بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي هدانا للاسلام وعلمنا الحكمة والقرآن. احمد ربي تعالى اشكره واستعينه واستغفره. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ذو الجلال والاكرام. واشهد ان سيدنا ونبينا وقرة عيوننا محمدا عبد الله ورسوله صفوة الانام. امام الانبياء وخاتم المرسلين وصفوة الله من خلقه اجمعين بعثه ربه بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا وداعيا الى الله باذنه وسراجا منيرا فهدى الله عز وجل به من الضلالة وبصر به من العمى فتح الله به اعينا عميا واذانا صما وقلوبا غلفا فصلى الله ربي وسلم وبارك عليه ما تعاقب الليل والنهار. وصلى الله وسلم وبارك عليه في كل يوم وليلة. وفي ليلة في جمعتنا هذه خاصة حيث ندب عليه الصلاة والسلام فقال اكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة وليلة الجمعة يا اكمل الخلق من بدو ومن حضر يا خير من جاء للدنيا وما فيها صلت عليك قلوب انت تسكنها وسلم الناس قاصيها ودانيها وبعد ايها الكرام فما زال مجلسنا هذا في مدارسة كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى للامام القاضي عياض رحمه الله تعالى في ذلك القسم الذي يذكر فيه عظيم قدر رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ربه. وما حباه الله تعالى به. وجعل ذلك في فصول متعاقبة كثيرة. والفصل الذي ما زلنا فيه منذ بضعة ليال هو الحديث عن الايات والمعجزات التي ايدها الله بها ومن تلكم الايات اطلاعه على الغيب صلى الله عليه وسلم. واخباره بما هو كائن بعد اخباره صلى الله عليه وسلم فوقع من ذلك امور عظام دلت على صدق نبوته وتأييد الله له. فصلى الله وسلم وبارك عليه الايات والحوادث التي اخبر فيها بما اوحى الله اليه من علم الغيب كثيرا. مرت منها جمل كثيرة في مجالس سابقة وقف بنا الحديث عند اخباره صلى الله عليه وسلم بظهور بعظ الفرق واهل الاهواء في الامة كما مر باخباره بقلة الانصار وما سيلقون بعده من الاثرة ووقف بنا الحديث عن اخباره صلى الله عليه وسلم بشأن الخوارج وخروجهم بعده صلى الله عليه وسلم على نحو من الصفات التي فيها بيان حالهم وما اخبر به صلى الله عليه نعم الحمد لله الذي جعل دراسة السيرة النبوية شفاء للقلوب والارواح وسببا للسعادة والفلاح والصلاة والسلام على نبينا محمد ذي الشمائل الباطنة والظاهرة والفضائل الباهرة الزاهرة وعلى اله واصحابه الاخيار والتابعين لهم باحسان الى يوم الكرار. اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه ولجميع المسلمين اما بعد فهذا هو مجلسنا الخامس بعد المئة من المجالس العامرة في هذه البقعة شريفة الطاهرة وباساندكم المتصلة كرياض كناسيم الرياض الى كتاب الشفا للقاضي عياض رحمه الله تعالى قال فصل فيما اطلع عليه من الغيوب فيما اطلع عليه صلى الله عليه وسلم فيما اطلع صلى الله عليه وسلم من الغيوب. قال رحمه الله تعالى واخبر بشأن الخوارج وصفتهم والمخدج الذي فيهم وان سيماهم التحليق ويرى رعاء الغنم رؤوس الناس والعراة حفاة يتبارون في البنيان وان تلد الامة ربتها. نعم. اما فيما يتعلق بشأن صفة الخوارج وشأنهم والمخدج الذي فيهم فقد تقدم في ليلة الجمعة الماضية واما الحديث عن رعاة الغنم والعراة الحفاة. فيشير به المصنف الى الحديث الصحيح الذي اخرج الشيخان من روايات والفاظ متقاربة من حديث امير المؤمنين عمر رضي الله عنه ومن حديث ابي هريرة ايضا في الصحيح عند مسلم انه صلى الله عليه وسلم اخبر بمجيء جبريل عليه السلام اليه. وقد رآه الصحابة وابصروه رجلا شديد بياض الثياب شديد ده سواد الشعر ولما جلس الى النبي عليه الصلاة والسلام جعل يعرض عليه اسئلة فسأله عن الاسلام وعن الايمان وعن الاحسان كل ذلك والنبي عليه الصلاة والسلام يجيبه. فكلما انتهى من جواب قال له السائل اي جبريل عليه السلام صدقت يقول الصحابة فعجبنا له يسأله ويصدقه فلما مضى الحديث عن الدين بمراتبه اسلاما وايمانا واحسانا سأل جبريل عليه السلام وهو في صورة ذلك الرجل السائل قال فاخبرني عن الساعة قال صلى الله عليه وسلم ما المسئول عنها باعلم من السائل قال فاخبرني عن اماراتها يعني عن علاماتها واشراطها. فقال عليه الصلاة والسلام ان تلد الامة ربتها وان ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان فهذه الجمل هي التي اشار اليه المصنف هنا قال ويرى رعاء الغنم رؤوس الناس والعراة الحفاة يتبارون في البنيان يشير الى ان من كان من شأنهم عدم الاكتراث بالدنيا وان من غلب عليهم شأن البادية ولا هم لهم اكثر من رعي ما سيق لهم من النعم ابل وبقر وغنم. وان غاية مش غاية ما يشغل احدهم قطيع غنمه ولا يلتفت الى ما عداه ولانهم اهل بادية فلا يلتفتون الى التحضر والتمدن لكن سيكون من علامات الساعة ما يختل به مثل ذلك فيعمد اهل البادية الى سكن المدن والحاضرة. ثم يزاحمون اهلها وينافسونهم ايضا فيها فتكثر الاموال بايديهم وتساق لهم الدنيا فلما تتسع لهم الدنيا يصبحون على غير العادة ملاكا لبنيان يتطاولون فيه من حيث تعدد الطوابق وارتفاعه شاهقا. وقد كان ما اخبر به صلى الله عليه وسلم. ليس في زماننا منذ اليوم بل منذ مئات السنين فعمد كثير من اهل البادية الى التمدن والتحضر. ثم في الحديث ايضا اشارة الى سعة الدنيا وانفتاحها وقد مر في ذلك احاديث عدة. قال ويرى رعاء الغنم رؤوس الناس عندما كان لا يؤبه بالواحد منهم ولا شأن له كما قلت الا قطيعه لكن فيصبح له من الامر والصولة والجولة بسبب كثرة المال فيكونون رؤساء للناس. يعني ربما تولى احدهم ولاية او حكما فكان له الامر والنهي. وكذلك الشأن في مباراتي في البنيان يعني التنافس فيها والتطاول والتباعد فيها قوله عليه الصلاة والسلام وان تلد الامة ربتها الامة ضد الحرة وهي الجارية وهي التي توطأ بملك اليمين عند سيدها والربة هنا هي السيدة وليس المقصود بها الانثى خاصة لكن المقصود ان تلد الامة سيدها ذكرا كان او انثى وانما عبر عنه بالانثى لان المراد به النسمة ان تلد الامة نسمة تكون ربتها. وسواء كانت النسمة ذكرا او انثى كما اسلفت فما معنى الحديث هذا مما تناوله الشراح ببيانه باكثر من معنى. ماذا قصد؟ عليه الصلاة والسلام ان يكون من علامات الساعة اخر الزمان ان تلد الامة الجارية من سيكون سيدا لها واقرب شرح لذلك في بيانه ان المراد به انه لما تتسع الدنيا ويكثر المال يكثر السبي بايدي الناس. ويكثر شراء العبيد والجواري. ثم يصبح للرجل زوجات حرائر يطؤهن بعقد النكاح ويكون له كذلك اماء سراري يطأهن بملك اليمين فاذا كثر ذلك في ايدي الناس ربما حملت الجارية من سيدها فاذا حملت له ولدا فولده حر لان الامة التي تلد لسيدها تسمى ام ولد ومن حكمها في الشريعة ان تعتق اذا انجبت لسيدها فتكون حرة وتكتسب ذلك. فاذا ولدت الامهات الجواري اولادا باسيادهن اصبح الولد في حكم لانه حر فيكون كالذي انجبته امة. وقد كان هذا كثيرا في عهد التابعين ومن بعدهم. وكثير من ابناء الصحابة واحفاد صحابة وربما من بعض الخلفاء فيما بعد في بني امية او بني العباس تقرأ في ترجمة احدهم وكانت امه ام ولد يعني جارية عند ابيه وطئها بملك اليمين فانجبت له فلانا وفلانا والمقصود ان الابن سيكون مولا لها وهو ولدها فهو في حكم سيدها. نعم لها بر الام ولها حق الام. لكن نتكلم على الرتبة من حيث الملك الحرية او العتق فهذا احد المعاني وهو اقربها وهو فيه تعبير اشارة الى كثرة المال ايضا وسعت الدنيا. وذكر ايضا في معانيه ان الاماء تلد الملوك وهذا حصل في بعض الخلفاء ممن كان ابوه قد تسرى بجارية فولدت له ذلك الغلام ثم اراد الله ان يكون هم ولد الغلام خليفة فاذا اصبح خليفة ستكون امه وهي امة رعية من رعيته فهذا معنى قوله وان تلد الامة ربتها. ان تلد الجواري الملوك من اولادها. وهذا لا يحصل الا اذا كان اسيادهن او مواليهن من الخلفاء. فاذا وطئ جاريا وحملت له وانجبت كانت امه ام ولد وكان ولده خليفة من بعد فتكون بهذه الصورة انجبت سيدها من يلي امر الناس ويكون خليفة. وقيل في معناها وايضا ثالثا ان هذا من جملة ما يشار به الى فساد اخر الزمان. والمراد كثرة ما يحصل من بيع امهات الاولاد واذا حصل كثر البيع وانتقالهن بالبيع والشراء بين ايدي الناس ربما اشترى الولد امه وهو لا يدري عنها. فتكون تحت ملكه شراء وهو لا يعلم. فتلد الامة ربتها بهذا المعنى قيل فيه معنى يشير الى العقوق اخر الزمان. يعق الاولاد امهاتهم فيصبح للولد والعياذ بالله من السلطة والسطوة والتطاول على امه كما لو كان سيدا يعامل جارية تحته واشار بهذا الى معنى المجازي. هذه جملة تفسيرات اقربها واظهرها الاول وهو ان تلد الامة ولدا لسيدها فيكون حرا ويكون في حكم المولى لها فهذا معنى ان تجد الامة ربتها. والجمل الثلاثة ان ترى الحفاة العراة العالة رعاء الغنم يتطاولون في البنيان. او ان يصبحوا رؤوس الناس وان تلد الامة ربتها. كل ذلك الى تغير احوال الدنيا وانقلاب الموازين في كثير من انماط الحياة فهي اشارة ايضا الى التغير الواقع اخر الزمان. قال اهل العلم هذا التغير في الحوادث والموازين هو توطئة وتمهيد للتغير الاكبر. اي تغير يوم تبدل الارض غير الارض والسماوات. يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب اذا البحار سجرت اذا السماء انشقت اذا الشمس كورت هذا التغير الكوني يسبقه تغير في سنن الحياة وقوانين الدنيا ومعايش الناس فتكون هذه التغييرات توطئة لتغييرات اكبر حتى يكون خروج الشمس من مطلعها ولا يليها الا قيام الساعة نسأل الله السلامة قال رحمه الله تعالى وان قريشا والاحزاب لا يغزونه ابدا. وانه هو يغزوهم نعم في صحيح البخاري وكلكم يعلم ان غزوة الاحزاب او الخندق التي وقعت سنة خمس من الهجرة كانت اخر محاولات قريش في خروجها بجيوش تريد قتال مضى بها عشر رسول الله صلى الله عليه وسلم فان اول خروج لقريش للقتال كان في غزوة بدر سنة اثنين من الهجرة. ثم تبعها غزوة احد في السنة الثالثة. ثم كانت غزوة الخندق في السنة الخامسة. هذا نصف تاريخ رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة فانه قضى بها عشر سنوات. خمس سنوات منها كانت قريش لا زالت تطارده وتلاحقه بجيوش للقتال الى حيث هاجر عليه الصلاة والسلام. فكانت بدر فاحد فالخندق كلها محاولات لكن الخندق كانت اكبرها وكانت اعظمها فان قريشا والاحزاب معها بلغوا عشرة الاف مقاتل وقدموا نحو المدينة كالسيل الذي يجر ما امامه وهدى الله نبيه صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام. رضي الله عنهم الى فكرة حفر الخندق التي اشار بها سلمان. رضي الله عنه الخندق صدت قريش منعت من الدخول بقيت خارج المدينة وجبالها يحاصرها الخندق حتى سلط الله عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا عادت قريش خائبة نصر الله نبيه عليه الصلاة والسلام وكفى الله المؤمنين القتال كما قال عز وجل ونصرهم نصرا مؤزرا لما اجلى الله عز وجل قريشا والاحزاب معها يوم الخندق. والحديث في البخاري قال عليه الصلاة والسلام الان ولا يغزوننا. نحن نسير اليهم قال هذا سنة خمس من الهجرة وقد كانت قريش بلغت اوجى عتوها وحربها على الله ورسوله. عليه الصلاة والسلام. وكانت في كل مرة تجمع اكثر من التي قبلها جاءت قريش يوم بدر ومعها الف مقاتل. جاءت يوم احد ومعها ثلاثة الاف مقاتل. جاءت يوم الاحزاب ومعها عشرة الاف ان كنت لا تظن ان قريشا ستعد العدة لموقعة اخرى بعد غزوة الاحزاب ربما تبلغ بها خمسين الفا او مئة الف يريدون بدون استئصال شأفة الاسلام من المدينة لكنه عليه الصلاة والسلام ما ان غادرت قريش لما سلط الله عليهم الريح. فكفأت القدور وخلعت الخيام وافسدت عليهم بقاء ومعسكرهم فتنادوا بالرحيل حينها يقول عليه الصلاة والسلام يقول الان نغزوهم ولا يغزوننا. نحن سيروا اليهم من الذي اعلمه من الذي اطلعه ان هذا هو منتهى شأن قريش ومن معها في التحرك للقتال نحو المدينة وهكذا كان سنة ست من الهجرة كان صلح الحديبية. وايقاف القتال وهدنة لمدة عشر سنوات تفرغ عليه الصلاة والسلام سنة سبعين لخيبر فعاقب اليهود وحاصرهم وهزمهم عليه الصلاة والسلام سنة ثمان من الهجرة نقضت قريش عهدها فسار اليهم ففتحت مكة اما صدق لما قال انا نغزوهم ولا يغزونا نحن نسير اليهم سار اليهم فاتحا عليه الصلاة والسلام فتح الله له مكة فكانت غزوة الاحزاب منتهية القتال لكنه قالها من حينها عليه الصلاة والسلام ما قالها لعلم غيب علمه من تلقاء نفسه لكن الله اوحى اليه. فكان هذا من جملة المعجزات. ومن قرأ السيرة فيما بعد الى قيام الساعة يقف متعجبا عند تلك المقالة سنة خمس من الهجرة اذ يقول عليه الصلاة والسلام الان نغزوهم ولا يغزوننا. نحن نسير اليهم فكان الامر كما قال صلى الله عليه وسلم قال رحمه الله تعالى عليه الصلاة لا. واخبر بالموتان الذي يكون بعد فتح بيت المقدس وما وعد من اخبر بالموتان او بالموتان. الموتان او الموتان بضم الميم او فتحها المراد به كثرة الموت وقد مر بكم غير ما مر حديثه عليه الصلاة والسلام لما رجع من غزوة تبوك في حديث كعب يقول اعدد ستا بين يدي الساعة وذكر منها موته عليه الصلاة والسلام وذكر منها فتح بيت المقدس وكل ذلك قد مر. قال ثم اخبر بموتان يقع في امته. يعني اخبر كثير يقع في صفوف امته عليه الصلاة والسلام. هذا الموت الكثير الذي يقع قد وقع زمن خلاف امير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وكان ذلك سنة ثماني عشرة من الهجرة. وسمي بطاعون عاما واس طاعون قضى على كثير من الناس في بلاد الشام وما حولها ولما قضى عليهم وانتشر فيهم الطاعون قيل انه اي الطاعون قتل اكثر من سبعين الف انسان في ثلاثة ايام فهذا الموتان اخبر به عليه الصلاة والسلام يقول موتان ينتشر كقعاص الغنم هذه الخراجات والامراض التي تصيب قطيع الغنم فيتفشى فيها الموت. فتسقط واحدة تلو الاخرى واذا بالقطيع يهلك في ايام معدودات وفي كل يوم وليلة يموت منهم بالعشرات والمئات. شبه عليه الصلاة والسلام كثرة الموت الذي وقع في صفوف امته بهذا الذي ينتشر بين قطيع الغنم وقد وقع ونزله العلماء على ما حصل في طاعون عمى واس فانه اصاب الناس وباء شديد وانتشر وكان فيمن قضى من الصحابة في طاعون عمواس امينوا هذه الامة ابو عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنه فانه كان من شهداء هذا الطاعون الذي تفشى وانتشر فمن اخبره عليه الصلاة والسلام في حياته بان موتا عظيما سينتشر في امته ويكون فيه كقعاص الغنم فوقع كما اخبر عليه الصلاة والسلام. وكان هذا بعد اكثر من ثمان سنوات او سبع سنوات من مماته صلى الله عليه وسلم في خلافة امير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وارضاه قال رحمه الله تعالى وما وعد من سكن البصرة وما وعد من سكنى البصرة البصرة المدينة المعروفة اليوم جنوب العراق والبصرة انما بناها الصحابي الجليل عتبة بن غزوان رضي الله عنه قائد الفتوح الجيوش وامير امير المؤمنين عمر رضي الله عنه بنى البصر وخططها وهو الذي نصرها يعني جعلها مدينة وبنى فيها ما يهيء للسكنى فبنى بها جامعا وبنى دارا للحكم ثم ابتنى بها الناس وجند فيها الاجناد. كانت البصرة ارض جيش وكانت مدينة قيادة عسكرية بناها عتبة في خلافة عمر سنة سبع عشرة من الهجرة. وسكنت سنة كثماني عشرة من الهجرة من ذلك التاريخ كانت البصرة ولا زالت بلدة اسلام ويذكر في محاسن البصرة انها بلد ما عبد فيها وثن. ولا كفر فيها بالله جل وعلا لانها بنيت في تاريخ الاسلام وعلى ايدي وفي خلافة المسلمين وتحت حكمهم. فما اصابها دنس الشرك والجاهلية والكفر بالله جل جلاله قال المصنف وما وعد من سكن البصرة عليه الصلاة والسلام فان الحديث الذي اخرجه الامام ابو داوود في سننه من حديث انس وانس بصري رضي الله عنه وكذلك يشير فيه الى هذا المعنى العظيم الذي اخبر به صلى الله عليه وسلم من شأن البصرة وما يكون فيها. في سنن ابي داوود من حديث انس ابن مالك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له يا انس ان الناس يبصرون امصارا يعني يبنون مدنا ويخططونها ويعمرونها. قال يا انس ان الناس يبصرون امصارا. وان مصرا منها يقال له البصرة او البصيرة فان انت مررت بها او دخلتها فاياك وسباخها وكلاءها وسوقها وباب امرائها وعليك بضواحيها فانه يكون بها خسف وقذف ورجف وقوم يبيتون يصبحون قردة وخنازير صحح بعض اهل العلم الحديث بسنده وقد اخرجه الامام ابو داوود في سننه رحمة الله عليه. وحديث منه قريب منه في سياقه ولفظ مختلف وظعفه بعض اهل العلم وكل ذلك اخرجه ابو داوود في سننه والحديث ايضا عند ابي داود من حديث ابي بكرة رضي الله عنه ان الناس ان ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ينزل صم من امتي بغائط يسمونه البصرة عند نهر يقال له دجلة يكون عليه جسر يكثر اهلها وتكون من انصار المهاجرين وفي رواية تكون من انصار المسلمين. نزل بعضهم الحديث الثاني على بغداد. وانها مما يمصر ايضا بعد عهده عليه الصلاة السلام يبنى حديثا وكل من بغداد او البصرة انما بناها المسلمون لاحقا. في خلافات بني الاسلام ودول الاسلام. وايا كان انزلتها على هذا او ذاك فهو انباء بامر يحصل بعده صلى الله عليه واله وسلم وانه اخبر عن امر يتعلق بشيء عظيم بناء مدينة وعمرانها. واما وصيته لانس باجتناب سباخها وسوقها فهو وصية منه لمن خدمه سنين. انس رضي الله عنه وكان مخلصا له وصاحبا عزيزا وفيا فاوصاه ان يجتنب بعض ما قد يضره في او في دنياه. والسباخ هي الارض ذات الملح التي لا تصلح لنبت وزرع. وان يجتنب ايضا سوقها وان يجتنب بعض مواضع الفتن فيها كابواب السلاطين والحكام واوصاه بان يكون في ضواحيها الى اخر ما جاء في الحديث فهي في الجملة معدودة في المغيبات اخبر بغيب قبل ان يقع فوقع كما قال صلى الله عليه واله وسلم. قال القاضي رحمه الله وانهم يغزون في البحر كالملوك على الاسرة. وانهم يغزون. هذه جملة اخرى من الغيب ما كانت العرب قبل الاسلام تعرف ركوب البحر والصحابة المهاجرون الاوائل الى الحبشة كانوا يفرون من مكة جنوبا. فاذا اتوا ساحل البحر ركبوا مع بعض المراكب. لكن ما كان للعرب عهد بصناعة المراكب ولا السفن خصوصا المراكب البحرية العسكرية التي تعد للقتال ما عرفها العرب بل ما عرفها الصحابة حتى بعد الاسلام مات النبي عليه الصلاة والسلام ومات ابو بكر بعده رضي الله عنه وتولى الخلافة عمر رضي الله عنه حتى مات. وما غزى الصحابة عبر البحر وكان غزوهم وقتالهم ونشرهم للاسلام وذودهم عن حياض الامة كان عبر جزيرة العرب برا. نعم دخلوا افريقيا في بتاريخ عمر رضي الله عنه في خلافته على يده القائد الفاتح عمرو بن العاص لكن دخلوها برا عبر سيناء وما اتوها بحرا حتى كانت خلافة عثمان وكانت الغزوات البحرية في اوجها وفي بداياتها وتردد الصحابة كثيرا ايصلح ركوب البحر وتسيير القتال فيه ام هو مهلكة ومظنة قتل وازهاق ارواح لاجناد خرجت مجاهدة في سبيل الله. ولا زال التردد فقهاء الامصار فيما بعد لاحقا في جواز ركوب البحر للغزو او للتجارة او للسياحة. كل ذلك الخلاف لما كان ركوب البحر غير امن ولما كان مظنة هلاك قبل ان يتطور العلم وتتطور صناعة المراكب والسفن والموانئ فاصبحت وسيلة تادة من وسائل المواصلات بل وجدنا في الحياة المعاصرة المراكب الضخمة الكبيرة اشبه المدن الناقلات الضخمة التي تحط على ظهرها الطائرات والشاحنات وتحمل اثقالا عظيمة. سخرها الله عز وجل لبني ادم اخبر عليه الصلاة والسلام ان امته ستغزو في البحر وشبه تشبيها عجيبا فقال وانهم يغزون في البحر كالملوك على الاسرة. الحديث اخرجه البخاري. واخرجه مسلم. وغيرهما رحمة الله عليهما من حديث انس عن خالته امي حرام. قالت امي حرام ان رسول الله صلى الله عليه وسلم او يقول انس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدخل على ام حرام بنت ملحان فتطعمه وكانت ام حرام تحت عبادة ابن الصامت يعني زوجته فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فاطعمته يعني كعادتها في اكرام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جلست تفلي رأسه يعني اضطجع عندها ولما اضطجع اتت تخدمه ففلت رأسه. قالت فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استيقظ وهو يضحك قالت فقلت ما يضحكك يا رسول الله ضحك لرؤيا رآها في المنام فسألته عن سبب ضحكه فقال عليه الصلاة والسلام ناس من امتي عرظوا علي غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكا على الاسرة او مثل الملوك على الاسرة قالت فقلت يا رسول الله ادعو الله ان يجعلني منهم فدعا لها ثم وضع رأسه عليه الصلاة والسلام فنام ثم استيقظ وهو يظحك فقلت ما يظحكك يا رسول الله؟ قال ناس من امتي عرظوا علي غزاة في سبيل الله كما قال الاولى قالت فقلت يا رسول الله ادع الله ان يجعلني منهم. قال انت من الاولين فلما جاءت الايام وركب الصحابة البحر غزاة في سبيل الله. اي بحر بحر مصر البحر الابيض المتوسط. ركبوه باتجاه قبرص وما ورائها من اليونان ونحوها. ركبوا البحر غزاة. وكان فيه من الصحابة عدد ليس باليسير. قال فلما ركبوا البحر كانت ام حرام بنت ملحان معهم. وكان ذلك في زمن معاوية. قيل في زمن عثمان وكان الامير المكلف بالتجهيز معاوية وقيل بل في زمن معاوية ركبت البحر. والحديث عند مسلم وهذا لفظه. ركبت البحر قال فلما وصلوا ونزلت ركبت دابة فلما كانت على ظهرها سقطت من على ظهر الدابة فماتت رضي الله عنها تحققت فيها نبوءة رسول الله صلى الله عليه وسلم ان تركب البحر فركبته مع قوافل المجاهدين وكتبت لها اجر غزوة. ولما وطأت ارضها لما وطئت قدمها ارض قبرص ماتت الله عنها فسقطت هناك. قال بعض اهل التواريخ انها رضي الله عنها ما زال قبرها بارض قبرص هناك مدفونة فيها دلالة على بقاء جسدها رضي الله عنها وقد تحققت فيها نبوءة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. والتشبيه وفي قوله كالملوك على الاسرة تشبيه بليغ شبه مراكب البحر القتالية التي يحمل عليها الة السلاح ويركبها المقاتلون اشبه ما يكون بالملوك اللي اذا جلست على الاسرة والاشارة فيها الى اتساع اسرة الملوك يعني عروشهم التي يجلسون. فاتساع حجمها وكبرها وانهم يجلسون بيسر لا يجلسون متراصين او مضغوطين كما يحصل في بعض القوارب الصغيرة. تعبيرا عن اتساع المراكب وكبر حجمها. وهذا كما قلت وعندما لم يكن للعرب عهد بالمراكب البحرية عامة او بالمراكب القتالية على وجه الخصوص. وغزى الصحابة البحر وركبوه مجاهدين فاتحين رضي الله عنهم وارضاهم قال رحمه الله تعالى وان الدين لو كان منوطا بالثريا لناله رجال من ابناء فارس وان الدين لو كان منوطا بالثريا الثريا نجم او مجموعة نجوم في السماء ما زالت تعرف عند الفلكيين. وانها اشارة الى جهة معينة يعرف بها اتجاهات الامكنة شرقا وغربا وانها ايضا مما نظهر لها مواسم تظهر فيها ويعرفها اهل النجوم والفلك يقول عليه السلام كما لفظ البخاري الذي اخرج الحديث عن ابي هريرة رضي الله عنه قال كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فانزلت سورة الجمعة واخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم قلت من هم يا رسول الله فلم يراجعه حتى سأله ثلاثا قال وفينا سلمان الفارسي فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على سلمان. ثم قال لو كان الايمان عند الثريا لناله او رجل من هؤلاء وقصد به سلمان الفارسي رضي الله عنه قال اهل العلم الحديث فيه اشارة صريحة واضحة الى ان الله عز وجل سيعز دينه باقوام من غير العرب على الرغم ما بمال العرب من المناقب والمآثر والسبق والريادة في خدمة الدين والجهاد والتضحية فقد انا المهاجرون والانصار عربا رضي الله عنهم. وما اعز الله دينه ولا قامت راية الاسلام الا على اكتافهم رضي الله عنهم. لكن الله لما قال في سورة الجمعة واخرين منهم بعد قوله هو الذي بعث في الاميين رسولا منهم هم العرب يتلو عليهم اياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة. وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين. قال واخرين منهم لما يلحقوا بهم من هم الاخرون؟ فلما سئل عليه الصلاة والسلام وضع يده على سلمان الفارسي وكان جالسا عنده. فقال لو كان الايمان عند الثريا كاننا له رجال او رجل من هؤلاء. فهؤلاء من الاخرين من غير العرب وفي الاسلام لا عنصرية ولا شعوبية ولا قبلية ولا حتى عروبة الاسلام دين اراد الله عز وجل ان يكون رابطة لاجناس البشر وشعوب وقبائل البشر فاذا دخلوا في هذا الدين انصهرت كل العلائق والروابط. يبقى انتساب الانسان لقبيلته وعشيرته وبني جلدته تعريفا لنسبه لكن الاعتزاز والانتماء والاعتداد لا يكون الا بهذا الدين. وجاءت الموازين الشرعية ان اكرمكم عند الله اتقاكم المسلم اخو المسلم انما المؤمنون اخوة في هذا الصدد يقول عليه الصلاة والسلام لو كان الدين او لو كان الايمان عند الثريا اشارة الى انه لو بعد الدين مهما بعد فانه لن يبلغ ذلك البعد من اهل الاسلام الا اقوام من غير العرب واشار الى سلمان الفارسي. قول المصنف وان الدين لو كان منوطا بالثريا لناله رجال من ابناء فارس. في الحديث الذي اخرج مسلم لو كان الدين عند الثريا لذهب به رجل من فارس او قال من ابناء فارس حتى يتناولا وقد شهد تاريخ الاسلام انه لما دخلت تلك الديار الى دين الاسلام وعم الدين وانتشر خارج جزيرة العرب فدخلت بلاد فارس وما ورائها وتعدى المسلمون بفتوحاتهم الى بلاد ما وراء النهر واصبحت تلك المناطق اقاليم مسلمة هو اهلها مسلمون عز فيهم الاسلام بل قيض الله تعالى منهم من كان دعامة للدين ورافعين لرايته وخداما لشريعته. عرف التاريخ الائمة رواة السنن ونقلت احاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. فالائمة جميعا وعامتهم من المشاهير. البخاري ومسلم السجستاني ومسلمون النيسابوري وابو داود السجستاني والترمذي والنسائي وابن ماجة القزويني كل هؤلاء انما كانوا من بلاد فارس وما ورائها واذا جئت الى علوم الشريعة فان الله عز وجل قد قيظ من هؤلاء من من جعلوا الدين شغلا شاغلا ابوه وعظموا امره وجعلوا من حياتهم ما اورثهم الله عز وجل به هذا الدين. فكان هذا مصداقا لقوله عليه الصلاة والسلام لو كان الدين عند الثريا لذهب فبه رجل من فارس او قال من ابناء فارس حتى يتناوله فوقع ما اخبر به صلوات ربي وسلامه عليه قال القاضي رحمه الله وهاجت ريح في غازاته فقال فقال صلى الله عليه وسلم هاجت لموت منافق فلما رجعوا الى المدينة وجدوا ذلك كان هذا في غزوة تبوك وقال بعضهم في غزوة بني المصطلق لما كان عائدا عليه الصلاة والسلام من احدى غزواته هاجت ريح شديدة على غير العادة قيل استمرت تلك الريح نهارا كاملا في شدتها وسرعتها. قال عليه الصلاة والسلام هاجت لموت منافق الحديث عند مسلم من رواية جابر رضي الله عنه قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر فلما كان قرب دينتي هاجت ريح شديدة تكاد ان تدفن الراكب يعني من شدتها يكاد يدفن فيها راكب البعير او الدابة. قال فزعم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بعثت هذه الريح لموت منافق. قالها وهو بعد ما دخل المدينة. قال فلما قدم المدينة فاذا منافق عظيم من المنافقين قد مات قيل هو رفاعة ابن زيد ابن التابوت يهودي من عظماء بني قينو قاع كان كما يقال في ترجمته كهفا للمنافقين. يعني مأوى لهم وان لم يكن معهم في نفاقهم لكنه على يهوديته وكفره الصريح بالله جل وعلا. لكنه لعظيم ما ازر به اهل النفاق ونصرهم واواهم وعضدهم اصبح في عدادهم. فاخبر عليه الصلاة والسلام بشأن تلك الريح وانها كانت لموت منافق. قال لما رجعوا الى المدينة وجدوا ذلك يعني كما اخبر تماما صلوات الله وسلامه عليه قال القاضي رحمه الله تعالى وقال صلى الله عليه وسلم لقوم من جلسائه ضرس احدكم في النار اعظم من احد قال ابو هريرة رضي الله عنه فذهب القوم يعني ماتوا وبقيت انا وانا ورجل فقتل مرتدا يوم اليمامة الحديث هذا فيه مسألتان. المسألة الاولى شأن عظم جهنم اجارنا الله واياكم منها وان الله اعد فيها من العذاب والنكال لاهلها من الكفرة والمعذبين فيها ما لا يخطر على بال يعظم اجارني واجاركم الله يعظم بدن اهل النار فيها بضخامة شديدة الى درجة ان ضرس الكافر في النار مثل جبل احد هذا ضرسه فكيف بفكي اسنانه؟ فكيف برأسه فكيف بعامة جثته؟ فلما الضخامة قال اهل العلم ضخامة البدن وعظمته لمزيد تعذيبه وشعوره بالالم عياذا بالله انت ترى ان الخشبة العظيمة تحترق اكثر من احتراق العود الصغير فان اشتعال النار بها يكون اطول وبقاؤها فيها يكون اشد. والله عز وجل يجعل من اجساد اهل النار داخل النار والعياذ بالله ضخامة عظيمة عجيبة جاء في الصحيح اوصاف عدة لاهل النار في النار. وان مقعد احدهم في النار كما بين مكة والبصرة وان مسيرة ما بين عاتقيه مسيرة ثلاثمائة يوم يسير فيها الراكب المسرع. هذه الظخامة العجيبة ثابتة من روايات عدة في الصحيح والفاظها متفاوتة فهي ايظا اذا من جنس ما اخبرت به النصوص الشرعية من عظيم عذاب جهنم عياذا بالله وعظيم هيئة اهلها عياذا بالله وظخامة اجسادهم فيها عياذا بالله. وان ذلك لتمام تعذيبهم بهم اجارنا الله اما المسألة الاخرى في الحديث فما اشار اليه المصنف ان هذه الجملة قالها صلى الله عليه وسلم لبعض جلسائه فقال ضرس احدكم. والخطاب متوجه الى احد الجلساء انذاك وفي الجلساء اصحابه وفيهم رجل لا يدرى عنه شأنه فيما اخبر به عليه الصلاة والسلام. غير ان العبارة هذه ضرس احدكم في النار اعظم من احد. قال ابوه هريرة قال فكنت متخوفا لها لانه كان احد الجالسين ويخشى ان يكون هو المقصود بما ذكر في الحديث. قال كنت متخوفا لها. قال فذهب القوم يعني ماتوا واحدا بعد واحد قال وبقيت انا ورجل فقتل مرتدا يوم اليمامة. فعلم ابو هريرة رضي الله عنه ان صاحبه الذي بقي كان المقصود بقوله عليه الصلاة والسلام ضرس احدكم. فكان موضع النبوءة والاخبار بالغيب في هذا الموضع اخبر بان احد الجالسين هو من اهل النار والعياذ بالله. فيما كان الظاهر انهم جميعا من الصحابة. ويجلسون مجلسه عنده صلوات الله وسلامه عليه الحديث كما اخرجه ابو داوود ايضا في سننه او عفوا اخرجه الطبراني وغيره من حديث رافع ومن حديث ابي هريرة وفي سنده ضعف يقول ابو هريرة فكنت متخوفا لها حتى خرج الرجال مع مسيلمة. وهو المقصود عند بعض شراح الحديث. ان الرجل المقصود هنا في يقال له الرجال ابن عنفوة وبعضهم يذكره بالحاء المهملة الرحال ابن عنفوة. اسلم ثم ارتد ولحق بمسيلمة الكذاب. قال افكانت فتنة فتنة الرجال اعظم من فتنة مسيلمة. لان مسيلمة ادعى النبوة. وهذا كان يشهد له عند قومه انه رجل نبأ بعد محمد صلى الله عليه وسلم. وان الوحي جاء به اليه ونحو ذلك. الا ان في الرواية ضعف ولا يصح اثبات ذلك وبعض المحققين لا يجيز اثبات الردة الى الرجال ابن عنفوة اذا لم يكن سند الا هذا الحديث الذي لا يصح وفي بعض رواته متهم بالكذب. رغم ان بعض من ترجم للصحابة كابن سعد في طبقاته وابن عبد البر وابن حجر رحم الله ذكروا قصة الرجال ابن عوف وفي ارتداده ولحاقه بمسيلمة وذكروا هذا الحديث نقلا عن الطبراني وسندوه فيه بعض الرواة المتهمين بالكذب والله تعالى اعلم قال رحمه الله تعالى واعلم صلى الله عليه وسلم بالذي غل خرزا من خرز يهود فوجدت في رحله واعلم صلى الله عليه وسلم في باب من الاخبار بعلم الغيب فيما اخرج اصحاب السنن عدا الترمذي خرج ابو داوود والنسائي وابن ماجة. من حديث زيد ابن خالد الجهني رضي الله عنه والحديث صححه الحاكم. ان رجلا من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم توفي يوم خيبر فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعني اخبروه من اجل الصلاة عليه فقال صلوا على صاحبكم يعني رفظ صلى الله عليه وسلم ان يصلي عليه بعد ما اخبر بموته. قال فتغيرت وجوه الناس لذلك ارتابوا في امره وتعجبوا هذا كان معهم وخرج مجاهدا معهم في خيبر ومات حينها فلما جاء وقت الصلاة عليه قال صلوا على صاحبكم. قال فتغيرت وجوه الناس لذلك فقال صلى الله عليه وسلم مخبرا غيب اطلعه الله علي وهذا موضع الشاهد. قال ان صاحبكم ان صاحبكم غل في سبيل الله ما الغلول الغلول هو اخذ مال من الغنيمة قبل قسمتها خفية فهي من جنس السرقة يكون بعض من شارك في الغزو مستحقا للقسمة في الغنيمة لكن يأخذ منها قبل القسمة فيستأثر ببعض مال الغنيمة لنفسه فتكون خيانة للقائد وسرقة وشيئا من المال المحرم الذي يكسبه لنفسه عياذا بالله. قال عليه الصلاة والسلام ان صاحبكم غل في سبيل الله كيف علم صلى الله عليه وسلم هذا وحي اخبره الله تعالى به قال الرجل ففتشنا متاعه فوجدنا خرزا من خرز يهود لا يساوي درهمين لكن الغلول غلول قال الله عز وجل وما كان لنبي ان يغل ومن يغلل يأتي بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون. هذا في شأن الانبياء عليهم السلام والغلول امر عظيم فكيف بغيرهم من البشر؟ وهذا ايضا موضع شاهد اخبر به صلى الله عليه وسلم والخرز هو الخرز المعروف الذي ينظم في سلك وخيط فيكون عقدا او يكون مسبحة ونحو ذلك. هي حبات الخرز وسمعت في الرواية انها لم تكن تساوي درهمين والله المستعان قال وبالذي غل الشملة وحيثهي يعني اخبر ايظا عليه الصلاة والسلام بالذي غل الشملة واخبر ايظا بحيث هي. الحديث اخرجه الشيخان بخاري ومسلم وايضا كان هذا يوم خيبر فانه وقعت فيها وقائع. يقول ابو هريرة رضي الله عنه افتتحنا خيبر ولم نغن من ولم نغنم ذهبا او فضة انما غنمنا البقر والابل والمتاع والحوائط الحوائط جمع حائط والمقصود بها المزارع والبساتين قال ثم انصرفنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني ما كانت الغنائم يوم خيبر ذهبا ولا فضة ولا دراهم او دنانير. كان كما اسمعت نوع من البهائم ابل وبقر ومتاع وبساتين ومزارع قال ثم انصرفنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الى وادي القراء بين المدينة وخيبر قال ومعه عبد له يقال له مدعم خادم لرسول الله صلى الله عليه وسلم. اهداه له احد بني الظباب فلما بينما هو يحط رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا العبد يساعده فينزل رحله لما ارادوا النزول بوادي القرى قال وبينما هو يحط رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ جاءه سهم غائر يعني سهم طائش قال حتى اصاب ذلك العبد فمات فقال الناس هنيئا له الشهادة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بل والذي نفسي بيده ان الشملة التي اصابها يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه نارا اشار الى انه غل شملة يعني ايظا اخذها خفية وسرقة قبل قسمة الغنائم. والشملة ما هي الشمل كساء صغير يشتمل به الانسان قطعة قماش يلفها على جسده ما كانت مالا وفيرا ولا فاخرا. لكن السرقة والخيانة التي يأباها الاسلام لما قالوا هنيئا له الشهادة ابصروا انه للتو عائد من الغزو. وبعد ما رجع وما يزال في خدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم اصابه السهم الطائش احسنوا الظن بما رأوا من ظاهر حاله فقالوا هنيئا له الشهادة. فقال عليه الصلاة والسلام من الغيب الذي اوحى الله له واطلعه عليه فكان اية لنبوته ما كان صلى الله عليه وسلم يعلم ذلك لولا اخبار الوحي فقال لا فقال بل والذي نفسي بيده ان الشملة التي اصابها لا تشتعل ان الشملة التي اصابها يوم خيبر من المغانم لم هالمقاسم يعني ما دخلت في القسمة لتشتعل عليه نارا فعندئذ جاء رجل حين سمع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم بشراك او شراكين شراك ايضا ليس شيئا ذا ثمن. سواء كان شراك نعل او شراك صيد. جاء بشراك او شراكين كان قد اخذها من الغنيمة. لما اسمع الوعيد الشديد خاف فاقبل فجاء ومعه شراك او شراكان فقال هذا شيء كنت اصبته يعني كنت اخذته فقال عليه الصلاة والسلام شراك او شراكان من نار. يعني لو بقيت عندك ولو احتفظت بها لكانت عذابا وخيما ونكالا. كل هذا يا احبة تعظيم في الاسلام وتهويل لهذه الصنائع الذميمة القبيحة الغل الخيانة الغدر الاستئثار وحب النفس على حساب الدين واهله والمجاهدين في سبيل الله فكان هذا من العظيم الذي اخبر به عليه الصلاة والسلام حملت بعض الشراح هذه الجملة على حديث الصحيحين كما سمعت في العبد الذي يقال له مدعم كما اخرج الشيخان البخاري ومسلم من حديث ابي هريرة وحمله بعض الشراح على رجل اخر. اخرج البخاري ايضا في صحيحه من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال كان على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم رجل يقال له كركرة ويروى في بعض الروايات بكسرتين كركرة رجل من الموالي عبد كان على ثقل النبي عليه الصلاة والسلام يعني كان مسئولا على متاعه واحمال بعيره وما الى ذلك. كان رجل على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم يقال له كركرة فمات قال صلى الله عليه وسلم هو في النار فذهبوا ينظرون اليه فوجدوا عباءة قد غلها يعني ايظا اخذها من الغلول فلما اخبر عليه الصلاة والسلام بالغلول وبما غل هو في متاعه كان هذا اية. فلما يبحث الناس وينظر الصحابة فاذا الامر كما اخبر صلوات ربي وسلامه عليه سواء بسواء فتكون اية عظيمة ما اطلعه الا ربه عز وجل وكان هذا من سياق علم الغيب الذي اوحى الله تعالى به اليه قال رحمه الله تعالى وناقته حين ضلت وكيف تعلقت بالشجرة بخطامها. هذا حديث مرسل لا يصح موصولا اخرجه البيهقي اي وغيره ان النبي عليه الصلاة والسلام ظلت ناقته يعني افتقدها وشردت فاخبر الصحابة من ينظرها ويبحث عنها فتكلم رجل من المنافقين فقال كيف يزعم محمدا ان الوحي يأتيه بالغيب وهو لا يعلم مكان ناقته. اكان يخبره الذي يأتيه بالوحي اين هي ناقته؟ قالها سخرية واستهزاء. قال فاتاه جبريل عليه السلام فاخبره بمقالة هذا المنافق واخبره بمكان الناقة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم عندئذ لاصحابه اما ان الناقة موجودة بمكان كذا في وادي كذا قد علقت بخطامها في شجر الوادي. فانطلقوا فاذا هي حيث وصف عليه الصلاة والسلام ولم تكن وسائل بحث ولا تصوير ولا تتبع لكنه الوحي وكان هذا وان كان من الاحاديث الضعيفة لعدم اتصال سنده الا انه من جنس الشواهد التي فيها اخباره عليه الصلاة والسلام بامر لم يره عينه وما كان بحضرته بيديه لكنه من الوحي الذي اوحى الله به اليه. فصلى الله عليه وسلم قال رحمه الله تعالى وبشأن كتاب حاطب الى الى اهل مكة. حاطب بن ابي بلتعة رضي الله عنه صحابي كريم جليل يكفي ان تذكر في في افضل ما تعرفه من فضائله انه من اهل بدر. وتقف. يعني لو لم تعرف صحابيا ولا تعرف من اخبار شيئا الا انه بدري يكفي ان تقول فلان بدري لعظيم ما خص الله به اهل بدر حسبكم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدريك يا عمر لعل الله اطلع على اهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم عندما يبلغ اهل بدر هذه المنزلة العظيمة فيعدهم اهل العلم في تاريخ الاسلام الى اليوم في الدرجة الثالثة من الفضائل في الصحابة. فان اولهم فان اولهم الاربعة الخلفاء الراشدون فيهم العشرة المبشرون بالجنة. وفي الدرجة الثالثة اهل بدر. فيجعلونهم مباشرة في الفضيلة والمناقب والمنزلة الرفيعة في بعد العشرة المبشرين بالجنة لعظيم ما خصهم الله به. هذا حاطب ابن ابي بلتعة رضي الله عنه رجل من الصحابة بدر كريم رضي الله عنه وارضاه حصلت له قصة يوم خروج النبي عليه الصلاة والسلام في فتح مكة. والقصة على طولها اذكر لكم منها موضع الشاهد يقول الحديث من رواية علي رضي الله عنه وارضاه يقول بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم انا والزبير والمقداد الى روضة يقال لها خاخ فقال ائتوا روضة خاخ فان بها ظعينة معها كتاب فخذوه قال فانطلقنا تعادي بنا خيلنا فاذا نحن بالمرأة حيث وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم وروضة اخ روضة يعني مكان بشجر وواحة ماء بين مكة والمدينة. فانطلقوا فوجدوا المرأة في المكان الذي اعلمهم اياه صلى الله عليه وسلم. قال فاذا نحن بالمرأة فقلنا اخرجي الكتاب فقالت ما معي كتاب فقلنا لتخرجن الكتاب او لتلقين الثياب. يعني سيضطرون الى تجريدها من لباسها حتى تخرج الكتاب قال فلما حاولوا فيها ما وجدوا معها شيئا. فلما هموا بالرجوع تذكر علي اخباره عليه الصلاة والسلام وانه لا ينطق عن الهوى. عاد فاصر عليها وهددها اما تخرج الكتاب واما سيضطر الى تجريدها. قال فاخرجته من عقاصها. كانت قد لفته في شعرها. لئلا يطلع عليه احد قال فاتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم. فاذا فيه في الخطاب من حاطب بن ابي بلتعة الى ناس من المشركين من اهل مكة يخبرهم ببعض امر رسول الله صلى الله عليه وسلم هنا يهمك ان تعلم انه صلى الله عليه وسلم طيلة سنواته التي قضاها بالمدينة حتى فتح مكة لا يخرج مسيرا ولا يغزو غزوة الا اخبر اصحابه بمسيره وبوجهته وبما يريد عليه الصلاة والسلام. يشارك جيشه وجنده فيما يسير هي صلوات ربي وسلامه عليه ولم يعلم انه ترك هذا الشأن وما اعتاده من هديه الا في فتح مكة فانه لما عزم على المسير الى مكة كتم الخبر عليه الصلاة والسلام. واسر الامر ولم يطلع عليه الا ثلة قليلة في نفر من اصحابه يراهم ثقاتا امناء وهم من شركائه في القيادة والرأي والمشورة وعامة اصحابه الذين خرجوا يوم فتح مكة عشرة الاف مقاتل خرجوا لا يعلمون الى اين يسيرون واراد تكتيم الخبر لئلا يسري الخبر الى مكة. وان يكون مباغتة واراد عليه الصلاة والسلام الا تعلم قريش. فتجهز الجيوش التقي القتال وتسيل الدماء واراد عليه الصلاة والسلام ان يكتفي الامور باقلها شرا. كتم الخبر واعماه وما اطلع احدا قط الا اولئك النفر وكان فيهم حاطب فيتفاجأ عليه الصلاة والسلام ان حاطبا من اولئك الفئة من مجلس السر الخاص يسرب خطابا يبعث فيه الى اهل مكة مع امرأة مسافرة يخبرهم فيها بعزم رسول الله عليه الصلاة والسلام على الخروج اليهم لقتالهم واعطاهم الخبر لكن الله حافظ دينه ومؤيد نبيه عليه الصلاة والسلام. اتى الوحي فبعث عليه الصلاة والسلام كما سمعت الرواية عند مسلم عليا الطير والمقداد قال انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ. تجدون امرأة شأنها كذا وصفها كذا معها كتاب فخذوه فلما اتى الخطاب واطلع النبي عليه الصلاة والسلام واذا حاطب يسرب الخبر غضب عمر رضي الله عنه ورأى ان الصنيع الذي قام به حاطب لا يقل في اقل اوصافه عن الغدر والخيانة العسكرية واليوم اقل عقاب في الخيانات العسكرية القتل لانها سبب لهلاك بلد ومجتمع ودولة باسرها لكن انظر ماذا سمع عن ماذا صنع عليه الصلاة والسلام لما اطلع على الخطاب قال يا حاطب ما هذا قال لا تعجل علي يا رسول الله اني كنت امرأ ملصقا في قريش او قال كان حليفا لهم ولم يكن من انفسهم وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها اهليهم فاحببت اذا فاتني ذلك من النسب في قريش ان اتخذ فيهم يدا يحمون بها قرابتي. يعني اردت ان اصنع يحتسبونها لي ولا ادري متى تتقلب به الايام. وكل واحد من اصحابك المهاجرين له نسب في قريش فيأمن على اهله بمكة الا انا فخشيت ان يصيب اهلي ضرر بمكة فاراد بهذا الصنيع ان يتخذ محمدة عند قريش. اسمع ماذا يقول قال ولم افعله كفرا ولا ارتدادا عن ديني ولا رضا بالكفر بعد الاسلام قال عليه الصلاة والسلام صدق فقال عمر دعني يا رسول الله اضرب عنق هذا المنافق فقال انه قد شهد بدرا وما يدريك لعل الله اطلع على اهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم فانزل الله يا ايها الذين امنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم اولياء تلقون اليهم بالمودة الايات. فكان هذا من جنس ما اخبر به صلى الله عليه وسلم من الغيب ولا يزال في الباب والفصل هذا بقية ناتي عليها تباعا بعون الله تعالى اديموا الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم. واستكثروا من الصلاة التي تنزل بها عليكم من ربكم عشر صلوات. اكثروا من الصلاة على من تفرج الكربات بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم. اكثروا من الصلاة على من تتنزل الرحمات بالصلاة والسلام عليه. اكثروا من الصلاة على من يجعل الله بالصلاة عليه تفريجا للكربات وتحقيقا للمبتغى ومغفرة للذنوب صلى الله عليه وسلم. اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا. وزدنا علما يا رب العالمين اللهم ات نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها. اللهم احفظنا والمسلمين جميعا بحفظك من شر الاشرار وكيد الفجار وشر طوارق الليل والنهار انت خير حافظا. وانت ارحم الراحمين. اللهم ارحم والدينا. واغفر لهم احياء واموات وارفع يا ربي في الجنة درجاتهم وكفر سيئاتهم وارزقنا بره في الحياة وبعد الممات يا سميع الدعاء يا كريم يا من نان يا ذا الجلال والاكرام ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. وصل اللهم وسلم وبارك على عبدك وحبيبك نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين والحمد لله رب العالمين