بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى والذي اخرج المرعى فجعله غثاء احوى. احمد الله تعالى واشكره واستعينه استغفره واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. وبعد فان ليلة الجمعة معشر المسلمين ليلة شريفة البركة وشأن الليالي الفاضلة اغتنام فضلها. الا فاعلموا ان من فضل ليلتكم هذه الاستكثار من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهو القائل اكثروا من الصلاة علي ليلة الجمعة. ويوم الجمعة ثم لم يزل مجلسنا هذا متتابعا بعون الله تعالى في كل ليلة من ليالي الجمعة. نتدارس فيه حقوق النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم من كتاب الشفاء ونستكثر في مجلسنا هذا ونحن في رحاب بيت الله الحرام نستكثر فيها من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يحدون الشوق ويقودنا الامل ونبحث فيه عن حب صادق نوقع فيه الخطى اقتداء بنبي الامة ورسول الهدى والرحمة صلوات الله وسلامه عليه. نسقي غراس نسقي غراس الحب في قلوب لاعظم من ينبغي ان تحبه القلوب عليه الصلاة والسلام. من بني ادم وهو الذي علمنا كيف نتقلد هديه نترسب خطاه وان مما يزيد الحب في القلوب اتباع اثره عليه الصلاة والسلام ومعرفة حقه العظيم وهذا الباب الشريف العظيم من معرفة سيرته وهديه وشمائله والوقوف على حقوقه العظيمة له ومما يزرع وفي القلب تلك الغراسة الفاضلة التي تؤسس لحب عظيم واستلال صادق برسول الله صلى الله عليه واله سلم ما زال ذكرك في الشفاه نديا. يسقي القلوب شرابها القدسي صلى عليك الله مهما شوق سرى نحو بكرة وعشيا. هذا المجلس يأتي بعد توقف في ايام رمضان وما عقبه. ونحن ما زلنا في هذا الباب الرابع من اسمي الاول في كتاب الشفاء بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم للامام القاضي عياض رحمه الله تعالى. وهو الفصل الذي اورد فيه معجزاته عليه الصلاة والسلام. وقد ربط ذلك بعظيم قدره عند الله. فان الله قد ايد انبياؤه جميعا بالمعجزات وايدهم بالحجج الباهرات والايات البينات تصديقا لهم وافحاما لاقوامهم المكذبة واقامة للحجة على الخلق. ونبينا عليه الصلاة والسلام له في ذلك السهم الوافر والمنصب العظيم في المعجزات التي ايد بها عليه الصلاة والسلام وما زلنا في ام المعجزات واعظمها وابركها وهو هذا القرآن العظيم. الذي جعل فيه المصنف رحمه الله فصولا عدة مضى بعضها في مجالس رمضان الحديث عن شرف القرآن وفضله ووجوه اعجازه العظيمة التي كلما اجتمعت وجوه وتواطأت على عظمة القرآن المنزل المعجز كان ذلك اية على عظمة قدره عليه الصلاة والسلام الذي خصه ربه بهذه المعجزة العظيمة. واتاه هذا القرآن المبين. ما زال الحديث عن فصول في اعجاز القرآن. وقد ذكر المصنف رحمه الله فيما سبق وجوها اربعة لاعجاز القرآن ومكانته العظيمة. اولها حسن تأليفه وفصاحته ووجوه اعجازه وايجازه وبلاغته وثانيها صورة نظمه العجيب واسلوبه الغريب الذي جاء على خلاف ما عهدته العرب في اسلوب نظمها ونثرها ثالثها الاخبار بالمغيبات وما لم يكن. وكيف وقع كما ورد على لسانه عليه الصلاة والسلام وما اوحاه الله اليه في القرآن الكريم ورابع وجوه الاعجاز هو اخبار الامم الماضية والقرون البائدة وهو عليه الصلاة والسلام امي لا يقرأ ولا اكتب فكان ذلك اية على صدقه عليه الصلاة والسلام. وصدق ما اوحى الله اليه. فلما انقضت تلك الوجوه الاربعة من اعجاز القرآن التي افاض فيها المؤلف رحمه الله واحسن فيما اورد وكان مرجعا لمن جاء بعده في ذكر هذه الوجوه العظيمة عجيبة من اعجاز القرآن ووجوه دلالته على صدق المصطفى صلى الله عليه وسلم. الله. عقب ذلك بجمل من الوجوه التي تؤازر ما سبق من تلك الاربعة. فذكر منها من غير تلك الوجوه ان الله عز وجل جعل فيها تعجيزا وتحديا للاقوام اتيان بمثله وانها تشتمل على ايات فيها الروعة التي تقذف في قلوب السامعين واسماعهم. وذكر ايضا من الوجوه لكون القرآن اية باقية لا تعدم ما بقيت الدنيا مع تكفل الله سبحانه وتعالى بحفظه. في هذا الفصل الذي نستعرضه الليل يختم فيه المصنف رحمه الله حديثه عن اعجاز القرآن ووجوه فضائله وكرامته عند الله. اما انه سينقضي المجلس لكنه لن ينقضي الحديث ابدا والله عن عظمة القرآن. كيف وهو كلام الله جل وعلا. كيف وهو المنزل من فوق سبع سماوات؟ هذا القرآن الذي حمد ربنا سبحانه وتعالى نفسه على انزاله فقال الحمدلله الذي انزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا. هذا الانزال للقرآن الذي مجد ربنا سبحانه وتعالى نفسه على انزاله فقال تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذير فنحن احق بحمده سبحانه ونحن احق بتمجيده جل في علاه وقد اكرمنا الله بهذا القرآن. ستنقضي جالس والفصول والكتب التي تتحدث عن كرامة القرآن وفضله وعظيم قدره عند الله وجلالته بين الكتب التي انزل الله لكنه لن ينقضي الحديث عن هذا المقام العظيم لكتاب ربنا الكريم. غير ان المصنف رحمه الله سيختم في هذا الفصل ما اورده فيما سبق. ويأتي بجملة مما عد من وجوه الاعجاز. وسيأتيك ان المصنف رحمه الله لا يراها وجوها للاعجاز بقدر ما هي وجوه لفضائل في القرآن الكريم. ووجوه لكرامته عند ربنا العظيم سبحانه وتعالى وكيفما كان فاعلموا يا قوم ان القصد من هذه الفصول الماضية والفصل الاتي في جمع فضائل القرآن ووجوه اعجاز القرآن بيان عظيم قدر القرآن. فاذا تبين لنا عظيم قدر هذا الكتاب العظيم. ربطنا ذلك بعظيم قدر النبي المصطفى صلى الله الله عليه وسلم ان الله اصطفاه لهذا الكتاب وانزل عليه هذا القرآن فكلما عظم قدر القرآن عظم قدر المصطفى صلى الله الله عليه وسلم فهذه الوجوه في الترابط بين كتاب الله ورسول الله صلى الله عليه وسلم ائتلاف عجيب والتئام اتساق ينبيك ان الله عز وجل اراد بهذه الامة خيرا. فاحمدوا ربكم على ما حباكم به من كتابه العظيم. وما اكرمكم من نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم ودينه الجليل العظيم اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي جعل كتابه المبين كافلا ببيان الاحكام شاملا لما شرعه لعباده من الحلال والحرام شافيا الاستقام مرهما للاوهام والصلاة والسلام على من نزل اليه الروح الامين بكلام رب العالمين وعلى اله المطهرين اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين. ما قرأت فاتحة ورد امين. قال المصنف رحمه الله تعالى فصل في وجوه اخرى في اعجازه منها. لا يمله قارئه وقد عد جماعة من الائمة ومقلدي الامة في اعجاز في اعجازه وجوها كثيرة ومقلد الامة فتحي اللام اسمه مفعول ومقيمة الذين تقلدهم الامة ومقلدي الامة مقلدي ومقلدي الامة في اعجازه وجوها كثيرة منها ان قارئه لا يمله وسامعه لا يمجه. بل الاكباب على تلاوته يزيده حلاوة وترديده يوجب له محبة لا يزال غضا طريا. نعم هذا يا كرام من الطف واعجب واغرب ما جعله الله تعالى في خصائص وفضائل القرآن العظيم ان فيه سرا عجيبا يجذب القلوب اليه وفيه حلاوة عجيبة تربط القلوب والافواه بهذا الكلام العظيم. اي والله لكتاب الله حلاوة وللقرآن لذة واي لذة عند قارئه وعند سامعه يقول من وجوه فضائل القرآن ان القارئ لا يمله. وان السامع لا يمجه. بل ينكب على تلاوته وكل من كب عليه ازدادت عنده حلاوته فتوجب للقرآن محبة ولا يزال غض طريا. هذا وجه فريد يا كرام والان ابحث عن اي كلام سوى كلام الله. مهما كان جميل اللفظي بديع العبارة رائع الفصاحة قوي ابكي وعدد ما شئت من الفاظي واوصاف الفصاحة والبيان والبلاغة وعذوبة اللفظ وحلاوة العبارة. ائتي باي كلام سوى القرآن ثم اقرأه واحفظه وكرره مهما تعلقت به واعجبك ومهما تعلق قلبك به وامتعك فانك بعد حين ستمله واي كلام سوى كلام الله كلما عدت اليه تكرارا ومعاودة وحفظا ستجد قدرا من التشبع به والاكتفاء عنه والانصراف الا كتاب الله جل وعلا. الانكباب عليه يزيده حلاوة وسلوا اهل القرآن وحفاظه الذين ما زال احدهم منذ ان اكرمه الله بحفظ السورة منه والاية والجزء بل وتمامه وختمه منذ سنين عددا. لا يزال احدهم يختمه كل اسبوع او كل عشر او كل ثلاثة ايام ولا يزال على هذا عشرين وثلاثين سنة واربعين وستين سنة والله ما يمله احدهم يوما ولا يجد عنه انصرافا ولا اكتفاء ولا تشبع كلما ختم ازداد شوقا في العودة اليه. هل هذا الا عجيب وصف جعله الله في كتابه العظيم بل ان اهل القرآن الذين تعلقت قلوبهم به احدهم اذا ابتعد عن القرآن او قل ورده منه او لاي سبب انقطع عن تلاوته يجد وحشة في صدره ويجد نفرة في فؤاده اصبح القرآن غذاء روحه. مع ان اي كلام سوى كلام الله تتشبع منه القلوب والاسماع لكنه كتاب كلام الله العظيم وكتابه الكريم. هذا وصف عجيب كريم جعله الله عز وجل في كتابه جل في علاه. وقد قال الامام الشاطبي رحمه الله واصفا هذا المعنى وان كتاب الله اوثق شافع واغنى غناء واهبا متفضلا وخير جليس لا يمل حديثه وترداده يزداد فيه تجملا. وسيرد المصنف رحمه الله شيئا من الاحاديث والاثار في هذا المعنى وغيره من الكلام ولو بلغ في الحسن والبلاغة مبلغه يمل مع الترديد يمل يمل مع الترديد ويعادى اذا اعيد وكتابنا يستلذ به في الخلوات ويؤنس بتلاوته في الازمات. وسواه من الكتب لا يوجد فيها ذلك احدث اصحابها لها لحونا وطرقا يستجلبون بتلك اللحون وتنشيطهم على قراءتها. يستجلبونا يستجلبون بتلك اللحون تنشيطهم على قراءتها. نعم. قال وغيره من الكلام. غير كلام الله ولو بلغ في الحسن والبلاغة مبلغه يمل مع الترديد ستصل الى حد تشعر فيه بالملل. ويعادى اذا اعيد يعني يكره في الطبع وتجد النفس انصرافا وانزواء عنه كلما اعيد. قال وكتابنا يستلذ به في الخلوات ويؤنس بتلاوته في الازمات. وسواه من الكتب لا يوجد فيها ذلك. وصدق ولا يمكن والله ابدا بحال ان يقارن كلام الله بكلام سواه جل في علاه. وان اصحاب الكلام سوى كلام الله يحتاجون لارتباطهم ومعاودتهم اليه لشيء يعينهم على ذلك. قال حتى احدث اصحابها لها لحونا وطرقا يستجلبون بها تنشيطهم على قراءتها يوجدون الانغام والاصوات والايقاع ونحو ذلك حتى يؤلف الكلام وتأنس به النفوس. واما كتاب الله وكلامه سبحانه وتعالى فان انه في ذاته متعة وانس هو بهجة الصدور. هو ربيع القلوب هو انس النفوس اذا استوحشت وهو فرجها اذا تأزمت وهو متعتها ويزيدها ان كانت سعيدة سعادة. ويفرج همها ان كانت مهموما كم وجد القارئون لكتاب الله؟ والسامعون لايات القرآن. كم وجدوا هذا المعنى الكبير؟ فتأنس النفوس وتنشرح الصدور. يشعر بذلك يا قوم الصغار والكبار. والعرب والاعاجم والرجال والنساء. الكل في هذا على حد سواء. لكلام الله عز وجل وقع في القلوب عجيب وله اثر في السمع بديع واحدنا اذا قرأ او استمع كتاب الله يشعر بهذا السمو في نفسه والراحة والانس في فؤاده فاذا فتح لذلك منافذ قلبه قبل سمعه كان الاثر اعظم والله. وكان الاستمتاع بكتاب الله ابلغ وكان العيش مع معاني القرآن والله متعة لا تساويها متعة في الحياة ولهذا ما فتئ ارباب الليل في قيامهم ينشطون لتلاوة الاية والسورة وتكرارها واعادتها وربما كان باحدهم مع كتاب الله مواقف واحداث. نبينا عليه الصلاة والسلام له في ذلك القدح المعلى. وهو في ذلك الاسوة امته صلى الله عليه وسلم ربما مرت به بعض الليالي سرد فيها من الايات والسور والاجزاء استئناسا بكتاب الله فيقرأ البقرة فالنساء في ال عمران في ركعة وربما وجد فؤاده مستروحا في اية فما زال في اية يرددها حتى يصبح صلى الله عليه وسلم. ليس لهذا معنى الكرام سوى هذا العيش مع القرآن والتلذذ والاستمتاع بالنعيم الذي جعله الله تعالى في كتابه الكريم. هذا سمت فريد جعله الله في كلامه لن في كلام احد سواه وتعالى الله وتبارك. وقد وصف كتابه العظيم بالعظمة وبالمجد وبالبركة. فقال والقرآن المجيد بل هو قرآن مجيد. والقرآن ذي الذكر. والكتاب المبين. واوصاف عجيبة عظيمة كثيرة جعلها الله في كتابه العظيم. وقد مر بكم فيما سبق من المجالس طرف صالح في اثبات هذا مما استدل به المصنف رحمه الله تعالى ولهذا وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن بانه لا يخلق على كثرة الرد. ولا تنقضي عبره ولا اتفنى عجائبه هو الفصل ليس بالهزل. لا يشبع منه العلماء ولا تزيغ به الاهواء. ولا ولا تلبس ولا ولا تلتبس به الالسنة. هو الذي لم تنته الجن حين سمعته ان قالوا انا سمعنا قرآنا عجبا يهدي الى الرشد. قال ولهذا وصف صلى الله عليه وسلم القرآن بانه لا يخلق على كثرة الرد وظبطه الملا علي القاضي رحمه الله بضم اللام قال لا يخلق قال او بضم الياء وكسر اللام يخلق. والمراد ان القرآن على كثرة الرد والترداد والتكرار لا يصيبه هذا الوصف وهو انه يخلق يعني يبلى والمعنى ان الشيء كلما استعملته اصبح قديما باليا خلقا. لكن القرآن لا يوصفك ذلك. وكثرة ترداده لا تجعل قديما في النفوس ولا ممجوجا في الاسماع ولا في تلاوة الالسنة. فهذا الوصف لا ينطبق على كتاب الله قال ولا تنقضي عبره عبر القرآن ليست واحدة ولا اثنتين. واذا جئت الى الاية والموعظة فانصدع لها قلبك اعر لها بدنك ستظن انك اذا عدت الى الاية مرة اخرى ان الاثر هذا لن يعاودك لان النفس قد استنفذت ما فيه من اعلى لكن القرآن تتجدد فيه المعاني مع العود اليه مرة بعد مرة. وتجد نفسك كلما استمتعت باية او سورة او موظع فيه عظة وادكار تعود اليه فيجد القلب متسعا لمزيد من الاتعاظ والادكار. قال ولا تفنى هو الفصل ليس بالهزل. فكلام الله فصل وحق وعدل. لا يشبع منه العلماء. ولهذا ولا يزالون يقتاتون على مائدة القرآن ويفيدون منها الاحكام ويرشدون منها الامة الى الحلال والحرام فمأدبة القرآن ما زالت عامرة على رغم تطاول القرون وتتابع الازمان وتكاثر العلماء في الامة ما جاء زمن ولا فترة ان قال علماء الامة قد نفذ ما في كتاب الله. وقد انتهينا مما فيه من المعاني والعبر والاحكام. كم الف يا قوم في تفسير القرآن وكم كتب العلماء في عجائبه واسراره وحكمه ومقاصده وكم صنف في فضائله ومكرماته وعظيم قدره؟ كم وكم وما كف احد ولا يزال الاخر يتبع الاول في الاستكثار من فضائله واظهار كراماتهم قال ولا تلتبس به الالسنة ولا تزيغ به الاهواء. ليس القرآن الا مناط استقامة وهداية. يجد فيه الحائر دلالة على الحق والضال يجد فيه نور الهداية. لم تنتهي الجن حين سمعته ان قالوا انا سمعنا قرآنا عجبا يهدي الى الرشد. هذه الاوصاف التي سمعتم هي جمل جاءت في حديث مرفوع الى النبي صلى الله عليه وسلم. اخرجه الترمذي وابو ويعلى والحديث ضعيف وله اسانيد متكررة في عدد من دواوين السنة الا انه لا يصح منها حديث وهذا المعنى وان كان سليما سدادا صوابا لكنه لا يصح نسبته الى النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يصح به السند الذي يثبت به مثل هذا الحديث. لكن هذا الحديث ايضا جاء موقوفا عن ابن مسعود رضي الله عنه من كلامه في جمل تشبه هذا المعنى الى حد كبير وقد صح ايضا اسانيده بمجموعها وبعض اسانيده لا بأس بها في المتابعات كما قال قال الالباني رحمه الله قال ابن مسعود رضي الله عنه ان هذا القرآن مأدبة الله فاقبلوا او قال فاقبلوا وفي رواية فتعلموا مأدبته ما استطعتم وان هذا القرآن حبل الله وهو النور المبين والشفاء النافع. عصمة من تمسك به ونجاة من اتبعه لا يعوج ولا يزيغ فيستعتب ولا تنقضي عجائبه ولا يخلق عن كثرة الرد. والحديث له اسانيد عدة لا بأس بها في المتابعات والشواهد وان كان فيها ضعف نعم ومنها جمعه لعلوم ومعارف لم تعهد العرب عامة ولا محمد صلى الله عليه وسلم قبل نبوة خاصة بمعرفتها ولا القيام بها ولا يحيط بها احد من علماء الامم ولا يشتمل عليها كتاب من كتبهم فجمع فيه من بيان علم الشرائع والتنبيه على طرق الحجج العقليات والرد على فرق الامم ببراهين ببراهين قوية واذلة بينة سهلة الالفاظ موجزة المقاصد رام المتحذلقون بعد ان ينصبوا ادلة مثلها. فلم يقدروا عليها نعم. قال من وجوه عظمة قرآن وعده بعضهم في وجوه اعجازه ان القرآن جمع علوما ومعارفا لا تعهدها العرب عامة قبل القرآن ولا رسولنا صلى الله عليه وسلم قبل نبوته لا عهد لهم بمعرفتها ولا القيام بها. ماذا يقصد بالعلوم والمعارف قال جملة من طرق الادلة واثبات القضايا واقامة الحجج على نمط لا تجده في حضارات الامم. ولا في علوم من جاء بها القرآن فاضحت معلما للعلوم. واضحت ايضا مسارا تقام به الحجج والادلة. والرد على الامم واقامة البراهين والادلة. كل ذلك بالفاظ سهلة ومقاصد موجزة قال المصنف رام المتحذلقون بعد ان ينصبوا ادلة مثلها فلم يقدروا عليها. رام من يريد ان يصل الى الحذق ويبتغي فيها المناصب العلا ان ينشئ على منوال تلك الايات القرآنية شيئا يحتذى به فما بلغوا مبلغ القرآن وان قال مثل قوله تعالى اوليس الذي خلق السماوات والارض بقادر على ان يخلق مثلهم هذا النمط كم افاض فيه العلماء والمتكلمون بل والمناطق في بيان هذا الوجه العجيب من الاستدلال واقامة الحجة وبالدليل بقياس وبرهان عجيب. ان الذي خلق الخلق اول مرة هو القادر على اعادته. وهو القادر على انشاء مثله بقياس المساواة او بقياس الاولى. فهذا نمط عجيب ايضا لم يكن معهودا عند العرب قبل القرآن ولا عند غيرهم من الامم قبل ان يأتي به القرآن كقوله تعالى اوليس الذي خلق السماوات والارض بقادر على ان يخلق مثلهم وقوله تعالى قل يحييها الذي انشأها اول مرة وقوله تعالى لو كان فيهما الهة الا الله لفسدتا. نعم. وامثال هذا من الايات لو كان فيهما الهة الا الله لفسدتا. فيما يسمونه بدليل التلازم. لو ثبت هذا لثبت ذاك. لو كان في الكون اله سوى الله لكان ذلك فسادا للسموات والارض. لانه لو اجتمع الهان سيتنازعان تدبير الكون واذا تنازع فاختلفا فاما ان يبغي احدهما على الاخر او يكون بينهما نزاع فيه هلاك وفساد. فلما انتفى فساد والارض كان ذلك دليلا على انتفاء وجود اله اخر سوى الله. وامثال هذا من طرق الاستدلال واقامة الحجج التي جاء بها القرآن في اثبات الخلق والمعادي والبعث والنشور والحساب وتفرد الله جل جلاله بالربوبية والالوهية سبحانه وتعالى الى ما حواه من علوم السير وانباء الامم والمواعظ والحكم واخبار الدار الاخرة ومحاسن الاداب والشيم قال الله جل اسمه ما فرطنا في الكتاب من شيء ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء. نعم اورد المصنف رحمه الله هذه الايات للدلالة على سعة ما دعا الله في كتابه الكريم وعظيم ما اشتمل عليه حتى انه حوى كل شيء. فقال ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وقال ولقد ظربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل وقوله سبحانه ما فرطنا في الكتاب من شيء والكتاب في هذه الاية على قول عامة المفسرين انه اللوح المحفوظ فقوله سبحانه وتعالى في سورة الانعام وما من دابة في الارض ولا طائر يطير بجناحيه الا امم امثالكم. ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم الى ربهم يحشرون. فعامة المفسرين ان الكتاب ها هنا هو اللوح المحفوظ. وذلك على هذا القول عدد منهم كالطبري وابن كثير وغيرهما رحم الله الجميع. وذهب بعضهم كالقرطبي وقرره السعدي وغيرهم من ان الاية تحتمل ايضا ان يكون المراد بالكتاب هذا القرآن فيكون قوله ما فرطنا في الكتاب من شيء هو في المعنى كقوله سبحانه ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل واللفظ محتمل ويمكن ان يحمل ايضا على هذا المعنى وقال صلى الله عليه وسلم ان الله انزل هذا القرآن امرا وزاجرا وسنة خالية ومثلا مضروبا فيه نبأكم وخبر ماك؟ وخبر ما وخبر ما كان قبلكم ونبأ ما بعدكم وحكم ما بينكم هذا هو الوارد انفا في قوله لا يخلق على كثرة الرد ولا تنقضي عبره. الذي اخرجه الترمذي وابو يعلى وغيرهم هو ذاته وبالفاظ متغايرة ومتعددة وبعظها رواية مختصرة والاخرى مطولة. فالحديث هو الذي سبق قبل قليل انه لا يصح سنده الى رسول الله صلى الله عليه وسلم. لكن الاوصاف الواردة فيه عن القرآن حق كلها. قال ان الله انزل هذا القرآن امرا وزاجرا وهذا حق فالقرآن امر ونهي. قال وسنة خالية. يعني في اخبار ما اشتمل عليه من النواميس الالهية وسنن الله في ومثلا مضروبا والقرآن ايضا مضرب امثال فيه نبأكم وخبر ما كان قبلكم ونبأ ما بعدكم وحكم ما لكم كل هذا حق فيما اشتمل عليه كتاب الله العظيم لا يخلقه طول الرد ولا تنقضي عجائبه هو الحق ليس بالهزل. من قال به صدق ومن حكم به عدل ومن خاصم به فلج ومن خاصم به فلج يعني ظفر وفاز. من جعل القرآن حجته في الخصومة هذا المقصود. من قسم به من انتصر بالقرآن واحتج به وكان في جانبه كان محل ظفر وفوز وانتصار ومن قسم به اقسط اقسط يعني اصاب العدل ومن عمل به اجر ومن تمسك به هدي الى صراط مستقيم. ومن طلب الهدى من غيره اضله الله. ومن حكم بغيره قصمه الله هو الذكر الحكيم والنور المبين. والصراط المستقيم. وحبل الله المتين. والشفاء النافع. عصمة لمن تمسك به ونجاة لمن اتبعه. لا يعوج فيقوم ولا يزيغ فيستعتب. ولا تنقضي عجائبه ولا يخلق على كثرة الرد. قال لا يعوج فيقوم. وقد قال الله سبحانه الحمد لله الذي انزل على عبده الكتابة ولم يجعل له عوجا. قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه. فكتاب الله في غاية الاستقامة وليس فيه اعوجاج وليس مما يوصف بانه اصابه اعوجاج فيحتاج الى تقويم. هذا كلام الله العظيم. قال ولا يزيغ ويستعتب ايضا ليس مما يرد على كتاب الله من الاوصاف ان فيه زيغا وحيدة عن الحق وميلا عن الصواب والهدى وحاشى فمن ثم لا يحتاج الى ان يستعتب. يعني لا يستحق العتاب واللوم لانه لا يزال على حق واستقامة وهداية قال ولا تنقضي عجائبه ولا يخلق على كثرة الرد كما مضى شرحه قبل قليل ونحوه عن ابن مسعود وقال فيه ولا يختلف ولا ولا يتشان فيه نبأ الاولين والاخرين. نعم. وهذه في رواية فيها لفظ زائد قال ولا يختلف ليس موضع من القرآن يخالف موضعا اخر. وقد مضى هذا الوجه من وجوه الاعجاز في كتاب الله. انه رغم طول القرآن سوره واياته لا يمكن ان تجد فيه موضعا او لفظة او اية يمكن ان تناقض اية سواها افلا القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا. وقال سبحانه ذلك الكتاب لا ريب فيه كتاب الله هكذا على وجه التمام والكمال جعله الله عز وجل في غاية ما يمكن ان يكون من الفصاحة والبيان واكمل الاحوال. قال ولا يتشان ولا يتشانب معناه معنى لا يخلق على كثرة الرد. مأخوذ من الشن وهو الجلد المتخذ من جلود الانعام ليوضع فيه شيء من الطعام او الشراب. والقربة المتخذة من الجلد تسمى ايضا شن والشن هو الجلد اليابس البالي فوصف القرآن بانه لا يتشان بمعنى انه لا تذهب طلاوته ولا تبلى طراوته. لا يزال حلوا لا يزال طريا لا يكون كذلك الجلد الذي ييبس فيستعمل في السوائل لحفظه والمقصود انه يبقى بهاؤه متجددا. وتبقى حلاوة القرآن طرية. واحدنا اذا قرأ واستمع القرآن ولو الف تمر ولو مائة عام لا يزال يسمعه ويقرأه كما لو سمعه وقرأه اول مرة. واحدنا اذا فتح نوافذ قلبه وجد من ذلك المعنى الاتم قال فيه نبأ الاولين والاخرين. نعم وفي الحديث قال الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم اني منزل عليك توارة حديثة تفتح بها اعين عميا واذانا صما وقلوبا غلفا. فيها ينابيع العلم وفهم الحكمة وربيع القلوب اثره مروي عن كعب الاحبار انه ذكر هذا عما ورد في التوراة في وصف القرآن وان الله قال لمحمد صلى الله عليه وسلم اني عليك توارة حديثة وتسميته بالتوراة على سبيل المشاكلة للتوراة التي انزل الله على موسى عليه السلام. وليس المقصود التوراة انها جزء مكمل للتوراة المنزلة على موسى. لكن المقصود الكتاب الذي يكون فيه كلام الله جل وعلا قال تفتح بها اعينا عميا واذانا صما وقلوبا غلفا فيها ينابيع العلم وفهم الحكمة وربيع القلوب وهو هكذا كتاب الله العظيم. الاثر عن كعب الاحبار فليس حديثا مرفوعا. وقد اخرجه ابن ابي شيبة ايضا مرسلا فلا يثبت مرفوعا من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن كعب عليكم بالقرآن فانه فهم العقول ونور الحكمة. نعم وقال الله تعالى ان هذا القرآن يقص على بني اسرائيل اكثر الذي هم فيه يختلفون وقال تعالى هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين. نعم في جملة من الايات التي وصف الله فيها عظيم ما جعل في كتابه الكريم. ان هذا القرآن يقص على بني اسرائيل اكثر الذي هم فيه يختلفون وقال في موضع اخر هذا بيان للناس. اي ناس ليس للعرب وليس لامة الاسلام فحسب للناس لكل البشر. هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين فجمع فيه مع وجازة الفاظه وجوامع كلمه اظعاف ما في الكتب قبله التي الفاظها على الضعف منه مرات ومنها جمعه فيه بين الدليل ومدلوله. يعني هذا وجه ثالث من الوجوه التي اوردها المصنف رحمه الله في ما عده بعض اهل العلم من وجوه اعجاز القرآن ان القرآن جمع فيه بين الدليل والمدلول يعني بين القضية التي تدللها وبين الدليل الذي يثبتها. فهذا جمع في غاية ما يكون. في تقرير القضايا واثبات المسائل واقامة الحجة الجمع بين الدليل والمدلول. نعم ومنها جمعه فيه بين الدليل ومدلوله. وذلك انه احتج بنظم القرآن وحسن رصفه. وايجازه وبلاغته واثناء هذه البلاغة امره ونهيه ووعده ووعيده. فالتالي له يفهم موضع الحجة والتكليف بمعنى من كلام واحد وسورة منفردة ومنها ان ومنها ان جعله في حيزه في حيز المنظوم الذي لم يعهد ولم يكن في حيز منثور. لان المنظور اسهل على النفوس واوعى للقلوب. واسمح في الاذان واحلى على الافهام. فالناس اليه اميل هواء اليه اسرع. كلام العرب منه نثر ومنه نظم والمنظوم من كلام العرب هو شعرها بتعدد القوافي والبحور التي انشأت عليه العرب قوافي اشعارها وسائر كلام العرب يأتي منثورا ومن المنثور الوان والوان من البلاغة والبيان في لسان العرب فمن منثور العرب في كلامها الخطب ومن منثورها الامثال ومن منثورها الحكم. ومن منثورها القصص وفيها العبارات البليغة والبديعة والمسجوعة سائر ما صنفه ارباب البلاغة والبيان فكلام العرب يأتي على صنفين منثور ومنظوم والخطب والكتب والعبارات الجميلة التي لا تأتي على اوزان الشعر وقافيته لا تسمى نظمة بل تسمى نثرى فاذا تم ذلك فالقرآن هل هو من قبيل النثر؟ او هو من قبيل النظم ليس القرآن شعرا وليس اوزانا وقوافيا لكنه ايضا ليس منثورا نثرا كسائر كلام العرب المنثور بل هو منظوم والمقصود بالنظم هذا الوجه البديع في تتابع الايات وتشابه فواصلها وجمال الفاظها وتناسق عباراتها اقرأ سورة الشمس والشمس وضحاها والقمر اذا تلاها والنهار اذا جلاها واقرأ سورة الليل والليل اذا يغشى والنهار اذا تجلى وما خلق الذكر والانثى واقرأ سورة الضحى وسورة النجم وسورة الفجر وسائر سور القرآن ليس شعرا باوزان وقافية لكنه ايضا ليس نثرا متفرقا لا رابط بين جمله وعباراته. بل هو نظم عجيب. ولذلك قال المصنف فيما سبق انه منظوم على خلاف ما عهدته العرب فلما كان الكلام في القرآن وايات القرآن لما كان منظوما متسقا وكان مرصوفا في احسن ما يكون عليه كان هذا ادعى لسهولة قراءته وحفظه واستظهاره فان طلاب العلم كانوا ولا يزالون اذا ارادوا ضبط العلوم وادراك المسائل وحيازة الفنون عمدوا الى حفظ المتون والمتون التي تنظم في العلوم هي اشعار وقصائد وابيات فيها الرجز وفيها الطويل الوافر. فضبطهم للمسائل يأتي ادعى واسهل واقرب بمنظوم الشعر الذي تضبط به فيكون اقرب الى الذاكرة واسرع في الاستحضار واضبط في الذهن فالقرآن جمع وصفا عجيبا فريدا. فليس هو شعرا منظوما بوزن وقافية. ولا هو كلام منثور لا بين جمله وسوره واياته. قال المصنف جعل الله القرآن في حيز المنظوم. الذي لم يعهد ولم يكن بحيز المنثور لان المنظومة اسهل على النفوس. واوعى للقلوب واسمح في الاذان واحلى على فالناس اليه اميل والاهواء اليه اسرع. ومع ذلك فلا والله لا يمكن ان نقيس القرآن بشيء من اصناف الكلام اطلاقا وليس من الانصاف ان تقول بين القرآن وبين الشعر او بين القرآن وبين اسمى كلام العرب على ما سبق بيانه في هذه الفصول السابقة مرارا في كلام المصنف رحمه الله. لكن المقصود تقريب الصورة. فللقرآن نظم عجيب. وقد ابدع البلغاء والفصحاء والادباء في بيان وجوه عظيم ما اشتملت عليه ايات القرآن من ايقاع يهز القلوب. جبير بن مطعم كافر قبل اسلامه يحكي انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة الطور فاهتز لها فؤاده قال حتى كاد قلبي ان يطير هذا الوصف العجيب جاء من امرين مجتمعين. عظمة ايات القرآن. والرجل عربي قرشي فصيح. يعرف الكلام ووقعه واثره وقد طرق سمعه كلام ما عهده قط. وجمع واجتمع مع ذلك جمال وحسن تلاوة رسول الله صلى الله الله عليه وسلم في تلك الايات التي اهتز لها قلب جبير الوليد بن المغيرة يأتي فيسمع من النبي صلى الله عليه وسلم فيقرأ عليه سورة فصلت او المدثر فيهتز لها فؤاده وينخلع لها قلبه فيقوم منصرفا قد طار عقله لا يدري ما الذي سمع. ليقول بكل صدق لقومه ليس هذا بقول الكهان ولا الاشعار ولا الاسحار لكنه شيء عظيم عجيب ليس من كلام البشر. هذا الوصف يا كرام هذا المعنى الذي جعله الله في كتابه العظيم لا يزال يجده الناس كلما اقبلوا على كتاب الله. فهذا من عجيب ما جعله الله في خصائص القرآن وسمت اياته وسوره انه على هذا النمط الفريد العجيب. فلا تعجبوا من تعلق القلوب به. بل اعجبوا من هجر هاجره كيف يحلو له هجرانه. ولا تعجبوا من تعلق القلوب. وكثرة ارتباطها بالقرآن وتعلق الحفاظ واهل قام بكتاب الله لكن يعجب ممن يتكاسل ويفتر عن ورده او ينصرف عنه باي صارف او يلهيه عنه اي عائق من عوائق هذا طرف من عظمة كتاب الله التي جعلها الله عز وجل في القرآن العظيم ومنها تيسيره تعالى حفظه لمتعلميه وتقريبه على متحفظيه. قال تعالى ولقد فسرنا القرآن للذكر وسائر الامم لا يحفظ كتبها الواحد الواحد منهم فكيف الجماء على مرور سنين عليهم والقرآن ميسر حفظه للغلمان للغلمان في اقرب مدة. نعم. هذا ايضا من اعجب خصائص قرآن وسماته وما جعله الله تعالى فيه متميزا عن سائر الكلام. ما هو؟ تيسير حفظه تيسير تلاوته واستظهاره في القلوب. لكل من اقبل يريد تعلمه ويريد حفظه. القرآن قريب التناول يسير الحفظ سهل الاستيعاب في الصدور. والتلاوة بالالسنة. قال الله تعالى ولقد يسرنا القرآن للذكر الكريم يعني لتلاوته بالالسنة لتدبره وفهمه لحفظه واستيعابه. قال وسائر الامم لا يحفظ كتبها الواحد منهم كم يذكر في تاريخ اليهود والنصارى ممن حفظ التوراة كاملة او حفظ الانجيل كاملا لا تذهب بعيدا. تعال الى المعاصرين منه فاوجد لي واحدا من امة يهود يحفظوا التوراة على ما فيها من تحريف وتبديل وزيادة ونقصان واخرج لي قسيسا واحدة او رجلا من رجالات دينهم في النصرانية يحفظ الانجيل باحد نسخه المعروفة عندهم ايضا على ما فيها من تحريف وتزوير وتبديل ونقصان وزيادة لن تجد يرتقي احدهم في الديانة المراقية العالية ويصل اعلى الرتب. ويحل في مراتب الديانة عندهم مراتب الامامة في الدين ثم انت لا تكاد تجد فيهم بالالوف المؤلفة لا تكاد تجد واحدا يحفظوا كتابهم ليس في هذا الجيل بل فيما سبق والامم الخالية فماذا عن القرآن يا امة الاسلام ليس الواحد يحفظه وليس العلماء فقط من يحفظه. وليس الفقهاء ولا علماء الشريعة هم من يحفظ القرآن بل يسبق الولدان وصغار المسلمين الى حفظ القرآن ويسبق الاعاجم العرب في حفظ القرآن. ويسبق العوام المتعلمين في حفظ القرآن. هذا والله يا اخوة من اعجب فيما تجده في امة الاسلام فان الاعاجم والصبيان والعوام من اعجب ما تجدهم في شأنهم مع القرآن. وانما ضربت مثالا بهذه الثلاثة لان بينهم وبين القرآن دعني اقول صعوبة وتحديا ومع ذلك تيسر لهم حفظ القرآن. اما الاعاجم فبينهم وبين فهم اللغة العربية نقول لا يستطيعون تجاوزه ولو سألت احدهم بالعربية ما اسمك؟ ما فهم ماذا تقول لكنه يقرأ القرآن من اوله الى اخره لا والله ما يسقط منه حرفا والصبيان على ما في اذهان الطفولة من الانصراف الى الله و شتات الذهن فان احدهم يستوعب ثلاثين جزءا من كتاب الله يحفظها عن ظهر قلب لا يخرم منها اية ولا حرفا والعامي الذي لا يقرأ ولا يكتب ولا يعرف سطرا ولا كلمة ولا حرفا. يتلقن القرآن سماعا فيحفظه عن ظهر قلب كالعلماء والفقهاء والائمة سواء بسواء. ما هذا والله ليس الا اية على ان الله عز وجل اصطفى من صدور هذه الامة ما شاء سبحانه فاودعها كتابه الكريم ولا فرق في هذا كما قلت لك بين صغير وكبير وعربي واعجمي ورجل وامرأة. الكل في هذا سواء بل هو اية كما اسلفت لك على ان القرآن يسير وسهل الحفظ وقريب التناول بل انهم يتقنون كتاب الله الى الغاية العجيبة في هذا الباب وانا اقرب لك الصورة هب انك اتيت بقطعة ورقة فيها جملة وعبارة وصفحة مكتوبة بلغة لا تفهمها ولا تدرك معناها ولا تعرف عبارتها. مهما اتاك الله من الذكاء وقوة الحافظة وعبقرية الذهن. فقلت لك احفظ هذه الصفحة باللغة الصينية الكورية الاسبانية بلغة لا تعرفه. لا حروفها ولا معاني كلماتها ستجتهد فتحفظها في خمس دقائق في عشر دقائق ونفترض انك من الاذكياء والحذاق فاذا حفظتها كم ستبقى في ذهنك هل تستطيع ان تضم اليها صفحة ثانية؟ ثالثة عشرين صفحة مائة خمسمائة صفحة تحفظ كلاما لا تفهم منه حرفا يا قوم هكذا يحفظ الاعاجم القرآن والله ما يفقهون فيه حرفا ولا يعرفون معنى اية ثم هم بعد ذلك لا يسقطون كريما ولا يبدلون لفظة مكان لفظة ولا يخلطون اية باية. اخبرني ما هذا والله ليس الا تيسيرا من الله جل جلاله. هذا وصف عجيب هذا ليس من صنع البشر. هذا امر جعله الله في كتابه الكريم جعله اية من الايات والله قد قال ولقد يسرنا القرآن للذكر. صغار الصبيان في امة الاسلام من العرب ومن العجم يحفظون القرآن واحدهم ابن خمس سنين او سبع سنين وتسع سنوات قد حفظ القرآن عن ظهر قلب فمتى حفظ؟ وفي اي سن بلغ هذا المبلغ ومتى ادركه كل هذا ينبيك عن ان كتاب الله العظيم فيه سر عجيب. وهو ايضا في المقابل يكشف لك عن كثير من سوءاتنا قصورنا تجاه القرآن معشر من تأخرنا عنه وتباطأنا في الاقبال على القرآن. وكم سقنا في ذلك من الحجج والاعذار الواهية بكبر السن وتقدم العمر وكثرة الاشغال وضعف الذاكرة وكلالة الفهم. كل ذلك والله يكشفه تماما الايات التي جعلها الله عز وجل في سائر من خلق ممن يقبل على القرآن فيحفظه ويتقنه ويستظهره بكل اتقان لانه الله جعله يسيرا على من قصده وابتغاه فتعالى الله ومنها مشاكلة بعض اجزائه بعضا. وحسن ائتلاف انواعها والتئام اقسامها. ومن وجوه ايضا عظيم وصف القرآن مشاكلة بعض اجزائه بعضا. والمقصود بالمشاكلة المشابهة. ليس المقصود متشابهات الايات في القرآن المقصود تشابه المعاني الاتساق عدم التناقض ولا التنافر ولا الاختلاف الله عز وجل قال واصفا كتابه العظيم الله نزل احسن الحديث كتابا متشابها مثانيا تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم. هذا الاتساق العجيب هذا الائتلاف بين الايات والسور. هذا الالتئام بين اقسام القرآن وجه عظيم ايظا وعجيب من وجوه جلالة القرآن وعظيم قدره وحسن التخلص من قصة الى اخرى. والخروج من والخروج من باب الى غيره على ائتلاف على اختلاف معانيه وانقسام السورة الواحدة على امر ونهي. وخبر واستخبار ووعد ووعيد واثبات نبوة وتوحيد وتقريب وترغيب وترهيب. الى غير ذلك من فوائده دون خلل. دون خلل يتخلله فصوله فصوله له نعم القرآن على اتساع السور. سورة البقرة تقارب الجزئين ونصف وفيها من الايات ما يتجاوز مئتين وخمس وثمانين اية مئتان وست وثمانون اية على كثرة الايات واتساع السورة. حدثني مرة انك قرأت البقرة من اولها الى اخرها. فوجدت فيها موضعا غير متسق ان مع ما قبله او مع ما بعده رغم ما في السورة من تعدد المواضيع. واختلافها ففيها ايات الطلاق والنكاح. وفيها ايات الحيض للنساء وفيها ايضا ايات التوحيد واثبات النبوة وفيها قصص الانبياء السابقين وفيها ذكر موسى وعيسى وفيها ذكر وذكر اليهود وتحويل القبلة وايات الصيام وايات الحج وشيء عجيب من المعاني. هي سنام القرآن كما قال عليه الصلاة والسلام حدثني مرة انك وجدت في موضع من سورة البقرة على طولها موضعا شعرت فيه بانفصال في الاية عما قبلها او عما بعدها او حدثني عن شعور وجدته ذات مرة في اي موضع او صفحة او اية من سورة البقرة وجدتها تحتاج الى شيء يربطها وانه انفصالا حصل او ان نفرة وانت تنتقل من معنى الى معنى الانتقال من موضوع الى موضوع في السورة الواحدة. ومن قصة الى قصة ومن محور الى اخر شيء عجيب في القرآن اذا تحدثنا عن سورة واحدة كالبقرة فان القرآن بسوره المئة واربع عشرة سورة. وباجزائه الثلاثين واحزابه الستين وصفحاته المئين. هي والله على هذا النحو لا اختلاف فيها ولا تنافر. تقرأ القرآن ان اتاك الله ان تقرأه في جلسة واحدة وبنفس واحد فلا تجد شيئا من ذلك المعنى حتى تدرك تماما هذا المعنى المقصود. تعال الى اي كتاب بالغا ما بلغ في الاتساع والعظمة. ويأتي الى سرد المعاني والقصص الاخبار اذا اراد الانتقال من معنى الى معنى انفصل الكلام. واستأنف بمعنى جديد وسياق جديد وجمل جديدة. ليس بينه بينما قبلها شيء من الاتصال والترابط الا على نحو من التكلف. هذا المعنى في القرآن العظيم والسورة الواحدة تجد فيها المعاني المتعددة الامر والنهي والخبر والاستخبار والوعد والوعيد والنبوة والتوحيد والترغيب والترهيب وسيضرب مثالا بسورة هي سورة صاد على هذا النحو فيما اشتملت عليه سور القرآن والكلام الفصيح اذا اعتوره مثل هذا ضعفت قوته ولانت جزارته وقل رونقه وتلقلقت الفاظه وتقلقلت الفاظه وتقلقلت الفاظه. نعم. غير القرآن مهما كان فصيحا في الكلام اذا دخلت عليه هذه العوامل اضعفته يعني تعدد المعاني. واشتماله على اكثر من موظوع وانتقاله من قضية الى اخرى سببا في تخلخل الكلام. وذهاب قوته وذهاب رونقه وبهائه. و شيء ما يصيب الكلام يضعفه كيفما كان. لكن كلام الله عز وجل يخالف ذلك لانه كلام ربنا العلي الكبير سبحانه وتعالى فتأمل اول سورة فتأمل اول صاد. وما جمع فيها من اخبار الكفار وشقاقهم وتقريعهم باهلاك القرون من قبلهم نعم كما قال الله في صدر السورة كم اهلكنا من قبلهم من قرن فنادوا ولا تحين مناص نعم وما ذكر من تكذيبهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وتعجبهم مما اتى به. وعجبوا ان جاءهم منذر منهم وقال الكافرون هذا ساحر كذاب والخبر عن اجتماع ملأهم على الكفر وما ظهر من الحسد في في كلامهم وتعجيزهم وتوهينهم ووعيدهم بخزي الدنيا والاخرة وتكذيب الامم قبلهم واهلاك الله لهم. نعم يسرد المعاني في سورة صاد الى قوله كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الاوتاد. وثمود قوم لوط واصحاب الايكة اولئك الاحزاب ووعيد هؤلاء مثل مصابهم. قوله تعالى وما ينظر هؤلاء الا صيحة واحدة ما لها من فواق وتصبير النبي صلى الله عليه وسلم على اذاهم. وتسليته بكل ما تقدم ذكره في قوله سبحانه فاصبر على ما يقول واذكر عبدنا داوود ذا الايدي انه اواب ثم اخذ في ذكر داود وقصص الانبياء كل هذا في اوجز كلام واحسن نظام. اتى بقصة داوود عليه السلام فاتبعها بقصة ابنه سليمان عليه السلام. فشأن ايوب عليه السلام ثم ذكر ابراهيم واسحاق ويعقوب واسماعيل الى ولي سعود الكفل في تناسق عجيب وتسلسل متتابع. وفي شأن كل نبي خبر موجز وقصة مختصرة فماذا في سورة الصاد؟ غاية العظمة. وهي المفتتحة بقوله سبحانه صاد. والقرآن ذي الذكر هذا القرآن العظيم وهذا وجه من وجوه ونمط من انماط القرآن في سوره العظيمة كلها. هذا التسلسل كما اسمعت شأن قريش وتكذيبها وموقفهم مع القرآن ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم والانتقال الى ما عاقب الله به الامم السابقة. ثم الانتقال الى تثبيت فؤاد النبي عليه الصلاة والسلام على سلف قريش. وتكذيب وعنادها بذكر اخبار الانبياء السابقين وما اصاب داوود وسليمان وايوب وابراهيم واسحاق ويعقوب وادريس وذا الكفل كل هذا تصبير ثم ينتقل الى ذكر الجنة والنار. وما فيهما من الوعد والوعيد وما فيهما من النعيم والجحيم. ثم الانتقال الى الملأ الاعلى وقصة ادم عليه السلام وابليس. يختتم القرآن بالسورة بقوله قل ما اسألكم عليه من اجر وما انا من ان هو الا ذكر للعالمين ولتعلمن نبأه بعد حين هذا نمط هذه صورة وسورة من سور القرآن وسورة من صوره العظيمة في هذا الاتساق في تسلسل الايات. يطول المقام في ذكر هذه المعاني في كل سورة من سور القرآن. انما اراد المصنف رحمه الله ظرب المثال بسورة صاد. والقرآن كله وهو اعجب من بعضه في تلك المعاني العظيمة والوجوه السامية ومنه الجملة ومنه الجملة الكثيرة التي انطوت عليها الكلمات القليلة. وهذا كله وكثير مما ذكرنا انه انه ذكر في اعجاز القرآن. الى وجوه كثيرة ذكرها الائمة لم نذكرها. اذ داخل في باب بلاغته. فلا يجب ان يعد دفنا منفردا في اعجازه. الا في باب الا في باب تفصيل فنون البلاغة. وكذلك كثير مما قدمنا ذكره عنهم يعد في خواصه وفضائله لا اعجازه وحقيقة الاعجاز الوجوه الاربعة التي ذكرنا فليعتمد عليها وما بعدها من خواص القرآن عجائبه التي لا تنقضي. وبالله التوفيق. نعم ختم المصنف رحمه الله معجزة القرآن. بالفصول التي ذكرها متعاقبة متتابعة في وجوه الاعجاز الاربعة الكبرى وما عقبها بها من وجوه رأى انها ليست عائدة الى الاعجاز حقيقة بقدر ما هي فضائل كما قال وخواص للقرآن وعجائب لا تنقضي. قل وجوه كثيرة قال وتفصيل سيلها يعود الى مزيد من تفصيل فنون البلاغة في القرآن. ولا تنبغي ان تكون فنا مفردا في اعجازه. وان هذا من لما رآه رحمه الله تعالى ينقضي الحديث كما اسلفت عن عظمة القرآن. وما وصف الله به القرآن لكن لن ينقضي حقيقة تعلق القلب بالقرآن وكم هو بديع ممتع الحديث عن القرآن. لكن الاشد منه متعة العيش مع القرآن وتلاوة القرآن وتدبر القرآن. فكم هو طيب في مجلس ان يكون حديثنا عما وصف الله به القرآن وما حكى عنه النبي صلى الله عليه وسلم لكن الامتع والاسعد للقلب هو ان يقبل القلب على القرآن وان يعيش مع القرآن. وهذا الفصل الذي ختمه المصنف رحمه الله ليشرع فيما بعد في ذكر المعجزات الاخر التي خص الله بها نبينا المصطفى محمدا صلى الله عليه وسلم. نأتي في مجالس متتابعة ان شاء الله تعالى. ايها المباركون هذه الليلة الشريفة التي استفتحتموها بكثرة الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم حقها ان نكون اكثر حرصا في تتمتها. ويوم غد الجمعة على الاكثار من الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم فكم تمطر سماؤكم الليلة من صلوات ربكم عليكم بصلاتكم على نبيكم صلى الله عليه وسلم فمن صلى عليه صلاة واحدة صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه بها عشرا. والعاقل الحصيف والمحب يزيد لا يفتر عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مستمطرا صلاة ربه ورحمته وبركته وهداه. هذا باب عظيم بصلاتنا على النبي صلى الله عليه وسلم. صلى عليك الله يا خير الورى. ما بلت الامطار عودا او ثرى وعليك من ربي سلام دائم ما دامت الشمس بدنيانا ترى. فاللهم صل وسلم وبارك عليه عدد ما صلى عليه المصلون وصلي اللهم وسلم وبارك عليه عدد ما غفل عن الصلاة عليه الغافلون. اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء ام من كل داء؟ اللهم ارحم موتانا واشف مرضانا واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين. اللهم اجعل لنا ولامة الاسلام بجميعا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين. اللهم انا نسألك نصرا قريبا وفرجا عاجلا لاخوة