الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله سيدنا ونبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن استن بسنته واقتفى اثره الى يوم الدين وبعد. نستأنف الليلة بعون الله وتوفيقه دروس اصول الفقه التي كانت قد ابتدأت مع مطلع او مع منتصف شهر محرم من العام المنتهي الحالي وكانت قد ابتدأت بجملة من اللقاءات اشتملت على مقدمات لعلم الاصول مهمة لطالبه مفيدة في تصور اطراف هذا العلم واركانه ومحتواه ولاننا نرتقي طورا بعد طور فقد تناولت تلك المقدمات ما نحتاج اليه كما اسلفت ثم عمدنا الى دراسة متن. كان الاختيار لمتن الشيخ العثيمين رحمه الله بحكم انه مناسب تماما للمبتدئ في هذا العلم. يحيط بجملة اصول مسائل هذا العلم مع قدر لا بأس به من ذكر المسائل كانت الدراسة فيما تذكرون مطعمة كثيرا بالتطبيقات والنظر في الادلة ومحاولة توظيف قواعد العلم التي درسناها من خلال النصوص الشرعية. لمحاولة اختبار اسلوب الفهم ومداه في مثل هذه المرحلة ينبغي ان يكون الطور التالي هو الانتقال الى متن اكثر سعة واكثر عمقا وان يكون تحرير المسائل فيه على نحو ادق هي المرحلة التي تسبق تماما دخول المطولات الرجوع الى متن متكامل محكم في هذا العلم. بحيث يكسب دارسه الاحاطة الجيدة بمسائل العلم وليس الاكتفاء بالمسائل الكبار كما حصل في اصول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله. بل يتجاوز ذلك الى الى الى ما يتفرع عن تلك المسائل وما يحتاج اليه الاصولي في الجملة. فالمسائل الكبار واصول الابواب بالاضافة الى ثنايا مسائل ما تتضمنته نقاشات الاصوليين وما يوظفه الفقهاء في استدلالاتهم وترجيحاتهم هذه يحكمها عادة متن متكامل في علم من العلوم. ونحن كذلك نفعل في علم الاصول دراسة مثل هذا المتن في هذه المرحلة تجعل الدارس ملما بمباحث العلم. عارفا ببناء بعض المسائل على بعض وعلاقتها ايضا وترابطها وتسلسلها ببعض المتن المتكامل يجمع بين حسنيين الاحاطة بمسائل العلم وضبط ذلك بجملة من العبارات او الالفاظ فحفاظ المتون نظما كانت او نثرا يفيدون ايما افادة من خلال حفظ المتن عن طريق استظهار العبارات واستحضار الجمل التي تحوي حكاية الاقوال ونسبتها الى اصحابها فيستغني بذلك عن الرجوع ومكاشفة الكتب وتصفح المراجع كانت ولا زالت المتون بهذه المثابة منجما متدفقا ونبعا متتابعا يرجع اليه حفاظ المتون في اي علم من العلوم حفظ المتن او لم يحفظ يبقى ضبطه واتقانه محصلا للفائدة الكبرى التي اشرت انك لا تسترسل مع عبارات يطول شرحها ولا است دلالة تطول ايضا جملها ولا مناقشات ومداخلات يتيه بك اخرها عن اولها بقدر ما تضبط من المتن عبارة حتى لو غاب عنك كحفظها لن يغيب عنك فهم مقصودها ودلالتها في الجملة. فهذا هو الذي جعل العلماء سلفا وخلفا يعولون على دراسة الموت والرجوع اليها واختيارها منهجا علميا لطلاب العلم في مختلف المراحل تتفاوت المتون صغرا وكبرا. وعمقا واكتفاء ايضا باصول المسائل في كل علم من العلوم. لما يناسب كل مرحلة حالة من مراحل الطلب وعليه فان اختيار متن في مثل المرحلة التي نحن فيها يتحتم فيه ان يكون متنا يرتقي عن الاكتفاء باصول التي ربما كانت تكتفي ابواب محدودة ومسائل معدودة. ولذلك لن يكون الاختيار مثلا كالورقات على شهرته وعلى اه سعة صيته وعمق انتشاره بين ايدي طلبة العلم ولا على نظمه للسبب ذاته انه لا يزال في هذه المرحلة مقتصرا على جملة من المسائل بعيدا عن كثير من التي يحتاج اليها طلاب العلم. ولا ينفع ان يدرس طالب العلم متن الورقات بعد ان درس كتابا اكبر منه او اوسع منه واشمل بل عليه ان يرتقي ويتطور وينتقل الى مرحلة اعلى و كتاب اكثر منه افادة واكثر احتواء للمسائل آآ لقاء الليلة مدخل نتحدث فيه عما سنشرع فيه بدءا من الاسابيع المقبلة ان شاء الله الكتاب سنة سيكون اختياره في متن اصولي حنبلي وسبب ذلك اننا نعمد كما قلت الى ظبط اصول المذهب والعناية بمسائله والتبويب الذي يحيط بمسائل اصول جملة ليتبين منها موقع مذهب احمد رحمة الله عليه وعلى سائر ائمة الاسلام وقبل الحديث عن الكتاب وما نحتاج اليه وما نتكلم عنه هذه مقدمة تنتظم نقاطا ثلاثة اولها الحديث بايجاز سريع مجمل عن اصول الفقه داخل المذهب الحنبلي ثم الحديث ايضا عن الكتب والمصنفات فيه ومواقعها وتعويل علماء المذهب عليها واخيرا عما نحتاج الى الحديث عنه في المتن المختار ان شاء الله تعالى اما النقطة الاولى المتعلقة باصول الفقه لدى الحنابلة فان ذلك يجمله تصور عام في من يعرف نشأة المذاهب الفقهية وموقع مذهب احمد رحمة الله عليه منها فانه اخرها تاريخ فان احمد رحمه الله رابع الائمة الاربعة واخرهم وفاة ومذهبه واقع في سلم الترتيب الرابع بين المذاهب الاربعة ولتقدم فقه ابي حنيفة ومالك والشافعي رحمة الله على الجميع صار فقه احمد رحمه الله آآ له شيء من الوصف الذي يغاير اوصاف المذاهب الثلاثة. لما كان المذهب بهذه المثابة وتعلمون حرصه رحمة الله عليه من عدم تدوينه بمسائله وعدم اه كتابة ما ينقل عنه من فتاوى نهي عن ذلك حرص طلابه على جمع ما سمع من فتاوى في مجلسه والمسائل التي كانت تعرض عليه واما هو فلم يصنف مصنفا في الفقه فضلا عن اصوله وكانت هذه بمثابة جمع اولي. وما جمع فقه احمد الا من خلال المسائل التي رواها تلامذته. وتلامذة تلامذته عنه حتى جاء الخلال حتى جاء ابو بكر الغلام الخلال. فجمع او صنف كتاب الجامع وحوى فيه المسائل التي رواها تلامذة احمد ورواة الناقلون عنهم ثم صار هذا المجموع الجامع هو المنجم الذي يعود اليه فقهاء المذهب للاغتراف منه واستخراج فتاوى الامام احمد رحمه الله منه وبناء المسائل عليه جاءت مرحلة تأصيل تأصيل فقه المذهب. وهي مرحلة تالية فاذا كانت المسألة كما علمت تأخرا في تدوين الفقه التي هي المسائل والمرويات في فقه الامام فان تأخر تأصيل المذهب سيكون متحتما عن تأخر الفقه وجمع الفقه بخلاف المذاهب الاخرى فان مالكا رحمه الله وابا حنيفة والشافعي جمعت مسائلهم وفقههم وفتاويهم بل صنف بعضهم كمالك صنف الموطأ والشافعي صنف الرسالة. فكان هؤلاء الائمة هم من دون مذهبه بيديه او من املاه على تلامذته كابي حنيفة رحم الله الجميع فصار حفظ مذاهب الائمة واصولهم قريبا عهده تماما من عهد الائمة اصحاب المذاهب انفسهم ففقه ابي حنيفة دون في حياته واصول فقهه تلت ذلك مباشرة فليس بين حياة ابي حنيفة وبين جمع فقهه وتأصيل لفقهه يعني في مدونات اصولية توضح اصول المذهب لم يكن بينها مسافة زمنية. كذلك الشأن في الامام مالك رحمه الله الذي صنف فالموطأ فكان يحتوي في تراجمه جملة من فقه الامام. وعمد اصحابه في المرويات المنقولة في المدونة وغيرها. الى جمع هذا مع عاداك وبناء فقه مالك ثم تأصيل مذهبه ايضا فلم يكن ذلك ببعيد عن حياة الامام نفسه رحمه الله. واما الشافعي رحمه الله فان وقد اورث اتباع مذهبه ثروة اصبحوا ما اقول في غنى عن اي مجموع علمي بعده لكن الرجل صنف فقهه وبيديه في كتابه الام. وصنف اصول مذهبه ايضا بيديه في كتابه الرسالة فاغنى من يأتي بعده ان يتكلف فهم اصول مذهبه. فكان بذلك اوفر الائمة الاربعة حظا في تصحيح اصول مذهبه وربما اقول وربما كان هذا سببا في وفرة تصانيف اصول الفقه التي نتجت عن ارباب المذهب الشافعي اكثر من غيرهم فان الثروة الاصولية والمكتبة العلمية التي ازخرت بها ارفف علم اصول الفقه كان لاصحاب المذهب الشافعي فيه اليد طولى اقول ربما كان المذكور ذلك سببا في هذا ويبقى الامام احمد رحمه الله الذي كان اخرهم ترتيبا زمنيا وكان اقلهم حظا من العناية بتدوين فقهه بل وامتناعه رحمه الله من ذلك. ثم محاولة الائمة من بعده الى جمع مرويات مسائله ثم تأخر فيما بعد الى محاولة تأصيل مذهبه تعجب ان عرفت ان اول محاولة لتدوين وصول فقه الامام تأتي بعد وفاته بنحو مئتي سنة فيما يعرف بين ايدي الناس من اه اصول مذهب احمد رحمه الله مئتا سنة قرنان من الزمان مسافة زمنية ليست باليسيرة لمن يحاول ابتداء ان يضع مصنفا اصوليا على غرار ما يصنعه اصحاب المذاهب الاخرى لمحاولة اثبات اصول مذهب الامام اصول فقهه لانه لم يبح رحمة الله عليه بشيء من ذلك صراحة. ولم ينقل عنه ايضا في فقهه مسائل مبوبة مرتبة كما حصل في ذاهب الثلاثة الاخرين. فاعوز ذلك الى مدة من الزمن ان تجمع فيها المرويات والمسائل والفقه نفسه. ثم مسألة مرحلة زمنية اخرى ان يقرأ هذا الفقه وينثر ويغربل ثم تستخرج منه اصول الاستنباط وقواعد الاستدلال حتى يصاغ من ذلك اه اصول يصح ان ينسب الى احمد رحمه الله تعالى القاضي ابو يعلى الفراء الحنبلي رحمة الله عليه اربع مئة وستة وخمسين وفاته وكما قلت يعني ان تتكلم على ما حوالي مئتي سنة بعد وفاة الامام احمد رحمه الله. ليخرج كتاب العدة القاضي ابو يعلى معدود في رأس طبقة المتوسطين في المذهب فان تنقرض طبقة المتقدمين ولا يوجد في خلالها مجموع اصولي يصف او يجمع اصول الامام فقه الامام احمد رحمه الله فان هذا ما اقول غياب مؤثر لكنها مرحلة تأخرت كثيرا في مئة وستة وخمسين القرن الخامس كانت مصنفات الاصول عند المالكية مثلا عند الشافعية عند الحنفية قد بلغت ذروتها وقد خلصت من جملة من المحاولات حتى ارسيت اركان علم الاصول وانت تلاحظ يعني في مقولة ابن خلدون وغيره ان اصول كتب اعمدة كتب الاصول عند الاصوليين الاربعة لما ذكر العمدي القاضي عبدالجبار والمعتمد القاضي ابي الحسين البصري والبرهان لامام الحرمين الجويني مستصفى للغزالي فيعد اربعة كتب يعدها اركان علم الاصول فلا تعجب ان وجدت اربعتهم شافعية لانهم قد ظفروا بتوقيت مبكر في تدوين علم الاصول فما كانوا يحتاجون الى مئتي سنة حتى ينضج هذا العلم تماما. يقوى على ايديهم تحريرا وتبويبا وارساءا شامخا لهذا العلم بالكبير بخلاف ما حصل فان تأتي الى مرحلة من الزمن يعني الغزالي خمس مئة وخمسة امام الحرمين اربع مئة وسبعة وثمانين. هذا المرحلة التي وصل فيها اصولي الشافعية الى مرحلة اكتمال البناء كانت هي بداية التصنيف عند الحنابلة في علم الاصول بخروج كتاب العدة للقاضي ابي اعلى اه هذا التأخر ربما كان سببا في تفسير غياب غياب ايراد المذهب الحنبلي في مناقشة الاصوليين في اختلاف المذاهب وهو تفسير منطقي مقبول جدا يعني يعجب بعض الناس يقول اجد في المستصفى او في البرهان او اجد عند القاضي عبد الجبار او عند ابي الحسين البصري اجد مناقشة للمذاهب ومحاجتا واختلافا ومرويات وترجيحات يقول اجد في ذلك قدرا كبيرا من ايراد المذاهب. فيورد مذهب مالك ويورد مذهب الشافعي. ولا ذكر لمذهب احمد عدم ايراد مذهب احمد مفهوم تماما منطقيا لتأخر تدوين علم اصول الفقه عند مذهب الامام احمد رحمه الله. فكيف تنتظر ان يورد امام الحرمين او ابو الحسين او القاضي عبدالجبار ان يورد احد اه نسبة لوصول مذهب احمد رحمه الله موافقا او مخالفا ليثبت مذهبه او يناقشه او يخالفه. اذا كانت ما خرجت المصنفات الاصولية الا في القرن الخامس الهجري. على كل انا اريد فقط قد ان تتصور الان نشأة هذا العلم ما قبل القاضي ابيه على ليس الا محاولات صغيرة ورسائل لا ترقى الى تدوين اصولي. وعلى صغر حجمها فانهم يعدون رسالة صفة الفتوى والمستفتي لابن حامد شيخ القاضي ابي يعلى وهو خاتمة طبقة المتقدمين يعدونها اول والمحاولة على الاقل ايضا فيما بين ايدي الناس. اول محاولة حاول فيها ائمة المذهب الحنبلي اظهار وابراز وانتزاع وصول مذهب امامهم من خلال فتاويه وهي رسالة صغيرة جدا وقد اتصلت على جانب الفتوى واصول مذهب احمد رحمه الله في الجملة ومحاولة تفسير جملة من الفاظه عندما يستعملها في الافتاء نحن لا يعجبني واكره كذا ولا ارى به بأسا ونحو هذه من العبارات فجاء كتاب العدة محاولة اولى اه ما بعد العدة وانا الان في صدد الحديث عن العلم الاصول داخل المذهب الحنبلي وسآتي الى النقطة الثانية في المصنفات فيه. ما بعد القاضي باعلى نشطت حركة التأهيل وتتابع اصولي الحنابلة كسائر الاصوليين من سائر المذاهب في متابعة التأليف والتدوين والجمع في اصول المذهب اه انتقلت هنا مرحلة الى الكتب الكبار ثم دخل المذهب الحنبلي في الطريق كما يقال مع باقي المذاهب وايراد الاقوال والمناقشة تقدم لكنها كانت مرحلة قد فرغ فيها الوصوليون من من تصنيف وتحرير الكتب المعتمدة في الفن. في الاصول. ولم يكن بينها ايراد الحنابلة. فلما يأتي المتأخرون ويناقش تجد ذكرى الحنابلة وموقفهم الاصولي عند المتأخرين. ممن حاول ان يصنف على طريقة جمع المذاهب فقه مقارن الكتب التي جمعت اصول المذاهب المختلفة واوردتها على طريقة الخلاف ومناقشته وترجيح الراجح منها ثم استمرت هكذا حتى جاء آآ ابن قدامة رحمه الله في روضة الناظر واختصر المستصفى او هذبه او سار على منواله او قل ما شئت كما سيأتي وصفه بعد قليل ثم جاءت المختصرات يبقى جملة مصنفات الاصوليين الحنابلة اقل بكثير مما هي عند الشافعية مثلا وهذا وجه ذكرت به سبب ذلك وعلاقته في الجملة اه سانتقل الى نقطة ليست باقل من سابقتها في تفسير هذا الوضع الاصولي عند الحنابلة غير مسألة تأخر التصنيف وتأخر ابتداء محاولة في جمع الاصول عند الحنابلة. الا وهي مسألة الاقتراب الشديد بين فقه الحنابلة وفقه الشافعية. واعني بالاقتراب الشديد الموافقة الكثيرة في كثير من المواضع اصولا وفروعا فجعل ذلك المذهب الحنبلي قريبا الى حد كبير من المذهب الشافعي وحتى ان لم تقل قريبا او مشابها لكن ان لم تكن العبارة دقيقة فادق منها ان تقول ان اقرب المذاهب الثلاثة الى مذهب احمد هو مذهب الشافعي. والعبارة هذه لن يخالف فيها احد يعني ليس اقتراب مذهب احمد في اصوله وفروعه ليس هو في اقترابه من مذهب الشافعي ليس هو ابدا باكثر مما هو في الحنفية او في المالكية. هو اقرب بكثير واختلاف ما بينه وبين الحنفية واختلاف ما بينه وبين المالكية اوضح واجلى بكثير مما بين الشافعي واحمد ربما كان من اسباب ذلك تلمذة الامام احمد على يد الشافعي رحمة الله عليهما فان الامام احمد التقى به ابان قدوم الشافعي رحمه الله بغداد والتقى به بل وافاد منه وتتلمذ على يديه. لم يكن احمد رحمه الله انذاك صغير السن بل كان كبيرا علما اماما محدثا لكن ورود الشافعي الاول الى بغداد والتقاؤه هناك باهل العلم وصحبة احمد رحمه الله له افادت علما كثيرا. نقلت عبارات عن احمد رحمه الله تفيد الاثر العظيم الذي اثر به الشافعي على احمد رحمة الله على الجميع. مثل عبارته لما سأله ابنه عبد الله قال يا ابتي اراك تدعو كثيرا في سجودك للامام الشافعي فاجاب رحمه الله بما يبين عظيم حق الشافعي عليه فكان من جملة قوله قال يا بني ان الشافعي رحمه الله كالعافية للبدن وكالشمس للدنيا فهل لهذين من عوض يعني لا يستغني بدن الانسان عن عافية يقوى بها ولا تستغني الدنيا عن شمس تضيئها فيقول هو هكذا الشافعي بالنسبة اليه رحمه الله كان كالشمس للدنيا وكالعافية للبدن فكان هذا سببا حمله على حفظ حقه وذكر جبين اثره العلمي عليه. وهذا ثابت ومقرر تماما في تاريخ الائمة الاربعة الامر المؤكد لهذا ان احمد رحمه الله يثبت فضل الشافعي عليه في مسألة الفقه على وجه التحديد فانه رحمه الله اعني احمد كانت عنايته منصرفة الى الى همة المحدثين في جمع الرواية وانتقائها وتبويبها والتصحيح والتضعيف وما هو صنيع المحدثين الباهر في الامة في حفظ سنة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فكان احمد رحمه الله في الجملة مشتغلا بهذا الطريق مع عناية بالفقه مع تصديه للافتاء رحمه الله مع مجافاته عن ذلك لكنه كان يقصد فتوى فكان يستفتى فيفتي رحمه الله مع التحفظ الشديد ومع منع نقل ذلك او كتابته او حفظه عنه او اثبات ذلك مكتوبا عنه لكن في الجملة كان له مشاركة فقهية وكان له ايضا عناية بالفقه. الا انه مع ذلك يثبت رحمه الله ان صلته بالامام الشافعي كانت ذات اثر عظيم في طريقة الفهم والاستنباط ولا عجب فالشافعي امام. وكون الرسالة كما تقدم في احدى المقدمات السابقة في لقاء خاص عن الرسالة واثرها آآ ما صنعته في الساحة الاصولية ما يغني عن تكراره هنا امام كالشافعي رحمه الله وتتلمذي امام كاحمد عليه رحمه الله اثر فيه تأثيرا كبيرا بل آآ يعني في عبارات مقاربة يكاد يقول احمد رحمه الله ما كنا نعرف الفقه حتى قدم الينا الشافعي. يعني ما نكاد نعلم الفقه. يقصد الفقه الحقيقي على اصوله بالاستنباط والفهم وجمع الادلة واستخلاص الحكم الراجح ومعرفة الموقف الفقهي من اختلاف الروايات او تعارضها او الصحيح منها والضعيف. عبارة ايضا مشابهة في العموم والخصوص ويقول يعني لان العموم الخصوص في مباحث العلم الوصول بمثابة عنق الزجاج الذي لا لا تسلم منه اية او حديث الا ويمر بها فيقول ما كنا نعرف شيئا من ذلك يعني على التحرير والدقة والتمييز حتى قدم الينا الشافعي. لما يتكلم احمد رحمه الله عن امامة الشافعي واثره العظيم عليه. هذا يفسر لك اقترابا كبيرا ايضا من اصول فقه احمد رحمه الله باصول فقه الشافعي. لا يعني هذا المطابقة التامة بحال كما انه لا يعني مفارقة التامة بحال. لكن يعني التقارب الشديد والتأثر العظيم من احمد رحمه الله بامامه وشيخه واستاذه الشافعي هذا التأثر الكبير اظهر اثرا ولا شك على فقه احمد. لكنه ليس ايضا على وجه المطابقة. ينفرد احمد بمسائل يفتي بمسائل يتوجه الى مسائل في عبارة ايضا لطيفة ان الشافعي رحمه الله يثبت لاحمد رحمه الله امامته في الحديث. وعنايته بالرواية وحفظه للسنة بما لم يسع للامام الشافعي ان يحيط بمثلها فحديثيا وفرة رواية الامام احمد ومجموع ما حصل في عمره من الرواية والتحصيل والسماع هو اوفر بكثير وبمراحل من وفرة الامام الشافعي في هذا الباب. وللشافعي مسند لطيف. لكنه لا يرقى الى تلك الالوف المؤلفة في الرواية التي دونها احمد رحمه الله في المسند ففي احدى المجالس يروي الشافي عبارة لطيفة يقول فيها للمحدثين كاحمد واصحابه يقول لو كان لي من الرواية في الحديث مثل ما لكم ما غلبني احد يعني يقصد انه لو جمع له من العناية بالسنة وجمع الفاظها ورواياتها لبلغ الامام. لان الالة وهي الاستنباط والفقه السديد واصول الفهم موجودة لديه. فان كان شيء يعوزه فهو الاستيعاب في الرواية. والوقوف على النصوص. في وقت لم تكن فيه الحواسيب ولا مصنفات انما هو الحفظ لا غير وما تحويه الرؤوس وما تحفظه الصدور لا غير. فعندئذ سيكون الاكثر حفظا هو الاكثر احاطة بالسنة ومروياتها فكان هذا الذي يثبته الشافعي رحمه الله لاصحابه المحدثين على كل هذا كان سببا اظافيا مؤيدا ومعضدا لما ذكرت في النقطة الاولى تلمذ احمد على الشافعي تأخره رحمه الله جعل ذلك ايضا سببا في ما اقول استغناء الحنابل عن التجويد لكن اصول الفقه قريبة جدا من اصول فقه وما يرد في كتب الشافعية من تأصيل الاصول وقواعدها فيه موافقة كبيرة بين المذهبين. فكان هذا ايضا سببا في عدم استقلال الحنابل بمؤلفات اصولية في وقت مبكر الى حد ما. هذا في الجملة ما يتعلق بعلم الاصول داخل المذهب الحنبلي. هذه بدايته فاين كانت نهايته ليست هناك نهاية لعلم ولا لمصنفات علم. لكن النشأة المتأخرة لنهضة العلوم وبعثها ومحاولة اه انتصاب اصحاب كل مذهب للعناية بمذهبهم فقها واصولا وابراز مصنفاته واخراج آآ ثروة هذا المذهب فقها واصولا شارك فيه الحنابل كما غيرهم لكن الصنيع المتأخر كما تعلمون يتجه في الغالب الى الجمع والاستقصاء ومحاولة لملمة ما خلفه السابقون وما جمعوه وما دونوه فيأتي المتأخرون في جمع حاول لذلك. حصل مثل هذا عند الحنابلة. وجاءت الكتب الكبيرة. جاء مثلا كوكب المنير طرحه ليحوي ايضا هذا كل التركة كلها باظافة الى مواقع مذهب آآ اصول مذهب احمد رحمه الله مع المذاهب الاخرى قبل شرح الكوكب يأتي امام كابن القيم رحمه الله في مرحلة ليست متأخرة جدا وليست متقدمة. وقد وجد هذه المحاولات من كتب الاصول عند الحنان فعمد رحمه الله الى محاولة ارساء وصول مذهب احمد رحمه الله واستنباطها فقعد جملا عظيمة في هذا الباب واصل اصولا عزيزة ايضا في هذا الباب حاول فيه ان يقرأ خلاصة ما دونه اصولي الحنابلة فجاء في كتابه الفذ اعلام الموقعين فارسى جملا واضحة تماما يحكي فيها اصول مذهب احمد رحمه الله ويستدل. خرج في مجملها بصبغة ان مذهب احمد رحمه الله بحكم الصبغة الحديثية لامام المذهب قلب عليه جانب تعظيم النص والعناية بالفاظه وعدم العدول عنه قدر المستطاع المروي عند اصحاب الحديث مرفوعا كان او موقوفا له حظوا بنفوس اصحاب الحديث. واقصد بذلك ان له مكانة ومهابة عظيمة فرتب الامام ابن القيم رحمه الله اصول احمد كالتالي الكتاب والسنة الاجماع القياس. لكنه كان يرى رحمه الله ان عناية واحتفاء الامام احمد بالسنة جعلته يحتفي بالسنة احادها ومتواترها وتقديمه على كثير من الاصول. فلا تقديم للقياس على خبر الواحد عنده ولا ترك لخبر الواحد ان عمت به البلوى ولا يقدم على خبر الواحد اصول متعارضة معه. كما لا يرظى رحمه الله بترك الحديث وان ظعف فيجعله مقدما على القياس ولو كان ضعيف الرواية والسند. هذه كلها شيء ربما اصله احمد رحمه الله اكثر من غيره. من الائمة. فارسى فيه جملا العناية بالاثر حتى الموقوف صارت له مكانة. فتأتي عناية احمد رحمه الله بالمنقول عن الصحابة. وافقهم وارائهم وفتاويهم في ابواب بالفقه فيجعلها اصلا يرجع اليه. ثم تجد كما كبيرا في فتاوى احمد ومسائله لما يسأل عن المسألة بعينها ولا يجد فيها مرويا فيبدأ يحكي ما يحفظه من مرويات الصحابة يقول ابن مسعود قال كذا. والمروي عن عمر كذا ويقف عنده فان لم يجد عند الصحابة نزل الى كبار ائمة التابعين في نقل مثلا عن عطاء في المناسك وعن الحسن وينقل عن كثير من ائمة الاسلام يعني مثلا في اه الوقوف بعرفة يسأل رحمه الله عن موقف بمعرفة مغمى عليه هل يعتبر هذا وقوفا مجزئا؟ فيقول اه كان عطاء لا يرى به بئسا والحسن لا يرى له حجا. ينقل موقف اثنين مختلفين في مسألة ثم يشير الى توقفه لان المسألة ليست فيها نص وليس فيها اثر صحابي يركن اليه ثم يجد عن كبار التابعين من فقهاء والائمة اثرين عريضين فيرويهما ويكتفي في هذا اكتفاء الامام احمد رحمه الله في الفتوى بنص المروي والتعويل عليه دون اضافة كثيرة. اه يعني اورثت عند فقهاء المذهب هذا الاصل العظيم هذا فيما يتعلق باصول مذهب احمد رحمه الله في الجملة او اصول الفقه عند الحنابلة داخل البيت الحنبلي. حتى جاء المتأخرون فنشطت الدراسات المعاصرة في محاولة تحرير مذهب الائمة آآ الاربعة جميعا ومواقفهم من المسائل افردت الدراسات في اصول كل امام افردت الدراسات في المسائل بعين في كل مذهب افردت الدراسات في تحرير بعض القضايا. افردت دراسات في محاولة استقصاء مذهب واقوال وفتاوى امام من الائمة لمحاولة استنباط مدى قرب ذلك وبعده من فقه الامام. عند المالكي مثلا يجردون فتاوى الامام في مسألة الاحتجاج بعمل اهل المدينة. ويريدون كل المسائل التي يقولها فقهاء المالكية ان مالكا رحمه الله قال بكذا احتجاجا بعمل اهل المدينة. فيأتي البحث في المستقصد كل مسألة قيل فيها بذلك داخل المذهب المالكي. ووضع ذلك في الميزان واستقرائها ومعرفة الى اي اثر كان لهذا الدليل او لهذا لهذه القاعدة اثرا في فقه مالك رحمه الله. قل مثل ذلك عند الحنفية في قطعية العام وذنيته. قل مثل ذلك عند في تقديم خبر الواحد على القياس او العكس. كل هذه وجدت كما وجد عند الحنابلة ايضا سواء بسواء في احد الدراسات المتأخرة المعاصرة اصول فقهي او اصول مذهب الامام احمد رحمه الله. الدراسة التي آآ تقدم بها معالي الشيخ الدكتور عبدالله التركي امين عام الرابطة فكانت هي بحثه المقدم للدكتوراة قبل يعني اكثر من ثلاثين اربعين سنة فحاول في وقت مبكر لانه لم يجد دراسة فجمع رحمه الله الكتب التي صنفها الحنابلة قديما وحديثا وحاول ان يبول فيها اصول مذهب احمد رحمه الله هذا ما يتعلق باصول الفقه في الجملة داخل المذهب الحنبلي. والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين