة والشهادة. فكانت موتته بوجود اثر السم كما حكاه عليه الصلاة والسلام يجعل ذلك معنا قريبا من نيل معنى الشهادة التي يجدها من مات مبطونا او باذى من هذا القبيل. خلاصة القول ان قول ربنا سبحانه وتعالى والله يعصمك من الناس احدى كرامات رسول الله عليه الصلاة والسلام المبثوثة في كتاب بالله ولون شريف عظيم وفيه قدر رائع من بيان هذه المكانة لنبي الامة ان الله تكفل له بالعصمة من اذى من يؤذيه ومن عداوة من يعاديه. واليوم نجد في هذا تفريجا كبيرا والله يا قوم. وتنفيسا عما القلوب المؤمنة من تطاول بعض سفهاء البشر وحمقاهم وكفارهم مما يظنون انهم يتطاولون به على مقام النبوة في مقالة ساخرة او رسمة تافهة او عبارة ساقطة يؤلمنا ذلك بحكم القلوب المؤمنة المحبة الله عليه الصلاة والسلام لكن والله سرعان ما يتجلى ذلك الكرب ويتنفس الفؤاد المكلوم وهو يسمع ويقرأ والله يعصمك من ناس تكفل الله بعصمته حيا. الن يعصمه ميتا عليه الصلاة والسلام. فاذا مهما بلغ ارباب الاذى والسوء والنكاية والحقد للاسلام ولنبي الاسلام عليه الصلاة والسلام. فاملأ فؤادك اخا الاسلام طمأنينة وثقة ورضا ان الله عز وجل حام حمى نبيه. وعاصم مقامه عليه الصلاة والسلام ان يناله احد او ينتقصه بقدر لكنه والله ديمومة هذا البلاء من المواجهة والفتنة لامة الاسلام ان ثابتة على على هذه الركائز الكبرى. على هذه الامور الراسخة في الدين والعقيدة وان تذود عنها وان تبقى دونها حامية رافعة راية الاسلام ناصرة لله ولدينه ولكتابه ولرسوله عليه الصلاة والسلام تعالى واذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك او يقتلوك او يخرجوك ويمكرون ويمكر الله. اي مكر تحكيه الاية في في هذه السورة عن كفار قريش. واذ يمكر بك الذين كفروا. مكرهم كثير متعدد لكن مكر مارسته قريش هي مؤامرة القتل التي دبرتها لرسول الله عليه الصلاة والسلام والتي انطوت عليها قصة الهجرة واذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك يعني يقيدوك ويأسروك او يخرجوك يطردوك ويمكرون ويمكر الله يثبتوك او يقتلوك او يخرجوك. وهذه الثلاثة هي الاراء التي انفتقت عنها اراء صناديد قريش اذ اجتمعوا على قتل رسول الله عليه الصلاة والسلام. فان القصة كما رواها ابن عباس وغيره فيما اخرجه اصحاب التفسير وارباب السير فيها عما صنعته قريش مؤامرة برسول الله عليه الصلاة والسلام. فانها قريشا فرقت وخافت. لما سمعت ببيعة الانصار وخافوا انه ان بلغ المدينة عليه الصلاة والسلام ليجدن من النصرة والمأوى والحماية ما يبلغ به دينه الافاق وقد كان صلوات الله وسلامه عليه. فتآمرت واتفقت واجتمع نفر من كبارهم في دار الندوة. يتشاورون في امر رسول الله صلى الله عليه وسلم سلم كانت رؤوسهم عتبة ابن ربيعة وشيبة ابن ربيعة ابو جهل ابو سفيان طعيمة ابن عدي شيبة ابن ربيعة نظر ابن الحارث وجماعة من كبار قريش وحضروا الاجتماع. يقودهم ويرأسهم ويتزعمهم ابليس بنفسه اذ حضر في صورة شيخ من اهل نجد فقدم يحضر المؤامرة. حدث كوني رهيب يا اخوة. يحضره شياطين الانس وكبير شياطين الجن والمقضية كبرى هي الحيلولة دون نبي الاسلام ان يفتح له في التاريخ صفحة جديدة وان يعيش مرحلة يبلغ فيها دين الله عز وجل شرق الارض وغربها. اجتمعوا وتآمروا وتداولوا الاراء. فكانت الاراء الثلاثة ما طمنته الاية ليثبتوك او يقتلوك او يخرجوك. وتآمروا ويتداولون الرأي فتكلم متكلمهم وحضر معهم ابليس في صورة شيخ من اهل نجد فلما تراءوا قال اولهم اما انا فارى ان تأخذوا محمدا وتحبسوه في بيت هذا قوله ليثبتوك فتحبسوه في بيت وتشدوا وثاقه وتسدوا باب البيت غير قوة يعني نافذة صغيرة تلقون اليه طعامه وشرابه. وتتربصون به ريب المنون حتى يهلك. كما هلك من قبله من الشعراء رأي يبدو وجيها ويبدو قويا ومحكما في الحيلولة دون رسول الله عليه الصلاة والسلام ان يختلط بالناس وان يبلغ الرسالة والدعوة فتكلم ذلك الشيخ فصرخ وقال بئس الرأي رأيتم والله لان حبستموه في بيت فخرج امره من وراء الباب الذي غلقتم دونه الى اصحابه فيوشك ان يثبوا عليكم ويقاتلوكم ويأخذوه من بين ايديكم. فقالوا صدق الشيخ هذا ابليس قالوا صدق الشيخ. فتداولوا رأيا اخر. فقال قائلهم وهو هشام ابن عمرو. قال اما انا فارى ان احملوه على بعير تخرجوه من اظهركم هذا قوله تعالى او يخرجوك ليثبتوك او يقتلوك او يخرجوك. قال اتحملوه على بعير تخرجوه من بين اظهركم فلا يضركم ما صنع ولا اين وقع اذا غاب عنكم واسترحتم منه قال ابليس ما هذا لكم برأي تعتمدون عليه تعمدون الى رجل قد افسد احلامكم يعني عقولكم وسفه ارائكم فتخرجوه الى غيركم الم تروا الى حلاوة منطقه وحلاوة لسانه واخذ القلوب بما تسمع من حديثه؟ قالوا بلى والله. قال والله لئن فعلتم ليذهبن ويستميل قلوب قوم ثم يسير بهم اليكم فيخرجكم من بلادكم. قالوا صدق الشيخ. هذا ابليس. فتداولوا الرأي مرة ثالثة كلما قدموا رأيا يظهر لهم ان ما وراءه من المكر ينبغي ان يكون اكبر. حتى تكلم ابو جهل فقال والله لاشيرن عليكم برأي ما ارى غيره اني ارى ان تأخذوا من كل بطن من قريش شابا نسيبا وسيطا فتيا ثم يعطى كل فتى منهم سيفا صارما ثم يضربوه ضربة رجل واحد فاذا قتلوه لو تفرق دمه في القبائل كلها. ولا اظن هذا الحي من قريش يعني بني هاشم. قال ولا اظن هذا الحي من بني قريش يقف ويقوون على حرب قريش كلها وانهم اذا رأوا ذلك قبلوا العقل يعني الدية فتؤدي قريش ديته. فقال ابليس هذا الفتى وهو اجودكم رأيا القول ما قال لا ارى غيره. فتفرقوا على قول ابي جهل وهم مجمعون عليه فاتى جبريل عليه السلام الى رسول الله صلى الله عليه وسلم واخبره بذلك وامره الا يبيت في مضجعه فكان مات يعلمون من قصة الهجرة ومبيت امير المؤمنين علي رضي الله عنه في فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم وارتحال المصطفى عليه الصلاة والسلام بصحبة الصديق مهاجرا الى المدينة بعدما مكث في الغار ثلاثة ايام الى اخر حادثة الهجرة. سورة الانفال والله عز وجل يقول فيها واذ يمكر بك الذين كفروا يثبتوك او يقتلوك او يخرجوك والحادثة مكية. نعم والله عز وجل يذكر نبيه نعمته عليه. لان الاية قبلها واذكروا نعمة الله عليكم. ثم يقول واذ يمكر بك الذين كفروا يعني اذكر يا محمد نعمة الله عليك وهذه النعمة هي عصمة الله تعالى له من الناس. هي حمايته اما رأيت البشر يجتمعون يتآمرون بل انسهم وجنهم يتآمرون وربه يدبر امره من فوق سبع سماوات. اي انسان هذا محمد بن عبدالله صلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم. اي بشر يتولى رب الكون تدبير امره من فوق سبع سماوات تحوطه ينصره يعصمه يرتب له شأنه يحمي له امره حتى يبلغ دعوة الله. اما عقلتم عظيم من منزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ربه جل في علاه. اما والله ما حق احدنا اذ بلغ هذا الامر في فؤاده وعرف حقيقة عظيم قدر رسول الله عليه الصلاة والسلام الا اخذ نفسه بحزم وعزم اينوي على شيء الا ان يكون اقرب الناس حبا وايمانا لرسول الله عليه الصلاة والسلام. واشدهم استمساكا واحرصهم على رفع رايته واكثرهم غيرة على دينه وشريعته. هكذا يفعل الحب لقلوب المحبين لرسول صلى الله عليه واله وسلم. الاية اذا فيها عظيم القدر عظيم الحماية عظيم النصرة. عظيم العصمة من الله لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم وهذا ما قصده المصنف رحمه الله تعالى بقوله في ايراد الاية واذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك او يقتلوك او يخرجوك. ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين. والله عز وجل قد حفظ نبيه عليه الصلاة والسلام فادى رسالة الله وبلغ الدين واتم الرسالة واشهد الامة في اخر حياته وهو يقول الا هل بلغت فتقول الامة نعم فيقول اللهم فاشهد ولحق بالرفيق الاعلى صلوات الله وسلامه عليه. نعم. قال رحمه الله تعالى وقوله الا تنصروه فقد نصره الله. اذ اخرجه الذين كفروا ثاني اثنين اذ هما في الغار اذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا فانزل الله سكينته عليه وايده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى. وكلمة الله هي العليا. والله عزيز حكيم وما دفع الله به عنه في هذه القصة من اذاهم بعد تحسبهم لهلكه وخلوصهم نجيا في امره. والاخذ على عند خروجه عليهم وذهولهم عن طلبه في الغار وما ظهر في ذلك من الايات ونزول السكينة عليه وقصة سراقة بن مالك رضي الله عنه حسب ما ذكره اهل الحديث والسير. في قصة الغار وحديث الهجرة نعم هذا حديث متصل بقوله تعالى والله يعصمك من الناس. فان الله عصم نبيه عليه الصلاة والسلام كما اسلفنا من اذى قريش ومكرها وعنادها وصدودها عن سبيل الله. فعصمه الله حتى مكن من تبليغ الرسالة وابلاغ الوحي وتعليم الدين. وما زالت عصمة الله تعالى به حتى بلغ مكر قريش اعظم المكر. وهو امرته على القتل فيما سمعتم قبل قليل. فعندئذ هيأ الله لنبيه عصمة ونصرة. قال الله الا تنصروه فقد نصره الله وهذا قول في كتاب الله نقرأه وان كان على حادثة الهجرة وما فيها من نصرة الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم الا انها رسالة في اذن الامة الى يوم القيامة. ان يقال للامة في زمن في زمن اخر الزمان وما يتلوه وما يسبقه. الا تنصروا رسول الله فقد نصره الله. فلينصره من شاء وليخذل من شاء فان الله عز وجل قد كفى عبده فقال اليس الله بكاف عبده؟ وتكفل بنصرته وقال والله يعصمك من وتوعد بحمايته فقال انا كفيناك المستهزئين. لتعلم ان نصرتي انا وانت لرسول الله عليه الصلاة والسلام ما هو الا ابراء لذمة ما هو الا اداء لواجب ما هو الا لون من الوفاء يبذله المؤمن الصادق واجبا مستحقا عليه لرسول الله صلى الله عليه وسلم. لكن اياك ان تظن ان الله علق نصرة نبيه على نصرة انا او ان اياه عليه الصلاة والسلام ابدا. فالله تولى ذلك بنفسه وجعل عصمته ونصرته عليه الصلاة والسلام عند ربه لكن متسع للتعبير عن الحب في قلوب المحبين والوفاء عند الاوفياء والنصرة عند الصادقين من المؤمنين ليبقى مجالا مفتوحا وبابا مشرعا يأتي العبد فيثبت حبه وفاءه ايمانه نصرته لرسول الله عليه الصلاة والسلام بما تبدو قف في الامة والمجتمعات المسلمة عندما تقف الامة وقفة حازمة تحول بين كل امرئ زين له كفره وشيطانه ان يعتدي على مقام النبوة او يتطاول. فتهب الامة نصرة لرسول الله عليه الصلاة والسلام. عندئذ ينبغي ان في سمع الامة هذه الاية الا تنصروه فقد نصره الله. فالله عز وجل ناصر نبيه. لكن ما انا وانت الا اسباب فان لم اكن انا وانت فثق تماما سيأتي غيري وغيره. وقد جعل الله عز وجل بعض خلقه ناصرا لنبيه وسخره لذلك وهم كفار كعبي طالب. اتظن ان الله عز وجل يجعل امر نصرة نبيه عليه الصلاة والسلام موقوفة على امرئ متخاذل ومؤمن ضعيف يضعف ايمانه فلا يقوى على نصرة نبيه كلا والله ليسخرن الله لنبيه ما شاء من الاسباب ومن شاء من الخلق مؤمنهم وكافرهم لتحقق نصرة رسول الله عليه الصلاة والسلام. انما الشرف لي ولك وقيظ لنا ان نقف موقفا ننصر فيه السنة وصاحب السنة عليه الصلاة والسلام. والله الفخر لي ولك والا اي الله صلوات الله وسلامه عليه. معصوم بعصمة الله. منصور بنصرة الله. لكن الشرف والفخر لعبد استعمله الله عز وجل وهيأه لان يكون سببا ينصر به رسول الله صلى الله عليه وسلم. الخطيب بخطبته والداعية دعوته والمؤمن الاعزل عن كل ذلك بثباته على سنة نبيه عليه الصلاة والسلام. ثبت قدميك حبا واستمسا بالسنة واعلنها انك من جندي انصار رسول الله عليه الصلاة والسلام. والله ولو لم تملك سلاحا ولا قلما ولا من ولا رأيا لكنك تملك قلبا محبا وتملك فؤادا مطمئنا بالايمان بالله وبرسول الله عليه الصلاة والسلام اعلم كم رعاك الله ان حياتك التي تقيمها على السنة ورفعك لرايتها في شأنك كله وحبك لها وتقديمك على سائر شؤون الحياة والله انه لون عظيم من النصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فقدم وابذل ما تستطيع ان تعيش حياتك ناصرا للسنة. منتصرا لها وعندئذ لن يضيرنا والله عداوة ولا جهالة الجهلاء ولا حماقة الحمقى ولا تطاول اولئك اصحاب السخافة والحقارة في الرأي طالما امتلأت اعتزازا ونصرة وانتصارا لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم. اذا فلنسمع على مر الزمان الا تنصروه فقد نصره الله حتى لما فقدت الاسباب المادية في المجتمع البشري انذاك كل اسباب النصرة. قريش ما كانت فيها قوة مؤمنة تنصر نبي الله صلى الله عليه وسلم فانظر كيف سخر الله تعالى له وكيف اعمى الله ابصارهم يتآمرون يا قوم الاسباب المادية كلها بيد قريش انذاك فمن ذا الذي يمكن ان يقف في وجهها؟ من ذا الذي يمكن ان يأتي فيستخلص محمد بن عبدالله عليه الصلاة سلام من بين ايديهم او يقنعهم بالتراجع عن رأيهم. تآمروا خططوا ودبروا ورتبوا. فاتوا الى داره واحاطوا. والنبي عليه الصلاة والسلام ليس بينه وبين تدبير تدبيرهم وتنفيذ مؤامراتهم الا ان يفتح الباب فيخرج اليهم. لكن ان الله يقول الا تنصروه فقد نصره الله. فسخر له من الاسباب يأتيه جبريل عليه السلام فيخبره بالشأن فيبعث الى علي في فراشه ثم يعمي الله تعالى ابصارهم. فيخرج عليه الصلاة والسلام وهو يقرأ انا جعلنا في اعناقهم اغلالا. ويقرأ وجعلنا من بين ايديهم سدا ومن خلفهم سدا فيعمي الله ابصارهم. وينطلق بصحبة الصديق رضي الله عنه. فيأوي الى الغار ثلاثة ايام لا يهتدي اليه احد ولا يستدل على مكمنه احد حتى الذي وصل وهو سراقة وقد وقف بقوائم فرسه على فن الغار وتقبل قريش واحدهم يقف على فتحة الغار ليقول ابو بكر والله ما بين احدهم وبين ان يبصرنا يا رسول الله الا ان ينظر الى تحت قدميه فيرى فتحة الغار ليقول عليه الصلاة والسلام مقولة القلب الممتلئ بنصرة الله له يا ابا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما. اذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا. اتظن الان ان انا وانت وغيري وغيري يمكن ان تقف نصرة رسول الله عليه الصلاة والسلام على بابه ويمكن ان يفشل مشروعها لتخاذل بعضنا كلا والله قد تكفل الله به في زمن وظرف ما كانت الاسباب في شيء منها كفيلا بنصرته لكن رب الاسباب اراد ان ينصره واراد ان يحميه ويعصمه. اذا املأ فؤادك يقينا انه منصور بنصرة الله صلوات الله وسلامه عليه. معصوم بعصمة الله لكن دوري ودورك هو اجر لي ولك وشرف لي ولك وابراء لذمتي وذمتك بل دعني اقول هو تعبير عن حبنا ووفائنا وصدق ايماننا فيما نتخذه من مواقف نصرة لدين الله ولرسول الله صلى الله عليه واله وسلم من الذي رد سراقة وقد ابصرهما؟ وقريش تنصد مئة من الابل. لرأس اثنين. ان يؤتى بهما حيين او ميت رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه ابو بكر تستنفذ قريش كل وسائلها وكل اسبابها وامكاناتها فما تهتدي الى شيء ما كانت المسافة بعيدة غار ثور. ولا كانت المهمة مستحيلة لكن عصمة الله فوق تدابير البشر. ونصرة الله فوق اسباب البشر اعلم ان الله اذا تولى عبدا من عباده فانه سبحانه يسخر له من الاسباب ويقيض له من الوسائل ما لا يخطر على قلب انسان. كن مع الله واوكل شأنك اليه وتوكل وحده عليه فوض امرك اليه واعلم تماما والله كما جاء في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه ان الله اف عباده المتقين ومتول اولياءه الصالحين. هذا المعنى العظيم تجده واضحا وضوح الشمس في هجرة رسول الله عليه الصلاة السلام. هو اذا انطرف من معاني قوله سبحانه والله يعصمك من الناس. عصمه من اذاهم عصمه من عدوانهم الا تنصروه فقد نصره الله. ولهذا قال المصنف رحمه الله وما دفع الله به عنه في هذه القصة من اذاهم بعد لهلكه وخلوصهم نجيا في امره. يعني لما اجتمعوا في دار الندوة على نحو ما سمعت في ما سمعت في مؤامراتهم تداولهم للرأي في شأن التخلص منه عليه الصلاة والسلام. قال والاخذ على ابصارهم عند خروجه عليهم وذهولهم عن طلبه في وما ظهر في ذلك من الايات ونزول السكينة عليه. السكينة التي كانت تملأ فؤاده وفؤاد صاحبه طمأنينة وثقة بنصر الله وبوعد الله. يقول الله عز وجل في في هذا الاية كما اخبر سبحانه وتعالى فانزل الله سكينة عليه وايده بجنود لم تروها. يخبر الله انها جنود ما رؤيت. قال وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم. قال وقصة سراقة ابن ما لك حسب ما جاءوا ستأتي الروايات في شأنه. قال في قصة الغار حديث الهجرة في قصة الغار عند الاختباء ثلاثة ايام. وفي حادثة الهجرة لما اكمل عليه الصلاة والسلام طريقه من مكة الى المدينة في مسير يبلغ الايام والليالي المتتابعات وقريش لا تهتدي اليه. وقد ارسلت تبحث ورصدت الجوائز واستنفرت كل فما اهتدى احد اليه يسلك الطريق عليه الصلاة والسلام وابو بكر يرجف فؤاده خوفا وحرصا وشفقة على رسول الله عليه الصلاة والسلام حتى يبلغ الله به وبصاحبه ارض المدينة سالبا امنا مطمئنا. اي نصرة اعظم اي عصمة اكمل اي حفظ اتم من تدبير الله جل وعلا لنبيه صلى الله عليه وسلم. فهذا وغيره ايها الاحبة الكرام من العظيمة في كتاب الله التي تنبئ عن عظيم قدر رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ربه جل في علاه. مواضع كثيرة مبثوثة في القرآن الكريم انزلها الله تعالى وحيا يتلى وقرآنا يحفظ وايات تتردد وتحفظ في صدور المؤمنين لتبقى علامة وامارة الى يوم الدين اننا امة حظية برسول الله صلى الله عليه وسلم. حفية بما له من المكانة عند ربه وملئنا ذلك الشرف فشرفه عليه الصلاة والسلام شرف لامته. وكرامته عند ربه عز وجل كرامة لامته مكانة السنية التي بوأه الله تعالى اياها هي مكانة شريفة تنعمت بها امته. هذا القدر اذا استقر في بالعبد المؤمن اينع حبا عظيما واثمر صدقا ووفاء لرسول الله صلوات الله وسلامه عليه. لتعلم عبد الله ان ما بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحب والوفاء. ينبغي ان ينطق به قلب المحب اعترافا وايمانا وثناء ووفاء واظهروا ذلك واعظمه كثرة الصلاة والسلام عليه. صلوات الله وسلامه عليه. فاذا اقبلت ليلة الجمعة وجدت فيها متسعا. واذا جاء يوم الجمعة كان فرحة تستكثر فيها من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه واله وسلم. عبد الله ربك قد صلى عليه وملائكته صلت عليه. فقال الله ان الله وملائكته يصلون على النبي. يا ايها والذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما. صلوات الله وسلامه عليه. فربك يصلي والملائكة تصلي ثم لا تزال ساكتا حسبك ان تنطلق وشارك هذا الملكوت الاعلى في الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. واعلم ان الشرف لك ذخر لك والاجر لك بقدر ما تستكثر من الصلاة والسلام عليه. صلوات الله وسلامه عليه. صلاة وتسليم على جوده الاندى على جاهه الاسمى على هديه الاهدى. صلاة وتسليم على نوره الذي اضاء لنا الدارين. يهدي الورى رشدا صلاة وتسليم ينيران عمرنا يزيلان عنا الهم والغم والجهد. فصل يا ربي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد عدد ما صلى عليه المصلون. وصل يا ربي وسلم وبارك عليه. عدد ما غفل عن الصلاة عليه الغافلون اللهم الزمنا سنته واتبعنا طريقته واملأ قلوبنا بمحبته يا كريم يا منان. نسألك يا ربي باسمائك الحسنى وصفاتك العلى ان تورثنا حبك يا كريم. وحب نبيك العظيم صلى الله عليه واله وسلم. واجعلنا يا ربي بهديه مستمسكين وبسنته ملتزمين وعن دينه منافحين يا اكرم الاكرمين. اللهم انا نسألك باسمك الاعظم الذي اذا دعيت به اجبت واذا سئلت به اعطيت ونحن في رحاب بيتك الحرام في هذه الليلة الشريفة المباركة ان تجعل لنا ولامة اسلامي جميعا من كل هم فرجا. ومن كل ضيق مخرجا. ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين. اللهم يا حي يا قيوم يا مالك الملك يا ذا الجلال والاكرام اجعل لنا ولعبادك المسلمين من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية. ارحم يا رب موتانا. واشف يا رب مرضانا. واهدي يا رب ضالنا اللهم اصلح لنا قلوبنا واهدنا سبل السلام. اللهم عليك توكلنا واليك انبنا واليك المصير. اغفر يا رب ابائنا وامهاتنا وارحمهم رحمة واسعة احياء وميتين. واورثنا يا رب برهم واكسبنا رضاهم يا رب العالمين واجمعنا بهم وازواجنا وذرياتك في جنات عدن يا اكرم الاكرمين. اللهم اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة قنا عذاب النار وصل اللهم وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى ال