بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه احمده سبحانه وتعالى واشكره واستعينه واستغفره واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له اشهد ان محمدا عبد الله ورسوله امام النبيين وخاتم المرسلين وحبيب رب العالمين وصفوة الله من خلقه اجمعين اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. وصل يا رب وسلم وبارك عليه كلما اشرقت شمس وغربت في سماء المسلمين. صلي يا ربي وسلم وبارك عليه في كل يوم وليلة وفي كل وقت وحين اللهم صلي وسلم وبارك عليه صلاة وسلاما دائمين ابدا الى يوم الدين. وبعد ايها الكرام فهذه الليلة المباركة ليلة الجمعة التي قال عنها الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم. اكثروا من الصلاة علي ليلة الجمعة ويوم الجمعة. فان صلاتكم معروضة علي. وانما نجلس مجلسا كهذا في ليلة كهذه في مكان كهذا هذا نتقرب الى الله جل جلاله بمدارسة ابواب وكتب وفصول نستلهم بها كثرة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه واله وسلم في مجلس يكثر ذكره وفضله العظيم صلى الله عليه وسلم. ومناقبه الجمة وحقوقه العظيمة صلى الله عليه وسلم. فما يزال احدنا في مجلسنا هذا كلما ذكر اسمه عليه الصلاة والسلام صلى عليه وسلم صلى الله عليه وسلم. فيقوم احدنا من هذا المجلس مستكثرا من صلاة ربه عليه عشر عاف بصلاته على نبيه صلى الله عليه واله وسلم. وهذا الباب وحده فيه من الخير والرحمة والهدى التي يصيبها العبد المؤمن بصلاة ربه عليه وفوق ما يرجو واكثر مما يتمنى. واذا حلت صلاة الله بالعبد نال الخير وحقق المنى وادركته الفضائل وانزاحت عنه الهموم والغموم. فصلى الله ربي وسلم وبارك على الحبيب فاح العبير اذا ذكرت محمدا. والنور اشرق والظلام تبدد. صلى عليك الله يا نبع الهدى طال طير في السماء وغرد عليه الصلاة والسلام وما زال مجلسنا هذا في كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم للامام القاضي عياض رحمه الله تعالى في الفصل الذي ذكر فيه مناقب نبيكم عليه الصلاة والسلام للدلالة على عظيم قدره عند ربه فان الايات التي ايدها الله بها والمعجزات التي ارسله بها كان فيها من الدلائل العظيمة والايات البينة على عظيم قدره عند ربه وسمو منزلته بين اخوته من الانبياء والرسل عليهم وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام. هذا الفصل فيه من ايات والمعجزات شيء عظيم. وقد كان فصلنا الذي لا زلنا فيه منذ مجالس عدة هو في الايات التي اطلع عليها صلى الله عليه وسلم من الغيب فكانت اية ان اطلعه الله على شيء من الغيب. وما زال المصنف رحمه الله يذكر في هذا الباب جملا تحمل كل جملة منها خبرا من اخبار الغيب اخبر به عليه الصلاة والسلام في حياته. فتحق منها قدر بعد مقولته تلك في حياته وتحقق قدر منها بعد مماته وادركها كثير من صحابته رضي الله عنهم وبعض حصل بعد ذلك بمدد متفاوتة ولا يزال بعضها الاخر في طي الغيب وما زالت الامة منتظرة تحقيق ومصداق ما اخبر به عليه الصلاة والسلام اذا فهذا الباب من اخباره بالغيب واطلاع ربه عز وجل له على هذا الغيب هو من الايات والمعجزات التي بعثه الله الله بها وايده بها واقام بها الحجة على خلقه بصدقه عليه الصلاة والسلام. ولذلك فان الامام ابا نوعين رحمة الله عليه لما جاء الى هذا الاب لما جاء الى هذه الابواب فيما اخبر به عليه الصلاة والسلام من الغيبيات قال معلقا على بعض تلك الابواب والفصول قال وجه الدلالة في اخباره صلى الله عليه وسلم عن الغيوب على صحة نبوته وثبوت رسالته ان مولده ومنشأه عليه الصلاة والسلام في قوم اميين لم يتعاطوا علما بالنجوم ولا حكما بالطوالع كواكب حسب ما يستنبطه المتنجمون. ولا عرف وهو يطلب شيئا من ذلك في بلده واسفاره. وكانت الكهانة بطلت بمبعثه صلى الله عليه وسلم فلم يكن اخباره صلى الله عليه وسلم بالغيوب الا بوحي يأتيه به جبريل عليه السلام عن الله تعالى ولو كان في قومه وبلده المنجمون والمستنبطون فلم يخالطهم. ولا عرف بالاخذ عنهم اخبر بما اخبر من الغيب لكان ذلك دلالة على نبوته ومعجزة له. واذا خفي ذلك على عشيرته وخلطائه مفارقة ذلك العادات وليس بجائز ان يكون اخباره مأخوذا عن الشياطين. مع ما جاء به من سبهم ولعنهم فثبت ان الاخذ فيما اخبر به من الغيب هو عن الله جل جلاله. وهذه الابواب فيها قدر كبير من الايات والمعجزات وقف بنا الحديث عند بعضها وكان اخر ذلك اخباره عليه الصلاة والسلام انه سيكون في امته كذاب ومبير من ثقيف وان مسيلمة الكذاب يعقبه الله وكان اخر مجلسنا في ليلة الجمعة الماضية هذه الجمل ولا يزال في الفصل بقية نأتي عليها تباعا بعون الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم. والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. نبينا محمد عليه افضل الصلاة واتم تسليم اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين قال المصنف رحمه الله تعالى فصل فيما اطلع عليه من الغيوب صلى الله عليه وسلم الى ان قال وان فاطمة اول اهله لحوقا به فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجة امير المؤمنين علي ابن ابي طالب رضي الله عنه. وهي ايضا ام الحسن والحسين سبطار رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم منتهى سلالة البيت النبوي الى اليوم صح عند الامام البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت اقبلت فاطمة رضي الله عنها تمشي كأن مشيتها مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها مرحبا بابنتي. فاجلسها على يمينه ثم اسر اليها حديثا فبكت فقلت لها استخصك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تبكين ثم اسر اليها حديثا فضحكت قالت عائشة رضي الله عنها فقلت ما رأيتك اليوم فرحا اقرب من حزن تقول فلا ادري رأيتها تضحك تارة وتبكي تارة. قالت ما رأيتك اليوم فرحا اقرب من حزن. فسألتها عما قال عائشة تسأل فاطمة رضي الله عنهما ما الذي اسر بها اليها؟ فبكت ثم اسر اليها فضحكت. قالت فسألتها عما قال فقالت فاطمة رضي الله عنها ما كنت لافشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قبض قالت عائشة فسألتها فقالت اسر الي قال ان جبريل عليه السلام كان يعارضني بالقرآن كل سنة مرة وانه عارضني العام مرتين. ولا اراه الا قد حضر اجلي وانك اول اهلي لحاقا بي ونعم السلف انا لك. قالت فبكيت لذلك وتبكي كما تبكي كل بنت اذا شعرت بنعي ابيها فكيف اذا كان ابوها رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت فبكيت لذلك ثم قال يعني في المرة الثانية لها الا ترضين ان تكوني سيدة نساء الامة او نساء المؤمنين قالت فضحكت. يعني بما بشرها به عليه الصلاة والسلام. فكونه اخبر فاطمة رضي الله عنها وهو حي وهي ايضا بجواره. فيقول لها انك اول من يلحق بي من اهل بيتي. فكانت كذلك. واول من لحق به موتا عليه الصلاة والسلام فاطمة رضي الله عنها ادركته بعد مماته بستة اشهر فقط ثم تتابع اهل بيته في قبض اجالهم. فكان هذا من معجزاته ومما اطلعه الله عليه من الغيب. والا فان الله قد قال في وعنده مفاتيح الغيب لا يعلمها الا هو وقال عز اسمه ان الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الارحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس اي ارض تموت فلا يدري احد متى سيحين اجله ولما يقول لها عليه الصلاة والسلام انك اول من يلحق بي وتصدق نبوءته فثق تماما ان هذا وحيا من الله عز وجل اوحى به اليه. فكان هذا في عداد الغيب الذي اطلعه الله جل جلاله عليه صلى الله عليه وسلم وانذر بالردة انذر بالردة في حديث تقدم بنا اكثر من مرة فيما اخرج مسلم في صحيحه من حديث ثوبان انذر بالردة يعني اخبر عليه الصلاة والسلام انه سيكون في امته من يرتد عن الاسلام. وقد كان هذا بعد مماته عليه الصلاة والسلام فورا. فقد لحقت بعض قبائل جزيرة العرب بالكفر بعد الاسلام. وصح ايضا عند مسلم من حديث ثوبان رضي الله عنه لما قال عليه الصلاة والسلام لا تقوم الساعة تلحق قبائل من امتي بالمشركين وحتى تعبد الاوثان فعبدت الاوثان في الوقت الذي كان يظن ان الله لما طهر ببعثته عليه الصلاة والسلام جزيرة العرب وقبائلهم فعرفوا التوحيد وخالطت بشاشته القلوب وعم نوره ارجاء الجزيرة الا عودة لشرك ولا جاهلية ولا وثنية لكنه قال عليه الصلاة والسلام لا تقوم الساعة وان هذا واقع فقد وقع ايضا بعد مماته كما اخبر صلوات ربي وسلامه عليه وبان الخلافة بعده ثلاثون سنة ثم تكون ملكا فكانت كذلك بمدة الحسن ابن علي وقال ان هذا الامر ان هذا الامر بدأ نبوة ورحمة ثم يكون رحمة وخلافة ثم يكون ملكا عضودا ثم يكون عتوا وجبروتا وفسادا في الامة. نعم. اخبر عليه الصلاة والسلام بان الخلافة بعده ثلاثون سنة ثم تكون ملكا. قال فكانت كذلك بمدة خلافة الحسن ابن علي. اخرج الطيالوسي وابو داوود والترمذي في مسنده وسننه رحمة الله عليهم اجمعين. ان النبي صلى الله عليه وسلم قال فيما رواه سفينة مولاه صلى الله عليه وسلم قال الخلافة في امتي ثلاثون سنة ثم تكون ملكا المقصود بالخلافة نظام الحكم الذي يستخلف فيه الخليفة لا ملكا يتوارثه الابناء عن الاباء. وانما تخلاف يكون خليفة يعهد بالامر الى من يخلفه في تولي امر المسلمين. قال عليه الصلاة والسلام الخلافة في لامتي ثلاثون سنة ثم تكون ملكا. قال سفينة راوي الحديث امسك يكلم من يروي عنه. يقول له امسك يعني احسب معي. قال امسك خلافة ابي بكر وعمر ثنتا عشرة سنة ان ابا بكر تولى نحوا من سنتين وستة اشهر. وعمر تولى نحو من عشر سنوات رضي الله عنهما. قال امسك خلافة ابي بكر وعمر ثنتا عشرة سنة وستة اشهر. وخلافة عثمان ثنتا عشرة سنة ثم خلافة علي تكملة الثلاثين ومن حسبها من اهل العلم وجدها كذلك. فانك اذا جمعت سنوات خلافة ابي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنه هم اربعتهم وجدت المجموع يبلغ تسعا وعشرين سنة وستة اشهر. فاذا اضفت الى ذلك خلافة الحسن بن علي عقب وفاة ابيه علي رضي الله عنهما فانها تتم بها ثلاثون سنة على التمام. قال سفينة وهو يحدث صاحبه الراوي عنه امسك خلافة ابي بكر وعمر ثنتا عشرة سنة وستة اشهر. وخلافة عثمان ثنتا عشرة سنة ثم خلافة علي تكملة الثلاثين. قال الراوي فقلت له ومعاوية. قال كان اول الملوك فهو اشارة الى انتقال الامر الذي اخبر به عليه الصلاة والسلام في ولاية امر المسلمين في الامة من الخلافة الى الملك. ووجه ذلك كأن معاوية رضي الله عنه اول من عهد بالحكم الى من بعده توريثا. ملكا يليه الابن عن ابيه. فكانت خلافة في بني امية ولاية عهد يتولى الحكم يتولى الحكم خليفة وحاكم ثم يلي العهد في حياته قبل مماته الى من يكون بعده وهكذا على التوالي. قال فلما سأله قلت معاوية قال اكان اول الملوك. قال المصنف وقال عليه الصلاة والسلام ان هذا الامر بدأ نبوة ورحمة يعني في حياته عليه الصلاة والسلام. ثم يكون رحمة وخلافة يقصد خلافة الاربعة الراشدين. قال ثم يكون ملكا عظوضا يعني ملكا شديدا يعض عليه اصحابه. وفيه اشارة الى شدة في تولي الحكم. ملك عظيم قال ثم يكون عتوا وجبروتا وفسادا في الامة. هكذا اخرجه بعض اصحاب السنن من حديث ابي عبيدة ومعاذ رضي الله عنهما فيما رواه الطبراني وغيره ورواه احمد ايضا من حديث حذيفة باوسع من هذا. روى احمد في مسنده قال قال حذيفة رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم تكون النبوة في قم ما شاء الله ان تكون ثم يرفعها الله اذا شاء ان يرفعها. يعني بموته عليه الصلاة والسلام. قال ثم تكون خلافة على ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله ان تكون. ثم يرفعها الله اذا شاء ان يرفعها ثم تكون ملكا عاضا فتكون ما شاء الله ان يكون ثم يرفعها اذا شاء الله ان يرفعها ثم تكون ملكا جبرية فتكون ما شاء الله ان تكون ثم يرفعها الله اذا شاء ان يرفعها ثم تكون وخلافة على منهاج النبوة ثم سكت فبعد تعاقب الامر في الامة من ملك الى ملك الى جبر. قال في اخر ذلك الترتيب ثم تكون خلافة على منهاج النبوة. ثم سكت. قال حبيب فلما قام عمر بن عبدالعزيز وكان يزيد ابن النعمان ابن بشير في صحبته فكتبت اليه بهذا الحديث اذكره اياه فقلت له اني ارجو ان يكون امير المؤمنين يعني عمر ابن عبد العزيز بعد الملك العام والجبرية. وهذا توجيه لبعض اهل العلم والحديث صححه واكثر من واحد فيما رواه الامام احمد في مسنده. والمقصود انه عليه الصلاة والسلام اخبر وهو حي ما الذي سيكون من احداث في شأن الامة العام وولاية امر المسلمين من بعده عليه الصلاة والسلام. ووصف احوال الزمان على تباعد السنين والقرون بوصف موجز. واعطى عليه الصلاة والسلام اشارات وعلامات الى النحو الذي ستعيشه الامة وان الامر سينقلب من خلافة على منهاج النبوة الى ملك واستئثار ثم الى جبر وشيء من العسف والظلم ربما ثم ينتقل ذلك ويتعاقب في الوان من الحكم والولاية لامر المسلمين. قال ثم تكون خلافة على منهاج اج النبوة وقد سمعت ان بعض رواة الحديث حمل الخلافة الاخيرة على خلافة عمر ابن عبدالعزيز. والذي يرجحه كثير من اهل للعلم ان المقصود بالخلافة الاخيرة هو ما يكون اخر الزمان. حيث يبعث الله المهدي فيملأ الارض عدلا وقسطا كما ملئ جورا وظلما وانه اذا حكم بالعدل وانتشر حكم الله وعم الفضل والخير ورحمة الله فانها اقرب ما تكون الى ذلك وصف خصوصا وانه عليه الصلاة والسلام جعل ذلك الوصف الموجز في الامة على ما يشملها لا على ما يشمل صدرها او بعضا من تاريخها الاولي والعلم عند الله عز وجل. يقول ابن الاثير في شرح الحديث المقصود بالملك العظيم ما يصيب الرعية فيه عسف وظلم. والمقصود بقوله الملك الجبري ملك القهر والجبروت. قال ثم يكون مقصود به تولي الحكم بالقوة والسطوة والاستيلاء. قال اما عن تحقق الحديث فقد مر بك ان بعض السلف من حمله على خلافة عمر ابن عبد العزيز ومنهم من جعل ذلك على باب اوسع وانه انما يكون ذلك الى اخر الزمان كما اخبر صلوات الله وسلامه عليه يشهد لذلك ما رواه الطبراني ايضا قال عليه الصلاة والسلام سيكون بعدي خلفاء. ومن بعدي الخلفاء امراء. ومن بعد الامراء ملوك. ومن بعد الملوك جبابرة ثم يخرج رجل من اهل بيتي يملأ الارض عدا كما ملئت جورا ثم يؤمر بعده القحطاني فوالذي بعثني بالحق ما هو بدونه. فدل ذلك على ان اخر الوصف سيكون في اخر زمان الامة وجملة ذلك امر عظيم من نبوءته عليه الصلاة والسلام اخبر به عن صفحة من علم الغيب التي ما كان يعلمها احد. ولا زالت الامة تشهد في هذين سطرين من كلامه عليه الصلاة والسلام وصفا لتاريخ الامة الطويل المديد. وشيئا عظيما عجيبا من كلامه عليه الصلاة والسلام الذي ما كان له الا وحيا من رب الارض والسماء تبارك وتعالى نعم واخبر بشأن اويس القرني اويس القرني رحمة الله عليه ورضي عنه سيد من سادات التابعين في صحيح مسلم وقد بوب له النووي رحمه الله بقوله باب من فضائل اويس القرني رضي الله عنه. وساق الامام رحمه الله في صحيحه بسنده من حديث اسير بن جابر ان اهل الكوفة وفدوا الى عمر في خلافته رضي الله عنه وفيهم رجل ممن كان يسخر باويس يسخر به يحتقره ويستهزئ به ولا يبالي قال فلما وفدوا عليه قال عمر هل ها هنا احد من القرنيين؟ قال فجاء ذلك الرجل فقال عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال ان رجلا يأتيكم من اليمن يقال له اويس لا يدع باليمن غير ام له. قد كان به بياض فدعا الله فاذهبه عنه. يعني برص فدعا الله فاذهبه عنه الا موضع الدينار او الدرهم. فمن لقيه منكم فليستغفر لكم يخاطب بهذا الصحابة انكم اذا وجدتم رجلا يأتيكم من اهل اليمن وصفه كذا وكذا فمن وجده منكم فليستغفر لكم ثم قال النووي رحمه ثم قال الامام مسلم وبهذا الاسناد عن عمر بن الخطاب قال اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان خير التابعين رجل يقال له اويس وله والدة وكان به بياض فمروه فليستغفر لكم وهذا من ادل الشواهد على ما جزم به ثلة من اهل العلم ان سيد التابعين على الاطلاق اويس القرني اويس ابن عامر لما شهد به له النبي عليه الصلاة والسلام. فهذا رجل من امته ما ادرك حياته وصحبته عليه الصلاة والسلام. وقيل انه واسلم وقدم فلم يدرك رؤياه عليه الصلاة والسلام فلم يظفر بشرف الصحبة وبالجملة فقد كان فيه من الوصف ما سمعت وقدم على عمر في موسم الحج وكان عمر في خلافته رضي الله عنه يتربص به يبحث عنه لعظيم ما وصفه به النبي عليه الصلاة والسلام فلما وجده ذات موسم واقبل اليه وتثبت به من الوصف وسأله عن البياض الذي كان به فاذهبه الله عنه فاجابه به وسأله عن امه وكان برا بها فاجابه به. فلما استثبت منه عمر امسك به وعزم عليه ان يبقى بصحبته في المدينة وابا اويس رحمة الله عليه وقال اكون في غبراء الناس احب الي. قال اين تريد؟ قال الى كذا وكذا الى شمال الجزيرة خارجا منها. قال فاكتب لك الى واليها. يعني يحسن اليك ويكرمك ويعتني بامرك. فابى رحمة الله عليه قال اهل العلم وهكذا شأن السادات من العلماء اذا بلغ بهم الورع والزهد في الدنيا والانكفاء عنها عن كل شيء من مباهجها وزينتها. وبذلك بلغوا ما بلغوا. من المراتب العلى والمقامات العظيمة. فكان هذا مما اخبر به عليه الصلاة والسلام بشأن اويس القرني رحمة الله عليه وقوله عليه الصلاة والسلام فمن لقيه منكم فليستغفر لكم. وفي رواية قال لعمر فان استطعت ان يستغفر لك فافعل ان يقول عليه الصلاة والسلام هذا لعمر وهو امير المؤمنين وثاني رجل في الامة بعد ابي بكر وقد علمت الامة ما لهما من المناقب والفضائل والخيرات ان يقول له فان استطعت ان يستغفر لك فافعل. هي منقبة عظيمة وفيه دلالة على ما اتاه الله الله جل وعلا من الصلاح وان كان هذا ليس بدليل بوجه ما على تفظيله على الصحابة فانهم بلغوا درجات اعظم لكن المنقبة في هذا ظاهرة لاويس رحمة الله عليه واما من قال من اهل العلم في تفضيل بعض التابعين سوى اويس كما اثر عن الامام احمد رحمه الله لما قال افضل التابعين سعيد ابن المسيب فالمقصود هناك التفظيل العلمي والامامة في الفقه والفتوى وما اثر عنه من الرواية فهذا باب اخر. واما في الرواية هنا في صحيح مسلم فان اه ما رواه عمر بقوله عليه الصلاة والسلام ان خير التابعين رجل يقال له اويس هو نص المسألة ولا يحمل كلام العلماء على ما يناقضه بل على محمل من مراده بالعلم والامامة في الدين والفتوى وتعليم الناس غاية الحديث والعلم عند الله وبامراء يؤخرون الصلاة عن وقتها وبامراء وبامراء يؤخرون الصلاة عن وقتها. المقصود بالامراء هنا الحكام الذين اين يتولون امر الامة من بعده عليه الصلاة والسلام؟ نعم وقد اخبر بانه سيكون في امته امراء يتولون الامر في الامة وان من شأنهم الذميم ووصفهم القبيح تأخير الصلاة عن وقتها وحتى لتعلم ان الامراء انذاك كان امير البلد او الحاكم او امير المنطقة كان هو الذي يتولى امر الصلاة هو الذي يخطب الناس الجمع وهو الذي يصلي بهم العيدين والاستسقاء. فكان الامير اماما عاما. يلي الامر الحكما وقظاء وهو توزيعا لامر الاسلام ورعاية شؤونه. ويلي امرهم ايضا بامامتهم في الصلاة. وكان الخليفة هو من يقود جموع الناس في موسم الحج ويخطب بهم في عرفة. فكان الامراء في صدر الاسلام على عهد النبوة يفعلون فعله عليه الصلاة والسلام فيكون الخليفة هو خطيب الناس في الحج وهو امامهم وخطيبهم في الجمعة. وظل الامر كذلك حتى اتسعت البلاد وانتشرت اقاليم الاسلام فكان يولى الامراء في تلك وقتها بالمناطق بما يقومون به بهذا المقام. فقوله عليه الصلاة والسلام او اخبار بانه سيكون في الامة امراء يؤخرون الصلاة عن وقتها بمعنى انهم لا يجمعون الناس في الصلوات الخمس جماعة الا خير الصلاة عن الوقت والمقصود كما نص شراح السنن ليس هو اخراج الصلاة عن وقتها بالجملة لكنه تأخير الصلاة عن اول وقتها المفضل الى اخر وقتها. وربما كان ذلك الى وقت الظرورة واخر اجزاء الوقت. والا لو كان اخراج الوقت عن الصلاة جملة لكان تركا للصلاة بلا عذر وهذا من الكبائر. وقد ثبت ايضا عن كثير من الصحابة انزعاجهم من ذلك الصنيع. وقد ادركوا هذا رضي الله عنهم. ومن ذلك ما اخرج الامام مسلم رحمه الله في صحيحه من حديث عبدالله بن مسعود وقد اتاه الاسود وعلقمة النخع. قال اتينا عبد الله بن مسعود في داره فقال اصلى هؤلاء خلفكم يقصد الامير باهل البلد اصل هؤلاء؟ يعني اقاموا الصلاة؟ وكانوا قد دخلوا عليه بعد وقت صلاة ظهرا او عصرا. قال كل هؤلاء خلفكم فقلنا لا. قال فقوموا فصلوا فلم يأمرنا باذان ولا اقامة. قال وذهبنا لنقوم خلفه فاخذ بايدينا فجعل احدنا عن يمينه والاخر عن شماله. قال فلما ركع وظعنا ايدينا على ركبنا. قال فظرب ايدينا وطبق بين كفيه ثم ادخلهما بين فخذيه. قال فلما صلى قال انه ستكون عليكم امراء يؤخرون الصلاة عن ميقاتها. ويخنقونها الى شرق الموتى ارأيت الميت اذا سرق؟ فكان بينه وبين اخر لحظات من حياتي عليكم امه مقدار شرقته تلك؟ فقصد ان انهم يجعلون الصلاة مؤخرة الى وقت ضيق قصير جدا قبل ان يخرج بمقدار ما يشرق الميت قبل خروج روحه وانه المراد يجعلونها مؤخرة في اخر الوقت تماما. قال ابن مسعود رضي الله عنه انه ستكون عليكم امراء يؤخرون الصلاة عن ميقاتها ويخنقونها الى شرق الموتى. فاذا رأيتموهم قد فعلوا ذلك فصلوا الصلاة لميقاتها. واجعلوا صلاتكم معهم سبحة يعني اذا ادركتم هذا التأخير فصلوا انتم الصلاة في وقتها لئلا يلحقكم الذم. ثم اذا اتيتم الى المساجد تشهدونها جماعة معهم وقد صليتم فرظكم فاجعلوا صلاتكم معهم نافلة. وهذا معنى قوله فصلوا الصلاة لميقاتها واجعلوا صلاة تكن معهم سبحة يعني نافلة. قال ولادة فصلوا جميعا. واذا كنتم اكثر من ذلك فليؤمكم احدكم الى اخر روايته رضي الله عنه. والمقصود انه لما اخبر بذلك اخبر بشيء من كلامه عليه الصلاة والسلام لانه امر غيب. وهذا من وفي الذي له حكم الرفع فانما اخبر به عما سمعه من رسول الله صلوات الله وسلامه عليه. وصح ايضا عند مسلم وغيره انس رضي الله عنه ذات يوم لما اتى وقد وجد الناس اخروا الصلاة عن وقتها فبكى فقال لا ارى شيئا ها هنا كان على عهد النبي صلى الله الله عليه وسلم الا هذه الشهادة يعني لا اله الا الله. قالوا والصلاة يا ابا حمزة. قال ها قد ضيعتموها. فاراد انه حتى لا كانت تؤخر وقد نص اهل العلم على ان تأخير الصلاة هذا الذي حدث في ايام خلافة بني امية او في بعض خلافة امرائهم ان ما كان يكثر جدا بالبصرة والشام. واما الحجاز بمكة والمدينة فلكثرة وجود الصحابة بها وابنائهم فان ما بلغ بها التأخير ذلك. فلما قدم انس رضي الله عنه من البصرة واتى المدينة ومكة موسم الحج رأى خلاف ذلك فاطمئن رضي الله عنه انه لا يزال في الامة خير وحفاظ على معالم الشريعة ومحكماتها العظام. هذا موقف عظيم اخبر به عليه الصلاة والسلام عما يكون في امته. وان الامراء يؤخرون الصلاة عن وقتها. وفي طيات مثل هذا الحدث والحديث من الفقه امر عظيم. منه انه كان هذا الامر على حداثة عهد بزمن النبوة ان يحدث هذا الامر في تأخير الصلوات عن وقتها الى اواخره الى حين شرق الموتى كما قال عبد الله رضي الله عنه. فهذا امر عظيم وان يحدث هذا في بدايات امر الاسلام وليس بينه وبين زمن النبوة قرن من الزمان بعد ما تم قرن ويحدث ذلك لكان يتصور ان امر الاسلام في انحدار وتراجع وتقهقر وانه لن يمر قرن واثنان وثلاثة حتى تندثر معالم الدين بالكلية وانه سيزور كل شعائر الاسلام ورفع راياته العظام. هكذا يتصور ربما لكن ان تلحظ وقوع هذا في زمن من قريب من عهده عليه الصلاة والسلام. وبمحفل من حضور الصحابة الكبار رضي الله عنهم. لن تفهم الا انها مرحلة مرت بها الامة وكان فيها شيء من اختلاف السواء اختلاف عن الطريق وعزوف عن هديه عليه الصلاة والسلام لكن الله عز وجل حافظ دينه وبقي الامر وعاد امر الصلاة والحفاظ على وقتها فيما بعد وزالت هذه الغمة وفيه ايضا من الفقه موقف الصحابة الكبار. فان احدهم ما جعل مثل هذا الموقف العظيم سببا لاحداث فرقة ولا فتنة ولا شيء مما يجعل المجتمع المسلم انذاك يضرب بعضه ببعض. ورأوا ان الامر اذا تعلق بشيء وان كان مخالفا للشريعة في صورة من صوره وفي معنى من معانيه الا انهم رضي الله عنهم وان صلى احدهم في داره على الصلاة في وقتها وربما صلى بعضهم في المسجد والحاكم او الامير يخطب الجمعة وقد اوشك وقت العصر او دخل وقت العصر وقد قيل ان الحجاج كان لا يخطب الجمعة حتى يمسي. وكان الصحابة بعضهم اذا حضر ربما صلى في موضعه واومأ ايماء ان يخشى من السطوة او من الاذى. كل ذلك ما حمل احدهم على ان يقول ما يقوم مقاما او يقول مقالا يوجب فرقة وفتنة ورأوا ان ما معهم من العلم والحكمة التي ورثوها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم توجب تريث والتأني في معالجة الاوضاع والحفاظ على ما يمكن ان يبقي سفينة المجتمع دون الخرق ودون الفرقة ودون شتات فكان هذا من الفقه العظيم الذي تحمله تلك النصوص الشرعية وما صاحبها من مواقف السلف رحمة الله عليهم اجمعين وسيكون في امته ثلاثون كذابا فيهم اربع نسوة وفي حديث اخر ثلاثون دجالا كذابا احدهم الدجال الكذاب كلهم يكذب على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم عليه الصلاة والسلام. اخبر ايضا بصفحة من علم الغيب وانه سيخرج في الامة كذابون. يدعون النبوة هؤلاء كثر وجاء في بعض الروايات انهم ثلاثون. وفي بعضها ما يقارب الثلاثين وفي بعضها سبعة وعشرون. قال اهل العلم يقول الحافظ ابن حجر ليس المراد الحصر بالعدد يعني ما اراد عليه الصلاة والسلام ان عدد من يخرجوا يبلغ ثلاثين قال فهم كثر اذا على ماذا سيحمل العدد؟ قال يحمل على من كانت له شوكة وظهور وكثرة اتباع. يعني من عمت به الفتنة ومن صار له صولة وجولة ومن ظهر اسمه واشتهر خبره وكثر اتباعه. فان هذا يحمل على العدد. الحديث في الصحيحين من رواية ابي هريرة رضي الله عنه قال عن النبي صلى الله عليه وسلم لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين كلهم يزعم انه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعن ثوبان عند مسلم لا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من امتي بالمشركين وحتى يعبدوا الاوثان وانه سيكون في امتي ثلاثون كذابا كلهم يزعم انه نبي وانا خاتم النبيين لا نبي بعدي هذا نص وهي كما سمعت في الصحيحين انه سيكون في الامة دجاجلة يظهرون ويبلغ بهم الدجل والكذب ادعاء النبوة وفي كتاب الله جل جلاله ما كان محمد ابا احد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين. وكان الله بكل شيء عليما فمع وجود النص القاطع في كتاب الله بختم النبوة به عليه الصلاة والسلام الا انه ظهر للدجاجلة اثر وقد اخبر به عليه الصلاة والسلام ممن ظهر مسيلمة الكذاب وقد مر بكم في ليلة الجمعة الماضية خبره في قدومه على النبي عليه الصلاة السلام واشتراطه الولاية والامر من بعده. فصرفه عليه الصلاة والسلام ودعا عليه. ومنهم ايضا من من من ظهر بعده ايضا عليه الصلاة والسلام الاسود العنسي. ومنهم ايضا ممن ظهر في ذلك الزمن بعده ليس ببعيد عليه الصلاة الصلاة والسلام طليحة بن خويلد الاسدي. قال هنا في الحديث منهم اربع نسوة يشير الى ما اخرجه احمد في مسنده لفظ له في امتي كذابون دجالون. سبعة وعشرون منهم اربع نسوة واني خاتم النبيين لا نبي بعدي فمن النساء اللاتي يدعين النبوة وهذا شيء عجيب فيه من السخافة والحمق ما لا يتصور منهم سجاح التي ادعت النبوة ورأت انها ايضا ممن يوحى اليها. فلما اظهرتها تزوجها مسيلمة فكان زوجين يدعيان النبوة. ثم لما قتل مسيلمة تابت هي واعلنت اسلامها. كما اعلن بعض من ادعى النبوة توبته واسلامه ومنهم من حسن اسلامه مثل طليحة ابن خويلد الاسدي. ومنهم ايضا المختار ابن ابي عبيد الثقفي وقد مر ذكره في قوله عليه الصلاة والسلام يكون في ثقيف كذاب ومبين. قال النووي واتفقوا على ان الكذاب المراد به المختار ابن ابي عبيد الثقفي ولذلك لما اخرج ابو داوود في سننه حديث ابي هريرة لما قال عليه الصلاة والسلام يكون في امتي ثلاثون كذابون. عن ابراهيم النخعي يقول يسأل عبيدة السلمان التابعي راوي الحديث اترى هذا منهم يعني المختار؟ فقال له عبيدة اما انه من الرؤوس ومنه وايضا الحارث الكذاب خرج في خلافة عبد الملك ابن مروان فقتل وخرج ايضا في خلافة بني العباس جماعة وحتى توالت في الامة القرون وتتابعت ولا يزال يظهر من هنا وهناك من يزعم النبوة ويدعيها ويزعم انه يوحى اليه فهذا ايضا من الغيب الذي اخبر به صلوات الله وسلامه عليه وقال صلى الله عليه وسلم يوشك ان يكثر فيكم العجم يأكلون فيئكم ويضربون رقابكم الحديث اخرجه الطبراني في معجمه وفيه ايضا مما رواه غيره واللفظ يوشك ان يكثر فيكم العجم يأكلون فيئكم ويضربون رقابكم الحديث له روايات عدة صحح بعضها الحاكم في مستدركه وضعفها الذهبي. لكن له شواهد ساقها الهيثمي في المجمع وذكر انها مما يسند بعضها بعضا ويتقوى. وصحح ايضا الهيثمي بعض روايات الطبراني ولفظها يوشك ان يملأ الله ايديكم من العجم. ثم يكونون اسدا فيقتلون مقاتلتكم ويأكلون فيئكم عجم هم من سوى العرب من اي عرق او جنس؟ يقول عليه الصلاة والسلام يوشك ان يملأ الله ايديكم من العجب فاخبر في زمن ما كانت الاعاجم فيه بين يدي الاسلام لان الاسلام انذاك ما خرج من جزيرة العرب وبعض من اسلم من الموالي ممن كان اعجمي الاصل فانما اسلم لسكناه جزيرة العرب كما حدث لسلمان فارسي وكما حصل لبلال الحبشي او صهيب الرومي وسواهم رضي الله عنهم اجمعين. اما دخول الاعاجم في القرى الاقاليم والامصار فما كان الا بعد اتساع الفتوحات وخروج الاسلام خارج جزيرة العرب. فعم الدين وانتشر ودخل العرب والعجم في الاسلام. يقول عليه الصلاة والسلام يوشك ان يكثر في العجب الكثرة هنا بمعنى دخولهم وانتشارهم وقوله في الرواية الاخرى يوشك ان يملأ الله ايديكم من العجب. الاشارة ها هنا الى قتال وفتوحات وجهاد قزوا يقاتل فيه المسلمون دولا واقاليم وحكومات من العجم. كما حصل في قتالهم وفي قتالهم لفارس وفي كثير من الامصار فالاشارة الى انهم سينتصرون يعني المسلمين. قال يوشك ان يملأ الله ايديكم من العجم. فينتصرون ويعلو امر الدين وينتشر المسلمون ويفتحون تلك الاقاليم. يقول عليه الصلاة والسلام ثم يكونون اسدا. يعني يتقوى شأنهم فيقتلون قاتلتكم ويأكلون فيئكم يعني انهم بعد ذلك سيقاتلونكم قتالا شديدا فيه انفة وضراوة وشراسة ينتصرون فاذا انتصروا كانت لهم السلطة وكان لهم الحكم والدولة. قال فيأكلون فيئكم. يعني يكونون تسلطين على خيرات بلاد الاسلام وعلى ثرواتها وعلى ما ما افاء الله عليهم من النعم سواء كان ذلك زرعا وثمرا او كان مالا وذهبا وفضة ونحو ذلك. فهي نبوءة ايضا اخبر بها صلوات الله وسلامه عليه ولا تقوم الساعة حتى يسوق الناس بعصاه رجل من قحطان. لا تقوم الساعة. حتى يسوق الناس بعصاه رجل قحطان فيما اخرج البخاري ومسلم. من حديث ابي هريرة رضي الله عنه بهذا اللفظ يقول عليه الصلاة والسلام لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه. قحطان هي القبيلة العربية المعروفة التي يرجع اليها شطر العرب. وهي على هذا المعنى فانتساب الرجل اليه اشارة الى انه عربي صميم وليس من الاعاجم ولا من موالي العرب بل هو عربي النسب صريح فيه. فكونه يتولى الامر. يقول عليه الصلاة والسلام حتى يسوق اسى بعصاه اشارة الى حكمه وولايته. والى ان تدين له البلاد وان يكون الناس في الامة تبع له قوله يسوق الناس بعصاه هو مجاز. يعني يكون له الحكم والامر والنهي واتباع الناس له فلا يخرجون عنه. والاشارة الى العصا نوع من التعبير الى الى الشدة في ولايته. والى الحزم. وان يكون له في ولاية امر المسلمين شيء من السطوة والقوة التي يستجيب بها الناس له. ولهذا يقول القرطبي قوله يسوق الناس بعصاه كناية عن استقامة الناس وانعقادهم اليه واتفاقهم عليه. ولم يرد نفس العصا صلى الله عليه وسلم. وانما ضرب بها مثلا لطاعتهم له واستيلائه عليهم الا ان في ذكر العصا دليلا على خشونته عليهم وعسفه بهم فكون الرجل من قحطان ايضا ليس هو الجهجاه الذي جاءت الرواية به فيما اخرج الامام احمد في مسنده وصححه بعض المحققين عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه قال ان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يذهب الليل والنهار حتى يملك رجل من الموالي يقال له الجهجاه فهذا مولى ولا تحمل الرواية على جمع الروايتين على رجل واحد بل هي اشارة الى واحد مختلف عن الاخر في انه رجل من قحطان وفي الاخرى انه مولى من الموالي يقال له الجهجاه. والاشارة هنا ايضا الى مرحلة من تاريخ الامة يكون فيها الحكم والولاية والخلافة لكل المسلمين في بلدانهم واقاليمهم الى رجل ينتهي نسبه الى قحطان من العرب الذين تنتهي اليهم انساب اهل اليمن من حمير وكندة وهمدان وغيرهم. نعم. وقال صلى الله عليه وسلم خير خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يأتي بعد ذلك قوم يشهدون ولا يستشهدون ويخونون ولا يؤتمنون. وينذرون ولا يوفون. ويظهر فيهم السمن. هذه ايضا من العلامات يقول عليه الصلاة والسلام والحديث فيما اخرج الشيخان البخاري ومسلم خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم على مسك الذين يلونهم ثم يأتي بعد ذلك قوم في حديث عمران الذي يروي الحديث رضي الله عنه اشارة الى خيرية الامة على الاطلاق في زمنه وجيله وقرنه عليه الصلاة والسلام. وهذا مما اطبق عليه اهل السنة بلا خلاف ان الخيرية المطلقة في الامة على مستوى الاجيال والقرون هي لجيله وقرنه صلى الله عليه وسلم. كيف لا وهو لهم صلوات ربي وسلامه عليه كيف لا وفيهم من عدت مناقبه وفضائله بما ليس لاحد في الامة مثله رضي الله عنهم. كيف لا وفيهم من شهد لهم بالرضوان كيف لا ومن دلت على النصوص بعضهم ان لهم الجنة وقصورا فيها. كيف لا وهم قد بلغوا ما بلغوا رضي الله عنهم وحسبهم انهم نالوا شرف الصحبة له عليه الصلاة والسلام. قال ثم الذين يلونهم يعني التالي وهم افضل الامة لفضل جيل الذي ادركوه وتشرفوا بصحبته وهم الصحب الكرام رضي الله عنهم. وما زال الخير بعظمته التي تركها النبي عليه الصلاة والسلام في الامة وهم على ذلك الحال ما زال يتوارث في الامة جيلا بعد جيل فميراث الخير والهدى والنبوة والرحمة الذي تركه عليه الصلاة والسلام في الامة لصحابته ورثوه للتابعين. فكان جيل التابعين احظى الاجيال واسعدها. بذلك الميراث. فتنعموا به. وبلغوا به هذه الخيرية. فالمسألة ليست متعلقة بالزمان بل باهل الزمان. لان بانهم بلغوا من الدين والايمان والعلم لم يبلغه من جاء بعدهم. ولا يزال الامر في نقصان ثم كان الذين بعدهم اقل منهم قال ثم الذين يلونهم يعني اتباع التابعين. قال عمران فلا ادري اذكر بعده قرنين او ثلاثة ككل فهذا الترتيب المتعاقب بقوله ثم الذين يلونهم صريح في ان الجيل الذي يأتي بعده لا يبلغ درجة الجيل الذي قبله وكلما تباعد الزمان تضاءلت الخيرية وليست تنعدم فرق بين ان نشهد لجيل في الامة بنقصان الخير لانها سنة الله عز وجل ولذلك صح في الحديث لا تقوم الساعة الا على شرار الخلق. حين لا يبقى في الامة خير ولا يزال يتناقص ويتناقص فاذا عدم الخير تماما ولا بقي الا شرار الخلق فعليهم تقوم الساعة. وفي الحديث الاخر لا تقوم الساعة حتى لا يبقى في الارض من يقول الله الله فاذا عدم ذلك تماما كانت الساعة والامر الاخر المستفاد من الحديث انه لا يتنافى مع كون هذه الخيرية والفضيلة ثابتة للقرون جملة لانه ربما كان في قرن من القرون لبعض الاشخاص في اعيانهم من الفضل والخيرية ما يفوقون به بعض اشخاص الجيل الذي قبله. فاذا قلت لك ان من اتباع التابعين اسماء بلغت في جلالتها ودرجتها مرتبة اشرف بكثير واعظم واعلى في الامامة في العلم والصلاح والتقى والزهد والورع والولاية من الله اضعاف بعض افراد الجيل الذين قبلهم فليس هذا تعارضا او تناقضا الكلام على وصف الجيل في عمه واغلبه ليس على اشخاصه باعيانهم. فهذا قوله عليه الصلاة والسلام خيركم قرني. ثم الذين يلونهم ثم الذين قال عمران فلا ادري اذكر بعده قرنين او ثلاثة. قال ثم يأتي بعد ذلك قوم يشهدون ولا يستشهدون يعني من تساهلهم في مقام الشهادة في الحكم يبذلونها دون ان تطلب. ويترخصون فيها ولا يبالون. حتى ربما جرهم ذلك الى الكذب والزور وهذه من الكبائر. قال يشهدون ولا يستشهدون. يعني لا لا يبالى بهم ولا يؤبه بمكانتهم ولا شهادتهم فيبذلونها. قال ويخونون ولا يؤتمنون. وينذرون ولا يوفون. يعني يبذلون النذر ولا يبالي احدهم بالوفاء بما نذر مع وجوب ذلك في حقه. قال ويظهر فيه مسلما. يعني من النعمة وانتشار بالخيرات وكثرة المطاعم والمشارب والاكال. ينتشر السمن ايضا على مستوى العموم والاجيال لا على مستوى الافراد الذي اخبر به صلى الله عليه وسلم واقع ولا يزال يقع ثم لا يزال يتتابع في الامة جيلا بعد جيل فيفشوا مثل وهذا الوصف في كل جيل اكثر من الذي قبله والامر كما وصفت لك حتى يتقلص ظل الخير ويمتد فيؤشر شيئا فشيئا. فاذا طغى الشر وازداد كان الوصف الذي اعم على الزمان غلبة الشر وظهور الفساد وهو الذي اخبر به عليه الصلاة والسلام ايضا في الحديث الاتي وقال صلى الله عليه وسلم لا يأتي زمان الا والذي بعده شر منه. هذا حديث ايضا وهو نص في البخاري وقد بوب له الامام البخاري رحمه الله فقال باب لا يأتي زمان الا الذي بعده شر منه فاذا كنا اليوم في زمان فانا نثق تماما ان الزمان الذي قابل كان خيرا منه. والذي سبقه كان خيرا منه حتى تبلغ زمن الصحابة فزمانهم خير من الذي بعده وهكذا. قال لا يأتي زمان الا والذي بعده شر منه شر في ماذا شر في نقص الخيرات والارزاق وقلة الامطار والخصم شر مثلا في شح الناس باموالهم او هو شر على مستوى ما يتعلق بدين الناس والمجتمعات وعنايتهم بشريعة الله وتمسكهم بحدود الدين وفرائضه وحرصهم على اقامة حدوده ومعالمه الامر كذلك. وقد نص الشراح فيما نقل الحافظ ابن حجر وغيره ان المقصود ها هنا في رواية هو الشر الذي يتعلق بمعالم الدين قال لا يأتي عليكم زمان وفي رواية لا يأتيكم عام كما اخرج الطبراني. وقد اخرج ايضا بسند صحيح عن ابن مسعود امس قال ابن مسعود امسي خير من اليوم واليوم خير من غد وكذلك حتى تقوم الساعة فقوله صلى الله عليه وسلم لا يأتي عليكم زمان الا الذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم قال سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم قال هذا انس تدري بمن قاله قاله لما جاءه بعض من يشكو اليه ما اصابهم. في صحيح البخاري عن الزبير ابن عدي قال اتينا انس بن مالك فشكونا اليه ما نلقى من الحجاج في ظلمه وجبروته وعسفه فقال انس اصبروا فانه لا يأتي عليكم زمان الا الذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم لما فكان هذا نصا في الباب حتى بوب له البخاري فقال باب لا يأتي زمان الا الذي بعده شر منه. فلما جاء هؤلاء فشكوا تدري ماذا شكوا ما وجدوا من ظلم الحجاج. قال الحافظ ابن حجر وهو يذكر بعض ما يروى في كتب الرواية من هذه المعالم في الظلم. قال وقد ذكر في الموفقيات من طريق مجالد عن الشعبي قال كان عمر فمن بعده اذا اخذوا العاصي يقصد عمر ابن عبد العزيز اذا اخذوا العاصي فقول البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه من حديث الزبير ابن عدي قال اتينا انس بن مالك فشكونا اليه ما نلقى من الحجاج. يعني شكواهم مما لقوا من ظلمه وتعديه. قال الحافظ ابن حجر وقد ذكر الزبير وفي الموفقيات من طريق مجادلد عن الشعبي قال كان عمر فمن بعده يعني من الحكام والخلفاء اذا اخذوا العاصي اقاموه للناس ونزعوا عمامته. يعني كانوا في تعزير العصاة وعقابهم في المجتمع يفعلون هذا به. كانوا اذا اخذوا العاصي اقاموه للناس ونزعوا عمامته والعمائم تيجان العرب فاذا نزعتها من رأس احدهم فقد الحقت به توبيخا شديدا. وكان هذا في غاية التعزير وايقاع الايلام في النفوذ قال كان عمر فمن بعده اذا اخذوا العاصي اقاموه للناس ونزعوا عمامته. فلما كان زياد في امارته قال ضرب في الجنايات بالسياط تجاوز المسألة ولم تعد نزع عمامة اصبحت جلدا بالسياط. قال فلما كان مصعب بن الزبير زاد فحلق اللحية تعزيرا للعصاة فكان هذا اوقع في الظلم والتعدي. قال فلما كان بشر ابن مروان سمر كف الجاني بمسمار فما زادت المسألة في تجاوز وتعدي قال فلما قدم الحجاج قال هذا كله لعب فقتل بالسيف فكانوا يرون ان كل الذي فعل قبله ما يبلغ شيئا من سطوة الحجاج وظلمه. فهذا الذي جعل الناس تأتي الى انس تشكو اليه من الحال. قال انس اصبروا فلا يأتي عليكم زمان الا الذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم سمعتم من نبيكم صلى الله عليه وسلم. لا يزال لهذا الحديث العظيم وقف جليلة ناتي عليها في ليلة الجمعة المقبلة ان شاء الله تعالى. نسأل الله عز وجل علما نافعا وعملا صالحا يقربنا اليه واستكثروا ليلتكم هذه من صلاتكم على نبيكم صلى الله عليه وسلم. يا اكرم الخلق ان الشوق يطوينا. ولم يزل في حنايا الروح يكوينا. صلى عليك الهي كلما انتظمت منا الصفوف باقوام مصلين. اكثروا من صلاتكم عليه لتزداد صلاة ربكم عليكم بصلاتكم عليه صلى الله عليه وسلم. واعلموا ان في جوف الصلاة والسلام عليه مزيد حب يتدفئ ومعين شوق يملأ النفوس له عليه الصلاة والسلام. واستشعروا بصلاتكم وسلامكم عليه قربا من ربكم. بصلاتكم على ان احبه فصلى ربه عليه. وامر الملائكة بالصلاة عليه. وامرنا اهل الايمان بالصلاة عليه فقال يا ايها الذين امنوا ان يصلوا عليه وسلموا تسليما. فيا رب صلي وسلم وبارك عليه على من صليت عليه. ويا رب صلي وسلم وبارك على من سخرت الملائكة بالصلاة عليه وصلي يا ربي وسلم وبارك عليه كما امرتنا بالصلاة والسلام عليه واجعلنا يا ربي في خيرة امته واتباعه سنته ورافع راية هديه وسيرته وشمائله صلى الله عليه وسلم. اللهم انا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى وبلغنا يا ربي ما يرضيك عنا في سائر احوالنا واجعلنا يا ربي هداة مهتدين صالحين مصلحين وقنا واكرمنا بالشراء انفسنا والشياطين واعذنا يا رب من كل شيء يسوءنا ويؤذينا في امر ديننا ودنيانا يا اكرم الاكرمين. وتولنا والمسلمين يعني بولايتك واكرمنا بكرامتك والحقنا بخيرة عبادك الصالحين. اللهم اغفر لنا ولوالدينا احياء وامواتا. وارفع يا ربي درجاتهم مكفر سيئاتهم واكرمنا بصحبتهم في ظلال عرشك يا اكرم الاكرمين. اللهم ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. اللهم صلي وسلم وبارك على النبي المصطفى والحبيب المجتبى. محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. والحمد لله رب العالمين