بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي هدانا للاسلام وعلمنا الحكمة والقرآن الحمد لله الذي بلغنا بفضله وكرمه شهر رمضان واعاننا على الصيام والقيام. احمده تعالى واشكره واستعينه واستغفره واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. اما بعد ايها الاخوة الكرام فهذا هو مجلسنا تابعوا في مدارسة كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم. للامام القاضي عياض ابن موسى اليحصبي رحمة الله عليه. وهذا المجلس المتتابع في ايام هذا الشهر الفضيل المبارك. انما هو تتمة لما قد يسر الله من ووفق من انعقاد مجالس هذا الكتاب ومدارسته في كل ليلة من ليالي الجمعة نستكثر فيها من الصلاة والسلام على نبي الامة ورسول الهدى والرحمة صلوات الله وسلامه عليه. وان مجلسنا في هذا الشهر المبارك وان كان ينعقد قبل شمس يوم الخميس فانا نستقبل ليلة عظيمة مباركة بغروب شمس اليوم هي ليلة الجمعة فلعل مجلسنا هذا يكون باب خير نستقبل به الليلة الشريفة باستكثارنا من الصلاة والسلام على سيد الانام صلوات الله وسلامه عليه. ما زال مجلسنا هذا متابعا في بابنا الرابع من القسم الاول من الكتاب الذي جعله القاضي عياض رحمه الله تعالى فيما يتعلق بكرامات ومعجزات رسول الله صلى الله عليه وسلم. من باب ان المعجزة تأييد من الله. وكلما عظمت المعجزة ازا كان هذا اية على عظمة قدر النبي صلى الله عليه وسلم. ولما شرع رحمه الله في تعداد المعجزات وبيانه اثر ان يكون ابتداء الحديث عن ام المعجزات واكبرها واعظمها. الا وهو القرآن الكريم. وكان من الموافقة لطيفة ان يكون مدارستنا لفصول اعجاز القرآن في هذه الايام المباركة في شهر القرآن. وقف بنا الحديث في ليلة الجمعة الماضية عند كلام المصنف رحمه الله تعالى عن اول وجوه الاعجاز في القرآن وحتى يترتب الكلام فان القرآن معجزة من معجزات رسول الله صلى الله عليه وسلم. بل هو المعجزة والاية الظاهرة التي تتضاءل امامها سائر المعجزات. وقد ايد الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم بمعجزات كثيرة الا انها وقعت وانقضت الا القرآن. فانه معجزة باقية على مر الزمان. كان القرآن ولم يزل اية باهرة وحجة ظاهرة. كان القرآن ولم يزل محط اعجاز وتعجيز. كان القرآن ولم يزل كلام ربنا الكبير تعال الذي اذعنت له القلوب اول الامة واذعنت له في اخرها. كان القرآن ولم يزل بوجوه الاعجاز فيه اية عظيما. جعل القاضي عياض رحمه الله تعالى وجوه الاعجاز مقسمة على اربعة اوجه. ذكر الوجه الاول منها في حسن نظمي القرآن وعظيم بلاغته وسمو فصاحته. خصوصا وان العرب امة لسان. فكان القرآن بفصاحته وبلاغته اية معجزة عجز العرب وقد تحداهم ان يأتوا بمثله او بعشر سور او بسورة من مثله فما استطاعوا ومن رام منهم مجاراة القرآن فضحه الله على رؤوس الخلائق. هذا الوجه الاول ما زالت فيه بقية قبل ان ننتقل الى الفصل الثاني في الوجه الاخر من معجزات القرآن الكريم وهو الذي عنون له القاضي عياض رحمه الله بقوله حسن تأليفه والتئام كلمه وفصاحته ووجوه ايجازه وبلاغته الخارقة عادة العرب. وقد ساقها هنا كلاما لطيفا وجملا علمية نافعة عظيمة بديعة في بيان هذا الوجه العجيب من اوجه القرآن في اعجازه وانه السامية وفصاحته الراقية. قد اعجز العرب اولهم واخرهم عن مجاراة القرآن. فامنوا انه كلام الله ده كلام البشر وايقنوا انه ليس بوسع العرب ولو اجتمعت السنتها في غاية الفصاحة والبلاغة ان يكون لهم شأن مع القرآن مجاراة ومحاكاة وقد ايقنوا تماما ان هذا من دلائل صدق نبوة رسول الله صلى الله عليه اله وسلم. وما زال في الفصل الاول بقية نأتي عليها قبل ان ننتقل الى الفصل الاخر في ثاني اوجه اعجاز القرآن الحمد لله الذي جعل دراسة السيرة النبوية شفاء للقلوب والارواح. وسببا للسعادة والفلاح والصلاة والسلام على نبينا محمد ذي الشمائل الباطنة والظاهرة والفضائل الباهرة الزاهرة وعلى اله اصحابه الاخيار والتابعين لهم باحسان الى يوم القرار غفر الله لشيخنا ولوالديه ولمشايخه ولجميع المسلمين اما بعد فهذا هو مجلسنا الثامن والسبعون من المجالس العامرة في هذه البقعة الطاهرة. وباسانيدكم المتصلة كنسيم الرياضي الى كتاب الشفا للقاضي عياض رحمه الله تعالى قال في الباب الرابع من القسم الاول فصل في اعجاز القرآن القرآن من قبل النبي صلى الله عليه وسلم وانه اتى به معلوم ضرورة. وكونه عليه السلام به معلوم ضرورة وعجز العرب عن الاتيان بمثله معلوم ضرورة. وكونه في فصاحته خارقا معلوم ضرورة للعالمين بالفصاحة ووجوه البلاغة. وسبيل من ليس من اهلها علم ذلك بعجز المنكرين من من اهلها عن معارضته واعتراف المقرين باعجاز بلاغته. نعم. ساق المصنف رحمه الله هذه الجمل بعد ان ذكر قبل ذلك بضعة مواقف فيها اذعان العرب لما وجدوا في فصاحة القرآن وعظيم بلاغته. في مثل قول الوليد بن غيرتي لما سمع ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون قال والله ان له لحلاوة وان عليه لطلاوة وان اسفله لمغدق وان اعلاه لمثمر يقول هذا بشر وذكر ايضا قول ابي عبيد ان اعرابيا سمع قول الحق سبحانه فاصدع بما تؤمر واعرض عن المشركين وقال سجدت لفصاحته. واخر قال وقد سمع قول الله سبحانه فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا. قال اشهد ان ان مخلوقا لا يقدر على مثل هذا الكلام. وامثال هذا من المواقف من العرب قبل الاسلام وبعد الاسلام امنت بفصاحة القرآن واذعنت لعظيم ما فيه من سمو البلاغة ورفيع البيان. هذا متقرر في القرآن كما قال المصنف معلوم قطعا ومدرك ظرورة لا يمتري في هذا احد ولا يناقش فيه احد ان القرآن اتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم عنده مقرون بالتحدي من العرب قاطبة عن الاتيان بمثله او ببعضه وعجز العرب عن ذلك ومجاراة القرآن ومعلوم ايضا ان من كان من اهل العربية وفصاحة اللسان عرف بمجرد سماع اي اية من القرآن سمو ما فيها من البلاغة وعظيم البيان. وهذا يدركه العربي ضرورة بمقتضى اللسان. فما ان يسمع عربي اية او يقرأ سورة من القرآن الا ايقن انه لا يقول هذا الكلام بشر. ومحال حيث لم يوجد في تاريخ العرب قاطبة من استطاع ان ينظم الكلام كنظم القرآن وان يكون له في عجيب ايقاعه وسمو الفاظه وبديع تركيبه وتناسق اياته وتسلسل صوره لا يستطاع بمقدور بشر على اي وجه كان. اذا فهمت هذا وتقرر لديك هذا المعنى العظيم الذي جعله الله في كلامه العظيم سبحانه وتعالى سيسوق المصنف هنا امثلة ليتدرك العربي بمقتضى اللسان معنى ما يشير اليه في الجمل السابقة قال رحمه الله وانت اذا تأملت قوله تعالى ولكم في القصاص حياة وقوله ولو ترى اذ فزعوا فلا فوت. اذا فزعوا ولو ترى اذ فزعوا فلا فوت واخذوا من مكان قريب وقوله ادفع بالتي هي احسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كانه ولي حميم. وقوله وقيل يا ارض ابلعي ماءك ويا سماء اقلعي وغيض الماء وقضي الامر واستوت على الجود وقيل بعدا للقوم الظالمين. وقوله فكلا اخذنا بذنبه. فمنهم من ان ارسلنا عليه حاصبا ومنهم من اخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الارض ومنهم من اغرقنا هذه امثلة لا غير قال اذا تأملت قوله تعالى ولكم في القصاص حياة الاية تشير الى الحكمة من تشريع القصاص. وانه يفضي الى حياة للمجتمع وهذا بلا مقارنة افصح الف مرة وابلغ اضعاف ذلك العدد من قول العرب قبل الاية القتل انفى للقتل فانهم يقولون انه اذا قتل القاتل واقتص منه كان هذا ابعد لتكرار القتل وتفشيه يقولون في مثله السائر القتل انفى للقتل وهي ثلاث كلمات فجاءت اية القرآن بافصح منها واجمل وابلغ. ولكم في القصاص حياة. وافاض البلاغيون واللغويون في وجوه المقارنة بين الجملتين. الجملة القرآنية وجملة العرب في مثلها السائر قبل الاية القرآنية ولا مجال لسرد ذلك ولا لعرضه حسبك ان الاية قالت ان في القصاص حياة فانظر كيف جعل القصاص المنافية للحياة جعله ظرفا للحياة والمعنى انه متى اقتص من القاتل كان هذا سببا لبقاء الحياة في المجتمعات قائمة. وانه متى اقتص منه كفت يد العدوان الحياة فتفشت الحياة وامتدت وانتشرت فكان ايذان الحياة بالبقاء والنماء ازدهار من خلال الاقتصاص من القتلة وكف عدوانهم بالاقتصاص ممن قتل. ولكم في القصاص حياة. ستقول مثل ذلك في قوله ولو ترى اذ فزعوا فلا فوت واخذوا من مكان قريب لا يستطيع عربي ان يقول هذه الجملة قبل سماعها في كتاب الله. ولا يقوى عربي مهما بلغ به اللسان فصاحة وسمو وبيان ان ينظم مثل هذه الجملة. وهي في وصف مشهد من احوال الكفار ولو ترى اذ فزعوا عند الموت او عند البعث فلا فوت لا مفر ولا هرب لهم من الله. واخذوا من مكان قريب. سواء قال المعنى اخذوا من باطن الارض الى ظاهرها او من الموقف الى النار في العقاب في جهنم عياذا بالله. هذا اللفظ البديع في تسلسله وفصاحته وعجيب تركيبه ليس معهودا في لسان العرب قبل القرآن. كذلك الشأن في قوله تعالى ادفع بالتي هي احسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كانه ولي حميم. ان تصف الاية العلاقة بين اثنين من منتهى الطرف في والمشاحنة والمقاطعة والمدابرة وتكون بينهما العداوة قائمة فتنتقل الى علاقة حميمية وولاية ومحبة ونصرة من خلال المعاملة الحسنة تصفها الاية باوجز بيان. واقل لفظ واقصر جملة واذا جئت تحكي ما تشتمل عليه الاية من المعنى والحكم والبديع في اللفظ والحكم والاسرار طال بك الشرح واحتجت ان تكتب صفحات لتدل على دلالة جملة في كتاب الله سبحانه وتعالى. وكذلك الشأن في قوله تعالى في شأن الطوفان زمن نوح عليه السلام. لما اغرق الله الكفرة. وقيل يا رب ابلعي ماءك ويا سماء اقلعي الماء وقضي الامر واستوت على الجودي. والله ما ابدعه من لفظ اتي بافصح العرب وسله عن مشاعره وهو يسمع هذه الجمل التي هي اسمى ما تكون فيما عرفته العرب قاطبة في الجمل والكلام وجميل البيان. وقيل يا ارض ابلعي ماءك. دعك من مخاطبة الارض والسماوات وهذه الكائنات التي نراها جمادات والله يخاطبها ويوجه امره الالهي اليها سبحانه وتعالى. ثم لاحظ هذا التعبير في سموه وجماله وعذوبته لفظي امتلأت الارض ماء وقد تفجرت من اسفل ومن اعلى فجاء البيان وجاء التوجيه قيل يا ارض ابلعي ماءك بمعنى ان يذهب الماء ويا سماء اقلعي ان تكف عن الامطار والغزارة وما اصاب الارض من الطوفان وقيل يا ارض ابلعي ماءك ويا سماء اقلعي وغيظ الماء وقضي الامر هذا المشهد الكوني والحدث العظيم الذي اصاب الارض تختصر لها كالاية وتوجزه في سطر واحد في القرآن. وقضي الامر واستوت يعني سفينة نوح عليه السلام على الجودي. وقيل بعدا للقوم الظالمين. لن ينقضي العجب ولن تستطيع العبارة وصف ما في الاية من اتساع في المعنى وجلالة في الحكم والاسرار وعمق في الدلالة وانت تأتي قيل قوله تعالى في وصف عقابه جل وعلا للامم السابقة. وهو يختصر ايضا تاريخ القرون من البشر في التكذيب وفي العقاب والنكال قال الله فكلا اخذنا بذنبه فمنهم من ارسلنا عليه حاصبا ومنهم من اخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الارض ومنهم من اغرقنا. كم اوجز في هذه الجمل المتعاقبة اجيال قرون من الامم المتعاقبة على التكذيب والصد عن سبيل الله. هذا الايجاز الذي يلقي بعظيم البيان ثم فيه من الترهيب والوعظ والتذكير ما يجمع لك تاريخ الامم في سياق واحد متصل في غاية المعنى والحكمة البليغة في كلام الله جل وعلا قال رحمه الله واشباهها من الاي بل اكثر القرآن حققت ما بينته حققت بل اكثر القرآن حققت ما بينته من ايجاز الفاظها. حققت هذا جواب لقوله في اول الجملة وانت اذا تأملت الايات المذكورة واشباهها بل اكثر القرآن حققت ما بينته من ايجاز الفاظها بل اكثر القرآن حققت ما بينته من ايجاز الفاظها وكثرة معانيها وديباجة عبارتها وحسن لي في حروفها وتلاوم كلمها وان تحت كل لفظة منها جملا كثيرة وفصولا جمة وعلوا زواخر ملئت الدواوين من بعض ما استفيد ما استفيد منها وكثرت المقالات في المستنبطات عنها. جميع العلم في القرآن لكن انه تقاصر عنه افهام الرجال. ما في القرآن من الايات والمعاني ما ملئت به الدواوين. يا اخي كم كتب في سير كتاب الله عز وجل منذ ان بدأ العلماء في التفسير؟ وهل ترى الى اليوم ان تفسيرا يغني عن اخر؟ وان تفسيرا حوى جميع ما في كتاب الله من المعاني والحكم والاحكام والاسرار لا والله لم ولن يكون. ولو اجتمعت امة الاسلام فجمعوا مئات بل الوف التفاسير. في الوف المجلدات بل عشرات الالوف. فانها لا تزال تغرف من بحر القرآن. وهي قطرة في فيض معينه ماذا يستطيع العرب؟ ما الذي يقوى عليه اهل الاسلام ولو اجتمعوا ان يحيطوا بكتاب الله وعظيم معانيه لكنهم جميعا يروموا الاقتطاف من حدائق القرآن. والارتشاف من بديع ماءه وعذب ماء نهره الذي الذي لا يزال عبر القرون عذبا زلالا. وكلما ورد وارد على القرآن. وقصده قاصد ونهل منه ناهل في القرآن ما لم يجده غيره. وربما فتح له من دقيق المعنى وعميق الفهم ما لم يسبق اليه. وما يزال كتاب الله عز وجل موردا عذبا. تتتابع فيه الدواوين وتؤلف حوله المصنفات. ويستكتب فيه العلماء ولا يزال القرآن غضا طريا اتني بكلام هي قصيدة او بخطبة او بقطعة من روائع بيان العرب شعرا او نثرا ثم انظر كيف يستطيع ناقد بصير ومؤلف خبير ولغوي بارع وبلاغي ماهر كيف يستطيع في كما هي شروح المعلقات وكتب دواوين الشعر يستطيع عالم واثنان وثلاثة الاحاطة بجمال تلك وجمال عباراتها ومقاصدها وكشف غوامضها. ولو تتابع اثنان وثلاثة على معلقة او قصيدة او خطبة واحدة لاوعبوها فهما وشرحا وتعليقا واستيعابا. لكن اين انت عن كلام الله الذي ما زال علماء الامة فقهاء ومحدثون ولغويون وبلاغيون وكل اولئك يجتمعون على بيان عظيم ما في القرآن من المعنى وبديع ما فيه من الروائع والاسرار ولا ينقظي العجب يجتمعون كابرا عن كابر. وواحدا بعد واحد وتتعاقب الاجيال. ولا يزال القرآن مأدبة الله. يقبل اهل الاسلام فالكل ينهل والكل يرتوي والكل يشبع ولا يزال هذا القرآن العظيم مأدبة عامرة تستقبل وفود المسلمين واجيالها عبر القرون قال رحمه الله ثم هو في سرد القصص الطوال واخبار القرون السوالف التي يضعف في عادة الفصحاء عندها الكلام ويذهب ماء البيان اية لمتأمله من ربط الكلام بعضه ببعض والتئام سرده وتناصف وجوهه كقصة يوسف عليه السلام على طولها نحن نقص عليك احسن القصص هذا مطلع سورة يوسف في القرآن وسورة يوسف التي تتجاوز حزبا نصف جزء وهي اكثر من عشر صفحات تعرض قصة لنبي واحد من انبياء الله يوسف عليه السلام تعال الى اعظم القصصيين والروائيين والاخباريين في سرد القصص وفي عرض المعاني. فانه مهما طالت القصة دب اليها الملل وتفككت العبارة وتناثرت اجزاء القصة. اما القرآن فانه في قصصه على طولها لا الا التئاما في الايات وتناسقا في الاحداث وسردا متتابعا يأخذ بالالباب. من سمع قصة يوسف في القرآن ومن قرأ سورة يوسف فانه لا يمل سماعها. وما ابتدأها حتى يأتي على اخرها. ولا يزال حاضرا ذهنه مستوعبا للحدث في سرد عجيب وصدق الله نحن نقص عليك احسن القصص. احسنه في ماذا احسنه في سرده ونظمه وعرضه. احسنه في بيان ما تستوعبه القصة من الحكم والاسرار والفوائد والعبر في جمال اللفظ ونقاوة العبارة وعفة الجملة. احسنوا وفي البعد عن الفاحش ورديء القول وساقط سلام. قصة يوسف عليه السلام حتى لما جاء الى مشهد الفاحشة والمراودة كان اللفظ في اسمى ما يكون طهرا وعفة ورقاء ونقاء وصفاء. والله ما يخدش المشاعر بشيء ولا يجرحها. ويبقى اللسان ربي عاجزا عن الاتيان بمثل ما جاء به القرآن. هذا مثال لقصة يوسف عليه السلام. وباقي قصص الانبياء والامم السابقة هي على المنوال ذاته يضعف عند العرب الفصحاء في مثله الكلام. ويذهب ماء البيان كما قال المصنف. لو اجتمعوا على مداد وحبر توبون به شيئا يجاري القرآن لانقضى وما استطاع احدهم ان يأتي بشيء مما جعله الله عز وجل في كلامه العزيز هذا ان دلك على شيء دلك على ان القرآن اية ايد الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم. وان كلام ربنا الكبير المتعال سبحانه وتعالى. ليس ككلام البشر ولن اكون في مقدور البشر كما قال الله قل لئن اجتمعت الانس والجن على ان يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا قال رحمه الله ثم اذا ترددت قصصه اختلفت العبارات على اختلفت العبارات عنها على كثرة ترددها حتى تكاد كل واحدة تنسي في البيان صاحبتها وتناصف في الحسن وجه مقابلتها ولا نفور للنفوس من ترديد بها ولا معاداة لمعادها. هذا وجه اخر في قصص القرآن. كم مرة ذكرت قصة موسى عليه السلام في القرآن ليس مرة ولا اثنتين ولا ثلاثا ولا اربعا ولا خمسا كم مرة ذكرت قصة عيسى عليه السلام؟ قصص ابراهيم عليه السلام ما الذي تلحظه؟ حتى عند تكرار القصة مثل قصة ادم وابليس في البقرة وفي الاعراف وفي صاد. مثل قصة موسى عليه السلام مع السحرة وهي موجودة ايضا في الاعراف وفي طه وفي الشعراء العجيب انك كلما جئت الى القصة التي يتكرر ذكرها في القرآن لن تجد في موضع تكرارا معادا بما هو بكل ما فيه في الموضع الاخر مع تكرر القصة وكثرة ترددها يقول المصنف تكاد كل واحدة تنسي في البيان صاحبتها وتناصف في الحسن وجه مقابلتها. وهذا حق. فاذا ما قرأت وجدت ان الاختلاف والتفاوت والقصة واحدة. والحدث واحد لكن في روعة البيان وتكرار الاسلوب ومغايرة اللفظ يوقفك على مزيد من المعاني وفيها من الحكم اسرار ما الله به عليم. ومع ذلك فلا تمل النفوس والله. من ترداد القصة في موضع دون موضع. ولا معاداة لمعادها كلما اعيدت وتكررت لن تنفر النفوس بخلاف سائر الكلام ولو كان في اسمى درجات الفصاحة والبيان ايضا اتي بقصة او بقصيدة او خطبة مهما اعجبتك وتعلق بها سمعك وبصرك وقلبك وفؤادك كم اقرؤوها مرة او عشرين مرة او الف مرة سيكون مصيرك الى الملالة والسآمة من كثرة تكرار شيء او كلام تردده لكن كلام الله عز وجل لا يخلق على كثرة الرد كما قال عليه الصلاة والسلام وصدق الشاطبي لما قال واخلق به اذ ليس يخلق جدة جديدا مواليه على الجد مقبلا. وهو يصف القرآن قائلا وخير وخير جليس لا يمل حديثه. وترداده يزداد فيه تجملا. فسبحان من جعل كلامه بهذه المثابة. وسبحان من جعل القرآن لامتي القرآن موردا عذبا وموئلا تشتفي منه صدور المسلمين. ويجدون فيه حاجتهم في دنياهم واخراهم وجعله الله عز وجل اية باهرة. ومعجزة ظاهرة لنبينا المصطفى صلى الله عليه واله وسلم قال رحمه الله تعالى فصل الوجه الثاني من اعجازه سورة نظمه العجيب والاسلوب الغريب المخالف لاساليب كلام العرب ومناهج نظمها ونثرها الذي جاء عليه هذا وجه اخر يا كرام بدأ المصنف يعرض له من وجوه اعجاز القرآن تأمل معي القرآن اليس كلاما عربيا؟ اليست الجملة العربية هي لفظ فيها حرف وكلمة واسم وفعل من لسان العرب وقاموس العرب ولسان العرب ما خرج القرآن عن هذا لكن اخبرني ما هي الاية في كلام الله؟ ما الجملة وفي القرآن ليست الا اسما او فعلا او حرفا لم يخرج عن قاموس العرب ولا لسانها المعهود لكنك لا تدري لا تستطيع ان تصفه شعرا فليس بشعر وليس هو خطبة فليس كذلك. وليس ايضا مما هو يعجز الناس عن فهمه ايضا ليس من هذا الباب. كلام مع كون مفهوم المراد قريب التناول الا انه عميق الاثر يدخل على القلوب فيفرض هيمنته وسلطانه. ويجد القارئ والسامع للقرآن شعورا عجيبا يسري في كيانه تعاملك مع القرآن يقف بك على الوجه الثاني من وجوه الاعجاز في القرآن. سورة نظمه العجيب ترتيب الاية وتركيب الكلم فيها وتسلسل العبارات كل ذلك وجه عجيب. ليس ليس كالوجه الاول هناك يتكلم عن البلاغة عن الايجاز والاعجاز عن سمو اللفظ واقتصاره الفاظ قليلة على المعاني الكبيرة العظيمة يتكلمون في الوجه الثاني على نظم القرآن تركيب جمله ولفظه وكلماته اسلوب غريب قال مخالف لاساليب العرب ومناهج نظمها ونثرها. نعم ووقفت مقاطع اييه وانتهت فواصل كلماته اليه ولم يوجد قبله ولا بعده نظير له ولا استطاع احد مماثلة شيء منه. بل حارت فيه عقولهم وتذهلت دونه احلامهم ولم يهتدوا الى مثله في جنس كلامهم من نثر او نظم او سجع او رجز او شعر اي والله ليس القرآن نثرا كما هو المعهود في كلام العرب ولا نظمن من شعرهم ولا سجعا معروفا ولا رجزا مما يرتجزون به ليس هو شيء من ذلك ومع ذلك فما خرج عن كونه كلاما عربيا. لا تذهب بعيدا رعاك الله. استعرض بعض ما تحفظ من ايات في القرآن واستشعر هذا المعنى الذي يشير اليه المصنف. تركيب بديع ونظم عجيب في كلمات وايات القرآن. اقرأ مثلا سورة الشمس لتقف على عجيب هذا التركيب الذي ما استطاع العرب الى اليوم ان يكون لهم نظم في الكلام في روعته وبيانه كما جاء في القرآن والشمس وضحاها والقمر اذا تلاها. والنهار اذا جلاها والليل اذا يغشاها. حتى السجع المعروف عند في ان تكون خواتم مقاطع الجمل متجانسة متشابهة هو ليس كذلك ليس فقط في تركيب اللفظ بل هو تسلسل في غاية العذوبة لا تكلف فيه ولا اصطناع ولا تمحل في العبارة ولا اوقف اللفظ يسري في فصاحة عجيبة ويسر غير مستطاع. هذا السهل الممتنع في كتاب الله عز وجل وفي ايات القرآن شيء لا تستطيع ان تفصح عنه هو كالملاحة. لما تصف شيئا مليحا او وجها مليحا تدركه لكنك تعجز عن التعبير عنه ولا تستطيع عبارتك الاحاطة بوصفه هو كذلك والله في القرآن. في عجيب بديع في عجيب نظمه وبديع لفظه تجد هذا العجب وتعجز عن التعبير عنه. لكن ما من عربي اوتي طرفا من البلاغة وادرك حلاوة لسان العرب الا وجد هذا المعنى في القرآن. اقرأ سورة النجم والنجم اذا هوى ما ظل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى. تعجب والله من ايقاع اللفظ من اثره في نفسي من حلاوة اللفظ من جمال التركيب من تناسق الايات في السورة الواحدة. اقرأ معي ايضا سورة القيامة او سورة القمر وقل ما شئت من سور القرآن هي كذلك على درجة سواء في السمو في الفصاحة في عجيب التركيب في بديع اللفظ. لا زلت اقول يعجز الواصف عن وصف عظمة في هذا الباب في بديع اللفظ كما قال المصنف والنظم العجيب والاسلوب الغريب الذي خالف اساليب طب والعرب لها اشعارها ودواوينها ولها خطبها التي اهتزت لها المنابر ولها جملها التي تناقلتها الالسنة حكما سائرة وامثالا شائعة. ولها ايضا بديع الكلام الذي احتفظت به العرب في دواوينها. ومعاجمها لكن كل ذلك لا يبلغ والله مثقال ذرة في عظيم ما وصف به القرآن في هذا الباب من سمو اللفظ وعجيب التركيب الذي لا تصنفه في الحكم ولا في الاشعار ولا في الخطب ولا القصائد او المعلقات هو شيء اسمى من ذلك حسبك ان تقول انه قرآن. لانه كلام الله عز وجل قال رحمه الله تعالى ولما سمع كلامه صلى الله عليه وسلم الوليد بن المغيرة وقرأ عليه القرآن رقا فجاء ابو جهل منكرا عليه. قال والله ما منكم احد اعلم بالاشعار مني. والله ما يشبه الذي ما يشبه الذي يقول شيئا من هذا. الحديث اخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي الوليد بن المغيرة احد صناديد قريش وعتاتها وكبرائها. ممن تزعم الصد عن سبيل الله والعناد لرسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة مات كافرا. الوليد بن المغيرة هذا هو والد خالد بن الوليد. رضي الله عنه سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم الوليد بن المغيرة احد رؤوس قريش واشرافها لما سمع طرفا من القرآن رق قلبه واهتز وتأثر فجاءه وابن اخيه ابو جهل يحاول ابقاءه على الكفر لينزعه عن تأثره بالقرآن. وعبثا والله يحاولون يحاولون الوقاية مما لا سبيل لهم اليه. من اي شيء تتقي من روعة القرآن وعجيب اثر القرآن؟ فحاول فيه ابو جهل منكرا عليه ومشغبا عليه تأثره بالقرآن فاجاب الوليد وهو قائم على كفره بالله قال والله ما منكم احد اعلم مني باشعار العرب. والله ما يشبه هذا الذي يقول شيئا من هذا. يقول ابدا ليس هذا من العرب ولا من شعرها. هذا موقف حصل للوليد وثمة موقف ثان وثالث يؤكد لك انهم رغم كفرهم بالله الا انه ما استطاعوا مكابرة ولا ردا لما وجدوا من اثير من اثر القرآن وعظيم وقعه على القلوب قال رحمه الله وفي خبره الاخر حين جمع قريشا عند حضور الموسم وقال ان وفود العرب ترد فاجمعوا فيه رأيا فاجمعوا فيه يعني في رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهم يجهزون لحملة دعائية تشوه رسالته عليه الصلاة والسلام. قبل موسم الحج وقدوم وفود العرب الى مكة والمشاعر. لانه موسم دعوة وكان الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم لا يألو جهدا في ان يقصد تلك البقاع والمجامع وحضورا الناس في المواسم يعرض عليهم دين الاسلام من اجل ان يبلغني الاسلام انا وانت اليوم وغدا وبعد غد يبذل عليه الصلاة والسلام وقته وجهده وعناء بدنه يقصد الناس في حضور الموسم لانه مجمع. فاذا كانوا يجتمعون كان يحرص على ابلاغهم الاسلام واسماعهم القرآن. فاجتمعت قريش تتآمر وترتب المكائد للصد عن سبيل الله. فتحدث الوليد وقال ان وفود العرب ترد فاجمعوا فيه رأيا. يريدون اعداد العدة لاحباط الدعوة وافشالها. لمجابهة ما يبذله رسول الله صلى الله عليه وسلم من نور الحق وظهور سلطانه وعبثا يحاولون الصد لكن المقصود ان تدرك ما الحيرة التي وقعوا فيها تجاه القرآن والنبي عليه الصلاة والسلام يسمعه العرب في مجامعهم اذا قدموا ايام الحج وقال ان وفود العرب ترد فاجمعوا فيه رأيا. لا يكذب بعضكم بعضا فقالوا نقول كاهن قال والله ما هو بكاهن ما هو بزمزمته ولا سجعه. هكذا يتآمر المجرمون قالوا نتفق ان ننشر في العرب اذا قدموا في الموسم ان محمدا كاهن صلى الله عليه وسلم. وقد اثبت القرآن تلك المقولة قال الوليد هذه كذبة لا شأن لها ما هو بكاهن ما هو بزمزمته ولا سجعه. ما يقوله الكهان ويدمدمون به ويتمتمون عبارات غير مفهومة وطلاسم والغاز لا يفهمها السامع ولا يدرك لها معنى يقول اتقيسون القرآن الذي نذعن لفصاحته وبلاغته بزمزمة الكهان وسجع الكهان لاحظ كيف انهم على كفرهم وحربهم الا انهم تآمروا ثم اتفقوا على انه لا سبيل الى وصف القرآن بشيء مما يفعله الكهن قالوا مجنون؟ قال ما هو بمجنون ولا بخنقه ولا وسوسته. حتى هذه ايضا لا تناسب ليس يعتريه صلوات ربي وسلامه عليه شيء من احوال الجنون ولا المجانين حال الاختناق وحال الغشيان والوسوسة وكثرة الالتفات وتحديث النفس. وقد كان عليه الصلاة والسلام اسمى واطهر اشرف من ذلك لكنها محاولة الايسين. محاولة المكذبين المعاندين وعبثا يحاولون فما استطاعوا الى ذلك تبيلا قالوا فنقول شاعر. قال ما هو بشاعر. قد عرفنا الشعر كله رجزه وهزجه وقريضه ومبسوطه ما هو بشاعر؟ فلاستطاعوا وصفه بالكهانة ولا بالجنون ولا بالشعر ولا بالسحر صلوات الله وسلامه عليه انه لقول رسول كريم وما هو بقول شاعر. قليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون من رب العالمين. هكذا هو شأن العرب قبل الاسلام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومع القرآن وهم يسمعون وقد كانوا اقدر الامة على الاطلاق لمجاراة القرآن لو ارادوا مجاراته. وبلسانهم نزل القرآن وبمستوى فصاحتي عجزوا عن مجاراته والاتيان بمثله قالوا فنقول ساحر. قال ما هو بساحر ولا نفثه ولا عقده قالوا فماذا فما نقول؟ قال ما انتم بقائلين من هذا شيئا الا وانا اعرف انه باطل وان اقرب القول انه ساحر فانه سحر يفرق بين المرء وابيه والمرء واخيه والمرء زوجه والمرء وعشيرته. نعم. هكذا انتهى تآمر اكابر المجرمين في قريش. على وصف سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بانه ساحر وعجزوا عن شيء سوى ذلك ورغم ذلك فقد قال لهم الوليد ابن المغيرة ما انتم بقائلين من هذا شيئا الا وانا اعرف انه باطل. وصدق الله قد نعلم انه لا يحزنك الذي يقولون. فانهم لا يكذبونك ان الظالمين بايات الله يجحدون. كانت مكابرة والله وكانت معاندة واصرارا على الكفر يؤزهم فيه الشيطان لتبقى حلقة الصراع هذه قائمة الى قيام الساعة. وبقي النبي عليه الصلاة والسلام يدعو الناس وبقي سلطان يهيمن على الافئدة فيدخل الناس في دين الله عز وجل. فتفرقوا على هذه المؤامرة باتهامه صلوات الله وسلامه عليه بالسحر. لانه يفرق بين الرجل وزوجه والرجل وابيه. اذ اسلم احدهم وبقي الاخرون على كفره فيفترقان قال فتفرقوا وجلسوا على السبيل يحذرون الناس. فانزل الله تعالى في الوليد ذرني ومن خلقت وحيدا وجعلت له مالا ممدودا. وبنين شهودا ومهدت له تمهيدا ثم يطمع ان ازيد. كلا انه كان لاياتنا عنيدا سارهقه صعودا انه فكر انه فكر وقدر فقتل كيف قدر؟ ثم قتل كيف قدر؟ ثم ثم عبس وبصر ثم ادبر واستكبر فقال ان هذا الا سحر يؤثر. وهذا منتهى تآمرهم في وصف القرآن بانه سحر. بعد التفكير والتقدير والتقديم والتأخير ما ملكوا حيلة الا ان يقولوا انه ساحر واراد الله ان يكون منتهى تآمرهم في غاية السخف والكذب والدجل والانكشاف امام اعين الناس. لاتهامه صلى الله عليه وسلم بهذه الفرية التي هو منها براء قال رحمه الله وقال عتبة بن ربيعة حين سمع القرآن يا قوم قد علمت ان قد علمتم اني لم اترك شيئا الا وقد علمته وقرأته وقلته. والله لقد سمعت قولا والله ما سمعت مثله قط وما هو بالشعر ولا بالسحر ولا بالكهانة. هذا عتبة صنديد اخر من صناديد قريش المقتول يوم بدر كافرا على اسياف علي وحمزة رضي الله عنهم اجمعين. قتل على كفره ومع ذلك يذعن هو الاخر بصدق القرآن وانه ليس بكلام بشر قد علم انتم اني لم اترك شيئا الا وقد علمته وقرأته وقلته. والله لقد سمعت قولا ما سمعت مثله قط ما هو بالشعر ولا لا بالسحر ولا بالكهانة قال وقال النظر ابن الحارث نحوه وفي اسلام وفي حديثه وقال النظر ابن الحارث نحوه فانه ايضا كان ممن اوتي القصص ويسمع الاخبار ويقرأ في شأن الامم ويجمع قصص الاولين والاخرين فيأتي مكة ويحدثهم. وزعم انه يستطيع ان يحكي لهم شيئا مما يأتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم من قصص السابقين واحوال الامم السالفة فكان ايضا في غاية سخافتي ان يجاري شيئا مما يأتي به الله من وحيه لنبيه صلوات الله وسلامه عليه. قال رحمه الله تعالى في حديث اسلام ابي ذر رضي الله عنه. ووصف اخاه انيسا فقال والله ما سمعت باشعر من اخي انيس لقد ناقض اثني عشر اثني عشر شاعرا في الجاهلية انا احدهم. وانه انطلق الى مكة وجاء الى ابي ذر النبي صلى الله عليه وسلم قلت فما يقول الناس؟ قال يقولون شاعر كاهن ساحر لقد سمعت قول الكهنة فما هو بقولهم؟ ولقد وضعته على اقراء الشعر فلم يلتئم وما يلتئم على لسان احد بعدي ان انه شعر. وانه لصادق وانه كاذبون والاخبار في هذا صحيحة كثيرة. قصة اسلام ابي ذر الغفاري رضي الله عنه ثابتة في الصحيحين. مختصرة وموجز ذلك كما في صحيح البخاري انه بلغ ابا ذر خبر مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة وابو ذر ليس من اهل مكة ولا من ساكنيها. فلما بلغه خبر بعثته عليه الصلاة والسلام قال لاخيه انيس هذا اركب الى هذا الوادي يعني مكة مكة قال اركب الى هذا الوادي فاعلم لي علم هذا الرجل الذي يزعم انه نبي يأتيه الخبر من السماء واسمع من قوله ثم ائتني فارسل اخاه بين يديه قبله ليستكشف له الخبر. قال فانطلق اخوه حتى قدم مكة وسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رجع الى اخيه ابي ذر. فقال له والحديث في البخاري. قال رأيته بمكارم الاخلاق وكلاما ما هو بالشعر فقال له ابو ذر ما شفيتني مما اردت. يعني ارسلتك تستطلع لي الخبر وتأتيني بخلاصة ذلك. فما استطاع وصفا سوى هذا فما كان هذا الكلام يشفي غليل ابي ذر. وهو يريد بيانا اوسع من هذا. ويريد الوقوف على حقيقة ويعرف الشأن تماما. ولذلك في الحديث في صحيح مسلم باتم من ذلك. وفيه مغايرة قال خرجنا قوما من غفار وكانوا يحلون الشهر الحرام. خرجت انا واخي انيس من قومنا فنزلنا على خال فحسدنا قومه فقالوا انك اذا خرجت عن اهلك انك اذا خرجت عن اهلك خالف اليهم انيس. قال فلما مضى وخرجنا من عنده فانطلقنا نحو مكة. فنافر اخي انيس رجلا الى الكاهن فخبر انيسا فاتنا بصرمتنا ومثلها معها الى ان قال لما توجه انيس بمكة قال له ما صنعت؟ قال لقين رجلا بمكة على دينك يزعم ان الله ارسله. قال فما يقول الناس؟ قال يقولون شاعر كاهن ساحر. وكان اسم شاعرا فقال لقد سمعت كلام الكهنة فما هو بقولهم؟ انيس يقول هذا الكلام وقد تردد على الكهان ويعرف احوالهم. والشعر كان ضليعا فيه. بل كان يقارض الشعراء. وكان يساجلهم وكان يغلبهم ويظهر عليهم لظلاعته في الشعر وبراعته فيه. قال يقولون شاعر كاهن ساحر لقد سمعت كلام الكهنة فما هو بقولهم. ولقد وضعت قوله على اقراء الشعر. يعني على انظمة الشعر وموازينها بحورها قبل ان يرتب الخليل الفراهيدي اوزان الشعر وعروضه. كانت سليقة والعربي يعرف وزن الشعر وايقاعه قال وقد وضعته على اقراء الشعر فما يلتئم عليها. والله انه لصادق وانهم لكاذبون. يقول هذا الكلام رجل ما دخل الاسلام قلبه ولا اتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم حينها ما وجد ابو ذر بدا من ان يقدم بنفسه الخبر فخيرا اراد الله له قدم مكة فاسلم رضي الله عنه وارضاه. والشاهد من هذا السياق ما حصل لاخيه اني وما حصل قبله مع عتبة بن ربيعة وقبل ذلك مع الوليد بن المغيرة وسائر من لم يدخل الاسلام قلبه ان دخل القرآن بروعته وعظيم وقعه في قلوبهم فاذعنوا في باطنهم وانكروا في ظاهرهم وبقي احدهم على كفره عنادا وعدوانا وصدا عن سبيل الله قال رحمه الله تعالى والاعجاز بكل واحد من النوعين الايجاز والبلاغة بذاتها او الاسلوب بذاته. يريد النوعين في الفصلين الذين اوردهما من اعجاز القرآن. الفصل الاول في بلاغة القرآن وايجاز لفظه. والفصل الحالي في غريب لفظ القرآن ومخالفته لاساليب العرب في كلامها. كل واحد كل واحد منهما نوع اعجاز على التحقيق لم تقدروا لم تقدر العرب على الاتيان بواحد منهما. اذ كل واحد خارج عن قدرتها مباين لفصاحته وكلامها والى هذا ذهب غير واحد من ائمة المحققين وذهب بعض المحققين المقتدى بهم الى ان الاعجاز في مجموع البلاغة والاسلوب. واتى على ذلك بقول تمجه الاسماع وتنفر منه القلوب والصحيح ما قدمناه والعلم بهذا كله ضرورة وقطعا ومن تفنن في علوم البلاغة وارفأ وارهف خاطره ولسانه ادب هذه الصناعة لم يخفى عليه ما قلناه. نعم وكل من وكل من برع في اللسان وفتح الله له ابواب البلاغة والبيان كلما ارتقى في ادراك هذا المعنى من لسان العرب زاد ادراكه لعظيم ما احتواه القرآن من هذا الباب. في فصاحة وبلاغة وعجيب لفظ وبديع نظم. فكلما ارتقى الانسان في هذا الباب من العلم ادرك علو شأن القرآن وبديع اثره ورفيع قدره المخالف به سائر كلام العرب على مر الزمان من قال رحمه الله وقد اختلف ائمة اهل السنة في في وجه عجزهم عنه. فاكثرهم يقول انه ما جمع في قوة جزالته ونصاعة الفاظه وحسن نظمه وايجازه وبديع تأليفه واسلوبه. لا يصح ان يكون في مقدور بشر وانه من باب الخوارق الممتنعة على اقدار الخلق عليها كاحياء الموتى وقلب العصا وتسبيح الحصى وذهب الشيخ ابو الحسن الى انه مما يمكن ان يدخل مثله تحت مقدور البشر. ويقدرهم الله عليه. ولكنه ولم يكن هذا ولا يكون فمنعهم الله هذا وعجزهم عنه. وقال به جماعة من اصحابه. نعم الان باتفاق اهل الاسلام انه ما استطاع بشر ولا جن قط مضاهاة القرآن ولا مجاراته ولا محاولة الاتيان بمثله ولا ببعضه ليس من اليوم بل من اكثر من الف مئة عام منذ ان نزل القرآن ما تحدى القرآن احد ولا قبل هذا التعجيز احد لانه ليس بمقدورهم وقد اختلف العلماء على قولين في عجز الخلق عن مجاراة القرآن. اهو شيء لا يستطيعونه خارج عن قدرة كما تقول مثلا في احياء الموتى وقلب العصا حية وتسبيح الحصى. هل تعجيز القرآن هو من جنس هذه المعجزات احيا الله الموتى لعيسى عليه السلام وقلب العصا حية لموسى عليه السلام. وجعل الحصى تسبح في كف رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكذلك الطعام والحجر كان يسلم عليه صلى الله عليه وسلم هذه المعجزات خارقة للعادة. لا يستطيع البشر فعلها لانها ليست في مقدورهم هل معجزة القرآن هو من هذا القبيل؟ انها شيء خارج عن قدرتهم فائق عن طاقتهم لا يستطيعون ولا يهتدون اليه سبيلا ام تقول لا بل هو في مقدورهم لكن الله صرفهم عن ذلك وحال بينهم وبين ان ينطق احدهم بشيء مما جاء به القرآن في مستوى فصاحته وبلاغته وبديع نظمه. هذان قولان اول منهما هو الصحيح والذي عليه اهل الاسلام قاطبة وجمهور العلماء ان تعجيز القرآن هو من جنس انه خارج عن مقدور البشر. من الخوارج الممتنعة عن قدرة الخلق عليها سواء بسواء كاحياء الموتى وتسبيح الحصى او قلب العصا كل ذلك لا يستطيعه بشر فكذلك مضاهاة القرآن. بينما ذهب بعض اهل العلم الى القول الاخر المسمى بالقول بالصرفة والمعنى ان الله صرف البشر عن الاتيان بمثل القرآن ومضمون هذا القول ان العرب بما اوتي احدهم من اللسان والبيان كان قادرا على ان يتكلم بكلام يشبه القرآن. ويجاريه ويضاهيه. لكن الله حال بينهم وبين ذلك. الاول هو قول اهل العلم كافة وهو الراجح الذي عليه المحققون. قال رحمه الله وعلى الطريقين فعجز العربي عنه ثابت واقامة الحجة عليهم بما يصح ان يكون في مقدور البشر وتحديهم بان يأتوا بمثله قاطع وهو ابلغ في وهو ابلغ في التعجيز واحرى بالتقريع. يعني ان القول الاول هو اقرب الى اقامة الحجة. ان يكونوا قادرين عليه او صرفوا او ان يكونوا غير قادرين. ان يكون في مقدور البشر. ويتحدون ويتحدون بالاتيان بمثل هو ابلغ في التعجيز. نعم. والاحتجاج بمجيء بشر مثلهم بشيء ليس من قدرة البشر لازم. وهو ابهر اية واقمع دلالة وعلى كل حال فما اتوا في ذلك بمقال بل صبروا على الجلاء والقتل وتجرعوا كاسات الصغار والذل وكانوا من شموخ الانف واباية الظيم بحيث لا يؤثرون ذلك اختيارا ولا يرضونه الا اضطرارا. ها هنا نقطة بديعة يا اخوة تسترعي الانتباه وتستحق التأمل والعناية. هذه امة العرب قريش ومن وافقها ومن حالفها في الصد والكفر والاعراض عن دين الله. كانوا افصح العرب بيانا واقواها لسانا. واسماها فصاحة وبلاغة وسائر وجوه الاعجاز في اللسان. ومع ذلك فانهم عاشوا حياتهم صراعا مع رسول الله صلى الله عليه سلم قبلوا الحرب وازهقت النفوس وفقدوا الاعزة والاحبة. بالله عليكم اي الطريقين كان اقرب للعرب قتال وحرب وازهاق ارواح وفناء انفس او مجاراة القرآن وقبول التحدي وكسر الحاجز وغلبة رسول الله صلى الله عليه وسلم بما من فصاحة اللسان اي الطريقين كان اقرب منالا اليهم وايهم كان ايسر لهم لا شك ان معارضة القرآن ومجاراته ومضاهاته كان اقرب وكان ايسر لهم وهم ارباب لسان وفصاحة وبلاغة وبيان. السؤال لم لم يفعلوا ولما ركبوا الصعب ولما تحملوا القتال؟ ولما صبروا على المعاناة في حروب دامت بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوا من عشر سنين لم تحملوا كل ذلك؟ فقدوا فيها الاعزة والاحبة وساقوا فيها الارواح وقدموا فيها الفداء والتضحيات وهم اصحاب اباء واصبح واصحاب شامخة ما يرضون بالضيم ولا يقبلون الذل والمهانة. فكيف قبلوا القتلى والاسرى والذل والهوان في حروب متتابعة. ارأيت انهم توجهوا الى الصعب بالحرب والقتال. لان الاخر ان اصعب عليهم وهو تحدي القرآن. كان ابعد منالا فيما يبدو للظاهر انه ايسر على امة اللسان والفصاحة والبيان على الشعراء والبلغاء والفصحاء لكن القرآن ليس بالسهل المستهان في هذا الباب. فاذا رأيتهم ركبوا الصعب وارتضوا بالمنون وقبلوا الذل والهوان فاعلم ان الطريق الاخر كان اعسر عليهم. وكان اشق عليهم فما استطاعوا فقبلوا بما هو مر واشد مرارة من الاول قال رحمه الله. وعلى كل حال على كل حال فما اتوا في ذلك بمقال بل صبروا على الجلاء والقتل وتجرعوا كاسات الصغار والذل وكانوا من شموخ الان واباية الظيم بحيث لا يؤثرون ذلك اختيارا ولا يرضونه الا اضطرارا. والا فالمعارضة لو كان من والشغل بها اهون اهون عليهم. واسرع بالنجح وقطع العذر وافحام الخصم لديهم. وهم من هم على الكلام وقدرة في المعرفة به لجميع الانام. وما منهم الا من جهد جهده واستنفذ ما عنده في اخفاء ظهوره واطفاء نوره فما جلوا في ذلك خيبة من بنات فما جلوا في ذلك خيبة خبيئة من بنات شفاههم. فما جلوا في ذلك خبيئة من بنات شفاههم ولا اتوا بنطفة من معين مياههم مع طول الامد وكثرة العدد وتظاهر الوالد وما ولد. بل ابليسوا ما نبسوا ومنعوا فانقطعوا فهذان نوعان من اعجازه. نعم. قال وما منهم الا من جهد جهده واستنفذ ما عنده في اخفاء ظهوره. يعني الاسلام والقرآن واطفاء نوره فما جلوا في ذلك خبيئة من بنات شفاههم. ما استطاعوا ان يظهروا في سبيل ذلك شيئا مما يخرج من افواههم من شفاههم ولا اتوا بنطفة يعني ما استطاعوا بقطرة من معين القرآن مع طول الامد. وكثرة العدد الوالد وما ولد. ما كان واحدا ولا اثنين ولا الفا ولا الفين. اجتمعوا في حربه عليه الصلاة والسلام يوم الخندق عشرة الاف في انسان ما وجد من هؤلاء احد ان يستطيع باجتماع اللسان والكلام مضاهاة القرآن قال بل ابلسوا فما نبسوا. ان قطعوا حيرة فما نبست شفاههم بكلمة ولا بحرف يستطيعون به قبول تحدي القرآن ومنعوا فانقطعوا فهذان اعاني من اعجازه يقصد النوع الاول في اعجاز القرآن وايجازه وبلاغته. والاخر في عجيب لفظه وبديع نظمه وغرابة ما عهدته العرب من كلامهم ومخالفته لسائر ما اعتادوه في لسانهم. انتهى الفصل ليكون مجلسنا المقبل ان شاء الله في ثالث الفصول من وجوه الاعجاز في القرآن في مجلس ليلة الجمعة المقبلة ان شاء الله تعالى. معشر الصائمين دقائق تفصلكم عن غروب شمس هذا اليوم. لتستقبلوا ليلة شريفة عظيمة هي ليلة الجمعة. والشأن فيها عظيم الصلاة والسلام فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ايضا لها قدر عظيم. فاعمروا ليلتكم بالصلاة والسلام على الحبيب صلى الله عليه وسلم تنال بها المبتغى وترتفعون بها في الدرجات العلى وتستنزلون رحمة ربكم الكريم جل وعلا ومحمد صلى الله عليه وسلم. ومحمد يحلو الكلام بذكره. بل ذكر احمد في القلوب اقيما. صلى عليك الله يا خير الورى صلوا عليه وسلموا تسليما. ثم ان جمعتكم غدا هي ايضا مما يستحب لكم فيها الاكثار من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم وهو القائل اكثروا من الصلاة علي ليلة الجمعة ويوم الجمعة. نسألك اللهم اعلم النافع ورزقا واسعا وشفاء من كل داء. ربنا تقبل صيامنا وقيامنا واجب دعائنا. واعتق اللهم من النار رقابنا ورقاب ابائنا وامهاتنا. اللهم اجعل لنا ولامة الاسلام جميعا من كل هم فرجا. ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية فرج يا ربي هم المهمومين ونفس الكرب عن المكروبين واقض الدين عن المدينين واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين اللهم كن عبادك المستضعفين من المؤمنين في كل مكان. وايدهم بعزتك التي لا ترام. رباه كل اخوتنا في فلسطين والشام والعراق واراكان وفي مصر واليمن وليبيا وفي كل مكان اله الحق يا سميع الدعاء. عز جارك وجل ثناؤك وتقدست اسماؤك اجعله شهر خير ورحمة وفتح ونصر قريب عاجل وفرج من عندك يا اكرم الاكرمين. ربنا اتنا دنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. وصلي يا ربي وسلم وبارك على حبيبك المصطفى ونبيك المجتبى محمد واله وصحبه اجمعين والحمد لله رب العالمين