بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ولا رب سواه. واشهد ان نبينا وحبيبنا محمدا عبد الله ورسوله وخليله ونبيه ومصطفاه اجتباه ربه وهداه وبعثه بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا وداعيا الى الله باذنه وسراجا منيرا. صلوات الله وسلامه عليه وعلى ال بيته وصحابته ما تعاقب الليل والنهار. وصلى الله وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته الاطهار وصحابته المهاجرين والانصار ومن تبعهم باحسان واقتفى اثرهم الى يوم الدين. وبعد فهذه ليلة الجمعة معشر المسلمين. فيها يقبل المحبون بصلاتهم وسلامهم على من امتلأت قلوبهم بحبهم صلى الله عليه وسلم يسوقهم حبهم العظيم ويحدوهم في ذلك شوقهم العظيم الى نبي الهدى والرحمة. صلوات الله وسلامه عليه وملء شعورهم عظيم المنة والوفاء. الذي قام بافئدتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد انقذ الله تعالى به من الظلمات الى النور. واخرجنا به من النار الى جنة عرضها السماوات والارض فما فتئ احدهم يصلي ويسلم عليه حبا واشتياقا. ويصلي ويسلم عليه ايمانا ووفاء. ويصلي ويسلم عليه صلى الله عليه وسلم يستمطر من ربه عشر صلوات بكل صلاة. وقد قال عليه الصلاة والسلام فمن صلى علي صلاة صلى الله عليه عشرا. وهذه الليلة اكد من غيرها من ليالي الاسبوع. لقوله صلوات الله وسلامه عليه اكثروا من الصلاة علي ليلة الجمعة ويوم الجمعة. وما مجلسنا هذا يا كرام الا استكثارا من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم في مجلس نتدارس فيه سيرته وشمائله. ونقلب صفحات عظيمة مشرقة مضيئة مما وجب له من حقوق عظيمة في الاسلام على امته. وامته وفية كريمة بوفاء نبيها صلى الله عليه وسلم وكرامته عند ربه وعظيم منزلته عنده. بك اشرقت شمس الهدى سبحان من اوحى تالله ما ضلت خطى من سار يقفو مشعليك يا ويح قلبي انسها يوما وما صلى عليك فصلى الله عليه وسلم صلاة وسلاما دائمين ابدا. وما زالت مدارستنا في كتاب الشفا للامام القاضي عياض رحمه الله تعالى في الفرق الاسم الذي جعله معجزات له عليه الصلاة والسلام وقد تقدم فيه فصول عدة وقف بنا الحديث عند الفصل الذي عنون له القاضي عياض رحمه الله تعالى بقوله فصل في كراماته وبركاته. وانقلاب الاعيان له فيما لمسه او باشره. وتقدمت جملة من الاحاديث في هذا الفصل وبقي منها بقية نعرض لها في جلسة الليلة ان شاء الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين قال المصنف رحمه الله تعالى فصل في كراماته وبركاته وانقلاب الاعيان له فيما لمسه او باشره صلى الله عليه وسلم الى ان قال ومن ذلك بركة يده فيما لمسه وغرسه لسلمان رضي الله عنه حين كاتبه مواليه على ثلاثمائة ودية يغرسها لهم وكلها تعلق وتطعم. وعلى اربعين اوقية من ذهب فقام عليه السلام وغرسها له بيده الا واحدة. غرسها غيره. فاخذت كلها الا تلك فقلعها النبي صلى الله عليه وسلم وردها فاخذت وفي كتاب البزار فاطعم النخل من عام فاطعم النخل من عامه الا الواحد فقلعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وغرسها فاطعمت من عامها واعطاه مثل بيض واعطاه مثل بيضة الدجاج دجاجة من ذهب مثل بيضة الدجاجة واعطاه مثل بيضة الدجاجة من ذهب بعد ان ادارها على لسانه. فوزن منها لمواليه اربعين اوقية. وبقي عنده مثل ما اعطى الحديث اخرجه احمد والطبراني والبزار وغيرهم باسانيد لا يخلو الواحد منها من مقال وفيه ضعف ولعل الحديث بمجموع طرقه يرتقي الى الصحيح لغيره كما صرح بذلك عدد من المحدثين. الحديث في قصة اسلام الفارسي رضي الله عنه. وقصته على ما تذكر كتب السير فيها عجائب. ذلك انه ما زال يرتحل من بلد الى بلد حريصا على ديانة صحيحة وعقيدة سليمة. فما زال يتقلب بين ايدي جماعة من الرهبان الاحبار وكلما حضرت احدهم الوفاة استنصحه في من ينتقل اليه من بعده. فما زال كل واحد يوصي الى من يعرف من ثقة وديانة وصلاح حاد من احبار ورهبان النصارى. فما زال يتنقل رضي الله عنه حتى بلغ ان نبيا مبعثه اخر الزمان قد حان وقته ولعله ان يكون بمكان كذا وكذا ووصفت له يثرب في جزيرة العرب وانتقل رضي الله عنه. وسكن المدينة وهي يثرب انذاك على الوصف الذي بلغه وما ابقاه هناك الا انتظار مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم. فبقي يعمل هناك مولى مملوكا ولا يزال اسياده من بعض قبائل يهود المدينة. حتى قدم النبي عليه الصلاة والسلام مهاجرا. وفرحت به طيبة واستنارت مدينة ودخل الاسلام عزم سلمان رضي الله عنه على الالتحاق بنور هذا الدين العظيم. وبرسالة نبيه الامين صلى الله عليه وسلم فاتى في رواية مشهورة يحاول ان يجد فيها بعض علامات النبوة فقدم الى النبي عليه الصلاة والسلام فوجده لا يأكل الصدقة وانما يقبل الهدية ووجد خاتم النبوة في كتفه عليه الصلاة والسلام فلما استثبت له صدق نبوته اسلم رضي الله عنه وارضاه. في الحديث هنا انه لما اراد ان ينتقل عن مواليه. ولما رغب عن ديانتهم الى الاسلام رغبوا فيه اذا اراد الحصول على العتق وعلى الحرية ان يدفع لهم ما طلبوا. قالوا فاتفقوا على ثلاثمائة ودية يغرسها لهم. والودية هي الصغيرة من النخل والمقصود انهم طلبوا منه ان يقدم لهم ثمنا لحريته وعتقه اذا ما اراد ان يغرس لهم ثلاث مئة نفر نخلة صغيرة او ودية وفي بعض روايات الحديث انها خمسمئة وهذا عدد كبير وفيه شيء من التعجيز لا يقوى عليه المرء وفوق ذلك فانهم طلبوه اربعين اوقية من ذهب فاتى الى النبي صلى الله عليه وسلم يستعينه فيما كلف به. لان المراد ومقصوده الاكبر ليس هو الحرية بل هو الخروج الى الاسلام والعيش في ظلال هذا الدين العظيم. قال المصنف رحمه الله ومن ذلك يعني من المعجزات التي كانت فيها بركات وكرامات وسخر الله على يديه صلى الله عليه وسلم شيئا غير المعتاد. قال بركة يده فيما امسه وغرسه لسلمان رضي الله عنه حين كاتبه مواليه على ثلاثمائة ودية يغرسها لهم. كلها تعلق وتطعم. وكان هذا من الشرط ايزيده تعجيزا ان الثلاثمائة ودية او النخلة الصغيرة التي يغرسها شرطها ان تنبت وتطعم فيخرج لها الثمر حتى يعتق رضي الله عنه. قال وعلى اربعين اوقية من ذهب. فقام عليه الصلاة والسلام. وغرسها له بيده الا واحدة غرسها غيره. في بعض الروايات عند احمد ان الذي غرس النخلة الواحدة غير المائتين وتسعة وتسعين هو عمر رضي الله عنه. وفي رواية اخرى قال سلمان الا واحدة غرستها بيدي. فقيل هو نخلتان انفردتا عن عدد غرس احداهما عمر وغرس احداهما وغرس الاخرى سلمان وقيل بل هي واحدة تعاقبا اعلى غرس صيام ايا كان فالثلاث مئة نخلة غرسها النبي عليه الصلاة والسلام بيده الا واحدة وانما غرسها بيده صلى الله عليه وسلم رجاء البركة فيما غرس بيده. قال رضي الله عنه فاخذت كلها يعني فالنخل الذي غرسه عليه الصلاة والسلام كلها نبتت وادركت واثمرت. قال الا تلك الواحدة. لانها ما اصابت يده عليه الصلاة والسلام قيل ان الذي غرسها عمر وقيل غرسها سلمان. قال فقلعها النبي صلى الله عليه وسلم وردها فاخذت وفي رواية البزار فاطعم النخل من عامه. وهذه ايضا معجزة اخرى فان صغار النحل نخل فان صغار النخل لا تطعم من اولى سنواتها في الغرس. قال فاطعمت من عامها الا الواحدة فقلعها النبي عليه الصلاة والسلام وغرسها فاطعمت من عامها. واما اخر الرواية في قوله واعطاه مثل بيضة الدجاجة من ذهب. بعد ان ادارها على لسانه فوزن مثلها لمواليه اربعين اوقية. وبقي عنده مثل ما اعطاهم. فليست فيما اخرج احمد في الرواية والله اعلم وفي حديث حنش بن عقيل انه قال سقاني رسول الله صلى الله عليه وسلم شربة من سويق شرب اولها وشربت اخرها فما برحت اجد شبعها اذا جعت وريها اذا عطشت وبردها اذا ظمئت حديث حنش ابن عقيل رضي الله عنه وكنيته ايضا ابو عقيل في حديث فيه طول اخرجه الطبراني وقال الهيثمي فيه جماعة لم اعرفهم يعني من رواة الحديث. وقد اخرجه الطبراني بطوله في المعجم الاوسط. وفيه قصة مقدمه على النبي صلى الله عليه وسلم قال سقاني شربة من سويق. والسويق نوع من الطعام. يتخذ من مخفوق الحنطة او الشعير او الدخن اذا ما خبز او او طبخ مع شيء من السمن ومعه تمر او لن يكون معه تمر فهو طعام يتقوى به الناس على قلة الطعام انذاك قال شرب اولها وشربت اخرها. فما برحت اجد شبعها اذا جعت وليها اذا عطشت وبرد اذا ظمئت يقصد ان الشربة تلك التي شرب ما زال يجد بركتها واثرها كلما جاع او عطش او ظمي فيجد بردها عند الظمأ يعني ذهاب حرارة الظمأ والعطش ويجد طراوة ايضا اذا ما اصابه العطش ويجد شبعا اذا ما احس بالجوع بركة فيما شرب من فضلة رسول الله ان صلى الله عليه وسلم واعطى قتادة ابن النعمان وصلى معه العشاء في ليلة مظلمة مطيرة عرجونا او عرجونا وقال انطلق به فانه سيضيء سيضيء لك من بين يديك عشرا ومن خلفك عشرا فإذا دخلت بيتك فسترى سوادا فاضربه حتى يخرج انه الشيطان فانطلق فاضاء له العرجون حتى دخل بيته ووجد السواد فضربه حتى خرج حديث قتادة بن النعمان رضي الله عنه ايضا فيه قصة وقد اخرجها احمد وفي مسنده وصحح اسناده بعض اهل العلم الهيثم والسيوطي وجود اسناده ايضا الحافظ ابن رجب في شرحه على صحيح البخاري رحم الله الجميع وفي حديث قتادة رضي الله عنه كما ساقها احمد في مسنده قال انه اقبل على النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة مطيرة مظلمة. يعني امطرت المدينة ذات ليلة. واشتد المطر حتى اسودت السماء من اجتماع السحاب الاسود لكثرة مطره. قال قتادة لو اتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهدت معه الصلاة وانسته بنفسي حدث نفسه قتادة بهذا الكلام لما رأى اشتداد المطر واشتداد سواد الليل تلك الصلاة والمقصود صلاة العشاء. ما الذي قال رضي الله عنه لو اتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وانسته بنفسي وشهدت معه الصلاة فقام وخرج الى المسجد قال فلما دخلت برقت السماء فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما السرى يا قتادة؟ ما هاجى علي يعني ما الذي اخرجك؟ وما الذي اتى بك في هذا الليل فقلت له ان شاهد الصلاة الليلة قليل فاحببت ان اشهدها معك لما رأى المطر الشديد غلب على ظنه انه سيقل خروج الناس الى الصلاة بسبب الظلام واشتداد المطر قال رضي الله عنه ان شاهد الصلاة الليلة قليل فاحببت ان اشهدها معك فقال له النبي صلى الله عليه وسلم فاذا صليت فاتي قال فاتيته يعني بعد الصلاة. فقال خذ هذا العرجون فتحصن. العرجون هو عذق النخل. الذي يكون عليه الرطب مثل العنقود من العنب ويسمى في النخل عرجونا. فاعطاه العرجون قال خذ هذا فتحصن به. فانك اذا خرجت اضاء لك عشرا وفي رواية من بين يديك عشرا ومن خلفك عشرا يعني نحوا من عشرة اذرع ستبقى هي مسافة اضاءة هذا العرجون وهو في يدك. عشرة اذرع من امام وعشرة اذرع من الخلف او عشرة اقدام اماما وخلفا وهكذا. والمقصود انه سيحيط به من الضوء والنور من العرجول الذي في الذي اعطاه اياه رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال فانه سيضيء لك من بين يديك عشرا ومن خلفك عشرة قال فاذا دخلت بيتك فسترى سوادا فاضربه حتى يخرج فانه الشيطان والمقصود بالسواد هنا اما ظل شخص قائم او كائن او شيئا ما مخلوقا لا يرى في الظلام. قال فسترى سوادا قال فانطلق قتادة فاضاء له العرجول حتى دخل بيته ووجد السواد فضربه حتى خرج. يعني امتثل ما امره به رسول الله صلى الله عليه وسلم. والاية في هذا الحديث والمعجزة فيه ان يضيء العرجون وليس من شأنه الاضاءة وليس به مادة ضوء. ولم يشعل به نار او فتيل. فكون عرجون النخل يضيء بمجرد لوضعه في يده وليس شيء من اسباب الاضاءة والانارة في مثله هي معجزة. ولم تقع له الا لما اعطاه اياه رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان هذا في عداد المعجزات المحسوسة. بل كما قال كما سماه المصنف ان قد مر انقلاب الاعيان له. هذه من البركات من الكرامات ان تنقلب العين الى شيء اخر. فالعرجون ليس من شأنه ان يتخذ مصباحا ولا ان يضيء بالامساك به فليس قنديلا ولا فانوسا ولا فتيل زيت فهذا من انقلاب الاعيان كما سماه المصنف وقد لقتادة رضي الله عنه وقد مر بكم في قصة قتادة ايضا انقلاع عينه في غزوة ذي قرد او في غزوة الغابة فردها له النبي صلى الله عليه وسلم فكانت احسن عينيه واحدهما بصرا رظي الله عنه وصلى الله وسلم على نبينا محمد ومنها دفعه لعكاشة جذل حطب وقال اضرب به حين انكسر سيفه يوم بدر. فعاد في يده سيفا طويل القامة ابيض شديد المتن. فقاتل به ثم لم يزل عند به المواقف الى ان استشهد في قتال اهل الردة وكان هذا السيف يسمى العون ودفعه او عكاشة بالتخفيف او بالتشديد. هو ابن محصن الاسدي رضي الله عنه مذكور في عداد الصحابة اصحاب المواقف والايمان الشامخ. ومعدود ايضا في الصحابة من اجمل الرجال وجها رضي الله عنه وارضاه في قصته يوم بدر كما ساق المصنف هنا. ان النبي عليه الصلاة والسلام دفع له جذل حطب والمقصود به القطعة وقيل الخشبة العظيمة دفعها له. وقال اضرب به كيف يعطيه جذع حطب في وقت قتال والصفوف ملتحمة والاسياف تتقارع ثم يعطيه جذع حطب لان عكاشة كسر سيفه يوم بدر رضي الله عنه. فاذا انكسر سيف المقاتل ما عاد له قدرة على القتال فاعطاه جذع الحطب وقال اضرب به. قال فعاد في يده سيفا صارما طويل القامة ابيض شديد المتن فقاتل به هذا عين انقلاب الاعيان ان تنقلب الخشبة ان ينقلب جذع الحطب الى سيف لم يبقى خشبة خشبة يضارب بها ويقتل بهيئتها. جذع حطب او عود خشب. لكن لما صارت سيفا صارما وجعلك وصفه في الرواية قال ثم لم يزل رضي الله عنه يقاتل به ويشهد به المواقف الى ان استشهد في قتال اهل الردة في خلافة ابي بكر رضي الله عنه كان في صفوف الصحابة المجاهدين الذين خرجوا يحمون بيضة الاسلام ويذودون عن حياض الدين ويقاتلون المرتدين. شهد رضي الله عنه وقائع الردة. وقتله طليحة الاسدي الذي ارتد وقاتل مع مع المرتدين ثم اسلم وحسن اسلامه رضي الله عنه وارضاه. ولما عاتبه عمر قائلا له قتلت من خيار الصحابة يقصد به عكاشة وغيره ممن قتلهم طليحة في قتال الردة. فاجابه طليحته يعني اجاب عمر رضي الله عنه فقال الحمد لله الذي اكرمهما بيدي ولم يهنهما ولم يهني بايديهما. يعني اكرمهم الله بشهادة كانت سببا على يديه. ولو قتلت على ايديهم لكانت ايضا خزيا بالنسبة له. فتلطف في الجواب رضي الله عنه معتذرا عما فعله لكنه تاب واسلم وحسن اسلامه رظي الله عنه قال وكان هذا السيف يسمى العون الذي كان يقاتل به عكاشة رظي الله عنه وارظاه فانقلاب وعينه اية عظيمة كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ودفعه لعبدالله بن جحش يوم احد ودفعه ودفعه لعبدالله ابن جحش يوم احد وقد ذهب سيفه عسيب نخل فرجع في يده سيفا قصة عبدالله بن جحش هذه التي تذكر في غزوة احد ساقها البيهقي ايضا في دلائل النبوة وفي سندها ضعف لجهالة بعض الرواة انه اعطاه سيفا يوم احد لما ذهب سيفه. في قصة شبيهة بقصة عكاشة بن محصن. قال اعطاه تيب نخل فرجع في يده سيفا. واما عبدالله بن جحش رضي الله عنه فاخو زينب بنت جحش ام المؤمنين رضي الله عنها كان ممن هاجر الى الحبشة ثم ادرك المدينة وشهد بدرا واحدا رضي الله عنه وارضاه ومنه بركته في درور الشياء الحوائل باللبن الكثير. كقصة شاة ام معبد واعنزي واعنزي معاوية بن ثور وشاتي انس وغنمي حليمة مرضعته وشارفها وشاة عبد الله ابن مسعود وكانت لم ينز عليها فحل ينزو عليها فحل. وكانت لم ينزع عليها فحل وشاة المقداد نعم هذه جمل من القصص اوجزها المصنف رضي الله عنه ورحمه ايجازا مكتفيا بالاشارة الى احادها. قال ومنها بركته في درور الشياه الحوائل باللبن الكثير. فقصتي ام معبد او كقصة شاة ام معبد. وقصة قصة اعنز معاوية بن ثور وشاة انس وغنيم وغنم حليمة وشارفها وشاة عبد الله ابن مسعود وشاة المقداد غيرهم رضي الله عنهم جميعا. ام معبد المرأة التي لقيها النبي صلى الله عليه وسلم بصحبة ابي بكر في قصة الهجرة وليس ثالثهما الا ابن اريقط الخريت الدليل وقد كانت امرأة لقيها الصحابة لقيها النبي عليه الصلاة والسلام وصاحبه في طريقهما في الهجرة. فلما اتياه وجداها جالسة في الطريق تكرم الضيف وقد خرج زوجها يرعى ويسرح بالغنم. في هذه القصص كلها يقول مصنف بركة النبي عليه الصلاة والسلام في درور الشياه درور مصدر درا ودر اللبن اذا تدفق وخرج ويقال هذه شاة ذات ذر يعني ذات لبن يدر باستمرار وهو من الصفات المحمودة في الانعام شايها او بقرا او ابلا قال درور الشياه الحوائل باللبن الكثير. الشاة الحائل التي لا لبن فيها وربما يقال للحائل ضد الحامل فان الشاة والبقرة والناقة في الانعام مثل المرأة في الانسان لا يمكن ان تدر الانثى لبنا الا بعد حمل وانجاب ولا يمكن لامرأة من الانسان ان ترضع بلا حمل ولا انجاب وكذلك الشأن في الشياه في الانعام والابقار والنوق كذلك يقول من البركات وانقلاب الاعيان فكانت اية ان غير ما قصة حصلت كانت الشاة فيها حائلا لا لبن فيها فما ان يضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده عليها حتى تدر باللبن الكثير. وحتى وقع هذا مرة وثنتين واكثر في قصص عجيبة كانت ايات من الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم. في قصة شاة ام فلما اتيا اليها رسول الله صلى الله عليه وسلم والصديق ابو بكر رضي الله عنه فاتيا اليها فسألاها ضيافة لم يكن بين يديها شيء سوى شاة لا لبن فيها فاستأذناها ان يأخذ من لبنها او حليبها فاذنت وهي تعلم ان لا حليب فيها. وقالت في معنى كلامها ان وجدتما فهو لكم وتلطف معها النبي عليه الصلاة والسلام واحسن اليها واكرمها. فلما امسك بالشاة سمى بالله فحلب عليه الصلاة والسلام اتاه ابو بكر رضي الله عنه بما يجمع فيه الحليب فشرب ابو بكر وشرب ابن اريقط وشرب النبي صلى الله عليه وسلم ثم اكرموها بعطاء فلما انصرفا من عندها وقدم زوجها اخبرته بما رأت حكت له ما رأت من عجيب امر النبي عليه الصلاة والسلام ومن حسن سمته ومن جمال مظهره وهيئته فاصبح حديث امي معبد ضمن الاحاديث التي تذكر في وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم. وصفته وهي لا تعلم انه رسول الله عليه الصلاة والسلام وصفته على انه مسافر عابر وانه ابن سبيل مر بخيمتها وكان في الطريق واستضافها فاضافته واستكرمها فقدمت ما تستطيع. لكن حديثها ينقل في عداد الاحاديث التي تروي صفة المصطفى عليه الصلاة والسلام وقد حوى حديثها جملا لطيفة وعبارات فائقة فيها وصف الجمال المحمدي والخلق الكريم وحسن معاملتي والملاطفة التي وجدت منه ومن صاحبه الصديق رضي الله عنه. حديث ام معبد من قول في غير ما موضع في كتب سير والسنة والسيرة النبوية وهو ايضا منتشر وقد تقدم في غير ما موضع ذكر الحديث حديث ام معبد وقد ذكر الهيثمي ان رجال الحديث الذي اخرجه الطبراني عامته رجال الصحيح عدا بعضهم والحديث في الجملة مما يستأنس بذكره فقصة شاة ام معبد واحدة من الشواهد التي وقع فيها الشاة على هذا النحو. الشاهد الاخر في قصص الشياه التي درت حليبا بين يدي رسول الله عليه الصلاة والسلام. وهي شياه حوائل اعنز معاوية بن ثور ومعاوية بن ثور قدم على النبي عليه الصلاة والسلام شيخا كبيرا وفد اليه ومعه ابنه بشر فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم يعني لابنه بشر. ومسح رأسه واعطاه اعنزا عشرا في ذكر في القصص شيء من البركة في الاعنز التي اعطاها النبي عليه الصلاة والسلام معاوية بن ثور. فكان محمد بن بشر حفيد معاوية بن ثور وكان ابوه بشر جاء صغيرا كما سمعت قبل قليل مع والده معاوية الى النبي عليه الصلاة والسلام فمسح رأسه ودعا واعطاه الاعنز العشر. فكان ابنه محمد فيما بعد يمدح هذا الموقف واصفا اباه فيقول وابي الذي مسح طول برأسه ودعا له بالخير والبركات. صلوات الله وسلامه عليه قال وشاة انس ولم يذكر فيها ايضا وصف ولا في بعض الشروح ما يتعلق بشاة انس رضي الله عنه وارضاه واما حليمة وشارفها والمقصود بها مرضعته كما قال المصنف. حليمة السعدية التي يعرف قصة حضانتها لرسول الله عليه الصلاة والسلام عامة المسلمين. وقصتها في السيرة ايضا مشهورة متداولة حتى قال الحافظ ابن كثير وهو من الاحاديث المشهورة المتداولة بين اهل السير والمغازي. حديث حليمة فيه وصف عجيب. وعامة الناس يعرف قصة حليمة لما قدمت الى مكة اخذة محمدا اليتيم صلى الله عليه وسلم باحثة عن مصدر رزق في في اجرة الرضاع التي ينالها المرضعات. تقول حليمة فيما يخرج اصحاب السير والمغازي. تقول لما ولد النبي عليه الصلاة والسلام قدمت حليمة بنت الحارث في نسوة من بني سعد بن بكر التمسن الرضعاء بمكة. قالت حليمة فخرجت في اوائل النصف على اتان لي قمراء. اتان انثى الحمار. قالت ومعي زوجي الحارث بن عبدالعزى احد بني سعد ابن بكر ثم احد بني ناصرة قال قد ادمت اتاننا ومعي بالركب شارف يعني اما اتانها فظعيفة مريضة هزيلة. وتقدمت في الخروج من ديار بني سعد قاصدة مكة متقدمة على سائر النسوة. وما ارادت بالتقدم الا ان تسبق لان دابتها ضعيفة هزيلة. فلعلها اذا سبقتهم في الخروج ان تصل قبلهم او على الاقل معهم اذا وصلوا مكة ما اتانوها فظعيف ومريض. قالت ومعنا في الركب شارف. الشارف الناقة ايظا الكبيرة. قالت ومعي والله ماتبظ بقطرة من لبن حتى ناقتها ضعيفة هزيلة قالت ليس فيها قطرة لبن. قالت في سنة شهباء. يعني سنة قحط وجذب قد جاع الناس حتى خلص اليهم الجهد ومعي ابن لي والله ما ينام ليلنا ولن ترضع المرأة الا اذا انجبت طفلا تدر له اللبن. فاذا انجبت الحامل التمست رظيعا باجرة ترضعه مع ابنها قالت ومعي ابن لي والله ما ينام ليلنا وما اجد في ثديي شيئا اعلله به الا انا نرجو وكانت لنا غنم فنحن نرجوها فلما قدمنا مكة فما بقي منا احد يعني منها ومن سائر النسوة من بني اللاتي قدمن لجمع الاطفال للاسترظاع. قالت فما بقي منا احد الا عرظ عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فكرهته ما قبلت احدى النساء رظاعة محمد صلى الله عليه وسلم. فقلنا انه يتيم. هذا وجه الكراهة والانصراف عن مثله والرغبة عنه ما معنى ذلك؟ قالت فقلنا انه يتيم. وانما يكرم الظئر يعني المرأة المرضع. ويحسن اليها من قبل الوالد فاما اليتيم فكيف ستنال المرضعة اجرة واكراما واحسانا او كسوة ومالا فمثل اليتامى ايرتجى من ورائهم عطاء كالاطفال ذوي الاباء. ولذلك تنصرف المرظعات عن الايتام. ولا يقبلن به ومنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. تقول فقلنا ما عسى ان تصنع بنا امه او عمه او جده لانه في كفالة احدهم. قالت فكل صواحبي اخذ رضيعا ولم اجد شيئا سبقتها النساء والتقطت الاطفال من مكة قالت فما بقي لي شيء؟ تقول حليمة فلما لم اجد غيره رجعت اليه فاخذته والله ما اخذته الا اني لم اجد غيره تقول حليمة فقلت لصاحبي يعني زوجها المرافق لها في الرحلة فقلت لصاحبي والله لاخذن هذا اليتيم من بني عبد المطلب فعسى الله ان ينفعنا به ولا ارجع من بين صواحبي ولا اخذ شيئا. يعني هذا احسن من لا شيء فقالت النسوة لها فقال زوجها قد اصبت. قالت فاخذته فاتيت به الرحل. فوالله ما هو الا ان اتيت به الرحلة فامسيت اقبل ثدياي باللبن حتى ارويته وارويت اخاه يعني ابنها الرضيع وارويت اخاه وقام ابوه الى شارخنا تلك يلمسها الناقة التي لا تبظ بقطرة من لبن. قال يلمسها فاذا هي حافل. يعني ممتلئ ثديها لبنا. قال فحلبها فارواني وروي. فقال يا حليمة تعلمين؟ والله لقد اصبت نسمة مباركة. يقصد هذا اليتيم صلى الله عليه وسلم. ولقد اعطى الله تعالى عليها ما لم تتمنى. قالت فبين نحن بخير ليلة فنمنا وبتنا بخير ليلة شباعا وكنا لا ننام ليلنا مع صبينا ثم اغتدينا راجعين الى بلادنا انا قالت فركبت اتاني القمراء فحملته معي. فوالذي نفس حليمة بيده لقطعت بالركب حتى ان النسوة ليقلن حليمة امسكي علينا اهذه اتانك التي خرجت عليها؟ فقلت نعم. فقالوا انها كانت ادمت حين اقبلنا فما شأنها قالت فقلت والله لقد حملت عليها غلاما مباركا. قالت فخرجنا فما زال يزيدنا الله في كل يوم خيرا قدمنا والبلاد سنة. يعني والبلاد والقرية والمكان اصابه القحط والجذب. وقلة المطر. قالت بلاد سنة فلقد كانت رعاتنا يسرحون ثم يريحون فتروح اغنام بني سعد جياعا وتروح غنمي شباعا بطانا انت حملا فنحلب ونشرب. فيقولون ما شأن غنم الحادث ابن عبد العزى وغنم حليمة. تروح شباعا حملا وتروح غنمك جياعا فيقول اهل القرية للرعاة ويحكم اسرحوا حيث تسرح غنم حليمة وعبد الحارث يعني خذوا الغنم الى مر على ذاته فلعلها تجد طعاما. قال فيسرحون معهم فمات روح الا جياعا وتروح اغنامنا شباعا. في قصة تذكر فيها الى ان ذكرت قصة شق صدره صلى الله عليه وسلم وترددها على امه امنة وطلبها مرة اخرى ان ترجع به عامين اخرين فشاتوا حليمة احدى القصص التي حصل فيها ايضا انقلاب الاية لا في الشارف ولا في الاتان ولا في الشياه التي وحفلت باللبن كما كان الشأن قبل ان تأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الى رحلها. قال المصنف رحمه الله تعالى وشاة عبدالله بن مسعود وكانت لم ينزع عليها فحل. لعبدالله بن مسعود رضي الله عنه ايضا قصة اخرجها عدد من اصحاب السنن كالامام احمد واخرجه ايضا ابو يعلى في مسنده وحسن الاسناد عدد من المحدثين. شاة عبد الله بن مسعود كما في رواية ابي يعلى قال كنت غلاما يافعا في غنم لعقبة ابن ابي معيط ارعاها وعقبة احد صناديد قريش واحد عتاتها ممن ناصبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم العداء وهو اشقى القوم الذي وضع سلا الجزور على ظهر النبي عليه الصلاة والسلام وهو ساجد عند الكعبة امعن في العداء والاساءة والاذى لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وعبد الله ابن مسعود كان عاملا عنده يرعى الغنم يقول ابن مسعود كنت غلاما يافعا يعني حديث السن في الفتوة واوائل سن الشباب في غنم لعقبة ابن ابي معيط ارعاها. فاتى النبي صلى الله عليه وسلم وابو بكر معه. فقال يا غلام هل معك من لبن قلت نعم ولكني مؤتمن يعني ما استطيع ان اعطيكم لان الغنم ليست لي وهي امانة قال نعم ولكني مؤتمن قال النبي عليه الصلاة والسلام اتني بشاة لم ينزع عليها الفحل يعني شاة لم يطرقها الفحل وبالتالي فلا يتطرق لها حمل فضلا عن ان يكون لها لبن وقصد النبي عليه الصلاة والسلام هذا النوع من الطلب بشاة ما نزل عليها فحل من اجل الا يتناول صلى الله عليه وسلم شيئا من الامانة التي يخشاها ابن مسعود. فيبقى ما بيده من الامانة محفوظا. فقال ائتني بشاة لم ينزل عليها الفحل قال فاتيته بعناق او جذعة والعناق هي الصغيرة من ولد المعز من الانثى قبل ان تستكمل الحول والجذعة هي ما قبل الثني في الستة اشهر دون السنة. قال فاتيته بعناق او جذعة. فاعتقلها رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني اخذها ثم ثنى احد قوائمها فاعتقلها يريد ان يمسكها. قال ثم جعل يمسح الضرع ويدعو حتى انزلت يعني ذرة اللبن فاتاه ابو بكر رضي الله عنه بصخرة وفي رواية عند احمد بصخرة منقورة يعني يريد شبه اناء يجمع فيه اللبن المحلوب. قال فاتاه ابو بكر بصخرة فاحتلب فيها. ثم قال لابي بكر اشرب فشرب ابو بكر رضي الله عنه ثم شرب النبي صلى الله عليه وسلم بعده ثم قال للضلع اخلص يعني ان يتقلص فيرجع الى ما كان قبل امتلائه وانتفاخه حليبا قال فقلص فعاد كما كان قال ابن مسعود ثم اتيت النبي صلى الله عليه وسلم بعد فقلت كل هذا حدث وابن مسعود لا يعرف شأن النبوة ولا خبر الرسالة لكنه شهد موقفا عظيما عجيبا. يقول ابن مسعود ثم اتيت النبي صلى الله عليه وسلم بعد فقلت قلت يا رسول الله علمني من هذا الكلام. اي كلام يقصد القرآن قال علمني من هذا الكلام او من هذا القرآن؟ قال فمسح رأسي وقال انك غلام معلم فكانت هذه من مناقب ابن مسعود انه على حداثة سنه وصغره وفتوة شبابه الهم العلم رظي الله عنه وحبه والتعلق بالوحي والقرآن فما زال ابن مسعود من حفاظ الصحابة وقرائهم الكبار واليه ترجع اسانيد القراء اليوم فابن مسعود احد اعمدة القرآن في الامة واحد راياتها واعلامها. كان هذا في زمن مبكر منذ ان قال يا رسول الله فعلمني من هذا الكلام. قال انك غلام معلم. قال فلقد اخذت من فيه سبعين سورة ما نازعني فيها بشر يعني اخذت من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم شفاها سبعين سورة كنت انا واياه وحدنا ما كان يشاركني احد لا ينازعني في التعلم منه في ذلك المجلس احد. ولهذا ما ان بزغ نجم ابن مسعود رضي الله عنه في سماء الاسلام الا غدا رضي الله الله عنه مباركا واماما من ائمة الصحابة وفقيها وقارئا جمع الله له العلم والايمان والامامة في الدين رظي الله عنه وارضاه هذه شاة ابن مسعود اما شاة المقداد وهي اخر قصص الشياه التي سردها المصنف رحمه الله فقصة المقداد ايضا اخرجها امام مسلم في صحيحه وهي قصة عجيبة وهي على طولها ذات طرافة وفيها فوائد عدة. اخرج الامام مسلم في صحيحه من حديث المقداد رضي الله عنه قال اقبلت انا وصاحباني لي وفدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ذهبت اسماعنا وابصار رسول الله من الجهد يعني اصابهم من الجوع والعطش ما ذهب باسماعهم وابصارهم. واذا بلغ بالمرء شدة مجاعة وجوع وعطش فلا يكاد يرى ولا يكاد يسمع قال قد ذهبت اسماعنا وابصارنا من شدة الجهد فجعلنا نعرض انفسنا على اصحاب الله صلى الله عليه وسلم كيف يعرضون انفسهم يطلبون الضيافة يعرضون انفسهم لعل احدا يستضيفهم يطعمهم كسرة خبز او يسقيهم مذقة لبن قال رضي الله عنه فليس احد منهم يقبلنا ليس شحا ولا بخلا ولكن فاقة وقلة ذات يد فمن اين احدهم سيطعم ضيفه؟ وما عساه ان يملك حتى يقدم لضيف وهو لا يقوى على اشباع نفسه واهل بيته قال فاجربوا انفسنا على اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فليس احد منهم يقبلنا. فاتينا النبي صلى الله عليه وسلم فانطلق بنا الى اهله فاذا ثلاثة اعنز فقال النبي صلى الله عليه وسلم احتلبوا هذا اللبن بيننا سلمهم الثلاثة اعنز وقال هذا الحليب نقتسمه بيننا. يقول المقداد فكنا نحتلب في شرب كل انسان منا نصيبه ونرفع للنبي صلى الله عليه وسلم نصيبه قال فيجيء من الليل فيسلم تسليما لا يوقظ نائما ويسمع اليقظان. يعني يعني سلام همس بصوت خافت بحيث لا يستيقظ النائم ومن يكون يقظا يسمع السلام فيرده. ويتأخر عليه ويسمع والسلام في رجوعه وقد نام هؤلاء لانه يقضي عامة يومه وليلته بابي هو وامي عليه الصلاة والسلام في قضاء حوائج الامة والسعي في شأن الرسالة والتبليغ. فظلا عن حاجات اهل بيته وزوجاته رظي الله عنهن. قال فيجيء من الليل فيسلم تسليما لا يوقظ نائما ويسمع اليقظان. قال ثم يأتي المسجد فيصلي ثم يأتي شرابه تراب ويحدث هذا كل ليلة يحلب الثلاثة الاعنز الثلاثة. ويشرب كل واحد نصيبه ويحفظون لنبينا عليه الصلاة والسلام نصيبه. فاذا جاء من الليل دخل المسجد صلى ركعتين ثم اتى فشرب نصيبه صلى الله عليه وسلم. يقول المقداد فاتاني الشيطان ذات ليلة وقد شربت نصيبي فقال محمد يأتي الانصار فيتحفه ويصيب ما عندهم ما به حاجة الى هذه الجرعة. فاتيتها فشربتها يقول ذات ليلة عبث به الشيطان وقال لان شربت نصيبه لن يكون جائعا هذا رسول الله عليه الصلاة والسلام والانصار يكرمونه يضيفونه وسيسد جوعته ولن يكون بحاجة الى هذه الجرعة. قال فاتيت عليها فشربتها. وما حمله على ذلك الا الجوع رضي الله عنه قال فلما ان وغلت في بطني. يعني لما استقرت الشربة وشبع رضي الله عنه. قال فلما وغلت في بطني وعلمت وانه ليس اليها سبيل قال ندمني الشيطان اغراه الشيطان ثم جعل يقول له ويحك ما فعلت؟ قال ندمني الشيطان فقال ويحك ما صنعت؟ اشربت شراب محمد؟ صلى الله عليه وسلم؟ فيجيء فلا يجده فيدعو عليك فتهلك. فتذهب دنياك واخراك قال وعلي شملة اذا وضعتها على قدمي خرج رأسي واذا وضعتها على رأسي خرج قدماي. شملة يعني مثل اللحاف الصغير. قال كان يتلفف به اذا نام يعني اصابه الغم وعليه شمل اذا اراد ان يغطي رأسه انكشفت قدماه واذا غطى قدميه انكشف رأسه من وانها لا تغطي جسدهم. قال وجعل لا يجيئني النوم. واما صاحباي فناما وهو قد اعتراه القلق. والهم والنكد مما اقترف. وظن انه سيهلك بعيد ما يرجع رسول الله عليه الصلاة والسلام. قال ولم يصنعا ما صنعت. قال فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فسلم كما كان يسلم. ثم اتى المسجد فصلى. ثم اتى شرابه فكشف عنه فلم يجد فيه شيئا فرفع رأسه الى السماء فقلت الان يدعو علي فاهلك. فقال عليه الصلاة والسلام اللهم اطعم من اطعمني واسق من سقاني هذه دعوته عليه الصلاة والسلام. ما وجد وما الذي غلب على ظنه قد يكون شريبه احد لكنه دعا لانهم ما زالوا يحلبون له ويتركون له نصيبه. قال اللهم اطعم ممن اطعمني واسق من سقاني. قال المقداد رضي الله عنه فعمدت الى الشملة فشددتها علي يعني اخذ الغطاء فلبسه وتردى به فشددتها عليه. واخذت الشفرة يعني السكين واخذت الشفرة فانطلقت الى الاعنز ايها اسمن فاذبحها لرسول الله صلى الله عليه وسلم. لم لانه سمع الدعوة اللهم اطعم من اطعمني. فانطلق يذبح شاة يجعلها طعاما لرسول الله عليه الصلاة والسلام. والشياه ليست له والاعنز لرسول الله عليه الصلاة والسلام. قال فانطلقت الى الاعنز الثلاثة. ابحث ايها اسمن قال فاذبحها لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فاذا هي حافلة واذا هن حفل كلهن يعني ممتلئة باللبن وباللحم واجساد وكلها وافرة لحما ولبنا. قال فعمدت الى اناء لال محمد صلى الله عليه وسلم ما كانوا يطمعون ان يحتلبوا فيه قال فحلبت فيه حتى علته رغوة فجئت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اشربتم شربكم الليلة النبي عليه الصلاة والسلام يسأل قال المقداد فقلت يا رسول الله اشرب ما اجابه واتاه باناء لبن وما اجاب على السؤال. قال اشربتم شرابكم الليل؟ فدفع اليه الاناء الذي احتلب فيه؟ فقلت يا رسول الله اشرب فشرب ثم ناولني فقلت يا رسول الله اشرب فشرب ثم ناولني فلما عرفت ان النبي صلى الله عليه وسلم قد روي اصبت دعوته اي دعوة اللهم اطعم من اطعمني واسق من سقاني. قال فلما علمت انه قد روي واصبت دعوته ضحكت حتى القيت الى الارض يعني حتى انقلب على قفاه من شدة الضحك. علامة ضحك لما انقلب همه وغمه وكربته الى فرحة وسرور واستبشار. وتبدل حاله في الحال الى الى الضد على تمام. قال فضحكت حتى انقلبت حتى القيت الى الارض فقال النبي صلى الله عليه وسلم احدى سوءاتك يا مقداد؟ يعني هل صنعت شيئا من الامور التي تكون فيها مثل المقالب ونحوها قال احدى سوءاتك يا مقداد. فقلت يا رسول الله كان من امري كذا وكذا وفعلت كذا وقص عليه ما حدث فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما هذه الا رحمة من الله يعني هذا اللبن الذي احتلبه والشياه في الليل لا تدر اللبن لكنه لما قام يبحث عن طعام وشراب لرسول الله عليه الصلاة والسلام وجد الشياهة والاعنز الثلاثة حفل كلهن. فجمع فيها من الحليب. قال ما هذه الا رحمة من الله. قال عليه الصلاة والسلام افلا اكنت اذنتني فنوقظ صاحبينا فيصيبان منها يقول لو اخبرتني بالقصة حتى نوقظ الصاحبين فيشاركان معنا في اللبن. فقال قلت والذي بعثك بالحق ما ابالي اذا اصبته واصبتها معك من اصابها من الناس. يعني يكفي ان تشرب انت واشرب انا معك ولا يهمني من عدانا من الناس فقصة المقداد رضي الله عنه على ما اشتملت عليه عجيبا. يقول النووي رحمه الله لما ذكر هذا الحال لما قال المقداد فاتيت الاعنز فاذا هي حفل كلهن قال هذه من معجزات النبوة واثار بركته صلى الله عليه واله وسلم ما قال عليه الصلاة والسلام اللهم اطعم من اطعمني واسق من سقاني. يقول النووي رحمه الله فيه الدعاء للمحسن والخادم ولمن افعلوا خيرا وفيه ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الحلم والاخلاق المرضية والمحاسن المرضية وكرم النفس والصبر والاغضاء عن حقوقه فانه عليه الصلاة والسلام لم يسأل عن نصيبه من اللبن اين هو؟ ولم يسأل من شربه ولم يسأل من اخذه ولم يسأل ماذا حصل فيه اغضى تماما وانصرفوا كأن شيئا لم يكن. قال النووي رحمه الله لما قال المقداد فضحكت حتى القيت الى الارض. قال لانه كان عنده حزن شديد خوفا من ان يدعو عليه النبي صلى الله عليه وسلم لكونه عدا على نصيبه وتعرظ لاذاه فلما علم انه صلى الله عليه وسلم قد روي واجيبت دعوته فرح وضحك حتى سقط الى الارض من كثرة الضحك لذهاب ما كان به من الحزن وانقلابه سرورا بشرب النبي عليه الصلاة والسلام وجريان ذلك على يد المقداد وظهور هذه معجزة ولتعجبه من قبح ما فعل اولا وحسن ما اصاب اخرا رضي الله عنه وارضاه. هذه جملة من القصص اوجزها تصنف ايجازا مكتفيا بالاشارة الى عناوينها. لما قال كما حصل في شاة ام معبد واعنز معاوية بن ثور وشاة انس وغنم حليمة مرضعته وشارخها وشاة عبد الله ابن مسعود وكانت لم ينزع عليها فحل ذات المقداد كل ذلك صور لانقلاب اية وتبدل الاعيان. شياه حوائل. لا لبن فيها ولم ينزع عليها فحل ثم تصيب اللبن ويحفل فيها الثدي ويمتلئ بركة باصابة يد النبي عليه الصلاة والسلام فكان في قصص تلك الشياه معجزات عظيمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم. ولذا ناسب ان يذكرها المصنف رحمه الله الله تعالى في هذا الفصل في المعجزات وانقلاب الاعيان اية وبركة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومن ذلك تزويده اصحابه سقاء ماء بعد ان اوكأه ودعا فيه. فلما حضرتهم الصلاة نزلوا فحلوه فاذا به لبن طيب وزبدة في فمه. من رواية حماد ابن سلمة الرواية ذكرها بعض اهل العلم مرسلة والمرسل نوع من الضعيف فلا تثبت به حجة. والقصة ان صحبا ارسلهم النبي صلى الله عليه وسلم فانطلقوا فلما زودهم وقد كان من عادته تزويد السرايا والبعوث ومن من اصحابه مسافرا خصوصا اذا بعثه عليه الصلاة والسلام في مهمة لما غلب عليهم رضي الله عنهم جميعا من الفقر وقلة بذات اليد والسفر مظنة حاجة وانقطاع اسفار فكان يزودهم بما يجد صلى الله عليه وسلم فزود جملة من سقاء ماء بعد ان اوكأه. السقاء القربة من الجلد التي تتخذ لحمل الماء في الاسفار غالبا قال بعد ان اوكأه يعني شد فما السيقا واغلقه ودعا فيه. قال فلما حضرتهم الصلاة يعني الطريق نزلوا فحلوه يعني حلوا فما السقاء. فاذا به لبن طيب وزبدة في فمه يعني في اعلاه من رواية حماد وهي مرسلة كما سمعت ولا تصح سندا. هذه جملة حصلت فيها بركات. وانقلاب واعيان ومعجزات بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهد الصحابة انس حليمة بن مسعود المقداد وعدد مروا بتلك المواقف كما مرت بهم المعجزات مسأل اخر ولما تقرر عند جيل الصحابة ان محمدا صلى الله عليه وسلم قد اتاه الله من المعجزات ما تعاقب تظاهر وتكاثر واستقر عندهم وتواتر انه رسول رب العالمين. عليه الصلاة والسلام. وان الله لم يزل كل حين باية باهرة. ومعجزة ظاهرة. استقر هذا عندهم تمام الاستقرار. فوقر الايمان في قلوبهم في صدورهم وما تصدعت قلوبهم الا بالايمان واليقين والحق من عند ذي الجلال. فهذا الذي وقع للصحابة لنا به الرواية ينبغي ان يقع لنا مثله. وان يزيدنا هذا ايمانا وتصديقا. وان يكون هذا عونا لنا على الطاعة والحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا درب الى ايفائه عليه الصلاة والسلام حقوقه العظيمة علينا لم يزل في هذا الفصل بقية فيها جمل اخر من المعجزات بالكرامات وانقلاب الاعيان في جملة اخرى سيذكرها المصنف رحمه الله تعالى نأتي عليها تباعا في الليالي المقبلة ان شاء الله تعالى. ثم هذه الليلة حقها ان نختمها بما افتتحناه بكثرة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم. اضيئوا ليلتكم بكثرة الصلاة والسلام عليه. عطروا الافواه بكثرة صلاة والسلام عليه. انسوا الارواح والقلوب بكثرة الصلاة والسلام عليهم. استدفعوا الهموم والغموم والكربات بكثرة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه واله وسلم ارجو الاله بمنه ان نرتوي من حوضه وان نراه وننظر صلى عليك الله في عليائه ما سبح العبد مطيع وكبر فصل يا ربي وسلم وبارك عليه عدد ما صلى عليه المصلون. وصل يا ربي وسلم وبارك عليه عدد ما اغفل عن الصلاة عليه الغافلون. اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء. اللهم الهمنا والسداد في امرنا. اللهم ارحم موتانا واشف مرضانا واهدنا سبل السلام يا ذا الجلال والاكرام. الهنا اجعل لنا ولامة الاسلام جميعا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين اللهم فرج هم المهمومين ونفس كرب المكروبين واقض الدين عن المدينين وارحم موتانا وجميع موتى المسلمين برحمتك يا يا ارحم الراحمين. اللهم ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين