بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. ذو الجلال والاكرام تتابعت الاء وتعددت نعمائه سبحانه وبحمده لا نحصي ثناء عليه. واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله امام وخاتم المرسلين وصفوة الله من خلقه اجمعين. اللهم صل على محمد وعلى ال محمد. كما صليت على ال ابراهيم انك حميد مجيد. وبارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ال ابراهيم في العالمين انك حميد مجيد. وبعد فهذه الليلة الشريفة الغراء ليلة الجمعة. ليلة الخيرات والبركات بما الله تعالى به امة الاسلام من اعمال وفضائل واجور وحسنات. واحد ابوابها كثرة الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الليلة التي تزدهي سماؤها بكثرة صلاة المحبين وسلامهم على نبيهم صلى الله عليه وسلم وهذا اليوم العظيم المبارك يوم الجمعة انما يجهد فيه الصالحون. ويتنافس فيه المحبون بكثرة صلاتهم على نبيهم كلامهم عليه صلى الله عليه وسلم مستشعرين دوما مستصحبين قوله عليه الصلاة والسلام من صلى علي صلاة الله عليه عشرا فما يفتأ احدهم صلاة وسلاما عليه صلوات ربي وسلامه عليه ويتذكر احدهم ايضا في حينه المصطفى صلى الله عليه وسلم ما من مسلم يسلم علي الا رد الله علي روحي حتى ارد عليه السلام فيحتويه الشرف من كل جانب فينطلق يكثر السلام مع الصلاة على النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم يرجو ان يصيب هذا الاجر العظيم والشرف الكبير. الا وان مجلسكم هذا ايها الكرام مجلس يحملنا على كثرة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم مرات ومرات نستنزل بها صلاة ربنا عز وجل من فوق سبع سماوات. ونحن في هذا المجلس اذ نقلب صفحات من شمائله ومناقبه وحقوقه العظيمة صلى الله عليه وسلم. فليس باقل اجر واحد منا في هذا المجلس ان يكثر الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم. لكنه مع ذلك ينطلق وقد ازداد ايمانا. وقربا وحبا وعلما من بنبيه المصطفى صلى الله عليه واله وسلم. الشفاء بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه واله وسلم للامام بعياض بن موسى الي حصوبي رحمه الله تعالى هو الكتاب الذي ما زلنا نصحبه منذ مدة ونحن نقلب صفحات من فصول كتابه. ما زلنا في الباب الرابع وهو حديث المصنف عن المعجزات والايات والكرامات التي ايد الله بها نبينا عليه الصلاة والسلام. لقد عاش الصحابة يا قوم رضي الله عنهم عاشوا ايات عجيبة اهتزت لها ابدانهم. واضطربت لها قلوبهم فما ازدادوا الا ايمانا. وشهدوا مواقف وعاشوا احداثا بصحبته عليه الصلاة والسلام شهدوا عجبا. فازدادوا له ايمانا وحبا صلى الله عليه وسلم. وازدادوا له توقيرا صلى الله عليه وسلم ما صحبناه ولا شهدنا الايات رأي عين ولا ادركنا تلك المعجزات التي كانت تهز الابدان والقلوب فتزيد صاحبها ايمانا. لكننا ادركنا الرواية الصحيحة الثابتة المحفوظة. ونقلت تلك روايات فيها وصف تلك المشاهد والحوادث وما تم فيها. معجزاته عليه الصلاة والسلام باب عظيم من ابواب الايمان وسلم يرتقي فيه المسلم يوثق فيه عرى هذا الدين العظيم في قلبه ليكون صرحا شامخا لن يكون احدنا اصدق ايمانا من الصحب الكرام رضي الله عنهم. وقد كانت تلك الايات والمعجزات ردفا لايمانهم. وكانت حصنا يتقوى احدهم ونحن احوج الى ذلك بلا ريب اما ان المعجزات كثيرة الابواب وهي متعددة الانحاء وقد مر بنا طرف ليس باليسير كان اخرها الحديث في فصل اجابة دعائه عليه الصلاة والسلام وما في ذلك من الايات الباهرات. هذا فصل يستأنف فيه المصنف رحمه الله لونا اخر من المعجزات هو ما اطلع عليه من الغيب صلى الله عليه وسلم. وما حدث به اصحابه وما اخبر به الامة من امور تقع فوقعت مثلما اخبر عليه الصلاة والسلام. ووقع بعضها في حياته. وبعضها بعد مماته زمن صحابته. وبعضها وقع بعدهم باجيال وبعضها لا يزال منتظر الموعود الذي اخبر به عليه الصلاة والسلام اطلاع ربه له على الغيب. واخباره عز وجل لنبيه عليه الصلاة والسلام. بطرف مما استأثر الله علمه اية وها هنا اصلان عظيمان في عقائدنا معشر المسلمين. اولهما ان علم الغيب من المفاتيح التي استأثر الله تعالى بها قال الله عز وجل ان الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الارحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس باي ارض تموت. وقال عز اسمه في سورة سورة الانعام وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها الا هو فلا يدعي علم الغيب احد سوى الله ومن زعم انه يعلم غيبا بغير ما اخبر الله عز وجل به وما استأثر به في علمه فهذا كذب بلا تراء وصاحبه احد الدجاجلة الذين حذر منهم الاسلام بسحر او كهانة او اي نوع من انواع التي يسوق بها اولئك دجلهم على عامة الناس. هذا اصل عظيم ان علم الغيب ونقصد بالغيب ما سيكون غدا وبعد غد بل ما سيكون بعد لحظة فهذا في علم الله جل جلاله. ومن علم الغيب ما وقع ولم يطلع عليه احد فاخبار غيره به ايضا من الزعم الذي لا ينسب الا لله جل جلاله. ومن علم الغيب ما كان ومضى وتم وحصل. فالاخبار وبه كمن حاضره ووعاينه ايضا هو من علم الغيب. هذا اصل عظيم في عقائدنا معشر المسلمين. والاصل الثاني ان علم الغيب صندوق مغلق اخفى الله تعالى علمه عن البشر لكن الله عز وجل يوحي بما يشاء الى من يشاء من عباده بطرف من علم الغيب كما حصل لانبيائه ورسله عليهم السلام. قال الله عز وجل عالم الغيب فلا يظهر على غيبه احدا الا من ارتضى من رسول فانه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا. فما نقف عليه في هذا الفصل من كل امر غيب اخبر النبي صلى الله عليه وسلم به فباطلاع الله تعالى له عليه وكل شيء اخبر صلى الله عليه وسلم مما هو من علم الغيب فليس لمنازعته صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل فيما استأثر الله تعالى به وحاشاه عليه الصلاة والسلام. لكنه صفحة من علم الغيب اوحى الله تعالى بها اليه فاخبر عما اخبره به ربه. وهنا تلحظ معنى الكرامة وعلو المنزلة التي خص الله بها نبينا عليه الصلاة والسلام ان يكون امر استأثر الله تعالى به واخبر انه لا يظهر عليه احدا ثم يأتي من بين البشرية جمعاء. نبي الله صلى الله عليه وسلم فيطلعه الله وعز وجل على شيء من ذلك الغيب فهذه خصوصية عظيمة ولا شك وقال ربنا فلا يظهر على غيبه احدا الا من ارتضى للرسول. فكان نبينا صلى الله عليه وسلم في جملة كتب الله من رسله الكرام عليهم السلام. هذان الاصلان بمجموعهما يكون مجموع الوقائع والاحداث والشواهد سيسوقها المصنف تباعا هنا في عظيم ما حصل. واندهشت له عقول الصحابة. وقلوبهم واسماعهم وهم يسمعون باخباره عليه الصلاة والسلام تارة عن شيء حصل عند احدهم في داره في بيته مع اهله فيقول له كان كذا وكذا واخر يخبره عليه الصلاة والسلام بما سيكون معه الليلة وغدا فيقع كما اخبره. عليه الصلاة والسلام. ويخبر في من الصحابة عن امر تم في غير الموقع الذي هم فيه فيأتيهم النبأ بمثل ما اخبر به عليه الصلاة والسلام. فضلا عن الحوادث الكبرى والاحداث الجسام التي يخبر عليه الصلاة والسلام ان ذلك سيقع على هيئة كذا وكذا فيقع كما اوات الله وسلامه عليه. هذا من شأنه ان يزيد ايمان المؤمنين وان يعظم في قلوبهم تعظيمهم لنبيهم عليه الصلاة والسلام. وان يقفوا على عظيم قدره عند ربه العظيم جل جلاله يزيد حبهم وايمانهم وتوقيرهم واجلالهم لرسول الله صلوات الله وسلامه عليه. وهذا باب عظيم ما زلنا حثوا الخطى فيه رعاكم الله. نعم بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين قال المصنف رحمه الله تعالى فصل فيما اطلع عليه من الغيوب صلى الله عليه وسلم ومن ذلك ما اطلع عليه من الغيوب وما يكون. والاحاديث في هذا الباب بحر لا يدرك قعره. ولا ينزف غمره. نعم هذا الباب في اخباره صلى الله عليه وسلم بغيب اطلعه الله تعالى عليه بحث فمهما اغترفت واتيت منه بشواهد فلن تدرك قعر هذا البحر لعميق ما فيه قال ولا ينزف غمره يعني لا يمكن ان يفنى ماؤه على كثرة ما يؤخذ منه. فباب معجزة علمه عليه الصلاة والسلام بالغيب بالذي اوحى الله اليه باب لا منتهى له. تدري لم؟ لان القرآن كله وحي وغيب يأتيه من رب العزة فاذا اخبر عليه الصلاة والسلام بالاية التي تتلى والوحي الذي اتاه ولقائه الملائكة الكرام السلام وما يتم له من المعجزات فظلا عما يخبر به من الغيب اللاحق. كل ذلك سيحكي لك مجموع حياته عليه الصلاة السلام باكملها لكنها الشواهد الاتية في هذا الفصل اخص من ذلك بكثير. سينتزع المصنف رحمه الله مواضعا فيها اخبار عن امور محددة وحوادث باعيانها في ازمنة وامكنة محددة فيقع الامر كما اخبر عليه الصلاة والسلام فان قال قائل فما الفرق بين النبي في اخباره بالوحي بين الساحر فيما يدليه اليه شيطانه الشيطان مستبق للسمع فاذا استرق شيئا من الغيب القى به الى الكاهن او الساحر. والفرق ان الساحر اذا ادى اليه الشيطان بشيء ان مما استرق من السمع فانه يقذف بها مع كذبات يخلطها بها. فلا يصدق ساحر في كلامه في مجموعه ابدا ولا يأتي كاهن بعلم الغيب بتمامه ابدا. قد يصيب في جملة او في عبارة لكنه لن يوفق لاخبار بغيب كامل على الوجه التام. وهذا هو الفرق الكبير العظيم فضل عن ان الوحي يأتي به الله عز وجل بملك من ملائكة السماء عليهم السلام والساحر انما يستعين بشيطان لعين وهو مدحور بعذاب واصب كما اخبر الله عز وجل. نعم وهذه المعجزة من جملة معجزاته المعلومة على القطع الواصل الينا خبرها على التواتر لكثرة رواتها واتفاق معانيها على الاطلاع على الغيب. اخرج البخاري رحمه الله في صحيحه من حديث الربيع بنت معوذ رضي الله عنها قالت دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم غداة بني علي يعني غداة زفافها في عرسها قالت فجلس على فراشي كمجلسك مني وجويري دف نيات يضربن بالدف يندبن من قتل من ابائهن يوم بدر حتى قالت جارية وفينا نبي يعلم ما في غد فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تقولي هكذا وقولي ما كنت تقولين اذن لها ان تضرب الدف وان تتغنى بشيء من الشعر على الا تتجاوز هذا القدر في نسبة علم الغيب صلى الله عليه وسلم فلما قالت وفينا نبي يعلم ما في غد قال لا تقولي هكذا. وقولي ما كنت تقولين يعني لا لا بأس بالجمل التي كنت تنشدين. لكن الجملة هذه لا يصح اقرارها. وهذا اصل عظيم. والحديث اخرجه البخاري. لا يسوغ مسلم ان ينسب الى نبي الله صلى الله عليه وسلم شيئا من علم الغيب. كيف وقد نفاه هو بابي وامي عليه الصلاة والسلام قال لا تقولي هكذا والامر كما قال المصنف رحمه الله هذا بحر لا يدرك قعره. ولا ينزف غمره والاحاديث في هذا الباب الينا من المتواتر لكثرة رواتها واتفاق معانيها ولذلك فان الائمة رحمهم الله اذا جاءوا الى هذا الباب من المعجزات تحديدا في علم الغيب استفاضوا كثيرا واتوا بالابواب فصولي والاحاديث والروايات وفيها كم كبير مما ثبت عن الصحابة روايته في هذا الباب من علمه صلى الله عليه سلم بالغيب ولذلك فان ابا نعيم رحمه الله في دلائل النبوة خص لذلك ابوابا متتابعة فقال رحمه الله فيما اخبر به صلى الله عليه وسلم من الغيوب حتى تحقق ذلك على ما اخبر به في حياته. وبعد كالاخبار عن نمو امره وافتتاح الامصار والبلدان الممصرة كالكوفة والبصرة وبغداد على امته والفتن الاتية بعده وردة جماعة ممن شاهده ورآه صلى الله عليه وسلم واخباره عدد الخلفاء ومدتهم والملك العضوظ بعدهم. قال ومنه اخباره صلى الله عليه وسلم عن الامراء السوء المؤخرون مؤخرين للصلاة عن مواقيتها وعن الولاة الجورة اصحاب السياق. واما اخباره صلى الله عليه وسلم عن وقوع الفتن الكائنة التي بعده فانها كثيرة واسعة اقتصرنا منها على القليل فمنها ما اخبر بوقوعها بالمدينة. ومنها اخباره صلى الله عليه وسلم باصلاح الله بالحسن يعني حفيده ابن علي بين فئتين وما كان منه مع معاوية وحقن دماء المسلمين ثم قال فصولا متتابعة في ذكر حوادث هي على التعيين كانت من علم الغيب. مثل اعلامه عليه الصلاة والسلام لعمار ابن ياسر انه مقتول بين صفين واخباره عن مسيرة عائشة رضي الله عنها الى الحر. واخباره عن المختار ابن ابي عبيد والحجاج باوصافهما لا باسمائهما اخباره بموت النجاشي واخباره وقوله للانصار ستلقون بعدي اثرا. واخباره عن شهادتي يعني نيل امي حرام الانصارية الشهادة رضي الله عنها وما اخبر من اطلاع الله تعالى له على كتاب حاطب بن ابي بلتعة اخباره صلى الله عليه وسلم عن اتساع الدنيا على امته وافاضة المال على اصحابه. اخباره عن العنس ومسيلمة بما اري في المنام. اخباره قريشا بانه بعث بالذبح فاشار الى وقائعه بهم بيده وغيره. وروى اخبارا في هدم الكعبة وصفة هادمها. واخبر صلى الله عليه وسلم اما بالغيب عن ضمائر اقوام واخبر باسرع نسائه لحوقا به بعد موته عليه الصلاة والسلام. واخبر فاطمة رضي الله عنها ان انها اول من يلحق به بعد موته. وذلك في ايات متتابعات وحوادث كما قال المصنف هو بحر لا يدرك اعروه ولا ينزف غمره. هذا باب بل هو السيرة باكملها. هو الحياة النبوية كلها. كان نبيا موصولا ماء بحبل الوحي فما يخبر به وما ينطق به وما يوحي الله به اليه كل ذلك من الغيب عن عالم البشر الذين ما ادركوه فكان اطلاعه عز وجل لنبيه عليه الصلاة والسلام على ذلك الغيب اية بل من اعظم الايات وكان تثبيتا لاصحابه وكان زيادة ايمان لهم وسيسوق المصنف هنا رحمه الله جملا عظيمة من الاحاديث والروايات في هذا الباب العظيم يا ابو ذر قال القاضي عياض حدثنا الامام ابو بكر محمد بن الوليد الفهري اجازة وقرأته على غيره قال ابو بكر حدثنا ابو علي الدستوري قال احد التستري قال حدثنا ابو عمر الهاشمي قال حدثنا انا اللؤلؤي قال حدثنا ابو داوود هنا هو الامام صاحب السنن رحمه الله والمصنف يسوق الحديث هذا من طريقه اليه قال حدثنا عثمان بن ابي شيبة قال حدثنا جرير عن الاعمش عن ابي وائل عن حذيفة. قال قام فينا رسول صلى الله عليه وسلم مقاما فما ترك شيئا يكون في مقامه ذلك الى قيام الساعة الا حدثه. حفظه من ان حفظه ونسيه من نسيه. قد علمه اصحابي هؤلاء ويكون منه الشيء فاعرفه فاذكره كما يذكر الرجل وجه الرجل اذا غاب عنه ثم اذا رآه عرفه ثم قال حذيفة ما ادري انسي اصحابي ام تناسوه؟ والله ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم من قائد فتنة الى ان تنقضي الدنيا يبلغ من معه ثلاث مئة فصاعدا الا قد سماه لنا باسمه. واسم ابيه وقبيله نعم لو لم يكن في هذا الفصل ايها الكرام من اخباره عليه الصلاة والسلام بعلم الغيب الا هذا الحديث حديث حذيفة وحديث عمر الذي سيذكر بعد قليل لكان كافيا انه عليه الصلاة والسلام كان يخبر امته بطرف من علم الغيب عظيم عظيم والله عظيم. حديث حذيفة اخرجه البخاري ومسلم. في صحيحيهما. لكن المصنف ساقه هنا من طريق ابي داود من اجل الزيادة التي وردت في اخره من كلام حذيفة وهي ليست في الصحيحين وقد ظعفها العلماء. اما متن الحديث فصحيح اسمع يقول حذيفة رضي الله عنه قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاما. يعني قام فيهم متكلما فما ترك شيئا يكون في مقامه ذلك الى قيام الساعة الا حدثه ما ترك شيئا يكون مما سيقع منذ قيامه ذلك امامهم يتحدث عليه الصلاة والسلام الى ان تقوم الساعة الا حدثه. يقول حذيفة حفظه من حفظه ونسيه من نسيه. يعني لكثرة ما ذكر عليه الصلاة والسلام. وكثرة ما اخبر ارأيت انه قد تحدث بكل ما هو كائن دون استثناء. ثم قال قد علمه اصحابي هؤلاء يؤكد حذيفة رضي الله عنه ان سائر الصحابة معه كان حاضرا قال قد علمه اصحابي هؤلاء ثم قال مؤكدا صدق ما كان يسمع. وانه ليكون منه الشيء. يعني يقع شيء مما اخبر به صلى الله عليه وسلم في مقامه ذلك. قال وانه ليكون منه الشيء فاعرفه فاذكره كما يذكر الرجل وجه الرجل اذا غاب عنه تقرب لك الصورة. ربما ترى مناما ورؤيا في تفاصيل لحدث يكون بينك وبين اهل بيتك او بعض معارفك وجيرانك. فاذا استيقظت وكدت تنسى ما رأيت يمر بك حدث يحكي تماما ما شهدته في ذلك المنام. وانت تكلم من كلمت في المكان ذاته وبحضرة الشخص نفسه فتندهش ان ما كنت تراه مناما قد حصل عيانا بتفاصيله. يقول حذيفة ربما يقع الشيء الذي سمعته بما اخبر به عليه الصلاة والسلام في مقامه لذلك يقول فاذكره فاعرفه كما يعرف الرجل وجه الرجل اذا غاب عنه. كانها صفحة رآها فغابت. ثم اذا رآها مرة الثانية تذكرها بتفاصيلها كما هي. يقول رضي الله عنه فاذكره كما يذكر الرجل وجه الرجل اذا غاب عنه ثم اذا رآه عرفه هذا القدر متفق عليه اخرجه البخاري ومسلم. لكن المصنف اتى به من طريق ابي داوود للزيادة الاتية. قال حذيفة اادري ان نسي اصحابي ام تناسوه؟ يعني ما بال الصحب ما حدثوا بذلك القدر العظيم مما اخبر به؟ اهو نسيان ام تناس؟ اما النسيان فمعلوم وهو وارد جدا خصوصا اذا طال الكلام واتسع المقام. قال ام تناسوه يقصد هل تكلفوا نسيانه والتكلف هنا ليس زهدا في حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام وحاشاهم رضي الله عنهم لكنه يقصد التناسي بسبب لقيامهم بما هو اعظم واكبر من الجهاد والفتوحات وتولي امر الامة والقيام على دين الله جل جلاله او انشغال احدهم ببعض ما عرض له في الحياة. قال ما ادري انسي اصحابي ام تناسوه؟ والله ما ترك الله صلى الله عليه وسلم من قائد فتنة الى ان تنقضي الدنيا يبلغ من معه ثلاث مئة فصاعدا الا قد سماه لنا باسمه واسم ابيه وقبيلته. هذا القدر من الزيادة في كلام حذيفة رضي الله عنه تفرد به ابو داوود وسند ليس بالقوي فلا يصح هذا ولهذا عدل عنه الشيخان واخرج متن الحديث وحده بما صح عندهم من الطريق اليه رضي الله عنه. هذا حديث حذيفة وهو اصل ولا يقل عنه شأنا حديث عمر رضي الله عنه وهو ايضا اصل كبير ينبيك عن عظمة ما كان يخبر به عليه الصلاة والسلام اصحابه من هذا العلم في علم الغيب اخرج البخاري من حديث امير المؤمنين عمر رضي الله عنه قال قام فينا النبي صلى الله عليه وسلم مقاما قد يكون حديث عمر هذا هو حديث حذيفة ذاته. وقد يكون غيره والله اعلم. يقول عمر رضي الله عنه قام فينا النبي صلى الله عليه وسلم مقاما فاخبرنا عن بدء الخلق بدأ من بداية الخلق قال فاخبرنا عن بدء الخلق حتى دخل اهل الجنة منازلهم واهل النار منازلهم عمر حفظ ذلك من حفظه ونسيه من نسيه فنشهد ان لا اله الا الله ونؤمن والله انه رسول الله صلى الله عليه واله وسلم من ذا الذي يخبرك عن قصة بدء الخلق والامم السابقة ومن الذي يبلغ شأنه من العلم والدراية والاطلاع والحياطة ان يخبرك بما سيكون من الاحداث بعده على نحو من التفصيل فيه اشراط الساعة واحداثها وما يكون في اثنائها والفصل والحساب. قال حتى دخل اهل الجنة منازلهم واهل النار منازلهم هل هذا الا وحي؟ وهل هو الا رسول الله صلى الله عليه وسلم والله لو كنا حاضرين هذا المقام الذي قامه عليه الصلاة والسلام فيما اخبر عمر وفيما اخبر حذيفة رضي الله عنهما لقشعرن الابدان منا ولقفت فينا المشاعر قبل الشعر. ولشعر احدنا انه امام صفحة من علم الغيب اذن الله لنبيه عليه الصلاة والسلام ان يطلع عليها. وان يطلع عليها امته. قال حفظ ذلك من حفظه ونسيه من نسيه. فصلى الله ربي وسلم وبارك عليه. ان كان هذا موقفا واحدا اخبرهم فيه بهذه السعة العظيمة من علم الغيب. فما بالكم ما ظنكم بعلامة ثلاث وعشرين سنة من نبوته ما زال يحكي لهم اطرافا واخبارا متناثرة في وقائع متفرقة يخبر فيها صلى الله عليه وسلم في موقف عن نبأ بعينه او شخص او وصف او امر يتعلق بامته عامة صلوات الله وسلامه عليه. وهذا الذي ما سيسوقه المصنف رحمه الله تباعا في اخبار متباعدة متفرقة وقال ابو ذر لقد تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يحرك طائر جناحيه في السماء الا تذكرنا منه علما. الحديث اخرجه احمد والبزار والطبراني. وهو صحيح ايضا عند ابي يعلى وغيره. وهي توصيف جميل لطيف من ابي الدرداء من ابي ذر ويروى عن ابي الدرداء ايضا رضي الله عنهما. يقول لقد تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ولاحظ معي ان ابا ذر هنا رضي الله عنه يريد ان يشهد شهادة صدق يلقى بها الله انه صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ظفر منه في صحبته الا ايمانا وعلما وطريقا يقربه الى ربه عز وجل. واراد ان يصف في اوجز عبارة واقصر لفظ ان نبي الله صلى الله عليه وسلم ما ادخر وسعى ولم يأل جهدا وما كان ولم يزل عليه الصلاة والسلام الا حريصا على امته معلما لها دالا لها على ابواب الخير. اراد ان يختصر المشهد وما شهد وفي طيلة صحبته من انه عليه الصلاة والسلام علمنا كل ما نحتاج. ودلنا الى كل باب من ابواب الخير. فوصفه في مشهد بديع لا اروع منه يقول لقد تركنا يعني مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يحرك طائر جناحيه في السماء الا ذكرنا منه علما فاذا كان الطائر اذا خفق بجناحيه قد حدثنا منه علما. وهو طائر يمضي في حاله ولشأنه وفي سبيله. اتظن انه ترك عليه الصلاة والسلام امرا في الدين او في الدنيا يتعلق بي وبك وبامته فغاب عنه ان اذكره ولم يتطرق له صلوات الله وسلامه عليه اطلاقا هذا لا يكون يقول لقد تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يحرك طائر جناحيه في السماء الا ذكرنا منه علما يعني اخبرنا عنه حكما سواء كان على سبيل الاجمال او على سبيل التفصيل لكنه ما بخل عليه الصلاة والسلام بشيء من العلم والغيب الذي اوحى الله تعالى به اليه. وقد قال الله عز وجل وما وعلى الغيب بظنين يعني ببخيل ان كان الضمير يعود الى رسول الله صلى الله عليه وسلم في احد قولي المفسرين وقد اشهد نبي الله صلى الله عليه وسلم امته واشهدهم امام ربهم يوم حجة الوداع انه قد بلغ لما قال الاهت قد بلغت؟ الا هل بلغت؟ وهو يرفع اصبعه الى السماء ثم ينكتها الى اصحابه وهم يقولون اللهم نعم فيقول اللهم فاشهد هذا ايضا وصف موجز من ابي ذر رضي الله عنه يحكي فيه سعة ما اخبر به صلى الله عليه وسلم امته مما اليه في امر دينها او دنياها وقد خرج اهل الصحيح والائمة ما اعلم به اصحابه صلى الله عليه وسلم مما وعدهم به من الظهور على اعداء نعم جعل المصنف رحمه الله هذا فاتحة الحديث عن اخبار الغيب نشأ عليه الصلاة والسلام بدعوته وهو في مكة وليس له من اتباعه الا الفئة القليلة المستضعفة بمكة وعاش فيها ثلاث عشرة سنة لم يزل هو واصحابه قلة حتى اذن الله له بالهجرة. فاتسعت دعوته وازداد صحابته ولم يزل الصلاة والسلام في ازدياد وشأنه في ارتفاع وعلو صلوات ربي وسلامه عليه. فمات عليه الصلاة والسلام واقصى ما بلغ فيه دينه وشريعته ورسالته ما بلغته من جزيرة العرب ليس الا ومع ذلك فقد كان يخبر عليه الصلاة والسلام بظهوره على اعدائه وبنصره يقولها في الوقت الذي كان يعيش فيه هو واصحابه في الفئة المؤمنة السابقة ضعفا واضطهادا وكانوا يسامون سوء العذاب. من ذلك حديث خباب ابن الارت رضي الله عنه. وارضاه وفيه ان يقول كما اخرج البخاري في صحيحه يقول اتيت الى النبي صلى الله عليه وسلم وهو متوسد رداءه في ظل الكعبة يعني لما طغت قريش وازدادت في طغيانها وتعذيبها للمسلمين الاوائل بمكة وهم يسومونهم والعذاب يقول اتيته فقلت يا رسول الله الا تدعوا لنا اراد ان يلتمس وجها من النصرة بدعاء رسول الله عليه الصلاة والسلام. وان يأذن الله لهم بتنفيس الهم الذي هم فيه وتفريج الكرب الذي احتواهم واحاط بهم. فجاء يلتمس نصرة من الله بدعاء رسول الله. صلى الله عليه وسلم. قال جلس النبي عليه الصلاة والسلام واستوى جالسا فقال لقد كان من قبلكم ليمشط بمشاط الحديد فيما لحمه وعصبه ما يصرفه ذلك عن دينه ويوضع المنشار على مفرق رأسه في شق باثنين ما يصرفه ذلك عن دينه. وليتمن الله هذا بل امر يقول هذه الجملة لرجل من صحابته قد بلغ به الاذى والاستظعاف والذل والهوان على يدي كبراء قريش كل مبلغ. فلما ضاقت نفسه وما استطاع زيادة صبر جاء يلتمس النصب فيقول له عليه الصلاة والسلام والله ليتمن الله هذا الامر حتى يسير الراكب من صنعاء الى حضرموت ما يخاف الا الله قال البخاري زاد بيان والذئب على غنمه اتظن ان رجلا في غاية الكرب ضاق ذرعا بما يشهد من الاذى والعذاب والتنكيل. جاء يلتمس دعوة فيقول له عليه الصلاة والسلام والله ليتمن الله هذا الامر حتى يسير الراكب من صنعاء الى حضرموت ما يخاف الا الله والذئب على غنمه ليس ببعيد عنه ابدا حديث تميم الداري فيما اخرج احمد رحمه الله لما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ليبلغن هذا الامر ما بلغ الليل والنهار. السؤال ما الذي يبلغه الليل والنهار كل قطعة على وجه الارض ليبلغن هذا الامر ما بلغ الليل والنهار. والله انا لنوقن جزما انه لن تبقى رقعة على وجه الارض الا ادخله الله هذا الدين وقد قالها عليه الصلاة والسلام قبل الف واربع مئة وتسعة وثلاثين سنة او زيادة يقول ليبلغن هذا الامر ما بلغ الليل والنهار. مات عليه الصلاة والسلام ودينه ودعوته وعقيدته ما تجاوزت اطراف جزيرة العرب وفي عهد صحابته رأوا بلوغ هذا الامر الى الى اطراف اخرى على وجه الارض. فتدخل الشام ما بلغ والعراق وتدخل السند والهند والصين وتدخل افريقية ويصل الاسلام الى اطراف القارة ويصل من المحيطات والبحار ليبلغن هذا الامر ما بلغ الليل والنهار فلان وجدت رقعة على وجه الارض ما بلغها الاسلام فاطمئن ليبلغن هذا الامر. ما بلغ الليل والنهار. يقول صلى الله عليه وسلم ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر بيت المدر الحجر والوبر هو الشعر. سواء كان البيت مبنيا من حجر او من شعر. لا يترك الله بيت مدر ولا وبر الا ادخله الله هذا الدين بعز عزيز او بذل ذليل عزا يعز الله به الاسلام وذلا يذل الله به كفرا كان تميم الداري يقول قد عرفت ذلك في اهل بيتي لقد اصاب من اسلم منهم الخير والشرف لقد اصاب من كان منهم كافرا الذل والصغار والجزية. هذا طرف مما اخبر به عليه الصلاة والسلام. نعم هو ليس كل شيء لكنها احاديث اخبر بها في زمنه الاول منذ فجر الدعوة وايامها الاوائل ان هذا الدين باق. وان الله مظهر دينه ومعلن ومعلن ربه عز وجل ومعلن امر نبيه عليه الصلاة والسلام وصحابته واهل دينه على الكل اخرج مسلم ايضا في صحيحه رحمه الله من حديث ثوبان رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله زوى لي الارض فاريد مشارقها ومغاربها. وان امتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها قال واعطيت الكنزين الاحمر والابيض واني سألت ربي لامتي الا يهلكها بسنة تامة ايسلط عليهم عدوا من سوى انفسهم فيستبيح بيضتهم. وان ربي قال اني اذا قضيت قضاء فاني لا انه لا يرد واني لاعطيتك لامتك الا اهلكها بسنة عامة والا اسلط عليهم عدوا من سوى انفسهم بيضتهم ولو اجتمع عليهم من بين اقطارها حتى يكون يهلك بعضهم بعضا. وقال عليه الصلاة والسلام مخبرا ايضا ما يقع في الامة في حديث طويل اخرجه الامام مسلم بالرواية ثوبان رضي الله عنه وارضاه. هذا باب عظيم الكرام كما اسلفت لكم اخبر فيه النبي صلى الله عليه وسلم عن علو الدين وظهور امره واخبر ايظا بالروايات عدد من هذا حديث خباب اخرجه البخاري. وحديث تميم اخرجه احمد. وحديث ثوبان صلى الله ولو شئت ان تستزيد لوجدت روايات اخر من ذلك حديث ابن مسعود رضي الله عنه وارضاه وقد اخرجه الترمذي عن ابن مسعود رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال انكم منصورون ومفتوح لكم ومصيبون. فمن ادرك ذلك منكم فليتق الله. وليأمر بالمعروف ولينهى عن المنكر ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار. اخرج الامام مسلم ايضا من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه انه صلى الله عليه وسلم قال ستفتح لكم الارض وتكفون المؤونة فلا يعجز احدكم ان يلهو بسهمه. يعني سيبلغ الامر في الامة الا يحتاج المجاهد الى سهمه فربما ربما استعمله في اللهو لان الارض قد فتحت ولقد عم وانتشر اخرج ايظا البخاري ومسلم من حديث سفيان ابن ابي زهير وسيأتي في فتح اليمن وفتح الشام وفتح العراق. كل ذلك اخبار كان الصحابة يسمعونها في وقت ربما كانت المحنة فيه على اشدها يا قوم يا امة محمد صلى الله عليه وسلم ان كنا نشهد حقا انه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وان كانت قلوبنا تمتلئ ثقة ويقينا بصدق ما اخبر صلى الله عليه وسلم فلا والله لا يجوز ان تبقى في قلب مسلم ذرة من وهن وشعور بعجز واحباط وجزع يقعد به الشيطان كل مقعد عن امر دينه ونصرة امته ويظن انه قد ان لان تطوى صفحة الاسلام. لا والذي رفع السماء بلا عمد. انما بعث الله نبيه عليه الصلاة والسلام بالدين الحق ووعده بان يظهره على الدين كله. وتكفل عز وجل بان يتم نوره ولو كره الكافرون وما نحن فيه امة الاسلام لا يعدو ان يكون صولة وجولة يدان لنا ويدال علينا. وقد مر بالامة احوال عبر تاريخها المديد. فيه من سوء والطاعة والذل والهوان. ما يشبه ما نحن فيه بل ربما كان في بعضه اسوأ. ومع ذلك فما زال الله يغرس لهذا الدين غرسا. وما زالت نبتة الاسلام خضراء مورقة مثمرة تنبت كل حين. نعم في الامة ضعف في الامة هو ان في الامة عجز كبير. لكنه ليس الموت. وليست مقبرة الاسلام التي ستكون هذا الزمان ولا الذي بعده لامر واحد ان لنا وعدا حقا من ربنا عز وجل على لسان نبينا صلى الله عليه وسلم ان ديننا محفوظ بفضل الله وانه باق بامر الله ومثل هذه الاخبار امة الاسلام. ومثل هذه الاحاديث حقها والله ان تنبت في النفوس المؤمنة ما انبتته في بالصحابة الذين سمعوه من شفتي رسول الله عليه الصلاة والسلام. فهل رأيت احدا من الصحابة قعد؟ وجلس وظل يندب حظه ويبكي كالنساء ابدا ما زادهم ذلك الا حرصا. ارتدت جزيرة العرب بعد مماته عليه الصلاة والسلام واذا هم بهم عظيم ان تعود جزيرة العرب الى ديانة الاسلام فقادوا الجيوش وفتحوا البلاد وما اكتفوا بجزيرة العرب حتى عم الاسلام وانتشر الضياء ودخل الناس في دين الله افواجا. هو الوعد الحق الذي يتنزل على القلوب المؤمنة فيزيدها ايمانا اذنوا لي ايها الكرام ان نقول بمثل احاديث الوعد بالنصر للدين وبظهوره وباتمام الله عز وجل نوره ينبغي ان نعيش عليه صبح مساء. ليس رضا بما نحن فيه من الضعف والخور وانهزام امة الاسلام. بل هو قرعة من العزيمة والتفاؤل والوثبة التي تحتاجها قلوب اهل الاسلام. اليوم اشد من اي شيء اخر. ومن اجل ان اجيال الامة ايضا على هذه المعاني العظام. ان لنا دينا فيه من القوة والحفظ الذي تكفل الله به ينبغي الا يصحبنا معه يأس ولا قنوط ولا جزع وحاشانا والله. قد نهزم في ميدان وقد نظلم وقد نضطهد وقد تسلب الحقوق من بين من بين امة الاسلام على يدي اعدائها لكنه ليس ليس بالموت لامة الاسلام. وليس بانطفاء جذوته. وليس بحفرها في قبرها ولحدها الى مثواها الاخير. كن تلك النصوص في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم هي من الباب هذا الكبير باب العلم بالغيب. حقها اولا ان تزيدنا ايمانا وتصديقا. بصدق رسول الله صلى الله عليه الذي اخبر عن امور تحققت وما زال بعضها في الطريق. وينبغي ثانيا ان تكون تثبيتا عظيما لقلوب اهل الاسلام خصوصا اذا ما كانت فترة من الفترات فيها ذل وضعف واضطهاد وهوان. ينبغي ان نعلم انها صولات وجولات. والله عز وجل يأذن متى شاء لامة الاسلام بالنصر والتمكين ويأذن لاعدائه اذا شاء لحكمة يعلمها الله ان يدالوا قالوا بامره عز وجل وبعلمه عز وجل وبحكمته قدرته وحكمته تبارك وتعالى. وينبغي لمثل هذا الباب ثالثا ان يملأنا تفاؤلا واستبشارا. ان نتفاؤل ونحن في جوف المحنة وتحت اطباق الظلمة اي والله في غزوة الخندق كما سيأتيكم في هذا الفصل ايضا. والصحابة في غاية الكرب البرد شديد والمهمة صعبة والعمل شاق والجوع والفقر قد اطبق عليهم. وبعد هذا كله خوف يرجف بالقلوب من مسير قريش في عشرة الاف من احزابها يقصدون المدينة ماذا عساه ان يفعل انسان احاط به جوع وفقر وبرد وخوف ثم يؤمر ويطلب ان يحفر خندقا تدوا الى مئات والاف الامتار لينجزه في ايام معدودات قبل ان يصل جيش قريش واحزابها لكنه الايمان وهم تعترظهم كدية عظيمة فينزل عليه الصلاة والسلام فيضربها بفأسه فتبرق ثلاث مرات يكبر مع كل مرة قائلا الله اكبر ويخبرهم بفتح ناحية من نواحي الارض. يخبرهم بفتح اليمن وبالفتح وبفتح الروم افي جوف المحنة بل في وسط الحفرة في الخندق وهم يحفرون ما كان الا ليملأ صدورهم بالتفاؤل والاستبشار في جوف المحنة والخوف والضعف ينبغي ان تعيش القلوب. هزئ المنافقون ليقول احدهم هذا محمد صلى الله عليه وسلم واصحابه في الخندق ما يقدر احدهم ان يذهب لقضاء حاجته اعدكم بفتح فارس وكسرى واليمن فيثبت القرآن مقولة اهل النفاق. واذ قالت طائفة منهم يا اهل اثر بلى مقام لكم فارجعوا وقال عز وجل واصفا حجم هذا الذي اصاب الصحابة من الرعب والهلع والخوف. هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا تدري متى لما قال الله عز وجل واصفا قلوب اعظم جيل واصدقه ايمانا وهو يصف ما اصابهم يقول عز وجل اذ جاءوكم من فوقكم يعني الاعداء ومن اسفل منكم واذ زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر وتظن نون بالله الظنونا. هذه والله اصعب ما يكون. يقول الله عن الصحابة وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا واذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله الا غرورا غرور هذا ان نتصور اننا سنبلغ فارس والروم واليمن ونحن في حفرة الخندق ما اتممنا حفرة والعدو على مقربة للبلوغ في هذا المكان ويوشك ان يهلك الناس في غزوة الخندق هي منهج الاسلام انه لا ينبغي ان يتسرب يأس الى قلب مسلم يثق بوعد الله وبصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم اما رابعا فينبغي لمثل هذه النصوص في هذا الباب العظيم من علم الغيب الذي اخبر الله فيه باظهار هذا الدين وبعلو امره وباتمام ما وعد به عز وجل ان يكون هذا دافعا الى ان ننبذ عنا اردية العجز والكسل والاحباط والجزع ليعمل كل امرئ ما يقوى عليه نصرة لدينه الخطيب بخطبته والعالم بعلمه والامام بامامته واقل ذلك ان يجهد المسلم في نصرة دين في نفسه وحياته واهل بيته ان يحل الحلال ويحرم الحرام وان يعتني بالسنة ويعلي رايتها ويجتهد في تربية بيته واولاده على حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والحفاظ على مبادئ الاسلام وثوابته تلك نصرة عظيمة للدين ايها المسلمون ولا تحتاج من احدنا ان يرفع سيفا ولا يعلي راية وقد لا يحتاج لاحد منا ان يرقى منبرا او يكتب كتابا او هي موعظة بوسعك عبد الله ولا عذر لك. ان تنصر دين الله في ذاتك. في بيتك في اهلك لي نصرة عظيمة ووالله لو جهد كل مسلم في نصرة دين الله في موقعه في نفسه وحياته لرأيت على الاسلام اصلح مما هو عليه الان. وينبغي لهذا الباب خامسا ان يحملنا على العمل لنصرة دين الله وعدم القعود والجزع والاحباط واليأس يقودنا في ذلك اليقين التام بصدق ما وعد الله تعالى به واخبر به نبيه المصطفى صلوات الله وسلامه عليه. فاملأوا قلوبكم تفاؤلا واستبشارا وعيشوا املا عظيما متعلقين فيه بوعد الله جل جلاله. ثم لا تنسوا انه مهما عاش احدنا على تفاؤل عظيم وهو يسعى الى ان يبصر يوما ما نور الاسلام يشرق فيعم الارض. انه ليس بالضرورة ان تدرك هذا بعينيك ولا ان تعيش تلك اللحظة التي ترى فيها نصرة الاسلام. مات نبي الله صلى الله عليه وسلم والاسلام ما تعدى حدود جزيرة العرب ولا رأى دخول اهل افريقيا ولا الشام ولا العراق ما رأى دخوله في الاسلام ولا ابصره. لكنه تأتي اليوم جموع المسلمين من عراقي والشامي وافريقية ومن السند والصين ومن كل بلاد الارض شرقا وغربا يأتون الى بيت الله الحرام ومسجد رسول الله عليه الصلاة والسلام فيلقون السلام عليه السلام عليك يا رسول الله هذا وعد حق وان نعيش عليه فليس بالضرورة ان ننتظره لنشهده بام اعيننا. يبذل احدنا ما يجب عليه في نفسه ادرك النصر وتمتعت به جوارحه وفؤاده فنعمة الله. والا فقد ادى ما عليه وسيخلفه في الامة من يتابع مسير وما زلنا امة الاسلام نحمل راية هذا الدين جيلا بعد جيل. يحمله الخلف عن السلف. وكلما توارت امة لحقتها امة حملت هذا الدين في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم واظهار شرائر الاسلام والحفاظ على اركانه واعلان دينه والسعي قدر المستطاع في الذب عن حياضه وحماية حماه بقدر ما يسع احدنا معشر المسلمين ان يبذل فاتقوا الله في دينكم واملأوا صدوركم ثقة بوعد الله وبصدق نبيه صلوات الله وسلامه عليه وفتح مكة وبيت المقدس. نعم. قال رحمه الله وقد خرج اهل الصحيح والائمة ما اعلم به صلى الله عليه وسلم اصحابه مما وعدهم به من الظهور على اعدائه وسمعت في ذلك روايات عدة والباب في هذا كثير. قال وفتح مكة يعني ايظا كان من علم الغيب ما اخبر به اصحابه عن فتح مكة. متى قبل ان تفتح لقد ظل عليه الصلاة والسلام بعد هجرته ثمان سنوات بالمدينة حتى اذن الله له بفتح مكة. في السنة السادسة لما اتى معتمرا ومنعته قريش وكان ما كان من صلح الحديبية ضاقت نفوس بعض الصحابة كيف يمنعون وهي رؤيا قد رآها النبي عليه الصلاة والسلام ورآها عدد ليس بالقليل من اصحابه انهم يأتون مكة ويدخلونها ويعتمرون فيؤدون الطواف والسعي. فلما كانوا عند حد الحرم بالحديبية تمنعهم قريش. وتفرض صلحا جائرا في شروط ظالمة. ويقبل صلى الله عليه وسلم. الحديث في صلح الحديبية من الاحاديث الطوال. التي اخرجها البخاري وفي صحيحه وموضع الشاهد فيها ان عمر رضي الله عنه كان ممن ضاقت نفسه في ذلك الموقف فكان منه هذا الموقف رضي الله عنه قال فاتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم لما اقرت شروط الصلح وكان في بينها شروط جائرة ان يرد عليه الصلاة والسلام كل من اتاه من قريش مسلمة. والا ترد قريش من اتاها من نبي الله واصحابه رضي الله عنهم اطلاقا وهذا شرط جائر مع شروط اخر. فاتى عمر واللفظ للبخاري قال عمر رضي الله عنه فاتيت نبي الله. صلى الله عليه وسلم فقلت الست نبي الله حقا قال بلى قلت السنا على الحق وعدونا على الباطل قال بلى قلت فلما نعطي الدنية في ديننا اذا يا رسول الله انت نبي ودينك حق فلماذا ترظى بالدنية يقولها عمر حرقة وغيرة مما وجد رضي الله عنه يا كرام لا يساومن احد على هذا الدين. فوالله ليس احد منا اغير على الدين من عمر رضي الله عنه ولن تكون محنة تمر بها الامة اصعب مما عاشه الصحابة يوم الحديبية فلا ينبغي ان تضيق الصدور. قد نحزن ونرثي لحال الامة مما تصاب به هنا او هناك. فلما قال عمر ما قال السنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال بلى. فقلت فلما نعطي الدنية في ديننا اذا يا رسول الله قال عليه الصلاة والسلام اني رسول الله ولست اعصيه وهو ناصري قال عمر اوليس كنت تحدثنا انا سناتي البيت فما اطوفوا به قال بلى فاخبرتك انا نأتيه العام يعني هل اخبرتك ان سندخل مكة هذا العام قال عمر قلت لا قال فانك اتيه ومطوف به ابقى على الوعد فانه حق وان طال. وان تأخر ابقى على الوعد طالما ايقنت انه حق قال عمر رضي الله عنه فاتيت ابا بكر فقلت يا ابا بكر اليس هذا نبي الله حقا؟ قال بلى قلت السنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال بلى قلت فلمن اعطي الدنية في ديننا اذا؟ قال ابو بكر ايها الرجل انه رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس يعصي ربه وهو ناصره فاستمسك بغرزه فوالله انه على الحق قلت اليس كان يحدثنا انا سنأتي البيت فنطوف به قال بلى افأخبرك انك تأتيه العام؟ قلت لا قال فانك قال ابو بكر رضي الله عنه ايها الرجل انه رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس يعصي ربه وهو ناصره فاستمسك بغرزه فوالله انه على الحق قلت اليس كان يحدثنا انا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال بلى افأخبرك انك تأتيه العام؟ قلت لا. قال فانك اتيه ومطوف به قال الزهري قال عمر فعملت لذلك اعمالا تشير الى ان عمر رضي الله عنه ندم على ما بدر منه في تلك المقولة مما قد يظن به انه ليس على الامر التمام في تصديقه بوعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لكننا نجزم والله انه اخذته الحمية والغيرة على دين الله وما عرف من الفاروق رضي الله عنه من شدة وجرأة وصلابة في الحق رضي الله عنه وقد كان يرى ام بوسعهم في ذلك المقام ان يبارزوا قريشا العداء وان يرفضوا الصلح الجائر فاذا كانت القضية ستؤول الى قوة رأي وسلاح فانهم قادرون لكننا نتلمح معنى عظيما. لقد كان اللقاء بقتال يوم الحديبية ممكنا ولو اراد الله عز وجل لايدهم بجند من السماء كما كان في بدر واحد والخندق وسائر المواقع لكن الحكمة الالهية اقتضت ان يعود الصحب في ذلك المقام في مشهد ظاهره الانهزام والرجوع بلا دخول مكة. وعدم اتمام العمرة وفرض العودة من العام القادم طغيانا واستبدادا مع مع صلح بشروط جائرة. فيقبل النبي صلى الله عليه وسلم وتنزل سورة الفتح بقول الله انا فتحنا لك فتحا مبينا فيعود الصحب لا يدرون ما المراد لكنه مآل اليه الامر العظيم من تهيئة عظيمة لهذا الدين واهله هذا موقف عاشه عمر قال فعملت لذلك اعمالا. يعني شرع رضي الله عنه ينشأ عملا صالحا يرجو ان يكون كفارة ان كان ما قد وقع فيه شيء يؤاخذ به رضي الله عنه. والحامل له على ذلك صدقه في ايمانه وشدة تقواه رضي الله والا فهو من المشهود لهم بالرضوان والدرجات العلى والحفاوة عند الله وعند رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كن مثل عمر رضي الله عنه واحمل هم دينك وامتك وابكي حرقة ولك ان تأسى على حالها لكن كن مثل عمر رضي الله عنه فيما نصحه به ابو بكر وبلغه اياه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما انه رسول الله وهو ناصره. والله عز وجل متكفل بحماية هذا الدين واظهاره. والله لو كلنا امة الاسلام الى انفسنا لانتهينا منذ امد. لكنه الدين دين الله عز وجل. والله عز وجل يهيئ لدينه اسباب وما نحن فيه لا يعدو ان يكون صولة وجولة فاثبتوا في مواقعكم امة الاسلام واملأوا صدوركم ثقة بوعد الله واعلموا ان لنا مما اوحى الله به من علم الغيب في مستقبل هذا الاسلام وفي قابل امره من الايام نصرة عظيمة تمكينا ما يزال في الفصل بقية نأتي عليها تباعا. اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء اللهم انا نسألك باسمائك الحسنى وصفاتك العلى ان تهيأ لامة الاسلام من امرها رشدا. اللهم اجعل لنا ولامة الاسلام جميعا من كل هم من فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية. الهنا واله المسلمين مكن لدينك وعبادك ودينك الذي ارتضيت لهم يا ذا جلال والاكرام واكفنا يا رب شر الاشرار واكفنا حسد الحساد اللهم انا نعوذ بك من شر كل ذي شر انت اخذ بناصيته لا اله الا انت ولا رب سواك. اللهم انا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك. وفجاءة نقمتك وجميع سخطك يا ارحم الراحمين ربنا اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين اللهم ارحم موتانا واشف مرضانا وتقبل دعانا واعفو عنا يا ذا الجلال والاكرام اكملوا ليلتكم بما افتتحتموه من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين