بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي هدانا للاسلام وعلمنا الحكمة والقرآن احمد الله تعالى واشكره واستعينه واستغفره واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ذو الجلال والاكرام والفضل والانعام. سبحانه وبحمده لا نحصي ثناء عليه واشهد ان رسولنا ونبينا وحبيبنا محمدا عبد الله ورسوله صفوة الانام امام الانبياء وخاتم المرسلين وصفوة الله من خلقه اجمعين. صلى الله ربي وسلم وبارك عليه. وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. وبعد ايها الكرام ففي هذه الليلة الشريفة المباركة فانا ننهل من خيراتها وبركاته بكثرة صلاتك علي وسلامنا على الحبيب المصطفى. صلى الله عليه واله وسلم يحدونا في ذلك الحب العظيم والشوق الدفين لنبي عظيم ندبنا جميعا فقال عليه الصلاة والسلام اكثروا من الصلاة علي ليلة الجمعة ويوم الجمعة ومجلسنا هذا انما نستكثر فيه الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم بكثرة ما نعرض لذكره في هذا المجلس وشأنه العظيم وسيرته العطرة وحقوقه الوفيرة الكبيرة صلى الله عليه واله وسلم فاح العبير اذا ذكرت محمدا والنور اشرق والظلام تبددا. صلى عليك الله يا نبع الهدى ما طار طير في السماء وغردا. صلى الله عليه واله وسلم وما يزال مجلسنا هذا متواصلا متتابعا بفضل الله على في مدارسة كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه واله وسلم للامام القاضي عياض رحمه الله تعالى وما زلنا في فصل ساق فيه رحمه الله من الايات والمعجزات التي تدل على عظمة شأن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. وهو ما اطلعه الله عز وجل عليه من الغيوم وما اوحى اليه ممن مما لم يقف عليه او يدركه بشيء من الحضور او السماع لكنه وحي الله الذي اوحى به الى نبيه ومصطفاه صلى الله عليه وسلم. فان ذلك ايضا من المعجزات الباهرة. والايات العظيمة جاءت لاثبات نبوته وصدق رسالته صلى الله عليه واله وسلم مضى في هذا الفصل عدد من الايات التي فيها مواقف اخبر فيها عليه امية والسلام بما اوحى الله اليه من علم الغيب والامر كما قال الله عز وجل عالم الغيب فلا يظهر على غيبه احدا. الا من ارتضى من رسول فانه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا. مضى الحديث في مجلس ليلة الجمعة الماضية عن بعض تلك الغيبيات التي اخبر بها. فوقعت ما اخبر عليه الصلاة والسلام في ملك بني امية وولاية معاوية وما اوصاه به عليه الصلاة والسلام ثم خروج المهدي وما ينال بعض اصحابه من فتنة وقتل علي رضي الله عنه ومصيبة عثمان وفتنته بقتله وهو على المصحف يراد به نزع خلافته رضي الله عنه وارضاه وان الفتن لا تظهر ما دام عمر رضي الله عنه حيا وكان اخر ما وقف عنده الحديث ما كان من شأنه عليه الصلاة والسلام في الاخبار بما يكون ابن العوام وعلي ابن ابي طالب رضي الله عنهم اجمعين. لا يزال في هذا الحديث بقية ساق المصنف فيها جملا من المواقف التي تكلم فيها نبيكم عليه الصلاة والسلام بجمل كانت وحيا من علم الغيب اخبر عن احداث تقع بعده فوقعت او وقعت بعد مماته عليه الصلاة والسلام زمن اصحابه. وبعضها لا يزال منتظر الوقوع هذه الجمل كل واحدة منها تحكي موقفا وحادثا تكلم فيها النبي صلى الله عليه وسلم بشيء من ذلك فكان اية عظيمة من الايات التي ايده الله تعالى بها. نعود الى سياق المصنف رحمه الله في هذا الفصل وما يزال فيه جمل عديدة نقف معها بما اشار اليها من مضامين الاحاديث باخباره صلى الله عليه وسلم بالغيب بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين قال المصنف رحمه الله تعالى فصل فيما اطلع عليه من الغيوب صلى الله عليه وسلم الى ان قال وبمحاربة الزبير لعلي وهو ظالم له وبنباح كلاب الحوأب على بعض ازواجه وانه يقتل حولها قتلى كثير. وتنجو بعدما كادت فنبحت على عائشة رضي الله عنها عند خروجها الى البصرة الحوأب اسم لموضع بين مكة والبصرة. وهو الذي نزلته عائشة ام المؤمنين رضي الله عنها. لما جاءت الى البصرة في موقعة في الجمل التي وقعت بين الصحابة زمن خلافة امير المؤمنين علي ابن ابي طالب رضي الله عنهم اجمعين قال المصنف واخبر صلى الله عليه وسلم بنباح كلاب الحوأب على بعض ازواجه وانه يقتل حولها قتلى وتنجو بعد ما كادت اي بعد ما كادت ان تقتل يشير المصنف الى جمل من الاحاديث والروايات منها ما اخرج الامام احمد في مسنده وابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه وغيرهم رحمة الله عليهم والحديث ابن كثير في البداية والنهاية وصححه الالباني ايضا في السلسلة الصحيحة. عن قيس ابن ابي حازم قال لما بلغت عائشة رضي الله عنها بعض مياه بني عامر ليلا نبحت الكلاب عليها فقالت اي ماء هذا قالوا ماء الحوأب فوقفت فقالت ما اظن لي الا راجعة فقال لها طلحة والزبير مهلا رحمك الله بل تقدمين فيراك المسلمون فيصلح الله ذات بينهم. فقالت ما اظنني الا راجعة اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا ذات يوم كيف باحداكن تنبح عليها كلاب الحوئب تشير الرواية الى ما كان بين علي رضي الله عنه وبعض الصحابة بعد مقتل عثمان رضي الله عنهم اجمعين. فانه اختلفت مواقف الصحابة في البدء بالقصاص من قتلة عثمان ممن ظلم وبغى عليه واعتدى عليه في داره فقتله خليفة مظلوما محبوسا صائما رضي الله عنه او يكون البدء بترتيب امور المسلمين وتهدئة الاوضاع ثم يتحين الامر في البحث والتقصي في قتلته رظي الله عنه. فاختلفت المواقف فمن داع الى المبادرة قبل اي شيء يكون. وكان الاصرار على علي رضي الله عنه وهو الخليفة وبعد عثمان ان يكون الامر كذلك فيما رأى علي رضي الله عنه التريث في الامر والتأني حتى تنطفئ جدوة الفتنة. واختلفت المواقف وكل منهم مجتهد وليس احد منهم اراد العزوف عن الحق ولا الزهد في دم عثمان رضي الله عنهم. ولا احد منهم قصد فتنة ولا شقا للصف ولا بثا للفرقة بين المسلمين وحاشاهم رضي الله عنهم انما هي اجتهادات كسائر ما يقع بين البشر في المواقف العظيمة التي تهز المجتمعات فكان قتل عثمان رضي الله عنه اعظم موقف هز المجتمع النبوي هز المجتمع المدني بعد قتل امير المؤمنين عمر رضي الله عنه فكان هذا الموقف لعظمته وشدته اختلفت فيها مواقف الصحابة. فكان بينهم من يسعى بتأجيج الفتنة وهم بعض الدهماء والغواء والعامة الذين ارادوا اشعال ذلك وخرج الصحابة فكانت موقعة الجمل التي صار فيها بعض التناوش خرجت عائشة رضي الله عنها وكان خروجها بقصد الاصلاح وكان من عرظ عليها الخروج والاتيان الى المكان ذاك حيث اجتمعت الفئتان من اجل ان يكون لحظورها هيبة واحترام وتقدير واجلال كيف لا وهي ام المؤمنين. وزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم. وانها اذا حضرت وتكلمت سمع لها فيكون كلامها فصلا. ويكون حكمها عدلا فينهي الله عز وجل بها وبحضورها وبكلامها كان بينهم من التجاذب والاشتداد والتنازع خرجت لذلك القصد لكنها ما ان سمعت نباح الكلاب وهي بموضع ما في ذلك المكان. فسألت فقيل لها هذا ما والحوؤب تذكرت على الفور كلامه عليه الصلاة والسلام لها بمحظر بعظ ازواجه. كيف باحداكن اذا نبحت عليها كلاب الحوأم وتذكرت للحين انها لم تكن تعلم انذاك انها المقصودة بالكلام. فعزمت على الحين بالرجوع. وسمعت قبل قليل ما قاله بعض الكبار من الصحابة مثل طلحة ومثل الزبير لما اصر عليها فقال مهلا رحمك الله بل تقدمين فيراك فيصلح الله ذات بينهم. قالت ما اظنني الا راجعا والمقصود من ذلك صدق ما اخبر وتنبأ به عليه الصلاة والسلام. فمن الذي اخبره بما سيكون بعد مماته عليه الصلاة والسلام اكثر من عشرين سنة ومن الذي اخبره عليه الصلاة والسلام بان الفتنة التي ستقع بين بعض اصحابه سيكون لبعض زوجاته شيء من بركتي بهذا القصد الحسن وبهذا السعي الحميد في الرواية الاخرى التي اخرجها الضياء والبزار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم وهو عند واجهي ليت شعري ايتكن صاحبة الجمل الادب تخرج فينبحها كلاب حوءب يقتل عن يمينها وعن يسارها قتلى ثم تنجو بعدما كادت جود الحافظ ابن حجر رجال السند وقال هم ثقات وصححه الالباني والمقصود ان هذا المكان الذي خرجت اليه عائشة رضي الله عنها راكبة هذا الجمل الذي اشار اليه النبي صلى الله عليه وسلم انما كان للاصلاح. فلما وصلت الى هذا المكان وسمعت نباح الكلاب تذكرت ما اخبر به عليه الصلاة والسلام وعزمت على جوع وثبت عنها رضي الله عنها ندمها على ذلك الخروج. مع انها ما خرجت مشاركة في قتال ولا سعيا في رضي الله عنها وعن سائر الصحابة الكرام انما خرجت لهذا القصد فلما سمعت ذلك وفق ما اخبر به عليه الصلاة والسلام عزمت على الرجوع. قال الذهبي رحمه الله روى اسماعيل ابن ابي خالد عن قيس قال قال عائشة وكانت تحدث رضي الله عنها وكانت تحدث نفسها ان تدفن في فيها يعني بجوار زوجها عليه الصلاة والسلام وبجوار ابيها الصديق رضي الله عنه فقالت اني احدثت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثا ادفنوني مع ازواجه فدفنت بالبقيع رضي الله عنها. قال الذهبي قلت تعني بالحدث مسيرها يوم الجمل فانها ندمت ندامة كلية على انها ما فعلت ذلك الا متأولة قاصدة للخير كما اجتهد طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وجماعة من الكبار رضي الله عن الجميع وهذا على ما وقع بين الصحابة فانهم رضي الله عنهم جميعا كانوا على حق ينشدون الحق على اختلاف في الاجتهاد فهم بين مجتهد مصيب مأجور. وبين مجتهد مخطئ معذور واهل السنة قاطبة على ان الحق في تلك الموقعة وفيما حدث في الفتنة كان مع امير المؤمنين علي رضي الله عنه وانه واصحابه ابوه ورفاقه المصيبون في ذلك الموقف. وسيأتي مزيد كلام لهذا في حديث عمار ابن ياسر رضي الله عنهما. والمقصود انه لا ينبغي ان تكون هذه الاحداث لا معركة الجمل ولا يوم صفين ولا ما كان بين الصحابة الكرام لا ينبغي ان يكون بحال سببا لاهل الاسلام في الطعن في بعض الصحابة رضي الله عنهم او ان يكونوا غرضا فينال احدنا بلسانه وبتهمته وسوء ظنه من تلك القامات الكبار صحابة رسول الله صلى الله الله عليه وسلم وانعقد مذهب اهل السنة والجماعة على وجوب الكف والخوض فيما شجر بين الصحابة وجوب الكف في وعدم الخوظ فيما شجر بين الصحابة. والامساك عما دار بينهم من فتنة. وكما قال الحسن البصري وغيره رحمه الله من التابعين تلك دماء عصم الله منها سيوفنا فلا نلطخ باعراضهم السنتنا. يعني ما شهدنا تلك المواقف وحفظنا الله ان يكون بيد احدنا سلاح. يصيب به دم احدهم اذ لم يكن حاضرا فاولى به ان يمسك لسانه والا يقع فيما بين الصحابة بالاجتهاد هم فيه بين مصيب مأجور ومجتهد للمعذور رضي الله عنهم اجمعين فصدقت نبوءته عليه الصلاة والسلام ووقع بما اخبر به بين اصحابه خاصة ازواجه امهات المؤمنين كذلك رضي الله عنهم اجمعين وان عمارا تقتله الفئة الباغية فقتله اصحاب معاوية. وان عمارا تقتله الفئة الباغية. هكذا ايضا اخبر عليه الصلاة والسلام في صحيح مسلم من حديث ابي سعيد الخدري وام سلمة انه عليه الصلاة والسلام قال لعمار حين جعل الخندق جعل يمسح رأسه ويقول بؤس ابن سمية تقتلك فئة باغية كان يحفر الخندق معه فمر به فقال له تلك الكلمتين فسمعها الصحابة ولم يكونوا يدري احدهم ما المقصود بقوله عليه الصلاة والسلام تقتلك فئة باغية وفي صحيح البخاري الحديث بسياق اخر قال كنا ننقل من حديث ابي سعيد الخدري قال كنا ننقل لبن المسجد يعني بناء مسجده عليه الصلاة الصلاة والسلام في اول قدومه لطيبة الطيبة. قال كنا ننقل لبن المسجد لبنة لبنة. يعني كل واحد يحمل لبنة يأتي بها الى موضع البناء قال وعمار يحمل لبنتين لبنتين فكان يظهر من اجتهاده وحرصه في المشاركة في بناء المسجد ويظهر من القوة والجلد لما هو بمهمة عظيمة في بناء مسجد رسول الله عليه الصلاة والسلام. قال فمر به النبي صلى الله عليه وسلم. ومسح عن رأسه الغبار وقال ويح عمار تقتله الفئة الباغية. عمار يدعوهم الى الله ويدعونه الى النار هذا لفظ البخاري في صحيحه وعند البزاري والحاكم من حديث حذيفة رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وضرب جنب عمار فقال انك لن تموت حتى تقتلك الفئة الباغية عن الحق يكون اخر زادك ان الدنيا شربة من لبن وقع هذا وقتل عمار رضي الله عنه في الفتنة التي كانت بين الصحابة في موقعة الجمل وكان عمار رضي الله عنه انذاك في صف علي رضي الله عنه ومنه بنى اهل السنة مذهبهم في ان الفتنة التي وقعت كان الصواب فيها مع امير المؤمنين علي رضي الله عنه. وان الاخرون انما كانوا مجتهدين لكنهم ما وفقوا للصواب وهذا الشأن في كل اجتهاد يختلف فيه اثنان ان يكون احدهما مصيبا والاخر مخطئا لا محالة لكن طالما قصد كلاهما يعني الفريقان طالما قصد كلاهما الحق ونشده وبحث عنه وسعى اليه فانه ليس بمأزور بل مأجور وليس اثما بل هو معذور وله من الصواب والاجر بقدر ما اجتهد. يقول الزيلعي واجمع ان عليا رضي الله الله عنه كان مصيبا في قتال اهل الجمل. وهم طلحة والزبير وعائشة ومن معهم. واهل صفين وهم معاوية وعسكره. وقد اظهرت عائشة الندم كما اخرجه ابن عبد البر في كتاب الاستيعاب وذكر ايضا من الرواية من حديث عبدالله بن محمد بن عبدالرحمن بن ابي بكر الصديق قالت عائشة لابن عمر يا ابا عبدالرحمن ان ما منعك ان تنهاني عن مسيري؟ قال رأيت غلب عليك يعني ابن الزبير فقالت اما والله لو نهيتني ما خرجت ويقول شيخ الاسلام رحمة الله عليه ابن تيمية يقول واما الحديث الذي رواه بعضهم من قوله عليه الصلاة والسلام تقاتلين عليا وانت له ظالمة فهذا لا يعرف في شيء من كتب العلم المعتمدة. وليس له اسناد معروف بل هو بالموضوعات المكذوبة اشبه منه بالاحاديث الصحيحة. هذا في من يريد ايقاع الفتنة بين الصحابة وايغاء الصدور على بعضهم دون بعض. او اتهام رضي الله عنها في ذلك الموقف بشيء ينقص من قدرها او يسومها بسوء وحاشاها رضي الله عنها زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم قال رحمه الله فان عائشة لم تقاتل ولم تخرج لقتال وانما خرجت لقصد الاصلاح بين المسلمين. وظنت ان في خروجها مصلحة لمين ثم تبين لها فيما بعد ان نترك الخروج كان اولى فكانت اذا ذكرت خروجها تبكي حتى تبل خمارها. يقول وهكذا عامة ندموا على ما دخلوا فيه من القتال فندم طلحة والزبير وعلي رضي الله عنهم اجمعين ولم يكن يم الجمل هؤلاء قصد في الاقتتال. ثم قال كلاما نفيسا هو عقيدة اهل السنة. في اجلال الصحابة اجمعين. وتوقيرهم جميعا رضي الله عنهم وعدم فتح طريق للطعن في بعضهم او الانتقاص منهم او اتهامهم او رميهم بسوء قصد وفتنة للمسلمين زمن الخلافة الراشدة فرضي الله عنهم اجمعين وقال صلى الله عليه وسلم لعبدالله بن الزبير ويل للناس منك وويل لك من الناس. عبد الله ابن الزبير ابن عبدالمطلب رضي الله عنه وعن ابيه اتاه النبي صلى الله عليه وسلم او اتى النبي صلى الله عليه وسلم يوما وهو يحتجم فقال له عليه الصلاة والسلام واعطاه دم الحجامة اذهب يا عبد الله بهذا الدم فاهرقه حيث لا يراك احد. فلما برز عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عمد الى دمي فشربه فلما رجع قال له النبي صلى الله عليه وسلم يا عبد الله ما صنعت فقال عبدالله بن الزبير جعلته في اخفى مكان علمت انه يخفى عن الناس يعني غيبه في جوفه بشربه له رضي الله عنه. فقال له عليه الصلاة والسلام لعلك شربته فقال رضي الله عنه نعم قال عليه الصلاة والسلام ولم شربت الدم؟ ويل للناس منك وويل لك من الناس؟ قال ابو ابو سلمة فحدثت بهذا ابا عاصم فقال كانوا يرون ان القوة التي في عبد الله بن الزبير كانت من ذلك الدم. الحديث اخرجه عدد من اصحاب السنن وفي اسناده مقال ويمكن لشواهده ان يقوي بعضها بعضا كما قال الذهبي وكما قال ايضا الحافظ وقد حسن اسناده وذكره البيهقي وفي الدلائل وساقه ايضا الامام الذهبي في السير وذكر بعض ما يتعلق بتجويد الاسناد مجموعي. فقوله لعبدالله بن الزبير ويل للناس منك وويل لك من الناس اختصرت هاتان الجملتان تاريخا حافلا شهدته ايام عبدالله بن الزبير بمكة لما تولى امرة الحجاز زمن خلافة بني امية وما كان بينهم من تداول حتى قدمه الحجاج ابن يوسف الثقفي سيأتي الكلام عنه قريبا فاتى الى مكة فحاصره ثم ظفر به فدخل فقتله شر قتلة. واما عبد الله ابن الزبير رضي الله عنه فصحابي جليل صلب له في الاسلام مواقف مشهودة وله في فروسيته وقتاله وثباته شخصية يضرب وبها المثل في الاقدام والشجاعة والكرب. فقال عليه الصلاة والسلام ويل للناس منك. وويل لك من الناس يعني انه يكون له في في ايامه بلاء وامتحان وفتنة وله فيها ثبات وصبر وشجاعة فرضي الله عنه وعن سائر الصحابة اجمعين وقال في قزمان وقد ابلى مع المسلمين انه من اهل النار فقتل نفسه اما قزمان فالمقصود به رجل قيل انه كان منافقا شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم بعض المواقع وكان فيما شهد بعض المواقي مع النبي صلى الله عليه وسلم وعنه ابلى بلاء حسنا. فلما ابلى البلاء الحسن حمده الناس على ما صنع. وكان له واقف مشهودا والحديث كما اخرج البخاري في صحيحه رحمه الله في باب لا يقال فلان شهيد. وترجم البخاري بهذه ترجمة للدلالة على ما كان من صنيع هذا الرجل. الحديث من رواية سهل بن سعد رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم التقى هو والمشركون فاقتتلوا. فلما مال رسول الله صلى الله عليه وسلم الى عسكري ومال الاخرون الى عسكرهم يعني بعدما تحين القتال فسحة وهدأة ومال كل جيش الى معسكره. قال فلما مال رسول الله صلى الله عليه وسلم الى عسكره. ومال الاخرون الى عسكرهم وفي اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل لا ما انتم شاذة ولا فاذة الا اتبعها يضربها بسيفه يعني ابلى بلاء حسنا فما يكاد يترك لجيش المشركين شخصا مقبلا ولا مدبرا الا اجهز عليه فقتله. فكان محط الانظار. يقول رضي الله عنهم فقال الصحابة ما اجزأ منا اليوم احد كما اجزأ فلان يعني لم يثبتوا اليوم في القتال احد منا مثل ما فعل فلان فقال عليه الصلاة والسلام اما انه من اهل النار فعجب الصحابة وقال رجل من القوم انا صاحبه. يعني انا لابد لي ان اعرف ما شأنه. وساكون مصاحبا له لارى حقيقة امري. فمحال ان يكون كلام رسول الله عليه الصلاة والسلام خطأ او في غير موضعه لكنه امر خفي بيان. فقال رجل من القوم انا صاحبه. قال فخرج معه كلما وقف وقف معه واذا اسرع اسرع معه قال فجرح الرجل جرحا شديدا فاستعجل الموت فوضع نصل سيفه في الارض وذباب بين ثدييه ثم تحامل على سيفه فقتل نفسه. فخرج الرجل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال اشهد وانك رسول الله قال وما ذاك قال الرجل الذي ذكرت انفا انه من اهل النار فاعظم الناس ذلك فقلت انا لكم به. فخرجت في طلبه ثم جرح اجرحا شديدا فاستعجل الموت فوضع نصل سيفه في الارض وذبابه بين ثدييه ثم تحامل عليه فقتل نفسه فقال النبي صلى الله عليه وسلم ان الرجل ليعمل عمل اهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من اهل النار. وان الرجل ليعمل وعمل اهل النار فيما يبدو للناس وهو من اهل الجنة. وقيل في ترجمته الاسم الذي ذكره المصنف انه يقال له قزمان وانه الى المنافقين وانه لما خرج يقاتل يوم احد في هذه الموقعة ما خرج نصرة لله. ولا فداء لرسول الله صلى الله عليه وسلم خرج حمية لقومه ونصرة لهم فما كان قتاله لتكون كلمة الله هي العليا. وبالتالي كان قتاله حمية ونصرة وما اخبر به عليه الصلاة والسلام كان من امر الباطن وهو الغيب الذي اوحى الله تعالى به اليه. وصدق رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وقال صلى الله عليه وسلم في جماعة فيهم ابو هريرة وسمرة بن جندب وحذيفة اخركم موتا في النار فكان بعضهم يسأل عن بعض فكان سمرة اخرهم موتا هرم وخرف فاصطنى بالنار فاحترق فيها هذا ايضا حديث من اعاجيب حديثه عليه الصلاة والسلام اخرج البيهقي في دلائل النبوة والذهبي ايضا في السير وابن كثير في البداية والنهاية والطبراني في المعجم الاوسط وغيرهم رحمة الله رحمة الله عليهم اجمعين انه عليه الصلاة والسلام قال لعشرة في بيت من اصحابه لعشرة كانوا مجموعين في بيت لعشرة من اصحابه. كانوا مجتمعين فقال لهم اخركم موتا في النار فتعجب الصحابة والخطاب للعشرة. وفي رواية انهم كانوا سبعة فقال لهم اخركم موتا في النار فيهم سمرة بن جندب وفيهم ابو هريرة وفيهم ايضا بعض الصحابة كمن سمى منهم المصنفون حذيفة يقول فكان بعضهم كلما لقي احدا يسأل عن صاحبه يتحين نبوءته عليه الصلاة والسلام. الحديث روي من غير ما وجه لا يخلو احدها من ضعف. لكنها يمكن ان يستأنس بها ويشهد بعضها لبعض. قال عليه الصلاة والسلام موتا في النار فيهم سمرة فكان سمرة اخرهم موتى. وفي حديث اخر ذكره ابن كثير يقول كنا عشرة في بيت وسبب الرواية عن انس بن حكيم قال كنت امر بالمدينة. فالقى ابا هريرة فلا يبدأ بشيء حتى يسألني فلو اخبرته بحياته وصحته فرح وقال انا كنا عشرة في بيت وان رسول الله صلى الله عليه وسلم قام علينا ونظر في وجوهنا واخذ بعظادتي الباب وقال اخركم موتا في النار يقول ابو هريرة فقد مات منا ثمانية ولم يبقى غيري وغيره. فليس شيء احب الي من ان اكون قد ذقت الموت يعني لانه يجزم بانه لو ما بقي الا هو وكان اخر العشرة فسيصدق عليه قول النبي عليه الصلاة والسلام اخركم موتا في النار وعن ابي اويس ايضا فيما ذكر الطبراني في المعجم قال كنت تاجرا بالمدينة فاذا كنت اقدم فاذا قدمت المدينة لقيني ابو هريرة فسألني عن سمرة. واذا قدمت البصرة سألني سمرة عن ابي هريرة ثم لما عجب من سؤال كل منهما عن صاحبه قال ابو هريرة كنا سبعة في بيت فدخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال موتا في النار فلم يبق الا انا وسمرا احد وجوه ضعف الحديث هذا الاضطراب في الرواية انهم كانوا عشرة او كانوا سبعة وانه لم يبقى الا هو ابو هريرة وسمرة رضي الله عنهما وان اخرهم موتا كان سمرا فقد مات بعد ابي هريرة. وقد اشكل على بعض اهل العلم قوله عليه الصلاة والسلام اخركم موتا في النار وهل كان يقصد ان اخر هؤلاء السبعة او العشرة موتا سيكون مصيره جهنم؟ ان كان كذلك فالامر مفزع. ولربما كانت تسوء او ربما كان شيئا من الردة عن الدين والنفاق والعياذ بالله. لكنه تبين فيما بعد ان المقصود بقوله اخركم موتا في النار ان الجار والمجهور في النار متعلق بالموت لا بالاخر يعني ليس اخركم سيكون في النار بل موته سيكون في النار والذي حدث ان سمرة رضي الله عنه كبر وهرم وخرف رضي الله عنه ففقد عقله فاصطلى بالنار اتى نارا موقدة وقد خرف ولا يميز فدخل واحترق فكان موته بسبب احتراقه بتلك النار وصدقت نبوءته عليه الصلاة والسلام وما قصد نار جهنم الا اما قصد نار الدنيا التي دخلها على حين غفلة وعدم تمييز وادراك فاحترق بها فمات رضي الله عنه وعن سائر ابتي اجمعين وقال صلى الله عليه وسلم في حنظلة الغسيل سلوا زوجته عنه فاني رأيت الملائكة تغسله فسألوها فقالت انه خرج جنبا واعجله قالوا عن الغسل قال ابو سعيد رضي الله عنه وجدنا رأسه يقطر ماء هذه واحدة من مواقف البطولة يوم احد لما ابلى الصحابة رضي الله عنهم بلاء حسنا وقدموا ارواحهم فداء وتضحية للاسلام ولله ولرسول الله صلى الله عليه وسلم فرشوا صدورهم دون النبي عليه الصلاة والسلام. وبسطوا ظهورهم يحمونه من كل ما يؤذيه. من كل سهم ونصر ورمية ان وطعنة فقدموا ارواحهم رخيصة فداء لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان من مواقف البطولة يوم احد موقف حنظلة ابن ابي عامر فقيل له حنظلة الغسيل يعني غسيل الملائكة اعني ان الملائكة غسلتهم. قال في الرواية هنا وقد اخرجها ابن اسحاق في السيرة وصححها الالباني ايضا في ارواء الغليل. انه رضي الله عنه لما قتل شهيدا يوم احد قال النبي عليه الصلاة والسلام مخبرا عن مشهد من الغيب ما كان يراه الا هو عليه الصلاة والسلام. وانه رأى الملائكة تغسله بين السماء والارض فعجب لشأنه عليه الصلاة والسلام فقال سلوا زوجته فاني رأيت الملائكة تغسله فسألوها فقالت انه خرج جنبا واعجله الحال عن الغسل وفي رواية ابن الزبير قال ما شأن حنظلة؟ فقالوا قال ما شأن حنظلة فاني رأيت الملائكة تغسله؟ قالوا يا رسول الله جامعا. فسمع الهيعة يعني النداء للجهاد والخروج يوم احد فأعجله فخرج الى القتال قبل الاغتسال لما تقفوا على مثل هذا الموقف واخباره عليه الصلاة والسلام بشيء من علم الغيب واخبر بغسيل الملائكة له فلما سأل عن حاله تبين انه كان حديث عهد بعرس وان دخوله بعروسه تلك الليلة ما كان ليصده عن المشاركة في الجهاد يوم احد ولما سمع النداء والخروج للجهاد ما تاقت نفسه. فارق عروسه فارقها ليكون شهيدا وتكون عروسه تلك الليلة ارملة صبيحة اليوم التالي لا تعجب لفدائه ولا لصبرها بل لجيل كبير من الصحابة الكرام كانت حياتهم وحظوظهم من الدنيا لا تسوى شيئا امام نصرتهم لدين الله ولرسول الله صلى الله عليه وسلم. كانت الحياة باجمعها لا تمثل لهم شيئا اذا ما كان الموقف يستدعي فداء وتضحية لدين الله. فقوله عليه الصلاة والسلام سلوا زوجته فاني رأيت الملائكة تغسله. قال فسألوها فقالت انه جنبا واعجله الحال عن الغسل فلما قتل شهيدا رضي الله عنه غسلته الملائكة بين السماء والارض. قال ابو سعيد وجدنا رأسه يقطر ماء رضي الله عنهم اجمعين وقال صلى الله عليه وسلم الخلافة في قريش ولن يزال هذا الامر في قريش ما اقاموا الدين يقول عليه الصلاة والسلام الخلافة في قريش كما اخرجه عدد من اصحاب السنن وفي الصحيحين من رواية البخاري ان الامر في قريش لا يعاديهم احد الا كبه الله على وجهه ما اقاموا الدين ومن رواية جابر بن سمرة ايضا عند البخاري. يقول عليه الصلاة والسلام يكون اثنا عشر خليفة. ثم قال كلمة لم اسمعها فقلت ابي ما قال؟ قال كلهم من قريش. وفي رواية ثالثة ايضا عند البخاري. يقول عليه الصلاة والسلام ان الاسلام لا يزال عزيزا الى اثني عشر خليفة ثم قال كلمة لم احفظها فقلت لابي ما قال فقال قال كلهم من قريش تن الحديث الذي اخرجه البخاري وله روايات عدة واخرجه مسلم ايضا في الصحيحين. ان هذا الامر لا ينقضي حتى يقضي فيه مثنى عشر خليفة يعني لن تزول الدنيا. ولن تقوم الساعة حتى يكون في الامة اثنا عشر خليفة ثم قال عليه الصلاة والسلام كلهم من قريش والالفاظ في هذا متعددة لا يزال الاسلام عزيزا الى اثني عشر خليفة لا يزال هذا الدين عزيزا منيعا الى اثني عشر خليفة. ولفظ البخاري ايضا في بعض الفاظه يكون اثنى عشر اميرا. فقال لم اسمعها فقال ابي انه قال كلهم من قريش. قال ولن يزال هذا الامر في قريش ما اقاموا الدين هذه نبوءة وقد قال عليه الصلاة والسلام ان الامر في الامة يعني في الاسلام لا يزال قويا عزيزا منيعا ولا لا يزال الاسلام في نصرة وحماية ومنعة حتى ينقضي هؤلاء الاثني عشر خليفة. فاذا انقضى عدهم فانه سيصيب الامة من الفتنة والضعف والذل والهوان لانه زال فيهم ما ربط به النبي عليه الصلاة والسلام منعة الاسلام وقوة الاسلام وعزة الاسلام. فماذا اراد عليه الصلاة والسلام باثني عشر خليفة تأول الناس كثيرا هذا المعنى وخاضوا فيه. ولاهل العلم فيه مسالك وصلت الى ستة مذاهب في بيان مقصوده عليه الصلاة والسلام بربط الامة وامرها ونصرتها وعزها لهؤلاء الاثني عشر خليفة. وهل المقصود اشخاص باعيانهم فاذا كان الجواب نعم وقد انعقد الاتفاق على ان الخلفاء الاربعة الراشدين هم رأس هؤلاء وصدرهم واعز من تولى الخلافة في الامة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فاين تتمة الاثني عشر وهل المراد تعدادهم وبيان عدهم الى الثاني عشر ام هي نبوءة ما حان وقتها؟ ها هنا مذاهب اولها ان المراد بقوله عليه الصلاة والسلام الخلافة في قريش او ربطها باثني عشر خليفة فان المراد به ذكر الخلفاء العادلين في امته وانه مضى بعضهم وسيكتمل بقيتهم قبل قيام الساعة. يقول النووي رحمه الله نقلا عن القاضي عياض. ويحتمل ان يكون المراد مستحق الخلافة العادلين وقد مضى منهم من علم ولابد من تمام هذا العدد قبل قيام الساعة. لانه عليه الصلاة والسلام به فلابد ان يكون لا محالة هم خلفاء العدل وسمى بعضهم الاربعة الخلفاء الراشدين وعمر بن عبدالعزيز وانه لا بد من ظهور من يتنزل من منزلتهم في اظهار الحق والعدل حتى يكتمل ذلك العدد. ومعنى هذا الحديث اذا كما يقول الحافظ ابن كثير البشارة يبشر عليه الصلاة والسلام امته بوجود اثني عشر خليفة صالحا يقيمون الحق والعدل في الامة ولا يلزم من هذا تتابعهم وتواليهم في التواريخ وولاية امر الاسلام واحدا تلو الاخر. بل قد وجد منهم اربعة على انسق واحد وهم الخلفاء الراشدون ابو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم. قال ومنهم عمر بن عبدالعزيز بلا شك عند الائمة هو بعض بني يقول الحافظ ابن كثير ولا تقوم الساعة حتى تكون ولايتهم لا محالة. قال والظاهر ان منهم المهدي المبشر به في الاحاديث الواردة بذكره التفسير الثاني لهذا المعنى ان المقصود بالاثني عشر اجتماعهم في زمن وعصر واحد وانه لا تقوم الساعة حتى يتولى امر المسلمين في زمان واحد اثنا عشر خليفة يتوزعون على اقطار الارض وبلاد الاسلام. يقول القاضي عياض معناه انهم يكونون في عصر واحد يتبع كل واحد منهم طائفة قال القاضي عياض ولا يبعد ان يكون هذا قد وجد اذا تتبعت التواريخ. فقد كان بالاندلس وحدها منهم في عصر واحد بعد اربعمائة ثلاثين سنة ثلاثة كلهم يدعي الخلافة. ويلقب بها وكان حينئذ في مصر اخر. وكان في خلافة الجماعة العباسية ببغداد سوى من كان يدعي ذلك في ذلك الوقت في اقطار الارض. فيراد ان هذا القول انه يكونون اثنا عشر خليفة في زمان واحد الا ويعضض هذا التفسير رواية مسلم ستكون خلفاء فيكثرون. قالوا فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال وفوا بيعة الاول فالاول. هذا التفسير الثاني. اما الثالث في هذا الحديث فالمراد به من يعز الاسلام في من الخلفاء ويجتمع المسلمون عليه. سواء كان عادلا حاكما بالقسط او كان جائرا او ظالما لكن المراد ربط عزة الاسلام ونصرة المسلمين بولايته. يقول النووي رحمه الله ويحتمل ان يكون المراد من يعز الاسلام في زمنه. كما جاء في سنن ابي داود كلهم تجتمع عليه الامة التفسير الرابع لهذا المعنى وهو محاولة لايجاد تأويل يكون عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم يكون اثنا عشر خليفة انه هم لا يكونون الا بعد ظهور المهدي في اخر الزمان وان الاثني عشر خليفة ما ظهر منهم احد حتى الان. وانه ليس بعدهم الا قيام الساعة مباشرة. فاذا هم من جملة اشراط الساعة وعلاماتها. وبالتالي فلا يكون الاربعة الخلفاء الراشدون من هؤلاء ولا معدودين فيهم وان الاثني عشر خليفة سيظهرون بعد المهد اذا حكم بالعدل وتفشى فيهم في الناس الحكم بالعدل ورفع الجور والظلم وينتشر ولهذا ذكر ابن الجوزي هذا المعنى قال انما يكون بعد موت المهد الذي يخرج في اخر الزمان فقد وجد في بعض الاخبار اذا مات المهدي ملك خمسة رجال وهم من ولد السبط الاكبر الى اخر ما هنالك. التفسير الخامس ان المراد بالاثني عشر خليفة ليس المراد بهم ائمة وولاة ولا حكام يلون امر الاسلام خلافة وولاية بل المراد به تفاصيل الهيئة الحاكمة يعني الحكومة التي تتولى شأن مسلمين في زمان ما فيدخل فيهم الخليفة والوزير والامراء واعوانه وانهم يبلغون اثني عشر شخصا مجموعهم يصح ان يسمى خليفة حقيقة او مجازا ويكون هذا نوعا من التكلف في تفسير الحديث وهو من اضعف الاقوال الواردة في هذا الحديث. واما السادس فيما ذكر بعضهم ان المقصود بذلك غير معلوم ويتوقف في شأنه ويوكل علم ذلك الى الله جل جلاله والى ما اخبر به صلى الله عليه وسلم يقول ايضا بعض اهل العلم والله اعلم بمراد نبيه صلى الله عليه وسلم. ونقل ابن بطال عن المهلب قوله لم القى احدا يقطع في هذا الحديث يعني بشيء معين وقال ايضا شيخ الاسلام ابن تيمية ومنهم من قال لا افهم معناه كالقاضي ابي بكر ابن العربي رحم الله الجميع. اذا فهمت هذا فاعلم رعاك الله ان قوله عليه الصلاة والسلام الخلافة في قريش يشير بها الى ما ربط به عز الاسلام بتولي اثني عشر منهم من الخلفاء يكتب الله على ايديهم نصرة الدين ويكون عز بولايتهم قال لن يزال هذا الامر في قريش ما اقاموا الدين. يعني فاذا خرج عنهم الى غيرهم ستقوم امور البلاد وستسير العباد لكن العزة والنصرة والقيام للدين ورفع رايته خير قيام انما يكون بالوصف الذي اخبر به صلوات الله وسلامه كلامه عليه وقال عليه الصلاة والسلام يكون في ثقيف كذاب ومبير فرأوهما الحجاج والمختار. قال عليه الصلاة والسلام يكون في ثقيف كذاب ومبير. ثقيف هي القبيلة العربية المعلومة المشهورة التي لا تزال الى اليوم النسبة اليها وقبيلتها مشهورة تسكن الطائف وضواحيها ونواحيها. يقول عليه الصلاة والسلام يكون في ثقيف كذاب ومبير. قال فرأوهما الحجاج والمختار وذلك ان الذي روى الحديث اسماء بنت ابي بكر الصديق رضي الله عنها وعن ابيها لما قتل الحجاج ولدها عبدالله بن الزبير بمكة واذاه وصلبه كان فيه مما لا ينبغي فعله. فلما اقدمت اسماء والرواية بطولها في صحيح مسلم عرضها لتقف على صفحة مما وجده الصحب الكرام رضي الله عنهم بعد مماته عليه الصلاة والسلام. اخرج الامام مسلم في صحيحه رحمة الله عليه من حديث الاسود بن شيبان عن ابي نوفل قال رأيت عبد الله بن الزبير على عقبة المدينة قالت فجعلت قريش تمر عليه والناس حتى مر عليه عبدالله بن عمر لما قتل الحجاج بن يوسف عبدالله بن الزبير وكان قد حاصره بمكة وبلغ من اذاه بمكة والكعبة ان رمى الكعبة بالمنجنيق يعني بالمدفع. فتهدمت اجزاء من الكعبة بحصاره. وكان من شأن فيما يعلم الناس في سيرته من الظلم والبغي والطغيان ما هو معلوم. فلما قدم وظفر بعبد الله بن الزبير قتله ثم صلبه فكانت له مثلة شنيعة واراد بها اظهار ابلاغ قتله واذيته بعبد الله ابن الزبير لانه تعصى رضي الله عنه عليهم في قتالهم وحربهم لما رغبوا اليه ان يتنحى عن امرة الحجاز وان يبايع للخليفة هشام على كل قال فمر به عبدالله بن عمر مر بعبدالله بن الزبير مصلوبا مقتولا فمر به عبدالله بن عمر فوقف عليه فقال السلام عليك ابا خبيب السلام عليك ابا خبيب السلام عليك ابا خبيب. يقصد عبدالله بن الزبير اما والله لقد كنت انهاك عن هذا اما والله قد كنت انهاك عن هذا اما والله قد كنت انهاك عن هذا عن ماذا عن مقاومته ومقاتلته للامراء الذين تتابعوا على قتاله. وانه كان يرغب اليه ان يتخلى عن ذلك للدماء ودرءا للفتنة. وكان عبد الله ابن عمر من الصحابة الذين اعتزلوا الفتن في مواضعها كلها. فسلم له دينه رضي الله عنه وسلمت له مواقفه. فقال اما والله لقد كنت انهاك عن هذا. اما والله ان كنت ما علمت صواما قواما وصولا للرحم اخذ يثني عليه واراد عبد الله ابن عمر ان يسمع مناقبه الحسنة وذكره الحميد على مسامع الناس. والحجاج وجنده ورجاله يطوفون بشوارع مكة واراد اسماع هذا ليعلم الظالم انه لا يزال عبد الله ابن الزبير من قامات الصحابة الكرام رضي الله عنهم. فقال وصولا الرحم اما والله لامة ان تشرها لامة خير يعني اذا كانت هذه الامة وانت بحالك وهيئتك شر من فيها اذا هي امة خير اذا الشر كان في مثلك. اذا فعامة من كان الامة ان كان خيرا منك وانت على تلك الحال فهي امة خير. ثم قال رضي الله عنه نفذ عبد الله بن عمر فبلغ الحجاج موقف عبده الله ابن عمر وقوله فارسل اليه فانزل عن جذعه يعني تأدب قليلا مع ابن الزبير فانزله من الجذع الذي صلبه عليهم فالقي في القبور ثم ارسل الى امه اسماء بنت ابي بكر فابت ان تأتيه واسماء اذ ذاك قد كبرت رضي الله عنها وكف بصرها رضي الله عنها وانها لما بلغها مقتل ابنها عبد الله ابن الزبير استجمعت صبرا واحتسبت ولدها عند الله واسترجعت فقيل لها ان الحجاج قد مثل به وانه قد صلبه وفعل به وفعل. فقالت قولتها المشهورة التي غدت مثلا ما يضر الشاة سلخها بعد ذبحه فاذا كان قد قتل فاي شيء يضيره وترى ان مقتله وثباته كان رمزا للبطولة والصبر رظي الله عنه. فارسل اليها الحجاج بن يوسف ارسل الى اسماء رضي الله عنها فابت ان تأتيه فاعاد عليها الرسول لتأتيني هذا الحجاج يخاطب اسماء. قال لتأتيني او لابعثن اليك من يسحبك بقرونك قالت فابت رضي الله عنها وقالت والله لا اتيك حتى تبعث الي من يسحبني بقروني قال فقال الحجاج اروني سبتي يعني نعله اكرمكم الله. قال فاخذ نعليه ثم انطلق يتوذف يعني ينطلق مندفعا متبجحا حتى دخل عليها فقال لها كيف رأيتني صنعت بعدو الله؟ يقصد ولده قال لها كيف رأيتني صنعت بعدو الله؟ فقالت رأيتك افسدت عليه دنياه وافسد عليك اخرتك يعني غاية ما صنعت فيه ان فقد الحياة اما انت ففقدت اخرتك وهذا الجواب لا يكون الا من عقول اضاءت بالوحي ومن نفوس الصحابة. قالت ذلك وهي في محنة المصاب بقتل ولدها قالت رضي الله عنها رأيتك افسدت عليه دنياه وافسد عليك اخرتك. بلغني انك تقول له يا ابن ذات النطاقين يعني كانك تقول هذا له تهزأ به اما والله انا ذات النطاقين اما احدهما فكنت ارفع به طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم وطعام ابي بكر من الدواب. واما الاخر المرأة التي لا تستغني عنه. اما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا ان في ثقيف كذابا ومبيرا المدير المهلك الذي يكون ظالما غشوما يكون على يديه هلاك واجحاف وظلم وعدوان. قال تم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا ان في ثقيف كذابا ومبيرا فاما الكذاب فرأيناه من تقصد المختار ابن ابي عبيد الثقفي وقد ادعى النبوة. قالت اما الكذاب فرأيناه واما المبير فلا اخالك الا اياه. يعني لا اراه الا انت المغير الهالك المهلك الذي اخبر عنه صلى الله عليه وسلم فلما رأى الحجاج منها صلابتها وقوتها وحديثها الذي انطلقت به تتكلم به في وجهه وهو الذي ما اتاها ظالما متوعدا متهددا قال فقام عنها ولم يراجعها بشيء فخرج وانسحب الرواية التي في صحيح مسلم اشارت الى صفحة من علم الغيب يقول عليه الصلاة والسلام انه سيخرج من قبيلة ثقيف كذاب ومبين فكان الكذاب المختار بن ابي عبيد الذي ادعى النبوة وزعم ان الوحي يأتيه فهو من جملة الكذبة الذين ادعوا النبوة بعده عليه الصلاة السلام واما المبير فقد تواتر اهل العلم كما قال النووي رحمه الله اجمع اتفق العلماء على ان المراد بالكذاب هنا المختار ابن ابي عبيد الثقفي وبالمبير الحجاج ابن يوسف والله اعلم فكانت هذه ايضا صفحة من علم الغيب. اخبر بها المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه. فخرج الحجاج وخرج المختار هذا كذاب وذاك مبير وقد كان بكل واحد منهما من الفتنة في الامة ما كفى الله به شره ومضى كل لحاله وبقي دين الله عز وجل محفوظا وكانت فتنة كسائر الفتن تمر وتعبر فيتأذى باذاها. بعض الصالحين والصحابة الكرام رضي الله عنهم اجمعين وان مسيلمة يعقره الله مسيلمة الكذاب الذي لا يعرف اسمه الا بهذا الوصف بالكذاب. لانه ادعى النبوة. والرواية ايضا عند البخاري في صحيحه من حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال قدم مسيلمة الكذاب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يقول ان جعل لي محمد الامر من بعده تبعته يعني جاء يريد الاسلام ويشترط انه سيأخذ النبوة بعده عليه الصلاة والسلام ويرثها. فان قبل محمد هذا الشرط تبعته والا فلا قال قدم فقال ان جعل لي محمد الامر من بعده تبعته. قال وقدمها في بشر كثير من قومه. يعني قدم المدينة فاقبل اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه ثابت ابن قيس ابن شماس رضي الله عنه خطيب النبي عليه الصلاة والسلام. وفي يد رسول الله صلى الله عليه وسلم قطعة جريد وفي رواية عود سواك حتى وقف على مسيلمة في اصحابه فقال لو سألتني هذه القطعة ما اعطيتكها. اتريد النبوة اتريد الامر في الامة؟ قال لو سألتني هذه ما اعطيتكها. قال عليه الصلاة والسلام ولن تعدو امر الله فيك ولئن ادبرت ليعقرنك الله واني لاراك الذي اريت فيه ما رأيت. قال ابن رضي الله عنهما في روايته فاقبل اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه ثابت ابن قيس ابن شماس وفي يد رسول الله صلى الله عليه وسلم قطعة جريد حتى وقف على مسيلمة في اصحابه فقال لو سألتني هذه القطعة ما اعطيتكها. ولن تعدو امر الله فيك. ولئن ادبرت ليعقرنك الله يعني ليقتلنك الله والمقصود بذلك ما يصيبه قال ولئن ادبرت ليعقرنك الله واني لاراك الذي اريت فيه ما رأيت وهذا ثابت يجيبك عني فانصرف عنه صلى الله عليه وسلم لم يبالي به ولم يكترث لانه ما وجد فيه الا متكبرا متغطرسا جاء يشترط ويساوم في مبدأ الاسلام وعلم عليه الصلاة والسلام انه لا يريد اسلاما ولا حقا ولا نجاة. جاء يريد حظا من الدنيا فانصرف وقال هذا ثابت يجيبك عني. يعني ان اردت خطابا وكلاما فهذا خطيبه عليه الصلاة والسلام يقوم مقامه قال ابن عباس فسألت عن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم اني اراك الذي اريت فيه ما رأيت. قال فاخبرني ابو هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بين انا نائم رأيت في يدي سوارين من ذهب فاهمني شأنهما فاوحي الي في المنام ان انفخهما. قال فنفختهما فطارا. فاولتهما كذاب بين يخرجان من بعدي. قال الراوي احدهما العنسي والاخر مسيلمة. وقد خرج بعده مدعيان للنبوة المقصود خروجهما فور وفاته عليه الصلاة والسلام بادعاء النبوة واما مسيلمة فكان من اوائل ان لم يكن اول من ادعى النبوة وزعمها وكان من شأنه قتله. يقول وقتال ابي بكر الصديق رضي الله عنه وقيادته لحروب الردة. فقتل لما في وسط حصنه بنجد اليمامة؟ والذي قتل مسيلمة الكذاب هو الذي قتل اسد الله ورسوله حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه يقول وحشي والرواية عند البخاري في الصحيح وهو يحكي ما حصل منه يوم احد في قتله لحمزة رضي الله عنه قال وكمنت لحمزة تحت صخرة فلما دنا مني رميته بحربتي فاضعها في سنته حتى خرجت من بيني وريكيه. قال فكان ذلك العهد فلما رجع الناس رجعت معهم فاقمت بمكة حتى فشى فيهم الاسلام فلما خرجت الى الطائف فارسلوا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولا فقيل لي انه لا يهيج الرسل. قال فخرجت معهم حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما رآني قال انت وحشي قلت نعم. قال انت قتلت حمزة قلت قد كان من الامر ما بلغك فقال عليه الصلاة والسلام فهل تستطيع ان تغيب وجهك عني قال فخرجت فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج مسيلمة الكذاب فقال وحشي قلت لاخرجن الى مسيلمة لعلي اقتله فاكافئ به حمزة قال فخرجت مع الناس فكان من امره ما كان. فاذا رجل قائم في ثمة جدار كانه جمل اورق ثائر الرأس. قال فرميت بحربتي فاضعها بين ثدييه حتى خرجت من بين كتفيه. قال ووثب اليه رجل من الانصار فضربه بالسيف على هامته قال عبدالله بن الفضل فاخبرني سليمان بن اليسار انه سمع عبدالله بن عمر يقول فقالت جارية على ظهر بيت وامير المؤمنين قتله العبد الاسود. فكان وحشي يقول قتلت بحربتي هذه خير الناس وشر الناس. يقصد قتله لحمزة اذ كان مشركا لكنه تاب واسلم وحسن اسلامه فكان قتله لمسيلمة نبوءة اخبر بها النبي عليه الصلاة والسلام. ولا يزال في هذا الفصل بقية من التي هي امور غيب حدث بها المصطفى صلى الله عليه وسلم فوقعت اية من الله وتصديقا لرسول الله صلى الله عليه وسلم سلم. اتموا ليلتكم هذه بكثرة الصلاة والسلام عليه. بمثل ما استفتحتموها بكثرة الصلاة والسلام عليه. ولكم في هذه الليلة ويوم غدكم الجمعة منجم كبير وخير عظيم بكثرة الصلاة والسلام عليه. فصلى الله ربي وسلم وبارك عليه خير صلاة واتم سلام. صلاة الله تترك الحين على عبق الحياة بلا قرين محمد خير من قاد البرايا من معيني صلى الله عليه واله وسلم. اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء. اللهم هيئ لنا من امرنا رشدا واوزعنا شكر نعمتك التي انعمت بها علينا وعلى والدينا وان نعمل صالحا ترضاه وادخلنا برحمتك في عبادك الصالحين اللهم اجعل لنا ولامة الاسلام جميعا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. وصلي اللهم وسلم وبارك على حبيبك المصطفى ونبيك المجتبى محمد ابن عبدك الله وعلى اله وصحبه اجمعين والحمد لله رب العالمين