شريك له. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. احمد الله تعالى واستعينه واستغفره. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد اخوة الاسلام ففي رحاب بيت الله الحرام. وفي هذه الليلة الشريفة الغراء نحن نتذكر قول المصطفى صلى الله عليه وسلم اكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة وليلة الجمعة فان صلاتكم معروضة علي. فاللهم صل وسلم وبارك عليه وسلاما دائمين ابدا. واعلموا وفقني الله واياكم ان مجلسنا هذا الذي ما زلنا نقلب فيه صفحات كتاب بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم للامام القاضي عياض رحمة الله عليه لهو سبب باعث يحملنا على الاستكثار من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه واله وسلم. القلب كم يشتاقه والعين كم اليه صلوا عليه فلم يخب والله من صلى عليه. صلى الله وسلم وبارك عليه. وما زلنا في الفصل الذي جعله المصنف رحمه الله في ذكر الايات والمعجزات التي ايد الله بها نبينا صلى الله عليه وسلم. ورغم تعداد الايات وكثرتها وتعدد اجناسها واصنافها. الا ان ذلك الباب العظيم من الغيب الذي اطلعه الله عليه تلك الصفحة من علم لم يطلع عليه البشر لهو في عداد اعظم الايات والمعجزات. لانه لا قبل للبشر بها ولا سبيل للانسان عليها الا بوحي من الله. ورغم ذلك فان عدد تلك المواقف والحوادث التي اخبر فيها نبينا صلى الله عليه وسلم بامر غائب عن حضرته اما بواقعة في زمانه او بما سيكون بعد مماته صلى الله عليه وسلم او لما سيقع في الامة مما هو كائن الى يوم القيامة. كل ذلك من جليل الايات التي كانت ولم تزل من اعظم الدلائل على صدق نبوته صلى الله عليه واله وسلم. ثم ان تلك الايات المعجزات كثيرة عديدة والمواقف فيها ايضا متنوعة مضت معنا مجالس عدة في ذكر تلك المواقف التي لها المصنف رحمه الله شواهد على ما اراده من اطلاعه صلى الله عليه وسلم على الغيب بامر ربه عز وجل. دالة ولعلنا نختم في مجلس الليلة هذا الفصل الذي امضينا فيه مجالس عدة في تتابع تلك المواقف وكل جملة منها كانت تحكي حدثا في السيرة النبوية او موقفا كان فيه شيء من ذلك المعنى العظيم وهو اية معجزة دالة على صدق طفى صلوات الله وسلامه عليه. الحمد لله الذي جعل دراسة السيرة النبوية شفاء للقلوب والارواح وسببا للسعادة والفلاح وعوضا عن كل ما فات وراح. والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم للشمائل الباطنة والظاهرة والفظائل الباهرة الزاهرة وعلى اله واصحابه خيار والتابعين لهم باحسان الى يوم القرار. اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولجميع مسلمين. اما بعد فهذا هو مجلسنا الثامن بعد المئة من المجالس العامرة في هذه البقعة الطاهرة الشريفة وباسانيدكم المتصلة كنساء كنسيم الرياض الى كتاب الشفا للقاضي عياض رحمه الله تعالى قال رحمه الله فصل فيما اطلع عليه من الغيوب وقال صلى الله عليه وسلم لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان دعواهما واحدة وقال صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه في سهيل بن عمرو رضي الله عنه عسى ان يقوم مقاما يسرك يا عمر فكان كذلك قام بمكة مقام ابي بكر رضي الله عنه يوم بلغهم موت النبي صلى الله عليه وسلم وخطب بنحو خطبته وثبتهم وقوى بصائرهم. نعم. مضى في مجلس ليلة الجمعة الماضية صلى الله عليه وسلم فيما اخرج الشيخان لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان دعواهما واحدة. واما قول المصنف رحمه الله تعالى وقال لعمر في سهيل بن عمر عسى ان يقوم مقاما يسرك يا عمر فكان كذلك يشير به المصنف رحمة الله عليه الى ما ذكره ابن اسحاق في سيرته وعنه نقله عامة ارباب السير وفيه ان سهيل بن عمرو وهو سيد من سادات قريش ورجل من رجالاتها الكبار كان خطيبا مفوهة وكان ممن يحرض على النبي صلى الله عليه وسلم قريشا بمكة ويؤلبهم على معاندة والتكذيب بل وعلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقع سهيل بن عمرو اسيرا يوم بدر لما جيء به قال عمر رضي الله عنه فيما اخرج ابن اسحاق قال يا رسول الله دعني انزع ثنيتي سهيل بن عمرو فاذا بعث نيتيه كان هذا مانعا له من الخطابة والفصاحة والكلام. والرجل انما اوتي قوته في سلاطة لسانه وتأليبه على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما جيء به في اسرى بدر قال عمر يا رسول الله دعني انزع ثنيتي سهيل بن عمرو ويدلع لسانه فلا يقوم عليك خطيبا في موقف ابدا. فقال صلوات الله وسلامه عليه لا امثل به فيمثل الله بي وان كنت نبيا. قال ابن اسحاق وبلغني ان انه قال صلى الله عليه وسلم اما لعمر في هذا الحديث انه عسى ان يقوم مقاما لا تذمه. الحديث لا يثبت سندا قال عنه الحافظ ابن كثير هو مرسل بل معضل. واظعف منه ما اخرجه الواقدي ايضا في مغازيه. فيما يتعلق بقصة اسارة بدر وحديث عمر مع النبي صلى الله عليه وسلم. لكن الحاكم اخرج في المستدرك وصححه لما قال سفيان ما مات النبي صلى الله عليه وسلم نفر اهل مكة يعني اصابهم ما اصاب عامة جزيرة العرب من الردة والرجوع عن الدين او شيء مما يقع من الشك والريب بعد موته عليه الصلاة والسلام. قال سفيان فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم نفر اهل مكة فقام سهيل بن عمرو عند الكعبة فقال من كان يعبد من كان محمدا الهه محمدا قد مات والله حي لا يموت. الحديث اخرجه الحاكم لكنه مرسل ايضا والمقصود في هاتين الروايتين فيما رواه ارباب السير او فيما اخرجه الحاكم انه لما قال عليه الصلاة والسلام لعمر عسى ان يقوم مقاما يسرك يا عمر. وكان هذا مبكرا في بدر وسهيل اذ ذاك مشركا. بل سهيل احد المفاوضين الذين من الحديبية يمثل قريشا وعلى يديه كان الصلح فكان من العقلاء والناصحين ثم كتب الله له الاسلام فاسلم الفتح وحسن اسلامه فثبته الله بل وثبت به عامة مسلمي مكة بعد ممات رسول الله صلى الله عليه وسلم والمصنف يشير بهذا الى صفحة ايضا من علم الغيب. اطلع عليها النبي عليه الصلاة والسلام بامر الله عز وجل. لما قال لعمر فانك لا تدري لعله يقوم مقاما يسرك. فابقى الله لسهيل حياته حتى اسلم فكانت له تلك المنقبة اليها قال المصنف قام بمكة مقام ابي بكر يوم بلغهم موت النبي صلى الله عليه وسلم وخطب بنحو خطبته يعني اشترك هو وابو بكر في المعنى لما قال ابو بكر لاهل المدينة من كان يعبد محمدا من كان يعبد محمدا فان ابدا قد مات ومن كان يعبد الله فان الله حي لا يموت. وتلا عليهم قول الله عز وجل في سورة ال عمران. وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا سيجزي الله الشاكرين فكان مقام سهيل بمكة مقام ابي بكر بالمدينة رضي الله عنهم اجمعين قال رحمه الله تعالى وقال صلى الله عليه وسلم لخالد رضي الله عنه حين وجهه لاكيدر انك تجده يصيد البقر. فوجدت هذه الامور كلها في حياته وبعد موته كما قال عليه الصلاة والسلام هذه جملة اخرى ايضا اكيدر دومة الجندل او دومة الجندل اكيدر هو اسم لحاكم مدينة ادومة الجندل المسماة باسمها الى اليوم في شمال جزيرة العرب. وهي لا تزال محتفظة باسمها على مشارف بلاد الشام لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد رضي الله عنه قائدا على سرية بعثها هناك واراد منه مهمة رضي الله عنه وارضاه سيأتيك وصف روايتها. الحديث اخرج اصله الامام ابو داوود في سننه وحسنه الالباني ان النبي صلى الله عليه وسلم بعث خالدا رضي الله عنه الى اكيدر دومة الجندل فاخذوه فاتوا به فحقن له دمه وصالحه على الجزية. الرواية المختصرة هذه في سنن ابي داوود وقد حسنه الالباني فانها جاءت باوسع من ذلك عند ارباب السير. وذكروا فيها تفصيلا في الرواية فيما حصل هي ما اشار اليه المصنف لما قال النبي صلى الله عليه وسلم اذ وجهه الى اكيدر ابن عبدالملك وهو امير وحاكم دومة الجندل قال انك تجده يصيد البقر. قال ابن اسحاق في سيرته رحمه الله لما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الى تبوك دعا خالد بن الوليد فبعثه الى اكيد لدومة. وهو اكيدر بن عبدالملك رجل من كندة. وكان ملك تن عليها وكان نصرانيا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لخالد انك ستجده يصيد البقر يبعثه عليه الصلاة والسلام وبينه وبين دومة الجندل نحو من عشر ليال من المدينة وبينها وبين الكوفة عشر ليال وبينها وبين دمشق عشر ليال فالمسافة على بعد ايام ثم يقول له انك اذا اتيت في اليوم الذي تبلغه على هذا الوصف قال انك ستجده يصيد البقر. قال فخرج خالد حتى اذا كان من حصنه بمنظر العين في ليلة مقمرة صافية وهو على سطح له ومعه امرأته فاتت البقر تحك بقرونها اباد القصر ويريدون في الرواية بقر الوحش وليست البقرة الانسية. قال فاتت البقر تحك بقرونها باب فقالت له امرأته هل رأيت مثل هذا قط؟ يعني هذا صيد وقدم الى باب القصر. لم يتعب في تحصين ولا في البحث عنه ولا في صيده وساقه الله الى باب القصد. فقالت امرأته على وجه التعجب هل رأيت مثل هذا؟ فقال ومن يترك هذا؟ قالت لا احد. فنزل اكيدر فامر بفرسه فاسرج. وركب معه نفر من اهل بيته فيهم اخ له يقال له حسان. فركب وخرجوا معه بمطاريدهم يعني بادوات الصيد فلما خرجوا تلقتهم خير رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخذته وقتلوا اخاه حسان وقد كان عليه قباء له من الديباج مخوص بالذهب يعني يلبس عباءة فاخرة من حرير وعليها خوص من ذهب. قال فاستلمه خالد فبعث به الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ان خالدا قدم باكيدر على النبي صلى الله عليه وسلم فحقن له دمه وصالحه على الجزية ثم خلى سبيله فرجع الى قريته. فقال رجل من طيئ يقال له بجير بن بجرة يذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لخالد انك ستجده يصيد البقر وما صنع البقر تلك الليلة حتى استخرجه من قصره بتصديق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول هذا الرجل الطائي تبارك سائق البقرات ليلا رأيت الله يهدي كل هادي فمن يك حائدا عن ذي تبوك فانا قد امرنا بالجهاد. وكيدر هو ملك دومة الجندل كما اخرج ابن اسحاق وعامة اصحاب السير قصة خالد رضي الله عنه في هذا السياق. ثم انه كيدر بعدما صالحه النبي عليه الصلاة والسلام رجع وبقي على نصرانيته بقي يدفع الجزية ومات نصرانيا وقيل بل اسلم بعدما رجع وبعث الى النبي صلى الله عليه وسلم وقد عده نعيم في الصحابة وكذلك ابن منده. لكن ابن الاثير غلط ذلك بالاتفاق انه مات نصرانيا قال رحمه الله تعالى الى ما اخبر به جلساءه من اسرارهم وبواطنهم. قال رحمه الله تعالى فوجدت هذه الامور كلها في حياته صلى الله عليه وسلم. وبعد موته كما قال عليه الصلاة والسلام الى ما اخبر به جلساءه من اسرارهم وبواطنهم واطلع عليه من اسرار المنافقين متقين وكفرهم وقولهم فيه وفي المؤمنين. حتى ان كان بعضهم ليقول لصاحبه اسكت. فوالله لو لم يكن من يخبره لاخبرته حجارة البطحاء. قال المصنف رحمه الله فوجدت هذه الامور كلها في حياته بعد موته كما قال عليه الصلاة والسلام يعني عامة ما ساق المصنف في هذا الفصل كلها قد وقعت مصداقا لما اخبر به صلى الله عليه وسلم. واشار اشارات مجملة الى مواقع اخر كان عليه الصلاة والسلام ربما اخبر بعض جلسائه بشيء من من اسرارهم وبواطنهم. يدل لذلك مثلا حديث ابي صمد وقد اخرجه بعض اصحاب السنن فانه قدم على النبي عليه الصلاة والسلام. فلما جلس بين يديه قال له النبي صلى الله عليه وسلم جئت تسأل عن البر. فمن الذي اخبره عليه الصلاة والسلام؟ هذا طرف من علم بالغيب كان نبينا عليه الصلاة والسلام ربما حدث بعض جلسائه بشيء في نفسه قال جئت تسأل عن البر قلت نعم ثم افاده عليه الصلاة والسلام بمعنى كل من البر والاثم. ويدل لذلك ايضا شواهد كثر كان فيها صلى الله عليه وسلم باطلاع الله له على الغيب يتحدث عن صفحة من الغيب لا يطلع عليها البشر في العالم فكان هذا امارة على صدق نبوته صلى الله عليه وسلم. ومثله ايضا ما اخرج ابن حبان. وغيره ايضا من رواة في السنة عن ابن عمر رضي الله عنه قال جاء رجل من الانصار الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله كلمات اسألك عنهن فعلمنيهن. فقال له عليه الصلاة والسلام ان شئت اخبرتك عما جئت تسأل وان شئت سألتني فاخبرتك. فقال لا بل يا نبي الله اخبرني عما جئت اسألك. فقال صلى الله عليه وسلم جئت تسأل عن الحاج ما له حين يخرج من بيته؟ وماله حين يقف بعرفات وماله حين يرمي الجمار وماله حين يحلق رأسه. وماله حين يقضي اخر طوافه بالبيت فقال يا نبي الله والذي بعثك بالحق ما اخطأت مما كان في نفسي شيئا ثم قال له عليه الصلاة والسلام اجابات تلك السؤالات التي جاء يسأل عنها. هذا مثال الثاني وثالث ورابع والمواقف عدة كان عليه الصلاة والسلام ربما حدث كما قلت لك بعض جلسائه بشيء مما جاءوا يسألون عنه قبل ان يسألوه. ولم يكن هذا الا تأكيدا على شيء عظيم فتح الله له فيه بابا من علم الغيب. ومن اغرب تلك المواقف ايضا في الحديث الذي اخرجه انس الذي رواه انس رضي الله عنهم لما قال ذكر رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم له نكاية في العدو واجتهاد فقال صلى الله عليه وسلم لا اعرف هذا. يعني لم يعرف الرجل الذي جعله يثنون على حسن بلاه له فقال لا اعرف هذا. فجعلوا ينعتونه له ويصفونه. فقال عليه الصلاة والسلام ما اعرفه. قال فبينما نحن كذلك اذ طلع الرجل. فقالوا هو هذا يا رسول الله. فقال ما كنت اعرف هذا. هذا اول قرن رأيته في امتي ان فيه لسفعة من الشيطان. فلما دنا الرجل سلم فرد عليه السلام فقال له صلى الله عليه وسلم انشدك بالله هل حدثت نفسك حين اطلعت علينا ان ليس في القوم احد افضل منك فقال الرجل اللهم نعم. قال فدخل المسجد فصلى فقال النبي صلى الله عليه وسلم لابي بكر قل فاقتله فدخل ابو بكر فوجده يصلي الى اخر الرواية وفيها طول. فلما قال لهدى الله هل قلت في نفسك حين طلعت وحدثت نفسك ان ليس في القوم رجل خير منك وما اطلعه على هذا وهو حديث نفس الا ربه من فوق سبع سماوات. تلك الايات وغيرها كثيرة اشار اليها المصنف اشارة عابرة بقوله الى ما اخبر به جلساءه من اسرارهم وبواطنهم. فكان يحدث بالحديث عليه الصلاة والسلام مما اوحى الله اليه قوله ايضا وما اطلع عليه من اسرار المنافقين وكفرهم وقولهم فيه وفي المؤمنين اما هذا فحدث ولا حرج. وما نزلت ايات في سورة التوبة. وسورة المنافقون وغيرها من سور القرآن الا كشفا بكثير من تلك المقولات التي يقولها احدهم في حضرة اصحابه او في انفراد وعزلة في كشف الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم. اما قالوا في تبوك مثلا ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء ارغب ولا اجبن عند اللقاء فينزل الله سبحانه وتعالى قل ابالله واياته ورسوله كنتم لا تعتذروا قد كفرتم بعد ايمانكم. من الذي اطلعه على هذه المقولة؟ من الذي اطلعه وهو قوله وتعالى يقولون لئن رجعنا الى المدينة ليخرجن الاعز منها الاذل تلك المقولات التي تحدث بها المنافقون خز انترا وكفرا تارا. وشيئا من الحق في رسول الله عليه الصلاة والسلام. وفي صحبه الكرام ايضا تارة الوتارة كان الوحي يأتي به. فيحدث به النبي صلى الله عليه وسلم. فهذا ايضا داخل في عداد الغيب الذي الله عليه. قال المصدق حتى ان كان بعضهم ليقول لصاحبه اسكت. فوالله لو لم يكن عنده من يخبره لاخبرته حجارة البطحاء. يشير المصنف ايضا هنا الى ما ذكره غير واحد من اصحاب السير. في قصة فتح مكة ودخول النبي صلى الله عليه وسلم اليها فاتحا حين دخل اليها ثم قام الصلاة والسلام امر بلالا ان يؤذن بعد فتح مكة لما صعد بلال على سطح الكعبة. فامره بالاذان فقال عتاب ابن والسيد وهو جالس مع نفر من قريش. قال عتاب ابن اسيد لقد اكرم الله اسيدا انه لم يسمعها هذا يعني انه مات قبل ان يدرك هذا اليوم. وقال الحارث بن هشام اما والله لو اعلم انه حق لاتبعته وفي رواية اما وجد محمد غير هذا الغراب الاسود مؤذنا قال ابو سفيان وهو ثالثهم جالس معهم لا اقول شيئا لو تكلمته لاخبرته عني هذه الحصباء. قال فلما خرج عليه الصلاة والسلام قال لهم لقد علمت الذي قلتم واخبرهم. فقال عتاب والحارث نشهد انك رسول الله. ما اطلع على هذا احد كان معنا فنقول اخبرك هكذا روى اصحاب السير في قصة فتح مكة. والمقصود بهذا يا كرام انه عليه الصلاة والسلام كان يقع حقيقة في قلوب المخالفين والمناوئين من كفار او يهود يقع في قلوبهم حقيقة انه نبي وانهم يخشون في لحظة عناد وكفر وتكذيب ان ينزل عليهم من الله عقاب. وان الله مطلع النبي محال على كيدهم ومكرهم وكفرهم. وفي هذا المعنى انشد اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم هذه المعاني فقد قال عبدالله بن رواحة رضي الله عنه وفينا رسول الله يتلو كتابه وفينا رسول الله يتلو كتابه اذا انشق معروف من الصبح ساطع ارانا الهدى بعد العمى فقلوبنا به موقنات ان ما قال واقع وقال ايضا حسان رضي الله عنه نبي يرى ما لا يرى الناس حوله ويتلو كتاب الله في كل مشهد فانه فان قال في يوم مقالة غائب فتصديقها في ضحوة اليوم او في غد. فتقرر هذا عند اصحابه رضي الله عنهم وعند المخالفين ايضا ممن كان يقر داخل قرارة نفسه ولو انكر بلسانه صدقا نبوة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. قال القاضي رحمه الله تعالى واعلامه صلى الله عليه وسلم بصفة السحر الذي سحره به لبيد بن الاعصم. وكونه في مشط ومشاقة. في جف طلعنا في جف طلع نخلة ذكر وانه القي في بئر زروان فكان كما قال وجد على تلك الصفة فتقدم معنا في بدايات هذا الكتاب في فصل اخلاقه عليه الصلاة والسلام الكريمة وصفاته حميدة في حلمه تلك المواقف التي تعددت ومنها موقفه عليه الصلاة والسلام ممن سحره وهو لبيد الاعصب اليهودي. يشير المصنف هنا الى الحديث الذي اخرج الشيخان الامامان البخاري ومسلم خيرهما من ائمة السنة حديث سحر النبي عليه الصلاة والسلام. والحديث عن عائشة رضي الله عنها قالت سحر النبي صلى الله عليه وسلم حتى كان يخيل اليه انه يفعل الشيء وما يفعله حتى كان ذات يوم دعا ودعا يعني الح على الله في الدعاء. ثم قال اشعرت ان الله افتاني فيما فيه شفائي اتاني رجلان. فقعد احدهما عند رأسي والاخر وعند رجلي فقال احدهما للاخر ما وجع الرجل؟ قال مطبوب. قال ومن طبه؟ قال لبيب ابن الاعصم قال في ماذا؟ قال في مشط ومشاقة وفي رواية في مشط ومشاطة في طلعة ذكر قال فاين هو؟ قال في بئر ذروان فخرج اليها النبي صلى الله عليه وسلم ثم ثم رجع فقال لعائشة حين رجع نخلها كانه رؤوس الشياطين وماؤها كانه نقع الحناء فقلت استخرجته؟ قال لا. اما انا فقد شافاني الله وخشيت ان يثير ذلك على الناس شرا. ثم دفن نثري بئر عند البخاري ومسلم في الصحيحين رواية عديدة بالفاظ مقاربة للرواية واللفظ الذي وتبين في الحديث ان اليهودي اراد اضرار النبي عليه الصلاة والسلام فصنع له ذلك السحر في ثلاثة اشياء في مشط ومشاقة وفي جف طلع نخلة ذكر المراد بالمشط ما ينشط به الشعر. والمشاقة ما يسقط من الشعر. وفي رواية مشاقة والمعنى واحد المراد به ما يسقط من الشعرات عند تمشيط شعر الرأس شعر الرأس واللحية. واما قوله في جف طلعة نخل ذات الذكر الجف وعاء طلع النخل. الطلع الذي يكون فيه اللقاح. وهو الغشاء الذي يكون عليه. ويكون في ذكرا او انثى وحدد في الرواية هنا انه كان في جف طلع نخلة الذكر. فصنع له ذلك ثم جعل في بهذا الغشاء الذي يكون على طلع النخل والقي في البئر. والبئر تسمى بئر ذروان او بئر ذروان بفتح رأيه بسهولها وفي بعض الفاظ الصحيح مسلم في بئر ذي اروان. وعلى كل حال فقد علم عليه الصلاة والسلام بمن سحرة وفيم سحره؟ واين وظع سحره؟ وتفاوتت الروايات هل اخرج ذلك من البئر فاتي به فحلت العقد؟ ام ان الله شفاه برقية جبريل عليه السلام؟ في كل الاحوال استقرت الروايات على ان الله حفظه وحماه ووقاه وراطاه جبريل عليه السلام. فلما رقي نشط عليه الصلاة والسلام وانفكت عنه السحر اما صنيعه بلبيد ابن الاعصم فقد مر بك انه لم يسأله ولم يحاسبه ورأى عليه الصلاة والسلام ان في الاعراض عنه خيرا والا يثور على الناس شرا وفتنة بشأن ذلك. وقد اشكل هذا الحديث على كثير من اهل الاسلام وظنه بعضهم مخالفا لعصمة النبي صلى الله عليه وسلم او لما يؤتاه من الوحي كيف يقال في الرواية هنا كما تقول عائشة؟ حتى كان يخيل اليه انه يفعل الشيء وما يفعله وقد طعن بعض المستشرقين من اليهود والنصارى بمثل تلك الروايات. وقالوا هذا اعتراف ان نبيكم رب لبس عليه في الوحي وربما ادخل في القرآن ما ليس من او رد بعضه الى اخر تلك الطعونات التي لا يقبلها مسلم لكن الجواب الذي ينبغي ان يحصله كل مؤمن دفعا لتلك الشبهات ان السحر مرض وافة وان الله فلما عصم نبيه عليه الصلاة والسلام عصمه مما يضر بالوحي والرسالة. اما الامراض فما هو منها بمعصوم عليه الصلاة سلام وقد صم وسحر واصابته الحمى وانكسرت ثنيتاه وشج. فلو رأيت ان العصمة الا يصيبه ضرر ولا شر ابدا. فان هذا يناقضه كثير من الوقائع. فالسحر اذا افى مرض وبلاء وان الله كتبه لنبيه صلى الله عليه وسلم ليشرع للامة رقية ذلك فكانت سورتي الفلق والناس رقية رقية بها نبينا صلى الله عليه وسلم. واما قوله يوحى اليه بشيء او يظن انه يوحى ولم يوحى اليه فليس لهذا علاقة ابدا. فقول عائشة رضي الله عنها يخيل اليه انه يفعل وما يفعله المراد به ما جاء صريحا في رواية ابن عيينة عند البخاري وانه كان يرى اي يظن انه يأتي النساء ولا يأتيهن. وفي رواية الحميدي انه يأتي اهله ولا يأتيهن هذا هو القدر الذي وقع له فيه اثره من السحر عليه الصلاة والسلام. وليس شيء من الوحي اطلاقا. ولا من الدين ولا تبليغ الرسالة يخيل اليه انه اتى زوجته وما اتاها. وانه بات عند بعض زوجاته ولم يفعل. هذا القدر وقد وقع كما قلت لك مصرحا به في بعض الروايات الصحيحة عند الامام البخاري. قال القاضي عياض فظهر بهذا ان السحر ما تسلط على جسده الشريف صلى الله عليه وسلم. وعلى ظواهر جوارحه لا على تمييزه ومعتقده. فاذا هذا ليس بمعارض لامر عصمته عليه الصلاة والسلام. فانظر كيف انه لما قدر الله له ان يسحر جعل الله له في اطلاعه على الغيب اية ايضا. فيأتيه ملكان وهو نائم. ويتحدثان عند رجله فيسمع الحديث ويخبرانه بصفحة من علم الغيب في هيئة حوار. يقول احدهما للاخر يسأله ما وجع الرجل فيجيب الملك الاخر؟ فيقول مطبوب يعني مسحور فيقول ومن طبه؟ فيقول الاخر لبيب بن الاعصم فيقول فيمتى؟ يعني فيم وقع السحر؟ فيقول في مشط ومشاقة وجف طلعة ذكر فيقول فاين هو؟ انظر كيف اطلع على الغيب ثم يخرج عليه الصلاة والسلام الى بئر ذي اروان او بئر دروان فيقدمها فيرى ماءها كانها نقع حنان متغير ماؤها مستكره ويرى النخل حلب لها ايضا مستبشع يقول لعائشة رأيت نقلها كانه رؤوس الشياطين. فوقع والذي اطلعه على هذا العلم من الغيب هو ربه سبحانه وتعالى. فكان ايضا هذا في عداد الامور الغيبية التي اطلع الله عليها نبيه صلى الله عليه وسلم. قال القاضي رحمه الله تعالى واعلامه صلى الله عليه وسلم قريشا باكل الارضة ما في صحيفته باكل الارظة ما في صحيفتهم التي تظاهروا بها على بني هاشم. وقطعوا بها رحمهم. وانها ابقت فيها كل اسم لله سبحانه وتعالى. فوجدوها كما قال عليه الصلاة والسلام. يشير المصنف رحمه الله الى رواية ايضا اخرجها بعض ارباب السير في كتب السيرة والمغازي من حديث الزهري وهي رواية مرسلة. وموجز ما تعلمون جميعا في اثناء دعوته عليه الصلاة والسلام بمكة لما قررت قريش حصارها الظالم جائرة على نبي الله عليه الصلاة والسلام وقاطعوا بني هاشم في الشعب. واستمر الحصار ثلاث سنوات لا يبايعوهم ولا يناكحوهم ولا يمد لهم يد معونة ولا غوث ولا انقاذ وطال المقام واشتد الحصار وتأذى رسول الله عليه الصلاة والسلام ومن معه من بني هاشم. فلما تواطأت قريش على هذا الظلم كتبوا هذا العقد الجائر في صحيفة وعلقوها في جوف الكعبة. وموجز الروايات التي ليس لها ايضا كعامة اخبار التواريخ ليس لها سند صحيح يمكن ان يجري مجرى الاحاديث في الحكم صحة وظعفا. موجز الرواية انه اخبرهم عليه الصلاة والسلام بامر من علم الغيب. صحيفة مكتوبة كن فيها وقائع الظلم والعدوان. وتعاقدوا عليها ثم علقت بجوف الكعبة. ولم يطلع عليها احد الله عليها الارضة وهي الدابة او الحشرة التي تأتي على الخشب فتأكله وتأتي على الورق على الملابس والاثاث ونحوه. ويسمى عند بعضهم بالنمل الابيض او بالعثة وغيرها من الاسماء. سلط الله عليها الارض فاكلت الصحيفة وما ابقت فيها الا موضع اسم الله عز وجل. الذي استفتحوا به الصحيفة في قولهم بسم الله فاخبرهم بذلك. قال ابن القيم رحمه الله مشيرا الى هذا المعنى في رواية السيرة لما رأت قريش امر اسجد الله صلى الله عليه وسلم يعلو. والامور تتزايد اجمع ان يعتاقدو على بني هاشم وبني المطلب وبني عبد مناف الا يبايعوهم. ولا يناكحوهم ولا يكلموهم ولا يجالسوهم. حتى يسلموا اليهم رسول وصلى الله عليه وسلم وكتبوا بذلك صحيفة وعلقوها في سقف الكعبة. فانحازت بنو هاشم وبنو المطلب مؤمنهم وكافرهم الا ابا لها. فانه ظاهر قريشا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبني هاشم وبني المطلب. وحبس رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن معه في شعب ابي طالب ليلة هلال المحرم سنة سبع من البعثة. وبقوا محصورين مضيقا عليهم جدا مقطوعا عنهم الميرة والمادة نحو ثلاث سنين حتى بلغ بهم الجهل الى ان قال ثم اطلع الله رسوله صلى الله عليه وسلم على امر وانه ارسل اليها الارظة فاكلت جميع ما فيها من جور وقطيعة وظل الا ذكرى الله عز وجل فاخبر بذلك عنه عمه فخرج اليهم عمه فاخبرهم ان ابن اخيه قال كذا وكذا وان كان كاذبا خلينا بينكم وبينه. يعني سلمناه لكم. وان كان صامتا رجعتم عن ظلمنا قالوا انصفت فانزلوا الصحيفة فرأوا الامر كما اخبر عليه الصلاة والسلام لكنه ما زادهم الا كفرا وعنادا. ثم استمر الامر الى ان سعى في صلح هذه فهذه القطيعة بعض عقلاء قريش فانتهى الامر الى انهاء الحصار وخروج النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه من الحصار وموضع الشاهد اخباره بما حصل تلك الصحيفة من تسليط عليها وقد كان غيبا اوحاه الله لنبيه عليه الصلاة والسلام. قال رحم الله رب العالمين ووصفه صلى الله عليه وسلم لابطال قريش بيت المقدس حين كذبوه في خبر الاسرى. ونعته اياه نعت من عرف ايضا تقدم بنا في فصل حادثة الاسراء في المعجزات هذا الموضع من الشاهد والحديث في الصحيحين اخرجه اخرجه البخاري ومسلم بالفاظ كثيرة متعددة. منها رواية ابي هريرة رضي الله عنه. فانه اخبر عليه الصلاة والسلام بقوله لقد رأيتني في حجري وقريش تسألني عن مسرايا يعني لما رجع واخبرهم وجدوها الباب الذي يثبتون به تكذيبهم لرسول الله عليه الصلاة والسلام. اذ كيف يعقل ان يصل بيت المقدس ويرجع في ليلة واحدة. بل في بعض ليلة ويصبح بينهم يحدثهم قدومي. المسجد الاقصى. يقول عليه الصلاة والسلام لقد رأيتني في الحجر وقريش تسألني عن المسرايا فسألتني عن اشياء من بيت المقدس لم اثبتها. يعني سألوه عن اوصاف تتعلق ببيت المقدس في هيئته في ابوابه في عمدانه. فخشي عليه الصلاة والسلام قال لم اثبتها. يعني لم لم اتقن حفظه اثناء دخوله بيت المقدس وامامته بالانبياء عليهم جميعا صلاة الله وسلامه. قال فجعلت قريش تسألني عن اشياء من بيت المقدس لم اثبتها. قال فكذبت كربا ما كربت مثله. فرفعه الله لي انظر اليه فما يسألونني عن شيء الا انبأتهم الى اخر الحديث. هذا من جليل علم الغيب. وان يهيئ رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي بعض الفاظ السنن في رواية قصة الاسراء هذه قال فرفع لي بيت المقدس سانظر اليه كانه من شراك كانه ينظر عليه الصلاة والسلام الى بيت المقدس فما سألوه عن شيء الا ونظر واخبرهم بوصف ما سأل على وجه التمام. كان هذا ايضا اثباتا وتصديقا عظيما من ربه عز وجل. لنبوته عليه الصلاة والسلام وهي ايضا تدخل في عداد علم الغيب الذي اطلعه الله عليه صلى الله عليه واله وسلم. قال رحمه الله تعالى واعلامهم بعيرهم واعلامهم بعيرهم التي مر عليها في طريقهم وانذارهم بوقت اصولها فكان كله كما قال صلى الله عليه وسلم. ايضا هذا في حادثة الاسراء لكن هذه الجملة ليست من رواية الصحيحين بل هي مما اخرج الامام الطبراني في معجمه الكبير اخرجه البزار ايضا في مسنده وفي بعض رواته من يضعف. والرواية فيها قدر زائد على ما في الصحيحين. منها هذه الجملة مثلا وانه عليه الصلاة والسلام فيما يحكي في الرواية عن شأن ما حصل في قصة حادثة الاسراء. قال عليه الصلاة والسلام ثم مررنا بعير لقريش يعني في طريقه الى بيت المقدس. قال ثم مررنا بعير لقريش بمكان كذا وكذا قد اضلوا بعيرا لهم. فسلمت عليهم. فقال بعضهم لبعض هذا صوت محمد صلى الله عليه وسلم قال ثم اتيت اصحابي قبل الصبح بمكة فاتاني ابو بكر فقال يا رسول الله اين كنت الليلة فقد التمستك في مكانك فلم اجدك. قال اني اتيت بيت المقدس الليلة فقال يا رسول الله انه مسيرة تهر فصفه لي. قال ففتح لي شراك كاني انظر اليه. لا يسألوني عن شيء الا انبأتهم. فقال ابو بكر اشهد انك رسول الله فقال المشركون انظروا الى ابن ابي كبشة يقصدون محمدا صلى الله عليه وسلم. يزعم انه اتى بيت المقدس الليلة؟ قال نعم. وقد مررت بعير لكم في مكان كذا قد اضلوا بعيرا لهم بمكان كذا وكذا وان مسيرهم لي وصف بكم ينزلون بكذا ثم يأتونكم يوم كذا وكذا يقدمهم جمل عليه مسح اسود وغرارتان سوداوتان فلما كان ذلك اليوم اشرف الناس ينظرون حتى كان قريبا من نصف النهار اقبلت العير يقدمهم ذلك الجمل كالذي وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم. فان صحت رواية كان هذا ايضا في عداد ما اخبر به قريش من وصف بيت المقدس. فسبحان الذي اوحى اليه. وسبحان من اركان نبوته صلى الله عليه وسلم بهذا الباب الجليل من الغيب الذي لا يطلع الله عليه الا من ارتوى بالرسول كما قال عز وجل كل تلك الايات يا كرام بثت في سيرة وسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم. على مدى وعشرين سنة تثبتت بها ابوته. ورفعت بها اعلام رسالته عليه الصلاة والسلام. فامن من امن وكفر من كفر فاما المؤمنون من امته وانا واياك منهم لا يزيدنا هذا الا ايمانا بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ولا يزيدون الا تعظيما وتوقيرا لجنابه الكريم صلى الله عليه وسلم. ولا يزيدنا ايضا الا حبا ومعرفة بعظيم قدره عند ربه وعظيم ما امده به من الايات والوحي فلا والله ما اسلمه الله لعدو ولا وكله الى خصم من الناس يتسلطون عليه بادب وتضييق وتكذيب. لكن الله عز وجل ارسله وايده. وعصمه ووقاه وحماه وكفاه وقد قال له في ايات كثيرة والله يعصمك من الناس. اليس الله بكاف عبده؟ انا كفيناك المستهزئين فكان من جملة ما كفاه الله به وما عصمه الله به وما حماه الله به وما دفع به عنه شر الاشرار وكيد جاء هذا الباب من علم الغيب الذي اطلعه الله عليه. فاملأوا قلوبكم بصدق ايمانكم بنبيكم صلى الله عليه وسلم واملؤوها مرة اخرى بعظيم حبكم لنبيكم صلى الله عليه وسلم. واملؤوها ثالثة بعزم صادق على ان تكونوا اوفى الامة ايمانا به واتباعا لسنته وتمسكا بهديه الاكمل صلوات الله وسلامه عليه رحمه الله تعالى الى ما اخبر به صلى الله عليه وسلم من الحوادث التي تكون ولم يأت بعد منها ما مقدماتها لقوله صلى الله عليه وسلم عمران بيت المقدس خراب يثرب وخراب يثرب خروج الملحمة وخروج الملحمة فتح القسطنطينية. هذا الحديث الذي اشار اليه المصنف اخرجه قمة احمد في مسنده وابو داود في سننه وغيرهم. وفيه بعض الرواة ممن لم يتفق على توثيقه وجعله مثل الائمة الحفاظ كالذهب وغيرهم من الاحاديث المعلة ببعض رواته وانه لا يستقيم بها سند. ولفظ الحديث كما رواه معاذ ابن جبل رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال عمران بيت المقدس خراب يثرب وخراب يثرب خروج الملحمة وخروج الملحمة فتح القسطنطينية. المعنى على فرض صحة الحديث ان كل واحد من هذه الامور ان وقع فهو امارة لوقوع ما بعده. وان بينهما فترة زمنية قال عمران بيت المقدس خراب يثرب. ويثرب هي مدينة رسول الله عليه الصلاة والسلام. وانه سيحين عليها زمان تخرب فيها طيبة طيبة ومعنى الخراب هنا تعطل المساجد والمآذن وفساد العيش وانجلاء الناس عنها وقد ثبت في غير ما حديث ان من اشراط الساعة وعلاماتها ان تعود مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم تعيش فيها الدواب وتعيش فيها ايضا السباع وتطرقها وتدخل فيها. وبعض اهل العلم يرى ان هذا من الامارات التي تكون اخر الزمان. وبعضهم يجعله مما تقدم في بعض ايام الفتن التي اوذي فيها الناس بمدينة النبي عليه الصلاة الصلاة والسلام فقال فاذا خربت يثرب كان هذا ايذانا بعمارة بيت المقدس والعمارة المراد بها ايضا احياؤها وعودتها الى حيازة اهل الاسلام وانها ستكون اوفى ما يكون. ثم قال وخراب يثرب خروج الملحمة. والمراد حمى المقتلة العظيمة التي تقع بين اهل الاسلام في الشام وبين اهل النصارى من الروم. وقد دلت عليه ايضا جملة من الاحاديث المنبئة باحداث واخبار ووقائع اخر الزمان. وان من علامات الساعة الكبرى قتال عظيم وجهاد ضخم يقوم بين اهل الاسلام في كفة والنصارى في امة عظيمة في كفة اخرى. قال وخروج الملحمة فتح القسطنطينية والمراد بها ما كانت عاصمة بلاد روما وقد فتحت وهي اليوم بلد من بلاد الاسلام. المسماة باسطنبول فالمقصود ان ترتيب هذه الوقائع مختلف فيه. واشكل على بعض المحدثين كيف يكون فتح القسطنطينية بعد الملحمة يشار اليها وان كانت الملحمة لم تقع بعد. واشكل ايضا خراب المدينة وكيف يكون ذلك مع الدجال او قبله. والوارد ان الدجال يأتي الي فيمنع من دخولها مع ما ورد من انها ترجف ثلاث رجفات تخرج اليه كل كافر ومنافق. واجاب بعض واهل العلم كالحافظ ابن كفيل ان المراد ليس الخراب التام. وانما ان المدينة تخرب بالكلية قبل خروج الدجال. بل واخر الزمان وتكون عمارة بيت المقدس سببا لذلك كما اخبر عليه الصلاة والسلام هذا على فرض صحة الحديث. يقول المصنف من حوادث ما وقع في زمانه عليه الصلاة والسلام. ومنه ما وقع قريبا من زمانه بعد مماته عليه الصلاة والسلام. ومنه ما وقع في اجيال الامة وقد شهدها بعض اصحابه رضي الله عنهم او في اجيال ممن اتى من بعدهم ومما اخبر به من تلك الامور الغيبية ما لم يقع بعد. اما اخبر بالدجال وخروج الدابة ويأجوج ومأجوج واخبر بامور كثيرة عظام كثير من ذلك لم يقع لكن اما وقد اخبر به الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم فانه واقع والله لا محالة ادركناه او لم ندركه انما نؤمن طالما ثبت ذلك عندنا وصح من كلام المصطفى صلى الله عليه وسلم لديه فلا يحملون ذلك الا على التصديق والايمان. والتسليم لما اخبر به عليه الصلاة والسلام. قال المصنف تلك التي تكون ولم يأتي بعد منها ما ظهرت مقدماتها. ومنها ما لا يزال في عداد الانتظار. وكلما وقعت من تلك الغيبيات التي اخبر بها عليه الصلاة والسلام قالت الامة امنا واسلمنا واطعنا نبينا صلى الله عليه وسلم صدقنا. وهكذا ستكون الوقائع ما ظهر منها. وما هو كائن وما لم يظهر بعد الى قيام الساعة قال القاضي رحمه الله تعالى ومن اشراط الساعة وايات حلولها وذكر النشر والحشر واخبار الابرار والحجار والجنة والنار وعرفات القيامة. وبحسب نعم يقول وايضا من تلك الحوادث التي لم يقع بعد كاشراط الساعة وايات حلولها وما يكون يوم القيامة من النشر والحشر وما اعد الله يوم القيامة للابرار والفجار وصف الجنة والنار ومن اهوال يوم القيامة وعرصاتها كل ذلك جاء مفصلا بوصف دقيق كانك تعاينه ولم يقع بعد. ثم انظر الى انه قد مضى على مماته عليه الصلاة والسلام. اكثر من الف واربعمائة افيكون شيء يخبر عنه قبل زمانه عليه الصلاة والسلام باكثر من الف واربعمائة عام ثم لا نزال ننتظر وقوعه كما اخبر؟ اي والله. لانه رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. تلك كلها جملة وافرة في رصيد عظيم من تلك الوقائع. اشراط الساعة واماراتها. ما اعد الله من اوصاف الابرار والفجار ومن نعيم. وما عد الله تعالى من نعيم اهل الجنة ومن عذاب اهل النار. في وصف دقيق في طعام وشراب ولباس وظلال كل ذلك حوته نصوص جمة غفيرة كان فيها عليه الصلاة والسلام يخبر من الغيب الذي اوحى الله اليه. فذلك كله ديوان يشتمل على وقائع واخبار من الغيبيات التي نبأ الله بها نبيه عليه الصلاة والسلام فاخبر بها الامة فهي كائنة كما اخبر صلوات الله وسلامه عليه. قال القاضي عياض رحمه الله تعالى وبحسب هذا الفصل ان يكون ديوان مفردا يشتمل على اجزاء وحده. وفيما اشرنا اليه من نكت الاحاديث التي ذكرناها كفاية. واكثرها في صحيح وعند الائمة نعم وصدق رحمه الله فاننا ما زلنا في هذا الفصل منذ مجالس عدة ونحن نمر بالجمل قال عنها المصنف انها نكت الاحاديث. وكل نكتة منها وجملة تشتمل على واقعة فيها خبر رواية وفيها حديث وقصة عظيمة التفاصيل وقعت محفوظة في دواوين السنة وكتب السير والاخبار عن عليه الصلاة والسلام يقول المصنف هذا الفصل من علم الغيب وحده يصلح ان يكون ديوانا ان يكون مصنفا ذي اجزاء متعددة لانها حقيقة مما تزيد اهل الايمان عند دراستها والتمعن فيها تقريب النظر فيما اشتملت عليه لا تزيدهم الا ايمانا ويقينا. وهذا مطلب عظيم كبير كلنا اهل الاسلام بحاجة الى ولذلك اقتصر المصنف رحمه الله على تلك الاشارات والا فوراءها باب عظيم. وسبق ان قلت لكم في مطلع هذا الفصل لو اردنا ان نتحدث عن اخباره صلى الله عليه وسلم بالغيب لنعد ذلك اية دالة على معجزته وصدق رسالته ونبوته فانت تحتاج ان تحكي سيرة ثلاث وعشرين سنة. كل سيرته عليه الصلاة والسلام صفحة من علم الغيب القرآن الذي اوحي اليه والالفاظ التي يتفوه بها عليه الصلاة والسلام. وحديثه مع المسلم والكافر واليهود والنصراني وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى علمه شديد القوى. كل ذلك دلالة لكن بعض الوقائع اظهر في بيان بهذا المعنى من بعض ومن هنا عمد كثير من ائمة الاسلام الى افراد تلك الفصول بابواب صنف الائمة كأبي نوعين الاصفهاني دلائل الى النبوة صنف الامام البيهقي كذلك الامام السيوطي رحم الله الجميع وغيرهم قبل وبعد فصولا ومصنفات مستقلة تحدثوا عن ايات نبوته ويجعلون في هذا الفصل من المعجزات والايات والغيبيات التي اخبر بها من من الادلة التي تلوح في ظاهرها على قدر عظيم من هذا المعنى الكبير في صدق نبوة المصطفى صلى الله عليه وسلم. تم هذا الفصل بحمد الله لنشرع في الفصل لنشرع في الجمعة القابلة في فصل لاحق بعده في معجزات اخرى خص الله بها نبينا عليه الصلاة والسلام اديموا الصلاة والسلام عليه لتنعم ارواحكم بصلاة ربكم عليكم عشرا بكل صلاة منكم على نبيكم صلى الله عليه وسلم وليكن على ذكر منكم دائما قوله عليه الصلاة والسلام فمن صلى علي صلاة صلى الله عليه عشرا. فيا رب صلي عليه عشرات المضاعفات وضعفها مئات والوف المرات وصلي عليه يا ربي عدد ذرات الرمال ونجوم السماء واجعل يا ربي صلاتنا وسلاما عليه حبا يتدفق في القلوب وغمامة نتظللها ايمانا ووفاء واستنانا بهديه العظيم صلى الله عليه وسلم. اللهم انا نسألك من ان النافع والرزق الواسع والشفاء لمرضانا ما انت اهل له بفضلك وكرمك يا ذا الجلال والاكرام. اللهم ارحم موتانا واشف مرضانا واهدي ظالمنا وتقبل منا انك انت السميع العليم. وتب علينا انك انت التواب الرحيم. اللهم هيء لنا ولامة الاسلام جميعا من امرنا رشدا واكفنا يا ربي بكفايتك واحفظنا بحفظك من شر الاشرار وكيد الفجار وشر طوارق الليل والنهار ان خير حافظا وانت ارحم الراحمين. ربنا عليك توكلنا واليك انبنا واليك المصير. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. وصلي يا ربي وسلم وبارك على الرسول المصطفى والنبي المجتبى. سيدنا ونبينا محمد ابن عبد الله وعلى هذه وصحبه اجمعين والحمد لله رب العالمين