بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين. واشهد ان سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله صادق الوعد الامين. ومبعوث الله رحمة للعالمين. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته الطيبين الطاهرين وصحابته الغر الميامين. ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد فان حب المصطفى صلى الله عليه واله وسلم فريضة. وحبه عليه الصلاة والسلام احد واجبات الايمان المتعلقة بشخصه الكريم عليه الصلاة والسلام. وما زال حبه عليه الصلاة والسلام في قلوب المؤمنين اسوة ومنهاجا يقدمونه على حب كل محبوب من البشر لانه الحق بذلك عليه الصلاة والسلام ولما كان هذا مقصدا شرعيا عظيما واصلا من اصول ديننا معشر المسلمين وجب على اهل الاسلام ان يكون لهم عناية بهذا الباب الكبير وهو الايمان والحب والطاعة الصادقة لنبي الامة صلوات الله وسلامه عليه. وما نحن فيه من هذا الباب فما زال مجلسنا هذا بحمد الله تعالى وتوفيقه متتابعا. في كل ليلة من ليالي الجمعة نقلب فيها صفحات من هذه المعاني الكبار. لتأسيس هذا المعنى الكبير حبا وتعظيما وايمانا وطاعة صادقة لنبينا صلوات الله وسلامه عليه في كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم للامام القاضي عياض ابن موسى الاحصوبي رحمة الله عليه لا زال حديثنا موصولا في هذه الابواب العظيمة التي يتجلى فيها للمسلم عظمة نبيه عليه الصلاة والسلام وعظيم ما حباه الله به جل وعلا من الخصال وصفات الجلال والكمال. هذا من اجل ان ان تقوم قوائم الحب له عليه الصلاة والسلام على دعائم صادقة في القلوب. تعرف موجبات هذا الحب العظيم له عليه الصلاة والسلام. ثم ليلة جمعة وما زالت هذه الليالي عاطرة مضيئة مشرقة مباركة بكثرة الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لما لا وهو القائل اكثروا من الصلاة علي ليلة الجمعة ويوم الجمعة. فما احراه من سبب يدرس فيه المسلم سنة نبيه عليه الصلاة والسلام. ويتصفح صفحات من سيرته. ويتعلق بنتف رائعة مشرقة من شمائله لاجل ان يكون باعثا وسببا يجعله يشتغل هذه الليلة بالصلاة والسلام على رسول الله عليه الصلاة والسلام فهلموا ايها الكرام الى منابع الحب والوفاء لنبي الامة صلى الله عليه وسلم. هلموا الى مصاعد السمو والصفاء هلموا الى صلاة تنزل عليكم من رب الارض والسماء. الرحمات المتتابعة بالصلاة والسلام على رسول الله المصطفى المجتبى اللهم صلي وسلم وبارك عليه. ايها الكرام حديثنا وقف بنا في مجلس ليلة الجمعة الماضية. في الفصل الذي المصنف رحمه الله لفصاحة رسول الله عليه الصلاة والسلام. باعتباره جانبا من جوانب العظمة وباعتباره ايضا مظهرا من مظاهر ما حباه الله به من صفات الجلال والكمال. وذلك لامرين كما تقدم في مطلع ليلة الجمعة الماضية اولهما ان الامة العربية امة لسان فاذا ما اراد عربي ان يبحث عن مراتب الشرف والفخر فانه لا سبيل له الا ان يكون فصيح اللسان بليغ البيان فاذا ما صنفت العرب في مراتب الفخر والمجد والسؤدد كان اللسان العربي سبيلها الاقوم في هذا الطريق. فاذا اوتي نبينا عليه الصلاة والسلام درجات الفصاحة العلا ومراتب البلاغة السامية واسر عبارته وخطابه ولسانه عليه الصلاة والسلام قلوب وسمع وكل حواس من يستمع الى كلامه كان ذلك ايضا دليلا من دلائل العظمة وسمو وشريف المكانة التي تبوأها عليه الصلاة والسلام. والسبب الاخر انه نجد في كل امة من امم البشر عربيها وعجمها على السواء انه لا يزال في صفات الحسن والفخر التي يوصف بها الناس من بين صفات المدح والثناء فصاحة اللسان وحلاوة الكلام وجمال المنطق وفصاحة العبارة وبيان اللفظ فهذا ايضا اوتيه عليه الصلاة والسلام من هذا الباب. يعني هب ان امة العرب ليس لها في لسانها مجد يذكر ولا ثناء تتنافس فيه فان من شأن الناس ان يمدح احدهم بين بعضهم اذا ما اوتي صفة من صفات الجمال ولا شك ان جمال اللسان وحلاوة العبارة من اجل صفات الانسان التي يمدح ويثنى عليه بها. اما نبينا عليه الصلاة والسلام فقد تربع يا قوم على عرش فصاحة العرب واوتي من حلاوة العبارة وجلالة اللفظ وسمو كلام ما يشهد به كل انسان من ذلك الزمان والى اليوم والى يوم القيامة والله ما عرفت البشرية كلام انسان اعظم بركة من كلام رسول الله عليه الصلاة والسلام لالفاظه حلاوة في السمع ولها جلالة في الفؤاد ولوقعها اثر عظيم في النفوس. اتريد دليلا على عظمة بركة قول المصطفى وعبارة لسانه عليه الصلاة والسلام اعظم مما نشهده اليوم بحواسنا بعد اكثر من الف واربعمئة سنة على بعثته صلى الله عليه وسلم اما ترى الناس الى اليوم يجلسون يجتمعون يتعلمون يدرسون ينهلون من عباراته واقاوليه عليه الصلاة والسلام هل هذه الا بركة ممتدة عبر الزمان يا قوم ارني كلام انسان وجد البشر في كلامه بركة وانتفعوا به اعظم من كلام رسول الله عليه الصلاة والسلام والله لا كلام العلماء ولا الحكماء ولا الخطباء ولا من اوتي حظا كبيرا من العلم او الشرف او السيادة لا احد حفظ التاريخ حفظ الزمان واحتفظ الدهر بعبارته طرية ندية وبأقواله رطبة عذبة تنقاد في الاسماع وتسري الى النفوس فلها سطوة على المشاعر والفؤاد مثلما عرف البشر لكلام رسول الله عليه الصلاة والسلام انظر كم حفظت البشرية اقواله وعبارات لسانه عليه الصلاة والسلام. فها هي تروى بالاسانيد وتحفظ في الدواوين درسوا في المساجد والمنابر والمعاهد والمدارس والجامعات كلنا مهما علت بنا الرتب او انخفضت مهما مراتب شرفنا وتشتت. كلنا تلميذ صغير في مدرسة رسول الله عليه الصلاة والسلام. ولا زالت اقواله عليه الصلاة والسلام. وسنته ثروة تتغذى عليه الامة وتتوالى على الاجيال وتتعاقب عليها القرون وهم يجدون في قوله وعبارة لسانه عليه الصلاة والسلام ايمانا وعلما وحكمة وخلقا وطريقا موصلا الى رضوان الله جل وعلا هذا الفصل الذي ابتدأناه في مجلس ليلة الجمعة الماضية يجلي هذا الجانب من جوانب عظمته عليه الصلاة والسلام. وما زال علماء الاسلام على مر الزمان يحاول احدهم ان يصف شيئا مما اوتيه عليه الصلاة والسلام من الفصاحة. وها انا اسمعك بعضا من كلامه قبل ان نعود الى ما سطره القاضي عياض رحمه الله في هذا الفصل. يقول الجاحظ في البيان والتبيين وانا ذاكر بعد هذا فنا اخر من كلامه صلى الله عليه وسلم. وهو الكلام الذي قل عدد حروفه وكثر عدد معانيه وجل عن الصنعة ونزه عن التكلف وكان كما قال الله تبارك وتعالى قل يا محمد وما انا من المتكلفين. فكيف وقد عاب التشديق وجانب اصحاب التعقيب واستعمل المبسوط في موضع بسطي والمقصور في موضع القصر وهجر الغريب الوحشي ورغب عن الهجين السوقي فلم ينطق الا عن ميراث حكمة ولم يتكلم الا بكلام قد حف بالعصمة. وشيد بالتأييد ويسر بالتوفيق وهو الكلام الذي القى الله عليه المحبة وغشاه بالقبول وجمع له بين المهابة والحلاوة وبين حسن الافهام وقلة عدد الكلام مع استغنائه عن اعادته. وقلة حاجة السامع الى معاودته. لم تسقط له كلمة لزلت به قدم ولا بارت له حجة ولم يقم له خصم ولا افحمه خطيب بل يبذ الخطب الطوال بالكلم القصار ولا يلتمس اسكات الخصم الا بما يعرفه الخصم. ولا يحتج الا بالصدق. ولا يطلب الفلج الا بالحق. ولا يطلب الا بالحق ولا يستعينوا بالخلابة ولا يستعملوا المواربة ولا يهمز ولا يلمز ولا يبطئ ولا يعجل ولا يسهب ولا لا يحسر ثم لم يسمع الناس بكلام قط اعم نفعا ولا اقصد لفظا ولا اعدل وزنا ولا اجمل مذهبا ولا اكرم مطلبا ولا احسن موقعا ولا اسهل مخرجا ولا افصح معنى ولا ابين في فحوى من كلامه صلى الله عليه واله وسلم تسليما كثيرا. ويقول ايضا الامام الخطابي رحمه الله وهو يبين حسن ما اتاه الله جل وعلا من حلاوة اللسان وفصاحة العبارة. يقول ان الله عز وجل لما وضع رسوله صلى الله عليه وسلم موضع البلاغ من وحيه ونصبه منصب البيان لدينه. اختار له من اللغات اعربها ومن اللسان افصحها وابينها ليباشر في لباسه مشاهد التبليغ وينبذ القول باوكد البيان والتعريف ثم امده الله بجوامع الكلم التي جعلها ردءا لنبوءته وعلما لرسالته لينتظم له في القليل منها علم الكثير فيسهل على السامعين حفظه ولا يؤودهم حمله ومن تتبع الجوامع من كلامه لم يعدم بيانها. وقد وصفت منها ظروبا كتبت لك من امثلتها حروفا تدل على ما وراءها من نظائرها واخواتها الى اخر ما هنالك. وقال الطوفي رحمه الله ونحن قبل ذلك مصدروا هذا الباب تيمنا بشأن من كلام نبينا محمد صلى الله عليه وسلم اذ كان افصح العرب لسانا واوضحها بيانا. واسمحها كفا وبنانا. واجمعها الى المكرمات عنان صلى الله عليه واله وسلم هو افصح الخلق على الاطلاق سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم حبيب رب العالمين جل وعلا كما قال الامام السيوطي رحمه الله. هذا وغيره يا كرام. وتنتهي العبارات ولا ينتهي حق الوصف الصادق مقامه عليه الصلاة والسلام. ماذا عساك ان تصف بالكلام مبوءا بلغه الله اياه. اي شرف تحيط به عبارة واي مرتبة يمكن ان يفصح عنها كلام والمقام مقام ربما اتاه الله عز وجل اطرافها من اعلاها الى ادناها. انما الحديث كله يا قوم. من اجل ان نسير في طريق يجعلنا في لرسول الله عليه الصلاة والسلام اشد صدقا وفي مقام الاحترام والتعظيم والاجلال اشد اجلالا واحتراما ومهابة له عليه الصلاة والسلام. تلكم من واجبات ايماننا به عليه الصلاة والسلام. حديث المصنف القاضي عياض ابتدأ بذكر طرف من عباراته التي كان يخاطب بها بعض قبائل العرب بلسانها ويجاريها فيها بمقتضى فصاحة اساليبها. ما زال الحديث موصولا يذكر فيه المصنف طرفا اخر مما معاني فصاحته صلوات الله وسلامه عليه بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين. قال المصنف رحمه الله تعالى فصل في فصاحة لسانه وبلاغة قوله صلى الله عليه وسلم. واما فصاحة اللسان وبلاغة القول فقد كان صلى الله عليه وسلم من ذلك بالمحل الافضل والموضع الذي لا يجهل سلاسة طبع وبراعة منزع وايجاز مقطع ونصاعة لفظ وجزالة قول وصحة معان وقلة تكلف الى ان قال واما كلامه المعتاد وفصاحته معلومة وجوامع كلمه وحكمه المأثورة فقد الف فقد الف الناس فيها الدواوين وجمعت في الفاظها ومعانيها الكتب ومنها ما لا يوازى فصاحة ولا يبارى بلاغة كقوله صلى الله عليه وسلم المسلمون تتكافئ دماؤهم ويسعى ويسعى بذمتهم ادناهم وهم وهم يد على من سواهم. وقوله صلى الله عليه وسلم الناس كاسنان المشط وقوله صلى الله عليه وسلم المرء مع من احب ها هنا يسوق المصنف رحمه الله جملا من عباراته الشائقة الرائقة عليه الصلاة والسلام بالالفاظ البديعة الممتعة العذبة السلسة التي اجتمع فيها قلة الالفاظ حلاوة التركيب بلاغة اللفظ ثم هي مع ذلك عظيمة المعنى. على وجازة الفاظها وقلة كلماتها الا انها تستوعب من المعاني ما ما الف فيه العلماء وسطر فيه الائمة الصفحات تلو الصفحات لبيان معنى جملة ذاتية كلمتين او ثلاث كلمات. هذا ان دل فانما يدل على معنى عظيم. والله لا يؤتاه انسان بمجرد فصاحة اللسان بانتماء مائه الى العرب لكنها اية عظمى خصه الله تعالى بها. قال من ذلك قوله عليه الصلاة والسلام. المسلمون تتكافئ ماؤهم ويسعى بذمتهم ادناهم وهم يد على من سواهم. الحديث اخرجه اصحاب السنن وهو صحيح بشواهده هذا اللفظ الموجز يبين تساوي المسلمين في العصمة في الحرمة حرمة الدماء. المسلمون تتكافئ دماؤهم. ويسعى بذمتهم ادناهم. وفي الصحيحين قوله عليه الصلاة والسلام ذمة المسلمين واحدة. يسعى بها ادناهم فمن اخفر مسلما. فعليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين. في قدر موقع المسلم بين امة الاسلام. قال وهم يد على من سواهم. لاحظ هذا المعنى الكبير الذي هو اجتماع في قالب واحد وانتماؤهم الى اطار واحد وتساويهم في انتمائهم الى هذا الدين وشرفهم بالانتساب اليه ليكونوا صفا واحدا واحدة ولهم فضل على بعضهم. وهم امة يصطفوا بعضهم لتقوية هذا الدين. هذا المعنى الكبير الذي دلت عليه كثيروا من النصوص احتوته العبارة بابسط بيان واقل الفاظ. قال وقوله الناس كاسنان المشط او المشط صحيح. الحديث لا يصح اسناده الى رسول الله عليه الصلاة والسلام. ويدل في معناه على تساوي اجراء الاحكام على الناس وسريان العدل بينهم. وفي النصوص الشرعية ما يغني عن هذا اللفظ. قال ومثل قوله والمرء مع من احب. وهذا حديث صحيح اخرجه البخاري ومسلم وغيرهما. لما بين النبي عليه الصلاة والسلام شرف الصحبة واثر المحبة. وانها تبلغ بالمرء في حب ان صدق واعطى المحبة شرطها بوفاء تبلغ به المحبة درجة من احب. قال المرء مع من احب وهذا يدخل فيه معنى كبير لان الحب يقود الى انتماء صادق الى ولاء الى وفاء. يجعل صاحبه في حب من يحب هو اياه سواء فاعطاه عليه الصلاة والسلام هذا المعنى باوجز عبارة واقل لفظ. نعم. وقوله صلى الله عليه وسلم لا خير في صحبة من لا يرى لك ما ترى له لا خير في صحبة من لا يرى لك ما ترى له. من لا يحب لك ما تحب تحب انت له هذا اللفظ بهذا الحديث ايضا لا يصح. لكن في معناه في الصحيحين قوله عليه الصلاة والسلام لا يؤمن احدكم حتى يحب اخيه ما يحب لنفسه ودل ايضا على ان من شروط الصحبة الصادقة الوفاء فيها. ومن الوفاء في الصحبة ان يكون المرء في حب به الخير وتمنيه الاحسان والجميل لمن يحب تماما كما يحب ان يعامل هو. هذا اللفظ الجميل يا تأتي عليه عبارات الحكماء والبلغاء بعبارات شتى والفاظ متفاوتة. وينظم فيه ايضا الشعراء الابيات. ويحاولون في تدبيج العبارات وتحبير الكلمات والنبي عليه الصلاة والسلام يوصل هذا المعنى الى الاذهان الى الاسماع الى القلوب باي سريعة عبارة دون ما تكلف كما ترى. ليس فيه الفاظ شاقة وليس فيه غريب في العبارة. لكنها سلسة عذبة توصل المعنى مع بقاء الجملة في اعلى درجات الفصاحة والبيان. نعم. وقوله صلى الله عليه وسلم الناس معادن الناس معادن انت من اعجب التشبيه الذي ما عرف في لسان العرب قبل اتيانه على لسانه عليه الصلاة والسلام. الناس من بني ادم والمعادن احجار ذهب وفضة وياقوت وزمرد. لكن انظر الى وجه التشبيه كيف انتقل به عليه الصلاة والسلام؟ في تشبيه الناس بمعادن الارض هذه المعادن ليست سواء من عدة نواح منها شرفها ونفاستها. فمن المعادن ما هو نفيس شريف كالذهب والفضة. ومنه ما هو خسيس حقير كسائر الحجار الصلبة والصخور والاتربة التي لا قيمة لها. لكن توطأ بالاقدام. ويطأها الناس ولا ثمن لها ومن المعادن ايضا ما هو بين ذلك. من المعادن ما هو محل زينة وافتخار. فاذا استعمله الناس واستخرجوه تزينوا به كالذهب والفضة والالماس والاحجار الكريمة. ومنه من لا يسوى ذلك ولا يكون الا شيئا ينظف اذا جاء على ثوب الانسان او على شيء من اثاثه فيزال ويرمى من الحجارة ما يجعل قلادة يشترى باغلى الاثمان ومن الحجارة ما يرمى به الدواب والبهائم. المعادن تتفاوت من المعادن ما تتعب في تحصيله والتنقيب عنه حتى تصل اليه بشق الانفس. ومنه ما هو مبذول يوطأ بالاقدام. انظر الى المعاني العظيمة العديدة المتفاوتة قربها النبي عليه الصلاة والسلام بكلمتين الناس معادن انا وانت في هذه المعادن فمنا الذهب ومنا الفضة ومنا ما هو دون ذلك قال عليه الصلاة والسلام والحديث في الصحيحين الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الاسلام اذا فقهوا وعند مسلم الناس معادن كمعادن الذهب والفضة. هذا المعنى الكبير الذي يفيض فيه الشراح في بيان مقصده عليه والسلام جاءت باقرب عبارة. قال الناس معادن. نعم. وقوله صلى الله عليه وسلم ما هلك امرؤ عرف قدره ما هلك امرؤ عرف قدره يروى عن علي موقوفا ولا يصح رفعه الى النبي عليه الصلاة والسلام. والمقصود ان من عرف قدر نفسه صانها وانه لا يضل ولا يهلك ولا يجني على نفسه الا من ضيع حظ نفسه بنفسه. نعم وقوله صلى الله عليه وسلم المستشار مؤتمن وهو بالخيار ما لم يتكلم. المستشار مؤتمن. هذا الصدر من الحديث هذا اللفظ المستشار مؤتمن صحيح اخرجه الاربعة اصحاب السنن. وتتمته ظعيفة وهو بالخيار ما لم يتكلم اذا شطر الحديث المستشار مؤتمن ووجه الامانة ان الذي استشاره اتى يطلب النصح فمن الامانة الصدق في بذل نصيحتي له والمشورة الصادقة له فهذا وجه الامانة. نعم وقوله صلى الله عليه وسلم رحم الله عبدا قال خيرا فغنم او سكت فسلم. رحم الله عبدا قال خيرا فغنم او سكت فسلم الحديث ايضا بمجموع طرقه يحسنه بعض اهل العلم. رحم الله عبدا قال خيرا فغنم او سكت فسلم ايهما افضل للعبد؟ السكوت ام الكلام تقول العرب اذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب ويقول عليه الصلاة والسلام قبل قول العرب من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او ليصمت يحسن السكوت عندما يكون موضعه السكوت ويحسن الكلام اذا استدعى المقام الكلام. وهنا المرء بين احد امرين ان كانت السلامة في سكوته فليسكت. فالسكوت منح السلامة ومخرج التحمل من التبعة. واما الكلام فهو مكان الغنم او الغرم فاما ان يقول خيرا فيغنم او سوءا فيغرم. فقال ها هنا رحم الله عبدا قال خيرا فغنم او سكت فسلم يعني لا تبحث عن ثالث. احد هذين اولهما السلامة والثاني الغنيمة اياك والثالثة لانها ستكون غرما ووزرا واثما اجارك الله. نعم. وقوله صلى الله عليه وسلم اسلم تسلم واسلم يؤتك الله اجرك مرتين. عبارة قصيرة اللفظ كانت خطابا لملك عظيم من عظماء الزمان في ذلك الزمان هرقل عظيم الروم يبعث له عليه الصلاة والسلام خطابا يدعوه فيه الى الاسلام. والحديث في الصحيحين يقول من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم هرقل عظيم الروم اما بعد السلام على من اتبع الهدى اسلم تسلم. اسلم يؤتيك الله اجرك مرتين. يأمره بالاسلام ويجعله صلى الله عليه وسلم عاقبة اسلامه سلامة اسلم تسلم. فما الذي يسلم له باسلامه؟ دمه وماله حصانته مكانته اسلم تسلم. اسلم يؤتيك الله اجرك مرتين اي اجرين اجر نصرانيته اذ كان على دين سماوي كتابي. ثم اجر انتقاله الى الاسلام لما تبين له وبلغ الدعوة وادرك نبي الاسلام عليه الصلاة والسلام. وقيل يؤتيك الله اجرك مرتين اجر اسلامه واجر الامة التي تتبعه باسلامه لو اسلم نعم وقوله صلى الله عليه وسلم ان احبكم الي واقربكم مني مجالسا يوم القيامة احاسنكم اخلاقا اكنافا الذين يألفون ويؤلفون. الحديث فيه ضعف لكن له شواهد بمضمون معناه. نتكلم عن اللفظ ان احبكم الي واقربكم مني مجالس يوم القيامة احاسنكم اخلاقا. حسن الخلق يرقى بصاحبه الى صحبة المصطفى عليه الصلاة والسلام والقرب منه في الجنان الموطئون اكنافا الذين يألفون ويؤلفون. الاكناف الجوانب اذا كان واطئا الى الارض يسهل للداخل للماشي ان يطأه لانه قد اصبح في موطأ القدم ولا يليق بالانسان ان يكون جانبه الى الارض موطئ الاقدام. لكنه تشبيه جميل بليغ في معنى التواضع والقرب من الناس. لن المتكبر يوصف دائما بالعلو والترفع. واما المتواضع فمنخفض. ليس انخفاض ذلة واحتقار واهانة. لكنه انخفاض تذلل وتقرب وحسن تعامل. فيقال في ضرب المثل الموطؤون اكنافا. هذا ايضا لون من التعبير العربي الفصيح الجميل اللذيذ في التركيب وفي السمع. الموطؤون اكنافا الذين يألفون ويؤلفون. فتسري الالفة بينهم وبين الناس من حولهم نعم. وقوله صلى الله عليه وسلم لعله كان يتكلم بما لا يعنيه. ويبخل بما لا يغنيه. اخرجه الترمذي بيهقي والحديث فيه ضعف ان امرأة اصيب ابنها في غزوة احد فقالت لتهنك الشهادة. فقال عليه الصلاة والسلام وما يدريك لعله كان تكلموا بما لا يعنيه ويبخل بما لا يغنيه. وعند البيهقي بلفظ ان رجلا توفي فقالوا ابشر بالجنة. فاستدرك عليه الصلاة والسلام في الحكم والجزم على احد من موتى المسلمين مهما كان على خير وصلاح الا يجزم له بجنة انما يرجى له ويدعى له. فابى عليه الصلاة والسلام هذه الجرأة في الجزم بامر غيبي لا يعلمه الا الله وها هنا عوائق قد يقع فيها الانسان. قال لعله كان يتكلم بما لا يعنيه ويبخل بما لا يغنيه. ووجه الجمال في العبارة هذا التركيب البلاغي الجميل. يعنيه ويغنيه. يتكلم في شيء لا علاقة له به. وكم جنى المرء بكلامه فيما لا يعنيه وكم كان يبخل بما لا يغنيه؟ يعني يحتفظ بمال لن يغنيه اذا لقي الله. وهذا معنى يبخل بما لا يغنيه. نعم. ولذلك قال الحسن رحمه الله والحسن البصري ممن جرت الحكمة في لسانه وكانت عباراته لا زالت محل رواية لجلالة عبارته يقول رحمه الله من علامة اعراض الله عن العبد ان يجعل شغله فيما لا يعنيه فاذا رأيت امرأ شغله الله بما لا حاجة له به فتلك امارة سوء والعياذ بالله وقوله صلى الله عليه وسلم ذو الوجهين لا يكون عند الله وجيها. لا يثبت هذا الحديث بلفظه المذكور هنا لكن في الصحيحين قول عليه الصلاة والسلام ان شر الناس ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه والمقصود بالوجهين من يظهر وجها ويظهر لغيرهم وجها اخر فيعمل على ذلك من اجل ان يصل الى مآربه ومقاصده وفيه من السوء والخيانة وفيه ايضا من الغش والحقد ما لا يرضاه المسلم لنفسه ويرقى به عن مثل هذه المراتب. نعم ونهيه صلى الله عليه وسلم عن قيل وقال وكثرة السؤال واضاعة المال ومنع وهات وعقوق حقوق الامهات وودء البنات ووأد البنات ووأد ووأد البنات. هذا ايضا حديث صحيح في الصحيحين وفيه ايضا هذا التركيب البديع الذي تتوهمه واحيانا من صنعة بعض الكتاب الذين يتعمدون السجع لكن جاءت العبارة سلسة دون تكلف. قال ان الله ينهاكم عن قيل قال وكثرة السؤال واضاعة المال. فجاءت الثلاث المنهيات بسجع لطيف مقبول سلس. ان الله ينهاكم عن قيل وقال يعني كثرة الخوض في المجالس بالاقاويل والانشغال بالساعات تلو الساعات في اقاويل لا فائدة من ورائها. قال وكثرة السؤال وكثرة السؤال المقصود بها هنا عدة معان. قيل منها السؤال الذي لا فائدة منه الذي يبحث فيه سائله وصاحبه عن الاغلو عن المتشابهات وقيل المراد به السؤال زمن التشريع. يا ايها الذين امنوا لا تسألوا عن اشياء ان تبد لكم تسؤكم وان اسألوا عنها حين ينزل القرآن تبدأ لكم عفا الله عنها وهذا ايضا يدخل فيه قوله عليه الصلاة والسلام اعظم الناس في المسلمين جرما من سأل عن مسألة فحرمت من اجل مسألته. فهذا احد المعاني في قوله كثرة السؤال وحمل المعنى في كثرة السؤال على سؤال الناس ما بايديهم. يعني ان يطلب المرء ما بايدي الناس ويتسول ويتطلع عينه وقلبه الى ما بايدي الناس. فيسأل هذا من ما له ويسأل ذلك من عطائه. فاذا ظل على ذلك فقد الف المسألة وهذا مذموم شرعا ولا شك. واضاعة المال المقصود به تبذيره او صرفه فيما لا يعني المرء ولا يغنيه. او يقتاره وامساكه. وقيل ايضا اهماله. حتى يظيع ولا يعتني به كل كل ذلك يدخل في اضاعة المال. ثم جاء عليه الصلاة والسلام الى ثلاث جمل اخر فيها سجع ايضا جاء بكل لطف ويسر وجمال. قال ومنعوهات وعقوق الامهات ووأد البنات. فثلاث منهيات جاءت مسجوعة بالالف واللام. والثلاث الاخرات جاءت بالالف والتاء اما منع وهات فمنع ما يجب عليه وسؤال ما ليس له. واما عقوق الامهات فاجارنا واجاركم الله السوءة الكبرى والجريمة التي يعني يتبوأ بها صاحبها درجات من الكبائر العظمى في الشريعة عقوق الامهات. والامهات لسن مخصوصات بالعقوق جريمة بل هن والاباء في هذا سواء. فلما خص الامهات لانهن احق بالبر واولى فيكون شأنهن في العقوق ايضا اعظم واولى بالتنبيه. ولان الامهات في مقام بر الوالدين فاذا تحقق للابن بره بامه كان اولى برا بابيه كذلك. قال عليه الصلاة والسلام ووأد البنات وتلك العادة عربية الجاهلية التي يدفنون فيها بناتهم احياء خوفا من العاري او خوفا من الفقر او من القلة كل ذلك جاءت الشريعة والمقصود جمال العبارة والحلاوة التركيب في سجع جميل بليغ دونما تكلف. نعم. وقوله صلى الله عليه وسلم اتق الله حيثما كنت. واتبع السيئة الحسنة تمحها. وخالق الناس بخلق حسن. الحديث اخرجه الترمذي الحاكم وصححاه. حديث على وجازته لا يتجاوز سطرا في الكتابة اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن. حديث هو ميزان في تعامل العبد في الحياة. شطره في علاقته بربه وشطره الاخر في علاقته بالناس من حوله. ما الذي لربك اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها. وما الذي لك في علاقتك بالناس من حولك وخالق الناس بخلق حسن. هذا ميزان حياة. هذه مرآة يسير بها العبد جعلها النبي عليه الصلاة والسلام في كلمتين كما ترى. واتبع الحسنة ما الحسنة المطلوبة وها هنا اتباع السيئة بها قيل التوبة والحسنة والتوبة من اعظم الحسنات. وقيل ان يحدث المرء طاعة كلما احدث معصية. فكلما اذنب ذنبا اتى بطاعة تكفر سيئته تلك. قال الله عز وجل ان الحسنات يذهبن السيئات. نعم وقوله وقوله صلى الله عليه وسلم خير الامور اواسطها ايضا خير الامور اوساطها بهذا اللفظ وهو دارج على السنة الناس لكنه ليس حديثا. هو اشبه بمثل دارج وحكمة على الالسنة وفي النصوص الشرعية ما يدل على ان الوسط هو المقصود شرعا وهو الخير دوما بين طرفين. بين افراط وتفريط بين غلو وجفاء. هذا الوسط محمود شرعا. وجاء في نصوص كثيرة منها مثلا قوله تعالى. ولا تجهر بصلاتك ولا تخاف بها وابتغي بين ذلك سبيلا ما هو المبتغى بين هذين؟ الوسط. قوله ايضا ولا تجعل يدك مغلولة الى عنقك. ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما ليس البخل وليس التبذير الوسط بينهما. قوله ايضا سبحانه وتعالى والذين اذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما. فالوسط في الشريعة مطلوب ومقرر في نصوص عدة. نعم. وقوله صلى الله عليه احبب حبيبك هونا ما. عسى ان يكون بغيضك يوما ما وقول احبب حبيبك هونا ما عسى ان يكون بغيظك يوما ما اخرجه الترمذي واشار الى غرابته وحسنه بعض اهل العلم يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا يكن حبك وكلفا ولا بغضك تلفا يعني اذا احببت فاقتصد واذا ابغضت فاقتصد التوسط في علاقتك بالناس من حولك. فاذا احببت انسانا لا تبالغ في حبه. يقول عمر لا يكون حبك كلفا ولا بغضك تلف بعظ الناس اذا احب بالغ في حب من يحب واذا ابغض شخصا ايضا بالغ في بغضه قال ابغض قال احبب حبيبك هونا ما. يعني احببه على قدر من اليسر والهون. عسى ان يكون بغيظك يوما ما. ربما ينشأ بينهما خلاف فتنقلب المحبة الى بغضاء. فاين يذهب ذلك الغلو في المحبة؟ وانشد بعضهم في هذا المعنى واحبب اذا احببت تحبا مقاربا فانك لا تدري متى انت نازع وابغض اذا ابغضت بغضا مقاربا فانك لا تدري متى انت راجع. فعلاقاتنا معشر البشر تتجاذبها الظروف والاسباب والعاقل ها هنا من يزن في حبه وبغضه في كراهيته ووده من يتوسط في علاقته بالناس ليكون بذلك وسطا عاقلا متزنا حكيما. نعم. وقوله صلى الله عليه وسلم الظلم ظلمات يوم القيامة. نعم هذا ايضا تشبيه عظيم لبشاعة الظلم ولو اراد عليه الصلاة والسلام ان يبين بشاعة الظلم لن تجد اعظم من هذه العبارة. الظلم ظلمات اشتق الظلام من الظلم واتى بوصف تستنكف منه النفوس وتستوحش. يا اخي يوم القيامة يبحث يبحث البشر. تبحث الخليقة عن اقل ضياء من نور يضيء لها في ذلك الموقف العصيب. فاذا كان الصاحب صاحب الظلم والعياذ بالله اجتر ظلمه الى يوم يلقى الله فلا يجد والا ظلمات يتخبط فيها يمينا وشمالا وحسبك من بشاعة الظلم ان يحيط الظلام به يوم القيامة قال الظلم ظلمات يوم القيامة وهو ايضا في في عجيب التركيب وجازت اللفظ ما يعطي هذا الانطباع والتصور الذي ينفر الناس عن هذا المعنى في الشريعة. نعم. وقوله صلى الله عليه وسلم في بعض دعاءه اللهم اني اسألك رحمة من عندك تهدي بها قلبي وتجمع بها امري وتلم بها شعثي وتلم وتلم بها شعثي وتصلح بها غائبي وترفع بها شاهدي وتزكي بها عملي وتلهمني بها رشدي وترد بها الفتي وتعصمني بها من كل سوء. اللهم اني اسألك الفوز في القضاء ونزل الشهداء وعيش السعداء والنصرة على الاعداء على الاعداء. هذا من جميل دعوات المصطفى عليه الصلاة والسلام وقد اخرجه الترمذي وفي اسناده ضعف ما. هذه العبارات كما ترى في الادعية النبوية فيها جمع للمعاني المتعددة. اللهم اني اسألك رحمة من من عندك تهدي بها قلبي وتجمع بها امري وتلم بها شعثي. الشعث والشتات فرحمة الله التي تلم على المرء شأنه في الحياة فلا يعيش مشتتا والله ما يلم عليك شعث القلب والفكر والصدر والهم الا رحمة الله عز وجل فانت تسألها من صاحبها ربك الرحيم. فتسأل الله رحمة تهديك تصلح حالك تلم شعثك. قال وتصلح بها غائبي وترفع بها شاهدي. وتزكي بها عملي. وتلهمني بها وترد بها الفتي وتعصمني بها من كل سوء. اللهم اني اسألك الفوز في القضاء ونزل الشهداء وعيش السعداء نصرة على الاعداء. نعم الى ما روته الكافة عن الكافة في من مقاماته ومحاضراته وخطبه وادعيته ومخاطباته وعهوده مما لا خلاف انه نزل من ذلك مرقبة لا يقاس بها لا يقاس بها غيره. وحاز في فيها سبقا لا يقدر قدره لا خلاف انه نزل مرقبة لا يقاس بها غيره مرقبة ومرتبة بمعنى واحد. قال وحاز فيها سبقا لا يقدر قدره. نعم ما كان ولن يكون في كلام العرب في فصاحته في رائع بلاغته في عجيب نظمه في لطيف تركيبه مثل وما لكلام رسول الله عليه الصلاة والسلام. لن تصف جلالة الحديث النبوي والكلام المحمدي باعظم مما جاء في سورة النجم وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى صلوات الله وسلامه عليه وقد جمعت منك وقد جمعت من كلماته التي لم يسبق اليها ولا قدر احد ان يفرغ في قالبه عليها كقوله صلى الله عليه وسلم حمي الوطيس وقوله صلى الله عليه وسلم مات حتف انفه وقوله صلى الله عليه وسلم لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين وقوله صلى الله عليه وسلم السعيد من وعظ بغيره وفي اخواتها ما يدرك الناظر العجب في في في مظمنها في مظمنها ويذهب به الفكر ويذهب به الفكر في اداني حكمها. نعم هذه وغيرها كما يقول المصنف رحمه الله عبارات وكلمات لم يسبق اليها تدري ما معنى لم يسبق اليها؟ يعني ما عهدت العرب هذا التركيب للتعبير به عن هذا المعنى في غزوة حنين قال عليه الصلاة والسلام الان حمي الوطيس ما معنى حمي الوطيس؟ وما المقصود به؟ الوطيس التنور الذي يخبز فيه العجين ومعنى حمي الوطيس اصبح الفرن ساخنا جاهزا لان تدخل فيه الخبز فينضج انظر كيف نقل هذا المعنى الى شدة القتال وسخونة الميدان؟ فقال الان حمي الوطيس ما عرفت العرب هذا الاسلوب فانتقل فيما بعد هذا الاستعمال النبوي الى اسلوب عربي فصيح. فاذا جاء الشاعر ينظم او الكاتب يكتب او البليغ يعبر عن معنى شدة القتال في الحرب وارتفاع الاسنة وتدادب الاسلحة وقتال الصفين قال حمي الوطيس وحانت ساعة الصفر وما الى ذلك من العبارات. هذه الفاظ ما عرفت العرب قبل كلام النبي عليه الصلاة والسلام استخدام هذا التعبير في هذا المعنى. قوله لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين الانسان ليس حيوانا ليس حشرة تدخل في جحر حتى يلدغ لكنه مثال لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين. فاذا ما جئت تبحث في جحور تبحث عن شيء ضائع او تتفقد فادخلت يدك. فهب انك لدغت لدغة. اذا عرفت ان في الجحر شيئا مؤذيا. اتتصور ان عاقلا يمكن ان يعود الى جحر نفسه مرة ثانية فيدخل يده ما يفعل هذا عاقل. فانتقل هذا مثلا الى الانسان الذي لا يتعلم من المواقف التي تمر به. ويكرر خطأ ذاته ويقع في المشكلة نفسها. فيقال على سبيل التوعية والنصح والافهام لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين. قال مات تفاءم فيه لا يصح ايضا حديثا مرفوعا لكن المقصود به في من مات وهلك دون سبب بقتل او اعتداء عليهم او مات بلا ضرب ولا اذى يقال مات حتف انفه والانف انف وليس سببا للوفاة فتعدى هذا التعبير الى المعنى الذي اشرت اليه. السعيد من وعظ بغيره وقد اخرجه بعض اصحاب السنن وفيه ضعف. والمقصود ان من كان عاقلا فان له عبرة بما يقع لغيره. في تعلم من المواقف الوقائع والاحوال ما يعينه على تصحيح المسار. اذا كل ذلك وغيره كثير يا كرام. في عبارات شتى تجد ان الفاظ النبي عليه الصلاة والسلام فيها شيء من عجيب التركيب روعة البيان قلة العبارة. يقول عليه الصلاة والسلام في ضرب المثل لما قال واعلم ان الامة لو اجتمعت على ان ينفعوك بشيء لم ينفعوك الا بشيء قد كتبه الله لك. وان اجتمعوا على ان يضروك بشيء لم يضروك الا بشيء قد كتبه الله الله عليك. ماذا قال بعدها؟ رفعت الاقلام وجفت الصحف. يريد معنى سبق الكتابة الازلية في اللوح. رفع الاقلام وجفت الصحف هذا التعبير البلاغي العجيب يجعلك تقبل على شأنك لا تتعلق بامر فرغ فيه القدر واستقبل واستعن على حياتك بملئ قلبك رظا وايمانا ويقينا وتوكلا على الله. دع ما يريبك الى ما لا يريبك لفظ نبوي عجيب. الامر الذي يرتاب فيه قلبك ويدخلك فيه الشك ولن تجد انسا ولا طمأنينة فدعه وعليك بالاشتغال بما لا ريبة فيه. فانظر كيف عبر عن معنى البحث عن الطمأنينة وتجاوز المتشابهات وما يحيق في الصدور دع ما يريبك الى ما لا يريبك هذا يختصر فيه يا احبة فقه عظيم وعلم كبير غزير اوجز فيه عليه الصلاة والسلام هذا المعنى اللطيف. يأتي السائل فيقول يا رسول الله قل لي في الاسلام قولا لا اسأل عنه احدا بعدك. فيعطيه كلمتين قل امنت بالله ثم استقم. يا اخي من الذي يتأتى له جمع كل الاحكام الاسلام في كلمتين كما قال عليه الصلاة والسلام. هل هذا يا احبة الا اجتماع في الالفاظ والعبارات المترادفة في اوجز لفظ هل هذا الا اية على عطاء الهي كريم؟ هل هذا الا اية على منزلة عظيمة ومرتبة شريفة بوأه الله تعالى اياها دعني اقول هل هي الا كرامة ربانية تفرض على البشر احترامها وتعظيمها؟ ثم تنقاد القلوب لصاحبها واحتراما؟ بلى والله. هذا المطلوب اذا. اذا ما استقر في قلب المسلم ان كلام المصطفى عليه الصلاة والسلام من اجمل الكلام وانه رائع الوقع في السمع عظيم الاثر في النفس ذو بركة في حياة العبد. فلا والله ما عرفت البشرية كما اسلفت. كلام بشر اعظم بركة من كلامه عليه الصلاة والسلام. عندئذ يأبى قلبك الا ان يزداد حبا له عليه الصلاة والسلام. وتعظيما لاقاويل اليهم واحتراما لها وانزالها منزلها. فاذا ما سمعت قائلا يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فارعي سمعك فرغ فؤادك واحترم ما ستسمع من كلمات وافسح لها في قلبك موقعها تعظيما واجلالا حتى يكون لها في حياتك حظها الكامل تطبيقا وعملا واقتداء به صلوات الله وسلامه عليه. نعم. وقد قال له اصحابه رضي الله عنهم ما رأينا الذي هو افصح منك فقال وما يمنعني؟ وانما انزل القرآن بلساني لسان عربي مبين وقال مرة اخرى انا افصح العرب بيد اني من قريش ونشأت في بني سعد. هذه الالفاظ في اسانيدها ضعف لا يثبت قوله عليه الصلاة والسلام لكن المعنى صحيح. اما انه عربي قرشي عليه الصلاة والسلام من ذرية اسماعيل عليه السلام وهو مع ذلك قد شهدت له العرب كما قلت قاصيها ودانيها. بعظيم كلامه بروعة بيانه بما اتاه الله عز عز وجل بل حسبك ثناء الله عز وجل على كلامه لما قال وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى فجمع له في صاحة القول بلغت البيان كل ما تقدم واضعاف اضعاف ما لم يذكر. نعم. فجمع له بذلك صلى الله عليه وسلم قوة عارضة دية وجزالتها ونصاعة الفاظ ونصاعة الالفاظ الحاظرة ورونق كلامها الى التأييد الالهي الذي مدد الوحي الذي لا يحيط بعلمه بشري. نعم الكلام من حيث هو كلام عند العرب يجتمع له في الجلال خصلتان فصاحة البادية في قوة اللفظ وكونه حرا لا لا تخالطه شائبة من عجمة او لكمة. فما زالت بادية العرب ابعد عن تأثير لسانها بما يشوب الحاضرة. واما الحاضرة فالفاظها اكثر رونقا وبهاء. لما للحاضرة اثر من اثر في تهذيب النفوس. كونه عليه الصلاة والسلام تربى في بادية بني سعد واسترضع فيها ثم عاش في مكة في حاضرة انذاك جمع له بينما في البادية من ترن في حر الالفاظ وفصاحة العبارة وجزالة القول وما بين في الحاضرة وبين ما في الحاضرة من ادب العبارة ورونق الكلام ام جمال التركيب فجمع له الامران بل ثمة ثالث ليس لبشر. التأييد بالوحي الالهي والعصمة الربانية فوالله ما عرف انسان لفظة نابية خرجت من شفتيه عليه الصلاة والسلام. يا احبة قد يتعلم احدنا ادب العرب سنين من عمره. وقد يحفظ الاشعار والمعلقات. وقد يفتح له في بلاغة العرب وفصاحتها وبيانها كل لكن اين لك بانسان لا يمكن ان تسمع من شفتيه كلمة ساقطة؟ انه رسول الله عليه الصلاة والسلام كلنا ذاك الذي قد يستفز في غضب قد تزل به القدم قد يأتيه فترة يعتريها فيها ما يعتري البشر فيثور عنده الغضب الحماقة ويشتط به المقام. فتخرج منه عبارة فيها قسوة غلظة ربما سب ربما شتم. ولو في حدود اهل بيته واسرته والناس من حوله لكن والله لا اطهر لسانا من لسان رسول الله عليه الصلاة والسلام. ولا اعذب شفتا من شفتيه عليه الصلاة والسلام. ما عرف القريب ولا البعيد كلمة فيها سوء ولا فحش ولا اثم حتى الافاكون الذين حاولوا الاعتداء على مقام النبوة ما تجرأ احدهم ان يصفه بقبيح قول عليه الصلاة والسلام. وغاية ما وصفوه بانه كذاب وهم يعرفون في قرارة انفسهم كذب ما يقولون. قد قال الله قد نعلم انه ليحزنك الذي يقولون فانهم لا يكذبونك. وهم يقولون كذاب والله يقول فانهم لا يكذبونك. ولكن الظالمين بايات الله يجحدون فجل الله عز وجل وقد عصم نبيه عليه الصلاة والسلام. هذا جانب في بيان جميل كلامه انه على امتداد عمره ما خالط ولسانه الجميل كلمة قبيحة عليه الصلاة والسلام. ولا تكدر والله بحر لغته بلفظة فيها سوء او فحش او نقص حاشاه والله عليه الصلاة والسلام. عندئذ لن تحتاج الى فصاحة ولا الى بيان ولا الى جميل اللغة اسمك من اللسان ان تسمع منه العذب من الالفاظ ليس فيه سوء ولا فحش ولا سب ولا شتم ولا ذكر لما يستحى من ذكره لا فواحش ولا العورات ولا الاستهزاء ولا الانتقاص كل افات اللسان لن تجدها في كلام رسول الله عليه الصلاة والسلام. هذا لون احبتي من الجلال في اللسان من الجمال في الكلام ايده الله عز وجل به بالوحي الالهي وبالعصمة الربانية هذا وحده جمال عجيب في اللسان البشري. هذا وحده جلال يفرض احتراما وتقديرا ومهابة وتعظيما. لفم هذا شأنه طهر ونقاء عفة وصفاء عذوبة في اللفظ حلاوة في الكلام طهر في الالفاظ هذا ما تجده لانسان الا لرسول رسول الله عليه الصلاة والسلام. عرفت اذا ما المراد بعرض باب فصاحته عليه الصلاة والسلام ان يكون طريقا معبدا. نسير به نحو حب صادق نروي به القلوب له عليه الصلاة والسلام. نشيد بنيانا بصرح شامخ ان لا احد يستحق في قلوبنا حبا كحبنا لرسول الله عليه الصلاة والسلام. ولا احد والله كائنا من كان يستحق احتراما وتعظيما واجلالا كما ينبغي لرسول الله عليه الصلاة والسلام احد اسبابه ومعانيها تلك الابواب التي ما زلنا نقلب فيها الصفحات وهذا احدها فصاحته. حلاوة منطقه جمال لسانه صلوات الله وسلامه عليه. نعم وقالت ام معبد في وصف في وصفها له صلى الله عليه وسلم حلو المنطق فصل لا نزر ولا هذر كأن منطقه خرزات نظم من خرزات نظمنا كأن منطقه خرزات نظمنا. وكان جهير الصوت حسن النغمة صلى الله عليه وسلم. ام معبد صاحبة الخيمة التي مر بها النبي عليه الصلاة والسلام في هجرته من مكة الى المدينة. في صحبة الصديق ابي بكر رضي الله عنه مر وهي لا تعرفهما. فالتمسا عندها شيئا من الطعام والقوت في طريقهما في الهجرة. لا تعرف انه محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام. فلما ارادت ان تصف هذين الغريبين وصفت رسول الله عليه الصلاة والسلام باوصاف العظمة والجلال. لاحظ لا تعرف من هو ولم تتحدث بمنطق التعظيم لانه نبي فهي لا تعرفه. ولا تدرك نبوته لكن رأت من اوصاف الجلال والجمال ما كان في عباراتها بعض الالفاظ فقالت حلو المنطق فصل لا نزر ولا هذر يعني كلامه على قدر الحاجة. ليس كلاما مستفيضا تكون فيه العبارة اكثر من الحاجة ولا كلاما مقصرا مخلا تحتاج ان تستفهم عن ماذا يريد ان يعبر. قالت فصل لا هزر لا نزر ولا هزر. يعني ليس قليلا جدا قاصرا نزر ولا هذر ليس فيه الزيادة والغثاء الذي لا يحتاج اليه قالت كان منطقه خرزات نظمنا. كان الالفاظ التي تخرج من شفتيه حبات خرز تنتظم في فكم فيها من الجلال والجمال والتناسق؟ حبات الخرز اذا جعلتها في عقد اعطت منظرا بهيجا. كيف شبهت الكلمات التي تخرج ومن شفتيه عليه الصلاة والسلام بعقد جميل. قال المصنف رحمه الله في ختام هذا الفصل وكان جهير الصوم اوتي حسن النغمة صلى الله عليه وسلم. هذا جزء في تتمة الحديث عن جمال منطقه عليه الصلاة والسلام. وفصاح لسانه عليه الصلاة والسلام اوتي مع حسن اللفظ حسن الصوت فكان حسن الصوت معناه انه كان مألوفا يسري صوته عليه الصلاة والسلام باعذب ما يكون في سمع السامعين. فيجد السامع عذوبة في اللفظ وحلاوة في الصوت. وكان جهير الصوت يعني ما كان صوته خفيا. ولا كان سرا بحيث ابهم السامع عن المعنى ويعاود الكلام ومع ذلك فكان مسموعا خطب عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع وقد انفذ الله صوته في اذان من كان معه وهم يتجاوزون مئة الف انسان. وخطبهم في منى عند العقبة وخطب بهم في غير ما موضع فما كان احد يسأل ماذا قال عليه الصلاة والسلام تلك اية اما جمال صوته وعذوبة لفظه فقد حكاه من سمعه يقرأ القرآن ومن سمعه يتحدث عليه الصلاة والسلام. لا تعجب اذا كيف اسر قلوب الناس وهم يستمعون اليه. يقول جبير بن مطعم كنت مع النبي عليه الصلاة والسلام فسمعته يقرأ يقرأ في سورة المغرب في لصلاة المغرب بسورة الطور قال فما سمعت احدا احسن صوتا منه صلى الله عليه وسلم وكذلك وصفه البراء لما سمعه يقرأ سورة يقول جبير فكاد قلبي ان ينخلع جلالة صوت وجمال لفظ وتلاوته للقرآن كانت تزداد ايضا بالفاظ كتاب الله جل وعلا. هذا نبيكم يا قوم محمد طول الله صلى الله عليه واله وسلم. وما كمحمد في الخلق خلق ودون سناه اشراق الحياة عليه صلاة ربي كل حين كما خفقت قلوب الكائنات. هذه ليلة اودع وفيها ما شئتم من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم. وان شئت قلت اودعوا فيها ما شئتم من صلاة ربكم عليكم فكلما صليت عليه مرة عليه الصلاة والسلام حزت عشر صلوات من ربك فنحن بين رابح وغانم في هذه الليلة وبين مسكين خائب متحسر هي ساعات وتنقضي كل ليلة من ليالي الجمعة. ويوم الجمعة هو الاخر ساعات معدودة فيا فوز من ملأ صحيفته صلاة وسلاما على رسول الله. صلوات الله وسلامه عليه. اللهم صل وسلم وبارك على نبينا وحبيبنا المجتبى محمد رسول الهدى. اللهم صلي وسلم وبارك عليه صلاة وسلاما. تبلغنا بها ارفع الدرجات وتبلغ بها اسنى المقامات وتفرج لنا بها الكربات وتقضي لنا بها الحاجات وترحم لنا بها الاموات وتشفي بها المرظى يا كريما قريبا مجيب الدعوات قد بدأتم ليلتكم بكثرة الصلاة والسلام عليه فاختموها بمثل ذلك تكون اسعد الناس بركة هذه الليلة ويوم الجمعة. اللهم ان انسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء يا ارحم الراحمين. اللهم يا حي يا قيوم عز جارك وجل ثناء اوك وتقدست اسماؤك. نسألك يا رب باسمك الاعظم الذي اذا دعيت به