بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. لك الحمد كثيرا كما تنعم كثيرا اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك هديت واسديت وخلقت عبادك والى دينك سبحانك وتعالى ارشدتهم ودللتهم وجعلت من هذا الدين خيرا وصراطا مستقيما ثم الصلاة والسلام على خير خلق الله. امام الانبياء وخاتم المرسلين ورحمة الله للعالمين. سيدنا ونبينا محمد ابن عبد الله وعلى اله وصحابته والتابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد ايها الكرام. فحي هل بكم في مجلس متجدد مبارك من مجالس حقوق المصطفى صلوات الله وسلامه عليه. هذه المجالس التي تعنى بذكر شرفه وفخره وفضله صلوات ربي وسلامه عليه. هذه المجالس في رحاب بيت الله الحرام حيث ولد المصطفى صلوات الله وسلامه عليه ونشأ وترعرع فوق هذه البقعة الطاهرة التي نزل فيها عليه الوحي ونبئ وارسل الامة فكانت شمسا جديدة في سماء البشرية وكانت مرحلة وعهدا عاشت فيه البشرية نور النبوة ووحي الرسالة على يدي محمد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم هذه المجالس في مثل هذه الليلة نستجمع فيها عددا اكبر من صلاة الله وسلامه على نبيه ومصطفاه صلى الله عليه وسلم نحن بذلك نكتنز خيرا واجرا عظيما ونورا ورحمة بصلاتنا وسلامنا على النبي المصطفى صلوات الله وسلامه عليه. نحن في ذلك كله ايها الكرام نجد في هذه الليلة متسعا. لان يكون احدنا اكثر قربا من رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيئين اثنين. اما احدهما فكثرة الصلاة والسلام عليه تقربك منه عليه الصلاة والسلام. ان اولى الناس يوم القيامة اكثرهم صلاة علي صلوات الله وسلامه عليه. بصلاتك بل بكثرة صلاتك وسلامك عليه صلى الله عليه وسلم تنال قربى كلما ذكرت اسمه وصليت وسلمت عليه وجدت قلبك يقترب حبا منه عليه الصلاة والسلام وجدت فؤادك يرتوي من ظمأ الحب والتعلق والطاعة والايمان به صلوات الله وسلامه عليه. واما الامر اخر الذي نجده بالقرب منه عليه الصلاة والسلام فهو ما نعرظه في درسنا وقراءتنا من ذكر اخباره وشأنه ورفيعا ورفيع منزلته وعظيم قدره صلوات الله وسلامه عليه. فان المرء كلما عرف من يحب اكثر كان لحبه اشد واعظم. نحن انما نقترب من هديه وشأنه وسيرته وخبره عليه الصلاة والسلام. من من اجل الوصول الى مزيد من المعرفة العظيمة بشأنه العظيم عليه الصلاة والسلام فاذا ما تم لاحدنا حقيقة المعرفة برسول الله صلى الله عليه وسلم تأتى له حقيقة الحب. وحقيقة التعظيم وحقيقة الطاعة والانقياد كما اراد الله عز وجل. اراد الله منا ان نؤمن به عليه الصلاة والسلام. اراد الله منا ان نشهد له النبوة والرسالة اراد الله منا ان نعظمه ونوقره. كما قال ربنا سبحانه وتعالى انا ارسلناك شاهدا ومبشرا او ونذيرا لتؤمنوا بالله ورسوله. وتعزروه وتوقروه. فالايمان به عليه الصلاة والسلام. وتعزيره وتوقيره عليه الصلاة والسلام من مقاصد البعثة. الا فاعلموا رعاكم الله ان ما انتم فيه من تقليب الصفحات في عظمة المصطفى عليه الصلاة والسلام هو الطريق المعبد الذي يقودنا الى حب اتم وتعظيم اكمل وطاعة اصدق وايمان كما اراد الله سبحانه وتعالى. انما نبلغ ذرا الايمان ورفعة المحبة وجلالة التعظيم لشأنه عليه الصلاة والسلام اذا ما وقر في القلوب حقيقة المعرفة به عليه الصلاة والسلام والله لن تعظمه حق التعظيم. ولن تحبه اشد الحب الا اذا عرفته عليه الصلاة والسلام حقيقة المعرفة. ثم لم تكن سيرته بابي وامي هو عليه الصلاة والسلام لم تكن غائبة عن الامة. ولم يكن شأنه خفيا عليه الصلاة والسلام. فقد اظهر القرآن مكانه واعلى منزلته ورفع الله قدره. فجاءت الايات كما سمعتم في مجالس متعاقبة في هذه الرتبة الرفيعة لنبي الله صلوات الله وسلامه عليه. نحن بذلك يا كرام انما نستكثر من الصلاة والسلام عليه ونحن بصلاتنا نغترف نورا نغترف رحمة وظياء وسرورا في حياتنا وفي مماتنا. الصلاة على رسول الله عليه الصلاة والسلام صلاة من الله على احدنا بعشرة اضعافها. فمن صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا ان الصلاة على المختار لو كتبت باحرف النور في سفر من الدر لشعشع الدر بالافاق مبتهجا وغرد السفر بالاسفار في فخري فاجعلوا جلستكم هذه كثرة بالصلاة والسلام عليه. صلوات الله وسلامه عليه. واجعلوه مجلسا يقود خطوات الى مزيد الحب له والايمان به والتعظيم لشأنه صلوات الله وسلامه عليه. ايها الكرام ما زال مجلسنا هذا في تقريب صفحات هذا الكتاب المبارك الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه واله وسلم. للامام القاضي عياض ابن موسى ليحصوا بي رحمة الله عليه. وكان مجلسنا الاخير في ليلة الجمعة الماضية افتتاحا للباب الثاني من الكتاب والذي عنون له المصنف رحمه الله بقوله في تكميل الله تعالى له المحاسن خلقا وخلقا. وقرانه جميع الدينية والدنيوية فيه نسقا. ماذا يريد المصنف يريد ان يسوق لنا فصولا متتابعة يظهر فيها ما كمل الله به نبيه عليه الصلاة والسلام في جانب الخلق جانب الخلقة في خلقته وفي اخلاقه. لم هذا لاننا كما قلنا في مجلس سابق هذا كلام يا كرام بجمع الادلة فيه وابراز النصوص التي جاءت في هذا الباب تقودنا الى مستمسكين اثنين من مستمسكات الحب الصادق له عليه الصلاة والسلام. اذا امتلأت القلوب حبا لنبي اكمل الله صورته وخلقته تعلقت القلوب به حبا وتعظيما والمستمسك الاخر سمو خلقه. ورفيع صفاته وشريف خصاله عليه الصلاة والسلام. فانه باب اخر القلوب حبا له عليه الصلاة والسلام. وايمانا وطاعة واستمساكا بسنته. فحشد المصنف رحمه الله في هذا الباب تلك الصفات الخلقية والخلقية التي كمل الله بها نبيه عليه الصلاة والسلام وقوفنا عليها بها تزيدنا حبا له صلى الله عليه وسلم. وتزيدنا قربا منه واقتداء به وتأسيا بشأنه في الحياة كلها صلوات الله وسلامه عليه صدر المصنف الباب رحمه الله بنداء خاطب به قلبي وقلبك قبل الاذان لما قال اعلم ايها المحب لهذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم الباحث عن تفاصيل جمل قدره العظيم ان خصال جلال والكمال في البشر نوعان الى اخر ما قال رحمه الله. وقفنا عند مفتتح الفصل الثاني الفصل الاول في الباب وهو الحديث عن ما جمع الله له من خصال الجلال والكمال في شخصه الكريم صلوات الله وسلامه عليه. نعم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى اله واصحابه اجمعين باين اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين ولجميع المسلمين هذا هو المجلس الثالث والعشرون من مجالس تدارس كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي ابي الفضل عياض بن موسى رحمه الله تعالى قال رحمه الله فصل في اجتماع خصال الجلال والكمال في نبينا محمد صلى الله الله عليه وسلم اذا كانت خصال الكمال والجلال ما ذكرناه ووجدنا الواحد منا يشرف بواحدة منها او اثنتين اذا اتفقت له في كل عصر اما من نسب او جمال او قوة او علم او حلم او شجاعة او سماحة حتى يعظم قدره ويضرب باسمه الامثال ويضرب باسمه الامثال ويتقرر له بالوصف بذلك في بالقلوب اثرة في القلوب اثرة وعظمة. وهو منذ عصور خوال رمم بوال فما ظنك بعظيم قدر من اجتمعت فيه كل هذه الخصال الى ما لا ياخذه عد. ولا يعبر عنهما قال ولا يعبر عنهما قال ولا ينال بكسب ولا حيلة الا بتخصيص الكبير المتعال. نعم اراد رحمه الله ان يقول ان احدنا ايها البشر يشرف بصفة يكرمه الله تعالى بها فاذا ما بلغ في هذا الوصف من الصفات الدرجة العليا صار يضرب به المثل كما يظرب مثلا المثل بحاتم الطائي في الكرم وبحسان ابن ثابت في فصاحة الشعر وجزالته. وبفلان في الشجاعة وبفلان في السخاء. وبفلان في الحلم وبفلان في كذا وكذا ما الذي حصل الذي يحصل عند البشر ان امرءا ما لو اتصف بخصلة فبلغ فيها المنتهى يصبح من شدة ما يعرف بهذا الوصف يظرب به المثل ويقال اسمه على الالسنة من باب ان يكون قدوة يحتذى وان يكون علما في هذا الطريق فيقال للناس كونوا وفي الكرم مثلا كحاتم كونوا في الحلم كالاحنف كونوا في الشجاعة كفلان كونوا في الصدق كفلان وهكذا هذا شأن البشر وانت كما ترى رعاك الله احدهم يبلغ هذا المبلغ في تاريخه وحياته بل ومن بعد مماته من اجل صفة عرف بها وخصلة اتصف بها. يقول المصنف فما ظنك بمن جمع الله فيه هذه الخصال ليس يعرف بالكرم فقط ولا بالشجاعة فقط ولا بالحلم فقط ولا بالتواضع فقط ولا بواحدة او اثنتين او ثلاث بل جمع الله له تلك الفضائل الخصال الشريفة كلها لا بل واصبح اماما في شأنه كله عليه الصلاة والسلام. صدقا والله يا اخوة تتوارى سير العظماء من البشر في ظل عظمة المصطفى صلى الله عليه وسلم وكم يصغر اولئك الكبار في جانب المصطفى صلوات الله وسلامه عليه. حياته التي عاشها في امته ثلاثا وعشرين سنة نبيا رسولا امينا على الوحي عليه الصلاة والسلام. والله حكى فيها التاريخ انه رأى بشرا وانسانا ما عرفت البشرية مثله قط في كل ابواب الاخلاق والصفات الشريفة على الاطلاق بل انما تعرف الاخلاق بذكره عليه الصلاة والسلام. ولكم قلنا مرارا يا قوم والله ليس من المبالغة ان نقول ان احدا يتجمل بصفات شريفة يتصف بها. لكن الاخلاق الشريفة تجملت بتخلق رسول الله عليه الصلاة سلام بها اصبح يعرف شرف التواضع وجماله اذا ضرب به المثال من مواقفه عليه الصلاة والسلام. تعرف للامانة صدق حلاوتها ورونقها واثرها في الحياة اذا ضربت بمثال منه عليه الصلاة والسلام يعرف كذلك كل شأن من الاخلاق الرأفة الشفقة الرحمة الحرص الحزم الغيرة على دين الله الغضب في ذات الله. كل تلك خصال انما يعرف جماله ويظهر بريقها ويبرق رونقها اذا ما ضرب بها المثال من حياة رسول الله عليه الصلاة والسلام حسبك مهما وصفت وجملت العبارة وحاولت ان تقرب الصورة لقارئ وسامع في شأنه عليه الصلاة والسلام حسبك اية قصيرة وجيزة من كتاب الله ان يقول الله له وانك لعلى خلق عظيم. الله العظيم يصف خلق نبيه الكريم كريم عليه الصلاة والسلام فيقول خلق عظيم. فاي حد سيبلغ بك هذا التخيل في وصف العظمة في خلقه عليه الصلاة والسلام. فالمقصود اذا ان شأنه الكريم صلوات الله وسلامه عليه. وقد جمع الله له خصال الخير والكرم والشرف والعز والسيادة. اجتمعت في شأنه. فما ظنك ان تحيط بعبارة او وصف او مقال كما قال المصنف رحمه الله الى ما لا يأخذه عد ولا يعبر عنه مقال ولا ينال بكسب ولا حيلة الا بتخصيص الكبير المتعال. نعم. خصه ربه بهذا الشرف خصه ربه بهذه العناية فاعتلى عليه الصلاة والسلام عرش الاخلاق جلالا وكمالا صلوات الله وسلامه عليه ثم شرع المصنف يذكر احاد تلك الصفات مترادفة متعاطفة متناسقة يسردها سردا ليظهر طرفا مما جمله به ربه. مما كمله به خالقه سبحانه وتعالى. نعم قال رحمه الله من فضيلة النبوة والرسالة والخلة والمحبة والاصطفاء والاسراء رؤيا والقرب والدنو والوحي والشفاعة والوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة المحمود. نعم. سيسرد رحمه الله جملة من الصفات نأخذها مجموعة مجموعة ثم نأتي على بيان ما يريد بها الله قال من فضيلة النبوة والرسالة وهذا اظهر من ان يحتاج الى بيان وايظاح اعلى ما تولاه وعليه الصلاة والسلام من شرف مراتب الحياة هي مرتبة النبوة والرسالة ولا ريب. فانها اعلى الدرجات واسنى قامات واشرف الكرامات التي يؤتيها الله من يختار من خلقه هي درجة النبوة والرسالة هو الاصطفاء الالهي والله وقد قال الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس. ثم من بين الرسل يختار الله جل وعلا بعضهم ليكون افضل من بعض تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات قال رحمه الله من فضيلة النبوة والرسالة والخلة والمحبة المحبة يعني حب الله تعالى له والخلة درجة عالية من الحب الذي يتخلل ثنايا القلب والفؤاد حتى يتشرب القلب ويتشبع بحب من يحب. ولهذا وصف إبراهيم عليه السلام بالخليل وقد نال نبينا عليه الصلاة والسلام ايضا مرتبة الخلة كما اشار المصنف ويقصد بذلك الحديث الصحيح الذي اخرجه احمد وابن حبان وغيرهما قال عليه الصلاة والسلام لو كنت متخذا خليلا لاتخذت ابا بكر خليلا ولكن صاحبكم خليل الله فبلغ عليه الصلاة والسلام درجة الخلة والمحبة عند ربه. قال رحمه الله والاسراء يقصد بها الحادثة المشهورة في سيرة معجزة الاسراء التي اسري بها التي اسري فيها به عليه الصلاة والسلام كما قال الله سبحان الذي بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله. نعم الاسراء معجزة. لكنها كرامة وعطاء الهي ورفعة درجة لما حف بحادثة الاسراء من قصص كانت تعي معنى الكرامة تقديم والتشريف يسرى به عليه الصلاة والسلام يبلغ مسجد الاقصى فيصلي فيه يؤم الانبياء ثم يعرج به الى السماء وهناك كما قال المصنف والرؤية والقرب والدنو. الرؤيا اي رؤيا ماذا يقصد بالرؤيا رؤية النبي عليه الصلاة والسلام لربه في حادثة المعراج على خلاف سيأتي تفصيله في كلام المصنف لاحقا هل كانت رؤية عين او رؤية قلب والراجح الثاني كما سيأتيكم تفصيله. وقد يقال في الرؤية هنا ما اشارت اليه الاية في سورة النجم لقد رأى من ايات ربه الكبرى فهي ايضا منقبة وكرامة. هذه الايات الكبرى كما مر بكم هناك في الفصل الاول في الباب الاول ان الاية اجملت لبيان ان عظمة الايات اجل من ان توضح في بيان. لكنه لما بلغ المرتبة هناك رأى من ايات ربه الكبرى ثم ترك هذا مبهما للاشارة الى عظيم الاجلال والتفخيم في شأن الايات التي رآها رسول الله صلوات الله وسلامه عليه قال رحمه الله والقربي والدنو في قوله تعالى ثم دنا فتدلى. سياق الاية يشعر في رؤيته عليه الصلاة والسلام لجبريل عليه السلام. لما قال الله اه وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى علمه شديد القوى جبريل عليه السلام ذو مرة ذو هيئة حسنة جميلة فاستوى وهو بالافق الاعلى ثم دنا فتدلى يعني جبريل عليه السلام فكان قاب قوسين او ادنى وبعض المفسرين يذهب الى ان قوله تعالى ثم دنا فتدلى اي دنى رسول الله صلى الله عليه وسلم من ربه فتدلى فاقترب فكانت له الحظوة والمكانة اي مكانة عندما بلغ في المعراج عليه الصلاة والسلام لما بلغ السماء السابعة واتى مرتبة ومنزلة ومكانة ما بلغها قبله الانبياء مرسلون ولا الملائكة المقربون عليهم جميعا سلام الله. لكنه بلغها عليه الصلاة والسلام. بلغ مرتبة فيها من القرب ادلت عليه الاحاديث الصحاح يقصد بذلك ما جاء عن ابن عباس في الصحيحين وهو يحكي او يروي قصة المعراج يقول عليه الصلاة والسلام ثم عرج بي حتى ظهرت لمستوى اسمع وفيه صريف الاقلام هذه المرتبة التي ما بلغها احد من الخلق قبله عليه الصلاة والسلام هي احد المحامل في الاية في قوله ثم دنا فتدلى وبعض التفاسير تروي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال انه محمد صلى الله عليه وسلم دنا فتدلى من ربه يعني اقترب وبلغ تلك المرتبة العظيمة. وعلى هذا المعنى جعلها المصنف من خصال الجلال والكمال في رسول الله عليه الصلاة والسلام هذا الدنو وهذا القرب. لاحظ معي انه دنو حسي وقرب حسي. فاذا ما حملته على المعنوي ما فيه الى بيان اليس مكانته المعنوية عليه الصلاة والسلام في قربه من ربه واصطفائه وعلو منزلته اظهر من ان تحتاج فاذا ان حملتها على الحسية فالمقصود به ما كان في المعراج وان حملته على المعنوي فدنوه وقربه عليه الصلاة والسلام من ربه سواء بعبادته وتضرعه والتجاءه او ببعثته ونبوته ورسالته او بعظيم من منزلته ومناشدته بربه كل ذلك من دلائل الدنو والقرب له عليه الصلاة والسلام قال والوحي ويقصد به القرآن والسنة والشفاعة والشفاعة له عليه الصلاة والسلام سيأتي تفصيلها ايضا بايضاح قال والوسيلة فضيلة والدرجة الرفيعة والمقام المحمود. هذه التي تدعو بها عبد الله بعد الاذان كلما تابعت المؤذن فقلت عقب ما ينتهي من اذانه اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة ات محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته. وفي بعض طرق الحديث والدرجة الرفيعة ما هذا انت تدعو بها عقب كل اذان عبد الله وتدعو بها لرسول الله عليه الصلاة والسلام. فحق لك ان تعي ما الذي تطلبه لرسول الله عليه الصلاة والسلام ما الذي تحرص في كل اذان اذا فرغت من متابعة المؤذن ان تسأل الله ربك داعيا وسائلا وطالبا هذا دعاء علمنا اياه رسول الله عليه الصلاة والسلام. وحثنا على ان ندعو به الله لاجله عليه الصلاة والسلام اتي محمدا الوسيلة والفضيلة. ما الوسيلة؟ الوسيلة درجة رفيعة ومنزلة فريدة في الجنة وليست الا لواحد من خلق الله اجمعين هذه الوسيلة ليست لي ولا لك لكنها لعبد من عباد الله واحد فقط خصه الله بمرتبة الوسيلة. فحثنا عليه الصلاة والسلام قال ثم سلوا الله لي الوسيلة ما الوسيلة؟ جاء ايضا في السنة الصحيحة عنه صلوات الله وسلامه عليه وهو يبين هذا كما جاء في الترمذي. قالوا يا رسول الله ما الوسيلة؟ قال اعلى درجة في الجنة لا ينالها الا رجل واحد ارجو ان اكون انا هو الحديث في سنده ضعف اشار اليه الترمذي رحمه الله. ولكننا ايضا في رواية صحيحة عند الامام مسلم يقول عليه الصلاة والسلام منزلة في الجنة لا تنبغي الا لعبد من عباد الله وارجو ان اكون انا هو فنحن اذ ندعو عقب كل اذان فانما نسأل الله ان يبلغ بنبينا عليه الصلاة والسلام تلك الدرجة. لم؟ لان كما مرارا والله الشرف له شرف لامته. والرفعة له رفعة لامته. وكم تحظى الامة بشرف اذا ما تبوأ عليه الصلاة والسلام في ذلك اليوم العظيم في ذلك المقام العظيم. اذا ما تبوأ منازل الشرف والسيادة على البشر اجمعين فالامة كلها تفخر ان نبيها سيد الانام يوم القيامة عليه الصلاة والسلام. وانه سيد الاولين والاخرين. ولتعلم انه والله ما ادخر شرفا لذاته. ولا مرتبة اختص بها لنفسه عليه الصلاة والسلام. لكنه ما وجد شرفا ولا حفاوة ولا كرامة الا جعلها في امته رأفة ورحمة منه بها صلوات الله وسلامه عليه. تلك هي الوسيلة اما الفظيلة فمرتبة زائدة فوق الاخلاق على عرشها وقمتها فظل فوق فظل فظيلة تنتهي اليها الفظائل وتأتي بعدها تباعا فنحن نسألها لرسول الله صلوات الله وسلامه عليه. قال واما الدرجة الرفيعة فهي على بعض انها تلك المنزلة في الجنة والمقام المحمود في اقوال كثيرة. قيل هو المقام الذي يحمد فيه النبي عليه الصلاة والسلام ربه عندما يأتي تحت العرش فيسجد فيسأل الله ويحمده بمحامد يلهمه الله اياها. فذلك المقام المحمود الذي يغبط عليه من الانبياء والرسل والبشر اجمعين ان يبلغ في حمده لربه والثناء عليه ما لم تحط به السنة القائلين ولا عبارات المتكلمين كمقام محمود وعلى اقوال بعض اهل العلم انها الشفاعة العظمى. هو المقام الذي تأتي فيه البشرية الى الانبياء واحدا واحدا. يسألونهم ان يشفع لهم عند ربهم يأتون ادم فموسى فعيسى فابراهيم فمحمدا عليهم جميعا افظل الصلاة والسلام. ماذا يطلبون ماذا تريد الخليقة بفزعها في ذلك الموقف ولجوئها الى الانبياء؟ تريد منهم ان يشفعوا. لا تظن ان الشفاعة تلك هي طلب لدخول الجنة لا. انما هو طلب ان يأذن الله في الفصل بين الخلائق. طلب ان ينتهي الفزع في ذلك الموت العظيم طلب ان يقف الكرب عند حده وان تنتهي المحنة في ذلك اليوم العصيب. لذلك هي شفاعة عظمى انها تنال الخليقة اجمعين. مسلم وكافر وبر وفاجر. كلهم ينالوا هذه الشفاعة. فيقوم لها رسول الله صلوات الله وسلامه عليه. بتخصيص الله جل وعلا له ذلك المقام العظيم. هذه الرتبة الرفيعة التي نسأل الله عقب كل صلاة يقول الله يقول النبي عليه الصلاة والسلام فمن سألها لي او فمن دعاها وجبت له شفاعتي هذا مطلب يسعى اليه المحب لرسول الله صلوات الله وسلامه عليه. نعم. قال رحمه الله والبراق والمعراج والبعث الى الاحمر والاسود والصلاة بالانبياء والشهادة بين الانبياء والامم نعم اما البراق فالدابة التي ركبها عليه الصلاة والسلام في قصة الاسراء والمعراج خلق فريد من خلق الله دابة بيضاء كبرى تقع او يقع خطوها عند منتهى طرفها عندما تنظر الى الافق واما المعراج فالقصة التي بها عليه الصلاة والسلام ابواب السماء وهي تباعا حتى بلغ الرتبة الرفيعة والبعث الى الاحمر والاسود التي لم تكن فيها نبوته خاصة بالعرب ولا بامته ولا بقبيلته ولا بزمانه لكنه الزمان الممتد الى يوم القيامة والقبائل كلها عربها وعجمها واحمرها واسودها والصلاة الانبياء يشير فيها الى امامته بهم عليه الصلاة والسلام. والشهادة بين الانبياء والامم في قوله تعالى وكذلك جعلناكم امة لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا. فتشهد الامة على الامم. ويشهد النبي عليه الصلاة والسلام على امته. كما تقدم بيان ذلك وايظاحه بو سلفة قال رحمه الله وسيادة ولد ادم ولواء الحمد والبشارة والندارة والمكانة عند العرش والطاعة ثم والامانة والهداية ورحمة للعالمين واعطاء الرضا والسؤل والكوثر وسماع القول واتمام النعمة والعفو عما تقدم وتأخر وشرح الصدر ووضع الوزر ورفع الذكر وعزة النصر ونزول سكينة. نعم. هذه جملة اخرى يقول فيها رحمه الله وسيادة ولد ادم. نعم هو سيدهم عليه الصلاة والسلام ليس سيدا فينا يا امته بل سيدا لنا وللامم اجمعين. هو سيد الاولين والاخرين عليه الصلاة والسلام السيادة التي يوصف بها نبينا الاكرم صلى الله عليه وسلم جاءت صريحة على لسانه عليه الصلاة والسلام فقد قال كما اخرج البخاري في صحيحه انا سيد الناس يوم القيامة وعند مسلم بلفظ انا سيد ولد ادم يوم القيامة. السيادة ثابتة له عليه الصلاة والسلام. والمقصود بها الشرف والمكانة. المقصود بها الامامة. المقصود بها في احد معانيها نيل الشفاعة. صلوات الله وسلامه عليه. قال لواء الحمد يقصد بلواء الحمد ذلك المعنى ايضا الذي اخرجه الترمذي وابن ماجة. وصححه الالباني في قوله عليه الصلاة والسلام انا سيد ولد ادم يوم القيامة ولا فخرا يعني ليس هذا بحامل له على العجب والكبرياء وحاشاه عليه الصلاة والسلام يقول انا سيد ولد ادم يوم القيامة ولا فخرا وانا اول من تنشق عنه الارض يوم القيامة ولا فخر. وانا اول شافع واول مشفع ولا فخر. ولواء الحمد بيدي يوم القيامة ولا فخرا لواء الحم يأتي اهل الحمد يوم القيامة على منابر من نور ولحمدهم ثقل في الميزان ولحمدهم عمل صالح يرجون به الرضا بين يدي الله يوم القيامة. الحمادون والحامدون يقودهم رسول الله عليه الصلاة والسلام حاملا لواء الحمد وامته امة الحمد. فالحمد مقام عظيم في العبودية لا يأتي عليه الصلاة والسلام يحمل لواء الحمد. يقود ركب الحامدين في الامة. فان رجوت ان تلحق بالركب فاكثر من حمدك لله وشكرك له جل في علاه فانه والله لن يحصي احد منا نعم الله عليه ولا فضله عليه ولا كرمه سبحانه وتعالى عليه احدنا اذا احسن اليه بشر مخلوق مسكين ضعيف مثله اسره بالاحسان فاغرقه بالشكر العاطل والثناء الوافر وكلما تتابع فضله واحسانه ازداد حمدنا وشكرنا وثناؤنا فما بالك بمن لا ينتهي فضله عليك ولا حد لاحسانه وانعامه عليه. ربك الخالق جل في علاه الذي خلقك من عدم واطعمك ورزقك وهداك واسكنك والبسك وكساك من يدفع عنك الضر الا الله من يجلب لك الخير الا الله من يدفع عنك الكرب ويقضي عنك الدين ويدبر لك الامر الا الله. ذلك مبثوث جدا في كتاب الله حتى نعي عباد الله معنى الحمد لله. ثم ها نحن في كل صلاة من صلواتنا في كل ركعة من ركعاتها في اول ما نستفتح به بعد تكبيرة الاحرام اللهج بحمد الله مع اول اية افتتحت بها سورة ام القرآن فاتحة القرآن الحمد لله رب العالمين. فاذا سبحت الله وبحمده. واذا رفعت فانما تستجيب لامام يقول لك سمع الله لمن حمده كانه يقول هذا اوانك ربك يسمع. الهج بحمد الله. سمع الله لمن حمده. مقام الحمد تجده في صلاتك قائما وراكعا ورافعا وساجدا ربك يحب الحمد. حتى قال عليه الصلاة والسلام ان الله ليرضى عن العبد يأكل الاكلة فيحمده عليها. ويشرب الشربة فيحمده عليها. ربك سيرضى عنك اذا حمدته. فان وفقك الله لهذا المقام واستوعبت معنى الحمد لله ولهج قلبك ولسانك وجوارحك بالاعتراف لله هذا مقام شريف عظيم حسبك لشرفه انك تبعث تحت هذا اللواء الذي يرفعه رسول الله صلوات الله وسلامه عليه. هذا المقصود بقوله ولواء الحمد. قال والبشارة والنذار. يا ايها النبي انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا. هو مبشر لمن اطاع واستجاب ومنذر لمن عصى تمادى اعرض استنكف وتكبر وغوى رسالته عليه الصلاة والسلام جاءت للطائع للمتبع للصادق بشارة وفرحا وسرورا. جاءت للعاصي ايضا جاءت للمقصر جاءت افرط للمتأخر عن هديه لذارة ان الحق بالركب. ثم اياك ان يأتي اليوم الذي يحال فيه بينك وبين رسول الله عليه الصلاة والسلام لان لا يقال له فانك لا تدري ما احدثوا بعدك. هي نذارة نعيشها في اقاويله وافعاله عليه الصلاة والسلام. قال والمكانة عند ذي العرش والطاعة ثم والامانة. يقصد ايات سورة التكوير انه لقول رسول كريم بقوة عند ذي العرش مكين. مطاع ثم يعني هناك امين. وقد تقدم معكم فيما جاء في شأن هذه الاية في الباب الاول ان الظاهر من السياق والراجح فيها ان المقصود جبريل عليه السلام ان المقصود جبريل عليه السلام وفي بعض اقوال اهل العلم والمفسرين انه محمد صلوات الله وسلامه عليه والاية محتملة مع رجحان الاولين. قال والامانة والهداية ورحمة للعالمين. والهداية يعني ما امتن الله به في قوله. ويهديك صراطا قيمة فقد كفل تكفل الله له بالهداية فهي خصلة جلال هذه الهداية التي ادعو بها انا وانت في كل صلاة وغاية مونانا وطلبنا ورجائنا من الله في الصلاة اهدنا الصراط المستقيم. هي دعاؤنا في كل ركعة. هي اياتنا في كل فاتحة هذه التي نقضي اعمارنا حتى تنتهي اجالنا سؤالا وطلبا نالها عليه الصلاة والسلام بقول ربه ويهديك صراطا مستقيما. قال رحمه الله ورحمة للعالمين. ذلكم هو قول ربكم وما ارسلناك الا رحمة للعالمين قال واعطاء الرضا ولسوف يعطيك ربك فترظى اعطاه الرظا ورظي الله تعالى عنه وعن اصحابه الذين لحقوه وامنوا به واتبعوه واعطاء السؤل يعني ان يعطى ما يسأل. لما قال الله له يا محمد ارفع رأسك وسل تعطى واشفع تشفع وقل تسمع هذا الذي قصده والسؤلي وسماع القول. اما الكوثر ففي قوله سبحانه انا اعطيناك الكوثر وتقدم بكم انه النهر الذي خص له في الجنة عليه الصلاة والسلام وهو لا يتنافى مع من يذهب الى انه الخير الكثير فقد لاعطي خيرا عظيما صلوات ربي وسلامه عليه قال واتمام النعمة والعفو عما تقدم وتأخر. يشير الى ايات الفتح ويتم نعمته عليك. ويهديك صراطا مستقيم ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما. وشرح الصدر وضع الوزر ورفع الذكر هذه ايات الشرح. الم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك الذي انقض ظهرك ورفعنا لك ذكرك وكما ترى فان المصنف اوجز العبارة ها هنا لانه قد اتى فيها ببيان مفصل فيما سبق. وخص كل موضع من هذه الصفات باياتها وذكر فيها اقوال اهل العلم واشار ببعض العبارات الرائقة الى ما تضمنته الايات من عظيم الرفعة لرسول الله عليه الصلاة والسلام فاستغنى بذلك عن اعادة القول فيها بالتفصيل ها هنا. قال رحمه الله وعزة النصر يقصد قوله سبحانه وينصرك الله نصرا عزيزا. ونزول السكينة في قوله فانزل الله سكينته عليه وايده بجنود لم تروها وهو قوله والتأييد بالملائكة قال وايتاء الحكمة والكتاب وهو قوله وانزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم. اما الكتاب فهو القرآن. واما الحكمة فعلى قول جل المفسرين فهو سنته ونبوته صلوات الله وسلامه عليه. نعم. قال رحمه الله تعالى والتأييد بالملائكة وايتاء الحكمة والكتاب والسبع المثاني والقرآن العظيم. وتزكية الامة والدعاء الى الله وصلاة تعالى والملائكة والحكم بين الناس بما اراه الله ووضع الاسر والاغلال عنه والقسم باسمه واجابة دعوته وتكليم الجمادات والعجم والعجم. واحياء الموتى اسماع الصم ونبع الماء من بين اصابعه وتكثير القليل وانشقاق القمر ورد الشمس وقلب قلب الاعيان والنصر بالرعب والاطلاع على الغيب وظل الغمام وتسبيح الحصى وابراء والعصمة من الناس. نعم. هذه جملة اخرى حكى فيها المصنف رحمه الله جملة مما خص به رسول الله صلوات الله وسلامه عليه. قال منها ايتاء الحكمة والكتاب والسبع لمثاني والقرآن العظيم. وكل ذلك تقدم. السبع المثانيقية هي الفاتحة على الراجح. وقيل السبع السور والقرآن العظيم كله او سورة الفاتحة على وجه الخصوص. وتزكية الامة يعني ان الله جعل اليه تزكية امته كما قال سبحانه وتعالى لقد من الله على المؤمنين اذ بعث فيهم رسولا من انفسهم يتلو عليهم اياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ان يعلمنا القرآن ويعلمنا السنة ويعلم الامة دين الله هذا هو تعليم الكتاب والحكمة واما قوله ويزكيهم فانه يزكي نفوس امته. ان يسموا بها ايمانا واخلاقا وعبادة قلب. هذه تزكية رسول الله عليه الصلاة والسلام لامته. وقد جاء ذلك في هديه قولا وفعلا. فان اقواله كانت ولا تزال تحث امة على رفعة شأن القلوب والعناية بها وعلى التخلق باخلاق القلوب وعباداتها وعلى تطهير القلوب من ادران وادوائها ولم يزل شأنه وهديه صلوات الله وسلامه عليه. يأخذ بقلوب العباد المؤمنة الى اعلى مراتبها لا يرظى لامته ان تحمل في قلبها حسدا ولا حقدا ولا نفاقا ولا كفرا ولا شك كان ولم يزل عليه الصلاة والسلام كما علمنا الوضوء والصلاة والدعاء والطواف والحج والعمرة كما علمنا العبادات الظاهرة علمنا كيف اعبدوا الله بقلوب خاشعة. علمنا كيف نخشى الله بقلوب منيبة. تجد ذلك في اقواله وافعاله. اما اقواله فما ملئت به دواوين السنة اما اعماله فما حكاه الصحابة على انبهار وعجب شديدين كيف كان يعبد الله بقلبه قبل بدنه كيف كان قلبه يعي عبادته لربه خشية خشوعا اخباتا انابة تضرعا توكلا ذلك ملئت به سيرته وسنته صلوات الله وسلامه عليه. كل ذلك احد جوانب رسالته للامة يتلو الايات يعلم الكتاب يعلم الحكمة يزكي الامة صلوات الله وسلامه عليه. فقولوا لكل باحث لقلبه عن رقته وقولوا لكل من اشتكى قسوة القلب وجفاف الفؤاد عليك بهديه عليه الصلاة والسلام فان الله جعله مزكيا للامة ستجد القلوب انسها. وتجد سعادتها. قل تجد تزكيتها في هديه عليه الصلاة والسلام. اقبلوا عليها ستجدون اشباعا للارواح والافئدة. تجدون فيها امتاعا للقلوب والصدور بما حوته سنة المصطفى صلوات الله وسلامه عليه فان الله قال ويزكيهم قال رحمه الله والدعاء الى الله وداعيا الى الله باذنه وسراجا منيرا. فما تشرف الدعاة الى الله بشيء اعظم من كونهم يقتدون في هذا الباب برسول الله عليه الصلاة والسلام. اول داع الى الله واعظم واشرف من دعا الى الله ودينه وصراطه المستقيم قال وصلاة الله تعالى والملائكة يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما. عندما يخبر ربك انه صلى على نبيه عليه الصلاة والسلام. فاعلم انها مرتبة عظيمة رفيعة. وان الله اصطفى لذلك الملائكة انا اهل الملكوت الاعلى يشتغلون بالصلاة على نبي الله صلوات الله وسلامه عليه. ثم جاء النداء لنا اهل الملكوت اهل الدنيا اهل الارض يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما. ثم انظر كيف خص النداء باهل الايمان. لانهم اصحاب الصلة باهل السماء ليكونوا على امتداد بهذا الشرف في هذه العبادة العظيمة بالصلاة والسلام عليه عليه الصلاة والسلام قال والحكم بين الناس بما اراه الله كما قال الله انا انزلنا اليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما اراك الله فكان هذا من خصائصه التي حلاه الله بها ووضع الاسر قال ويضع عنهم اصرهم والاغلال التي كانت عليهم فتلك منقبة اخرى لنبي الامة صلوات الله وسلامه عليه كانت رسالته بعثته دينه ملته تخفيفا والله للامة رفعا للاثار والاغلال فما تعيشه امة الاسلام في شريعة الاسلام ببعثة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه انما هو اليسر والسماحة كيف لا وقد جعل الله ببعثة رسوله عليه الصلاة والسلام وضع الاثار والاغلال. تنفس عبد الله من شرقا الصدر وابتسم مرتاح الفؤاد لانك في امة رسول الله صلى الله عليه وسلم امة مرحومة والله بنبيها وضع الله به الاصال والاغلال فصارت امة لا تعرف في الدين والشريعة والملة الا يسرا الا رحمة الا رأفة كل ذلك كان في طيات بعثة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه. قال رحمه الله والقسم باسمه يشير الى ما طرده هناك في قول الله لعمرك انهم لفي سكرتهم يعمهون. واجابة دعوته هذا اظهر من ان يحصى كم مرة اجاب الله دعاء نبيه؟ عليه الصلاة والسلام. ليس لمريض كان يدعو له بالشفاء بين يديه. ولا لمستغيث انتظروا قطر السماء فجاء يسأله الدعاء عليه الصلاة والسلام. بل لذلك ولغيره كثير وكثير. مر بكم في احاديث السنة على صاحبها افضل الصلاة والسلام. قال وتكليم الجمادات والعجم. يقصد بذلك رحمه الله ما جاء في نصوص كثيرة ايضا من تكليمه عليه الصلاة والسلام الجمادات في صحيح مسلم يقول عليه الصلاة والسلام اني لاعرف حجرا بمكة كان لا يسلم علي هذا قبل النبوة قبل ان يبعث عليه الصلاة والسلام. يقول اني لاعرف حجرا بمكة كان يسلم علي. قال بعض اهل العلم هو الحجر الاسود وقال بعضهم بل غيره واهل مكة الى زمن قريب يسمونه زقاق الحجر على مقربة من المسجد الحرام وذهب في بعض توسيعاته. فهذا مكان يخبر فيه عليه الصلاة والسلام والرواية في صحيح مسلم. اما تكريم العجماوات فورد ذلك في نصوص متعددة انه عليه الصلاة والسلام كانت تكلمه البهائم ويعقل عنها من ذلك ما اخرج الامام البخاري عن جابر من ذلك ما جاء عفوا في في مسند احمد بسند فيه ضعف يقول في قصة البعير الذي اتاه عليه الصلاة والسلام فقال اتدرون ما يقول البعير انه يزعم ان صاحبه يريد نحره انه يزعم ان صاحبه يريد نحره. قال فبعث رسول الله صلوات الله وسلامه عليه الى صاحب البعير. فقال اواه انت لي هل تهبوه لي؟ ماذا يريد عليه الصلاة والسلام يريد ان يعفيه من النحر فيستوهبه من صاحبه لئلا ينحر. قال اواهبه انت لي؟ فقال الرجل يا رسول الله ما لي مال احب منه هذا احب مالي الي وليس عندي مثله مما يحبه قلبي من المال. فقال استوصي به معروفا فقال الرجل لا جرم لا اكرم مالا لي كرامته يا رسول الله. يعني ليس لي مال ساكرمه كرامة هذا البعير من اجل عليه الصلاة والسلام فيه هذا مثال ومثال اخر كثير متنوع فيه اخبار انه عليه الصلاة والسلام كان تكلمه وكان يعقل عليه الصلاة والسلام بمعجزة الهية فهذا من خصائصه وخصاله. قال واحياء الموتى واسماع الصم ونبع الماء من بين اصابعه وتكثير القليل. في بعض ذلك روايات لا تصح سندا كما في احياء الموتى. وفي بعضها في اسماع الصم يقصد تكليم الشجر والحجر. فقد ثبت ايضا انه كان ذات يوم في سفر فاقبل عليه الصلاة والسلام الى ناحية نريد قضاء حاجته فلما اراد عليه الصلاة والسلام قضاء حاجته نادى شجرة من ها هنا وشجرة من ها هناك ان تقترب اليه ليستتر بها عليه الصلاة والسلام. فاقبلتا اليه. فلما استظل تحتها استتر قضى حاجته عليه الصلاة والسلام في مواقف متعددة تشير الى ما قصده المصنف رحمه الله بقوله واسماع الصم. اما علماء من بين اصابعه فقد ثبت في احاديث صحاح في مواقف متعددة يثبت بها هذه المعجزة العجيبة له عليه الصلاة سلام منها ما اخرج البخاري في قصة الحديبية قال جابر رضي الله عنه عطش الناس يوم الحديبية والنبي بين يديه عليه الصلاة والسلام ركوة يعني قربة صغيرة من جلد فيها ماء. قال فجهش الناس حوله اجتمعوا اليه فقال ما لكم فقالوا ليس عندنا ماء نشرب ليس عندنا ماء نتوضأ ولا نشرب الا ما بين يديك فوظع يده عليه الصلاة والسلام في الركوة في القربة الصغيرة فجعل الماء يثور بين اصابعه كامثال العيون. قال جابر فشربنا وتوضأنا. قال الراوي لجابر كم كنتم في العدد قال جابر لو كنا مائة الف لكفانا كنا خمس عشرة مائة يعني الف وخمسمائة. يا اخي نقول لو كنا مائة الف لكفانا حدثني ما هو الا معجزة لرسول الله صلوات الله وسلامه عليه جاءت مرارا قال المصنف وتكفير القليل الطعام يكثر بين يديه والتمر يكثر بين يديه والماء يكثر بين يديه بركة من بركات رسول الله صلوات الله وسلامه عليه ومعجزة له من فضلا وكرامة اختصه بها الله جل في علاه. من ذلك ما اخرج البخاري عن عبدالرحمن بن ابي بكر رضي الله عنهما قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثين ومئة مئة وثلاثين انسان. فقال النبي عليه الصلاة والسلام هل من احد منكم طعام؟ هل مع احد منكم طعام؟ فاذا مع رجل صاع من طعام او نحوه الصاع اربعة امداد وهم مئة وثلاثون قال فعجن ثم جاء رجل مشرك مشعان طويل بغنم يسوقها فقال النبي عليه الصلاة والسلام بيعا ام عطية او قال بيعا ام هبة؟ فقال لا بل بيع فاشترى منه شاة شاة وهم كم مئة وثلاثون. قال فاشترى منه شاة فصنعت وامر النبي صلى الله عليه وسلم بسواد البطن ان يشوى. سواد بطن الشاة باطنها يشوى قال ويم الله ما في الثلاثين والمئة الا قد حز النبي له صلى الله عليه وسلم حزة من سواد ان كان شاهدا اعطاه اياها وان كان غائبا خبأ له فجعل منها قصعتين فاكلوا اجمعون وشبعنا ففضل القصعتان فحملناه على البعير او كما قال هذا تكفير القليل ليست قصة ولا اثنتين ولا ثلاثا ولا اربعا هي متعددة التمر القليل الذي يكفي صحابته ويفيض. جابر اليوم الخندق يدعوه الى طعام ويريد رسول الله عليه الصلاة والسلام ومعه رجل او اثنان او ثلاثة فينادي يا اهل الخندق هلموا الى طعام جابر فيدخلون داره يأكلون جميعا ويشبعون ويبقى القدر بطعامه غداء وعشاء لجابر واهله. تلك هي تكفير القليل بين رسول الله صلوات الله وسلامه عليه في الباب تتمة يسيرة نأتي عليها في مجلسنا المقبل ان شاء الله تعالى. هذه ليلتكم قد ابتدأتموها بالصلاة والسلام على رسول الله فاجعلوها عاطرة بقية ليلتكم ويوم غدكم الجمعة بكثرة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه واله وسلم نور اطل على الحياة رحيما. وبكفه فاض السلام عميما. لم تعرف الدنيا عظيما مثله صلوا عليه وسلموا تسليما. فاللهم صل وسلم وبارك عليه عدد ما صلى عليه المصلون. واجعلنا يا رب بصلاتنا وسلامنا عليه من مقربين لديك المتبعين لسنته المؤمنين بايمانه ودينه وملته المغترفين من شأنه وسيرته عليه الصلاة والسلام نسألك اللهم علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء يا ربي ارحم موتانا واشف مرضانا واهدي ضالنا وانصرنا على اعدائنا اللهم احفظنا والمسلمين جميعا بحفظك واكلأنا برعايتك وادفع عنا وعن كل عبادك المؤمنين الشر والبلاء اله الحق يا سميع الدعاء