الحمد لله الحمد لله الملك القهار العزيز الجبار خلق السماوات والارض وما بينهما من غير تعب ولا اضطرار وانزل على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم الكتاب والفرقان ذلك بان الله هو الحق وانه يحيي الموتى وانه على كل شيء قدير وان الساعة اتية لا ريب فيها وان الله يبعث من في القبور واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له قوله الحق وله الملك يوم ينفخ في الصور واشهد ان محمدا عبده ورسوله اقوم الناس طاعة بفعل المأمور وترك المحظور صلى الله عليه وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الحشر والنشور وسلم تسليما اما بعد فيا عباد الله خلقكم الله من العدم بعد ان لم تكونوا شيئا مذكورا كما قال الله عز وجل هل اتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ان من له عشرون سنة كان قبل اثنتين وعشرين سنة ليس مذكورا ولا ولا منظور ولكن الله تعالى اوجدكم من العدم فلماذا اوجدكم ايها الاخوة فكروا في الدنيا والاخرة فكروا في الحياة والموت فكروا في الحاضر والمستقبل فكروا في هذه الدنيا فيمن مضى من السابقين الاولين منهم والاخرين. ان فيهم لعبرة ان فيهم لعبرة لمن اعتبر عمروا هذه الدنيا وعمروا فيها وكانوا اكثر منكم اموالا واولادا واشد واشد منكم قوة فذهبت بهم الايام كأن لم يكونوا شيئا واصبحوا خبرا من الاخبار وانتم انتم ايها الاحياء الحاضرون المشاهدون سائرون على ما كان عليه اولئك سائرون والى ما ساروا اليه سائرون سوف تنتقلون عن هذه الدنيا الى القبور بعد القصور وسوف تنفردون بقبوركم بعد الاجتماع بالاهل والسرور وسوف تنفردون باعمالكم ان خيرا فخير وان شرا فشر الى يوم البعث والنشور الى حين ينفخ في الصور فيقوم الناس من قبورهم لرب العالمين حفاة بلا نعال عراة بلا ثياب غرلا بلا ختان فهما بلا درهم ولا متاع حدث النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم في هذا الحديث ان الناس يحشرون عراة بلا ثياب فقالت عائشة يا رسول الله الرجال والنساء جميعا ينظر بعضهم الى بعض فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يا عائشة الامر اشد من ان ينظر بعضهم الى بعض ولقد صدق رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان الامر والله اشد من ان ينظر بعضهم الى بعض ان الامر اشد من ان ينظر الرجال الى النساء او النساء الى الرجال انه اعظم انه اعظم من ان تسأل الام عن ولدها او الابن عن ابيه فاذا نفخ في الصور فلا انساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون يوم يفر المرء من اخيه وامه وابيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ان زلزلة الساعة شيء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما ارضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد هنالك قلوب واجفة وابصار خاشعة هناك صحائف الاعمال يأخذها يأخذ المؤمن كتابه بيمينه ويأخذ الكافر كتابه بشماله من وراء ظهره اما من اوتي كتابه بيمينه فانه يقول فرحا وسرورا هاءم اقرؤوا كتابية واما من اوتي كتابه بشماله فيقول حزنا وغما يا ليتني لم اوت كتابية ولم ادري ما حسابية يا ليتها كانت القاضية ما اغنى عني ماليه هلك عني سلطانية هنالك يدعو بالثبور وهنالك ايها الاخوة هنالك توضع الموازين فتوزن فيها اعمال العباد من خير وشر كمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره. ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره قال الله عز وجل ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وان كان مثقال حبة من خردل اتينا بها وكفى بنا حاسبين وقال جل وعلا فمن ثقلت موازينه فاولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فاولئك الذين خسروا انفسهم في جهنم خالدون تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون في ذلك اليوم العظيم الذي مقداره خمسون الف سنة يموج الناس بعضهم في بعض ويلحقهم من الغم والكرب ما لا يطيقون فيقول الناس الا تنظرون من يشفع لكم الى الله؟ فيأتون ادم ثم نوحا ثم ابراهيم ثم موسى ثم موسى عليهم الصلاة والسلام وكلهم يقدم عذرا ثم يأتون الى عيسى صلى الله عليه وسلم فيقول لست لها ولكن ايتوا محمدا عبدا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فيأتون الى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فيقول مفتخرا بنعمة الله انا لها فيستأذن من الله عز وجل ويخر له ساجدا ويفتح الله عليه من محامده وحسن الثناء عليه ما لم يفتحه على احد قبله فيدعه الله عز وجل ما شاء ان يدعه ثم يقول يا محمد ارفع رأسك وقلت اسمع واشفع تشفع وسل تعطه ثم يشفع النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم الى الله عز وجل في ان يقضي بين العباد ويريحهم من هذا الموقف العظيم فيأتي الله عز وجل للقضاء بين عباده فيخلو بعبده المؤمن ويضع عليه ستره ويكلمه ليس بينه وبينه ترجمان فيخبره الله تعالى بما عمل من ذنوبه حتى يقر ويعترف فيظهر الله عليه فظله فيقول قد عليك في الدنيا وانا اغفرها لك اليوم وفي ذلك اليوم الحوض المورود لمحمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم ماؤه اشد بياضا من اللبن واحلى من العسل واطيب من ريح المسك طوله شهر وعرضه شهر وانيته كنجوم السماء كثرة واضاءة لا يرده الا المؤمنون بالله ورسوله المتبعون لسنة محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم من يشرب منه شربة لا يظمأ بعدها ابدا يصب عليه ميزابان من الكوثر وهو النهر العظيم الذي اعطيه النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم واول الناس ورودا عليه فقراء المهاجرين وفي ذلك اليوم تدنى الشمس من الخلق حتى تكون قدر ميل فيكون الناس على قدر اعمالهم في العرق فمنهم من يكون العرق الى كعبيه ومنهم من يكون الى ركبتيه ومنهم من يكون الى حقويه ومنهم من العرق الجاما ولكن ولكن الله يظل من يشاء في ظله يوم لا ظل الا ظله فان كل امرئ في ظل صدقته يوم القيامة وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه قال سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل الا ظله امام عادل وشاب نشأ في طاعة الله ورجل قلبه معلق بالمساجد ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال اني اخاف الله ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه اسأل الله ان يجعلني واياكم ممن يظله في ظله يوم لا ظل الا ظله وفي ذلك اليوم يقول الله عز وجل يا ادم فيقول لبيك وسعديك والخير كله في يديك فيقول اخرج بعث النار يعني من ذريتك قال وما بعث النار قال من كل الف تسعمائة وتسعة وتسعون هؤلاء كلهم في النار من بني ادم ويبقى واحد من الالف في الجنة. فعند ذلك يشيب الصغير لما حدث النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم بهذا الحديث فزع الصحابة رضي الله عنهم وقالوا يا رسول الله اينا ذلك اينا ذلك الواحد فقال صلى الله عليه وعلى اله وسلم ابشروا فانكم في امتين ما كانتا في شيء الا كثرتاه يأجوج ومأجوج منكم الف منكم واحد ومن يأجوج ومأجوج الف وفي ذلك اليوم يوضع الصراط على متن جهنم ادق من الشعر واحد من السيف وترسل الامانة والرحم فيقومان جنبتي الصراط يمينا وشمالا فيمر الناس عليه على قدر اعمالهم فمنهم من يمر كلمح البصر ومنهم من يمر كالبرق ومنهم من يمر يزحف ومنهم ما بين ذلك ونبينا صلى الله عليه وعلى اله وسلم قائم على الصراط يقول يا رب سلم سلم قال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فاكون اول من يجوز اي اي اول من يعبر من الرسل ولا يتكلم يومئذ الا الرسل وكلام الرسل يومئذ اللهم سلم سلم وفي حافتي الصراط معلقة مأمورة تأخذ من امرت به فمخدوش ناج ومكردس في النار ايها المسلمون ان هذا وامثاله مما صحت به مما صحت به الادلة في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان هذا لحق فكونوا ايها المسلمون كونوا قد اعددتم العدة لهذا اليوم فانه مصيركم لا محالة وموعودكم لا ريب وانه على عظمه وهوله وشدته ده يسير على المؤمنين المتقين. لان الله تعالى يقول وكان يوما على الكافرين عسيرا. ويقول جل وعلا على الكافرين غير يسير اللهم فاطر السماوات والارض عالم الغيب والشهادة نسألك بانا نشهد انك انت الله لا اله الا انت الاحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد. يا ذا الجلال والاكرام. يا حي يا قيوم. نسألك اللهم ان تخفف عنا اهوال ذلك اليوم وان تجعله علينا يسيرا وان تجعلنا من السعداء فيه وان تلحقنا بالصالحين وان تجعلنا من ورثة جنة النعيم الناجين من بالجحيم يا ارحم الراحمين يا يا اجود الاجودين والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد فقد قال الله عز وجل في كتابه واتقوا يوما ترجعون فيه الى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون ايها المسلمون ان الواجب علينا ان ننظر في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان ننظر في الاسباب التي تنجي من عذاب الله في ذلك اليوم العظيم حتى نحذر هذه الاسباب ونبتعد عنها وان من الاسباب التي التي يكون بها العذاب يوم القيامة اكل الربا فان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم لعن اكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه. وقال هم سواء فلا يحل لاحد ان يأخذ الربا ولا ان يعطي الربا ولا ان يشهد بالربا ولا ان يكتب بالربا ولا ان يكون موظفا في بيوت الربا لان ذلك من الاعانة على الاثم والعدوان ايها المسلمون ان اكل الربا عظيم ان الله عز وجل يقول فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف ومن عاد فاولئك اصحاب النار هم فيها خالدون فاتقوا الله عباد الله اجتنبوا كل سبب يكون كل سبب يكون به العذاب والعقاب يوم القيامة حتى تخرجوا من الدنيا وانتم سالمون من اسباب العذاب واذا فعلتم معصية فلا تيأسوا من روح الله انه لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون ان دواء المعاصي ان دواء المعاصي واثارها التي تمرض بها القلوب ان يستغفر الانسان ربه وان يتوب اليه فان الله تعالى ذكر عظائم المعاصي في قوله والذين لا يدعون مع الله الها اخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله الا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلقى اثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا الا من تاب وامن وعمل عملا صالحا فاولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما توبوا الى الله ارجعوا الى الله تعالى من ذنوبكم فان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين بل قال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم لله اشد فرحا بتوبة عبده من احدكم وذكر انه اضاع راحلته في ارض فلاة حتى اذا ايس منها حتى اذا ايس منها اضطجى تحت شجرة ينتظر الموت فبينما هو كذلك اذا بخطام ناقته متألقا بالشجرة فاخذ بخطامها وقال اللهم انت عبدي وانا ربك اخطأ من شدة الفرح وكان الواجب ان يقول اللهم ربي وانا عبدك لكنه لشدة فرحه اخطأ فالله عز وجل اعظم فرحا واشد فرحا من فرح هذا الرجل براحلته اذا تاب عبده اليه اللهم انا نسألك ان تتوب علينا لنتوب. اللهم تب علينا لنتوب اللهم تب علينا لنتوب اللهم وفقنا للتوبة للتوبة النصوح التي تمحو بها ما سلف ما سلف من ذنوبنا وعصمنا من الزلل والخطأ في مستقبل ايامنا يا رب العالمين واعلموا ان خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثة في الدين بدعة وكل بدعة ضلالة فعليكم عليكم ايها المسلمون بالاجتماع على هدي النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم واياكم والشذوذ عن هدي الرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم وهدي السلف الصالح فان من شذ شذ في النار. واكثروا من الصلاة والسلام على نبيكم. يعظم الله لكم بها اجرى فان من صلى عليه امتثل امر الله تعالى في ذلك وكان مطيعا لله واوفى الله له اجر فصلى عليه عشر مرات اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وارضى اللهم عن خلفائه الراشدين وعن زوجاته امهات المؤمنين وعن الصحابة اجمعين وعن التابعين لهم باحسان الى يوم الدين اللهم ارضى عنا معهم يا رب العالمين. اللهم اجمع كلمتنا على الحق اللهم اجمع كلمتنا على الحق اللهم اعذنا من التفرق والاختلاف. اللهم وفقنا للاجتماع والائتلاف يا رب العالمين عباد الله ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون اوفوا بعهد الله اذا عاهدتم ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا. ان الله يعلم ما تفعلون واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله اكبر والله يعلم ما تصنعون