بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله سيدنا ونبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد ايها الاخوة الكرام فان ليلة الجمعة على شرفها وخيرها وكثرة فضلها وبركتها انما يلتمس فيها رضا الله سبحانه وتعالى وفضله وعظيم خيره وحسناته واجره. بما شرع الله سبحانه وتعالى هذه الامة المباركة الاوان مما شرع لنا في هذه الليلة الشريفة وفي يوم الجمعة كثرة الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله الله عليه واله وسلم هذه الصلاة التي يتقلب العبد في اكنافها بصلوات ربه عز وجل. من صلى علي صلاة صلى الله عليه عشرا هكذا يقول رسولنا صلوات الله وسلامه عليه. وهو القائل ايضا صلى الله عليه واله لم اكثروا الصلاة علي يوم الجمعة وليلة الجمعة. وما زال المحبون في امته عليه الصلاة والسلام يجدون في هذه الليلة الشريفة ويوم الجمعة يجدون فيها بابا واسعا يستكثرون فيها من صلوات ربهم عز وجل وهم يستكثرون من الصلاة على النبي صلى الله عليه واله وسلم انها صلاة يجد فيها العبد سعة من رحمة الله بعشر صلوات من ربه عز وجل كلما صلى على نبيه صلى الله عليه وسلم ومجلس كهذا ايها المباركون. نجتمع فيه في رحاب بيت الله الحرام. وفي هذه الليلة الشريفة انما فاكثروا فيها من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. ونحن نقلب صفحات من سيرته العطرة. ومن شمائله النضرة ومن من حقوقه العظيمة الوفيرة على امته صلوات الله وسلامه عليه ان الصلاة على النبي واله يشدو بها من شاء ان يتعطر بابي وامي انت يا خير الورى وصلاة ربي والسلام معطر يا خاتم الرسل الكرام محمد بالوحي والقرآن كنت مطهرا ما زال مجلسنا في مدارسة كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم للامام القاضي عياض رحمة الله عليه في ذكر فصول في الباب الرابع من القسم الاول في الكتاب وهو الذي خصه المصنف رحمه الله للمعجزات والكرامات التي ايد الله بها نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم. وهذا الباب الكبير من المعجزات يأتي في سياق بيان عظمة النبي عليه الصلاة والسلام عند ربه وعظيم قدره عنده سبحانه وتعالى. ذلك ان الله لما ارسل الرسل عليهم رفع قدرهم في اممهم واعلى منازلهم واوجب سبحانه وتعالى على الامم احترامهم وتعزيرهم حقيرهم وطاعتهم كل ذلك تمهيدا للايمان الصادق بالرسالة التي بعثهم الله تعالى بها فعليهم وعلى نبيهم افضل الصلاة والسلام وكان فيما اظهر الله به قدر الانبياء والرسل عليهم السلام ما ايدهم به من المعجزات والكرامات والايات الباهرات اقامة للحجة على من خالف. وتثبيتا لايمان من امن ومزيدا في تصديقهم عليه صلاة الله وسلامه وان يكون هذا ادعى لتصديق البشر والايمان بما بعثوا به من ربهم عز وجل واما نبينا عليه الصلاة والسلام فقد كان له في باب المعجزات الحظ الاوفر وله المقام الاكبر بين اخوته الانبياء عليهم السلام واتاه الله عز وجل من المعجزات والايات والكرامات ما رفع الله به قدره على سائر الانبياء جميعا عليهم الصلاة والسلام. مضى المصنف رحمه الله في ذكر تلك المعجزات. وبيان وجه عظيم قدرها ورفيع منزلتها. فبعدما ذكر معجزة القرآن وهي ام المعجزات واعظمها انتقل رحمه الله الى فصل اورد فيه انشقاق القمر وحبس الشمس وما في هاتين الايتين العظيمتين وما فيها من الاعجاز الذي لا يشابهه مثله شيء من معجزات الانبياء. ثم ما اعقب ذلك بما ختمنا به مجلس ليلة الجمعة الماضية وهو الحديث عن نبع الماء من بين اصابعه صلى الله عليه وسلم وتكثيره ببركته واورد في هذا جملة من الاحاديث ما زال فيها بقية وقد صدرها بقوله رحمه الله اما الاحاديث في هذا فكثيرة جدا بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. نبينا محمد عليه افضل الصلاة واتم تسليم. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين قال المصنف رحمه الله تعالى فصل في نبع الماء من بين اصابعه وتكثيره ببركته قال المؤلف رحمه الله اما الاحاديث في هذا فكثيرة جدا روى حديث نبع الماء من بين اصابعه صلى الله عليه وسلم جماعة من الصحابة منهم انس وجابر وابن مسعود قال القاضي عياض حدثنا ابو اسحاق ابراهيم بن جعفر الفقيه بقراءتي عليه قال حدثنا القاضي عيسى ابن سهل قال حدثنا ابو القاسم حاتم بن محمد قال حدثنا ابو عمر قال حدثنا ابو عمر ابن الفخار قال حدثنا ابو عيسى قال حدثنا يحيى قال حدثنا مالك عن اسحاق عن اسحاق ابن عن اسحاق ابن عبد الله ابن ابي طلحة عن انس ابن مالك رضي الله عنه رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم احالت صلاة العصر فالتمس الناس الوضوء فلم يجدوه. فاتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الاناء يده. وامر الناس ان يتوضأوا منه قال فرأيت الماء ينبع من بين اصابعه فتوضأ الناس حتى توضأوا من عند اخرهم ورواه ايضا عن انس قتادة وقال باناء فيه ماء يغمر اصابعه او لا يكاد يغمر. قال كم قال كنا زهاء ثلاثمائة وفي رواية عنه وهم بالزوراء عند السوق عند السوق رواه ايضا حميد وثابت والحسن عن انس وفي رواية حميد قلت كم كانوا؟ قال ثمانين ونحوه عن ثابت عنه. وعنه ايضا وهم نحو نحو من سبعين رجلا. واما ابن مسعود ففي الحج ففي الصحيح عنه من رواية علقمة بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وليس معنا ماء فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم اطلبوا من معه فضل ماء فاتي بماء فصبه في اناء ثم وضع كفه فهو فيه فجعل الماء ينبع من بين اصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي الصحيح عن سالم ابن ابي الجعد عن جابر رضي الله عنهم عطش الناس يوم الحديبية ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه فتوضأ منها واقبل الناس نحوه. وقالوا ليس عندنا ماء الا ما في ركوتك. فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده في الركوة فجعل الماء يفور من بين اصابعه كامثال العيون وفيه فقلت كم كنتم؟ قال لو كنا مائة الف لكفانا. كنا خمس عشرة مائة وروي مثله عن انس عن جابر وفيه انه كان بالحديبية. نعم هذه جملة من الاحاديث التي مر ذكرها في مجلس ليلة الجمعة الماضية وقد ذكر الامام ابو نعيم رحمه الله تعالى في وجه اعجاز نبع الماء من بين اصابع المصطفى صلى الله عليه وسلم كلاما لطيفا فقال رحمه الله هذه الاية يقصد نبع الماء من بين اصابع النبي صلى الله عليه وسلم يقول رحمه الله هذه الاية من اعجب الايات واجلها معجزة وابلغها دلالة شاكلت دلالة موسى عليه السلام في تفجر الماء من الحجر حين ضربه بعصاه بل هذا ابلغ في الاعجوبة لان نبع الماء من بين اللحم والعظم اعجب من خروجه من الحجر لان الحجر سمخ من اسناخ الماء مشهور في المعلوم مذكور في المتعارف وما روي قط ولا سمع بماء قط في ماضي الدهور نبع وانفجر من اجساد بني ادم حتى صدر عنه الغفير من الناس والحيوان رواء وانفجار الماء من الاحجار ليس بمنكر ولا بديع. وتفجره من بين الاصابع معجز بديع. انتهى كلامه رحمه الله وقد ظهر لك انه ان كان ضرب موسى عليه السلام بالعصا للحجر حتى انفلق فنبع منه اثنا عشر عينا كما ذكر الله في البقرة والاعراف فان تنبع الماء وانفجاره من بين اصابع النبي عليه الصلاة والسلام اعظم اعجازا واشد وابلغ دلالة لما مر بك في كلام ابي نعيم رحمه الله ان خروج الماء من بين الحجر هو احد منابعه في هذه الدنيا ان يتفجر من الاحجار كما قال الله عز وجل ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة او اشد قسوة وان من الحجارة لما يتفجر ومنه الانهار وان منها لما يتشقق فيخرج منه الماء. فهذا امر خلقه الله في الطبيعة. لكن ما عهد في الطبيعة ان ماء يخرج من بين لحم وعظم او يخرج من اجساد بني ادم. فحصوله لنبينا عليه الصلاة والسلام والله يا امة محمد عليه الصلاة والسلام من اعظم الدلالات واكثرها اعجازا ولعله لهذا الوجه البديع في اعجاز خروج الماء من بين يديه واصابعه صلوات ربي وسلامه عليه لعله لاجل ذلك ثنى به المصنف رحمه الله بعد معجزة انشقاق القمر ولان شقاق القمر ايضا اية كونية لا يطمع في الوصول اليها لا بسحر ساحر ولا بكهانة كاهن. فحصولها ورؤية الناس جميعا لها اية عظيمة على خلق الله وتدبيره وامره عز وجل القمر ان ينشق لنبيه صلى الله عليه وسلم فاذا كان نبع الماء على هذا النحو شيء مدهش وعجيب وعظيم في الدلالة على صدق النبي صلى الله عليه وسلم فاعلم رعاك الله ان خروج الماء من بين يديه واصابعه ما حصل مرة ولا ثنتين ولا ثلاثا. قال المصنف رحمه الله الاحاديث في هذا فكثيرة جدا سمعت قبل قليل روايات من حديث انس رضي الله عنه انه كان بالسوق عند الزوراء وانه استقى من الماء الذي تنبع من بين اصابعه زهاء ثلاثمائة. وفي رواية قال كنا ثمانين وفي اخرى بين السبعين والثمانين حملها بعض شراح الاحاديث على تعدد الواقعة وان المروي عن انس ليس حادثة واحدة بل كانت اكثر من ذلك وتفاوت العدد مرده الى تعدد الوقائع وليس الى اضطراب في الرواية لان كلها مخرجة في الصحيحين عند البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى. انس رضي الله عنه لما قال يقول فرأيت الماء ينبع من بين اصابعه توضأ الناس حتى توضأوا من عند اخرهم. وفي رواية قتادة ماذا قال؟ قال لما اوتي بالاناء قال فيه ماء يغمر او لا يكاد يغمر يعني من قلة الماء الذي كان في الاناء. اذا وضعت اصابعك فيه لا يكاد يغطيها ثم يستقي منه الناس ويتوضأون يقول كم كنتم؟ قال كنا زهاء ثلاثمائة فاي ماء كفى هؤلاء حتى توضأوا من عند اخرهم كما يقول انس رضي الله عنه. في الحديث الثاني عن ابن مسعود رضي الله عنه لما قال صلى الله عليه وسلم اطلبوا من معه فضل ماء فاوتي بماء فصبه في اناء ثم وضع كفه قال ابن مسعود فجعل الماء ينبع من بين اصابعه صلى الله عليه وسلم. وحديث جابر يوم الحديبية وستأتي له روايات اخر. قالوا ليس عندنا ماء الا ما في ركوتك يا رسول الله يعني الاناء الصغير او القربة من الجلد وهي قربة صغيرة يحمل فيها قدر من الماء بالكاد يكفي لوضوء رجل او لغسله للاستنجاء عند قضاء الحاجة لا اكثر من ذلك. قالوا ما عندنا ماء الا ما في ركوتك يا رسول الله؟ فوظع صلى الله عليه وسلم له في الركوة فجعل الماء يفور من بين اصابعه كامثال العيون بالله عليك تأمل في لفظ الصحابة. احدهم يقول رأيت الماء يتفجر من بين اصابعه. والثاني يقول فجعل الماء يفور من بين اصابعه كامثال العيون لما سئل كم كنتم؟ قال لو كنا مئة الف لكفانا. كنا خمس عشرة مئة يعني الف وخمس مئة وهذا عدد حابت يوم الحديبية وروي مثله عن انس عن جابر وفيه انه كان بالحديبية وستأتي روايات اخر ساقها المصنف رحمه الله في حديث جابر فيما اخرج الشيخان ايضا عنه رضي الله عنه لما حكى قصته مع النبي عليه الصلاة والسلام في في خروج الماء قال سافرنا فحظرت الصلاة فقال صلى الله عليه وسلم اما في القوم طهور؟ فجاء رجل بفضل ماء في ايداوة فصبه في قدح فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم ان القوم اتوا ببقية الطهور. فقال تمسحوا يعني لا فيكم من الماء الا بقدر المسح وليس الغسل. قال تمسحوا فسمعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال على رسلكم ثم ضرب صلى الله عليه وسلم يده في القدح في جوف الماء ثم قال اسبغوا الطهور. قال جابر يعني لا تتمسحوا بل توضأوا وباسباغ قال جابر والذي اذهب بصري. جابر ذهب بصره لما كبر رضي الله عنه. وهو يروي هذا الحديث. يقول والذي اذهب بصري لقد رأيت الماء يخرج من بين اصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يرفع يده حتى توضأوا اجمعون وكنا يومئذ بضع عشرة ومئتين هذا العدد الكبير يرويه جابر قال ابو قتادة وسيأتي حديثه بعد قليل الحديث اخرجه احمد واصله كما سمعت في الصحيحين هذه حديث انس وحديث ابن مسعود وحديث جابر ستأتيك الروايات الاخرى يا اخي لم تحصل مرة ولا مرتين في السيرة. حصلت مرات ومرات فما هو الامر الذي وقع في نفوس الصحابة واستقر حدثني ما هو؟ ايمان عظيم وشيء وقر في قلوبهم بصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. بل وعظيم قدره عند الله ان سخر الله له مثل هذه الايات واجرى على يديه مثل هذه المعجزات. الان انا وانت لسنا من الصحابة ولا ادركنا هذه الوقائع ولا حضرنا الحديبية. ولا حضرنا قصة السوق في الزوراء بالمدينة ولا غيرها من الوقائع لكن ثبتت عندنا الروايات الصحيحة فاعلم رعاك الله انه ينبغي والله ان يحصل لي ولك مثل ما حصل للصحابة رضي الله عنهم من صدق الايمان برسول الله عليه الصلاة والسلام. وتعظيم قدره في نفوسهم. وتمام الايمان الذي لا يتردد ولا يتلجلج في الصدر انه رسول الله حقا عليه الصلاة والسلام. وانه رفيع القدر عند ربه عز وجل وان الله ما زال يحميه وينصره ويؤيده حتى اتم به الدين واظهر له الاسلام وجعل اسيؤمنون برسالته في حياته قبل مماته صلى الله عليه واله وسلم. هذا القصد الكبير من دراسة باب المعجزة ذاته اصل في الدين عظيم هو تثبيت الايمان في القلوب ايها المؤمنون وان يكون لنا حظ من الايمان به صلى الله عليه وسلم وان يكون لهذه المعجزات اثرها في تثبيت الايمان وترسيخ العقيدة تمهيدا الى تمام الطاعة والاقتداء والاستنان برسول الله صلى الله عليه واله وسلم. نعم وفي رواية عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت عنه في حديث مسلم الطويل في ذكر غزوة بواط قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا جابر نادي الوضوء نادي الوضوء وذكر الحديث بطوله وانه لم يجد الا قطرة في عزلاء شخب فاتي به النبي شجب في عزلاء شجب فاتي به النبي صلى الله عليه وسلم فغمزه وتكلم بشيء لا ادري ما هو وقال نادي بجفنة الركب فأتيت بها فوضعتها بين يديه وذكر ان النبي صلى الله عليه وسلم بسط يده في الجفنة اصابعه وصب جابر عليه وقال بسم الله كما امره صلى الله عليه وسلم قال فرأيت الماء يفور من بين اصابعه ثم فارت الجفنة واستدارت حتى امتلأت وامر الناس بالاستقاء استقوا حتى رووا فقلت هل بقي احد له حاجة؟ فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده من الجفنة وهي ملأى. نعم هذا حديث جابر رضي الله عنه وقد اخرجه مسلم بطوله في ذكر غزوة بواط. وسمعتم قبل قليل طرفا من الرواية كما اخرجه احمد رحمه الله بسياق يشبه هذا وفيه زيادات. قال يا جابر نادي الوضوء امر عليه الصلاة والسلام بتحصيل ماء يكون به الوضوء. قال وذكر الحديث بطوله وانه لم يجد الا قطرة في عزلاء شجب. قد يسير من الماء وجد عند بعض القوم وهو في قدر قلته وندرته لا يكاد الا ما يغطي اسفل قربته صغيرة لا اكثر فاوتي به النبي عليه الصلاة والسلام قال فغمزه وفي رواية فغمره يعني عصره. قال جابر وتكلم بشيء لا لا ادري ما هو يعني جعل عليه الصلاة والسلام يدعو بكلمات لما اوتي بهذا الماء اليسير ويقينا انه كان يسأل الله من فضله وكان يستنزل البركة من ربه عز وجل. وكان يطلب من ربه سبحانه وتعالى ان يكون له منه مدد وتوفيق حتى يتم له صلى الله عليه وسلم عظيم القدر والكرامة عند الله. قال ونادى وقال نادى بجفنة الركب الجفنة هو الاناء الكبير الذي يجتمع عليه الركب فيطعمون فهو مثل الاطباق الكبيرة التي تقدم اليوم في المناسبات والولائم ويجتمع عليها العدد الكبير قال نادي بجفنة الركب قال فاتيت بها. فوظعتها بين يديه وذكر ان النبي صلى الله عليه وسلم بسط يده في وفرق اصابعه وصب جابر عليه وقال بسم الله كما امره صلى الله عليه وسلم قال فرأيت الماء من بين اصابعه ثم فارت الجفنة واستدارت حتى امتلأت يعني جعل الماء يملأها ويدور فيها حتى امتلأت وامر الناس بالاستقاء فاستقوا حتى رووا قلت هل بقي احد له حاجة؟ فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده من وهي ملأى ان كانت الرواية وصفت لك ما وقع كانك تشاهدها رأي عين. فعليك ان يقع في قلبك من الايمان واليقين ما لو حصل لك رؤيتها رأيا هذا الحديث اخرجه مسلم في صحيحه رحمه الله وهي تؤازر ما سبق من الاحاديث والروايات الاخر التي يؤازر بعضها بعضا في ان الماء نبع من بين اصابعه صلى الله عليه وسلم في حضر وفي سفر ورواه غير واحد من الصحابة ما يزالون يروونه لمن بعدهم وعن الشعبي اتي النبي صلى الله عليه وسلم في بعض اسفاره باداوة باداوة ماء. وقيل معنا يا رسول الله ماء غيرها فسكبها في ركوة ووضع اصبعه وسطها وغمسها في الماء وجعل الناس يجيئون ويتوضأون ثم يقومون قال الترمذي وفي الباب عن عمران ابن حصين عن عمران ابن حصين. نعم قال وعن الشعبي وذكر هنا رواية مرسلة عن الامام الشعبي وهو ليس صحابيا فالحديث ليس مرفوعا متصلا. قال اوتي النبي الله عليه وسلم في بعض اسفاره باداوة ماء. والاداوة كما اسلفت القربة الصغيرة من الجلد لا تحمل من الماء الا القدر اليسير والنزر الذي لا يكاد يكفي الا للاستنجاء او لوضوء رجل واحد لا اكثر. وقيل ما معنى يا رسول الله ماء غيرها؟ اوتي بهذا الماء وقيل له ليس معنا ونحن في بالقوم مسافرون ليس معنا ماء غيرها. قال فسكبها في ركوة ووضع اصبعه وسطها وغمسها في الماء. وجعل الناس يجيئون ويتوضأون ثم يقومون. هذه رابع رواية اوردها عن الشعبي بعد الثلاثة الروايات. المتصلة المرفوعة قال قال الترمذي وفي الباب عن عمران بن حصين. وفي الباب ايضا عن ابي عمرة الانصاري وعن البراء وعن ابي قتادة. مر ذكر بعضها واختصر المصنف كثيرا من الروايات. فاما حديث ابي قتادة فكما اخرجه مسلم قال كنا قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فقال امعكم ماء قلت نعم معي ميظأة فيها شيء من ماء. ميظأة يعني ايظا اناء صغير من جلد فيها قليل من الماء. قال ائتي بها قال ابو قتادة فاتيته بها فقال مسوا منها يعني خذوا منها وتوضأوا. قال فتوضأ القوم وبقي في الميضئة جرعة. فقال ازدهر بها يا ابا قتادة فان انه سيكون لها بنا مآل يعني احتفظ بما بقي معك وسيكون لنا بها حاجة. وسيأتي المصنف بالحديث بعد قليل. قال فلما اشتدت الظهيرة رجع لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله عطشنا هلكنا تقطعت الاعناق. فقال عليه الصلاة والسلام لا هلك عليكم يعني لن تهلكوا باذن الله وانا معكم ثم قال يا ابا قتادة ائتي بالميظاء القدر الذي قلت لك احتفظ به. قال فاتيته بها فقال احلل في غمري. يعني في قدحه عليه الصلاة والسلام. قال فحللته فاتيته به. فجعل يصب فيه وسقى الناس فازدحم الناس عليه. فقال صلى الله عليه وسلم يا ايها الناس احسنوا الملأ فكلكم سيصدر عري فشرب القوم حتى لم يبق غيري وغير رسول الله صلى الله عليه وسلم. فصب لي وقال ليشرب يا ابا قتادة فقلت اشرب انت يا رسول الله. قال ان ساقي القوم اخرهم. فشربت ثم شرب بعدي وبقي في ميظأتي نحو مما انا فيها. قال وهم يومئذ ثلاثمائة اي اية هذا عبد الله وقعت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. حدثني لو كنت ابا قتادة وقد رأيت هذا الاناء وفيه القدر اليسير من الماء ثم شهدت الواقعة وسقي الناس وهم ثلاث مئة ويشرب بعدهم ابو قتادة ويشرب في اخر بهم رسولنا صلى الله عليه وسلم ثم ترى الماء هو القدر الذي كان فيها قبل ان يحصل ما حصل ليس مهما ان تعرف ما الذي وقع في قلب ابي قتادة من اليقين والايمان والتعجب العظيم في ذلك الموقف لكن عليك ان تعلم ان ابا قتادة ما روى ما رأى الا من اجل ان ينقل لنا هذا الاثر العظيم الذي وقر في قلبه. فانه ينبغي ان يقع لي ولك مثل ذلك. وان نؤمن مثل هذا الايمان. وان نجزم بهذا القدر من اليقين ان النبي عليه الصلاة والسلام نبي كريم عند الله عظيم القدر عند الله نبي ايده الله بالمعجزات حتى تتم له الرسالة والتصديق من سائر للخلق انسا وجنا هكذا امن الصحابة رضي الله عنهم وهكذا وقع في عدة روايات اخر. واما حديث عمران بن حصين عمران حصين فسيأتي به المصنف في الفصل الذي يليه وفيها رواية مطولة اشار اليها هنا قال المصنف رحمه الله قال الترمذي وفي الباب عن عمران بن حصين وفيه ايضا احاديث غيرها كثيرة. اما حديث عمران فسيأتي بعد قليل. وحديث ابي عمرة الانصاري قال كنا مع الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها واصاب الناس مخمصة يعني وقع لهم من الجوع والعطش شيء عظيم. او تقول واصاب الناس مخمصة. ثم دعا فوضعت بين يديه قال ثم دعا بماء فصبه فيها ثم مج فيها بما شاء الله ان يتكلم ثم ادخل خنصره صلى الله عليه وسلم فيها يقول ابوعمرة فاقسم بالله لقد رأيت اصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم تتفجر ينابيع الماء ثم امر الناس فشربوا وسقوا وملأوا قربهم واذاواتهم ثم ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه ثم قال اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله. لا يلقى الله بهما احد يوم القيامة الا دخل الجنة على ما كان. الحديث اخرجه احمد. ونحن والله نشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له الامر امره والخلق خلقه بيده الخلق والامر يدبر ما يشاء جل في علاه. ونشهد ان محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله مؤيد بالمعجزات. ومعزز بالكرامات ومنصور من ربه سبحانه وتعالى. صلى الله ربي وسلم وبارك عليه ومثل هذا في هذه المواطن الحفلة والجموع الكثيرة لا تتطرق التهمة الى المحدث به. لانه هم كانوا اسرع شيء الى تكذيبه. لما جبلت عليه النفوس من ذلك. ولانهم كانوا ممن ممن لا يسكت على باطل فهؤلاء قد رووا هذا واشاعوه ونسبوا حضور الجماء الغفير له. ولم ينكر احد من الناس عليهم ما حدثوا به عنهم انهم فعلوا وشاهدوا فصار كتصديق فصار كتصديق جميعهم له هذا من المصنف رحمه الله بيان بان الرواية التي اورد عددا منها فيما يتعلق بنبع الماء من بين اصابعه عليه الصلاة والسلام وان رواها فلان وفلان وفلان خمسة وستة وسبعة وعشرة من الصحابة الا انها لما نقلت ان تلك الحوادث وقعت في مواطن حافلة. يعني مواطن ما كان جالس فيها شخص واثنان واحد يقول كنا زهاء ثلاثمائة والثاني يقول لو كنا مئة الف لكفانا وكنا خمس عشرة مئة ثلاثمائة والف وخمسمائة ومئتان وهذا العدد الكبير ثم ينقل كما كان المصنف والجموع الكثيرة لا تتطرق التهمة الى المحدث به. هذه واحدة ليش؟ لانه يروي هذه الرواية. وهو ينقل ان هذا حدث في السوق بالمدينة او حدث في الحديبية او حدث في غزوة بواط قل وقائع معروفة واصحابها شهود حاضرون. ومع ذلك لا تتطرق التهمة الى الراوي الذي قال ان هذا قد يوم كذا في مكان كذا. فمات تتطرق التهمة لانهم كانوا اسرع شيء الى تكذيبه. يعني لو كان كاذبا هل سيسكت ان هذه الفرية والكذبة تنقل وتنسب اليهم وهم حاضرون فيسكتون حاشاهم والله قال كانوا اسرع شيء الى تكذيبه يعني لو كان كاذبا لما جبلت عليه النفوس من ذلك. ولانهم كانوا ممن لا يسكتوا على باطل. هذه واحدة اما ثانيا فقال هؤلاء قد رووا هذا واشاعوه ونسبوا حضور الجماء الغفير له يقولون ان الوقائع تلك حدثت والذي حضر ليس احاد ولا عشرات بل مئات وتجاوزوا الالف في بعض الوقائع. ولم ينكر احد من الناس عليهم ما حدثوا به عنهم انهم فعلوا وشاهدوا فصار كتصديق جميعهم له. كانك تقول ان رواية جابر يوم الحديبية ما رواها جابر فقط رواها الالف وخمس مئة كلهم لانهم صدقوا وايدوا وما اعترض احد ولا استدرك عليه احد ولا شكك في روايته احد وقل مثل ذلك في الاحاديث الاخر فكيف اذا اجتمعت لك روايات متناثرة؟ هذه رويها انس وتلك جابر والثالثة ابن مسعود والرابعة ابو قتادة خامسة عمران ابن حصين والسادسة ابو عمرة والسابعة والثامنة والعاشرة. بالله عليك القدر المجتمع من هذه الروايات على جزم يقين ان ذلك امر حصل لنبينا صلى الله عليه وسلم. وان الصحابة رأوا هذا باعينهم جابر يقسم يقول والذي اذهب بصري لقد رأيت الماء يتفجر من بين اصابعه. وفي رواية قال ينبعك امثال العيون. وثالثة رابعة حصل لهم هذا ورووه في تلك المواطن الحافلة والجموع الكثيرة والوقائع المعروفة في السيرة فما تجد رواية ولا حتى ضعيفة او مكذوبة شيء ما يستدرك على تلك الروايات الصحيحة او يطعن فيها او يغمز فيها بقدح فاستقر الامر يا كرام على ان هذا من معجزات نبينا صلى الله عليه واله وسلم ثم ها هنا سؤال قبل انتقالنا الى الفصل الثاني وهو مرتبط به تمام الارتباط وقد اوردته في مجلس ليلة الجمعة الماظية لماذا حدث انس بمثل هذا الحديث؟ وابن مسعود وجابر وعمران ما الذي حملهم على ان يأتوا الى مجمع التابعين اولادهم وجيل التابعين من الامة في ذاك الوقت فجعلوا يقصون هذه الرواية حضرنا كذا وحصل كذا والنبي عليه الصلاة والسلام فعل كذا. ونبع الماء من بين اصابعه. ما الذي حمله على ان ينقلوا هذه وقائع بتلك المشاهد العجيبة وينقلوه لمن جاء بعدهم من التابعين ثم التابعون يحفظون هذا ويرونه لمن جاء بعدهم ويستمر هذا رواية محفوظة صحيحة يخرجها الشيخان البخاري ومسلم وغيرهما من اصحاب دواوين السنة فتحفض وتنقل وتروى في الامة عبر الاجيال الى اليوم فاتي انا وانت ونقرأ هذه الروايات في بيت الله الحرام وامام كعبته المعظمة بعد الف واربع مئة وثمان وثلاثين سنة ما الذي حمل الصحابة على رواية هذه القصص؟ وليس فيها ذكر اركان الاسلام ولا الايمان ولا الحلال ولا الحرام فيها شيء عظيم يا كرام فيها صلب العقيدة والايمان بالله عز وجل وبقدرته العظيمة وبتدبيره في خلقه ما شاء جل وعلا والذي اراد اذا اراد شيئا انما يقول له كن فيكون فيها قدر عظيم من العقيدة وصفائها وما يتعلق بصدق الايمان برسول الله صلى الله عليه وسلم. وعظيم تقديره ومعرفة مقامه ورفيع قدره عند ربه. وما ايده بها من المعجزات العظيمة. والايات الباهرة. فنأتي اليوم لكأننا والله حضرنا معه يوم الحديبية ونحن نقرأ رواية جابر وكأن حضرنا معهم قصة الزوراء وما يرويه انس. وما كنا مع عمران بن حصان في الرواية الاتي ذكرها. وقد حصل لهم من تعلق القلوب بتصديقها بالله وبرسول الله صلى الله عليه وسلم شيء عظيم. لاجل ذلك روى الصحابة ما رأوا رضي الله عنه في تلك الوقائع ونقلوا لنا ما شاهدوا والله لقد كانوا اوفياء وحرصوا على ان محظرا ومشهدا وموضعا ينالون فيه من الايمان الذي يهز الابدان ويرجف بالكيان الا يفوت فعلي وعليك فينقلوه لنا كما رأوه ويحظروا تلك المشاهد فينقلوها لنا صورة مروية بالعبارة الدقيقة والوصف الذي لا يفوت عليك فيه المشهد من اجل ان اشهد ما شهدوا بسمعك لا بعينك. وان تؤمن بقلبك كما امنت قلوبهم رضي الله عنهم. تالله لقد كانوا اوفياء فحق علينا ان نكون امناء في تقبل تلك الامانة التي رووا وحفظوا ونقلوا فيقع لنا من العلم بها والعمل ثم والرواية والتعليم لمن يأتي بعدنا من ابنائنا وجيل الامة ليثبت هذا الايمان ويتوارث في الامة جيلا بعد جيل كما فعلى الصحابة اول مرة رظي الله عنهم وسلك بنا سبيلهم فصل في تفجير الماء ببركته صلى الله عليه وسلم. وانبعاثه بمسه ودعوته ومما يشبه هذا من معجزاته تفجير الماء ببركته وانبعاثه بمسه ودعوته فيما روى مالك الموطأ عن معاذ بن جبل في قصة غزوة تبوك. وانهم وردوا العين وهي تبض بشيء من ماء من مثل الشراك فغرفوا من العين بايديهم حتى اجتمع في شيء ثم غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه وجهه ويديه واعاده فيها فجرت بماء كثير فاستقى الناس قال في حديث ابن اسحاق فانخرط من الماء ما له حس كحس الصواعق ثم قال يوشك يا معاذ يوشك يا معاذ ان طالت بك حياة ان ترى ما ها هنا قد ملئ جنانا. نعم حديث معاذ هذا اخرجه الامام مسلم في صحيحه. وهو من طريق الامام مالك في الموطأ كما ذكره المصنف هنا رحمه الله هذا الفصل شبيه بالفصل الذي قبله من وجه ويختلف عنه من وجه اما وجه الشبه فخروج الماء بين يديه صلى الله عليه وسلم والفرق ان الروايات في الفصل السابق ماء تدفق من بين اصابعه الشريفة عليه الصلاة والسلام واما ها هنا فالحديث عن ماء ربما كان غائرا في بئر او كان يبحث عنه في اداوة وقربة. فيدعو عليه الصلاة والسلام او يبعث بشيء من البركة المتعلقة ببصاقه او بيده او بدعائه فينبعث الماء وصدر المصنف رحمه الله هذا بقوله ومما يشبه هذا من معجزاته تفجير الماء ببركته لانه يشبه نبع الماء من بين اصابعه عليه الصلاة والسلام. قال وانبعاثه بمسه ودعوته. ثم ذكر حديث غزوة واوردها مختصرة وتمامها كما اخرج مسلم في صحيحه من حديث معاذ بن جبل قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام غزوة تبوك فكان يجمع الصلاة فصلى الظهر والعصر جميعا. والمغرب والعشاء جميعا. حتى اذا كان يوما اخر الصلاة ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعا ثم دخل ثم خرج بعد ذلك فصلى المغرب والعشاء جميعا ثم قال يخاطب اصحابه في الجيش في غزوة تبوك ثم قال انكم ستأتون غدا ان شاء الله عين تبوك وانكم لن تأتوها حتى يضحى النهار يعني لن تبلغوا العين في تبوك حتى يبلغ النهار ضحى. ترتفع الشمس وانكم لن تأتوها حتى يضحى النهار. فمن جاءها منكم فلا يمس من مائها شيئا حتى اتيه فجئناها وقد سبقنا اليها رجلان قال والعين مثل الشراك مثل الشراك تبظ بشيء من ماء يعني الماء التي وجدوها في تلك العين مثل شراك النعل اكرمكم الله. قدر يسير جدا لا يكادوا يرتفع عن سطح الارض تبظ شيئا يعني لا يتدفق منها الا قدر يسير من الماء. قال فجئناها وقد سبقنا اليها رجلان والعين مثل الشراك تبظ بشيء من ماء قال فسألهما رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل من سأل الرجلين اللذين سبقا الى العين قال هل مسستما من مائها شيئا قالا نعم فسبهما النبي صلى الله عليه وسلم وقال لهما ما شاء الله ان يقول قبل ان نكمل قف هنا مع قوله فسبهما صلى الله عليه وسلم وقد استشكل كثير من الناس ما اورده الشراح جوابا عن هذا الاستشكال. ايسب رسول الله صلى الله عليه وسلم اورد الشراء حفظكم الله ان المذكورين هنا في الرواية ممن سبق الى العين وخالف امره عليه الصلاة والسلام. كان من المنافقين الذين اذوا رسول الله عليه الصلاة والسلام وصحبه يوم تبوك اشد الايذاء اولئك الذين نزلت فيهم سورة التوبة تكشف فضائحهم وخيانتهم وغدرهم وعظيم خبثهم واذاهم لرسول الله عليه الصلاة والسلام. وقد كفرتهم ايات التوبة الذين يستهزئون قل ابالله واياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد ايمانكم قالوا كان هذين من المنافقين. بل وسماهما الواقدي في مغازيه. وذكر انهم اربعة وليسوا اثنين. وكان من شرار ممن يعلن العداء وانهم سبقوا الى الماء رغبة في المعاندة. والتكذيب والاذى لرسول الله صلى الله الله عليه وسلم وللمسلمين قال الشراح والنبي عليه الصلاة والسلام ولي امر المسلمين والحاكم الذي يحكم بينهم ويسوسهم ويقضي بينهم بما امره الله عز وجل. فمن كان حاكما فاوتي اليه بمن خالف امره وحكمه ومن تعمد ان يخالف توجيهات قائد الجيش. فما عسى قائد الجيش ان نصنع؟ اليس سيعاقب بلى هذه سياسات الجيوش والقيادات في تأديب المخالف. ومن لا ينزجر ومن لا يمتثل لامر القيادة لكن انظر الى شفقته عليه الصلاة والسلام وان غاية ما اوقعه بهما من العقاب هو السب بالكلام واللسان لا غير. ما امر بالحبس ولا بالضرب وقد كانوا يستحقون ولا امر بالتنكيل بهم او بامساسهم بشيء من الاذى وقد كانوا يستحقون لكنه عليه الصلاة والسلام اكتفى بنيلهم باللسان. هذا هذه واحدة. واما الثانية مما ينبغي ان يستقر عندك فيها الجواب ما ذكره الشراح انه ما ذكر لفظ السب والشتم فاذا جمعت ما تواترت به الروايات الكثيرة عن عظيم ادب رسول الله عليه الصلاة والسلام وعفة منطقه وطهارة فمه ولسانه الشريف. صلى الله عليه وسلم. فانك تجزم والله انه لا يسب السب البذيء المقذع ولا الجارح ولا ما فيه اهانة ولا ذكر للعورات والمساوئ حاشاه صلى الله عليه وسلم وانه انما يوصف بالسب عبارات العرب التي تخرج على وجه الغضب عند الدعاء. مثل ما يقول اخزاك الله قبحك الله ونحو ذلك فمن هنا يطلق على هذا سب فاذا فهمت ذلك ادركت ان ما ثبتت به الرواية الصحيحة هنا عند مسلم من قوله فسبهما صلى الله عليه وسلم وقال لهما ما شاء الله ان يقول لا ينبغي ان يثير شيئا من التردد او الحرج فيما يتعلق بمقامه صلوات الله وسلامه عليه نعود الى الرواية قال وقال لهما ما شاء الله ان يقول قال ثم غرفوا بايديهم من العين قليلا قليلا حتى اجتمعن في شيء من نحو اناء حتى اجتمع في شيء قال وغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه يده ووجهه ثم اعاده فيه قال فجرت العين بماء منهمر او قال غزير يوشك قال شك ابو علي هل قال بماء منهمر او غزير؟ قال حتى استقى الناس ثم قال يوشك يا معاذ ان طالت بك حياة ان ترى ما ها هنا قد ملئ جنانا وتبوك اليوم واحدة من المناطق الزراعية التي تحفل بالانهار والعيون والابار والتي تصدر الزراعة الى داخل البلاد وخارجها وصدق فرسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال لمعاذ قبل اكثر من الف واربعمائة سنة يوشك يا معاذ ان ترى ما ها هنا قد ملئ جنانا. ويتحقق هذا بعد مئات السنين من مقولته عليه الصلاة والسلام. لنوقن انه رسول الله حقا صلى الله عليه وسلم ومبعوث من ربه بالرحمة والهداية ودين الله القويم وصراطه المستقيم. نبع الماء ولم يخرج من بين اصابعه. وهذا وجه اختلاف هذه الرواية عن روايات الفصل السابق. لكنه لما دعا وتوضأ في بالماء ثم اعاده الى تلك العين فاذا هي قد جرت بماء غزير او ماء كثير كما قال معاذ رضي الله عنه نعم وفي حديث البراء وسلمة بن الاكوع وحديثه اتم في قصة الحديبية. وهم اربع عشرة مئة وبئرها لا تروي خمسين شاة فنزحناها فلم نترك فيها قطرة فقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على جباهة يعني على طرف البئر وحافتها قال البراء واتي بدلو منها فبصق فدعا وقال سلمة فاما دعا واما بصق فيها شتم وقال سلمة فاما دعا واما بصق فيها فجائت فجاشت فارووا انفسهم وركابهم. نعم. حديث رأى هذا اخرجه البخاري وحديث سلمة اخرجه مسلم وقد اشتركوا في هذه الرواية في القصة التي وقعت لهم مع النبي صلى الله عليه وسلم في قصة الحديبية اما رواية مسلم فتمامها فيما روى سلمة رضي الله عنه قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة. فاصابنا جهد حتى هممنا ان ننحر بعض ظهرنا. يعني قال حتى امرنا هممنا ان ننحر بعض ظهرنا يعني بعض ما يركبون من النوق ونحوها للاستفادة مما اصابهم من الجهد والجوع الشديد. قال حتى هممنا ان ننحر بعض ظهرنا فامر نبي الله صلى الله عليه وسلم فجمعنا مزاودنا جمع مزودة وهي كل ما يحمله المسافر معه يحمل فيه تمرا وطعاما يتزود به في الطريق قال فجمعنا مزاودنا فبسطنا له نطعا. يعني قطعة جلد مثل الفراش. فبسطنا له نطعا فاجتمع زاد القوم على نطعي قال يقول سلمة فتطاولت لاحرزه كم هو. يعني فجعلت ارفع رأسي انظر هذا الذي اجتمع من مزاود القوم كم بلغ من الطعام الذي وضع على النطع؟ قال فتطاولت لاحرزه كم هو؟ قال فحزرته كربظة العنز يعني كل الذي اجتمع كربضة العنز ماذا عساه يكفي قوما في الحديبة يبلغون الف وخمسمائة قال فحزرته كربظة العنز ونحن اربع عشرة قال فاكلنا حتى شبعنا جميعا ثم حشونا جربنا كل واحد اخذ معه في جرابه من هذا الطعام وحمل اكل وحمل معه فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم فهل من وضوء؟ هذا الطعام طيب وماذا عن الماء؟ قال هل من وضوء عندكم ماء؟ نتوضأ به؟ قال فجاء رجل باداوة لها باداوة له في فيها نطفة قطرة ماء قال فافرغها في قدح. قال فتوضأنا كلنا ندغفقه دغفقة يعني نغترف غرفا وكنا اربع عشرة مئة. قال ثم جاء بعد ذلك ثمانية. فقالوا هل من طهور؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فرغ الوضوء انتهى بعدما تفرق القوم وقد توازعوا الماء. قصة سلمة وقصة البراء اوتي بالدلو عليه الصلاة والسلام كما في رواية وطريق ابن خالد قال فبصق او دعا فجاشت فكانت هذه البئر التي لا تكاد وتروي في مائها خمسين شاة شاشة يعني نبعت بالماء وفاضت حتى استقوا منها وسقوا ركابهم وهم بصحبته عليه الصلاة والسلام. نعم وفي غير هذه الروايتين في هذه القصة من طريق ابن شهاب في الحديبية. فاخرج سهما من كنانته فوضع في قعر قليب ليس فيه ماء فروي الناس حتى ضربوا بعطن. نعم. الذي اخرجه ابن شهاب في في قصة الحديبة من غير هاتين الروايتين قال اخرج سهما من كنانته عليه الصلاة والسلام فوضع فوضع في قعر قليب. القليب البئر اذا كانت جافة ليس فيها ماء. فروي الناس حتى ضربوه بعطن يعني استقوا وشربوا وحملوا من الماء حتى ما لا يكاد يحتاج قطرة ماء عن عروة ابن الزبير عن مسور ابن مخرمة ومروان ابن الحكم يصدق كل منهما صاحبه. والحديث اخرجه البخاري قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية فعدل حتى نزل باقصى الحديبية على ثمد قليل الماء. والثمد حفيرة صغيرة اذا كان الماء فيها قليلا جدا قال انما يتبرظه الناس تبرظا يعني الماء من قلته الناس لا ياخذون منه الا قليلا قليلا ليكتفوا منه ويكفي جميع قال فلم يلبث الناس ان نزحوه. انتهى الماء على قلته قال فشكي الى رسول الله صلى الله عليه وسلم العطش فانتزع سهما من كنانته ثم امرهم ان يجعلوه فيه. اين بهذا البئر في هذا السمد الحفيرة الصغيرة التي ليس فيها الا قليل من ماء قال مروان بن الحكم والمصر بن مخرما. قال فوالله ما زال يجيش لهم بالري حتى صدروا وضربوا عنه بعطن. والحديث عند البخاري حتى استقى الجميع وشربوا بل وخرجوا بماء يحملونه معهم في انيتهم وفي ركابهم. هذه ايضا تثبت لك ان الماء وان لم يخرج من بين اصابعك ربما دعا او بصق عليه الصلاة والسلام او توضأ فاعاد فضل وضوئه صلى الله عليه وسلم في ذلك البئر او في الاناء او في الجفن نعم او ربما ارسل سهما من كنانته فيوضع في ذلك المكان فيفور بالماء اية من الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم وعن ابي قتادة وذكر ان الناس شكوا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم العطش في بعض اسفاره. فدعا الميضئة فجعل في فجعلها في ضمنه في ضمنه يعني ضمها اليه فاخذها واحتضنها. وقد مر ذكر حديث ابي قتادة قبل قليل ثم التقم فمها فالله اعلم نفث فيها ام لا. التقم فمها. يعني اخذ النبي عليه الصلاة والسلام فما هذه القربة او الاداوة والاناء الصغير التقم فمها يعني جعل فمها عند فمه قال فالله اعلم نفث فيها ام لا لكن ما قربها من فمه الا لانه اما اراد ان يدعو او ينفث فيها وايا كان اما دعاؤه او نفثه او ريقه او بساقه صلى الله عليه وسلم. فكل ذلك بركة. ويحل بها بامر الله ما شاء الله ان يكون فشرب الناس حتى رووا وملأوا كل اناء معهم فخيل الي انها كما اخذها مني كانوا اثنين وسبعين رجلا وروى مثل وروى مثله عمران ابن حصين. نعم. وسيأتي الان بعد قليل رواية عمران ابن حصين رضي الله عنه. وهي على طولها ايضا مليئة بشيء من العجائب فيما يتعلق بعظيم ما ايد الله به نبيه صلى الله عليه واله وسلم وذكر الطبري حديث ابي قتادة على غير ما ذكره اهل الصحيح. وان النبي صلى الله عليه وسلم خرج بهم خرج بهم ممدا لاهله لاهل مؤتتة عندما بلغه قتل الامراء وذكر حديثا طويلا في معجزة في معجزات فيه معجزات وايات للنبي صلى الله عليه وسلم. وفيه اعلامهم انهم يفقدون الماء في غد وذكر حديث الميضئة قال والقوم زهاء ثلاثمائة وفي كتاب مسلم انه قال لابي قتادة احفظ علي ميضأتك فانه سيكون لها نبأ. وذكر نحوه حديث ابي قتادة اخرجه مسلم في صحيحه واخرجه غيره وفيها اختلاف روايات. ذكر المصنف اشارة الى رواية مسلم ان القوم كانوا زهاء ثلاثمائة وانهم لما توضأوا منها اول مرة واستقوا قال النبي عليه الصلاة والسلام لابي قتادة احتفظ بها وفي لفظ غيره ازدهر بها فانه سيكون لها نبأ يعني سيكون لنا بها مآل كما في رواية اخرى. وحدث ان ناداه عليه الصلاة والسلام واستدعى مضائته فنفع الناس بها مرة اخرى على قلة ما فيها من ماء. بركة لما حصل بين يديه صلوات الله وسلامه وهو عليه يشبه ذلك ايضا عدد من الروايات سيذكر المصنف منها حديث عمران. ومنها ايضا حديث البراء ابن عازب رضي الله عنه وحديثه مخرج وايضا عند البخاري ومسلم. واخرجه احمد واصله في البخاري. يقول البراء كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير فاتينا على ركية دمنا ايضا شبه البئر المهجورة التي ليس فيها الا قدر قليل جدا من الماء. قال فاتينا على ركية دمنة قال فنزل انا سادسهم او قال سبعة انا سابعهم. قال فنزلنا ماحة. والماحة هم من يقدح الماء. ينزلون في قعر البئر يقدحون الماء فيظربون قعر البئر لعله يفور شيء من الماء فينبع قدر يجتمع لهم فيه ما يحصيون به غرضهم من الماء قال فنزل ستة انا سادسهم او قال سبعة انا سابعهم ماحة يعني نزلوا يقدحون الماء قال فاذليت الينا دلو رسول الله صلى الله عليه وسلم على شفة ركية. قال فجعلنا فيها نصفها او قرابة ثلثيها او نحو ذلك. قال البراء فدنوت باناء هل اجد شيئا اجعلها في حلقي؟ فما وجدته لما نزلت لنا الدلو يقول حاولنا ان نجعل فيها شيئا مما ما في شيء قال البراء فنظرت في الدلو هل انظر هل اجد فيها شيئا اجعله في حلقي ولو قطرة اشرب منها؟ قال فما وجدته قال البراء رضي الله عنه فدنوت باناء هل اجد شيئا اجعلها في حلقي فما وجدته فرفعت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فغمس يده فيها فقال ما شاء الله ان يقول يعني في الاناء اي او في الدلو التي رفعت له بعدما جعل فيها شيء مما اجتمع من ماء البئر. قال فاعيدت الينا الدلو وما فيها من الماء قال فلقد رأيت اخرنا اخرج بثوب رهبة الغرق. ثم ساخت البئر او ساحت قال ما هو الا ان جاءت الدلو بعد ان دعا ونفث فيها صلى الله عليه وسلم ثم جعلت في اسفل البئر ثم اخرج الستة او السبعة الذين كان معهم البراء وقد نزلوا يقدحون الماء من اسفل البئر. قال فرأيت اخرنا اخرج بثوب رهبة الغرق كاد الماء في البئر ان يغرقه. بعدما فارت بالماء وهي التي ما كادوا يجدون فيها قطرة ماء يبل بها البراء رضي الله عنه حلقه فما وجد. قال ثم ساخت البئر او ساحت قصة البراء ها هنا البراء ابن عازب لما تضمها الى روايات من سبق كابي قتادة وحديث معاذ بن جبل في تبوك ونحوه من الروايات تدلك على ما سبق تقريره في اول المجلس ان هذه الاية العظيمة التي امد الله بها نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم كانت مما ايده الله تعالى به من المعجزات الباهرات والايات العظيمات. ولا يزال في الفصل روايات اخر يأتي به المصنف رحمه الله بقي فيها روايات ثلاثة. اولها حديث عمران ابن حصين وما زال يشير مصنف اليها من الفصل الذي سبق ثم حديث سلمة بن الاكوع وقد مرت الاشارة اليه واخيرا حديث عمر رضي الله عنه وقد سئل رضي الله عنه عن شيء مما اصابهم في جيش العسرة يبعث على مزيد من العظة والاعتبار فذكر ما حصل لهم مع النبي عليه الصلاة والسلام وقال المصنف في اخر الباب والحديث في هذا الباب كثير وسنأتي عليها ان شاء الله تعالى في مجال الجمعة المقبلة ان شاء الله تعالى. هذه الليلة الشريفة وما بقي فيها من ساعات حقها ايها المباركون ان تغتنموا فيها صلوات ربكم عز وجل وان تستمطروا هذه الصلوات الربانية من الله بكثرة صلاتكم وسلامكم على حبيبه ونبيه فان الله قد قال ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما. فالله قد كفاه بصلاته عليه وقد وكل ملائكته ايضا بالصلاة عليه. فالشرف لي ولك وليست حاجته صلى الله عليه وسلم بنا الى الصلاة عليه ان الله قد كفاه وملائكة الله ايضا قد قامت بذلك لكنه باب من الاجر والخير والرحمة فتح لي ولك. فهنيئا لمن يسر الله له هذا الباب العظيم من الذكر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وحظه ما وعد به النبي عليه الصلاة والسلام فمن صلى اعلي صلاة صلى الله عليه بها عشرا. فاللهم صل وسلم وبارك عليه كما تحب ان يصلى عليه. وصل يا ربي وسلم وبارك عليه صلاة وسلاما تبلغنا بها ارفع المقامات. واعلى الدرجات. اللهم احينا على السنة وامتنا عليها يا ذا الجلال والاكرام. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما يا رب العالمين اللهم انا نسألك ايمانا صادقا ويقينا راسخا وعلما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء. اللهم اجعل لنا ولامة الاسلام جميعا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا رحمن يا رحيم. اللهم ارحم موتانا واشفي مرضانا واهد ضال لنا ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم وتب علينا انك انت التواب الرحيم. اللهم ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمدلله رب العالمين الله اكبر