بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه تعالى واشكره واستعينه واستغفره واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده الله ورسوله امام الانبياء وخاتم المرسلين وحبيب رب العالمين. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته الطيبين الطاهرين وصحابته الغر الميامين والتابعين لهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد ايها الاخوة فهذه ليلة الجمعة الشريفة الغراء التي تمتاز على سائر ليالي ايام الاسبوع كما تمتاز يوم الجمعة عن غيره من ايام الاسبوع. هي ليلة غاب شمسها فاشرقت بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بصلاة المحبين لنبيهم صلى الله عليه وسلم المستكثرين هذه الليلة ويوم غد من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم وهم يلهمون بهذا الصلاة وبهذا السلام. حب قول حبيبهم صلى الله عليه وسلم اكثروا من الصلاة علي ليلة الجمعة ويوم الجمعة. فاح العبير اذا ذكرت محمدا والنور اشرق والظلام هدد صلى عليك الله ما اتسع المدى. ما طار طير في السماء وغردا. اللهم صل وسلم وبارك عليه. ثم ما زال مجلسنا هذا ايها المباركون في تدارس كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم. للامام القاضي عياض رحمه الله تعالى وما زلنا في الفصل الذي ذكر فيه القاضي رحمه الله من الشرف الذي خص الله به نبيه عليه الصلاة والسلام ان اشتق له من اسمائه سبحانه وتعالى اسماء له وصفات عليه الصلاة والسلام دلالة على شرفه وعظيم قدره قدره ورفيع مكانته عند ربه عز وجل. مضت معنا جملة من هذه الاسماء وبين المصنف رحمه الله كيف ان نبينا صلى الله عليه وسلم اشتقاقا من معانيها او من اسمائها بما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة. واخر ذلك ووقفنا عنده في قوله رحمه الله ومن اسمائه تعالى الهادي. نعم. بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. نبينا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين. قال المصنف رحمه الله تعالى ومن اسمائه تعالى وهو بمعنى توفيق الله لمن اراده لمن اراد من عباده وبمعنى الدلالة والدعاء. قال تعالى والله يدعو الى دار السلام ويهدي من يشاء الى صراط مستقيم. واصل الجميع من الميل من التقديم هذا ايضا من اسماء الله تعالى الحسنى وهو الاسم الثاني والعشرون في هذا الفصل. من اسماء الله الهادي ومن صفات الهداية سبحانه وتعالى. والله يهدي عباده بمعنيين من الهداية. اما اولهما فدلالتهم على شريعته وصراطه المستقيم ودينه القويم. من خلال ما ارسل سبحانه من الرسل وانزل من الكتب واقام من حجج وبين لعباده طريق الهداية فهو سبحانه وتعالى يهدي عباده الى هذا المعنى. واما الهداية معناها الاخر فهو توفيق العبد الى اصابة الحق وسلوك الصراط المستقيم. فبين الدلالة الى الهداية وبين التوفيق نيلها يتردد هذا المعنى في اسم الهادي. والله عز وجل قال سبحانه والله يدعو الى دار السلام ويهدي من يشاء الى صراط مستقيم. ونبينا صلى الله عليه وسلم هاد الى صراط الله بالمعنى الثاني الذي هو الدلالة اما التوفيق بيد الله سبحانه. فاذا فهمت هذا زال عنك الاشكال بين ايتين يثبت فيها سبحانه وتعالى في احداهما يثبت الهداية للنبي عليه الصلاة والسلام وينفي عنه الهداية في الاية الاخرى. لما يقول الله له وانك لتهدي الى صراط مستقيم. فاي هداية يراد هنا الدلالة فانه عليه الصلاة والسلام دل العباد الى صراط الله والى الحق الذي انزله الله عليه. واما قوله سبحانه انك لا تهدي من احببت. فاي هداية هي المرادة هنا؟ التوفيق فتح القلوب واصابة الحق ليس احد من البشر لكنه عند الله جل وعلا. فهاتان ايتان ثبتت بهما الهداية للنبي عليه الصلاة والسلام بمعنى الدلالة الى الحق وهو اعظم الهداة بابي وامي عليه الصلاة والسلام. بل اعلموا انه ما تعلم متعلم ولا ارشد عالم ولا وعظ واعظ ولا نصح ناصح الا وهو مقتف طريق الهادي الاكبر عليه الصلاة والسلام الذي جعل الله عز وجل دلالات الهدى بين يديه وانزل ايات الهدى عليه وجعله صلى الله عليه وسلم مفتاح الهجرة هدايتي للعباد يستدلون بسمته وبرؤيته وبالنظر اليه وبسماع قوله وبصحبته الدلالة الى ما ارشد اليه عليه الصلاة والسلام يستدلون بكل ذلك على الحق الذي انزله الله عز وجل حتى ان القرآن على اولئك الذين ما استفادوا من هدايته عليه الصلاة والسلام. وقد قال الله عز وجل انك فانك لا تسمع الموتى ولا اسمعوا صم الدعاء اذا ولوا مدبرين وما انت بهذه العميا عن ضلالتهم ان تسمع الا من يؤمن باياتنا فهم مسلمون. وقول الله سبحانه ومنهم من ينظر اليك. افانت تهدي العميا ولو كانوا لا يبصرون. وقال قبلها ومنهم من يستمعون اليك افانت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون؟ فقد جعل الله عز وجل بهذا المعنى من الهداية لنبينا عليه الصلاة والسلام اوفر الحظ واعظم الاجر من الدلالة الى الهدى في دين الاسلام صلى الله عليه واله وسلم وقيل في تفسير طه انه يا طاهر يا هادي. يعني النبي صلى الله عليه وسلم وقد تقدم بكم ان مثلها هذا لا يثبت به معنى صحيح ولا يستند ايضا الى دلالة بدليل شرعي يستند اليه في تفسير هذه الحروف وقال الله تعالى له وانك لتهدي الى صراط مستقيم. وقال فيه وداعيا الى الله باذنه ايه فالله تعالى مختص بالمعنى الاول قال تعالى انك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء فالله تعالى مختص بالمعنى الاول من معنيي الهداية وهي هداية التوفيق. فانها لله وحده. نعم وبمعنى الدلالة ينطلق على غيره تعالى. نعم. وبمعنى الدلالة هداية الدلالة الى الحق فانها تطلق على سائر الانبياء والدعاة والعلماء والائمة والخطباء والمصلحين والناصحين وكل من دل على طريق الاسلام وعلى حكم الله وعلى شريعته جل في علاه. وامام الهداة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومن اسمائه تعالى المؤمن المهيمن قيل هما بمعنى واحد فمعنى المؤمن في حقه تعالى المصدق وعده عباده والمصدق قوله الحق. والمصدق لعباده المؤمنين ورسله. وقيل الموحد نفسه قيل المؤمن عباده وقيل المؤمن عباده في الدنيا من ظلمه والمؤمنين في الاخرة من عذابه هذان يا كرام اسمان عظيمان من اسماء ربنا الكبير المتعال جل في علاه. المؤمن والمهيمن وسيشرح المصنف رحمه الله معنى هذين الاسمين ثم يبين كيف ان محمدا نبينا صلى الله عليه وسلم جعل الله تعالى له من هذين الاسمين اسما او صفة ومعنى متعلقا بشخصه الكريم صلوات ربي وسلامه عليه فلنفهم اولا ما معنى اسم ربنا سبحانه المؤمن السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر. فالله سبحانه مؤمن قال تفسير المؤمن يمكن ان ينطلق الى جملة من المعاني منها انه سبحانه المصدق وعده عبادة والمصدق قوله الحق. والمصدق لعباده المؤمنين ورسله هذا اذا حملنا معنى المؤمن انه اسم فاعل من امن. يعني من الايمان نحن ايها العباد نؤمن بالله فنحن مؤمنون والواحد فينا مؤمن. لكن انا وانت بما نؤمن؟ نؤمن بالله وبرسول الله صلى الله عليه وسلم ما معنى انك تؤمن بالله؟ انك تصدقه وتجزم يقينا بعقيدة لا يخالفها ريب ولا شك بوحدانية الله جل جلاله واستحقاقه للعبادة الوهية وربوبية واسماء وصفاتا عز وجل. هذا العبد فما ايمان الخالق؟ الله مؤمن وهو سمى نفسه بذلك. نعم الله عز وجل سمى نفسه المؤمن احد معانيه انه سبحانه ايضا يصف نفسه بالتصديق فيصدق سبحانه وتعالى ذاته العلية. اما قال جل وعلا شهد الله انه لا اله الا هو والملائكة يعني ايضا تشهد واولو العلم يعني ايضا يشهدون قائما بالقسط لا اله الا هو العزيز الحكيم. فالله عز وجل مؤمن يعني مصدق وعده عبادة وقيل الموحد نفسه جل وعلا. فهذا من التصديق اذا فسرت الايمان بالتصديق فالله مؤمن قال وايضا مصدق قوله الحق ومصدق لعباده المؤمنين ورسله عليهم السلام هذا اذا فسرنا الايمان بمعنى التصديق. وسيأتيك معنا اخر ايضا في اسم الله عز وجل المؤمن وقيل المهيمن بمعنى الامين وقيل المؤمن عباده وقيل المؤمن عباده في الدنيا من ظلمه والمؤمنين في الاخرة من عذابه. هذا التفات الى معنى اخر في اسم الله المؤمن ان من امن ليس بمعنى صدق. لا امن يعني اعطى الامان فالله عز وجل قال في سورة قريش فليعبدوا رب هذا البيت الذي اطعمهم من جوع وامنهم من خوف. الله امن عباده. يعني اعطاهم الامان امنهم واسم الفاعل من امن مؤمن ايضا. فاما ان تحمل مؤمن بمعنى الايمان من التصديق او مؤمن بمعنى الامان وضد الخوف فالله عز وجل مؤمن وهذان المعنيان واردان على هذا الاسم. قيل المؤمن عباده في الدنيا من ظلمه كما صح ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما. ويأمل المؤمنين في الاخرة من عذابه. وهذا ايضا جزء من دلالة الاية في الانعام الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اولئك لهم الامن. وهم مهتدون. ولا يعطيهم الامن الا رب العزة والجلال. هذا اسم الله سبحانه المؤمن. نعم وقيل المهيمن بمعنى الامين مصغرا منه فقلبت الهمزة هاء. جئنا للاسم الثاني القريب منه في اللفظ المقارب له في المعنى على احد الاقوال. اسم الله المهيمن ما معنى مهيمن يا كرام؟ وربنا عز وجل مهيمن قالوا في اسم المهيمن انه بمعنى الامين مصغر منه. فقربت الهمزة هاء. تصغير امين مؤيد فقلبت الهمزة هاء فاصبحت مهيمن. وهذا يصح لغة في تبادل بعض الحروف عن بعض. واذا قلت ذلك فم ايمن وهو اصل مهيمن تصغير امين. والله عز وجل موصوف وصف نفسه سبحانه بذلك على ان في اسم المهيمن معنى اخر اعظم من هذه الدلالة سيذكرها المصنفون وقد قيل ان قولهم في الدعاء امين انه اسم من اسماء الله تعالى ومعناه معنى المؤمن. وهذا ايضا يحتاج الى دلالة لا يثبت بها نص. فاسماء الله توقيفية. ولا يصح اطلاق ان معنى امين في الصلاة في الفاتحة وفي خارجها انه اسم من اسماء الله تعالى وقيل المهيمن بمعنى الشاهد والحافظ نعم يا كرام اصل الهيمنة الحفظ والارتقاب. يقال هذا الرجل مهيمن في عمله في بيته واسرته في سلطانه. الهيمنة تعود الى معنى الحفظ والارتقاب. ولا يمكن ان يكون الهيمنة الا باجتماع امور ثلاثة. اولها العلم باحوال الشيء. وثانيها القدرة التامة على تحصيل مصالح ذلك الشيء وثالثها المواظبة على تحصيل تلك المصالح. فمن كان عالما تمام العلم بشيء ما قادرا على تحصيل مصالحه. قائما عليه على الدوام في المحافظة على مصالحه كان مهيمنا عليه. انت مثلا مهيمن على مالك على بيتك واسرتك هذه هيمنة جزئية. الله جل وعلا مهيمن على الخلق والكون اجمع. علويه وسفليه. الله عالم ما خلق جل وعلا الا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير هو القادر على تسيير امور الكون وتدبير الخلق جل وعلا ولم يزل عباده يفتقرون اليه ولم يزل سبحانه قائما قيوما احدا صمدا. بشأن الخلق وتدبير الكون فكانت الهيمنة المطلقة لله جل وعلا. فهذا معنى اسم المهيمن. ولهذا ستقرأ في كلام بعض السلف في تفسير اسم انه الرقيب سبحانه. الحافظ لكل شيء جل وعلا. الخاضع لسلطانه كل شيء. القائم على خلقه الشهيد عليهم هذه المعاني المتقاربة التي يفسر بها السلف معنى اسم المهيمن سبحانه وتعالى تدور على هذه المعاني كلها والله جل وعلا اتصف بالهيمنة وسمى نفسه بالمهيمن. فان حملته على معنى المؤمن كان قريبا منه. وان افردته عن الاخر اصبح اسما جامعا لكل اوصاف الفضل والكمال. وتحصيل المعاني الجليلة العظيمة فيه من الحفظ والرقابة والقيام على خلقه والعلم باحوالهم وتدبير شؤونهم جل وعلا سبحانه من اله عظيم عليك ولذلك قال كثير منهم وهو يصف ملكوت الله جل وعلا وعظمته وهيمنته مليك على عرش السماء مهيمن عزته تعلو الوجوه وتسجد. فالله عز وجل خلق خلقه وتفرد سبحانه بتدبير شأنه. هذا اسم الله المهيمن وذاك اسم الله المؤمن. السؤال هو من اين جاء لنبينا صلى الله عليه وسلم شيء من هذين الاسمين يعني هل محمد عليه الصلاة والسلام مؤمن اجب هل نبينا مؤمن؟ الجواب نعم. وانا مؤمن وانت مؤمن. ونبينا عليه الصلاة والسلام اعظم المؤمنين ايمانا اصدقهم لربه عز وجل ايمانا وقياما بشأن العبودية العظيمة. وله صلى الله عليه وسلم ايضا من اسم المهيمن قدر ونصيب. اذا حملت معنى المهيمن على الحفيظ والرقيب والشهيد فانه عليه الصلاة سلام حفيظ على امته. رقيب عليهم. شهيد عليهم في الدنيا وفي الاخرة صلى الله عليه وسلم. وسيشرح رحمه الله هذا المعنى والنبي صلى الله عليه وسلم امين ومهيمن ومؤمن وقد سماه الله سماه الله تعالى امينا فقال مطاع ثم امين. وقد مر بكم مرارا ان هذا لو حملت اية سورة التكوير على نبينا صلى الله عليه وسلم لم انه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم امين. والقول الاخر في الاية انه جبريل عليه السلام وبين هذين الاحتمالين تدور اقوال المفسرين وكان عليه السلام يعرف بالامين وشهر به قبل النبوة وبعدها. ولا يعرف في مكة صلى الله عليه وسلم الى النبوة الا بالصادق الامين. وكان وصف الامانة مرتبطا بشخصه الكريم صلى الله عليه وسلم على ان الامانة كان خلقا تتصف به العرب وتتفاخر به. فكان صلى الله عليه وسلم مضرب المثل في قريش ومكة والعرب بصدق وامانته فكان امينا قبل الاسلام قبل البعثة قبل النبوة والوحي عليه الصلاة والسلام كان امينا فما ظن بامانته بعد ان اصطفاه ربه بعد ان اوكل اليه امانة الدين وتبليغ الرسالة والوحي الذي ينزل عليه من فوق سبع سماوات كانت امانته عليه الصلاة والسلام قبل النبوة فبعدها كانت اعظم له صلى الله عليه وسلم وسماه العباس في شعره مهيمنا في قوله ثم احتوى بيتك المهيمن من خندفع الياء تحتها النطق قيل المراد يا ايها المهيمن قال قاله القتبي والامام ابو القاسم للقشيري العباس سمى نبينا صلى الله عليه وسلم مهيمنا في هذا البيت الذي سمعت ولان لا تظن ان هذا مما لا يليق به الوصف فليست هي الهيمنة المطلقة كما تقدم بك. الله عز وجل وصف القرآن في القرآن بالهيمنة. فقال سبحانه وانزلنا اليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه. فالقرآن مهيمن على الكتب السابقة. ما معنى الهيمنة للقرآن هنا في الاية؟ القرآن شاهد على ما سبق من الكتب مصدق لما جاء فيها. فكلام الله يصدق بعضه بعضا. وما انزل الله في التوراة والانجيل والزبون والقرآن فكله من كلام الله جل وعلا يشهد بعضه بصدق بعض ولان القرآن اخر كتب الله المنزلة على انبيائه عليهم الصلاة والسلام فان ما في القرآن شاهد على ما سبق في الانبياء والمرسلين او بمعنى الامين. فالقرآن امين على الوحي وعلى دين الله وكلا المعنيين ثبتا عن ابن عباس رضي الله عنهما حبر الامة وترجمان القرآن. اذا فهمت هذا ادركت ان الهيمنة يوصف بها الشيء العظيم من امر الله فالقرآن كلام الله مهيمن ونبينا صلى الله عليه وسلم وصفه بالهيمنة في هذا السياق له دلالة بمعنى الشهادة ومعنى التصديق وبمعنى الامانة فكلها ثابتة له صلى الله عليه وسلم وقال تعالى يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ان يصدق نعم في سورة التوبة في سياق الرد على اهل النفاق من في قلبه مرض قال ربنا عز اسمه ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو اذن يعني يعطي اذنه استماعا لكل متكلم وقائل ومن ينقل الكلام ومن ينم ومن يغتاب يقولونه اذن فكان الجواب دفاعا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وذبا عن جنابه الشريف قل اذن خير لكم نعم يسمع الحق عليه الصلاة والسلام ويصدقه ويقويه في قلوب المؤمنين من اصحابه. قل اذن خير لكم بالله ويؤمن للمؤمنين. اذا كان مؤمنا عليه الصلاة والسلام ويؤمن للمؤمنين قال اي يصدقوا المؤمنين قيل اللام زائدة وهي للتفريق بين الايمان بمعنى التصديق والايمان بمعنى الشهادة والحفظ وهو في مثل قوله تعالى قالوا انؤمن لك وانما يتعدى الايمان وانما يتعدى الايمان بلا حرف ومنه ايضا قوله تعالى وما انت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين. فالشاهد انه وصفه الله عز وجل بقوله ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين امنوا منكم. نعم وقال صلى الله عليه وسلم انا امنة لاصحابي فهذا بمعنى المؤمن بمعنى المؤمن فهذا بمعنى المؤمن انا امنة لاصحابي تقدم بكم سابقا فيما جعل الله عز وجل من الامان لامة محمد صلى الله عليه وسلم ببقائه صلى الله عليه وسلم بين ظهرانيهم. او ما قال ربنا عز وجل وما كان الله ليعذبهم وانت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون. فكان امانا عليه الصلاة والسلام الامان هنا بمعنى انه كان مؤمنا امته من العذاب طالما بقي فيهم صلوات ربي وسلامه عليه. نعم ومن اسمائه تعالى القدوس ومعناه المنزه عن النقائص المطهر من سمات الحدث. وسمي بيت المقدس لانه يتطهر فيه من الذنوب. ومن ومنه الوادي المقدس وروح القدس. هذا الاسم الخامس والعشرون في هذا الفصل من اسماء الله تعالى القدوس وقد جاء في غير اية من كتاب الله الله قدوس وهذه الصيغة المبالغة من القداسة. وهي النزاهة والطهارة والجلال. فالله يعني كثير القداسة سبحانه. منزه عن كل عيب ونقص جل في علاه. اعظم العظماء واعظم ومن تنزه عن النقائص رب العزة والجلال ومنه سمي بيت المقدس قيل لانه يتطهر فيه من الذنوب. وهكذا هي سائر بيوت الله جل وعلا. ومنه سمي الوادي المقدس فاخلع اليك انك بالوادي المقدس طوى. ومنه ما سمى الله به جبريل عليه السلام وايدناه بروح القدس. فالقداسة تدور على معنى النزاهة والطهارة والجلال والترفع عن النقائص بمعنى الكمال فانه سميت تلك الاسماء واسم الله القدوس قائم على هذا المعنى العظيم. نعم. ووقع في كتب الانبياء في اسمائه عليه السلام المقدس اي المطهر من الذنوب كما قال تعالى ليغفر لك الله ما تقدم فمن ذنبك وما تأخر او الذي يتطهر به من الذنوب. ويتنزه باتباعه عنها. كما قال ويزكيهم وقال تعالى ويخرجهم من الظلمات الى النور او يكون مقدسا بمعنى مطهر من الاخلاق الذميمة والاوصاف الدنيئة. هذا اسم الله القدوس. فما حظ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من معنى هذا الاسم العظيم الذي تسمى الله عز وجل به اولا اعلم رعاك الله انه ليس في كتاب الله ولا في صحيح ثابت من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم انه سمي النبي عليه الصلاة سلام باسم القدوس ولما اراد المصنف ايراد هذا المعنى المشتق من اسم الله القدوس صرح فقال وقع في كتب انبياء في اسمائه عليه الصلاة والسلام المقدس اذا فليس في القرآن وليس في السنة الصحيحة انه عليه الصلاة والسلام وصف نفسه او سماه نفسه بالمقدس انما هو هو على ما في كتب بعظ الانبياء السابقين. فاذا اردت ان تفهم معنى اسم المقدس له عليه الصلاة والسلام فارجع به الى اصل المعنى اما قلنا القداسة هي الطهارة هي النزاهة من النقائص والعيوب فهو مطهر من الذنوب. او ما قال الله له ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك. او ما قال الله له ووضعنا عنك وزرك الذي انقض ظهرك فكان منزها عن الذنوب كان مغفورا له بابي وامه عليه الصلاة والسلام الا يصح ان تفهم معنى اسم المقدس الذي ثبت له في كتب الانبياء السابقين عليهم السلام اورد الامام القاضي عياض هنا رحمه الله معنى اخر يمكن ان يفهم من اسم المقدس قال او الذي يتطهر به من الذنوب ويتنزه باتباعه عنها. يعني ان يحصل الطهارة من الذنوب وان يحصل ايضا التزكية لاحدنا من امته عليه الصلاة والسلام باتباعه. لان الله قال هو الذي بعث في الاميين رسولا منه هم يتلو عليهم اياته ويزكيهم. فتزكيته لامته عليه الصلاة والسلام كيف تكون لانه جاءهم بما يصلح القلوب بالرقائق والمواعظ بنور الوحي بماء القرآن الذي يغسل بواطن العباد وظواهره فكان في هذا تمام التزكية. فيحصل لامته تزكية وتطهير باتباعه عليه الصلاة والسلام هذا معنى اخر لكنه لا يستقيم مع اسم المقدس على صيغة اسم المفعول لانه لو اردت هذا المعنى فيكون المقدس هو امته المتبعة له عليه الصلاة والسلام. ويكون هو مقدسا باسم الفاعل. ولهذا ضعف بعض اهل العلم اشتقاق هذا المعنى للدلالة على اسم المقدس بصيغة اسم المفعول نعم ومن اسمائه تعالى العزيز ومعناه الممتنع الغالب او الذي لا نظير له او المعز لغيره وقال تعالى ولله العزة ولرسوله. اي الامتناع وجلالة القدر. الله عز وجل عزيز وتعالى. اعظم من اتصف بالعزة في الكون رب العزة جل في علاه. الله عزيز. وكم وصف نفسه وتسمى في كتابه العظيم بالعزيز والعزة اعظم عزيز في الكون ربنا وخالقنا جل في علاه. فهو عزيز لا يغلب. قاهر لا يهزم عظيم لا يرام جنابه سبحانه وتعالى. الله عزيز ويعز من اتصل به من خلقه من عباده من اوليائه من انبيائه ورسله وينزل العزة والنصر على من شاء سبحانه ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين. ايبتغون عندهم العزة فان العزة لله جميعا. من كان يريد العزة فلله العزة جميعا. فتفرد سبحانه واستأثر بالعزة وما اعتز عزيز الا باعزاز الله ومن حجب الله عنه عز وجل من حجب عنه رداء العزة فقد ذل. فالله عزيز. ويعز من شاء ويذل من شاء سبحانه وتعالى فهو له مقاليد السماوات والارض. فالعزة له سبحانه والعزة منه سبحانه وتعالى هذا اسم الله العزيز الممتنع الغالب الذي ينصر من شاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء جل وعلا. فالله عز وجل لا تسمى بالعزيز واتصف بالعزة سبحانه ومن اعظم ما يملأ فؤاد العبد ركونا الى ربه واتصالا والتجاء اليه وافتقارا بين يديه اسم الله العزيز. وشعوره وامتلاء قلبه بعظمة الله في عزته سبحانه وتعالى. ووالله ما يجبر القلوب الكسيرة بمثل ما تمتلئ عزة بالله. ولا يصبر النفوس المظلومة شيء بمثل اعتزازها بعزة الله ولا قام هذا الكون في نصرة المؤمنين والصادقين الا بعزة الله سبحانه وتعالى. هذا اسم الله العزيز وقد جعل الله لنبينا صلى الله عليه وسلم من العزة نصيبا. اعز الله نبيه محمدا عليه الصلاة والسلام. بمعنى رفع له قدره واجل مكانته في امته. وما الذي كنا فيه منذ بدء هذه المجالس؟ في بيان عظيم المكانة ورفيع القدر وشريف المرتبة التي خص الله بها نبينا عليه الصلاة والسلام الا لونا من ازل عزيز لنبيه الكريم صلى الله عليه واله وسلم. وقد قال الله ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين هي عزة الايمان بالله. هي عزة الاعتزاز بدين الله ونصره وتأييده سبحانه. فقد كانت المناعة وجلالة قدري ورفيع المكانة لكل من اعتز بالله وما من شك ان الله يعز عباده الصالحين واولياءه المتقين ولرسله الكرام عليهم السلام من عزة الله اوفر الحظ والنصيب. واما محمد صلى الله عليه وسلم فاعظم عزيز للبشر اعزه الله سبحانه وتعالى بعزته جل وعلا نعم. وقد وصف الله تعالى نفسه بالبشارة والنذارة فقال يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وقال تعالى ان الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله وقوله تعالى بكلمة منه نعم هذان ايضا وصفان وهما السابع والعشرون والثامن والعشرون في هذا الفصل البشارة والنذارة التي اتصف الله سبحانه وتعالى بهما. واتى المصنف بايات ثلاث فيها اثبات صفة البشارة لله فقال عن اهل الايمان يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم وقال سبحانه عن بعض انبيائه ان الله يبشرك بيحيى. فنادته الملائكة يعني زكريا عليه السلام. وهو قائم يصلي بالمحراب ان الله يبشرك بيحيى. فالله بشره ومن صفاته سبحانه البشارة. وقال ايضا بكلمة منه في مريم بابنها عيسى عليه السلام. واما النثار فانها في بعض الايات ومنها قوله عز اسمه وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا ما لهم به من علم ولا لابائهم. فالله عز وجل يبشر عباده بالرحمة والرضوان والجنات وبالخيرات والكرامات وبالسعادة وتحقيق المنى واجابة الدعاء هذه بشارات واحدنا ايا كرام يجد من روح الله ورحمته في هذه الدنيا ما يعده في عداد البشارات من الله. بل ان الرؤيا الصالحة التي يراها العبد المؤمن هي من البشارات. قال النبي عليه الصلاة والسلام في بيان ما مضى من النبوة صلى الله عليه وسلم لبابها قال وتبقى المبشرات ثم فسرها بانها الرؤيا الصالحة التي يراها المؤمن وهي جزء من بضع واربعين جزءا من النبوة كما قال صلى الله عليه وسلم. اذا مبشرات الله لعباده تتتابع ولا يزال العبد كلما صدق في صلته بالله واستقام على امر الله واخلص في سيره الى الله يرزقه الله من البشارة ما يثبت به قدميه على الحق وما يدفع عنه الريب والشبهات وما يفرج به عنه الكرب والملمات. والله عز وجل رؤوف بعباده لطيف بهم وتعالى. هذه بشارة الله واما نذارته عز وجل فلمن عصى وتكبر. لمن كفر وتجبر لمن هديه وحاد عن الصراط المستقيم. فما يزال الله عز وجل يسوق عباده بالنذارة واعظم النذر تلك كالايات التي يرسلها الله يخوف بها العباد. فيعودون الى رشدهم ويفوقون من سكرتهم ويلزمون هديه سبحانه تعالى وما زالت الندارات على ايدي الانبياء والرسل وايات الله تتلى ومواعظ القرآن تقرأ وتسمع وما زالت ايضا في حياة الواحد منا يذل ويخطئ وتغلبه نفسه الامارة بالسوء فيحرم شيئا من رزقه وشيئا من نعيم دنياه ويفوته شيء من مصلحة كان ينتظرها فتكون نذارة له. فيفيق ويرعوي ويعود تائبا نادما مستغفرا. فالله عز وجل يتولى عباده بالبشارة والنذارة. هذه من صفات ربنا دالتي على عظمته وقيوميته عز وجل. فانظر كيف جعل الله من هذين الوصفين لنبينا صلى الله عليه وسلم ايضا معنى ذا صلة بالبشارة والنذار. نعم وسماه الله تعالى مبشرا ونذيرا وبشيرا. اي مبشرا لاهل طاعته ونذيرا لاهل معصيته. نعم قال عز وجل انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا. فكان مبشرا ونذيرا بنص القرآن وقال سبحانه وما ارسلناك الا كافة للناس بشيرا ونذيرا. ولا قامت دعوته عليه الصلاة والسلام ولا بين البيان لامته عليه الصلاة والسلام. ولا بلغ الوحي عليه الصلاة والسلام. ولا قاد الجيوش عليه الصلاة والسلام ولا ام ولا خطب ولا تكلم ولا وعظ ولا امر ولا نهى عليه الصلاة والسلام الا بين هذين الامرين طيب بشارة تارة ونذارة تارة. يبشر المؤمنين من اتباعه من المستجيبين لدعوته المتبعين لسنته في الدنيا بالنصر والتمكين والفرج بشرهم في الدنيا بالفتوحات وبانتصار الدين والتمكين له الى قيام الساعة. وبشرهم في الاخرة بما لهم من السبق وبما لهم من الحظ وبما لهم من الحفاوة على سائر الامم يوم القيامة. بشرهم بالحوظ والشفاعة. بشرهم عليه الصلاة السلام بدخول الجنان قبل سائر الامم. بشرهم بانهم اكثر الخلائق او اكثر الامم يوم القيامة دخولا جنة الله وما زالت بشاراته عليه الصلاة والسلام تنشط قلوب العباد وتحثهم نحو الاجتهاد. واما نذارته عليه الصلاة والسلام ذاك الوعيد الذي بينه لامته يحذرهم ويخوفهم سخط الله وغضبه سبحانه ومخالفة سنته عليه الصلاة والسلام ينذرهم ويحذرهم بما يكون لهم من شؤم المعاصي في الدنيا ومن وخيم عقابها في الاخرة فكانت له البشارة والنذار التي كان ولا يزال العلماء والدعاة يقتفون اثره فيها عليه الصلاة سلام. فيبينون لعموم الامة معالم هذا الدين بالبشارة والنذارة. لان قلوب العباد انما تستقيم على هذين الامرين بشارة ونذارة فتستجيب لداعي الله وتقبل على صراطه المستقيم ومن اسمائه تعالى فيما ذكره بعض المفسرين طه وياسين. وقد ذكر بعضهم ايضا انهما من اسماء محمد صلى الله عليه وسلم. وشرف كرم نعم ختم المصنف هذين الاسمين او ختم بهذين الاسمين هذا الفصل اسم طه وياسين وهما التاسع والعشرون والثلاثون. قيل في تفسير هذين الاسمين انهما من اسماء الله تعالى وان كان هذا تفسيرا مرجوحا وقولا ليست عليه دلائل القوة والترجيح لكنه على ما قيل فيهما وعلى ما قيل في تفسير اخر انهما اسمان من اسماء النبي عليه الصلاة والسلام. وتقدمت بكم الاشارة سابقا انه لا تصح اثبات طه وياسين في اسمائه صلوات الله وسلامه عليه. لكنه على احد هذين القولين اخرج المصنف رحمه الله هذين الاسمين في هذا الفصل. بعدما تم الفصل هذا ايها المباركون. ختم المصنف بالفصل الاتي وجعله ختاما لهذا الباب الثالث باكمله. فيما جاء من الاثار الدالة على عظيم قدر المصطفى صلى الله عليه وسلم عند ربه جل وعلا. وقد مرت بكم فصول عقدنا لها مجالس متتابعة بفضل الله. هذا الفصل متعلق بالقضية التي ما زلنا فيها منذ ثلاثة مجالس. هذه الاسماء التي اشتق الله عز وجل لنبيه عليه الصلاة والسلام اسماء له من اسمائه سبحانه على اي نحو سنفهم اشتراك الخالق مع المخلوق في بعض الاسباب او في بعض الاوصاف عليك ان تقرر فيما يستقر في قلبك من عقيدة الايمان بالله ان الله عز وجل له الوحدانية المطلقة في ربوبيته كماله في الوهيته كما له التفرد التام جل وعلا بالوحدانية في اسمائه في وصفاته فكيف اجمع بين وحدانيته سبحانه في اسمائه وصفاته وبين اشتراك بعض خلقه معه في بعض الاسماء او في بعض الاوصاف هذا تقرير علمي متين يسوقه الامام القاظي عياظ رحمه الله ليفهم الم تعلم ان اثبات بعظ الاسماء للنبي عليه الصلاة والسلام او بعض الاوصاف مما هي اسماء في اصلها لله او صفات لله تعالى انها لا تقتضي بوجه ما المشابهة بين المخلوق والخالق البتة ولا الاشتراك في شيء الا في الاسم فقط واللفظ. اما المعنى فلا يلحق مخلوق بخالق ولا يشبه الخالق وبخلقه عز وجل لكنه من المسائل العلمية التي احسن المصنف رحمه الله تقريرها في هذا الموضع من هذا الباب نعم فصل في ان ذات الله تعالى لا تشبه ذوات المخلوقين وصفاته تعالى لا تشبه صفات المخلوقين قال القاضي ابو فضل رضي الله عنه وها انا اذكر نكتة ازين بها هذا الفصل. المقصود بالنكتة هنا هي المسألة العلمية اليسيرة الدقيقة او اللطيفة التي تحتاج الى اعمال فهم. فالنكت العلمية المقصود بها الدقائق التي يحسن بطالب العلم ان يتنبه لها ويقف عليها. نعم. واختم بها هذا القسم وازيحوا الاشكال بها فيما تقدم عن كل ضعيف الوهم. سقيم الفهم تخلصه من مهاوي التشبيه. وتزحزحه عن شبه التمويه. وهو ان يعتقد ان الله تعالى جل اسمه في عظمة وكبريائه وملكوته وحسن اسمائه وعلي صفاته لا يشبه لا يشبه شيئا من مخلوقاته ولا ولا يشبه به. وان ما جاء مما اطلقه الشرع على الخالق وعلى المخلوق فلا تشابه بينهما بالمعنى الحقيقي اذ صفات القديم بخلاف صفات المخلوق فكما ان ذاته تعالى لا تشبه الذوات كذلك صفاته لا لا تشبه لا تشبه صفات المخلوقين. نعم. هذه القاعدة الاولى التي لا يختلف عليها اثنان السنا نثبت وذاتا لله جل وعلا بها يثبت وجود الله سبحانه هل الله موجود؟ الجواب نعم. فلله ذات الله وحده اعلم بها اذا اثبتنا ذات لله وللمخلوقين ذوات التي هي انا وانت وكل مخلوق فهل كان اثبات الذات لله يستلزم بوجه ما تشبيها بذوات المخلوقين؟ الجواب لا ولا يتشابه الا الاسم ان لله ذاتا وللمخلوق ذاتا فكذلك القول في الصفات ومن قواعد اهل العلم في باب الاسماء والصفات قولهم القول في الصفات كالقول في الذات. يعني ما نقرره في اثبات الله اثباتا لا يستدعي تشبيها ولا يستلزم تعطيلا فكذلك الشأن في صفات الله سبحانه وتعالى قال اذ صفات القديم بخلاف صفات المخلوق المقصود بالقديم هنا هو الخالق سبحانه والاولى في التعبير عن شيء يتصل بذات الله اطلاق ما ثبت في القرآن والسنة على انه اصطلح بعض اهل العلم على اطلاق القديم على الله جل جلاله. والاولى وصفه بالخالق او تسميته الاعظم الله جل وعلا. اذ صفات الله الخالق بخلاف صفات المخلوقين. نعم. فكما ان ذاته فكما ان ذاته تعالى لا تشبه الذوات. كذلك صفاته لا تشبه صفات المخلوقين. اذ صفاتهم لا تنفك عن الاغراض قوى الاعراض وهو تعالى منزه عن ذلك. بل لم يزل بصفاته واسمائه. وكفى في هذا قوله ليس كمثله شيء قال رحمه الله فكما ان ذاته تعالى لا تشبه الذوات. كذلك صفاته لا تشبه صفات المخلوقين. وانا اقرب لكم الصورة يا كرام دعك مما يتصل بالخالق سبحانه وتعالى وقارن بين المخلوقات مع بعضها. لو اثبتنا صفة الوجه لبعض مخلوقات فتقول للفيل وجه وللانسان وجه وللسمكة وجه اما رأيت انها اشتركت باسم الوجه لكن هل اثبات الوجه للفيل يشبه وجه السمكة او يشبه وجه الانسان؟ الم يسم كله وجها اذا فهمت هذا ادركت بداهة ان اطلاق الاسم او صفة ما تتعدد محلاتها وتختلف انحاء ان الاشتراك في الاسم لا يدل على الاشتراك في المسمى. وان اتحادها في اللفظ لا يدل على الاتحاد في المعنى هذه واحدة واما الثانية السنا نؤمن يا كرام بما ذكر الله من نعيم الجنة وما فيها من نخيل وعنب ورمان وعسل ولبن وانهار طيور واشجار وسائر ما ذكرت النصوص في وصف الجنة ونعيميها وليس في شيء من نعيم الجنة شيئا يشبه نعيم الدنيا اطلاقا. اولم يقل عليه الصلاة والسلام فيها ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر انا وانت لما نسمع ايات القرآن واحاديثه عليه الصلاة والسلام وهي تصف نعيم الجنان. الجنات والانهار والنخيل والرمان العنب. صحيح نتخيل ما نعرفه من فواكه الدنيا ونعيمها. لكن لا والله ليست هي بالمذكورة المقصودة في النصوص وكما قال ابن عباس ليس في الجنة من النعيم مما في الدنيا شيء الا الاسماء. ماذا يقصد يقصد انه الاسم فقط الذي نسميه رمانا هو الاسم الموجود في الجنة بالرمان او النخيل والعنب. لكن اما حقيقته فكما قال عليه الصلاة والسلام لا خطر على قلب بشر فمهما تفكرت فيه لن يحيط به خيالك. يا رجل اذا كان هذا في المخلوقات مخلوق كن في الدنيا مع مخلوق في الاخرة لا نستطيع تصور شيء من المفارقة وان مجرد الاشتراك في الاسم لا يمكن ان يقارب الحقائق والمعاني بالله عليك كيف تريد ان يتسرب الى الوهم شيء مما يتعلق بتسوية خالق بالمخلوق سبحانه. ونحن نقرر ان المخلوق احيانا لا يشبه بمخلوق مثله. فماذا عن الخالق جل وعلا اذا تقرر هذا زال عنك الوهم وعرفت ان اسماء الله سبحانه التي يمكن ان يتسمى بها بعض الخلق او التي يمكن ان يوصف بها بعض خلقه لا تشترك الا في الاسماء واما الحقائق فشتان على سبيل المثال. الله عز وجل كريم ومن العباد ايضا من يوصف بانه كريم وشتان بين كرم الله وكرم خلقه سبحانه وتعالى الله عز وجل رحيم والام رحيمة والاب رحيم وبعض الخلق رحماء. وشتان بين رحمة الخالق ورحمة المخلوق وقل مثل ذلك في كل ما يمكن ان يشترك فيه مخلوق مع الخالق في بعض الاسماء او بعض الصفات. نعم ولله در من قال من العلماء العارفين المحققين التوحيد اثبات ذات غير مشبهة للذوات ولا معطلة من الصفات معطلة ولا معطلة من الصفات وزاد هذه النكتة الواسطي رحمه الله بيانا وهي مقصودنا فقال ليس كذاته ذات ولا كاسمه اسم ولا كفعله فعل ولا كصفته صفة الا من جهة موافقة اللفظ اللفظا وجلت الذات القديمة ان يكون لها صفة حديثة كما استحال ان يكون للذات المحدثة صفة قديمة وهذا كله مذهب اهل الحق والسنة والجماعة. رضي الله عنهم. وهذا المذهب الحق الذي وفق الله له اهل اهل السنة والجماعة جاء وسطا بين فئتين منتسبتين للاسلام اخطأتا في باب الاسماء والصفات احداهما رأت ان المشاركة في الاسماء والتشابه يقتضي تسوية. فشبهت المخلوق بالخالق عياذا بالله وفئة اخرى خشيت من هذا التشبيه فآل بها الامر الى نفي صفات الله. كما ذهبت اليه المعتزلة ومن وافقهم فانهم انما نفوا صفات الله فرارا من التشبيه ورغبة في التنزيه زعموا وظنوا انه لا يمكن اثبات عظمة الله الا بنفي تلك الصفات. وظنوا ان اثبات الصفات يستلزم التشبيه والحق ما تقدم بيانه انه اثبات بلا تشبيه وانه اثبات ايضا بلا تعطيل فالحق وسط الذي وفق الله له اهل الحق اهل السنة والجماعة في باب الاسماء والصفات. على انه قدم قبل قليل معنى اخر ان الصفات في المخلوقين ناشئة اما من عرض او غرض اي صفة في او فيك عبد الله؟ انما هي لمصلحة ترتجى وهي ايضا زائلة يوما ما. وهذان امران جوهريان يفارق فيهما الخالق صفات مخلوقاته. فصفات ربنا ليست اغراظا ليست لمصالح وليست لاهداف ومقاصد. كما ان صفاته سبحانه وتعالى ذاتية نية ليست كصفات المخلوقين. نحن معاشر العباد يتقرر عندنا ان العلم بالتعلم. وان الحلم بالتحلم وان له يكتسب احدنا من الصفات والاخلاق الحميدة بقدر ما يروض نفسه بالله عليك مثل هذا المعنى شتان ان يشترك في وصفه عبد مع صفة اشترك فيها اللفظ فقط مع صفات الله سبحانه وتعالى. فهذا امر بين واضح. وانما قصد العلماء بيانه لتقرير الخطأ الذي قررته بعض الطوائف. اما في نفي صفات الله رغبة في التنزيه واما ايغالا في الاثبات المستلزم للتشبيه وكلا طرفي قصد الامور ذميم والحق الذي تقرر مما سمعت قبل قليل. نعم وقد فسر الامام ابو القاسم القشيري رحمه الله قوله هذا ليزيده بيانا فقال هذه الحكاية تشتمل على جوامع مسائل التوحيد وكيف تشبه ذاته ذات وكيف تشبه ذاته؟ وكيف تشبه ذاته ذات المحدثات؟ وهي بوجودها مستغنية وكيف يشبه فعله فعل الخلق وهو لغير جلب وهو لغير جلب انس او دفع نقص حصل ولا لخواطر واغراض وجد. ولا بمباشرة ومعالجة ظهر وفعل الخلق لا يخرج عن هذه الوجوه. نعم. وهذا ايضا اصل عظيم. ان صفات الخلق وافعالهم وسائر ما يصدر عنهم امر في غاية النقص بل حتى يا كرام حتى ما يتمدح به احدنا من صفات الكمال. هي في الحقيقة كمال يغطي به عيبه الناقص فيه ويتزيى به ويتجمل حتى يبلغ درجة الحسن والكمال والرضا في اعين الناس. واما صفات ربنا سبحانه فانما هي عظمة متتابعة تستقر في قلوب المؤمنين من عباده ان ربنا جلت قدرته وتقدست اسماؤه له من اسماءه الحسنى وصفاته العلى ما تزيد المؤمن ايمانا. وما تجعل الكافر يقف على عظمة ربه به فيقبل عليه ايضا ايمانا. فهذا الفرق الكبير كيف يشبه في فعله فعل الخلق وهو كما قال هنا لغير جلب انس او دفع نقص حصل ولا لخواطر واغراض وجد ولا بمباشرة ظهر وفعل الخلق دائر على هذه الوجوه نعم وقال اخر من مشائخنا ما توهمتموه باوهامكم او ادركتموه بعقولكم فهو محدث مثلكم. نعم ام هذا جزء من اجوبة اهل العلم اللطيفة؟ سائر ما يتسرب الى الاذهان من الافهام الفاسدة ففساده قائم على كونه فهما محدثا. قال ما توهمتموه باوهامكم او ادركتموه بعقولكم فهو محدث مثلكم يعني لا يمكن ان يكون فعلا يدل على ذات الله لانها ليست محدثة. فما حدث في الاذهان وتوهمته العقول فابعد ما يكون عما حجب الله عز وجل عنه عقول خلقه بادراك كونه ذاته وقال الامام ابو المعالي الجويني من اطمئن الى موجود انتهى اليه فكره فهو مشبه. ومن اطمئن الى النفي المحض فهو معطل وانقطع بموجود اعترف بالعجز عن درك حقيقته فهو موحد. نعم هذه اشارة في كلام امام الحرمين الى توسط ومذهب اهل السنة بين نفاة الصفات وبين الغولات في الاثبات الى حد التشبيه. من اطمأن الى موجود اليه فكره يعني تخيل وتصور فهو مشبه. ومن اطمأن الى النفي المحض يعني ما زال يبالغ في التنزيل بالنفي قال فهو معطل. وان قطع بموجود اعترف بالعجز عن درك حقيقته فهو موحد. يقصد في الصفات وكيفياتها. نعم. وما احسن قول ذي النون المصري. حقيقة التوحيد ان تعلم ان قدرة الله تعالى في الاشياء بلا علاج. وصنعه لها وصنعه لها بلا مزاج. وعلة كل لشيء صنعه ولا علة لصنعه وما تصور في وهمك وما تصور وما تصور في وهمك فالله بخلافه. وهذا كلام نفيس محقق. يقول ذو النون حقيقة التوحيد ان تعلم ان قدرة الله تعالى في الاشياء بلا علاج. يعني لا تحتاج الى معالجة ومكابدة فقدرة الله في غاية ما اراد الله ان يقول له كن فيكون. وصنعه لها بلا ميزان فالله لا يحتاج في صنع خلقه وخلقهم الى شيء يمزجه بشيء كما يصنع الخلق اذا ارادوا صنعة شيء ان تكون لهم الة ومادة تكون بها الاشياء. لكن الله عز وجل اعظم من ذلك واجل. قال وعلة كل شيء صنعه ولا علة لصنعه والله عز وجل منزه عن كل ذلك. نعم والفصل الاخر تفسير لقوله ليس كمثله شيء قسم كلام ذي النون على بعض الشواهد في القرآن. قال وما تصور في وهمك فالله بخلافه يستدل له بقوله تعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير والثاني تفسير لقوله لا يسأل عما يفعل وهم يسألون. يقصد جملة وعلة كل شيء صنعه ولا لصنعه لا يسأل عما يفعل وهم يسألون فاستدل لها بهذه الاية والثالث تفسير لقوله انما قولنا لشيء اذا اردناه ان نقول له كن فيكون. نعم واعاد هذه الاية بالاستدلال لها في الجملة الاولى حقيقة التوحيد ان تعلم ان قدرة الله تعالى في الاشياء بلا علاج. انما هو امر يتوقف على قوله سبحانه كن فيكون ثبتنا الله واياك على التوحيد والاثبات والتنزيه. وجنبنا طرفي الضلالة والغواية من التعطيل بمنه ورحمته امين وجعلنا واياكم من الهداة المهتدين. يا كرام هذه الليلة الفاضلة الشريفة الكريمة تزهو وتزدان وتكثر حسناتها وخيراتها بالاستكثار من الصلاة والسلام على امام الهدى ونبي الرحمة وسيد الورى صلى الله عليه وسلم ومحمد يحلو الكلام بذكره بل ذكر احمد في القلوب اقيما صلى الله يا خير الورى صلوا عليه وسلموا تسليما. اللهم صلي وسلم وبارك عليه صلاة وسلاما دائمين ابدا ونسألك اللهم علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء. اللهم ات نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. وصل يا ربي وسلم وبارك