بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله العلي الاعلى. الذي خلق فسوى اه والذي قدر فهدى والذي اخرج المرعى فجعله غثاء احوى احمد ربي تعالى واشكره واستعينه واستغفره واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له له الحمد في الاخرة والاولى واشهد ان سيدنا ونبينا وحبيبنا محمدا عبد الله ورسوله. صلوات الله وسلامه عليه وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان واقتفى اثرهم الى يوم الدين. اما بعد ايها الاخوة المباركون فما زال مجلسنا هذا بفضل الله تعالى وتوفيقه ومنته ما زال متتابعا في كل ليلة من ليالي الجمعة نستفتح فيها هذه الليلة المباركة بمجلس كهذا نضرب فيه بسهم من كثرة الصلاة والسلام على النبي المصطفى. صلوات الله وسلامه عليه. وهي ليلة جديرة بان يفتتحها عبد المؤمن بكثرة صلاة وسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. يصيب بذلك مغنما كبيرا واجرا عظيما ويتبع سنة حث عليها المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله اكثروا من الصلاة علي ليلة الجمعة ويوم الجمعة ما زال هذا المجلس بعون الله تعالى متتابعا نقلب فيه الصفحات تلو الصفحات وننتقل فيه خطوات على اثر خطوات في طريق عظيم. طريق ندبنا الى ان نسلكه جميعا ايها المؤمنون لنرسخ فيه كان المحبة الصادقة لرسول الله صلى الله عليه وسلم. هذه المحبة التي ينبغي ان تكون اثرا من اثار الايمان في قلب العبد وهو يشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. هذا الطريق العظيم الذي يترسخ فيه بنيان المحبة وعنوان الوفاء وصدق الطاعة والاتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينبغي ان يقوم على بناء عظيم وقاعدة راسخة ملؤها المحبة الصادقة والفداء العظيم والتضحية لنبي الامة صلى الله عليه واله وسلم. سواء بسواء كما كان شأن الصحب الاكارم رضي الله عنهم. وقد شو اشرف عيشة واكرمها بصحبة المصطفى صلوات الله وسلامه عليه. اعلنوا فيها ايمانهم اظهروا فيها حبهم فيها رايات الطاعة والاتباع والاستنان. فكانوا اصدق جيل واعظمه في هذا الباب. ثم جاءت الامة من بعدهم لتقفوا واثرهم وتسلك سبيلهم. اما ان من جاء بعدهم لن يظفر بما ظفروا من شرف الصحبة والذهاب والمجيء والمجالسة والمحادثة مع رسولنا صلوات الله وسلامه عليه. لكنه لم يغلق ابدا على الامة الباب الاخر الذي يظفر فيه العبد بكثير من عناوين المحبة والايمان والطاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وما عليه الا ان وعن خطى في موضع الخطى وان يقفوا الاثر تلو الاثر ليسلك السبيل الذي سلكوا. في هذا المجلس الذي ما زلنا نقرأ فيه صفحات من كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه واله وسلم. للامام القاضي عياض رحمه الله تعالى منهين في ليلة الجمعة الماضية اول ابواب الكتاب في قسمه الاول. ذلكم الباب الذي خصه المصنف كما مر بكم في فصول عشرة جعلها فقط لاظهار عظيم مكانة رسول الله صلى الله عليه وسلم عند رب العالمين. وهو يظهر بذلك ما جاء في ايات القرآن الكريم في مواضع شتى وسور متفرقة بيانا واظهارا واعلانا لعظيم قدر المصطفى عليه الصلاة والسلام. تلك الايات التي طالما قرأها احدنا وسمعها وحفظها واشتغل بها انه باب عظيم ارسى فيه المصنف رحمه الله قدرا كبيرا من ذلك العظيم من ذلك القدر العظيم لنبينا صلوات الله وسلامه عليه ثناء الله واظهاره لمناقب نبيه عليه الصلاة والسلام. وامتنان الله جل جلاله ببعثة المصطفى صلى الله عليه وسلم واصطفائه حتى يقول ربنا سبحانه لقد من الله على المؤمنين. اذ بعث فيهم رسولا من انفسهم يتلو عليهم اياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفي بضلال مبين. رسول الله صلى الله عليه وسلم منة الله علي وعليك. نعمة الله المسداة الي واليك والى كل مؤمن في الامة. اما ان النعم من حولنا كثيرة نعمة الايمان اجلها واشرفها واعظمها. وهي التي جاءت على يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعثته نبيا لهذه الامة ورسولا هي اعظم منة يعيشها العبد بالحياة منة الله عليه ببعثة رسول الله اليه صلوات الله وسلامه عليه. ثم جاء في الباب الاول كما مر بكم فصول كن متعاقبا فيها اظهار العظيم المكانة من ابواب شتى تارة بعظيم المخاطبة له. ولطيف الود الذي ناله نبينا صلوات الله وسلامه عليه في ايات الوحي المختلفة وسور القرآن المتفرقة. وتارة بالقسم به عليه الصلاة والسلام بحياته لعمرك انهم لفي سكرتهم يعمهون. وتارة بالقسم له لاظهار مكانته. فاقسم الله بالضحى واقسم بالنجم واقسم بالبلد واقسم بمكة واقسم بالخنس والجواري الكنس اظهارا مكانته صلوات الله وسلامه عليه. وقسما على هذه المنزلة العظيمة والرتبة الشريفة. ثم تتابعت الفصول في اظهار عظيم المناقب والكرامات كما جاء في سور عظيمة متعددة. كل ذلك مدخل مهم. وبوابة اساس يا كرام لكل من رام ان يؤسس حبا صادقا في قلبه لرسول الله. صلوات الله وسلامه عليه. لمن اراد ان يعلي في قلبه بنيان التعظيم لرسول الله صلوات الله وسلامه عليه. وطريق ذلك ان يقال هذا نبي صلى الله عليه وسلم عظم الله شأنه في كتابه فمن تعظيم الله ان نعظم ما عظم الله. وقد عظم الله نبيه عليه الصلاة والسلام. فتعظيم رسول الله صلى الله عليه قلما تعظيم لما عظم الله. ومن اراد ان يدرك حقيقة ما معنى هذا التعظيم وما وزنه في كتاب الله؟ فليتصفح تلك الايات والسور مما ساقها المصنف رحمه الله في الفصول العشرة في الباب الاول وفي غيرها. ليقف حقيقة على قدر هذا التعظيم العظيم من الله العظيم لنبينا الكريم صلوات الله وسلامه عليه. هذا المدخل مهم وبوابة اساس كما اسلف حتى يدخل منها العبد الصادق الى معنى التعظيم ومعنى المحبة ومعنى معرفة القدر انت لن تحب رسول الله صلوات الله وسلامه عليه محبة عظمى الا بقدر ما تحمل في قلبك له من معرفة بعظيم قدره. كلنا يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم لكنه صدقا لا يستوي كل من في هذا المجلس في حبه لرسول الله عليه الصلاة والسلام المحبة عاطفة في القلب تزيد عند قوم وتنقص عند اخرين. تضعف عند بعضنا وتقوى عند اخرين. وكلنا ذلك العبد الذي يبحث عن اعظم الحب في قلبه لرسول الله عليه الصلاة والسلام. كلنا ذلك الصادق الذي ينشد اوفر الحب واعظمه لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فاذا كان كذلك وكان هذا هدفا نسعى اليه وقصدا شريفا نحث الخطى واليه فاعلم انه لن يأتي من فراغ. اذا ما اردت ان تصيب المحبة في اعلى درجاتها لنبيك عليه الصلاة والسلام فثق تماما رعاك الله انك لن تظفر بذلك المقام الا اذا نجحت في ارواء قلبك بمعرفة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه حق المعرفة. وان تقدره حق قدره وان تعظمه حق تعظيمه. فوالله مهما ادركت من عظمته ومكانته وشريف منزلته يزداد في قلبك حظك من محبته. صلوات الله وسلامه عليه. ولهذا فان اوفر المؤمنين حظا من الحب الصادق لرسول الله صلى الله عليه وسلم. ليس اولئك الذين يبحثون عنها في القصائد والاشعار وكلام البشر وليس ذلك مذموما ولا ممنوعا على الاطلاق. لكن المدخل الاساس ان ينطلق العبد من حبه لرسول الا عليه الصلاة والسلام ان ينطلق مما جاء في الوحي في كلام الله. اعرف مكانة نبيك من كلام ربك. اعرف عليه الصلاة والسلام عند الله تصفح ماذا قال الله؟ افتح قلبك قبل اذنيك وانت تسمع الايات لتعرف عظيم قدرها هذا النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه. اذا هذا مدخل مهم وبه والله نرتقي اسمى الدرجات في الحب الشريف الصادق لرسول الله صلوات الله وسلامه عليه. وهنا سيتفاوت المحبون تفاوتا كبيرا. فمنهم سابق ومنهم متوسط ومنهم مبتدئ لكن الشأن في عظيم الاحاطة بهذه المعاني. والوقوف على تلك الايات وتروية القلب كما قلت بهذه المعاني عظيمة التي جاء بها القرآن منذ اكثر من اربعة عشر قرنا من الزمان. ولا تزال تتلى ايات الله ولا تزال ايات القرآن تصدح بها في المحارب والمنابر وفي المساجد وفي حلق الذكر وفي بيوتنا حتى انها لتسمع الكون هذا لرسول الله صلوات الله وسلامه عليه من عظيم المنزلة وشريف المكانة عند الله. خلد الله شأن نبيه الله وسلامه عليه بما اورثه في القرآن العظيم من عظيم المكانة وشريف المنزلة. هذا مدخل يزن فيه احدنا عظيم تعظيمه لرسول الله صلوات الله وسلامه عليه. لنميز صدقا بين حب صادق وتعظيم صادق ووفاء صادق وطاعة صادقة وبين معاني مثلها اخرى زائفة وزين بها الشيطان لبعض المسلمين فطفقوا يسلكون سبيلا يظنونه تعظيما لرسول الله صلوات الله وسلامه عليه وليس بذاك. يظنونه حبا لرسول الله صلوات الله وسلامه عليه. وقد لا يكون كذلك. فهذا عود الى ميزان عظيم ومنطلق اساس هو كتاب الله جل جلاله. وايات القرآن هو الوحي الخالد لنعرف منه هذا المعنى العظيم من التعظيم الصادق لرسول الله صلوات الله وسلامه عليه. وصدق من قال وان محمدا لرسول حق حسيب في نبوته نسيب. صلى الله عليه وسلم. امين صادق بر تقي ماجد هاد وهوب صلى الله عليه وسلم. يريك على الرضا والسخط وجها تروق به البشاشة يضيء بوجهه المحراب ليلا وتظلم في النهار به الحروب. صلوات الله وسلامه عليه. هذا او ان شروعنا ايا كرام في الباب الثاني من ابواب الكتاب. بعد ان مضى الباب الاول بفصوله العشرة. هذا الباب الثاني خصه المصنف رحمه الله في تعديد في تعداد المحاسن وصفات الجمال والجلال والكمال فيه عليه الصلاة والسلام. بما كمله به ربه وما حلاه به وما اعلى به منزلته بين الاناء من صفات الخلقة والاخلاق وما جمع الله له بين فضائل الدنيا والاخرة في هذا الباب الذي سيتناول ايضا فصولا متتابعة نشرع فيها لنتم هذا العقد الذي نظمه المصنف رحمه الله في ارساء هذا العظيم الشفاء بتعريف حقوق المصطفى صلوات الله وسلامه عليه بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد قال القاضي عياض رحمه الله تعالى في كتابه الشفاء بتعريف بحقوق المصطفى الفصل العاشر في الفصل العاشر. وقال تعالى النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم وازواجهم امهاتهم قال اهل التفسير اولى بالمؤمنين من انفسهم اي ما انفذه فيهم من امر فهو ماض عليهم كما يمضي كما يمضي حكم السيد على عبده. وقيل اتباع امره اولى من اتباع رأي النفس. وازواجه امهاتهم ايهن في الحرمة كالامهات حرم نكاحهن عليهم بعده. تكرمة له وخصوصية ولانهن له ازواج في الاخرة وقد قرأ وهو اب لهم ولا يقرأ به الان لمخالفته المصحف. نعم هذا اخر ما ضمنه المصنف رحمه الله في الفصل العاشر وكان قد وقف حديثنا عنده في ليلة الجمعة الماضية. النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم. وازواجه امهات هاتان جملتان هنا في الاية. احداهما تقول ان النبي صلى الله عليه وسلم اولى بنفسك منك عبد الله والجملة الاخرى تقول ان ازواج رسول الله صلى الله عليه وسلم امهات لك عبدالله. اما الجملة الاولى فهي اولويته عليه الصلاة والسلام بالمؤمنين من انفسهم. ومعنى ذلك انه اولى بنفسي مني انا. واولى لنفسك منك انت وتدري لم؟ لانه لا يريد لك الا الخير والنجاح والصلاح والسعادة والفلاح. بينما نفسك قد تريد لك الغواية قد تريد لك الشقاء قد تمنيك الاماني قد تهوي بك في اهوائها. كل ذلك وارد ولهذا وصفت النفس بالامارة بالسوء. وهي تسعى ولا تزال خصما وعدوا في بعض مواقفها وحالاتها من العبد ولن يكون كذلك ابدا رسول الله صلوات الله وسلامه عليه مع المؤمنين في امته. النبي اولى بالمؤمنين وهو الذي وصفه الله بان بعثته ورسالته جاءت رأفة. جاءت رحمة لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليهما حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم قال ابن كثير رحمه الله تعالى قد علم الله شفقة رسوله صلى الله عليه وسلم على امته ونصحه لهم فجعل اولى بهم من انفسهم وحكمه فيهم وجعل حكمه فيهم مقدما على اختيارهم لانفسهم كما قال تعالى فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم. ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلم تسليما في صحيح البخاري قوله عليه الصلاة والسلام ما من مؤمن الا وانا اولى الناس به في والاخرة رسول الله صلى الله عليه وسلم اولى بنا من انفسنا في الدنيا وفي الاخرة. قال عليه الصلاة والسلام اقرأوا ان شئتم النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم وازواجه امهاتهم. وفي الصحيحين ايضا رواية اخرى يقول الصلاة والسلام انا اولى بالمؤمنين من انفسهم فمن توفي وعليه دين فعلي قضاؤه ومن ترك مالا ورثته. اذا هذا تفسير لبعض وجوه الولاية. فقال من ترك دينا فعلي قضاؤه. لم؟ يقضي عليه الصلاة والسلام الميت اذا مات وعليه دين. قال لانه ولي له. تماما كما يصنع الرجل مع ابنه اذا مات وعليه دين. تماما كما يصنع الاولاد مع ابيهم اذا مات وعليه دين. هكذا كان عليه الصلاة والسلام. يقول من ترك دينا فعلي قضاؤه. ولا تظن انه يزاحم عليه الصلاة والسلام في قضاء الدين ليكون شريكا في ورثة الميت. قال ومن ترك مالا فلورثته ليس مزاحمة للورثة في ميراث ميتهم. لكنه مع ذلك يتولى قضاء الدين صلوات الله وسلامه عليه. قال الامام ابن عطية المفسر رحمه الله قال هو اولى بهم. لان انفسهم تدعوهم الى الهلاك وهو يدعوهم الى النجاة صلى الله عليه واله وسلم. اذا قوله تعالى النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم معناه اي ما انفذه فيهم من امر فهو ماض كما يمضي حكم السيد على عبده. هذه ولاية. فامره مقدم على امر نفسك وحكمه مقدم على حكم نفسك. وسنته ينبغي ان تكون طاعة مقدمة على هوى نفسك. هذا ميزان والله في كتابه قال الله عز وجل قل اطيعوا الله واطيعوا الرسول. قال من يطع الرسول فقد اطاع الله. قال فان لم يستجيبوا لك فاعلم انما يتبعون اهواءهم فمن تأخر عن طاعته عليه الصلاة والسلام فما اعطاه حقه من الولاية على نفسه من قدم هواه من اثر شيئا من محبوبات نفسه وهواها وملذات الدنيا وهو يعلم انها تخالف سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام. وانها تبعد به عن هديه وسنته فاعلم انه عبد ما سلم بالولاية لرسول الله والله يقول النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم ان مقتضى هذه الاولوية له عليه الصلاة والسلام ان امره مطاعا. ان تكون سنته مقدمة. ان يكون قوله حاكما علينا جميعا. هكذا نحقق الولاية له على انفسنا صلوات الله وسلامه عليه. اما قوله وازواجه امهاتهم. ايه هن في الحرمة كالامهات. وحرمة الامهات نكاح وحرمة الامهات حرمة احترام وتعظيم واجلال. حرمة الامهات بر وتقدير ووفاء فهكذا الشأن مع زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس كلام علماء ولا رأي الائمة في الاسلام هذا كلام الله من فوق سبع سماوات وازواجه امهاتهم. فكل من علم امرأة من نساء الدنيا زوجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فهي ام له لها من الحق ما لامك التي ولدتك حبا واحتراما وتعظيما واجلالا وتحريم نكاح ابدي الى يوم القيامة صيانة لمكانتهن وشرفهن ومنزلتهن رضي الله عنهن. قال المصنف اي هن في الحرمة كالامهات حرم نكاحهن عليهم بعده تكرمة له وخصوصية ولانه قلنا له ازواج في الاخرة فمن احب رسول الله صلى الله عليه وسلم احب زوجاته امهات المؤمنين ومن عظم رسول الله صلى الله عليه وسلم عظم زوجاته امهات المؤمنين رضي الله عنهن وصانهن واحترمهن واعلى قدرهن في نفسه وشرف منزلتهن في قلبه. الا فلا اسعد الله قلبا. ولا انطق الله لسانا يتناول بالنقيصة والوقيعة والشتيمة امرأة من امهات المؤمنين ابدا والله وليس هو مع كتاب الله في سبيل ابدا. اولئك الذين يتطاولون على امهات المؤمنين كلهن او بعضهن شتما وانتقاصا وسبا وسخريا. اين هم من قول الله وازواجه امهاتهم؟ ان الزوجة لرسول الا عليه الصلاة والسلام اختيار الهي رضي الله عز وجل لواحدة منهن ان تكون رفيقة نبيه ان تكون زوجته ان تكون عشيرته فكيف يتطاول انسان يزعم انه يشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله الله صلى الله عليه وسلم ليفري بلسانه وقلمه في شأن امهات المؤمنين ليفتري في اعراضهن ليقول عليهن ما يتحمل وزره واثمه الى يوم القيامة. ولما تعرض الافاكون لعرض ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها قبل في ايام البعثة انذاك يقول الله عز وجل والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم هو وعيد بالمرصاد. ان الذين جاءوا بالافك عصبة منكم. لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم. لكل امرئ منهم اكتسب من الاثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم. هذا وعيد وعذاب عظيم بالمرصاد. لمن تعدى ترى على امهات المؤمنين لانهن عرظ رسول الله صلوات الله وسلامه عليه. فنالهن من شرف رسول الله عليه الصلاة الصلاة والسلام هذا الشرف ونالهن ايضا من عظيم المنزلة هذه المنزلة. قال وازواجه امهاتهم. فما زالت امة الاسلام منذ ذلك الزمان والى اليوم. يقول احدهم اذا سمى زوجة من زوجات رسول الله عليه الصلاة والسلام ان يقول امنا امنا ام المؤمنين هذا شرف لكل مسلم ينتمي الى هذه الامة ان يعلم له امهات كان له الشرف بالانتساب اليهن باعتباره مسلمة. قال المصنف رحمه الله وقد قرأ وهو اب لهم يعني في الاية. النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم وهو اب لهم وازواجه امهاتهم. الا ان القراءة لا تثبت وهي شاذة لمخالفتها رسم المصحف. وقد ورد انها تفسير مجاهد في الاية وانها قراءة ابن عباس لكن لما اجمع الصحابة رضي الله عنهم زمن الخليفة عثمان رضي الله عنه على جمع المصحف واتفقوا على رسم ما بايدي الناس اليوم لا تنعقد القراءة الا بما جاء فيها ويترك ما عداها لاجماع الامة عليهم. قال يصنف ولا يقرأ به الان لمخالفته المصحف ليس ابا عليه الصلاة والسلام بمقتضى قوله ما كان محمد ابا احد من رجالكم الابوة المنفية في الاية ابوة ماذا ابوة النسب لما تبنى عليه الصلاة والسلام زيد ابن حارثة اصبح ينادى في مكة زيد ابن محمد فلما اتى اهله ليقبضوه اليهم ابا الولد الا صحبة رسول الله عليه الصلاة والسلام. واثره على والديه واهله واسرته عشيرته وحق له انه اثر رسول الله عليه الصلاة والسلام. فاصبح لا يدعى الا بزيد ابن محمد. فجاءت الاية تحديدا للنسب ما كان محمد ابا احد من رجالكم. لكنه ثبت في الحديث الذي اخرجه ابو داوود واحمد. وهو حديث صحيح يقول عليه الصلاة والسلام انما انا لكم بمنزلة الوالد اعلمكم. فهو اب للامة جميعا في مقام التعليم والنصح والشفقة تماما كما يصنع الوالد منكم مع ولده كيف يرعاه بنصيحته كيف فيرعاه بتربيته كيف يرعاه بالخوف عليه من كل ما يؤذيه؟ هكذا كان عليه الصلاة والسلام في بعثته للامة في نبوته في رسالته كان والدا وهو يقول انما انا لكم بمنزلة الوالد اعلمكم ليلقي بظلال هذه الكلمة اللطيفة في كل ما فيها من معاني الرأفة الشفقة الرحمة الحنان الابوة التي تعني انه عليه الصلاة والسلام كان يحمل في قلبه من الخوف والحرص من الحب من الحنان والود والعطف تماما كما يفعل الاباء مع اولادهم صلوات الله وسلامه عليه. وقال الله تعالى وانزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما. قيل فضله العظيم بالنبوة. وقيل بما سبق له في الازل. واشار الواسطي الى انها اشارة الى احتمال الرؤية التي لم يحتملها موسى صلى الله عليهما. وانزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمه ما لم تكن تعلم هذه سابع اية اوردها المصنف رحمه الله في الفصل العاشر. وبها ختم الفصل وبها ختم الباب باكمله تظهر الاية لونا وطرفا اخر من المناقب والشرف والمكانة الرفيعة لنبينا عليه الصلاة والسلام. اسمع الى ربك وهو يخاطبه وانزل الله عليك الكتاب والحكمة. هذا امتنان من الله لرسول الله. صلوات الله وسلامه عليه امتنان يحمل في طياته يحمل في طياته تشريفا وتعظيما يحمل في طياته رفعة والرفعة قدر وعلو مكانة. وانزل الله عليك الكتاب يعني القرآن والحكمة. قيل هي النبوة. وقيل هي السنة التي نطقت بها عليه الصلاة والسلام وعلمك ما لم تكن تعلم. نعم بالوحي الذي جاءه. وبالقرآن الذي بعث به عليه الصلاة والسلام بالاحكام والحلال والحرام بقصص الانبياء والامم السابقة باخبار المكذبين باخبار الغيب في البعث الجنة والنار بما يكون يوم القيامة من حساب وثواب وعقاب. كل ذلك يدخل في قوله وعلمك ما لم تكن اعلم كل الذي سبق في الاية فضل كبير. ومنة عظيمة ومع ذلك تختم الاية بقول الله وكان فضل الله عليك عظيما. ما الفضل العظيم الذي حبى الله به رسوله عليه الصلاة والسلام ما الفضل العظيم الذي اختصه الله به؟ قال المصنف فضله العظيم بالنبوة. وقيل بما سبق له في الازل. يعني من الاصطفاء والنبوة ورفعة الدرجة وما خصه الله به في الاخرة. قال واشار الواسطي الى انها اشارة الى احتمال الرؤية التي لم يحتملها موسى موسى عليه السلام لما وعده ربه في الميقات قال ربي ارني انظر اليك طلب الرؤية عليه السلام قرة العين في الدنيا قال الله له قال لن تراني ولكن انظر الى الجبل فان استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا فما احتمل عليه السلام رؤية الله هذا وموسى عليه السلام كليم الله هذا وموسى عليه السلام احد من اولي العزم من الرسل هذا وموسى عليه السلام من ملأ القرآن ذكره وشأنه ورفعة درجته ومنزلته. من خلص الانبياء واصفيائهم عليهم افضل الصلاة والسلام. ومع ذلك ما احتمل الرؤيا لعظيم عظيم جلال الله في علاه. هذا لا يحتمله انسان. ولذلك قال وخر موسى صعقا. فلما افاقوا فقال سبحانك تبت اليك وانا اول المؤمنين وانا اول المؤمنين وقد اختلف اهل العلم في حادثة الاسراء والمعراج لما عرج بنبينا عليه الصلاة والسلام الى السماء السابعة هل رأى ربه رؤية عين كل ذلك محل خلاف سيأتي تفصيله واسعا ان شاء الله في الباب الرابع من هذا الكتاب لما تحدث المصنف عنه قصة الاسراء اعراج واورد هناك اقاويل السلف من الصحابة والتابعين فمن بعدهم. لكنه على رأي من يقول انه عليه الصلاة والسلام رأى ربه فيكون هذا تفضيلا له على موسى عليه السلام قال واشار الواسطي الى انها اشارة الى احتمال الرؤية التي لم يحتملها موسى صلى الله عليهما وسيأتي تفصيل ذلك موسعا في الباب الرابع ان شاء الله الباب الثاني في تكميل الله تعالى له المحاسن خلقا وخلقا وقرانه جميع الفضائل الدينية والدنيوية فيه نسقا نعم هذا البابستاني وعنوانه كما سمعت جعله المصنف رحمه الله تعالى في ايراد ما يثبت به هذا العنوان. ما هو؟ تكميل الله له المحاسن اي محاسن؟ محاسن الخلقة ام محاسن الاخلاق؟ قال كل ذلك في تكميل الله تعالى له المحاسن خلقا وخلقا وقرانه جميع الفضائل يعني قرن له ربه جميع الفضائل الدينية والدنيوية فيه نسقا تدري لما الحديث عن مثل هذا المعنى؟ لتأسيس حب عظيم في القلوب لرسول الله صلى الله عليه وسلم. لانه والله كلما وقفت على شريف صفاته وعظيم خصاله زادت محبتك له اساس المحبة وعلو بنيانها يتفاوت بعظيم معرفة القلب بمن يحب. احبب من شئت لكنك لن تحب الناس وانت تحبهم ليسوا سواء. ويتفاوتون في حبك لهم بقدر معرفتك عن خصالهم وفضائلهم هذا لما فيه من خير واحسان وصلاح وبر وصفات حسنة وتحب الاخر ويزداد حبك له عن الاول لان فيه من خصال الخير ودواعي المحبة اعلى من الاول وهكذا. فاعلم رعاك الله ان الله قد خص نبيه عليه الصلاة السلام بالصفات والخصائل والفضائل التي ما اجتمعت في تعدادهن جميعا كما اجتمعت لرسول الله عليه الصلاة والسلام فجعل المصنف رحمه الله هذا الباب ليعدد فيه المحاسن يعدد فيه الفضائل ليبين فيه عظيم ما اتصف به هذا النبي الكريم عليه الصلاة والسلام وما حباه الله به وما جمله وكمله به من تلك الصفات والخصائل من اجل ان يكون لنا على معرفة اتم وتعظيم اصدق لحب اوفر نحمله في القلوب لرسول الله صلوات الله وسلامه وعليه مؤسف والله يا اخوة ان نقول ان احدنا ربما يتعلق بمحبوب من بشر يعرفه اب او استاذ او جار او شخص تعرف عليه. فتعلق قلبه به لعظيم ما رأى فيه مما يوجب المحبة وكل ذلك مما لا يمنع لكن المؤسف ان يكون هذا بمعزل عما يجب من الحب الصادق لرسول الله عليه الصلاة والسلام وكم تكرر في مثل هذا المجلس ان نقول انك مهما احببت انسانا فانك لابد ان تحبه لواحد من ثلاثة امور اما ان تحبه لجمال خلقته لجمال صورته لحسن مظهره فيقع حبه في قلبك وكلنا مجبور على ذلك مفطور عليه تهوى النفس صاحب الهيئة الحسنة. يتعلق به البصر فيتعلق القلب به حبا هذا السبب الاول الذي يجعل بعض البشر يحب بعضهم بعضا واما السبب الثاني فجمال الاخلاق وحسن الصفات ان تحب انسانا لما رأيت فيه من خلق التواضع مثلا او الكرم او الحلم او الصبر او الشجاعة او العلم او الصدق او الوفاء وعدد ما شئت من صفات الاوفياء. فلما يأسرك انسان بعظيم صفاته واخصائه تجد نفسك محبا له ولابد اذا السبب الاول هو جمال الخلقة والسبب الاخر هو جمال الاخلاق. والسبب الثالث هو كمال الاحسان. ان يحسن اليك انسان فيأسرك بحبه اذا احسن اليك بان اسدى اليك معروفا او فرج عنك كربة او وقف معك في مصيبة وضائقة وربما امتد لسانه اليك مرة بعد مرة فانه كلما احسن اليك اسرك بحبه فمهما وقفت عليه من اساءات ستغفرها لانه صاحب يد عليك فهذه خصال ثلاثة هي دواعي المحبة في القلوب للبشر. هي اسباب الحب بين البشر. جمال الخلقة جمال الاخلاق اعمال الاحسان الا فاعلموا ان ثلاثتها اجتمعت في اعلى مراتبها لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فاستحق الله اكمل الحب واوفره واصدقه بلا منازع. ان جئت الى جمال الخلقة فسيأتيك في الوصف. جمال الصورة التي خلقه الله عليها حتى يقول قائل الصحابة فجعلت انظر اليه والى القمر فلهو عندي احسن من القمر صلوات الله وسلامه عليه حتى يقول قائلهم ما رأت عيني مثله قبله ولا بعده. صلوات الله وسلامه عليه. كل ذلك سيأتيك تفصيله بيانا واضحا. وان تحدثت عن جمال الاخلاق. فكم قلنا مرارا ان احدنا يتجمل بالاخلاق يحسن بها سيرته بين ولكن الاخلاق والله تجملت باتصاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بها. اذا جئت تعرف الكرم فاضرب مثالا له من لرسول الله عليه الصلاة والسلام. تصف التواضع. ان جئت تصف الصبر الصدق الوفاء. فلا تتعب ابحث عن مواقف تتحدث فيها عما بدر من رسول الله عليه الصلاة والسلام ليعلم الناس ما الذي تتحدث عنه من الصفات والاخلاق والخصال هذا المعنى العظيم تتحدث عنه الدواوين وتسرد له المجالس وتفرد له المجلدات حسبك من ذلك كله قول ربك في كلمات وانك لعلى خلق عظيم وان تحدثت عن احسانه عليه الصلاة والسلام. فلا والله ليس في رقبة احد منا اليوم احسان يستحق منة اعظم من احسانه عليه الصلاة والسلام الينا يكفيك ان الله انقذنا به من الظلمات الى النور ومن النار فقادنا الى جنة عرضها السماوات والارض. الله يقول واذكروا نعمة الله عليكم. اذ كنتم اعداء فالف بين قلوبكم فاصبحتم بنعمته اخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فانقذكم منها انقذنا الله ببعثة رسوله عليه الصلاة والسلام. فاتقوا الله يا اولي الالباب الذين امنوا قد انزل الله اليكم ذكرا رسولا يتلو عليكم ايات الله بينات ليخرج الذين امنوا وعملوا الصالحات من الظلمات الى النور فمن ستظن ان احسانا من البشر يتجاوز احسانه عليه الصلاة والسلام كم اسر قلبك ذلك الصديق الوفي؟ ذلك المعلم المخلص ذلك الجار المحب الذي وقف معك في ضائقة واسدى اليك مع وفرج عنك كربة وامدك بعلمه وصحبك باحسانه. كل هؤلاء محسنون. لكن والله لا احد اعظم احسان من رسول الله صلوات الله وسلامه عليه. فان شئت ان تحب احدا لجمال صورته فلا ينبغي ان يكون اعظم حبا رسول الله عليه الصلاة والسلام. وان شئت ان تحب احدا لجمال اخلاقه وكمال صفاته فلا والله لا يتقدم احد في هذا على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وان احببت احدا لانه اسرك باحسانه فلا ينبغي ان يكون احد اعظم حبا في بنا من رسول الله صلوات الله وسلامه عليه. هذا باب تقف فيه القلوب على صفات الحبيب عليه الصلاة والسلام على خصاله على عظيم ما جبله الله عليه من صفات الخلقة والاخلاق حتى نعرف عظيم القدر له حتى تستجمع قلوب صدق المحبة له صلوات الله وسلامه عليه. نعم اعلم ايها المحب لهذا النبي الكريم المحب هذا نداء القاضي عياض. استفتح به هذا الباب وهو يعلم انه باب لا ينبغي ان يدخل منه الا اهل الحب لرسول الله عليه الصلاة والسلام. هذا النداء لي ولك ولكل مؤمن باحث عن حب في قلبه حب صادق وان يفسح مساحة واسعة كافية في قلبه لرسول الله عليه الصلاة والسلام. يقول اعلم ايها المحب لهذا نبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه. كم اتقن القاضي عياض رحمه الله هذا النداء؟ وهو يعلم فعلا انه يأتي الى باب يقود الى حب ولا بد. ويقود الى مسألة لن يقوم فيها بنيان المحبة. الا على هذا المعنى من المعرفة الصادقة لرسول الا صلوات الله وسلامه عليه. نعم. اعلم ايها المحب لهذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم الباحث عن تفاصيل جمل لقدره العظيم ان خصار الجلال والكمال في البشر نوعان ضروري دنيوي اقتضته الجبلة وضرورة الحياة الدنيا ومكتسب ديني وهو ما يحمد فاعله ويقرب الى الله تعالى زلفى. يقول اعلم رعاك الله ان خصال الجلال والكمال في البشر نوعان الصفات التي يتحلى بها الناس البشر بنو ادم نوعان. نوع ضروري دنيوي اقتضته الجبلة ضرورة الحياة بمعنى نوع من الصفات خلقت عليه مما تحتاجه في حياتك من ملاغنا لك عنه من خلقت ولا فضل لك في اكتسابه. ان تكون مثلا ذا عينين تبصر بهما. ان تكون ذا قدمين تمشي بهما. ان تكون ذا معدة تجوع فتبحث عن طعام. ان تكون ذا لسان يتكلم. وكذلكم هي الصفات. ان تكون انسانا بشوشا الضحك والمداعبة او ان تكون غظوبا او ان تكون سريع الانفعال او حليما كل ذلك قد يكون منه قدر دنيوي كما قال ضروري اقتضته الجبلة وضرورة الحياة والنوع الاخر مكتسب ديني. صفات يتعلمها احدنا. ويتخلق بها ويروض نفسه عليها. لما؟ قال لان الشريعة حثت عليها فانا اتعلمها تدينا حثت الشريعة على الصدق فانا اتخلق به. حثت على التواضع على الامانة على على الوفاء على الكرم على السخاء كل تلك المعاني نحن نوطن انفسنا عليها فهي اخلاق مكتسبة بل ربما وجد احدنا في نفسه طبعا ليس محمودا اما من الغضب مثلا او من الانانية او من الحسد فيوطن نفسه على تلافي تلك الخصال فيكتسب اضدادها بشيء من توطين النفس على محامد الاخلاق ومكارمها. قال ومكتسب ديني وهو ما يحمد فاعله ويقرب الى الله تعالى زلفى ثم هي على فنين ايضا منها ما يتخلص لاحد الوصفين ومنها ما يتمازج ويتداخل فاما الضروري المحض فما ليس للمرء فيه اختيار ولا اكتساب. مثل ما كان في جبلته من من كمال خلقته وجمال صورته وقوة عقلي وصحة فهمه وفصاحة لسانه وقوة حواسه واعضائه واعتدال حركاته وشرف نسبه وعزة قومه وكرم ارضه ويلحق به ما تدعوه ضرورة حياته اليه. من غذائه ونومه وملبسه ومسكنه ومنكحه وماله وجاهه. نعم. هذا مثال للصفات التي قال عنها المصنف انها ضرورية محضة بمعنى انك لم تكتسبها لكن الله خلقك عليها قال ما ليس للمرء فيه اختيار ولا اكتساب. مثل ما كان في جبلته من كمال خلقته. خلقك الله سويا بعينيك واذنين وانف وفم ويدين ورجلين ووجه حسن الصورة. كل ذلك خلقك الله عليه. وجمال صورته وقوة عقله وصحة فهمه وفصاحة لسانه. لاحظ هذه صفات محمودة الا انك ليس لك فيها اكتساب هي هبة من الله هي محض فضل من الله قال وقوة حواسه واعضائه واعتدال حركاته وشرف نسبه انت ما اخترت اسرتك ولا اخترت امك ولا اباك ولا اخترت القبيلة ولا الجنسية ولا الاسرة التي تعيش بينها. قال كذلك وعزة قومه وكرم ارضه فكل ذلك ليس باختيار ويلحق به ما تدعوه ضرورة حياته اليه من غذائه ونومه وملبسه ومسكنه ومنكحه وجاهه. هذه امور تدعوك اليها ضرورة الحياة. ان تسعى لتلبس وتشرب وتأكل وان تحافظ على سمعتك وجاهك كل ذلك مما تدعو اليه ضرورة الحياة فهذا القدر من الصفات كما قال الضروري المحض نعم وقد تلحق هذه الخصال الاخرة بالاخروية اذا قصد بها التقوى ومعونة البدن على سلوك طريقها وكانت على حدود الضرورة وقوانين الشريعة نعم ربما استعان المرء بما خلقه الله تعالى عليه من هذه الصفات والاخلاق ليحصل فيها طريق التقوى والتقرب الى الله فيؤجر عليها فيستخدم قوة بدنه للتقوي على طاعة الله. فيستخدم قوة حسه مثلا لطلب بالمعاش وكسب الحلال ويستخدم قوة عقله وصفاء ذهنه لطلب العلم وخدمة دين الله وهكذا فيكتسب بتلك الصفات المجبولة فيه يكتسب بها قربا من الله اذا وظفها في طريق التقوى والقرب اليه سبحانه جل في علاه واما المكتسبة الاخروية فسائر الاخلاق العلية والاداب الشرعية. اذا هذه الاخرى الان التي سيسردها على اسماعكم هي الصفات المكتسبة معنى مكتسبة انك تكتسبها بالتعلم وهذا سؤال هل تتعلم الاخلاق الجواب نعم اعلم رعاك الله ان قدرا من الاخلاق يكون مجبورا في النفس تخلق انت عليه لكن قدرا منها يكتسب ولا عذر للمرء ان يعتذر بانه خلق غضوبا او خلق جاهلا او خلق لا يهبأ بامر كل ذلك لا عذر فيه لكن يسعى المرء لاكتساب محامد الاخلاق والا فلماذا حثت الشريعة على التحلي بصفات الاخلاق؟ الحسنة؟ لماذا دعت الشريعة الى التخلق بالفضائل ان لم تكن تكتسب. وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي اخرجه الطبراني وحسنه الالباني انما العلم بالتعلم وانما الحلم بالتحلم. يعني ان توطن نفسك على الحلم فتكون حليما ذلك يحتاج الى مجاهدة والى ممارسة مرة بعد مرة وكذلك الشأن في باقي الصفات والاخلاق واما المكتسبة الاخروية فسائر الاخلاق العلية والاداب الشرعية من الدين والعلم والحلم والصبر والشكر والعدل والزهد والتواضع والعفو والعفة والجود والشجاعة والحياء والمروءة والصمت والتوأدة والوقار والرحمة وحسن الادب والمعاشرة واخواتها وهي التي جماعها حسن الخلق. نعم. كل ذلك امثلة دين علم وحلم وصبر وشكر وعدل وزهد وتواضع وشجاعة وحياء مروءة والمروءة كمال الخلق والترفع عن الدنايا وصمت وتؤدة والتؤدة هي التأني في اتيان الامور وحسن الاتيان لها على غير عجلة والوقاء وهي الحشمة والصيانة للنفس والرحمة وحسن الادب. قال وهي التي جماعها حسن الخلق حسن الخلق يجمع ذلك كله وقد جاء في نصوص كثيرة الحث على حسن الخلق حسبك منها قول المصطفى عليه الصلاة والسلام لما سئل عن اكثر ما يدخل الناس الجنة فقال تقوى الله وحسن الخلق. فهذا داع عظيم من دواعي الشريعة الى دفع العباد نحو التحلي بفضائل الاخلاق واحسنها. نعم. وقد يكون من هذه الاخلاق ما هو في الغريزة واصل الجبال لبعض الناس قد يكون من هذه الاخلاق ما هو في الغريزة بمعنى ما هو في الطبيعة التي خلق عليها. واصل الجبل خلقه الله هاديا حليما. خلقه الله وعنده ميل الى الكرم البذل والعطاء ونحن نلحظ هذا حتى في الاطفال. تجد بعض الصغار في لعبه وفي ممازحته وفي تعامله مع اسرته تجده باذلا اليد سخيا وتشعر ان طبعا ما وجد فيه فلم يتعلمه لصغر سنه. وبعضهم تجده ايضا متخلقا بصفات اخرى سرعة الغضب والانفعال والحماقة فتجده شيئا من الطبع. قال وقد يكون شيء من هذه الاخلاق مخلوقا بالطبع. واصل الجبل التي خلق الناس عليها نعم وبعضهم لا تكون فيه فيكتسبها ولكنه لابد ان يكون فيه من اصولها في اصل الجبلة شعبة كما سنبينه ان شاء الله تعالى وتكون هذه الاخلاق دنيوية اذا لم يرد بها وجه الله تعالى والدار الاخرة ولكنها ولكنها كلها محاسن باتفاق اصحاب العقول السليمة. وان اختلفوا في موجب حسنها وتفضيلها. تكون هذه الاخلاق دنيوية اذا لم يورد بها وجه الله بمعنى تجد الكريم صاحب البذل والعطاء مع جميل الخلق الذي اتصف به الا انه اضحى خلقا دنيويا. لم؟ لانه ما اراد به وجه الله والدار الاخرة اراد المحمدة والثناء ليقول ليقال عنه في الدنيا انه كريم. انه محسن كبير. انه ابو الفقراء والمساكين انه ممن يسعى على حوائج الناس فاذا كان هذا حظه من خلقه فهو حظ دنيوي خالص. اذا ما قصد به التقرب الى الله ولا اراد به وجه الله ولا اراد به بان يفيد من هذا الخلق فيما يقربه من ربه. قال ولكنها مع ذلك تبقى محاسن. وفضائل. ولو لم يرد بها وجه الله لكن ما عند الناس وعند اصحاب العقول السليمة اخلاق حميدة. وصفات حسنة فيحمده الناس عليها. لكن الاجر ثواب امر اخر مرده الى ما يقوم بالقلب. وقد قال عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين من حديث امير المؤمنين عمر رضي الله عنه انما الاعمال بالنيات. فمن نوى بنيته عملا يريد به وجه الله وجد ثوابه عند الله. ومن رام بعمله شيئا من حظ دنيا من مناصبها من سمعتها وريائها كان حظه كما اراد لكنها في النهاية خلق حميد. يحمده الناس عليها ويشكرونه عليها ويجدون فيها داعيا من دواعي الحب والاحترام كما قال باتفاق اصحاب العقول السليمة. وان اختلفوا في موجب حسنها وتفضيلها فصل في اجتماع خصال الجلال والكمال في نبينا محمد صلى الله عليه وسلم اذا كانت خصال الكمال والجلال ما ذكرناه. ووجدنا الواحد منا يشرف بواحدة منها او اثنتين وان اتفقت له في كل عصر. اما من نسب او جمال او قوة او علم او حلم او شجاعة او سماحة حتى يعظم قدره ويضرب باسمه الامثال ويتقرر له ويتقرر له بالوصف بذلك في القلوب اثرة وعظمة. وهو من وهو منذ عصور خوال. رمم بوال. فما ظنك بعظيم في من اجتمعت فيه كل هذه الخصال الى ما لا يأخذه عد ولا يعبر عنه مقال ولا ينال بكسب ولا حيلة الا بتخصيص الكبير المتعال هذا فصل شرع فيه المصنف رحمه الله في ذكر خصال الجلال والكمال في نبينا صلوات الله وسلامه عليه وبدأ بهذه المقدمة المهمة للغاية. يقول اذا كان احدنا يوصف ببعض الصفات فيظحى بذلك بين الناس محل ذكر وثناء. كأن تكون مثلا معروفا بالجود والسخاء معروفا بحسن تعاونك مع الناس ونجدتك للمكروب والملهوف. ان تكون معروفا بحسن الصحبة. ان تكون معروفا بحسن الكلام وطيب المعاشرة ان تكون معروفا بالحلم وطولة البال ان تكون معروفا بالامانة والوفاء. كل ذلك يحصل كل واحد منا في هذه الحياة وربما اذا اكتسب من هذا الخلق قدرا عظيما حتى يضرب به المثل كما حصل في حاتم الطائي حتى يضرب به المثل يقال فلان اكرم من حاتم واعدل من انو شروان مثلا ويقال فلان في شجاعتي فلان وفي قوتي حسان وفي لهجة فلان كل يقال لاشخاص يضرب به المثل يضرب بهم المثل في خصال بها وفي اخلاق وجدوا في حياتهم بين الناس وصولهم الى رتبة رفيعة. كل ذلك يحصل بخصلة واثنتين وثلاث او اربع مهما وجدت شخصية حازت اعجاب البشر في تاريخها. ومهما وقفت على سيرة امرئ وجدت الناس احتراما وتقديرا لعظيم ما فيه من الاخلاق والصفات فانك ستقف على صفتين وثلاث واربع وخمس قال ثم هو بعد ذلك منذ عصور خوال رمم بوالي. يعني اصبح جثة هامدة منذ قرون متطاولة. يقول فما ظن بعظيم قدر من اجتمعت فيه كل هذه الخصال الى ما لا يأخذه عد صلوات الله وسلامه عليه. ولا يعبر عنه مقال ولا ينال بكسب ولا حيلة الا بتخصيص المتعال. نحمد فلانا على كرمه. والاخر على شجاعته. والثالث على فصاحته. والرابع على علمه. والخامس والعاشر كل يحمد بصفة واثنتين ويبقى في قلوب الناس محبوبا محترما مذكورا بخير يروى للاجيال. فالمعنى اذا ان بعض البشر يحفظ التاريخ اخبارهم ويخلد ذكرهم من اجل بعض خصالهم التي امتدحهم بها الناس في حياتهم فيعيشون بعد اعمارهم اعمارا متطاولة بسبب ما حبوا به من تلك الخصال وتلك الاخلاق التي تميزوا بها فتحفضوا البشرية اسماء اولئك لعظيم ما اتصفوا به. فاذا بحثت وجدتها صفة او اثنتين. عرف حاتم للطاعي مثلا بكرمه حسان رضي الله عنه بشعره عرف بعض الناس بفصاحته كسحبان عرف بعض الناس بشجاعته كما حفظت العرب شجعانها كل ذلك يحصل بصفة واثنتين. اما بالعدل اما بالزهد اما بالكرم اما بالحلم اما بالشجاعة الفصاحة العقل كل ذلك يحصل. لكنك اذا التفت فوجدت ذلك مجموعا في اعلى مراتبه واكمل معانيه في شخص رسول الله عليه الصلاة والسلام عرفت عن اي عظمة نتحدث عرفت عن معنى ان يكون له عليه الصلاة والسلام من الخصال الشريفة والمناقب الجليلة والاخلاق الحميدة ما تفرق في غيره اجتمع فيه صلوات الله وسلامه عليه فعاش عيشة العظماء بل والله ان عظمة العظماء لتتضاءل ذوي في ظل عظمة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه. لسنا نقولها حمية لاننا من نبي لاننا من امة هو نبيها عليه الصلاة والسلام. وان فعلنا ذلك فهو مطلوب ومقصود. لكن التاريخ شاهد وقد شهدت الاعداء قبل غيرها. والخصوم قبل من سواهم بانه ما عرفت البشرية عظيما كمحمد عليه الصلاة والسلام. هذا فصل سيكون لنا فيه متسع في ليلة الجمعة المقبلة ان شاء الله تعالى. يسرد فيه المصنف رحمه الله عظيم القدر من الخصال الشريفة التي اجتمعت لما تفرقت في غيره عليه الصلاة والسلام. اجتمعت فيه فصار فيه من عظمة الاخلاق بما تفرق في احاد الناس وصار فيه من عظمة تلك الخصال والمناقب ما يذكره التاريخ لغيره متفرقا صلوات الله وسلامه عليه يا قوم استفتحتم ليلتكم هذه مع غروب شمسها بكثرة الصلاة والسلام عليه. صلى الله عليه وسلم في مجلس مبارك كهذا. الا تملأ ليلتكم بكثرة الصلاة والسلام عليه. وعطروا جمعتكم غدا بكثرة الصلاة والسلام عليه. صلى الله عليه واله وسلم يا غير مولود تعاظم فخره واتى باشرف ملة وكتاب. صلى عليك الله يا خير الورى. من هل في الافاق قطر سحابي اجعلوا صلاتكم وسلامكم عليه صلى الله عليه وسلم مقرونة بعظيم قدره وعظيم حبه وعظيم ما اباه الله به صلوات الله وسلامه عليه. واجعلوا ليلتكم مغنما في هذا الباب الكبير. الذي تستنزلون بكل صلاة منها عشر صلوات من ربكم جل في علاه. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا. وزدنا علما يا رب العالمين. اللهم اجعل لنا ولامة الاسلام جميعا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين. اللهم عز جارك وجل ثناؤك وتقدست اسماؤك. نسألك يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. ان تحفظنا والمسلمين جميعا بحفظك من الاشرار ومن كيد الفجار ومن شر طوارق الليل والنهار يا سميع الدعاء. اللهم احفظ علينا امننا وايماننا وسلامتنا واسلامنا ووفقنا لما تحب وترضى وخذ بنواصينا الى البر والتقوى. اللهم امنا في الاوطان والدور. اللهم اصلح وارشد وسدد الائمة وولاة الامور. اللهم وفق عبدك خادم الحرمين لما تحب وترضى. اللهم اصلح له النية والذرية والبطانة القول والعمل واجعل عمله صالحا خالصا لوجهك الكريم وانفع به دينك وعبادك المؤمنين يا رب العالمين. اللهم كن لاخوتنا المسلمين فوق كل ارض وتحت كل سماء. اللهم فرج عن المهمومين همهم. ونفس عن المكروبين كرباتهم. وتولهم بعنايتك يا الرحمن يا رحيم. نسألك يا ربي باسمائك الحسنى