احمد ربي تعالى واشكره واستعينه واستغفره واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله امام الانبياء وخاتم المرسلين. وحبيب رب العالمين صلى الله عليه وعلى اله وصحبه اجمعين. وبعد فهذه الليلة الشريفة المباركة الكريمة هي ليلة الجمعة وقد خصها الله جل وعلا بخير وفضل وبركة عن سائر ليالي ايام الاسبوع. ومن بركات هذه في الليلة الشريفة استكثار اهل الاسلام فيها من الصلاة والسلام على سيد الانام ونبي الاسلام. صلى الله عليه وسلم لم امتثالا لقوله صلوات ربي وسلامه عليه اكثروا من الصلاة علي ليلة الجمعة ويوم الجمعة فطفق اهل الاسلام يتتابعون يستكثرون يتنافسون بكثرة صلاتهم وسلامهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم يستكثرون من الصلاة والسلام على من ملأ حبه قلوبهم عليه الصلاة والسلام. يستكثرون من الصلاة والسلام على من لا يزال نبراسا وسيرته قدوة واسوة ودليلا لامته صلى الله عليه وسلم يستكثرون من الصلاة والسلام على من علموا ان الله احبه فصلى عليه. يستكثرون من الصلاة والسلام على من علموا ان الله سخر ملائكته الكرام للصلاة والسلام عليه صلى الله عليه واله وسلم. ايها الاحبة الكرام هذا نبينا محمد بن عبدالله صلوات الله وسلامه عليه. ما زالت سيرته العطرة تروي امته. في كل باب من ابواب الحياة ولا يزال اهل الاسلام يسيرون في دروب الحياة يستهدون بهدى نبيهم صلى الله عليه وسلم. يقودهم حبه العظيم في قلوبهم عليه الصلاة والسلام. ويحذوهم في ذلك الشوق العظيم الى لقائه يوم العرض الاكبر. والفوز بشفاعته صلى الله عليه واله وسلم جاء الى الانام بفيظه والكون ازهر بالفؤاد وروضه صلوا عليه وسلموا فلعلنا يوم القيامة نرتوي من حوضه. فاللهم صل وسلم وبارك عليه. ثم ان هذا المجلس الذي ما زلنا نقلب صفحاته من كتاب الشفا بحقوق او بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم للامام القاضي عياض رحمه الله ما زال متتابعا بحمد الله. وقد شرعنا في الباب الرابع من الاول في الكتاب وهو الذي جعله الامام رحمه الله لمعجزات رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد تقدم في المجلسين الاولين من هذا الباب التعاريف التي يحتاجها من يقرأ في المعجزات. تعريف النبوة والرسالة والمعجزة والوحي. وخصائص معجزات نبينا صلى الله عليه وسلم. وهذا او ان الشروع في المعجزات تفصيلا. وسيشرع المصنف رحمه الله تعالى في ذكر معجزات نبينا صلى الله عليه وسلم معجزة معجزة. يذكر في كل معجزة منها وجوه العظمة والاعجاز ويبين في كل واحدة منها علو قدر النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم عند ربه عز وجل. وتأييده له بتلك الايات الباهرات والمعجزات القاهرات. واول المعجزات التي افاض فيها القاضي عياض رحمه الله في وشرحها والاسهام في شأنها هي اعظم معجزات نبينا صلى الله عليه وسلم اطلاقا. انها معجزة القرآن وقد خصها القاضي عياض بكلام اجمل فيه وابدع وامتع. وهو من اجود ما كتبه اهل العلم في بيان وجوه في اعجاز القرآن وما الذي احتواه هذا السحر العظيم كلام ربنا الجليل من وجوه الاعجاز التي كانت ولم تزل على مر الزمان اية باهرة وحجة قاهرة ودلالة على صدق نبوة المصطفى صلى الله عليه وسلم. ومن اللطيفة ان تكون فصول اعجاز القرآن ووجوه العظمة فيه التي سنبدأها الليلة ان شاء الله مستمرة مع في مجالس شهر رمضان ان شاء الله تعالى فيكون حديثنا فيه عن القرآن في شهر القرآن بما يربط فيه وجوه العظمة في هذا الكتاب العزيز للنبي الكريم صلى الله عليه واله وسلم. الحمدلله الذي جعل دراسة السيرة النبوية شفاء للقلوب والارواح وسببا للسعادة والفلاح وعوضا عن كل ما فات وراح. والصلاة والسلام وعلى نبينا محمد للشمائل الباطنة والظاهرة والفضائل الباهرة الزاهرة وعلى اله واصحابه الاخيار والتابعين لهم باحسان الى يوم القرار. غفر الله لشيخنا ولوالديه ولمشايخه وللمسلمين اما بعد فهذا هو مجلسنا السابع والسبعون من المجالس العامرة في هذه البقعة الطاهرة وباسانيدكم المتصلة كنسيم الرياض الى كتاب الشفا للقاضي عياض رحمه الله تعالى قال فصل في اعجاز القرآن. قال رحمه الله تعالى اعلم وفقنا الله واياك ان ان كتاب الله العزيز منطو على وجوه من الاعجاز كثيرة. وتحصيلها من جهة ضبط انواعها في اربعة وجوه نعم تقدم ايها الاحبة الكرام ان معجزات النبي صلى الله عليه وسلم على تعدد انواعها واختلاف باجناسها فانها لا تسوى شيئا بازاء معجزة القرآن الكريم. ومصداق ذلك في حديث الصحيحين قوله عليه الصلاة والسلام ما من نبي الا اوتي ما على مثله امن البشر الا وان الذي اوتيته وحيا اوحى الله الي فاني ارجو ان اكون اكثرهم تابعا يوم القيامة. فكون معجزة القرآن اعظم معجزاته على الاطلاق عليه الصلاة والسلام فان ذلك يدعونا الى الوقوف مليا عند وجوه هذه العظمة في اعجاز القرآن. لاي شيء يا امة القرآن بلغ القرآن هذه المرتبة في معجزات نبينا عليه الصلاة والسلام. اتكون معجزة القرآن عظم واوضح واقوى واكبر من انشقاق القمر مثلا اتكون معجزة القرآن اعظم واقوى واظهر وابهر من الاسراء والمعراج وسائر معجزاته عليه الصلاة والسلام كنبع الماء من بين اصابعه وتكثير الطعام بين يديه وتسليم الحجر عليه صلى الله عليه وسلم. وعد ما شئت من المعجزات. اتكون معجزة اعظم المعجزات اطلاقا واظهرها بيانا. واوضحها فيما يتعلق بتأييده عليه الصلاة والسلام واظهار حجته الجواب نعم والف نعم. انه كلام الله الذي لا يساويه شيء. ولم تزل معجزة القرآن على مر الزمان اية تتكرر في كل جيل. ونحن اليوم بعد اكثر من الف عام لا تزال امة الاسلام اعتصموا بكتاب الله ولا تزال جهود وكيد اعداء الاسلام يتهاوى امام القرآن. فكان القرآن لم يزل معجزة الامة الى يوم الساعة. وهذا هو ما يتعلق بكلام المصنف رحمه الله. واذا كانت وجوه الاعجاز في القرآن خير فان المصنف رحمه الله اراد ابراز معالم هذه الاوجه من الاعجاز وجعلها في اربعة انواع. وسيكون مجلس الليلة ان شاء الله في الوجه الاول فقط من هذه الوجوه الاربعة وهو ما يتعلق باسلوب القرآن وبلاغة القرآن وفصاحة القرآن ونظم اي القرآن وعجيب ما اشتمل عليه من الالفاظ والكلمات والسياق في اسلوب ساحر بديع اعجز العرب واقام الحجة وسطى على القلوب وفرض هيمنته على الكتب وكان له من الاثر في هداية الكافر وتثبيت المسلم وزيادة ايمان المؤمن ما اضحى اية بينة الى يوم القيامة. كم سمع القرآن من كافر فاسلم وكم سمع ايات القرآن من مسلم ضال فاهتدى وكم كان للقرآن اثره في ارتواء القلوب الدموع كم كان للقرآن اثر عظيم في انقياد القلوب وانشراح الصدور. كل ذلك عائد الى وجوه عظيمة هذا احد نظم القرآن واياته وروعة بيانه وهذا الذي جعله المصنف رحمه الله في هذا الفصل الاول من فصول لاعجاز القرآن وهو النوع الاول من انواع وجوه الاعجاز والعظمة فيه. قال رحمه الله تعالى اولها ها حسن تأليفه والتئام كلمه وفصاحته ووجوه اعجازه. وبلاغته الخارقة وبلاغته الخارقة عادة العرب الخارقة وبلاغته الخارقة عادة العرب وذلك انهم كانوا ارباب هذا الشأن وفرسان الكلام قد خصوا من البلاغة والحكم بما لم يخص به خيرهم من الامم واوتوا من درابة اللسان ما لم يؤتى انسان. ومن فصل الخطاب ما يقيد الالباب نعم اذا اردنا ايها الكرام ان نتحدث عن عجيب لظم القرآن ولفظه وروعة بيانه فلا بد ان هذا في سياق الحديث عما خص الله به امة العرب من فصاحة اللسان وروعة البيان. امة العرب امة لسان شعر ديوانها وتاريخها وكانت العرب ولم تزل تفخر فيما اوتيت به من حضارة امة العرب لسانها شعرا ونثرا وفصاحة حديثها وبيانها الذي كان ولم يزل شعارها. اجعل هذا بازاء ما ايد الله به محمدا الله عليه وسلم من معجزة القرآن. فان العرب ارباب هذا الشأن وفرسان الكلام. وقد اوتوا من البلاغة والحكم ما الم يؤتى غيرها من الامم ولهم من ذرابة اللسان يعني فصاحته وروعة بيانه وجميل عبارته ما لم يؤتى وقد اوتوا فصل الخطاب وجعل الله هذا في العرب طبيعة وخلقة. وكانوا يتعاهدون اولادهم بحسن البيان وروعة الكلام وتعلم الادب في اللسان. فهذا ما خص الله به امة العرب. فانظر كيف اعجز الله هذه امة العربية التي تفخر بلسانها كيف اعجزها ببيان القرآن وفصاحة القرآن فما استطاعت رغم ما اوتيت من عظيم البلاغة وروعة البيان ما استطاعت ان تضاهي القرآن. ولم يكن لها بوجه من الوجوه ان تجاري كلام الله جل على فكان هذا في تمام الاية الباهرة على معجزة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقرآن. قال رحمه الله جعل الله جعل الله لهم ذلك طبعا وخلقة وفيهم غريزة وقوة يأتون منه على بالعجب ويدلون به الى كل سبب. فيخطبون بديها في الليل. يخطبون فيخطبون في المقامات وشديد الخطب. نعم يخطبون بالضم صحيح نعم. يخطبون بديها في المقامات وشديد الخطب شديد الخطب وشديد الخطب. ويرتجزون به بين الطعن والضرب. ويمدحون ويقدحون يسألون ويتوصلون ويرفعون ويضعون فيأتون من ذلك بالسحر الحلال. نعم هذه هذه خصائص العرب في اللسان وهم بما اوتوا من البيان فانهم باستطاعتهم ان يجعلوا من صنوف العيش ما اشار اليه المصنف يأتون بفصيح الكلام على البديهة ويصلون في اعلى مراتب العجب روعة وبيانا. ويدلون بالكلام الفصيح البليغ الى كل سبب يريدون ولهم من الخطب ما ينشدونه في المقامات ولهم من الاشعار ما جعلوه من العظمة ان علقوه على دار الكعبة وفي جدرانها ويعقدون المجالس كل عام التي يجتمعون فيها في المواسم لانشاد الشعر والقاء الخطب كما كانوا يصنعون في عكاظ وفي ذي المجاز ومجنة فانهم يجتمعون لاجل هذه فتكون مواسم حافلة يقصدها الشعراء والخطباء يتبارون فيما ينشدون ويخطبون ويتكلمون فهم مع كل ذلك كان لهم اية كان لهم الة يتعاملون به في انماط الحياة وفي ميادين العيش. ولهم مع ذلك استخدام هذا اللسان شعرا ونثرا في ميادين الحروب اذا ما قامت بينهم. وفي ميادين المدح وفي الشعر بكل اظربه ومقاصده يمدحون ويقدحون يتوسلون يتوصلون يرفعون ويضعون ويأتون من ذلك بالسحر الحلال. كما قال القاضي عياض رحمه الله. واشار بذلك الى جزء من حديث صحيح البخاري الذي يقول فيه ابن عمر رضي الله عنهما قدم رجلان من المشرق قدم رجلان من اشرقي فخطب فعجب الناس لبيانهما فقال النبي صلى الله عليه وسلم ان من البيان لسحرا او ان بعض البيان لسحر. وقصد عليه الصلاة والسلام ان العرب في روعة بيانها يمكن ان تفعل بكلامها ما يفعل الساحر بسحره. ما الذي يفعله الساحر؟ يخيل اليك ما تراه عينك وليس هو على كذلك في الحقيقة فهم بروعة البيان يجعلك تعتقد وترى وتسمع ما ليس على الحقيقة. يأتي الى الشيء الوضيع التافه فلا يزال يمدحه حتى يرفع به شأنه الى اعلى المقامات. فيرفعون الوضيع. واذا ارادوا ذم شيء او القدح فيه سلطوا عليه لسانهم فقدحوا وذموا وهجوا حتى سقط في اعين الناس بالكلام كانت العرب تشعل الحروب وبالكلام كانت العرب تطفئ الخصومات. فعجبا لامة جعل الله قوتها في لسانها. وجعل ايتها في بيانها فجاء القرآن فغطى على كل ما وصلت اليه العرب من اوجه اللسان. واعجزها في هذا الباب الذي امتازت به عن الامم ان تكون مجارية لكلام الله او تأتي على شيء منه في سبيل المضاهاة اعجازا لهذا الكتاب العظيم وتأييد اذا لنبينا صلى الله عليه واله وسلم. فيأتون قال رحمه الله فيأتون من فيأتون من ذلك بالسحر الحلال ويطوقون من اوصافهم اجمل من اللآل. فيخدعون الالباب الصعاب فيطوقون من اوصافهم اجمل من سمط اللآل. سمط اللآلئ هو عقد اللؤلؤ اذا انتظم في بخيطه يقصد انهم ربما استطاعوا بالوصف الجميل وبالعبارة الرائقة ان يكون الوصف في جمال اذا عبروا عنه باللغة العربية اجمل من عقد اللؤلؤ. اذا علق على الاعناق. وهو يعطي في الوصف جمالا اجمل من انفس اللآلئ والجواهر لان العرب امة لسان كما اسلفت فكان هذا من جميل ما وصف به المصنف حال العرب في روعة البيان وعلو الشأن في اللسان. قال فيخدعون الالباب ويذللون الصعاب. كل ذلك لا بسلاح ولا بسيف ولا بمال انما هو باللسان والكلام وما اتاه الله من البيان. فيخدعون الالباب ويذللون الصعاب ويذهبون الاحاد ويذهبون ويذهبون الاحن ويهيجون الدم لمن ويهيجون الدمم ويجرؤون الجبان ويبسطون يد الجعد البنان ويصيرون الناقص كاملا ويتركون النبي خاملا. كل هذا تفعله العرب بكلامها ولسانها وبيانها. قال يذللون الصعاب ويذهبون الاحن وقصد بالاحن هنا الاحقاد والضغائن وما تكتنزه الصدور من سوء المقاصد والاحكام يذهبون الاحن بالكلام. تغسل الصدور ويزولوا ما فيها. ويهيجون الدمم. والمقصد بذلك انهم ربما سلوا الاحقاد بالكلام وربما اشعلوا الاحقاد ايضا بالكلام. والمقصود بالدمم في اصل اللغة ما تدمنه الابل ونحوها بابوالها وابعارها اكرمكم الله يعني ما تلبده في مرابضها. ثم سمي الحقد الذي يبقى في الصدر متلبدا بهذا المعنى انا اخذا منه بذلك التشبيه الذي يكون في حظائر البهائم. وان العرب بكلامها يمكن ان تحرك الاحقاد فتنشب الحروب ويمكن العرب بكلامها واشعارها ايضا ان تغسل ما في الصدور وان تعيد العلاقات وان تذهب ما بين العرب افرادا او جماعات وقبائل من كل اوجه الخلافات. ويجرؤون الجبان بالشعر ايضا والكلام ويبسطون يد الجعد البنان اصل الجعد وصف يكون للشعر. فاذا قيل شعر جعد يعني منثني ومنقبض قال جعد البنان والبنان اصابع اليد. وجعد البنان كان الاصابع المنثنية. وهو تشبيه بليغ للبخيل. قال يد الجعد البنان يستطيعون بمدحهم وبشعرهم يؤثرون في نفس البخيل فيبسط يده وينفق على خلاف كعادته ويصيرون الناقص كاملا ويتركون النبيه خاملا. كل ذلك اوتيته العرب بما من الله به عليها من اللسان والفصاحة والبيان. والقول الفصل والكلام والطبع الجوهري والمنزع القوي. ومنهم الحضري ذو البلاغة البارعة والالفاظ ناصعة والكلمات الجامعة والطبع السهل والتصرف في القول القليل الكلفة الكثير نقي الراقي الرقيق الحاشية. نعم. قال رحمه الله سواء كانت العرب بدوا او حضرا. فانهم في صفة البيان والكلام وروعة اللفظ والعبارة. منهم البدوي يعني من يعيش في البادية. بعيدا عن المدن والحظر ذو اللفظ الجزل والقول الفصل والكلام الفخم. والطبع الجوهري والمنزع القوي. وعرفت العرب في باديتها بسلام اللسان فانها ما اختلطت ولا تأثرت لا طبائعها ولا السنتها وكانت العرب تسترضع بنيها صغارا في البادية لاجل ان يشب الولدان على هذه المعاني. ولذلك استرضع نبينا صلى الله عليه وسلم في بادية بني سعد. وكانوا يفعلون ذلك حرصا على تنشئة الصغار على هذه المعاني العظيمة. فانظر كيف كانوا يبحثون حتى لصغارهم وولدانهم منذ التربية الاولى في نعومة الاظافر على تنشئة اللسان على اعلى المقامات. وان يكون يرتظع الفصاحة مع اللبن الذي يرتظعه عند امه المرظعة هناك في البادية فيرتظع اللبن وفصيح الكلام. ويتربى على قوة الجنان وعلو الهمة وقوة الممارسة والشكيمة فيما يعيشه من حياة البادية. هذه بادية العرب. اما حاضرتها. قال ومنهم الحظري ذو البلاغة البارعة والالفاظ الناصعة والكلمات الجامعة والطبع السهل والتصرف في القول القليل الكلفة الكثير الرونق الرقيق اشياء هكذا هي عادة تفعل الحضارة في حياة اصحاب المدن والحواضر والعواصم فانها تعطي الحياة رونقا وطبيعة لما تعيشه المدن والحاضرة عادة من الحياة الطيبة والرخوة وشيء من السعة في العيش. لا الشدة التي يعيشها اهل البادية في باديتهم. فكلا الصنفين بدو العرب وحاضرة العرب. لهم حظ من علو في فصاحة اللسان وروعة البيان. بدوا كانت العرب او حظرا. فانهم امة اتاها الله عز وجل لسانا كل ذلك توطئة وتمهيد لما يريد ان يقوله المصنف بعد قليل في كيف كان القرآن رغم ما اوتيته العرب كان اية باهرة ازعنوا له وافصحوا باعجازهم فوقفوا مذهولين لا يعرفون هذا الكلام كيف هو وكيف فانتظم وكيف تركب وكيف جاء؟ وجدوا في القرآن شيئا ما عهدوه لا في فصاحة فصيح ولا بلاغة بليغ ولا شعر شاعر ولا خطبة خطيب كان القرآن شيئا اخر. فامنوا انه كلام ليس ككلام البشر. وان كان من كلام العرب حروفها والفاظها وكلماتها ومعانيها. لكنه لون اخر ما عهدوه بتاتا في فصاحتهم وبيانهم وبلاغتهم نعم. قال رحمه الله تعالى وكلا البابين فلهما في البلاغة الحجة البالغة كلا البابين يعني العرب وحضروا العرب. والقوة الدامغة والقدح الفالج والمهيع الناهج. القدح الفالج يعني السهم الفائز اذا ما كان في الاستقسام بالازلام. فان السهم الفائز يسمى القدح الفالج. قال والمهيع الناهج واراد به الطريق السارق الموصل الى المراد. وان العرب كانوا يستخدمون الكلام ولهم فيه تحقيق المراد الفوز بالمقصود الذي ينشدونه اذا ما انشدوا شعرا او خطبوا خطبة او قالوا مثلا او ظربوا حكمة يشكون ان الكلام طوع مرادهم والبلاغة ملك قيادهم قد حووا فنونها واستنبطوا عيونها ودخلوا من كل باب من ابوابها وعلو صرحا لبلوغ اسبابها. فقالوا في الخطيب والمهين وتفننوا في الغث والسمين. وتقولوا في القل والكثر وتساجلوا في النظم والنثر. نعم قالوا في الخطير والمهين. قالت العرب وانشدت وخطبت وقالت الحكم وضربت الامثال في كل شأن من شئون الحياة في الخطير والمهين في الشيء العظيم او الشيء الحقير. كل ذلك جرى على لسانهم وتفننوا في الغث والسمين وتقاولوا في القل والكثر ما تركوا بابا الا وجعلوا للسانهم فيه نصيبا. فكانوا يضربون هنا اروع المثل في سرعة البديهة وحضور العبارة وروعة اللفظ والابيات اذا انشدت والقصائد اذا قيلت والخطب اذا ارتجلت من افواه الخطباء كانوا اية في ذلك بحيث اذا سمعت شاعرهم قلت هذه سيدة قد حبرها منذ ليلة او اذا سمعت خطيبهم يخطب قلت ما زال يجتهد عليها منذ ساعات او ايام حتى صاغها العبارة واحكم اللفظ وما تدري انه قالها على البديهة وانشدها في الحين. وجرت على لسانه للتو من غير اعداد مسبق ولا تفكير محضر. فكان هذا عجيبا عند العرب. وكان هذا معروفا بينهم وسائرا. فعرفت اسماء الخطباء والبلغاء في العرب جيلا بعد جيل. هي امة كما قال المصنف اورثها الله هذا المعنى. فكان في اوج وجوه حضارة العرب حضارة اللسان. شعرا ونثرا. وما زالوا يتوارثون هذا جيلا بعد جيل. كل ذلك عاشوا فيه العرب فتساجلوا في النظم والنثر ينشدون الاشعار ويتقولون فيها ويتنافسون ويمدح شاعر القوم وخطيب القوم انه اشعر واخطب العرب وانه افصحهم وابينهم. وتفخر القبيلة ان يكون فيها شاعر. يشار اليه بالبنان وخطيب متفرد بين العرب في القبائل والميادين والمواسم. هذا عيش العرب. هذا حالهم. هذه حضارتهم هذا شريف ما يتنافسون فيه في حياتهم. فما الذي صنعه فيهم القرآن؟ لما نزل من فوق سبع سماوات ما الذي اتى به محمد صلى الله عليه وسلم الى امة العرب امة اللسان امة البيان امة الفصاحة بلاغة امتي الاعجوبة في التفنن في الاقاويل والكلام. جاء بشيء عجيب. قلب في تاريخ العرب صفحة جديدة فتح لهم بابا مشرقا عرفوا به معنى روعة الكلام. ونظم البيان. وما الذي يمدح به من الكلام شيء بعد كلام الله جل وعلا. نعم. قال رحمه الله تعالى وتفننوا في الغث. وتفننوا في الغث والسمين في القلو والكفر وتساجلوا في النظم والنثر. فما راعهم الا رسول كريم. صلى الله عليه وسلم بكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. تنزيل من حكيم حميد. احكمت اياته وفصلت كلماته وبهرت بلاغته العقول وظهرت فصاحته على كل مقول وتظافر وايجازه واعجازه وتظاهرت حقيقته ومجازه وتبارت في الحسن مطالعه ومقاطعه واذكر البيان جوامعه وبدائعه واعتدل مع ايجازه حسن نظمه. وانطبق على كثرة فوائده مختار لفظه. نعم ابدع المصنف رحمه الله ايضا بهذه العبارات الرائقة الراقية في بيان عجيب ما فعله القرآن في العرب لما نزل. وما الذي جعلهم ينظرون اليه رغم ما اوتوا فيما سبقت الاشارة اليه. قال اذا بالقرآن كتاب احكمت اياته. وفصلت كلماته. بهرت بلاغته العقول. وظهرت فصاحته على كل نقول تجاوز الحدود وما عرفت العرب كلاما مثل هذا الكلام. ولا رأت ولا سمعت شيئا يمكن ان يقارن بك كلام الله اعترفت به العرب وهي امة كافرة. وما زالت تجحد نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتصد عن الدين وتحارب وتقاتل الا انها اذا سمعت كلام الله اذعنت وخضعت وامنت انه لا والله ليس بكلام بشر. ولا يقول هذا انسان. وستأتيك الاثار والروايات بعد قليل تظافر ايجاز القرآن واعجازه. لفظ على قلة عباراته وكلماته الا انه في غاية الروعة والبيان. اذا جئت الى الاية والجملة في القرآن فلا تستطيع لها حراكا. لا ان تزيد فيها لفظا ولا ان تقل منها عبارة. ما تزال هي بلفظها كما في اروع ما يوصف به البيان. تبارت في الحسن مطالعه ومقاطعه. يعني ما زال القرآن بالفاظه وسوره وقصصه تتنافس في الحسن فواتح السور وخواتمها. فواتح القصص واواخرها. فواتح الاية مبدأها مطلع وها هو خاتمتها فلا تدري والله مما تعجب في القرآن. من اول السورة ام من اخرها؟ من بداية القصة ام من خاتمتها؟ من مفتتح الاية او من منتهاها كله اعجب من بعض. ليس الا حلاوة وجمالا وحسنا. حوت كل البيان جوامع القرآن وبدائع القرآن واعتدل مع ايجازه حسن نظمه. مع كونه لفظا موجزا الا انه في غاية الحسن في فاذا ما جئت الى افصح العرب وطلبت منه ان يقول مقولة او يخطب خطبة او ينشد قصيدة. كم سيبلغ من الروعة والبيان قصيدة او اثنتان او خمسا او عشرة او ديوانا هذا قرآن يبلغ ثلاثين جزءا ومائة اربع عشرة سورة واكثر من ست الاف اية ليس فيها شيء يمكن ان تقول انه مكرر او ممجوج او معادي او لا حاجة به او اطناب او اسهاب يستغنى عنه او خلل في الايجاز. فتبارك الله صاحب هذا الذي تكلم به ربنا من فوق سبع سماوات. واوحى به الى نبينا صلى الله عليه وسلم. فما يزال حسن القرآن لا يزداد مع التلاوة والتكرار الا حسنا. وما تزال الايات والسور في اجتماعها وتظافرها لا تزيدك الا وقوفا على طوعته وبديع نظمه هذا هو اعجاز القرآن فيما ايد الله به نبيه صلى الله عليه وسلم. قال رحمه الله وهم افسح ما كانوا في هذا الباب مجالا. يعني العرب واشهر في الخطابة رجالا واكثر في السجع والشعر ارتجالا واوسع في الغريب واللغة مقالا بلغتهم التي بها تحاورون ومنازعهم التي عنها يتناضلون صارخا بهم في كل حين ومقرعا لهم بضعا وعشرين عاما على رؤوس الملأ اجمعين. صارخا بهم يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم. والعرب وهم قد بلغوا هذا المبلغ في ذروة التنافس في الفصاحة والبيان. وقد كان لهم في الخطابة رجال وفي السجع والشعر ارتجال ولهم سعة في الغريب واللغة بالمقال. بلغتهم التي بها يتحاورون نزل القرآن فكان اية عظيمة باهرة صرخ بها النبي صلى الله عليه وسلم في المجامع واسمع بها كل سامع ونادى به فاسمعهم كلام الله قال ومقرعا لهم بضعا وعشرين عاما على رؤوس الملأ اجمعين. بضع وعشرون سنة هي سنوات بعثته صلى الله عليه وسلم ونبوته التي قظاها في امته. قضى منها ثلاث عشرة سنة بمكة وعشر سنوات بالمدينة فثلاث وعشرون سنة هي التي ما زال القرآن فيها ينزل. والعرب فيها تسمع كلام الله فتعجب من هذا القرآن الذي كان اية في وجوه البيان. وما زال المصنف يعرض وجوهها. قال لهم بضعا وعشرين عاما على رؤوس الملأ اجمعين. ام يقولون افتراه؟ قل فاتوا بسورة من مثله وادعوا من استطعتم من دون الله ان كنتم صادقين. وان كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فاتوا بسورة من مثله. فاتوا بسورة من مثله وادعوا شهداء من دون الله ان كنتم صادقين. فان لم تفعلوا ولن تفعلوا وقال قل لئن اجتمعت الانس والجن على ان يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا. وقال قل فاتوا بعشر سور مثله بمفتريات وذلك ان المفترى اسهل ووضع الباطل والمختلق على الاختيار اقرب. واللفظ اذا المعنى الصحيح كان اصعب. ولهذا قيل فلان يكتب كما يقال له. وفلان يكتب كما يريد وللاول على الثاني فضل وبينهما شأو بعيد. هذه ايات نزلت لتحدي العرب قرآن مع ان القرآن وحده يحمل تحديا ضمنيا. نزل العرب فاذا هو كلام العرب لكنه ليس كسائر الكلام كان نزول القرآن في ذاته تحديا للعرب. اين شعركم اين لسانكم بيانكم بلاغتكم خطبكم ومع ذلك فجاء التحدي صريحا. قل فاتوا بسورة مثله. قل فاتوا بسورة من مثله قل لئن اجتمعت الانس والجن على ان يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله. ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا وقال الله في البقرة فان لم تفعلوا ولن تفعلوا وهذا تحد جازم فارني ماذا صنعت العرب. ليس خلال ثلاث وعشرين سنة لا الى اليوم الى الف سنة وزيادة اين هذا التحدي الذي ما زال قائما اين العرب بفصاحتها وبلاغتها؟ بشعرها وخطبها بلاغها بيانتها. كل ذلك وقف حائرا امام بالله الكبير المتعال. هذا القرآن يا امة القرآن وهذه عظمته قال الله قل فاتوا بعشر سور مثله مفتريات اراد القرآن ان يأتوا بسور ولو كانت على سبيل الافتراء. قال المصنف لان المفترى اسهل. ووضع الباطل والمختلق على اختياري اقرب ان تأتي بشيء تصنعه ابتداء لاول وهلة. وتكون فكرة تعبر عنها كان من الصعوبة بما كان. لكن ان تؤتى بشيء يقال لك ضع على مثاله واتي على منواله فيكون لك انموذج تحتذي به هذا اقرب ومع ذلك تحداهم القرآن هذه الايات وهذه السور في القرآن فاصنعوا مثلها. فاتوا بسورة مثلها ولو على سبيل للافتراء ومع ذلك فما زالت العرب قاطبة بل الانس والجن كما قال الله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا لا يأتون بمثله وما استطاعوا لذلك قواما قال رحمه الله تعالى فلم يزل يقرعهم فلم يزل يقرعهم صلى الله عليه وسلم اشد التقريع ويؤبخهم غاية التوبيخ ويسفه احلامهم ويحط اعلامهم ويشتت ويذم الهتهم وابائهم ويستبيح ارضهم وديارهم واموالهم. هذه ثلاث وعشرون سنة قضاها صلى الله عليه وسلم في النبوة عامل العرب بكل وجه وسبيل واتاهم من كل باب. ذم الهتهم سفه احلامهم بين بطلان عقائدهم بين ضلال ابائهم واجدادهم شتت نظامهم ذم الهتهم. استباح ارضهم وديارهم واموالهم السؤال. بماذا قاومت العرب وما الذي استطاعته في مواجهة دعوته صلى الله عليه وسلم خلال ثلاث وعشرين سنة؟ اليسوا امة لسان؟ اليسوا امة وخطابة وبيان. فما الذي فعلوه في مواجهة دعوة الاسلام؟ وما الذي ناهضوا به معجزة القرآن؟ نعم قال رحمه الله وهم في كل هذا ناقصون عن معارضته محسنون عن مماثلته يخادعون انفسهم بالتشغيب بالتكذيب والاغتراء بالافتراء وقولهم ان هذا الا سحر يؤثر وقوله ام سحر مستمر وقولهم افك افترى وقولهم اساطير الاولين والمباهتة والمباهة والرضا بالدنية كقولهم قلوبنا غلف وقولهم في اكنة مما تدعون اليه وفي اذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب. وقولهم لا تسمعوا لهذا القرآن او فيه لعلكم تغلبون. والادعاء والادعاء مع العجز بقولهم لو نشاء لقلنا مثلها هذا. نعم. هذا يا اخوة قل ما ينتبه اليه من ينظر الى اعجاز القرآن وتحدي العرب. ثلاث وعشرون سنة كان النبي النبي عليه الصلاة والسلام يحطم فيها عقائد الكفر والوثنية والجاهلية وكان فيه من الوجوه والابواب التي طرقها عليه الصلاة والسلام. ما يفند وينسف كل بقية من بقايا حضارة البائدة التي قامت على شرك ووثنية ومنازعة لله في ربوبيته والوهيته واسمائه وصفاته وكان في كل ما يأتيه عليه الصلاة والسلام مستفزا لهم في كل جوانب الحياة. حضارتهم عقيدتهم اباؤهم اجدادهم ما الذي فعلوه؟ قالوا ما كانوا يسلكون الا احتيالا يخادعون انفسهم بالتشغيل والتكذيب والاغراء بالافتراء غاية ما فعلوا ان قالوا ان هذا الا سحر يؤثر غاية ما قالوا سحر مستمر اكثر ما استطاعوا ان يقولوا افك افتراه واعانه عليه قوم اخرون. وقالوا مرة اساطير الاولين اكتتبها هي تملى عليه بكرة واصيلا غاية ما استطاعوا في ثلاث وعشرين سنة ان يصفوا القرآن باوصاف يظهرون به عجزهم عن مجاراته ومضاهاته بل رضوا بالدنية في وصف انفسهم وقالوا قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم يعني لا نستوعب لا نعي لا نتأثر مع انهم يوقنون ان القرآن ينفذ الى دواخل قلوبهم فيقذف فيها الحق ويدمغ الباطل. لكنها المكابرة وقد علموا ان للقرآن سطوة على القلوب. وتسللا على الافئدة واذعانا وارغاما شاؤوا ام ابوا. لكنها المكابرة قالوا قلوبنا غلف وتارة يقولون قلوبنا في اكنة مما تدعونا اليه وفي اذاننا وقر يعني صمم ما نسمع كل هذا مكابرة ليخفوا به عظيم تأثر قلوبهم قبل اسماعهم بالقرآن الذي هو من جنس كلامهم فما استطاعوا ولا يستطيعون شيئا مما تحداهم به القرآن. وتارة يعلنون الهروب والفرار. لا تسمعوا لهذا والغوا فيه لعلكم تغيبون. ثم يعلنون عجزهم مع الادعاء الفارغ. لو نشاء لقلنا مثل هذا فاين مثل هذا ونحن اليوم بعد الف سنة لا شيء سوى الفرار والهرب من تحد كبير اقامه القرآن والايات قائمة الى قيام الساعة قال رحمه الله تعالى وقد قال لهم الله ولن تفعلوا فما فعلوا ولا قدروا. ومن تعاطى وذلك من سخفائهم كمسيلمة كشف الله عواره لجميعهم وسلبهم الله ما الفوه من فصيح كلامهم والا فلم يخفى على اهل الميز منهم انه ليس من نمط فصاحتهم ولا جنس بلاغتهم بل ولوا عنه مدبرين واتوا مذعنين من بين مهتد وبين مفتون. من وهذا التحدي من سفهائهم كمسيلمة الكذاب. فكان اية فضحه الله عز وجل على رؤوس العرب الله ما الفوه من فصيح كلامهم. يأتي العربي الفصيح فاذا ما رام مجاراة القرآن وتحدي القرآن فقد والبيان. مسيلمة غدا اضحوكة في تاريخ العرب. لما اراد ان ينظم سورا وايات يزعم انها مثل ووحي يؤتاه فكان فيما قال من سخيف الكلام وساقط العبارة يقول في بعض ما حفظت عنه الرواية يا ضفدع الا تنقنقين اعلاك في الماء واسفلك في الطين. لا الماء تكدرين ولا الشراب تمنعين. بالله مثل هذا يجار به كلام الله في سور وايات هذا المتكلم عربي يدعي النبوة. ويزعم انه يأتيه الوحي. وقال مرة الفيل وما ادراك ما الفيل له ذنب وسيل ومشفر طويل. وان ذلك من خلق ربنا لقليل. غد اضحوكة ويسخر منه العرب هكذا هو شأن من يظن او يتخيل برهة انه يؤتى بابا يجاري به اعجاز وفصاحة القرآن قال رحمه الله تعالى ولهذا لما سمع الوليد بن المغيرة من النبي صلى الله عليه وسلم ان الله ويأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي. يعظكم لعلكم تذكرون. قال والله ان له لحلاوة. وان عليه لطلاوة. وان اسفله لمغدق وان اعلاه لمثمر ما يقول هذا بشر. من القائل هذا الكلام الوليد بن المغيرة احد صناديد قريش وعتاتها وكبرائها ممن تزعم الحرب والصد عن سبيل الله بمكة احد الذين كانوا يبحثون عن اي ثغرة وتهمة يطعن بها في الاسلام ونبي الاسلام صلى الله عليه وسلم. لما سمع الله ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون. قال والله ان له لحلاوة وان عليه لطلاوة يعني فيه رونق وحسن وبهاء. هذا رجل عربي يعرف كلام العرب لكنه سمع جملا ليست كما عهده طيلة عمره مما عرف من كلام العرب قال وان اسفله لمغدق وان اعلاه لمثمر. شبهه بشيء من النباتات والزروع والنخيل. يقول اسفله مغدق ما زال غارقا بالماء ينبع يتدفق ما ينتهي فيه عجب متكرر متجدد. وان اعلاه لمثمر ما يقول هذا بشر؟ قاله وهو كافر. ما اسلم ولا امن. ونزلت الايات في القرآن تذمه وتوبخه. لكن شهادة الحق التي لا يستطيع كافر رغم عدائه على المكابرة قال رحمه الله تعالى وذكر ابو عبيد رحمه الله ان اعرابيا سمع رجلا يقرأ فاصدع بما تؤمر مر واعرض عن المشركين فسجد. وقال سجدت لفصاحته. نعم. يقول يعني ما سجد لي ما في الاية ايمانا بها لكن فصاحة الاية التي سمع جعلته يسجد خضوعا واذعانا واجلالا واحتراما. هذا المعنى يجده اعرابي بحكم نشأته وبيئته بحكم طبيعته وسليقته لسانه وبيانه لما سمع اية وشعر انها وقعت في قلبه في الصميم فوجد من الفصاحة ما اجبره على الاذعان والخضوع فخر ساجدا لفصاحة القرآن قال وسمع اخر رجلا يقرأ فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا. فقال اشهد ان مخلوقا الا يقدر على مثل هذا الكلام؟ في قصة يوسف عليه السلام فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا. هذا التركيب البديع ما تعرفه العرب قبل القرآن والمعنى فلما يئسوا من استخلاص اخيهم يوسف من يد عزيز مصر ذهبوا يتباحثون ويتناجون بينهم سرا فكيف جاء اللفظ في الاية في اجمل لفظ واحلاه؟ فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا. قال كبيرهم الم تعلموا الى اخر لسياق الاية سمعها رجل فقال اشهد ان مخلوقا لا يقدر على مثل هذا الكلام هذا كلام خالق هذا كلام رب البشر لا كلام البشر قال رحمه الله وحكي ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يوما نائما في المسجد فاذا هو بقائم على رأسه يتشهد شهادة الحق واستخبره. فاعلمه انه من بطارقة الروم ممن يحسن كلام العربي وغيرها وانه سمع رجلا من اسرى المسلمين يقرأ اية من كتابكم فتأملتها فاذا هي قد جمع فيها ما انزل على عيسى ابن مريم من احوال الدنيا والاخرة وهي قوله تعالى ومن يطع الله ورسوله ويخشى الله ويتقه فأولئك هم الفائزون. نعم. هذه القصة المحكية عن امير المؤمنين عمر رضي الله عنه وان لم تأتي معزوة بسند ولا الى شيء من كتب الرواية انه كان نائما في المسجد هو بقائم يعني برجل على رأسه يعلن اسلامه فلما استخبره عن خبره اعلمه انه من بطارقة الروم رجل من اشرافهم ومن قواتهم وربما كان من اساقفتهم. وهو ممن يجيد كلام العرب وانه سمع رجلا من الاسارى من وسارى عند المسلمين يقرأ اية قال فاذا هي تحوي جميع ما انزل على عيسى ابن مريم عليه السلام وهي اية النور ومن يطع الله ورسوله رسوله ويخشى الله ويتقيه فاولئك هم الفائزون. قال رحمه الله تعالى وحكى الاصمعي انه سمع كلام جارية فقال لها قاتلك الله. ما افصحك؟ فقال اويعد هذا بعد قول الله تعالى واوحينا الى ام موسى ان ارضعيه. فاذا خفت عليه فالقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني. انا رادوه اليك وجاعلوه من المرسلين سليم فجمع في اية واحدة بين امرين ونهيين وخبرين وبشارتين. فهذا نوع من اعجاب هزه منفرد بذاته غير مضاف الى غيره على التحقيق والصحيح من القولين. هذه قصة لطيفة كتب الرواية عن امام اللغة والرحالة والاخباري. الامام العلامة الاصمعي عبدالملك بن قريب. الذي يضرب به المثل في جمع لغة العرب وافرادها وغرائبها. تحكي الرواية انه التقى بفتاة جارية بنت ست سنين او خمس سنين وهي صغيرة فسمعها تقول استغفر الله استغفر الله من ذنوبي فقال لها الاصمعي مما تستغفرين ولم يجري عليك القلم؟ يعني على اي شيء تستغفرين؟ وانت لست مكلف فانشدت هذه الصبية هذه الجارية انشدت تقول استغفر الله لذنبي كله قتلت انسانا بغير اليه مثل غزال ناعم في دله. انتصف الليل ولم اصله تقول ان ذنبها انها ما تقوم الليل. فعجب فعجب الاصمعي من فصاحتها. وانها انشدت على الحين بين البيتين في غاية الجمال فقال لها قاتلك الله ما افصحك وتقول قاتلك الله على سبيل المدح. فقالت اتعد هذا فصاحة بعد قول الله واوحينا الى ام موسى ان ارضعيه فاذا خفت عليه فالقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني انا رادوه اليك وجاعلوه من المرسلين. قالت هذه اية في امران ونهيان وخبران ان ارضعيه فاذا خفت عليه فالقيه فهذان امران. ولا تخافي ولا تحزني فهذان نهيان. انا رادوه اليك وجاعل من المرسلين فهاتان بشارتان. تريد ان تقول له ان الفصاحة الحق هي ما نجده في كلام الله واستشهدت له بمثال اية واحدة من كتاب الله فما ظنك بباقي ايات القرآن؟ هذه القصة اللطيفة بين الاصمع والجارية توقفك على ان قد تشربت تماما معنى عظمة القرآن في فصاحته ووجوه اعجازه وبيانه وبديعه وبلاغته القرآن ان جئت تحصي اوصاف الاعجاز فيه لا يحيط به مجلس ولا يستوعبه كلام. لكنها اشارة لطيفة الى هذا الباب الكبير من عظمة القرآن واعجازه نشير قبل استئناف الكلام الى ان الدرس في رمضان ان شاء الله تعالى سيكون يوم الخميس من الساعة الخامسة والربع عصرا الى قبل المغرب بنصف ساعة ان شاء الله تعالى في كل خميس ليلة جمعة وسينتقل الدرس من هذا الكرسي الى الذي خلفه الاقرب الى باب الملك فهد ان شاء الله تعالى. وبعد ايها الكرام ما زال حديث المصنف رحمه الله تعالى في بيان وجوه الاعجاز في القرآن وعظيم ما ايد الله به نبيه صلى الله عليه واله وسلم للبيان عن وجوه الاعجاز فيه باعتباره امرا ايد الله به نبيه صلى الله عليه وسلم. وفي كلام مصنفي فيما قرأنا الليل وما سنقرأه في الليالي المقبلة ان شاء الله تعالى اشارة الى باب عظيم. الحديث في هذا الكتاب عن حقوق النبي صلى الله عليه وسلم. والحديث ها هنا عن اعجاز القرآن يشير الى منطلق مهم وهو انه كم نعتز بالقرآن ونفخر به ونشرف يا امة القرآن وكم لنا من الاعتزاز بكلام الله ما جعلنا نرفع بكتاب الله رؤوسنا ونحفظه في صدورنا ونجعله من اجمل ما يتجمل به المرء واعظم ما يتحلى ويفخر به ويفاخر به. الا فاعلموا ان من وجوه في الشرف والعزة في القرآن انه معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم. ايده الله تعالى بها. وجعله وحجة على صدق نبوته ورسالته صلى الله عليه وسلم. فكلما قرأنا القرآن وعرفنا انه الوحي المنزل وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم زادنا ذلك عزة وفخرا وشرفا. تدري لم؟ لانه كلام الله منزل على خير خلق الله صلوات الله وسلامه عليه. فليعلم المرء اذا اكرمه الله فتلا اية او حفظ سورة او اتى اما القرآن اي شرف هو مع كتاب الله جل وعلا. واما ولو باية منه او سورة فان المقام عظيم لا يزال في الفصل بقية ناتي عليها في مجالس الجمعة المقبلة ان شاء الله تعالى. واما هذه الليلة الشريفة فشرفها وخيرها وانما يحاز بكثرة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم. صلوا على خير الورى واجل ما خلق الاله وما ترى هو خير من وطأ الثرى طوبى لمن صلى عليه واكثر. فاللهم صل وسلم وبارك عليه صلاة وسلاما دائمين ابدا ونسألك يا ربي ان تبارك لنا في اعمارنا واعمالنا واقوالنا وسائر احوالنا. اللهم بلغنا بفضلك شهر رمضان اعنا فيه على الصيام والقيام وصالح العمل يا ذا الجلال والاكرام. واجعلنا فيه من السعداء الاتقياء الفائزين بالقبول والعفو والعافية يا اكرم الاكرمين، ربنا اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين. اللهم ارحم والدينا واغفر لهم وارفع درجاتهم في عليين يا اكرم الاكرمين اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما يا رب العالمين. نسألك اللهم علما نافعا ورزقا الواسعة وشفاء من كل داء. اللهم اجعل لنا ولامة الاسلام جميعا من كل هم فرجا. ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. وصلي اللهم وسلم وبارك على عبدك ورسولك