بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السماوات وملء الارض وملء ما بينهما وملء ما شئت ربنا من شيء بعد. اهل الثناء والمجد احق ما قال العبد وكلنا لك عبد لا مانع لما اعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد سبحانك ربنا وبحمدك لا نحصي ثناء عليك انت كما اثنيت على نفسك. واصلي واسلم على الهادي البشير والسراج المنير الانبياء وخاتم المرسلين ومبعوث الله رحمة للعالمين. وحبيب الله من خلقه اجمعين محمد بن عبدالله. صلى الله ربي وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. وبعد ايها المؤمنون فان نبيكم صلى الله عليه وسلم قد قال فيما اخرج البيهقي وحسن الالباني من حديث انس رضي الله عنه يقول عليه الصلاة والسلام اكثروا الصلاة علي يوم الجمعة وليلة الجمعة. فمن صلى علي صلاة صلى الله عليه عشرا. وهذه ليلة الجمعة امتثل امر حبيبكم صلى الله عليه وسلم. فاكثروا من الصلاة عليه في هذه الليلة الشريفة. ويوم غد يوم الجمعة اجعلوا من صلاتكم عليه صلى الله عليه وسلم سلما تستنزلون به صلاة ربكم باضعاف الى عشر والله عز وجل لكريم وهاب اجعلوا من صلاتكم عليه صلى الله عليه وسلم رحمة تمتلئ بها قلوبكم وتغشى منازلكم وتتنزل بها الخيرات بركات بصلاتكم على المصطفى صلى الله عليه وسلم. وما ان مجلسنا هذا لاحد المجالس التي نستكثر فيها من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم ونحن نتذاكر شأنه العظيم وحقوقه الكبيرة صلى الله عليه وسلم. في الشفاء حقوق المصطفى للقاضي عياض رحمه الله. ما زلنا نتذاكر فصول الباب الرابع في اياته ومعجزاته التي خصه الله بها وهو طرف من بيان وجه عظمة قدره عند ربه عز وجل وعظيم مكانته لديه صلى الله ربي وسلم وبارك عليه فخصه الله من الايات والمعجزات بما لم يؤتى مثله من الانبياء والرسل عليهم السلام. وكانت الايات على انحاء اوجه كثيرة عديدة احدها ما اطلع عليه من الغيب صلى الله عليه وسلم. وما اظهر الله له مما سيكون غائبا عنه او بعد زمانه فوقع كما اخبر عليه الصلاة والسلام. فكانت اية عظيمة اهتزت لها قلوب الصحابة وازدادوا وبها ايمانا ونحن اذ نقلب تلك المواقع والاحداث والاخبار التي نقلت فيما اطلع عليه من الغيب صلى الله عليه وسلم لينبغي ان يحرك هذا في قلوبنا مثل ما حرك في قلوب الصحب الكرام رضي الله عنهم. فنزداد ايمانا به عليه الصلاة والسلام وتعظيما لشأنه عليه الصلاة والسلام. ويقينا فيما اتاه ربه عليه الصلاة والسلام. ومعرفة بحقه عظيم علينا فنزداد ايمانا وحبا وطاعة واستمساكا بسنته الشريفة الغراء صلى الله ربي وسلم وبارك عليه هذا الفصل سرد فيه المصنف رحمه الله جملة من الايات. وفيه واقع واخبار وحوادث عدة. وقف بنا الحديث عن شأن خطابه عليه الصلاة والسلام عن شأن عزمه عليه الصلاة والسلام على فتح مكة. ومسيرهم اليها وماذا فعل ابن ابي بلتعة رضي الله عنه لما بعث بالخطاب مع المرأة فارسل عليه الصلاة والسلام في اثرها نفرا من اصحابه وقال لهم روضة خاخ وتجدون بها امرأة كذا وكذا فكان كما اخبر صلى الله عليه وسلم وكان هذا منتهى مجلسنا ليلة الجمعة الماضية ويستأنف الحديث لاتمام ما ساقه المصنف رحمه الله في هذا الفصل بسم الله الرحمن الرحيم. والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. نبينا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين. قال المصنف رحمه الله تعالى فصل فيما اطلع عليه من الغيوب صلى الله عليه وسلم الى ان قال وبقضية عمير مع صفوان حين ساره وشارطه على قتل النبي صلى الله عليه وسلم. فلما جاء عمير النبي صلى الله عليه وسلم قاصدا لقتله واطلعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على الامر والسر اسلم قصة عمير بن وهب مع صفوان بن امية اخرجها الطبراني والبيهقي وغيرهما من حديث انس رضي الله عنه وفي قصته حادثة عجيبة ذكرها المؤرخون وارباب السير فيها هذا المعنى الكبير وهو ان نبينا عليه الصلاة والسلام اخبره بما كان بينه وبين صاحبه بمكة اذ قدم عليه المدينة فكان سببا في اسلامه. عمير ابن وهم ابن خلف الجمحي القرشي معدود في البارزين المشهورين بحدة البصر. في غزوة بدر كيدا او انا في ركب قريش وكان ممن قاتلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بل كان عينا لقريش يخبرهم بمال المسلمين من عدة وعتاد وعدد لحدة بصره. ولما صال بفرسه حول جيش المسلمين ببدر ثم عاد قال لهم انهم ثلاثمئة يزيدون قليلا او ينقصون. وكان الامر كما احرز بتخمينه وحدسه. وسألوه هل ورائهم امداد لهم يعني هل هذا العدد يلحقه مدد قادم من المدينة ليقدروا عدد من يقاتلون؟ فاجابهم لم اجد ورائهم شيئا ولكن يا معشر قريش رأيت المطايا تحمل الموت الناقع قوم ليس معهم مناعة ولا ملجأ الا سيوفهم. والله ما ارى ان يقتل رجل منهم حتى يقتل رجلا منكم. فاذا ما اصابوا منكم مثل عددهم فما خير للعيش بعد ذلك فانظروا رأيكم؟ كان هذا الموقف من عمير ابن موهب يوم بدر قبيل القتال سببا في تأثير بهذا الامر على كثير من زعماء قريش وهموا بالرجوع وتشاوروا الرأي في العزوف عن القتال وكادوا يرجعون. الا ان عدو الله ابا جهل وقف شيطانا من شياطين الانس يؤزهم على مواصلة المسير واكمال القتال. والله لن يردن بدرا حتى ننحر الجزور وتعزف القيام وتسمع بنا العرب في كبرياء وغطرسة ورياء والامر كما قال الله عز وجل خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله والله بما يعملون محيط. في فيما حدث في بدر وهزيمة لقريش ونصر وعظمة وعز للاسلام واهله كان فيمن اصاب المسلمون يوم بدر من ابنا لعمير ابن وهب وقع اسيرا في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته. فلما رجع فلول قريش الى مكة اجتمع صفوان ابن امية وعمير ابن وهب في مكة عند الكعبة وجلسوا يتحدثون فيما اصاب الناس يوم بدر فلما اجتمع صفوان بن امية وعمير بن وهب بمكة يتحدثون عما حل بهم ببدر من نكال وخزي وذل وهزمهم ربنا عز وجل فقال صفوان ابن امية وقد فقد اباه امية ابن خلف يوم بدر قتيلا وفقد عمير بن وهب لابنه اسيرا فقال صفوان يتذكر قتلى بدر والله ما في العيش بعدهم خير فقال عمير صدقت ووالله لولا دين علي لا املك قضاءه وعيال اخشى عليهم الضيعة بعدي لركبت الى محمد حتى اقتله فان لي عنده علة اعتل بها عليه اقول قدمت من اجل ابني هذا الاسير فوجد صفوان فرصة فاغتنمها فقال له علي دينك انا اقضيه عنك وعيالك مع عيالي اواسيهم ما بقوا قال عمير اذا فاكتم شأني وشأنك. ثم امر عمير بسيفه فشحن وجعل فيه السم. ثم ارتحل الى المدينة حتى قدم وعمر رضي الله عنه في نفر من المسلمين يتحدثون عن يوم بدر ويذكرون نصر الله فنظر عمر فاذا عمير بن وهب وقد اناخ راحلته على باب المسجد متوشحا سيفه ابصره عمر رظي الله عنه ثم هب اليه فقال هذا الكلب عمير بن وهب عدو الله. والله ما جاء الا لشر ثم اتاه عمر واخذ به وبتلابيبه فاقبل به على النبي صلى الله عليه وسلم وقال يا نبي الله هذا عدو الله جاء متوشحا سيفه فما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم الا ان قال ادخله علي. فاقبل عمر واخذ بحمالة سيفه في عنقه فلببه بها وقال لرجال كانوا معه من الانصار ادخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجلسوا عنده واحذروا عليه من هذا الخبيث فانه غير مأمون. واتى به عمر فدخل به على النبي عليه الصلاة والسلام فقال دعه يا عمر ادن يا عمير فقربه اليه عليه الصلاة والسلام فقال انعموا صباحا. فقال عليه الصلاة والسلام قد اكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير. بالسلام تحية اهل الجنة. فقال اما والله يا محمد ان كنت بها لحديث عهد. قال عليه الصلاة والسلام ما جاء بك يا عمير قال جئت لهذا الاسير الذي بايديكم فقال عليه الصلاة والسلام فما بال السيف الذي في عنقك فقال عمير قبحها الله من سيوف وهل اغنت عنا شيئا يوم بدر فقال عليه الصلاة والسلام اصدقني يا عمير ما الذي جئت له؟ قال ما جئت الا لذلك فقال عليه الصلاة والسلام بل قعدت انت وصفوان ابن امية في الحجر فذكرت ما اصحاب القليب من قريش ثم قلت انت لولا دين علي وعيال عندي لخرجت حتى اقتل محمدا لك صفوان بدينك وعيالك على ان تقتلني والله حائل بيني وبين ذلك. بينك وبين ذلك. فصاح عمير عندئذ اشهد ان لا اله الا الله واشهد انك رسول الله. هذا امر لم يحضره الا انا وصفيان. فوالله ما انبأك به الا الله فالحمد لله الذي هداني للاسلام ثم قال عليه الصلاة والسلام فقهوا اخاكم في الدين واقرؤوه القرآن اطلقوا له اسيره. هذا مجمل ما يذكره ارباب التواريخ والسير في قصة عمير ابن وهب مع رسول الله عليه الصلاة والسلام. والامر كما ترى. قال المصنف واطلعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على الامر والسر فاسلم هذه لم تكن الحادثة اليتيمة التي يفجأ فيها الوحي نفرا وانسانا بامر كان قد غاب لا يعلمه الا الله. فيعلمه النبي الله صلى الله عليه وسلم ولن يكون ذلك الا دليلا على صدق نبوته واتيانه الوحي من السماء في امر ليس بمقدور بشر ولا يعرفه انسان. هذه المواقف مجتمعة تكررت وهذا احدها ولا يزال في الفصل بقية من امثال واجناس هذا الموقف وتلك الحادثة التي ما ازداد بها الناس الا ايمانا وانا وانت اذ نقرأ مثل تلك الحوادث. وتمر بنا هذا الوقائع لحري بنا ايضا ان نزداد ايمانا برسول الله صلى الله عليه وسلم ويقينا بهذه العظمة التي حباه الله بها فكانت ايات تتأيد بها نبوته ويزداد بها بها في قلوب الناس ايمانهم وتصديقهم وطاعتهم لنبي الامة صلوات الله وسلامه عليه واخبر بالمال الذي تركه عمه العباس رضي الله عنه عند ام الفضل بعد ان كتمه فقال ما علمه وغيرها فاسلم. نعم. هذا ايضا في حوادث غزوة بدر وتبعاتها. العباس ابن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم. بقي بمكة الى عام الفتح وقيل انه اسلم قبل وبقي بمكة متخفيا باسلامه. وقيل بل ابطأ باسلامه وعلى كل حال فهو ممن شرح الله صدره او للاسلام فاسلم خرج يوم بدر مع قريش فيمن خرج ووقع له بعض اولاده اسيرا وام الفضل المذكورة هنا هي زوجه. ام ولده الفضل ابن العباس. ويشير المصنف رحمه الله الى ما اخرج احمد في مسنده من ان النبي عليه الصلاة والسلام في من حديث ابن عباس قال كان الذي اسر العباس بن عبد المطلب رجل من الصحابة يقال له ابو اليسر ابن عمرو اسر العباس. فوقع اسيرا في يد المسلمين يوم بدر. قال له النبي صلى الله عليه وسلم والحديث كما عند احمد في مسنده قال له كيف اسرته يا ابا اليسر؟ قال لقد اعانني عليه رجل ما رأيته بعد ولا قبل هيئته كذا وكذا فقال صلى الله عليه وسلم لقد اعانك عليه ملك كريم وهذا ضمن الشواهد التي اجتمعت فيما صح من الاحاديث ان ملائكة افدي نفسه عز وجل قاتلت مع النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه يوم بدر. فمنهم من قتل ومنهم من اسر ممتثلين امر الله عز وجل فاضربوا فوق الاعناق. واضربوا منهم كل بنان قال عليه الصلاة والسلام لقد اعانك عليه ملك كريم. فقال للعباس يا عباس افدي نفسك وابن اخيك عقيل ابن ابي طالب ونوفل بن الحارث وحليفك عتبة بن جحدم احد بني الحارث بن فهر. فابى العباس وقال اني كنت مسلما قبل ذلك وانما استكرهوني يعني اجبرتني قريش على الخروج والا فلست على دينهم وملتهم. قال عليه الصلاة والسلام الله اعلم بشأنك اي كما تدعي حقا فالله يجزيك بذلك. واما ظاهر امرك فقد كان علينا يعني ما نراك الا مشاركا في القتال وواقعا في الاسر ولنا بظاهر حالك. فافدي نفسك وكان عليه الصلاة والسلام قد اخذ منه عشرين اوقية ذهب فقال يا رسول الله احسبها لي من فداية. قال لا ذاك شيء اعطناه الله منك قال فانه ليس لي مال. قال فاين المال الذي وضعته بمكة؟ حيث خرجت عند ام الفضل وليس معكما احد غيركما فقلت ان اصبت في سفري هذا فللفضل كذا ولقسم كذا ولعبد الله كذا قال الم تفعل هذا مع زوجتك وقسمت المال وقلت لها كذا وكذا؟ قال فوالذي بعثك بالحق ما علم بهذا احد من الناس غيري وغيري واني لاعلم انك رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا مما يعضد قول اسلام العباس رضي الله عنه مبكرا بمكة وبقاؤه بها متخفيا باسلامه رضي الله عنه وارضاه واعلم بانه سيقتل ابي ابن خلف نعم وفي عتبة ابن ابي لهب انه يأكله كلب من كلاب الله وعسير المصنف رحمه الله تعالى الى ما سبق له ايراده من قبل لما قال وانه عليه الصلاة والسلام اعلم بانه سيقتل ابي ابن خلف. اشار بهذا الى ما حصل يوم احد لما رآه ابي بن خلف قائلا اين محمد لا نجوت ان نجا. وهو القائل كان يوم افتدى يوم بدر عندي فرس اعلفها كل يوم فرقا من ذرة اقتلك عليها فقال له النبي صلى الله عليه وسلم انا اقتلك ان شاء الله فلما رآه يوم احد شد ابي على فرسه على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقام له نفر من الصحابة يذبون عن المصطفى صلى الله عليه وسلم. وقد كانوا كما تعلمون يفدونه بارواحهم وانفسهم. ويبذلون له المهج والقلوب والرقاب فداء له عليه الصلاة السلام فقاموا يذبون عنه ويدفعون فقال عليه الصلاة والسلام هكذا اي خلوا طريقه وهو مقبل يشد على فرسه تناول عليه الصلاة والسلام حربة من الحارث ابن الصمة. فانتفض بها انتفاضة. تطايروا عنه تطاير الشعراء عن ظهر البعير اذا انتفض كان الصحابة محيطين به. فلما اخذ الحربة وهزها كان له من القوة عليه الصلاة والسلام ما تباعد به من هزته للرمح الصحب من حوله رضي الله عنهم. ثم استقبله عليه الصلاة والسلام فطعنه في عنقه طعنة تدأدأ بها عن فرسه مرارا وقيل بل كسر ضلعا من اضلاعه فرجع الى قريش وهو يقول قتلني محمد وهم يرون ان لا به بأس ان لا بأس به ويقولون لا بأس عليك يعني ليست الامر ليست القضية بالغة مبلغ القتل. وانه لم يبلغ فيك مقتلة. وهو يقول قتلني محمد. هم يقولون لا بأس عليك فقال لو كان ما بجميع الناس لقتلهم. اليس قد قال انا اقتلك؟ والله لو بصق علي لقتلني فمات في عودته من المدينة الى مكة قبل ان يصل مات بسرف في طريقهم الى مكة راجعين. فقوله عليه الصلاة والسلام لهذا عدو الله انا اقتلك ولم يقصد عليه الصلاة والسلام بهذا الا ان الله سيجعل مقتله على يديه عليه الصلاة والسلام. فكان كما اخبر وهذا لما قال له يوم بدر لي علف لي فرس اعلفها كل يوم فرقا من ذرة اقتلك عليها. فابدله النبي عليه الصلاة والسلام بجرأته ووقاحته وغطرسته وكبريائه بقوله بل انا اقتلك ان شاء الله فكان كما اخبر صلوات الله وسلامه دامه عليه. وذلك انه لا ينطق عن الهوى. ان هو الا وحي يوحى. فاذ قال له انا اقتلك ما كان تهديدا كما يفعله بعض الناس اذا واجه عدوا له ولا كان وعيدا ولا كان دفعا لشيء من العدوان بكلام يقال لكنه واخبار بموعد حق اصابه عليه الصلاة والسلام منه يوم احد كما سمعت في الرواية وفي عتبة ابن ابي لهب انه يأكله كلب من كلاب الله يشير ايضا بهذه الرواية الى ما تقدم للمصنف رحمه الله ايراده فيما سبق. في شأن عدو الله ابي لهب. وانه لما حصل منهم لما حصل منه الاذى لرسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عليه صلوات ربي وسلامه عليه قائلا اللهم سلط عليه كلبا من كلابك فاكله الاسد في بعض طرقه. وقوله فاكله الاسد اشارة الى انه من جند الله الذي سخر او لقتل هذا الخبيث. فلما قال له يأكله كلب او اخبر بانه سيأكله كلب من كلاب الله. والمراد به الاسد فانه من فصيلة واحدة وكل حيوان يكلب يعني يعدو ويفترس فانه من فصيلة واحدة فتقدم كما اخبر الصلاة والسلام ووقع في مقتله كما اخبر به صلى الله عليه وسلم وعن مصارع اهل بدر فكان كما قال. وهذا ايضا مما تنبأ به عليه الصلاة والسلام. والمراد بمصارع اهل بدر مواضع قتلهم في غزوة بدر وكلكم يعلم ان ما احتف بغزوة بدر من اعتراض لقافلة قريش يقودها ابو سفيان فافلتت منهم في المسير ذهابا الى الشام فاعترضوها في قفورها راجعة فنجا بها ابو سفيان. ثم كان ما كان من خروج قريش نجدة للقافلة فكان الامر قتالا لما خرجوا لقتالهم يوم بدر وقد كان عليه الصلاة والسلام اذ خرج ما خرج الا لاعتراض العير والقافلة. فلما تبدل الامر وتغير الحال واصبح الامر قتالا لا محالة. شاور عليه الصلاة والسلام صحبة. وفيما تعلمون من تفاصيل غزوة بدر اراد الله لهم ان يواجهوا اعدائهم وكانت وكان الامر على احدى الطائفتين خرجوا فكان القتال عسكر النبي عليه الصلاة والسلام وهو لا يزال يربط على قلوب اصحاب الجأشة والثبات والقوة والايمان. فكان فيما قال عليه الصلاة والسلام وهو يستعرض الجيش ليلة وصبيحة القتال عندما اصطف الجيشان. يمر عليه الصلاة والسلام ويشير بيده الى ميدان بدر. قائلا هذا مصرع فلان هذا مصرع فلان يحدد مواضع بعينها فيقول ها هنا سيقتل فلان. وها هنا سيقتل فلان وها هنا سيقتل فلان. يسميهم باسمائهم عليه الصلاة والسلام فعل ذلك وهو يحددهم ويضع يده على الارض ها هنا وها هنا. والحديث في الصحيح قال عليه الصلاة والسلام وهو يحدد مصارعهم قال فما مات احد منهم عن موضع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني ما تخلف مقتل احد ممن سمى عليه الصلاة والسلام ما خالف الموضع الذي حدده له قبل القتال تال لما قال هذا مصرع فلان وذاك مصرع فلان. فما تخلف احد في مقتله عن الموضع الذي اشار فيه عليه الصلاة سلام فاخبروني ما هذا اليس وحيا من الله؟ بشره فيه بنصر قبل القتال؟ فكان يلقي في قلوب اصحابه من صدق التوكل على الله وحسن الظن بالله ما يزيدهم ثباتا ورسوخا وهم ثلاث مئة وبضعة عشر يقابلون الفا من قريش ومعه من العدة والعتاد ما ليس مع اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فكان الامر كما قال عليه الصلاة والسلام ووقعوا قتلى حيث اشار صلى الله عليه واله وسلم وقال صلى الله عليه وسلم في الحسن ان ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من مين ولهذا قال الامام النووي رحمه الله معلقا على قوله عليه الصلاة والسلام في غزوة بدر هذا مصرع فلان وهذا مصرع فلان ما مات احد منهم عن موضعه يعني ما تغير ولا تجاوزا. يقول الامام النووي رحمه الله وهذا معجزة من اعلام النبوة واخباره عليه الصلاة والسلام بمصرع جبابرتهم. فلم ينفذ احد مصرعه. والموضع الثاني اخباره بان الغلام الذي كانوا يضربون في حديثهم لما اقتادوه يسألونه عن خبر قريش واخبر عليه الصلاة والسلام بصدقه تارة وبكذبه تارة فيما يخبر فكان كما قال عليه الصلاة والسلام اما حديث الحسن ابن علي يقول المصنف قال عليه الصلاة والسلام في الحسن ان ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين. والحديث في الصحيحين اخرج البخاري بسنده في الصحيح من حديث ابي موسى الاشعري قال سمعت الحسن يقول استقبل والله الحسن ابن علي معاوية بكتائب امثال الجبال المسلمين يشير الى ما وقع بين الحسن ومعاوية رضي الله عنهما من ابتداء الامر بعد مقتل والده امير المؤمنين علي رضي الله عنه قبل ان يستقر الامر بالخلافة لمعاوية. وما كان من تجاذب لامر الخلافة بين بعض المسلمين في من يريد والحسن بن علي وفيما اراد معاوية من صيرورة الامر اليه. يقول استقبل الحسن بن علي معاوية بكتائب الجبال فقال عمرو بن العاص اني لاراك تائب لا تولي حتى تقتل اقرانها فقال له معاوية وكان والله خير الرجلين اي عمرو ان قتل هؤلاء ان قتل هؤلاء وقتل هؤلاء هؤلاء فمن لي بامور الناس من لي بنسائهم من لي بضيعتهم ويشيرها لمعاوية رضي الله عنه في انه رأى ان القتال شر وسيودي الى ازهاق ارواح وفناء انفس وتنمل نساء وتيتم اطفال وهب ان الامر انتهى بعد القتال بالحكم وانفراد الامر لمعاوية افسيحسن حكم ويطاب ولاية على ايتام وارامل فقال ان قتل هؤلاء وهؤلاء هؤلاء من لي بامور الناس من لي بنسائهم من لي بضيعتهم؟ فبعث الى الحسن برجلين من قريش من بني عبد شمس. عبدالرحمن بن سامرة وعبدالله بن عامر بن كريز فقالا اذهبا الى هذا الرجل فاعرضا عليه وقولا له واطلبا اليه يعني مفاوضة في الامر فاتياه فدخلا عليه فتكلما وقال له فطلبنا اليه فقال لهما الحسن بن علي انا بنو عبدالمطلب قد اصبنا من هذا المال وان هذه الامة قد عاثت في دمائها. قال له فانه يعرض عليك كذا وكذا ويطلب اليك كذا وكذا ويسألك قال فمن لي بهذا؟ يعني من يضمن ثقة ما يتعاهد به معاوية رضي الله عنه. فقال نحن لك به قال فما سألهما الحسن شيئا الا قال نحن لك به. فصالحه. فقال الحسن ولقد سمعت ابا بكرة يقول الحسن البصري في رواية الحديث قال ولقد سمعت ابا بكرة يقول رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر والحسن ابن علي الى جنبه وهو يقبل على الناس مرة وعليه اخرى. ويقول ان ابني هذا سيد ولعل الله ان يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين هذا لفظ البخاري في الحديث اتدرك انه يقول عليه الصلاة والسلام عن سبقه الحسن ابن بنته فاطمة الزهراء رضي الله عنها وهو غلام صغير يجلسه بجواره على المنبر ينظر اليه تارة والى الناس تارة ويقول لهم ان ابني هذا سيد. وهو من سادات المسلمين في الدنيا ومن ساداتهم في الجنة وهو واخوه الحسين سيدا شباب اهل الجنة كما قال عليه الصلاة والسلام. ثم يقول ان ابني هذا سيد. ولعل الله ان يصلح به ان فئتين عظيمتين من المسلمين يقولها لغلام صغير يجلس على جواره الى جواره على المنبر لكنها النبوءة يا قوم وصدق رسالة نبينا صلى الله عليه وسلم. هذا من الغيب الذي اطلعه الله عليه من الذي اعلمه صلى الله عليه وسلم ان فتنا ستتوالى في الامة وان قتالا سينشب بين صفوف اهل الاسلام وان الحسن رظي الله عنه يوفق بتوفيق الله لان يكون سببا في صلح عظيم. واطفاء الفتنة واخماد بنارها فكان كما سمعت في الرواية وما حصل من المفاوضة بينه وبين معاوية. والحسن رظي الله عنه اثر انا دماء المسلمين وكف القتال في مقابل التنازل عن ولاية المسلمين. وخلافتهم في امة محمد صلى الله عليه وسلم سلم وان يكون بعد ابيه امير المؤمنين علي رضي الله عنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وولي امر المسلمين وامامهم في الامة فتنازل عن مجد دنيوي عظيم وترك حكما وولاية وامارة لامر اعظم. رآه رظي الله عنه. وهذا من توفيق الله له وهو حقن الدماء وعصمتها وحفظها وكف القتال واطفاء الفتنة واخماد نارها. فكان هذا من اعظم مناقب الحسن ابن علي رضي الله عنه وعن والديه وصلى الله وسلم على جده. هذه المنقبة العظيمة سجلها التاريخ. فما عاد يعرف ذاك العام الا بعام بالجماعة لما جعل الله من اجتماع المسلمين على الكلمة والسبب فيها الحسن حفيد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فكان من المناقب العظام التي تقلدها رضي الله عنه وكانت نبوءة عظيمة مبكرة اخبر بها صلى الله عليه وسلم لما قال ان ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين ولسعد لعلك تخلف حتى ينتفع بك اقوام ويستظر بك اخرون. هذا سعد ابن ابي وقاص رضي الله عنه قدم مكة مع النبي صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع. واتاه عليه الصلاة والسلام فوجده قد واصابه المرض فاشفى على الموت يعني اوشك على الهلاك. والحديث اخرجه الشيخان البخاري ومسلم. ولفظ مسلم في صحيحه قال عن من حديث سعد رضي الله عنه قال عاد لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع من وجع اشفيت منه على قوتي يعني اشرفت منه على الهلاك. فقلت يا رسول الله بلغ بي من الوجع ما ترى وانا ذو مال ولا يرثوني الا ابنة لي. افاتصدق بثلثي مالي؟ قال لا قلت فالشطر يا رسول الله؟ قال لا. قلت فالثلث؟ قال الثلث وسعد. الثلث كثير. انك ان تذر ورثتك اغنياء خير لك من ان تذرهم عالة يتكففون الناس وانك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله الا اجرت عليها. حتى ما تجعل في في امرأتك هذا والنبي عليه الصلاة والسلام يعود سعدا وسعد طريح الفراش تجاوز به المرض حتى اتى على حافة الهلاك. وعليه الصلاة والسلام ما زال يوصيه ثم قال عليه الصلاة والسلام وهو يقول سعد رضي الله عنه خائفا وجلا قال يا رسول الله اخلف بعد اصحابي؟ يعني انتم ما توشك دون ان تعودوا وابقى انا بمكة بعد الهجرة وقد اكرمني الله وادركت معكم النصرة والهجرة افابقى؟ فاصابته لانه رأى مشارف الموت قال اخلف بعد رسول الله يقولها حسرة فقال عليه الصلاة والسلام انك لن تخلفا فتعمل عملا تبتغي به وجه الله الا ازددت به درجة ورفعة. ثم قال وهذا موضع الشاهد في الحديث. قال ولعلك ان تخلف يعني يبطئ بك الموت ويتأخر عنك ولعلك ان تخلف حتى ينفع الله بك اقواما ويظر بك اخرون اللهم امضي لاصحابي هجرتهم ولا تردهم على اعقابهم ثم قال ولكن البأسوء ولكن البائس سعد بن يرثي له رسول الله صلى الله عليه وسلم ان مات بمكة فموضع الشاهد قوله لسعد بن ابي وقاص ولعلك ان تخلف فينتفع بك اقوام ويضر بك اخرون قال هذا صلى الله عليه وسلم لسعد وهو في ذاك بمكة قبل عودته من حجة الوداع وهذا في السنة للهجرة فهل تدرك ان سعدا رضي الله عنه طاب من وجعه ذاك ونشط وامتد به العمر فما ادركته الوفاة الا سنة ثمان وخمسين من الهجرة بقي بعد ذلك الكلام نحو من ثمان واربعين سنة امتد به العمر. فما الذي كان في حياة سعد كان فيه الجهاد والنصر كان فيه قيادة الفتوح ومعركة القادسية التي دمرت بها مملكة فارس. انما كان سعد رضي الله عنه قاد الفتوح والجيوش وكتب الله على يديه النصر وعبر بجحافل المسلمين الفاتحة الى بلاد فارس وما ورائها؟ فكان النصر المؤزر. فكم نفع الله بسعد وكم كتب الله على يديه عزا للاسلام ونصرا وجهادا وفتحا في الوقت الذي كان في حياته وطول عيشه ظرر على اهل الشرك والكفر والعناد. ومن حاد الله ورسوله فاصيبوا على يدي ساعد به الذل والهوان فصدقت نبوءته صلى الله عليه وسلم حتى ينتفع بك اقوام ويضر بك اخرون كانت تلك الجملة التي قالها في عيادته لسعد اخبارا عن شأن عظيم وحياة مديدة وعمر حافل لسعد رضي الله في الجهاد والنصرة ورفع راية الاسلام واذلال الشرك واهله فرضي الله عنه وارضاه واخبر صلى الله عليه وسلم بقتل اهل مؤتتة يوم قتلوا وبينهم مسيرة شهر او ازيد غزوة مؤتة التي بعث بها النبي صلى الله عليه وسلم وامر عليها ثلاثة من اصحابه واصيبوا جميعهم رضي الله عنه واحدا تلو الاخر واخبر عليه الصلاة والسلام بما حصل لاصحابه وما اصابهم من القتل يوم مؤتة وهو جالس بين اصحابه بالمدينة في مسجده عليه الصلاة والسلام في وقت لم تكن فيه وسائل الاتصالات ولا تقنية نقل الاخبار حاضرة لكنه الوحي الاعظم من ذلك كله. الذي يأتيه به الله عز وجل بعلم من علمه سبحانه وتعالى. الحديث في صحيح البخاري عن انس رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم نعى زيدا وجعفرا وابن رواحة للناس قبل ان يأتيهم خبرهم نعاهم يعني بلغهم بخبر مقتلهم. وهو جالس بين اصحابه بالمدينة. ابلغهم بمقتل زيد ومقتل جعفر ومقتل ابن والثلاثة امراء الجيش يوم مؤتة. قبل ان يأتي الخبر من هناك بما اصاب الناس. قال فاخذ الراية زيد نصيب ثم اخذها جعفر فاصيب ثم اخذها ابن رواحة فاصيب وعيناه تذرفان صلى الله عليه وسلم ثم قال حتى اخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم يقصد خالد بن الوليد رضي الله عنه وارضاه قال الحافظ ابن حجر وذكر موسى بن عقبة في المغازي ان يعلى ابن امية قدم بخبر اهل مؤتة فقال له صلى الله عليه وسلم ان شئت فاخبرني وان شئت اخبرك قال فاخبرني فاخبره عليه الصلاة والسلام بما جاء من اجله لاخباره وهو مقتل القادة الثلاثة قال والذي بعثك بالحق ما تركت من حديثهم حرفا لم تذكره. فصلى الله وسلم وبارك عليه وبموت النجاشي يوم مات وهو بارضه. النجاشي ملك الحبشة الذي ادرك المسلمون الاوائل بالهجرة اليه في مملكته وفي حكمه وامارته حفظا لارواحهم واديانهم ونصرة لما هم عليه من الاسلام اسلم رضي الله عنه بالحبشة ومات. والنبي عليه الصلاة والسلام اذ ذاك بالمدينة. فاخبر اصحابه بموت النجاشي ولم يطلعه على ذلك الغيب الا الله عز وجل فلما مات والحديث كما في الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم نعى للناس النجاشي في اليوم الذي مات فيه ثم خرج بهم الى المصلى وكبر اربع تكبيرات وصلى عليه صلاة الغائب صلى الله عليه وسلم. فاخبرهم بموت الرجل وهو حبشة وبينه وبين المدينة مسافات برا وبحرا لا تدرك الا في ايام طوال. ثم يخبرهم في اليوم الذي مات فيه وليس هذا الا وحيا من الله ولو كنت رجلا من افراد الصحابة في ذلك اليوم جالسا معهم ويخبرك عليه الصلاة والسلام بان النجاشي هناك ارض الحبشة مات ثم يقول قوموا الى الصلاة فانه مات بالحبشة رجل صالح فيصفهم ويكبر عليه اربع تكبيرات يصلون خلفه انك فوق ان تصلي على رجل مات صلاة الغائب. ليبلغ بك الخبر في الايمان مبلغه في عظم اليقين انك مع صادق امين يأتيه الوحي من رب العزة. فيصلي بهم صلى الله عليه وسلم على النجاشي صلاة الغائب. وهذا ولا شك من عظيم من معجزاته وايات نبوته صلى الله وسلم وبارك عليه واخبر فيروز اذ ورد عليه رسولا من كسرى بموت كسرى ذلك اليوم. فلما حقق فيروز القصة اسلم هكذا اورد القاضي عياض رحمه الله تعالى قصة رسول كسرى اذ بعث عليه الصلاة والسلام كما تعلمون بخطابات الى الملوك والعظماء والرؤساء. يخبرهم فيها بدعوتهم الى الاسلام. فكان في من خاطب وكاتب صلى الله عليه وسلم العظماء. هرقل الروم وكسرى فارس ومقوقس مصر. وسائر الزعماء والعظماء والامراء انذاك يخبرهم صلى الله عليه وسلم بالدين والوحي الذي اوحى الله تعالى به اليه ويأمرهم صلى الله عليه وسلم بقبول الاسلام. والدخول في الدين. فاما كسرى فقد تجبر ومزق خطاب رسول الله صلى وسلم لم فدعا الله فدعا عليه صلى الله عليه وسلم ان يمزق الله ملكه كما مزق الخطاب. فمزق ملكه في كسرى وسالت مملكة على ايدي الصحابة في خلافة عمر بقيادة سعد رضي الله عنه في معركة القادسية اورد المصنف هنا ان فيروز الذي بعثه كسرى بعدما تمرد وطغى وتجبر ومزق الخطام. ارسل الى بعض عماله وولاته برسل يقدمون على النبي عليه الصلاة والسلام وان فيروزا هذا الذي قدم اخبره عليه الصلاة والسلام بموت كسرى ذلك اليوم فكان الامر كما قال اخرج اصحاب السير والمؤرخون في قصة فيروز التي اشار اليها المصنفون من طرق نحاصرها انه صلى الله عليه وسلم لما كتب لكسرى خطابه بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله الى عظيم فارس سلام على من اتبع الهدى وامن بالله ورسوله وشهد ان لا اله الا الله وان محمدا عبده ورسوله الى اخر ما جاء في دعوته الى الاسلام عليه الصلاة والسلام. فلما مزق كسرى كتابه وخطابه صلى الله عليه وسلم كتب الى باذان عامله على اليمن ان ابعث اليه رجلين جلدين يأتيانه فبعث قهرمانه ومعه اخر من الفرس ومعهما مكتوب يأمره فيه بالانصراف معهما. فلما اتياه قال اتياني غدا. فلما اتياه في الغد قال لهما ان الله سلط على كسرى ابنه شهروين فقتله في وقت كذا. فاخبر باذان بما قاله صلى الله عليه وسلم قال لننظر ان ما قال فان تحقق فهو نبي مرسل. فلم يلبث ان قدم عليه مكتوب شهرويه بما الذي وقع فاسلم واسلم معه ابناء فارس باليمن وحسن اسلامهم ووزير كسرى هذا الذي ذكر في القصة اسمه برويز هذا ما ذكره المؤرخون في القصة والذي ذكره المصنف رحمه الله غير مشتهر. ولا يعرف ان فيروزا المذكور بهذا الاسم هو وصاحب القصة نعم فيروز الديلمي احد ابناء فارس الذي يسمى من الابناء ممن كان اباؤهم من فارس امهاتهم من عرب اليمن ممن ولدوا هناك اسلم وحسن اسلامه وبقي على الدين الحق فله منقبة اما ان يذكر في صاحب القصة كما اشار المصنف فليس ذلك معروفا عنه. وان ذكره بعضهم في دلائل النبوة واخبار الصحابة لكنهم لم يذكر عنه انه كان الامر على ذلك. وفيروز الديلمي المذكور كان قاتل الاسود العنسي الذي نصرة لله ولدينه ولرسوله صلى الله عليه واله وسلم واخبر صلى الله عليه وسلم ابا ذر رضي الله عنه بتطريده كما كان ووجوده في المسجد نائما ووجده في المسجد نائما فقال له كيف بك اذا اخرجت منه؟ قال اسكن المسجد الحرام. قال فاذا اخرجت منه الحديث وبعيشه وحده وموته وحده. نعم قصة ابي ذر رضي الله عنه اشار اليها المصنف هنا في اكثر من جملة. قال اخبر ابا ذر بتطريده كما كان ووجده في المسجد نائما فقال له كيف بك اذا اخرجت منه الى اخر الرواية؟ يشير المصنف الى حديث اخرجه اراني وذكره الهيثم الهيثمي في المجمع وذكر فيه بضعف سنده وعدم ثبوته. والرواية طويلة فيها ان ابا ذر كان يخدم النبي عليه الصلاة والسلام فاذا فرغ من خدمته اوى الى المسجد فاضطجع فكان هو بيته فدخل عليه الصلاة والسلام ليلة فوجد ابا ذر منجدلا في المسجد يعني نائما مضطجعا فنكته عليه الصلاة والسلام برجله حتى استوى جالسا فقال له الا اراك نائما؟ قال يا رسول الله اين انام؟ وهل لي وغيره فجلس اليه صلى الله عليه وسلم وقال له كيف انت اذا اخرجوك منه؟ يعني من المسجد قال اذا الحقوا بالشام فان الشام ارض الهجرة وارض المحشر وارض الانبياء. فاكون رجلا من اهلها فقال له كيف انت اذا اخرجوك من الشام قال اذا ارجعوا فاكونوا ارجعوا اليه فاكونوا فيكون بيتي ومنزلي. يعني المسجد فيعود اليه ثانية فيكون طول بيتي ومنزلي. قال فكيف بك اذا اخرجوك الثانية قال اذا فاخذ سيفي فاقاتل عني حتى اموت فكشر اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاثبته يده وقال الا ادلك على خير من ذلك؟ قال بلى بابي وامي انت يا رسول الله. قال تنقاد لهم حيث قادوك وتنساق لهم حيث ساقوك حتى تلقاني وانت على ذلك هذا الذي قصده المصنف رحمه الله بقوله اخبر ابا ذر بتطريده. يعني ان يطرد من المسجد فيأتي الشام فيطرد من الشام فيعود الى المسجد وكل ذلك لا تثبت به الرواية. وسندها ضعيف وابو ذر رضي الله عنه من الصحب الكرام الاوائل في الاسلام طابقينا الكرام ومنقبته العظيمة في صدق سريرته رضي الله عنه. وفي ورعه وتقواه وزهده الشديد في الدنيا واستقلاله منها حتى لا يبقي لنفسه وبيته شيئا. ورغبته فيما عند الله والدار الاخرة. واما قصة تطريده فليس يثبت منها شيء وربما شغب بها بعض اهل الاهواء والبدع نكاية في الصحب الكرام رضي الله عنهم وازراء بهم وطعنا فيما يتعلق بحكام المسلمين وخلفائهم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو ثبتت تلك الرواية استدعى الامر جوابا لكنه دون ذلك بكثير. اما قول المصنف رحمه الله وبعيشه وحده وموته وحده رضي الله عنه وارضاه يشير الى اكثر من حديث روي في بعض السنن منها حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال لما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم الى تبوك جعل لا يزال يتخلف الرجل فيقولون يا رسول الله تخلف فلان يعني بعض من تأخر في الخروج الى تبوك واشتراكه في الغزو وعامة من تخلف كانوا من المنافقين. وبعض من تخلف ارتحل فادرك المسير. ونجا. وفين هم الثلاثة الذي حين نزلت توبتهم في سورة التوبة فعلى كل حال قال فجعل الرجل يتخلف فيقولون يا رسول الله تخلف فلان. فيقول دعوه ان يكفيه خير فسيلحقه الله بكم. وان يك غير ذلك فقد اراحكم الله منه. حتى قيل يا رسول الله تخلف ابو ذر وابطأ به بعيره فقال عليه الصلاة والسلام دعوه ان يك فيه خير فسيلحقه الله بكم وان يك غير ذلك ذلك فقد اراحكم الله منه. فتلوم ابو ذر على بعيره فابطأ عليه. فلما ابطأ عليه اخذ متاعه فجعل على ظهره فخرج يتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ماشيا فلما نزل عليه الصلاة والسلام في بعض منازله ونظر ناظر من المسلمين قال يا رسول الله هذا رجل يمشي على الطريق فقال عليه الصلاة والسلام كن ابا ذر فلما تأمله القوم قالوا يا رسول الله هو والله ابو ذر فقال عليه الصلاة والسلام رحم الله ابا ذر يمشي وحده ويموت وحده ويبعث وحده فكان فيما كان لما دارت الايام وسير ابو ذر الى الربدة خرج من المدينة الى الربدة وهي خارج المدينة على قربة منها فلما حضره الموت اوصى امرأته وغلامه اذا مت فاغسلاني وكفناني ثم احملاني فضعاني على قارعة الطريق فاول ركب يمرون بكم فقولوا هذا ابو ذر. فلما مات فعلوا به كذلك فاطلع ركب الى اخر ما جاء في الرواية اخرجها ابن اسحاق في المغازي وفي مختصرها في السيرة لابن هشام. وكذلك الحاكم في المستدرك وفي سندها وان صححه الحاكم وحسن ابن كثير اسناده واما الحديث الثاني الذي ذكره المحدثون في شأن قصة ابي ذر رضي الله عنه فهو ما رواه ابو المثنى الاملوكي الحمصي رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اذا خرج الى اصحابه قال عويمر حكيم امتي يعني ابو الدرداء وجندب طريد امتي يعني ابو ذر يعيش وحده ويموت وحده والله وحده يكفيه الحديث فيه ضعف لارساله. وهو مما لا يستقيم سنده متصلا الى النبي صلى الله عليه وسلم. فالحاصل ان الحديث ضعيف وقول المصنف فيما اشار به عيشه وحده وبموته وحده ما جاءت به الاحاديث لا يثبت بها سند متصل الى النبي عليه الصلاة والسلام. اما ابو ذر فقد خرج من المدينة الى الربذة وبقي بها اخر حياته ومات. وفي قصة حديث صحيح اخرجه ابن حبان في صحيحه وحسنه الالباني. من حديث امي ذر قالت لما حضرت ابا ذر الوفاة بكيت فقال ما يبكيك قلت ما لي لا ابكي وانت تموت بفلات من الارض وليس عندي ثوب يسعك كفنا ولا يدان لي في تغييبك يعني في دفنك قال ابشري ولا تبكي فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنفر انا فيهم ليموتن رجل منكم بفلات من ارضي يشهده عصابة من المسلمين قال وليس احد من اولئك النفر الا وقد مات في قرية وجماعة فانا ذلك الرجل. فوالله ما كذبت ولا كذبت فابصر الطريق فقلت انى وقد ذهب الحاج. يعني قد عبر الحجيج وعادوا. والطريق ليس يسلكه احد قال ابصر الطريق فقلت انى وقد ذهب الحاج وتقطعت الطرق قال اذهبي فتبصري قالت فكنت اسند الى الكثيب اتبصر ثم ارجع فامرظه فبين انا وهو كذلك اذ انا برجال على رحالهم انهم الرخم تخب بهم رواحلهم. قالت فاشرت اليهم فاسرعوا الي حتى وقفوا علي. فقالوا يا امة الله ما لك؟ قلت تبرؤ من المسلمين يموت تكفنونه. قالوا ومن هو؟ قلت ابو ذر. قالوا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت نعم ففدوه بابائهم وامهاتهم واسرعوا اليه حتى دخلوا عليه فقال لهم ابشروا فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنفل انا فيهم ليموتن رجل منكم بفلات من الارض عصابة من المؤمنين وليس من اولئك النفر رجل الا وقد هلك في جماعة. والله ما كذبت ولا كذبت. انه لو كان عندي ثوب يسعني كفنا لي او لامراءاتي لما اكفن الا في ثوب هو لي او لها فاني انشدكم الله الا يكفنني رجل منكم كان اميرا او عريفا او بريدا او نقيبا وليس من اولئك النفر احد الا وقد قارف بعض ما قال الا فتى من الانصار فقال انا يا عم اكفنك في رداد هذا وفي ثوبين من هيبتي من غزل امي قال انت فكفني فكفنه الانصاري. وقاموا عليه ودفنوه في نفر كلهم ايمان. والحديث اخرجه ابن حبان وصححه وحسنه الالباني فهذا مما اخبر به عليه الصلاة والسلام واقعا موقع صدق نبوته صلى الله عليه وسلم. وفي الفصل بقية نأتي عليها تباعا ان شاء الله اعمر ليلتكم وابهجوا ارواحكم وطيبوا افواهكم بالصلاة على الحبيب المصطفى. ما قلت صلى الله يا خير الورى الا ترفرف بي لوصلك روحي واذا سئلت عن الطموح اجيبهم لقيا حبيبي في الجنان طموحي فصلوا وسلموا على من جعل ربي الصلاة والسلام عليه سببا لعشر صلوات تتنزل منه تعالى وتبارك. اللهم صل على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم في العالمين انك حميد مجيد. اللهم اجعل لنا ولامة الاسلام من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عام من كل بلاء عافية رحماك ربنا بامة الاسلام جميعا وارحم ضعفائها اللهم كن لاهل الاسلام في الشام اللهم فرج عنهم اصابهم وكربتهم وبلاءهم يا ارحم الراحمين. اللهم انهم مظلومون فانتصر لهم وضعفاء فآويهم. اللهم اجعل لهم من همهم فرجا وعجل لهم بالنصر والفرج يا قوي يا عزيز. اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين. وارحم الاحياء منا والميتين يا ارحم الراحمين اللهم انا ربنا نسألك من الدنيا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. اللهم ربنا انك تعلم سرنا وعلانيتنا فاتنا ما سألناك وما لم نسألك يا اكرم الاكرمين. ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم. الله اكبر