بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. جل جلاله عظمت اسماؤه وتقدس في ذاته وعليائه وكبريائه سبحانه وبحمده لا نحصي ثناء عليه هو كما اثنى نفسه واشهد ان سيدنا ونبينا وحبيبنا وقرة عيوننا محمدا عبد الله ورسوله امام الانبياء وخاتم المرسلين. وصفوة الله من خلقه اجمعين صلى الله ربي وسلم وبارك عليه. وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد ايها الاخوة الكرام فالليلة ليلة الجمعة وهي التي قال عنها الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم اكثروا من الصلاة علي ليلة الجمعة ويوم الجمعة. فان صلاتكم معروضة علي فكل مسلم يحب نبيه عليه الصلاة والسلام فانه لا يزال مستكثرا من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم وكل محب يشرف ان تعرض صلاته على نبيه صلى الله عليه وسلم فانه لا يزال مستكثرا ايضا من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه واله وسلم. وكل راغب في الخير سباق اليه. يطمع ان تظلله صلوات ربه من فوق سبع السماوات فليستكثر من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو القائل فمن صلى علي صلاة صلى الله عليه عشرا. فاللهم صل وسلم وبارك عليه صلاة وسلاما دائمين ابدا ايها المحبون لنبيكم صلى الله عليه وسلم ما زال مجلسنا هذا العامر في رحاب بيت الله في مدارسة كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم. للامام القاضي عياض رحمة الله عليه وما زلنا في اول اقسام الكتاب وفي الباب الرابع منه تحديدا. هذا الباب الذي جعله المصنف لبيان الايات والمعجزات والكرامات التي ارادها الله ان تكون لنبينا صلى الله عليه وسلم فهي دلالة على عظيم قدره عند ربه وهذا هو اول اقسام الكتاب الاربعة اراد به المصنف بالابواب الاربعة بيان ان لنبينا عليه الصلاة والسلام عند ربه المكانة العليا. والمنزلة التي لم يبلغها قبله صلى الله عليه وسلم ولا بعده ملك مقرب ولا نبي مرسل. فحظي بابي وامي هو صلوات الله وسلامه عليه بالحفاوة والكرامة وجليل القدر والمكانة عند ربه. كل هذا الحشد بالابواب الاربعة اذا تبين لنا معشر امة الاسلام ان الله عز وجل خص نبيه عليه الصلاة والسلام بكل تلك الخصائص والمكروهات مات وبلغ عند ربه ذلك القدر العظيم صلى الله عليه وسلم. فاي حق وقدر ينبغي ان يثبت له في قلبي وقلبك عبدي الله انه انه لزام على كل مسلم ومسلمة يشهدون ان لا اله الا الله وانه حقا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يوسعوا له في صدورهم وقلوبهم حبا وتعظيما واجلالا ومهابة وتوقيرا يؤسس مال صادق وطاعة تامة واستنان الاكمان لا يتأخر عنه المسلم شعرة عن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا يا محبون هو اصل من اصول الدين وهو ايضا عروة من عراه الوثقى في قلوب المؤمنين ان يؤسس في القلوب المسلمة الايمان التام والحب الصادق والاستنان الاكبر برسول الهدى عليه الصلاة والسلام. لكننا والله لن نبلغ في تلك المعاني مبلغها الاعظم والاشرف والامثل اعني في ايماننا برسول الله عليه الصلاة والسلام او في حبنا له عليه الصلاة والسلام او في طاعتنا له عليه الصلاة والسلام او احترام وتقديره عليه الصلاة والسلام او الرغبة في الاعتزاز بسنته وسلوك هديه ونشرها ورفع رايتها في العالمين لن نبلغ في ذلك المبلغ الاكمل والامثل الا اذا تأسس عندنا قدر في القلوب لمقامه الشريف صلى الله عليه وسلم. هذا القدر العظيم لن يبنى ويؤسس الا على معرفة بشأنه ومكانته وخصائصه عليه الصلاة والسلام. من هنا كان ولا يزال مدارستنا في مثل كتاب الشفا لتأسيس هذا المعنى العظيم. اي قدر له صلى الله عليه وسلم في قلبك. واي انت الله في فؤادك واي سعة من الحب افرغتها له وحده عليه الصلاة والسلام. وهل ترى عبد الله وانت امة الله انه في قلبي وقلبك من الحب والتعظيم والاجلال والتوقير والاحترام والايمان الصادق برسول الله عليه الصلاة والسلام. ما يليق بمكانه العظيم وقدره الجسيم هل تأسس عندنا ذلك القدر الذي يحملنا على ان نكون اكثر طاعة وقربا وحبا وشوقا ووفاء وايمانا به صلى الله عليه وسلم مضى بنا الحديث في ليلة الجمعة الماضية في ختام فصل الايات والمعجزات فيما اقرع عليه من الغيب صلى الله عليه وسلم وهذا فصل حديث في ذكر ما عصمه الله تعالى به عليه الصلاة والسلام ولما عصمه الله وحفظه ووقاه كان ذلك لعظيم قدره عند ربه. ولمعظيم ما بلغه ايضا من مكانة الله عليه وسلم فهذا فصل يورد فيه المصنف رحمه الله ما ثبت بالنصوص ان الله كان لنبيه كافيا عليه الصلاة والسلام. وكان له عاصما وحافظا عليه الصلاة والسلام في ذلك جملة من النصوص التي جاء بها المصنف في هذا الفصل وهي تأتي تباعا في ذكر بيان عظيم قدره بالايات والمعجزات التي خصه الله بها. فتبارك ربنا وصلى الله وسلم على نبينا الحمد لله الذي جعل دراسة السيرة النبوية شفاء للقلوب والارواح وسببا للسعادة والفلاح والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. ذي الشمائل الباطنة والظاهرة والفضائل الزاهرة وعلى اله واصحابه الاخيار والتابعين لهم باحسان الى يوم القرار اما بعد اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخ ولمشايخه ولجميع المسلمين. هذا هو مجلسنا التاسع بعد المئة من المجالس العامرة في هذه البقعة الطاهرة الشريفة وباسانيدكم المتصلة كنسيم الرياض الى كتاب الشفا للقاضي عياض رحمه الله تعالى قال فصل في عصمة الله تعالى له من الناس وكفايته من اذاه. العصمة التي تطلق ها هنا في حق الانبياء عامة عليهم السلام وفي حق نبينا صلى الله عليه وسلم خاصة لها معنى عام واخر خاص يقول الراغب الاصفهاني رحمه الله عصمة الله الانبياء حفظه اياهم بما خصهم به من صفاء الجوهر ثم بما اولاهم من الفضائل الجسمية والنفسية ثم بالنصرة وتثبيت اقدامهم ثم بانزال السكينة عليهم وبحفظ قلوبهم وبالتوفيق فجعل رحمه الله كل ذلك داخلا في عداد عصمة الله لانبيائه ورسله عليهم وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام ويأتي ايضا معنى العصمة بمعنيين احدهما عام والاخر خاص وان شئت فقل عصمة دينية وعصمة دنيوية فما العصمة الدينية للانبياء العصمة الدينية ان يعصمهم الله من الزلل ومن المعاصي والفواحش والاثام فان الله قد عصمهم وجعل لهم من المكانة ما حفظ به قدر النبوة الذي اوحى به اليهم عليهم السلام وان الانبياء كانوا بذلك في اممهم قدوة واسوة ومهما عاند المكذبون انبياءهم في الامم فان احدا منهم ما عير نبيا بفاحشة ولا بذنب ولا معصية ولا بمجاهرة بفسق ولا حرام. لان الله حفظ لهم تلك الاقدار فكانوا اذا ارادوا ان يسخروا بانبيائهم لم يجدوا الا الافتراء والاكاذيب. ساحر وكذاب وشاعر ومجنون والا فانهم بلغوا في الافك ابلغ اعظم مبلغ. وما وجد احد منهم طريقا على خلق نبي ولا على شأن يتعلق بديانته وعلاقته بربه وتقواه له هذه العصمة الدينية وليست هي مقصود المصنف هنا في هذا الفصل وسيفرد لها كلاما مستقلا في القسم الثالث من الكتاب فيما يجب لنبينا عليه الصلاة والسلام وما يجوز وما يمتنع عليه وذكر هناك موضوع العصمة واطنب فيها وفصل الكلام في معنى العصمة والمراد بها وادلتها العصمة الاخرى المقصودة هنا هي العصمة الدنيوية. فما المراد بها هي حفظ الله تعالى له كما قال المصنفون من الناس وكفايته من اذاه هذه عصمة دنيوية يحفظ الله بها انبيائه ورسله عليهم السلام يحفظهم به من عدوان المعتدين دين ومن رغب في اذاهم بقتل او منع عن اداء الرسالة هي باختصار ان يحفظ الله نبيه صلى الله عليه وسلم من كل ما يصده ويمنعه عن تبليغ الامانة التي كلف بها ولذلك قال ابن كثير رحمه الله في معنى العصمة في سياق قوله تعالى والله يعصمك من الناس. قال ومن عصمة الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم حفظه له من اهل مكة وصناديدها وحسادها ومعانديها ومترفيها. مع شدة العداوة والبغظة ونصب المحاربة له ليلا ونهارا بما يخلقه الله تعالى من الاسباب العظيمة بقدره وحكمته العظيمة. فصانه في ابتداء الرسالة بعمه ابي طالب. اذ كان رئيسا مطاعا كبيرا في قريش وخلق الله في قلبه محبة طبيعية لرسول صلى الله عليه وسلم لا محبة شرعية. ولو وكان اسلم يعني ابو طالب لاجترأ عليه كفارها وكبارها فانظر كيف سخر الله له ان يكون عمه على كفره هو الحامي له والحافظ لدعوته ولو كان مسلما لتجرؤوا عليه. فانظر كيف يسخر الله من الاسباب ويقدر من المقادير لتحقيق عصمته لنبيه صلى الله عليه وسلم. يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله ولو كان اسلم لاجترأ عليه كفارها وكبارها. ولكن لم لما كان بينه لما كان بينه وبينهم قدر مشترك في كفر هابوه واحترموه فلما مات ابو طالب نال منه المشركون اذى يسيرا. ثم قيض الله عز وجل له الانصار. فبايعوه على الاسلام وعلى ان يتحول الى دارهم وهي المدينة فلما صار اليها حملوه حموه من الاحمر والاسود. فكلما هم احد من المشركين واهل الكتاب بسوء كاده الله ورد كيده عليه. لما كاده اليهود بالسحر حماه الله منهم. وانزل عليه سورتي الفلق سورتي المعوذتين دواء لذلك الداء ولما سمى اليهود في ذراع تلك الشاة بخيبرا اعلمه الله به وحماه الله منه قال ولهذا اشباه كثيرة جدا يطول ذكرها والمقصود ان الله عصم نبيه والعصمة هنا حفظه ووقايته من كل شر واذى من كل ما يمكن ان يبعده عن صلى الله عليه وسلم او يبلغ به الامر الذي كلفه الله عز وجل به. وسيسوق المصنف رحمه الله ها هنا جملة من النصوص في هذا المعنى نعم قال رحمه الله تعالى قال الله تعالى الله يعصمك من الناس. والله يعصمك من الناس كما جاء في سورة المائدة. يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته. والله يعصمك من الناس. السورة مدنية وهي من اواخر سور نزولا كما هو معلوم. امره الله بالبلاغ وتكفل له بالعصمة والوقاية والحماية بلغ والله يعصمك يقول ابن كثير رحمه الله بلغ انت رسالتي وانا حافظك وناصرك ومؤيدك على اعدائك ومظفرك بهم فلا تخف ولا تحزن ان يصل احد منهم اليك بسوء يؤذيك تأملوا في الايات التي سيسوقها المصنف. وفي روعة الفاظها لتشعر ان وحيا من السماء ينزل على المصطفى صلى الله عليه وسلم يملؤه سكينة ويملؤه طمأنينة وثباتا وانشراح صدر ويملؤه قبل ذلك عظيم حفاوة ينالها من ربه عز وجل وهذا مبلغ عظيم والله يا امة الاسلام ومقام جليل ان يكون احد من البشر يخبر الله تعالى عنه وهو الخالق سبحانه ان له حماية ونصرة وعصمة وكفاية من ربه عز وجل. هذا ان دل فانما يدل على ان لمحمد رسول الله صلى الله وعليه وسلم عند ربه مكانة واي مكانة. وقدر عظيم ينبغي ان يتقرر عندنا امة الاسلام يقول الله له امرا بالتبليغ افعل كذا وعصمتك على ربك عز وجل وحمايتك وكفايتك عنده. فانه قد ارسلك. وامرك بالبلاغ واتاك من الاسباب وايدك بالمعجزات وهو فوق ذلك يدفع عنك ما يؤذيك. ويحميك من كل سوء يراد بك او مكر يحاط بك. عاش ثلاثا وعشرين سنة صلى الله عليه وسلم والاعداء تكيده بمكة قبل الهجرة وبالمدينة وخارجها بعد الهجرة. فكل ذلك الكيد من كفار او من اهل كتاب يهود ونصارى اجتمعوا تارة وتفرقوا تارات وكان الكيد فرديا تارة وجماعات تارة اخرى فما مات حتى اتم الله له العمر وبلغ منتهى الاجل عليه الصلاة والسلام. ولا كف عن دعوته بسبب عداوة عدو ولا حسد. حاسد ولا كيد كائد مات ولا يزال يبلغ رسالة الله وهو على فراش الموت. الصلاة الصلاة وما ملكت ايمانكم فما كتب الله لعدو عليه طريقا. ولا جعل لاحد من الاعداء المغرظين المناوئين لدعوته عليه سبيلا صلى الله عليه وسلم فاوجزت الاية في كلمتين والله يعصمك من الناس اوجزت ما عاشه عليه الصلاة والسلام ثلاثا وعشرين سنة كانت فيها المؤامرات تحاك. وكانت فيها المكائد تدبر. فثلاث وعشرون سنة صرف الله عنه من الكيد والاذى والمحنة والبلاء ما هو معلوم لكل من قرأ سيرته عليه الصلاة والسلام. نعم قال القاضي رحمه الله تعالى وقال الله تعالى واصبر لحكم ربك فانك واصبر لحكم ربك الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فانك باعيننا ومعنى الاية فانك بمرئ ومنظر منا نرى ونسمع ما تقول وتفعل وقيل معناه فانك بحيث نراك ونحفظك ونحوطك ونحرسك ونرعاك هكذا يخاطب الله نبيه عليه الصلاة والسلام. والله لو ان عظيما وملكا او حاكما او اميرا قال لك انت على عيني تخرج وملء صدرك الثقة والفرح والسرور. ان عظيما من عظماء البشر تكفل بك وانه سيتولى امرك ويحوطك وانه سيدبر لك ما تحتاج اليه فلا تحمل هما فكيف اذا كان القائل رب العالمين وديان يوم الدين واله الاولين والاخرين. يقول لنبيه عليه الصلاة السلام من فوق سبع سماوات فانك باعيننا. بالله اي لطف في خطاب الله لنبيه عليه الصلاة والسلام؟ بهذه تاب. واي قدر عظيم تمبيك عنه الاية في عظيم ما بلغه عليه الصلاة والسلام عند ربه. ما زلنا نقول يا قوم كلما مرت بنا امثال هذه النصوص ينبغي ان نعود بها على قلوبنا فنملأها حبا كما يجب له عليه الصلاة والسلام واجلالا واحتراما وتقديرا بما يليق به وبقدره عليه الصلاة والسلام. واصبر لحكم ربك فانك باعيننا. وقد مر بكم فيما سبق ان الله عز وجل لما خاطب موسى عليه السلام وفي خطاب يشبه هذا يظهر الله تعالى له عظيم عنايته به وحفاوته كليمه موسى عليه السلام قال له ولتصنع على عيني فجاءت هناك العين مفردة وجاء هنا مجموعا لنبينا عليه الصلاة والسلام فانك باعيننا ليس المقام ها هنا للمفاضلة بين نبينا صلى الله عليه وسلم وموسى عليه السلام. فكل نبي عظيم من اولي من الرسل وكل له شأنه وقدره العظيم. لكن الغرض لفت الانظار الى اننا امة والله حفية بدينها وبكتابها وبنبيها صلى الله عليه وسلم. ومما نفخر به امة الاسلام ان الله بعث الينا محمدا صلى الله عليه وسلم نبيا لنا ورسولا يبلغنا دين ربنا ووحيه الينا. ثم ها هنا سؤال اذا قال الله له والله يعصمك وقال في انك باعيننا وقال كما سيأتي فاليس الله بكاف عبده انا كفيناك المستهزئين هذه ايات يخبر الله فيها انه كفاه وانه عصمه وانه حماه عز وجل وتكفل بحفظه فهل يشكل على هذا ما اصاب نبينا عليه الصلاة والسلام في بعض المواقف من حياته اما سم في ذراع الشاة اما شج عليه الصلاة والسلام في غزوة احد وسقط في حفرة وسال الدم على وجهه الشريف وانكسرت رباعيته صلى الله عليه وسلم اما سحب كما مر في درس قبل اسبوعين سحر عليه الصلاة والسلام في مشط ومشاطة ثم نزلت عليه المعوذتان وفك سحره عليه الصلاة والسلام ناهيك عن انواع كان يكاد فيها لكن المقصود لما اصابه السحر واكل قطعة من السم فلفظها واصيب بما اصيب يوم احد عليه الصلاة والسلام. فقد يقول قائل فاين قوله اليس الله بكاف عبده والله يعصمك من الناس ها هنا عدة اجابات اولها ان تقول ان العصمة والكفاية والحفظ في تلك النصوص المراد بها حفظه من القتل حفظه من القتل او ما يمنع من تبليغ رسالة ربه. وما عدا ذلك من الابتلاءات فالاية لا تدل عليها فالنصوص اذا تدل على حفظ الله له من قتل او عدوان يمنعه كحبس ومنع عن تبليغ رسالة الله. جواب اخر ان تقول ان الله عز وجل رغم ذلك فقد العصمة وكفى يوم احد كأد يقتل وتوجهت نحوه كتيبة من قريش وهو في بضعة عشر رجلا من اصحابه فقط. فيذودون عنه ويدفعون عنه ويثبتهم الله عز عز وجل حتى ادركته فئة تنصره من دون العدو. هذه عصمة اذا واما السحر فقد نزلت الرقية ورفع الله ما به عليه الصلاة والسلام. واما السم فقد لفظه واخبرته وانطق الله ذراع الشاة لما فيها من السم. فتلك عصمة بينة وامثال ذلك واضح فالمراد اذا ان الله وان كتب له او كتب عليه شيئا من البلاء والعدوان الذي يسام به كل ناصح ومبلغ لدين الله لكن الله عز وجل وقاه ان تكون تلك الاسباب مهلكات فلا السحر قتلة ولا السم قتلة ولا ما ارادوا به ام احد كان سببا في مقتله عليه الصلاة والسلام. ثم تقول بعد ذلك كله ان الله جمع له بين الحماية والوقاية والعصمة والنصرة والحفظ والكفاية وبين اجر البلاء الذي كتب الله عز وجل له بعضا اسبابه فعظم اجره بعظم ما وجد من البلاء. فقد اوذي باللسان فقالوا ساحر وكذاب وشاعر ومجنون. واوذي باليد عليه الصلاة والسلام فوظعوا سلا الجزور على ظهره وهو ساجد صلى الله عليه وسلم. واوذي بالقتال والسلاح فجيشت له الجيوش يوم بدر واحد والخندق كل ذلك حصل به الاذى. لكنه من عظيم ابتلاء الله له لعظيم اجره وقدره عند ربه عز وجل ولله في ذلك حكم وليست حكمة. اولها ان يكون هذا معلما لكل من يخلف الانبياء والرسل في الامم من والمصلحين ان هذا الطريق ليس مفروشا بالورود ومهما كان العبد مؤيدا من ربه ومعصوما ولم يبلغ ابدا درجة الانبياء فها هم يؤذون في سبيل الدعوة الى الله ايريد الدعاة يوما في حياتهم ان تسلم لهم دعوتهم من الاذى والنكار والعناد والتكذيب وشيء مما يمس ابدانهم حاشا لو كتب الله لاحد السلامة من اذى البشر مطلقا في سبيل تبليغ دعوته لك انت للانبياء صلى الله عموما ولرسولنا صلى الله عليه وسلم خاصة. فهذا يزول به الاشكال ان عصمة الله ووقايته وهو كفايته لرسولنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم. لا تعارضوا ما اصابه في بعض المواقف مما اصابه من بعض انواع الاذى فان ذلك من عظيم اجره الذي كتبه الله له عليه الصلاة والسلام وما في ذلك من الحكمة من اقتداء البشر من الامة بعده في تحمل وصبر على ما يراد لهم من البلاء في هذا الباب العظيم. نعم قال رحمه الله تعالى وقال الله تعالى اليس الله بكاف عبده السؤال ها هنا للتقرير اليس الله بكاف عبده ليس سؤال استفهام لا يراد به الجواب ليس المراد اجيبوني اليس الله بكاف عبده لنقول؟ بلى او نقول لا. هو مبالغة في الاثبات اليس الله بكاف عبده؟ نعم قيل بكاف محمد محمدا صلى الله عليه وسلم اعداءه المشركين وقيل غير هذا اليس الله بكاف عبده قرأت الاية بقراءتين صحيحتين. فقراءة الجمهور على الافراد اليس الله بكاف عبده والمراد هنا احد معنيين. الاول ان تقول ان المراد به نبينا صلى الله عليه وسلم واليه اشار المصنف قيل بكاف محمدا صلى الله عليه وسلم اعداءه المشركين واما ان تقول في المعنى الاخر ان المراد بقوله عبده اسم جنس يتناول كل عبد مؤمن صالح يتولى تبليغ رسالة الله فيدخل فيه عامة الانبياء والدعاة من اممهم والصالحون والمصلحون فانهم داخلون في قوله اليس الله بكاف عبده وقراءة حمزة والكساء بالجمع اليس الله بكاف عبادة فتكون معنى الاية ايضا على على العموم والشمول. اليس الله بكاف عباده فلا يكفي العباد همهم الا الخالق جل وعلا وهنا ايضا اذا تقرر ان الله تكفل بكفاية العباد فاولى العباد بهذا المعنى هم اكمل عبودية لربهم واخصهم بهذا الوصف. وامامهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. فانه اكمل العباد لربه دية وهو اصدق من يصدق من ينصف بانه عبد لربه عز وجل. وقد اثنى الله عليه فقال سبحان الذي اسرى بعبده من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى. فهاتان القراءتان لا تزالان تدلان على كفاية الله لنبينا صلى الله عليه واله وسلم وهو اولى الخلق في المراد بالاية. وفيها لطيفة اشار اليها بعض المفسرين. ان عبدا مخلوقا اذا تكفل بعبد مخلوق وتولى امره وشأنه فانه ينتدب الى الا ينتقص منه شيء فمن تكفل بك وقال انا اكفيك امرك واتولى شأنك في باب من ابواب الحياة في امر وظيفتك مثلا او في امر زواجك او في امر ما يتعلق بمعاشك وتربيتك لاولادك. او اي باب لك في الحياة. قال لك قائل انا اكفيكه. وانا اتولاك فيه فانه يقع في النفس قدر عظيم من الشعور بحمل الهم في هذا الباب. وانه كفي فيه الانسان. فكيف اذا كان الله عز وجل وهو رب الخالق يقول اليس الله بكاف عبده؟ انها الكفاية الاكمل والعناية الاتم التي تكون من الخالق عز وجل لخلقه واولاهم في ذلك نبينا صلى الله عليه واله وسلم قال المصنف رحمه الله تعالى وقال الله تعالى انا كفيناك المستهزئين. ايضا هذه في سورة الحجر فالله يقول لنبيه عليه الصلاة والسلام انا كفيناك المستهزئين. فالاية على التأكيد بان ثم مؤكدة بتوحيد اخر وهي الجمع بناء انا ثم ياتي الفعل ايضا بصيغة الماضي لتأكيد الوقوع كفيناك ولم يقل نكفيك ثم نسب فعل ايضا في ضمير الفاعل الى الجمع كفيناك فاجتمع في الاية من المؤكدات بكفاية الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ما هو واضح على وجازة الاية وقصر الفاظها ثم المستهزئون هنا هم اقل انواع الاذى لان الهزء انما يكون باللسان والاشارة عادة. فاذا كفى الله نبيه عليه الصلاة والسلام عدوا يهزأ به بلسانه. او باشارة عينه او يده. اتظن ان الذي كفاه الاستهزاء على دنو درجته يكله الى عدوه وخصمه في اذى ابلغ واكبر واعظم ان يمسه باذى بيده او بسلاح فيقتله او يعتدي عليه انا كفيناك المستهزئين كم بعثت من الطمأنينة في قلب المصطفى صلى الله عليه وسلم المحفوفة بعظيم قدره عند ربه. وحفاوة بالغة يمتلئ بها فؤاد المصطفى صلى الله عليه وسلم رظا عن ربه وبقاء في الاستمرار على دعوته وثباتا في طريق تبليغ رسالته. انا كفيناك المستهزئين فيها عظيم لطف الله عظيم كفاية الله لنبيه صلى الله عليه وسلم وعظيم حفاوته به صلى الله ربي وسلم وبارك عليه وقال الله تعالى واذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك او يقتلوك او يخرجوك ويمكرون ويمكر الله. والله خير الماكرين ويمكرون ويمكر الله مكرت قريش كثيرا بمكة مرات ومرات وتآمروا وتواطؤوا لكن الله يقول ويمكرون ويمكر الله بالله ماذا سيبقى من مكر بشر في مقابلة مكر رب البشر والله خير الماكرين يمكرون كثيرا واعظم مكر تواطأت عليه قريش ايام كفرها بمكة قبل هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم هي ما كانت سببا في حادثة الهجرة. لما تواطؤوا على قتله. والقصة كما يرويها اصحاب السير. عندما تشاور المشركون في دار وفيما يصنعون برسول الله صلى الله عليه وسلم. اما ان يثبتوه عندهم بالحبس فيوثقوه بقيد ويحبسونه في دار من دورهم فيكتفون بذلك دعوته وتبليغ رسالة الله واما ان يقتلوه فيستريحوا بزعمهم من شره وما جاء به من دعوة الاسلام. واما ان يخرجوه ويطردوه من ديارهم واذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك ان يقيدوك او يحبسوك او يقتلوك او يخرجوك فثلاثة خيارات تواطؤوا حولها وتآمروا في دار الندوة على ذلك وكل ادلى برأي من الاراء فاتفق رأيهم على رأي رآه شريرهم ابو جهل لعنه الله وهو ان خذوا من كل قبيلة من قريش فتى جلدا شابا ويؤخذ بسيف صارم فيتامرون عليه وينقضون عليه فيقتلونه قتلة رجل واحد فيتفرق دم وفي القبائل لترضى بعد ذلك بنو هاشم بديته ولا يقدرون على مقاومة سائر القبائل من قريش. وترصدوا بذلك لنبيهم صلى الله عليه وسلم ليلا ليوقعوا به اذ قام من فراشه فجاء الوحي من السماء وخرج عليهم وذرا في اعينهم وعلى رؤوسهم التراب وخرج يمشي من بينهم صلى الله عليه وسلم واعمى الله ابصارهم عنه. حتى اذا استبطأوا خروجه وطالب بهم الانتظار خارج الباب جاءهم ات فقال خيبكم الله قد خرج محمد من امامكم وذر على رؤوسكم التراب فنفض كل واحد منهم عن رأسه فاذا التراب فوقه ما الله نبيه ومنعه صلى الله عليه وسلم واذن له في الهجرة فهاجر فكان تأييد اذا فوق تأييد ونصرة فوق نصرة وحماية فوق حماية اما ان سيرته عليه الصلاة والسلام بسنواتها الثلاثة والعشرين حافلة كلها والله بليلها ونهارها حافلة بعصمة الله له وحمايته له من فوق سبع سماوات. يا رجل هذا رسول الله ايخذله الله عز وجل؟ كلفه بامانة تعجز عنها السماوات والارض والجبال ايكيله الى عدو وخصم هذا نبي الله صلى الله عليه وسلم. ولانه صدق في تبليغ الرسالة. وجاهد في الله حق الجهاد. كان له من ربه تمام العناية والحفظ والكفاية فصلى الله عليه واله وسلم. ما زالت الاية تقرأ الى قيام الساعة. واذ يمكر بك الذين كفروا. يعني واذكر يا محمد ولتذكر امتك من بعدك ولنذكر نحن في مجلسنا هذا. ويذكر كل مسلم يقرأ الاية او يسمعها خلف امام في الصلاة او قارئ خارجها اذكروا اذكروا يا امة الاسلام. كيف مكرت قريش برسولكم صلى الله عليه وسلم بهذه الامور العظام ليثبتوه او يقتلوه او يخرجوه فماذا كانت النتيجة؟ قال ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين. لان الله عصمه فما يمكن ان يكون لمكر البشر ولو اجتمع. وبلغ عنان السماء قلت ثاني وكيدا وعدوانا؟ لا والله ما يمس رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا بمقدار شوكة لان الله عز وجل قال له والله يعصمك. وقال انا كفيناك. وقال اليس الله بكاف عبده؟ ويقول هنا في الاية ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين قال رحمه الله تعالى اخبرنا القاضي الشهيد ابو علي الصدفي بقراءتي عليه والفقيه الحافظ ابو بكر محمد بن عبدالله المعافري المعافر المعافر كلاهما قال حدثنا ابو الحسين الصيرفي قال دفن ابو علي البغدادي ابو يعلى قال حدثنا ابو يعلى البغدادي قال حدثنا ابو علي السنجي قال حدثنا ابو العباس المروزي قال حدثنا ابو عيسى الحافظ قال حدثنا عبد بن حميد قال حدثنا مسلم ابن ابراهيم قال حدثنا الحارث ابن عبيد وعن سعيد الجريري عن عبدالله بن شقيق عن عائشة رضي الله عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص حتى نزلت هذه الاية. والله يعصمك من الناس. فاخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من القبة فقال لهم يا ايها الناس انصرفوا فقد عصمني ربي في عز وجل هذا الحديث يذكر عادة في سياق تفسير الاية والله يعصمك من الناس لانها جاءت مشتملة في هذا الحديث وقد ساق المصنف رحمه الله هذا الحديث بسنده من طريق الامام الترمذي. في قوله حدثنا ابو عيسى الحافظ والحديث عند الترمذي في سننه واصل الحديث في الصحيحين ولفظ الشيخين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت ارق النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة. ومعنى ارق يعني تأخر نومه لقلق اصابه قالت ارق النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة. فقال ليت رجلا صالحا من اصحابنا يحرسني الليلة قال ليت رجلا من اصحابي ليت رجلا صالحا من اصحابي يحرسني الليلة قالت اذ سمعنا صوت السلاح فقال من هذا فقال انا سعد يا رسول الله هذا سعد بن معاذ رضي الله عنه جئت احرسك فقال عليه الصلاة والسلام فنام. تقول عائشة حتى سمعنا غطيطه فاتخذ عليه الصلاة والسلام حارسا. وفي الحديث منقبة شريفة لسيد الصحابة سعد رضي الله عنه. وانه بمجرد ان بلغ ما بلغه لكن لما كان شيئا من منى رسول الله عليه الصلاة والسلام في ليلته تلك ان يحرسه رجل صالح سخر الله الله سعدا فقدم من غير طلب وسمع صوت السلاح فلما استفسر علم انه سعد فاتى. هذه رواية الصحيحين ورواية غيرهم كما عند الترمذي هنا انه لما حرس حتى نزلت الاية والله يعصمك من الناس اخرج رأسه من القبة عليه الصلاة والسلام والقبة عادة اما ان يكون خارج المنزل في سفر فكان يبيت داخل قبة فاخرج رأسه منها انه كما سيأتي انه حتى في اسفاره كان اذا قال او استراح او بات عليه الصلاة والسلام اتخذوا من اصحابه من يحرسه حماية له واخذا بالاسباب واما ان يكون في مدينته وفي حجراته صلى الله عليه وسلم فتكون القبة شبه غطاء يستتر تحته عليه الصلاة والسلام قال ايها الناس انصرفوا فقد عصمني ربي عز وجل الحديث هذا فيه بيان ومعنى الاية وفيه اشارة الى سبب نزولها او وقته انه ظل عليه الصلاة والسلام يتخذ الحراس ايتخذوا الحراس والله يحميه ويكفيه الجواب لا هذا من الاخذ بالاسباب فانه سيد المتوكلين على ربه عليه الصلاة والسلام. ومع هذا كان اذا قاتل اتخذ السلاح ولبس الدرع وغطى رأسه فالتوكل على الله وصدق الاحتماء به والالتجاء اليه لا يمنع من الاخذ بالاسباب. والاعداء كثر والمتربصون حوله صلى الله عليه وسلم ايضا كثير فاخذه للحراسة ليس منقصة في توكله على ربه ولا ثقته به عز وجل وانه ايضا قال عليه الصلاة والسلام كما مر بكم في غزوة احد خرج يلبس مظاهرا بين درعين يلبس درعا فوق درع هذا من تمام عنايته بالاسباب صلى الله عليه واله وسلم فلما اخرج رأسه فقال ايها الناس انصرفوا فقد عصمني ربي عز وجل ظاهر الرواية هذه بزيادتها التي ليست في الصحيحين عليه الصلاة والسلام لم يحرس بعد ذلك وانه رد الصحابة عن حراسته لما قال انصرفوا فقد عصمني ربي عز وجل فاذا افترضنا ان الاية مدنية فان معناها انه بعد ذلك لم يحرص عليه الصلاة والسلام. ساق الحافظ بن حجر هذا الاشكال فقال وهو يقتضي انه لم يحرس بعد ذلك بناء على سبق نزول الاية. لكن ورد في عدة اخبار انه حرس في بدر وفي احد وفي الخندق وفي رجوعه من خيبر وفي وادي القرى وفي عمرة القضية وفي حنين فكأن الاية نزلت متراخية عن وقعة حنين ويؤيدهما اخرج الطبراني في الصغير من حديث ابي سعيد كان العباس في من يحرس النبي صلى الله عليه وسلم فلما نزلت هذه الاية ترك والعباس انما لزمه بعد فتح مكة. فيحمل على ان الاية نزلت بعد حنين وحديث حراسته ليلة حنين. اخرجه ابو داود روى النسائي والحاكم من حديث سهل بن الحنظلية ان انس بن ابي مرثد حرس النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة واما الصحابة الذين تشرفوا بحراسة رسول الله عليه الصلاة والسلام. فقد حفظت كتب الرواية اسماءهم وتتبعوا في الروايات اسماء من كان يقوم بالحراسة خدمة وحماية لرسول الله عليه الصلاة والسلام. ولا تعجب فهذا شرف اذا كان من الصحابة رجل يبيت ليلته يقظان يحرس نبي الامة وحبيب القلوب صلى الله عليه وسلم. يفدونه بمهجهم ارواحهم فجمعت الروايات والتقطت الاسماء وجمع بعضهم اسماء حرس النبي صلى الله عليه وسلم فمن ذلك ممن جمع منهم عدو بن معاذ ومحمد بن مسلمة والزبير وابو ايوب وذكوان ابن عبد القيس والاذرع السلمي وابن الادرع واسمه محجن. ويقال سلمة وعباد بن بشر عباس وابو ريحانة وليس كل واحد من هؤلاء في الوقائع التي تقدم ذكرها حرص النبي صلى الله عليه وسلم وحده بل ذكر في مطلق الحرس فامكن ان يكون خاصا به كابي ايوب حين بنائه بصفية بعد الرجوع من خيبر وامكن ان يكون حرسا فاهل تلك الغزوة كانس ابن ابي مرثد والعلم عند الله انتهى كلام الحافظ رحمه الله تعالى. والمقصود يا كرام ان نبينا عليه الصلاة والسلام عاش بعد الهجرة في المدينة محاطا بجملة من الاعداء. فيهم المنافقون وفيهم اليهود الذين غدروا به غير ما مر. فكان لا يأمن عليه الصلاة والسلام واحرى من ذلك واولى في اسفاره وغزواته. فانها حرب وربما كان في طريق ذهابه للغزوة او رجوعه منها ما يدبر له كيد ومؤامرة وشيء من الاذى يراد به كما ستأتيك الروايات هنا بعد قليل. والمقصود ان اتخاذه الحرس عليه الصلاة والسلام كان سببا. وقد نصت رواية الترمذي هنا وغيره على انه بعدما نزلت الاية استكفى عليه الصلاة والسلام وقال لاصحابه انصرفوا فان ربي قد عصمني او فقد عصمني ربي عز وجل. وهذا من تمام كفاية الله له صلى الله عليه واله وسلم قال رحمه الله تعالى وروي ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا نزل منزلا اختار له اصحابه شجرة يقيل تحتها ها فاتاه اعرابي فاختلط سيفه ثم قال من يمنعك مني؟ فقال صلى الله عليه وسلم الله عز وجل فارعدت يد الاعرابي وسقط سيفه وضرب برأسه الشجرة حتى سال دماغه فنزلت الاية نعم وقد رويت وقد رويت هذه القصة في الصحيح وان غورث او غورث ابن الحارث صاحب هذه القصة. وان النبي صلى الله الله عليه وسلم عفا عنه فرجع الى قومه وقال جئتكم من عند خير الناس. نعم روى اصحاب السنن وغيرهم في في معنى الاية والدلالة عليها قصة الرجل الذي تسلط على النبي عليه الصلاة والسلام حاملا سيفه ليس بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم احد واجهه وجها لوجه والسيف في يده. ويسأل النبي عليه الصلاة والسلام من يمنعك مني بمقتضى الاسباب يا كرام لا شيء وانه ليس بينه وبين القتل الا ان ينفذ السلاح في جسده عليه الصلاة والسلام لكن المعجزة الالهية هي التي تفهمك معنى قوله والله يعصمك من الناس. فان الله قد منعه هذا في رواية ذكرها المصنف هنا اخرجها بعض اصحاب السير واصل الحديث ايضا في الصحيحين عند البخاري ومسلم. والرواية بلفظها من حديث جابر رضي الله عنه قال غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل نجد فلما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم قفل معه. يعني لما رجع من الغزو وعاد بعده. قال فادركتهم يعني وقت القيلولة في الظهر فادركتهم القائلة في واد كثير العظاه يعني الشجر ذي الشوك فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرق الناس يستظلون بالشجر فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت سمرة شجرة سمر وعلق بها سيفه ونمنا نومة فاذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعونها واذا عنده اعرابي فقال ان هذا اختلط علي سيفي وانا نائم جاء ودخل واقتحم مكان نزول الصحابة في الوادي وبلغ موضع رسول الله عليه الصلاة والسلام تحت الشجرة وتناول سيفه الذي علقه على الشجرة واختلطه يعني اخرجه من غمده واشهره في وجهه. يقول عليه الصلاة والسلام ان هذا اختلط علي سيفي وانا نائم. فاستيقظت وهو في يده صلتا. فقال من يمنعك مني؟ فقلت الله فاسقط في يده ولم يصنع شيئا ولم يعاقبه فجلس فدعاهم عليه الصلاة والسلام هذا لفظ البخاري ومسلم في الرواية فيما ساق المصنف هنا قال في احدى الروايات عند اصحاب السير وهي من حيث الاسناد مرسلة ليست صحيحة. قال مدت يد الاعراب وسقط سيفه فضرب برأسه الشجرة حتى سال دماغه. يعني حتى انفجر رأسه من شدة ضربه فمات وزهقت روحه بخروج دماغه من رأسه. وهذا ان ثبت فهو من تمام حفظ الله له والا فعامة الروايات ان هذا لم يقع وان الرجل صاحب الرواية هذه الاعرابي كما ثبت عند احمد وابن حبان. في الرواية الاخرى قال المصنف وقد رويت هذه القصة في الصحيح وان غورة ابن الحارث صاحب هذه القصة. وان النبي صلى الله عليه وسلم عفا عنه فرجع الى قومه فقال جئتكم من عند خير الناس. لان الرجل بعدما سقط سيفه لما قال له النبي عليه الصلاة والسلام لما سأل الرجل من مني قال الله قال فسقط السيف من يده فتناوله النبي عليه الصلاة والسلام فاخذ السيف له عليه الصلاة والسلام وامسك بالرجل فقال بعدما سقط سيفه واخذه النبي عليه الصلاة والسلام كن خير اخذ يستلطف النبي عليه الصلاة والسلام. يعني قد مكنك الله مني فالطف بي. قال كن خير اخذ قال له عليه الصلاة والسلام فتشهد ان لا اله الا الله واني رسول الله قال الرجل لا ولكن اعاهدك على انك ااقاتلك ولا اكون مع قوم يقاتلونك فاخلى سبيله صلى الله عليه وسلم اخلى سبيله فرجع الرجل الى قومه فقال جئتكم من عند خير الناس قالها كلمة وعمم فيها المدح والثناء من عند خير الناس وهو القادم قبل قليل يريد قتله صلى الله عليه وسلم غلبت العداوة احتراما وانقلبت الرغبة في القتل الى ثناء ومدح على عظيم قدر المصطفى صلى الله عليه وسلم اما انه كان قد استوجب القتل ولو قتله عليه الصلاة والسلام لكان مستحقا لكنه قد مر بك هذا الحديث في فصل سابق في عظيم حلمه عليه الصلاة والسلام وانه كما عفا عن اليهودي الذي سحره وعن اليهودية التي سمت الشاة. وانه ما قتلها الا قصاصا بعد موت البراء. بشر ابن البراء لم سمي معه وعفا ايضا عن هذا الاعرابي الذي تهجم واراد قتله لانه لم يكن غرض له عليه الصلاة والسلام في قتل الانفس ولا ازهاق الارواح هو جاء ليخرجهم من النار الى الجنة. افيقتلهم ليدخلوها بيديه؟ حاشاه صلى الله عليه وسلم كان همه الاعظم استنقاذهم من النار الى الجنة من الظلمات الى النور من الكفر الى الاسلام. اتظن ان له مطمعا ورغبة ولو على حساب حظ نفسه والثأر والانتقام ورد الاذى والعدوان؟ لا والله. وتذكرون قولته عليه الصلاة والسلام وقد دخل مكة وقريش تحت يديه في فتح مكة سنة ثمان للهجرة. يقول ما تظنون اني فاعل بكم؟ لم يزد عليه الصلاة والسلام على ان قال اذهبوا فانتم الطلقاء ما بعثه الله ليقتلهم بيديه فيدخلهم النار هو بعث ليخرجهم منها. فكان همه الاكبر صلوات الله وسلامه عليه اخراجهم الى الجنة وادخالهم اياها من اوسع ابوابها. فلما رأى الرجل قد اذعن عرظ عليه الاسلام فلما ابى تركه فعاد الرجل يقول جئتكم من عند خير الناس ذكر هذا في رواية وسمي في بعظ الطرق الصحيحة انه غورث ابن الحارث بضم الغين او بفتحها غورث او غورث. ويذكر كثيرا في سبب نزول هذه الاية انه فيمن نزل عليه الله عز وجل والله يعصمك من الناس او قوله اذكروا نعمة الله عليكم اذ هم قوم ان يبسطوا اليكم ايديهم فكف ايديهم عنكم. نعم. قال رحمه الله والله تعالى وقد حكيت مثل هذه الحكاية وانها جرت له يوم بدر وقد انفرد من اصحابه لقضاء حاجته فتبعه رجل من المنافقين وذكر مثله. ايضا في ذكر مثل هذه القصة حكيت رواية شبيهة وان انها كانت يوم بدر تحديدا وقد انفرد عليه الصلاة والسلام لقضاء حاجة فتبعه رجل من المنافقين يريد قتله لكن الله رده عنه وعصمه وحفظه لكن الرواية هذه ايضا ليست مما خرج باسناد يعول عليه او يحكم بناء على النظر في رجاله قال رحمه الله وقد روي انه وقع له مثلها في غزوة غطفان بذيئة مرة مع رجل اسمه دعثور ابن الحارث وان الرجل اسلم فلما رجع الى قومه الذين اغروه وكان سيدهم اشجعهم قالوا له اينما كنت تقول وقد امكنك فقال اني نظرت الى رجل ابيض طويل دفع في صدري فوقعت لظهري وسقط السيف من يدي فعرفت انه ملك واسلمت قيل وفيه نزلت هذه الاية يا ايها الذين امنوا اذكروا نعمة الله عليكم اذ هم قوم ان يبسطوا اليكم ايديهم. فكف ايديهم عنكم واتقوا الله. وعلى الله فليتوكل المؤمنون. نعم فيه رواية ثالثة في القصة. وان رجلا يسمى دعثور ابن الحارث. وقد قيل انه هو ذاته غورث ابن الحارث فاما ان يكونا شخصين في قصتين مختلفتين او تكون قصة واحدة وهذا الرجل له اسم وكني فذكر في احدى الروايتين باحداهما وفي الاخرى بغيرها في اسباب النزول عن الحسن البصري عن جابر ابن عبدالله ان رجلا من محارب يقال له غورة ابن الحارث قال لقومه من غطفان ومحارب الا اقتل لكم محمدا؟ قالوا نعم. لكن كيف تقتله؟ قال افتك به فاقبل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس وسيفه في حجره فقال يا محمد انظر الى سيفك هذا عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه ان رجلا من محارب يقال له غورث ابن الحارث قال لقومه من غطفان ومحارب الا اقتل لكم محمدا؟ قالوا نعم ولكن كيف تقتله قال افتك به فاقبل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو جالس وسيفه في حجره. فقال يا محمد انظر الى سيفك هذا؟ قال نعم فاخذه فاستله ثم جعل يهزه ويهم به فكبته الله عز وجل يحاول لكنه لا يستطيع قال فجعل يهزه ويهم به فكبته الله عز وجل. ثم قال يا محمد اما تخافني؟ قال لا قال الا تخافني وفي يد السيف؟ قال يمنعني الله منك ثم اغمد السيف ورده الى رسول الله صلى الله عليه وسلم لست ترى لذلك تفسيرا الا ان الله من فوق سبع سماوات حمى نبيه من عدو ليس بينه وبينه الا سيف قد رفعه في وجهه عليه الصلاة والسلام. قال فنزلت الاية اذكروا نعمة الله اذ هم قوم ان يبسطوا اليكم ايديهم. وقيل في سبب نزول الاية قصة الوادي الذي مر بكم قبل قليل. وانه كان عليه الصلاة والسلام في عودته من غزات وقال ثلاث مرات فاسقط السيف من يده فنزل قوله تعالى اذكروا نعمة الله عليكم اذ هم قوم ان يبسطوا اليكم ايديهم. قال المصنف هنا ان دعثور ابن الحارثي وانه اسلم ابن حجر فلما رجع الى قومه الذين اغروه وقالوا اينما كنت تقول وقد زعم انه يقتل وقد امكنك قال اني نظرت الى رجل ابيض طويل دفع في صدري فوقعت بظهري وسقط السيف من يدي فعرفت انه ملك واسلمت. فيقال هو غورة ابن الحارث. وعلى ذلك ذكر الذهبي اسلامه. لكن الحافظ ابن حجر توقف في اثبات اسلام غورث ابن لان الروايات الصريحة باسمه لم تنص على اسلامه والله اعلم نعم قال رحمه الله تعالى وفي رواية الخطابي ان غورث ابن الحارث المحاربي اراد ان يفتك بالنبي صلى الله عليه وسلم فلم يشعر به الا وهو قائم على رأسه منتظيا سيبه فقال سيفه يعني قد اصلته واشهره واخرجه من غمده فقال صلى الله عليه او الم؟ اللهم اكفنيه بما شئت فانكب من وجهه من زخلة زلت من زلخة من زلخة زلقها بين كتفيه وندر سيفه من يده الزلخة هي وجع الظهر. الذلة الم يصيب الانسان في ظهره بين كتفيه يشبه ما تسميه بالابهر او الم في العصب. فيصيب الانسان بشبه تصلب وشلل فلا يقوى على شيء فلما حمل السيف وقال عليه الصلاة والسلام اللهم اكفنيه بما شئت قال انكب من وجهه بسبب ما اصابه من الزلخة التي تصلب بها فما استطاع ان يصنع شيئا قال وسقط سيفه من يده وهي احدى الروايات في قصة في غورة ابن الحارث التي علمت تفصيلها قال رحمه الله وقيل في قصته غير هذا وذكر ان ان فيه نزلت يا الذين امنوا اذكروا نعمة الله عليكم اذ هم قوم ان يبسطوا اليكم ايديهم فكف ايديهم عنكم. واتقوا الله وعلى والله فليتوكل المؤمنون وقيل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخاف قريشا. فلما نزلت هذه الاية استلقى ثم قال صلى الله عليه عليه وسلم من شاء فليخذلني. الرواية اخرجها ابن جرير في تفسيره عن ابن جريج مرسلة وكذلك او ابن عطية في تفسيره ان النبي عليه الصلاة والسلام بعد نزول الاية اذكروا نعمة الله عليكم اذ هم قوم ان يبسطوا اليكم ايديهم امتلأ ثقة بربه فقال من شاء فليخذلني. يعني لست بحاجة الى حماية بشر وقد حماني رب البشر صلى الله عليه سلم ولا يزال وفي الفصل بقية ناتي عليها تباعا ان شاء الله تعالى. اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء اعمروا ليلتكم وجمعتكم غدا بالصلاة على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم. وتذكروا فمن صلى علي صلاة صلى الله عليه عشرا فاللهم صلي وسلم وبارك عليه عدد ما صلى عليه المصلون. وصلي وسلم وبارك عليه عدد ما غفل عن الصلاة عليه الغافلون. اللهم ارحم موتانا واشف مرضانا واهد ضال لنا وتقبل منا انك انت السميع العليم وتب علينا انك انت التواب الرحيم ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار وصلي اللهم على نبينا محمد واله وصحبه اجمعين والحمد لله رب العالمين