بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي هدانا للاسلام وعلمنا الحكمة والقرآن احمدوا الله تعالى واشكره واستعينه واستغفره واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله امام الانبياء وخاتم المرسلين وحبيب رب العالمين وصفوة الله من خلقه اجمعين وقرة عيون المحبين اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. وبعد اخوة الاسلام فهذه ليلة الجمعة. ليلة الصلاة سلامي على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم. الصلاة والسلام عليه الفاتحة للخيرات والجالبة للبركات التي يدفع الله بها هم المهموم ويكشف بها كرب المكروب. ويحقق بها منى الداعي والراغب والراجي في رحمته سبحانه وتعالى. اما ان صلاتنا على النبي صلى الله عليه وسلم حاضرة في حياة المسلم في يومه وليلته لا تغيبوا عنه بحال نصلي عليه صلى الله عليه وسلم كلما صففنا في الصلاة فرضا او نفلا ولا يتم لاحدنا دخول مسجد ولا الخروج منه الا اذا افتتحه لدخوله بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله الله عليه وسلم وكذلك الشأن اذا خرج. وفي صلاتنا على امواتنا فانا نقدم بين يدي الدعاء لهم صلاة وسلامنا على النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم. انها صلاة احبها الله وامر بها الله. وجعل لها من بالخير والفوز والاجر والبركات ما يجعل العبد المحب لنبيه صلى الله عليه وسلم مستكثرا منها صباح مساء اما انها في ليلة جمعتكم اكد لقوله صلى الله عليه وسلم اكثروا من الصلاة علي ليلة الجمعة ويوم الجمعة يا رب صل على نبيك ما بدا نور الصباح واشرقت افاق يا رب صل على نبيك ما هفى قلب المحب وحنت الاشواق. فاللهم صل وسلم وبارك عليه. ولا يزال مجلسنا هذا ايها المباركون. في مدارسة بالشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه واله وسلم للامام القاضي عياض ابن موسى الي رحمه الله تعالى وما يزال بنا مدارسة الكتاب في فصول بابه الرابع في ذكر الايات والمعجزات. الدالة على عظيم الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام عند رب الارض والسماوات ايات تترى ومعجزات تتابعت وحياة حافلة منه صلى الله عليه وسلم بتأييد الله له. كيف لا والله عز وجل بعثه وايده ونصره فكانت هذه من اوضح الدلالات التي يجدها المسلم في حفظ الله لنبيه عليه الصلاة والسلام وتأييده له الى ان وقف بنا الحديث في الفصل الذي عنون له الامام القاظي عياظ رحمه الله بقوله فاصبر في عصمة الله تعالى الا له من الناس وكفايته من اذاه. وهو الفصل الذي ابتدأناه ليلة الجمعة الماضية. والمراد بهذا الفصل رعاكم الله اثبات كيف ان له عليه الصلاة والسلام عند ربه حظوة ومكانة وقدرا عظيما. ولذلك حفظ الله من الاذى وعصمه عز وجل وايده وجعل له سبحانه وتعالى ما يكفل له به دفع اذى المؤذين وعداوة المعتدين وكيد الكائدين. قال الله له والله يعصمك من الناس. اي بلغ انت رسالتي وانا حافظ وناصرك ومؤيدك على اعدائك. ومظهرك بهم فلا تخف ولا تحزن. فلن يصل احد منهم اليك بسوء وان يؤذيك كما قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى فهذا فصل فيه من الوقائع ومن النصوص والاثار. ما يدل على ان الله عز وجل كتب لنبينا صلى الله عليه وسلم على مدى ثلاث وعشرين سنة في بعثته كتب له النصرة والحماية والحفظ. رغم كثرة الاعداء. ورغم شراسة في العداوة وضراوة الاذى امضى صلى الله عليه وسلم اكثر من نصف سنين دعوته بين ظهراني كفار قريش بمكة ينام بينهم ويأكل بينهم ويشرب بينهم ويغدو ويروح بينهم عليه الصلاة والسلام لقد نالوا اصحابه باشد انواع الاذى فساموهم سوء العذاب. فمن اصحابه من ضرب ومنهم من عذب ومنهم هم من اسر ووظع القيد في يديه ورجليه ومنهم من قتل كما فعلوا بوالدي ياسر ابيه عمار وامه سمية رضي الله عنهم اجمعين كل ذلك الاذى والنكال والعذاب والاضطهاد الذي انزله كفار قريش بمكة على المسلمين الاوائل. اما اكان لهم غرض ولا هدف في ايقاع هذا الاذى والكيد والنكال برأس هذا الامر وعموده عليه الصلاة السلام بالقادم بهذا النور بالذي اعاد الدين الى الحنيفية واعادهم الى الصراط المستقيم بلى لقد كان هذا مقصودا اكبر وكم تواطأ صناديد قريش وعتاتها وكبراؤها وسفهاؤها على ايقاع الاذى به عليه الصلاة والسلام. وقد رصد القرآن شيئا من ذلك. فقد نالوه بسوء الاذى باللسان. فشتموا وسخروا وهزئوا واطلقوا اقبح الالفاظ في مقامه الشريف صلى الله عليه وسلم. اذ قالوا كذاب وقالوا ساحر وقالوا شاعر وقالوا مجنون. لكن اذى اللسان لم يكن وحده الذي رصدته قريش في عداوتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة سنة بمكة قضاها بينهم وصدورهم تمتلئ حقدا وحسدا وغيظا. وحتما كان من وراء رغبة في الاذى والعدوان والسؤال حتى خرج عليه الصلاة والسلام من بيته مهاجرا خارجا من بين ايديهم وهم حول بيته يرصدونه يريدون قتله. ما الذي حفظه عليه الصلاة والسلام؟ طيلة ثلاث عشرة سنة بمكة يدخل ويخرج امامهم ويغدو ويروح من امامهم ويأتي ويذهب اليهم في نواديهم وعند الكعبة وفي طرقات مكة كل ذلك وهو يمر عليه الصلاة والسلام بهؤلاء العتاة الذين لا يرقبون في مؤمن الا ولا ذمة واعلنوا حربهم على الله ورسوله عليه الصلاة والسلام. ورفعوا الرايات للصد عن سبيل الله. اما ان الذين لحقوه وتجييش الجيوش الى المدينة في بدر واحد والخندق لقد كانوا اشد حرصا على الفتك به وهو بينهم بمكة ها هنا تقوم اية عظمى امة الاسلام حفظ الله لنبيه ومصطفاه صلى الله عليه وسلم. اي والله فرغم كثرة المؤامرات والكيد والعداء الا انهم ما وصلوا اليه بشيء مما يريدون. قتلوا بعض اصحابه نعم. وفتنوا بعضهم عن دين دينه نعم وساموهم سوء العذاب نعم واضطروهم الى الهجرة الى الحبشة ثم الى المدينة لكن الله عز وجل ما جعل لهم سبيلا على نبيه صلى الله عليه وسلم. لان الله قد قال له انا كفيناك المستهزئين وقال له والله يعصمك من الناس وقال له سبحانه وتعالى اليس الله بكاف عبده؟ وقال له في اية تبعث على ملء القلب طمأنينة حتى تفيض الصدور انشراحا وانسا. واصبر لحكم ربك فانك باعيننا. ما كان عليه الصلاة والسلام ليخشى بعد ذلك في سبيل تبليغ دعوة الله ما كان ليخشى احدا. ولا كان ليقف عن دعوته خشية التهديد والاذى والعذاب والنكال بل الى حد الرغبة في قتله عليه الصلاة والسلام. هذا فصل جعله المصنف رحمه الله في ايراد تلك الوقائع والاحداث والروايات والاثار بعدما قدم في صدر هذا الفصل ما تقدم معنا في ليلة الجمعة الماضية من الايات والاحاديث التي يبين فيها هذا الاصل العظيم وهو تكفل الله جل جلاله بحماية انبيائه وعصمته عز وجل لهم من فوق سبع سماوات. وان ذلك كما تقدم بكم لا يناقض شيئا من الاذى والابتلاء لا الذي اصابه عليه الصلاة والسلام كالسحر الذي صنعته له اليهود. والسم الذي ارادت به اليهودية قتله عليه الصلاة والسلام. والرغبة في وما اصابه مثلا يوم احد حتى شجت جبهته وانكسرت ثنيته وسال الدم على وجهه صلى الله عليه وسلم كل ذلك لم يكن مناقضا. والجواب عن ذلك كله انها لحكمة عظيمة ارادها الله. ان يصاب الانبياء الرسل بشيء من الاذى الذي لا يجعلهم ممنوعين عن تبليغ دعوة الله. فما كان شيء من ذلك البلاء الذي اصاب عائقا له عن استمرار دعوته واتمام مسيرته صلى الله عليه وسلم. بل كان على المقام اعظم في اداء الامانة وتبليغ الرسالة والجهاد في الله حق الجهاد حتى اتاه اليقين فصلى الله وسلم وبارك عليه الى يوم الدين. لكن تلك الابتلاءات التي اصابتهم وهي التي في جوف قوله تعالى والله يعصمك انا كفيناك. اليس الله بكاف عبده؟ كانت لتدل على انها ليس هذا هو البلاء العظيم. والله اذ عصمه فمن القتل والقيد والحبس الذي يمنعه عن تبليغ دعوة الله عز وجل. ثم في طيات من الحكم لامة الاسلام الى يوم القيامة ان تدرك انه ليس من حظ احد من الدعاة والمصلحين والناصحين في الامة ان يعيش حياته سالما من الاذى والسخرية والاستهزاء او شيء يناله في بدنه او سمعته او مما يلحقه من اذى البشر كافة. كيف يسلم ولم يسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم. اما ان طريق الدعوة وتبليغ رسالة الله عز وجل ليس طريقا مفروشا بالورود ولا يؤتى براحة الاجساد ولا بنعيم القلوب والافئدة هو جهاد. والجهاد له تبعاته. فقد كتب الله على انبيائه ذلك النوع من الابتلاء ليكون عبرة لمن يأتي بعدهم من من خلفائهم وورثة ادوارهم في الامة من والدعاة والمصلحين. ورغم ذلك كله فانه عليه الصلاة والسلام عاش بابي وامي هو صلى الله عليه وسلم ممتلئ الصدر يقينا بربه. واثقا بنصره موقنا عليه الصلاة والسلام ان ما عند الله ابلغ واعظم واكد مما يرى بعينيه في يد البشر يحيطون به على فم الغار ويقف احدهم على رأس الغار ليقول ابو بكر يا رسول الله لو ان احدهم نظر تحت قدمه لابصرنا هكذا يقول من يرى ما يشاهد ويحس فيقول عليه الصلاة والسلام يا ابا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما ويقول القرآن اذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا. لقد عاش عليه الصلاة والسلام هذا المعنى العظيم في يقينه بربه وتوكله عليه. فكان درسا عظيما للامة ان تبذل الاسباب. وان تملأ قلبها ثقة بربها وصدق يقين وتوكل عليه سبحانه وتعالى. هذا الباب وهذا الفصل فيه عدد من الاحاديث والاثار مضى وبعضها في ليلة الجمعة الماضية ونستأنف بقيتها في هذا المجلس ان شاء الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي خلقنا واغدقنا بعطائه. والصلاة والسلام على من تضلعنا من نبع مائه وما نقصت قطرة من اناءه اللهم اغفر لنا ولشيخنا وعليه اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه وابنائه. قال المصنف رحمه الله تعالى فصل في عصمة الله تعالى له من الناس وكفايته من اذاه. الى ان قال وقيل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخاف فلما نزلت هذه الاية استلقى ثم قال من شاء فليخذلني. يقصد المصنف بالاية هنا ما تقدم في مجلس ليلة الجمعة الماضية وهي قوله عز اسمه يا ايها الذين امنوا اذكروا نعمة الله عليكم اذ هم قوم ان يبسطوا اليكم ايديهم فكف ايديهم عنكم واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون. ذكر ابن جريج رحمه الله فيما اورده ابن جرير في تفسيره على الله كذلك انه قال عليه الصلاة والسلام لما نزلت الاية من شاء فليخذلني. يعني انه وفي صدق يقينه بتوكله على ربه ليس بحاجة الى احد يكون معتمده عليه بعد اعتماده على ربه قال اذهب قوم ان يبسطوا اليكم ايديهم فكف ايديهم عنكم واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون وذكر عبد بن حميد قال كانت حمالة الحطب تضع العضاة وهي جمر على طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم فكأنما يطأها كثيبا اهيل. نعم حمالة الحطب هي زوجة ابي لهب المذكورة في سورة المسد في قوله سبحانه وتعالى تبت يدا ابي لهب وتب اغنى عنه ماله وما كسب؟ الزوج نارا ذات لهب والمقصود ابو لهب. قال وامرأته حمالة الحطب في بها حبل من مسد وهي ام وهي ام جميل بنت حرب بن امية واسمها اروى بنت حرب بن امية هي اخت ابي الصحابي الجليل رضي الله عنه وهي زوج ابي لهب احد عتات قريش وصناديدها عاشت حياة بؤس وشقاء بعداوتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم فانزل الله فيها وفي زوجها سورة تتلى الى يوم القيامة وتذكر في هذه السورة على وجه الذنب والتوبيخ. فما يزال صبيان المسلمين قبل كبارهم يقرأون وامرأته حمالة كالحطب في جيدها حبل من مسد مارست العداوة والاذى مع زوجها ضد رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان مما بلغ به اذاها انها ترك في طريقه عليه الصلاة والسلام وقيل كانت تضعه في ثوبه اذ يغسله فيعلقه ليجف فتضعه فتنشر الشوك فيه اذية له صلى الله عليه وسلم كل ذلك نابع من حقد وحسد وعداوة وكبر للحق الذي ارسله الله تعالى به. قال هنا كانت الحطب تضع العظاه وهي جمر. وفي بعض النسخ تضع الغضاة وهي جمع الغضا والمقصود به نوع من شجر الفلات والبادية يشعل به الحطب فيكون جمرا اذا اشتعل تمر به وينتفع الناس باستعماله وقودا للطبخ والغلي ونحوه قال كانت تضع العظاة والعظة الشجر ذو الشوك المتناثر الكثير. تضعه على طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فكأنما يطأها كثيبا اهيلا يعني كأنما يطأ رملا ناعما بعدما تضعه شوكا تريد به اذى النبي عليه الصلاة والسلام وهذا من مرويات السيرة التي لا يثبت لها وسند متصل بل ذكرها شيخ المفسرين الامام الطبري في تفسيره مرسلا وهو نوع من الاذى الذي اشارت اليه الاية وفي تفاصيل قصص اصحاب السير مما صنعته ام جميل اخبار عدة منها الرواية التي يذكرها المصنف الان عن ابن اسحاق في سيرته نعم وذكر ابن اسحاق عنها انها لما بلغها نزول تبت يدا ابي لهب وتب وذكرها بما ذكرها الله مع زوجها من الذم اتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد ابو بكر وفي يدها فهر من حجارة فلما وقفت عليهما لم ترى الا ابا بكر واخذ الله تعالى ببصرها عن نبيه صلى الله عليه وسلم قالت يا ابا بكر اين صاحبك فقد بلغني انه يهجوني. والله لو وجدته لضربته بهذه لضربته بهذا لضربت ضربت بهذا الفهر فاه. هذه رواية ابن اسحاق في سيرته. وذكرها بعض اصحاب التواريخ لما نزلت سورة المسد وقد كانت قبل ذلك عدوة شديدة العداء لرسول الله عليه الصلاة والسلام. لكن لما نزلت سورة المسد واستمعت الى كلام الله عز وجل وايات السورة التي تقرع القلوب قبل الاذان. وفيها ذمها وزوجها وفيها الوعيد لها ولزوجها اقبلت حاذقة قد ملأ الغيظ صدرها. ولا تريد الا الاذى برسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن هيهات والله عاصم نبيه وحافظه عليه الصلاة والسلام. قال اقبلت فاتت وهو جالس في المسجد ومعه ابو بكر قال وفي يدها فهر من حجارة. الفهر هو الحجر الذي يملأ الكفة. يعني اخذت حجرا كبيرا بملئ الكف فاقبلت تريد ضربه به عليه الصلاة والسلام. فلما وقفت عليهما لم ترى الا ابا بكر فقالت وقد اخذ الله تعالى بصرها عن نبيه صلى الله عليه وسلم. قالت يا ابا بكر اين صاحبك؟ فقد بلغني انه والله لو وجدته لضربت بهذا الفهر فاه. يعني لو ضربته بهذا الحجر. لكن الله صرفها. وفي بعض الروايات ايضا انها اقبلت وابو بكر جالس فلما ابصرها مقبلة بشرها قال يا رسول الله اني اخشى عليك منه فقال عليه الصلاة والسلام واثقا بربه ان الله يمنعني فحفظه الله عز وجل فلما اقبلت رد الله عز وجل عن نبيه كيدها فانصرفت ولم تره فاعمى الله بصرها عن ان تؤذي نبيه عليه الصلاة والسلام ثمان ابني ابي لهب عتبة وعتيبة قد تزوجا بابنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن الله ما اراد لهما بقاء ذلك وقد كانت امهما ام جميل تحرظهما بعد النبوة على طلاق ابنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فبقي كذلك فطلقاها ثمان النبي عليه الصلاة والسلام قد اكرمه الله باصحابه الكرام البررة ازواجا لبناته عليه الصلاة والسلام. وعن الحكم بن ابي العاصي انه قال تواعدنا على النبي صلى الله عليه وسلم حتى اذا رأيناه سمعنا صوتا خلفنا ما ظننا انه بقي بتهامة احد فوقعنا مغشيا علينا فلم فما افقنا حتى قضى صلاته ورجع الى اهله. ثم توعدنا ليلة اخرى فجئنا حتى اذا رأيناه جاءت الصفا والمروة فحالت بيننا وبينه. هذه ايضا رواية اخرى من احداث مكة قبل الهجرة الحكم ابن ابي العاص هو والد مروان ابن الحكم اسلم عام الفتح ومات في خلافة عثمان رضي الله عنه. والقصة يذكرها هنا قبل اسلامه. وفي الرواية انه يحكي ما كان منه بمكة. قالت بنت الحكم في الرواية هنا تقول قلت لجدي تسأل قدها الحكم ابن ابي العاص والد مروان ابن ابي ابن الحكم ابن ابي العاص. سألته قالت ما رأيت يوما ولا اسوء رأيا في رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ يعني تسأله عن موقف مر به كان هو الاسوأ والاشأم عليهم في مواقفهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. فحكى الرواية التي ذكرها المصنف هنا مختصرا. وتمامها كما ذكرها الهيثمي في مجمع الزوائد عن الطبراني ووثق رجاله غير جهالة بنت الحكم فانه لا يعرف اسمها. تقول وقد سألت جدها فقال لا تلومين يا بنية اني لا احدثك الا ما رأيت قال اني لا احدثك الا ما رأيت بعيني هاتين. والله ما نزال نسمع قريشا تعلي هذا الصابئ في مسجدنا تواعدنا حتى نأخذه يعني انهم غضبوا على قريش عدم تخلصهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتشر امره واستفحل خبره وانتشر دينه بين قريش قال فتواعدنا اليه المقصود بتواعدهم تآمرهم على قتله والبطش به صلى الله عليه وسلم قال فتواعدنا اليه فلما رأيناه سمعنا اصواتا ظننا انه ما بقي بتهامة خيل الا تفلتت علينا. قال فما عقلنا حتى قضى صلاته رجع الى اهله والمقصود بقوله هنا فسمعنا صوتا حتى ظننا انه ما بقي بتهامة خيل. وقال هنا حتى ظننا انه ما بقي بتهامة احد المقصود انهم سمعوا صوتا وصيحة عظيمة حتى ظنوا انه ما بقي تهامة احد الا هلك من شدة ذلك الصوت وشدة روعه وخلعه للقلوب. ويمكن ان يحمل المعنى ايضا انه لما سمعوا ذلك الصياح العظيم ظنوا انهم ان اهل تهامة كلهم قد اجتمعوا فصاحوا بهم صيحة رجل واحد وانهم لحقوا بهم حتى كأنه ما بقي بتهامة احد الا اقبل اليهم. وهنا قال حتى ظننا انه ما بقي بتهامة خيل الا تفلتت علينا قال فما عقلنا وقال هنا؟ قال فما افقنا. حتى قضى صلاته ورجع الى اهله والمقصود بايجاز ان الله القى في قلوبهم رعبا عظيما خلع منه ابصارهم وافئدتهم يعني وقلوبهم فما عقلوا شيئا. وظلوا هامدين كانهم قد ذهبت عقولهم ودخلوا في اغماء قال فما افقنا حتى قضى صلاته. اتى البيت عند الكعبة وصلى واتم صلاته ثم رجع صلى الله عليه وسلم ثم قال ثم توعدنا ليلة اخرى يعني عزموا على على المكر به مرة ثانية. قال ثم عزمنا وعدنا ليلة اخرى فلما جاء نهضنا اليه يقول حتى اذا رأيناه حتى اذا رأيناه اقبلت الصفا والمروة والتقتا احداهما بالاخرى فجالتا بيننا وبينه. فوالله ما نفعنا ذلك هل المقصود انهم رأوا جبل الصفا والمروة؟ قد تحركا من مكانهما فاقبلا يحولان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم الجواب نعم وهذا المقصود من الرواية قال حتى اقبلت الصفا او حتى جاءت الصفا والمروة فحالت بيننا وبينه. وعندها ايقنوا انه معصوم عليه الصلاة والسلام وانهم لا يبلغوا اليه باذى وان حيلتهم لا يمكن بلوغهم بها الى شيء مما يرغبون من وكالهم برسول الله صلى الله عليه واله وسلم وعن عمر رضي الله عنه انه قال تواعدت انا وابو جهم ابن حذيفة ليلة قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئنا منزله فتسمعنا له فافتتح وقرأ الفاتحة وقرأ الحاقة ما الحاقة وما ادراك ما الحاق؟ كذبت وعاد بالقارعة. فاما ثمود فاهلكوا بالطاغية. واما عادوا فاهلكوا بريح صرصر عاتية سخرها عليهم سبع ليال وثمانية ايام حسوما. فترى القوم فيها صرعى انهم اعجاز نخل خاوية. فهل ترى لهم من باقية؟ فضرب ابو جهل على عضدي عمر وقال الانجو وفر هاربين. فكانت من مقدمات اسلام عمر رضي الله عنه. هذه قصة اخرى وصاحبها عمر رضي الله عنه قبل اسلامه. عمر رضي الله عنه قال تواعدت انا وابو جهم بن حذيفة ابو جهل هذا صحابي لكن موقفه هذا ايضا كان قبل اسلامه واسمه عامر ويقال عبيد بن حذيفة بن غانم من العدوي هو وعمر بنو عم وكلاهما من بني عدي قال وابو جهل اسلم عام الفتح رضي الله عنه ومات في ايام معاوية ابن ابي سفيان. وهو صاحب الامبيجانية المذكورة في الصحيحين انه صلى الله عليه وسلم صلى ذات يوم في خميصة له ولها اعلام صلى صلى الله عليه وسلم وعليه قميص مخطط فنظر الى اعلامها نظرة فلما اتم صلاة قال صلى الله عليه وسلم خذوا خميصتي هذه وائتوني ابي جهم فانها الهتني انفا عن والمقصود ان ابا جهم رضي الله عنه هو صاحب القصة المذكورة هناك في امبجانيته يعني في ثوبه وكسائه. المذكور في الصحيحين القصة بين عمر وبين ابي جهم في تآمر تكرر كثيرا بمكة على رسول الله عليه صلى الله عليه وسلم يقول عمر تواعدت انا وابو جهم ابن حذيفة ليلة قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال فجئنا منزله تسمعنا له ماذا يقصد بقوله؟ تسمعنا وما اراد ان يقول فاستمعنا قال فتسمعنا يعني يقصد اطلنا السماع من غير تكلف وذلك انهم لما قدموا وجدوه قائما يصلي صلى الله عليه وسلم واذا كان يقرأ القرآن فلا تسأل عن اعظم كلام تسمعه من اعظم فم ينطق به رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ يقرأ القرآن فان لوقع تلاوة القرآن من فمه عليه الصلاة والسلام ليس كاي قرآن يسمع فلما سمعوا ايات من القرآن وقع في قلوبهم قال له فاطالوا الوقوف عنده والسماع لما قرأ هذا وهم كفار وقد عزموا على الاذى والقتل له صلى الله عليه وسلم. قال فافتتح وقرأ الفاتحة ثم قرأ الحاقة ما الحاقة وما ادراك ما الحاقة؟ ثم ذكر الوعيد الذي الذي حل بالامم السابقة كذبت ثمود وعادوا بالقارعة. فاما ثمود فاهلكوا بالطاغية. واما عاد اهلكوا بريح صرصر عاتية سخرها عليهم سبع ليال وثمانية ايام حصوما. فترى القوم فيها صرعى كانهم اعجاز نخل خاوية فهل ترى لهم من باقية قال فعندئذ ضرب ابو جهل على عضد عمر هكذا. وقال انجو يعني هذا وقت النجاة والفرار لانهم نكالا ووعيدا وعقابا وعذابا. وايقنوا ان الذي ينطق به عليه الصلاة والسلام ليس كلام بشر. وعلموا يقينا انهم لو تمادوا في عدوانهم ذاك لكان ايضا من النكار الذي سينزل فيه قرآن يتلى الى يوم القيامة. قال وفر قريبين فكانت من مقدمات اسلام عمر رضي الله عنه. هذه القصة التي يذكرها ارباب السير اخرج نحوها بلفظ مقارب نهى الامام احمد في مسنده رحمه الله ففيه ان عمر ابن الخطاب رضي الله عنه قال خرجت ليلة لاتعرظ الله صلى الله عليه وسلم خرجت ليلة اتعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ان اسلم قال فوجدته قد سبقني الى المسجد فقمت خلفه. فاستفتح الحاقة فجلست اعجب من تأليف القرآن. يعني من الايات التي اسمع فقلت والله ما هو بشاعر كما قالت قريش. فاذا هو يقرأ انه لقول رسول كريم وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون. يقول فقلت في نفسي هو كاهن. فقرأ ولا بقول كاهن قليلا ما تذكر تنزيل من رب العالمين الى اخر السورة. قال فوقع الاسلام في قلبي كل موقع. هذه رواية الامام احمد رحمه الله في المسند وليس فيه مصاحبة عمر لابي جهم رضي الله عنهما في هذه القصة وعلى كل حال فقد كان لعمر من المواقف حتى شرح الله صدره للاسلام فاسلم بمكة. واعز الله به الدين وكان احد اعمدة الاسلام رضي الله عنه مكة قبل الهجرة وبالمدينة بعد الهجرة وفي الخلافة الراشدة بعد ممات المصطفى صلى الله عليه واله وسلم ومنه العبرة المشهورة والكفاية التامة عندما اخافته قريش واجمعت على قتله وبيتوه. فخرج عليهم من بيته فقام على رؤوسهم وقد ضرب الله تعالى على ابصارهم وذر التراب على رؤوسهم وخلص فمنهم هذه من اعظم دلائل العصمة والحفظ والنصرة قصة الهجرة فانها من اعجب ما يذكر في سيرته عليه الصلاة والسلام وقد تقدم بكم ليلة الجمعة الماضية عند قوله سبحانه وتعالى واذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك يعني يقيدوك بيسوق او يقتلوك او يخرجوك. وهي الثلاثة الافكار وهي الثلاثة الافكار التي انبثق عنها الاجتماع المشؤوم الذي تآمروا فيه على قتل المصطفى عليه الصلاة والسلام. فقال قائله فلا منهم قيدوه واوثقوه واحبسوه فلا يخلص الى احد ولا يلتقي باحد وقال اخر بل اخرجوه من مكة واطردوه منها فلا يقيمن بين ظهرانيكم. وقال ثالث ما هذا برأيي؟ انما الرأي ان يجتمع عاليه من كل شاب من كل قبيلة شاب جلد وبيده سيف سلط فيقتلونه قتلة رجل واحد فيتفرق دمه في القبائل وبارك ابليس اللعين هذا الرأي وتواطؤوا عليه وتعازموا على تنفيذه. هذا المعنى العظيم هو من اشد ما يذكر والله الله في حماية الله لنبيه عليه الصلاة والسلام. وفي حفظه من تآمرهم. قال المصنف هنا ومنه يعني من عصمة الله ومن حفظ الله ومن نصرة الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم العبرة المشهورة والكفاية التامة عندما اخاف من واجمعت على قتله وبيتوه. قال فخرج عليهم من بيته فقام على رؤوسهم وخلص منهم. فلما خرج من بين ايديهم وعبر من امامهم صلى الله عليه وسلم والله عز وجل قد حفظه. هذا كما قلت من اعظم ما يذكر في دلائل بعصمته صلى الله عليه واله وسلم. وقد اخرج ايضا الطبراني واحمد وله اكثر من اسناد انهم ايضا اجتمعوا في في رواية ابن عباس قال ان الملأ من قريش اجتمعوا في الحجر فتعاقدوا باللات والعزى ومناة الثالثة الاخرى وايساف ونائلة لو قد رأينا محمدا لقد قمنا اليه قيام رجل واحد فلم نفارقه حتى نقتله لها فاقبلت ابنته فاطمة رضي الله عنها وهي اذ ذاك صغيرة فاقبلت تبكي رضي الله عنها على ابيها صلى الله عليه وسلم فقالت هذا الملأ من قريش قد تعاقدوا عليك لو قد رأوك لقاموا اليك فيقتلوك فما منهم رجل الا وقد عرف نصيبه من دمك فقال صلى الله عليه وسلم يا بني ادلي وضوءا يعني قربي الي الوضوء قالت فتوظأ ثم دخل عليهم المسجد فلما رأوه قالوا هذا هو فماذا فعلوا اتظن انهم فعلوا ما تعاقدوا عليه باللات والعزى ومناة الثالثة الاخرى. وايساف ونائلة ان يقوموا اليه قومة رجل واحد ايقتلوه؟ قال فخرج اليهم فقالوا هذا هو وخفظوا ابصارهم وسقطت اذقانهم في صدورهم وعقروا في مجالسهم فلم يرفعوا اليه بصرا ولم يقم اليه رجل منهم فاقبل صلى الله عليه وسلم حتى قام على رؤوسهم فاخذ قبضة من التراب فقال لشاهت الوجوه ثم حصبهم بها فاذا هم فما اصاب رجلا منهم من ذلك الحصى حصاة الا قتل يوم كافرا قال الهيثمي رواه احمد باسنادين ورجال احدهما رجال الصحيح هذه اية عظمى والله يا كرام. ليس بالضرورة ان ترى معجزة تنزل في صورة محسوسة لتكون دلالة على الله لنبيه عليه الصلاة والسلام. لكن القوم اذ مكروا وتآمروا وتعاقدوا مرات ومرات وهم لا تزال صدورهم تغلي حسدا وكبرا وعنادا له عليه الصلاة والسلام. ثم لا يخلصون اليه بشيء. هذا والله من تمام حفظ الله له ومن عصمته اياه صلى الله عليه وسلم. فما خلصوا اليه في ذاك الموقف ولا قبل ولا بعد. واما المواقف الاخر التي قام بها وتجرأ بها سفهاؤهم افرادا فما زالت في الروايات ما سيأتي في التعريف ببعضها وحمايته عن رؤيتهم في الغار. بما هيأ الله له من الايات. ومن العنكبوت الذي نسج عليه حتى قال امية بن خلف حين قالوا ندخل الغار ما اربكم فيه وعليه من نسج العنكبوت ما ارى انه من قبل ان يولد محمد ووقفت حمامتان على فم الغار فقالت قريش لو كان فيه احد لما كانت هناك الحمام. نعم في قصة هجرته عليه الصلاة والسلام كما يعلم كلكم خرج بصحبة الصديق ابي بكر رضي الله عنه ثم اتجه الى غار ثور فكمن فيه ثلاثة ايام وكان اختباؤهم في الغار ثلاثة ايام لخفة طلب. ويهدأ الرصد الذي عزمت عليه قريش. هناك كانت الايات العظمى في حفظ الله لنبيه عليه الصلاة والسلام. من تلك الايات ما انتشر في الروايات ويتردد في مجال كثير من المسلمين عامتهم ومتعلميهم. واقصد بها بالتحديد قصتين. نسج العنكبوت خيوطها الى فم الغار وتعشيش الحمام وتبييضه ايضا على رأس فم الغار. فان هذا يذكر في الروايات سيأتي التعليق عليها. فيقول المصنف هذا من حماية الله لنبيه عليه الصلاة والسلام. بما هيأ له من الايات حتى نسج عنكبوت فقال امية لما قالوا ندخل الغار قال ما اربكم فيه؟ ما حاجتكم بالدخول الى غار قد رأيتم العنكبوت عليه فيما قد نسج قال ما ارى انه من قبل ان يولد محمد يعني هذا العنكبوت واتيانه مضى عليه من الزمان القدم ما لعله قبل ولادته عليه الصلاة والسلام لاكثر من اربعين سنة. هكذا قالوا فصرفهم الله عنه وكذلك شأن الحمامتين على فم الغار حتى قالت قريش لو كان في الغار احد ما يبقى الحمام فيطير وربما لا ترى العش هكذا الا قد خلا المكان منذ امد بعيد. قصة نسر العنكبوت وقصة الحمام. جاءت فيها روايات ضعيفة الاسانيد. واما الحمام فاشد ضعفا. من قصة نسج العنكبوت وكلا الروايتين تقدمت معنا سابقا. يقول الحافظ ابن رحمه الله ذكر احمد من حديث ابن عباس باسناد حسن في قوله تعالى واذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك او يقتلوك او يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين. قال تشاورت قريش الليلة بمكة فقال بعضهم اذا اصبح فثبتوه او فاثبتوه بالوثاق. يريدون النبي صلى الله عليه وسلم. وقال بعضهم بل اقتلوه. وقال بعضهم اخرجوه فاطلع الله نبيه على ذلك. فبات علي على فراش النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة. وخرج النبي صلى الله عليه وسلم حتى لحق بالغار وبات المشركون يحرسون عليا يحسبونه النبي صلى الله عليه وسلم. يعني ينتظرونه حتى يقوم فيفعلون به ما اتفقوا عليه. فلما اصبحوا ورأوا عليا رد الله مكرهم فقالوا اين صاحبك هذا؟ قال لا فاقتصوا اثره. فلما بلغوا الجبل اختلط عليهم يعني الاثر. فصعدوا الجبل فمروا بالغار فرأوا على به نسج العنكبوت فقالوا لو دخل ها هنا لم يكن نسجد العنكبوت على بابه. قال فمكث فيه ثلاث ليال وذكر نحو موسى بن عقبة عن الزهري قال مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر الحديث ايضا ها هنا الحافظ ابن حجر كما سمعت لما ذكر رواية احمد حسن الاسناد فقال رواه احمد بن حديث ابن عباس باسناد حسن وقال الحافظ ابن عقب ايراد الحديث في قصة نسج العنكبوت في مسند احمد قال وهذا اسناد حسن وهو من اجود ما روي في قصة نسج العنكبوت على فم الغار وذلك من حماية الله رسوله صلى الله عليه واله وسلم. هذا ما يتعلق بقصة نسج وقد ظعفها عدد من المحدثين. منهم الالباني رحمه الله وحسنها بعضهم كما سمعت مثل حافظين ابن كثير وابن حجر رحمة الله عليهم اجمعين. واما قصة بيض الحمام فاشد ضعفا وليس يثبت لها اسناد. والرواية فيها اشد ضعفا مما لا يصح ان يختلف فيه العلماء ايضا في تصحيحه وتضعيفه. وبعض اكابر العلماء ممن سمعت حسن قصة نسج العنكبوت. فروايته لا بأس به على هذا على انه يرى بعض اهل العلم ان هذا لا يستقيم مع ما جاء في اية التوبة. فان الله قد قال الا تنصروه فقد نصره الله اذ اخرجه الذين كفروا ثاني اثنين اذ هما في الغار. اذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا. فانزل الله سكينته عليه وايده بجنود لم تروه لم تروها. قالوا فهذا نص الاية. ان الله ايد نبيه صلى الله عليه وسلم اما في الغار بانه ايده بجنود لم تروها. يقول الالباني رحمه الله فهذا يؤكد ضعف الحديث لان الاية صريحة بان النصر والتأييد انما كان بجنود لا ترى. والحديث فيه ان نصره صلى الله عليه وسلم لما كان بالعنكبوت وهو مما يرى والاشبه بالاية ان الجنود فيها انما هم الملائكة وليس العنكبوت ولا ولهذا قال الامام البغوي في تفسير الاية وايده بجنود لم تروها قال وهم الملائكة نزلوا يصرفون وجوه الكفار وابصارهم عن رؤيته صلى الله عليه وسلم. هذا فيما يتعلق بقصة العنكبوت والحمامتين. واما العنكبوت ففيها ما قد رآه بعض واهل العلم قابلا للرواية والتحسين وذكروا فيه وجها سمعته. واما قصة الحمام فانها اشد ضعفا ولذلك جزم عدد من اهل العلم بعدم استقامة روايتها وعدم جواز ذكرها لانها اشد ضعفا. فقد قال الحافظ وابن كثير في قصة الحمامتين تحديدا قال هذا حديث غريب جدا من هذا الوجه وجزم بعض اهل العلم بانه باطل لا اصل له والخلاصة يا كرام انه عندما يذكر في قصة هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم شأن الايات التي ايدها الله بها فان في الصحيح الثابت غنية عن الضعيف. والاكتفاء به يحقق المقصود. واذا اردنا حكاية ذلك وطلابنا واهل بيوتنا فحسبنا ان نقول ان الله عز وجل قد حفظ نبيه وصاحبه وهما في الغار رغم وصول قريش الى فم الغار لكن الله حفظه. وكان في ذلك من الايات والمعجزات ما اشارت اليه الاية فايده الله بجنود لم تروها وكان ذلك في موجز الاية ولفظها دلالة عظيمة على عظيم حفظ الله لنبيه صلى الله عليه وسلم. وان كان بعض اهل العلم يرى ان في ذكر المغازي واحداث السيرة النبوية من القصص والروايات والوقائع ما لا يحتاج ان يعمد فيه الى صنعة اهل الحديث والاحتكام فيه الى التصحيح والتضعيف وفق شروط الرواية المعتبرة وانها باب ايسر من الحلال والحرام في ذكر ما يتعلق بالاسناد. ولهذا نقل الخطيب البغدادي عن الامام احمد رحمه الله قوله اذا روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحلال والحرام والسنن والاحكام تشددنا في الاسانيد. واذا عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضائل الاعمال وما لا يضع حكما او يرفعه تساهلنا في الاسانيد. لكن هذا شيء وذكر رواية باطلة لا يستقيم بها سند. كما في قصة الحمامتين خاصة شأن اخر. وفيما ذكر من الصحيح الثابت غنية وكفاية ان شاء الله وقصته مع سراقة ابن ما لك ابن جعشم حين الهجرة. وقد جعلت قريش فيه وفي ابي بكر الجعائل فانذر به فركب فرسه واتبعه حتى اذا قرب منه دعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم. فساخت قوائم فرسه فخر عنها واستقسم بالازلام فخرج له ما يكرهه. ثم ركب ودنا حتى سمع قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وهو لا يلتفت وابو بكر رضي الله عنه يلتفت فقال للنبي صلى الله عليه وسلم اوتينا فقال له صلى الله عليه وسلم لا تحزن ان الله معنا فساخت ثانية الى ركبتها ثانية الى ركبتها وخر عنها فزجرها فنهضت ولقوائمها مثل الدخان. فناداهم بالامانة فكتب له النبي صلى الله عليه وسلم امانا كتبه ابن فهيرة وقيل ابو بكر واخبرهم اخبار وامره النبي صلى الله عليه وسلم الا يترك احدا يلحق بهم. فانصرف يقول للناس كفيت اما ها هنا وقيل بل قال لهما اراكما دعوتما علي فادعوا لي فنجا ووقع في نفسه ظهور النبي صلى الله عليه وسلم. نعم هذه موجز قصة سراقة ابن ما لك الجعشمي رضي الله عنه. وقد تقدمت الاشارة اليه غير ما مرة وقصته مع النبي عليه الصلاة والسلام في الهجرة قصة عجيبة ذات عبرة. وفيها من العبر شيء كثير وفيها من الايات الفوائد ايضا شيء كثير. سراقة ابن ما لك له روايات تناقلها الائمة اصحاب السنن بالفاظ عدة جزء منها اخرجه الشيخان في صحيحيهما. وباقيه ذكره بعض اصحاب السنن والمسانيد. وارباب السير بنحو مفصل على وجه من اوسع والمصنفون رحمه الله جمع بين جمل تلك الروايات فيما يوضح لك المقصود. قال وقصته مع سراقة قد ابن ما لك ابن جعشم حين الهجرة. وقد جعلت قريش فيه يعني في رسولنا صلى الله عليه وسلم. وفي ابي بكر جعلوا الجعائل يعني وضعوا الجوائز والهدايا والاعطيات لمن يأتي برسول الله صلى الله عليه وسلم وبصاحبه. حيين او ميتين. لانهم ادركوا ان خروجهما يعني خروجا بالاسلام وبالدعوة والقرآن. وهو الامر الذي ظلوا يحاربونه سنوات بمكة فرغبوا الا يكون هذا نهاية حربهم خسارة فادحة وهزيمة على مرأى اعينهم يخرج من بين ظهرانيهم فرصدوا رصدا شديدا واستنفروا الطلب ورصدوا الجوائز وقالوا هيا فمن يأتي به فله كذا وكذا قال فانذر به فركب فرسه يعني سراقة. واتبعه حتى اذا قرب منه دعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم فساخت قوائم فرسه امضى امر يعني غاصت قوائم الفرس في الارض قال فخر عنها واستقسم بالازلام فخرج له ما يكره على عادة العرب قبل الاسلام يأتون بقدح فيضعون فيه سهاما. بعضها علامة على خير ويسر والاخرى على شؤم وشر ثم يدخل يده فيخرج سهما منها. فان خرج له ما يتفائل به امضى امره. وان خرج له ما يكره احجم وتراجع سراقة لما استقسم بازلامه هل يكمل المسير او يرجع؟ خرج له ما يكره؟ كان الواجب على عقيدته الكافرة ان يرجع لكنه الاغراء ها هما على مرأى عينيه. افيفوته ذلك القدر الكبير من الجائزة فخالف استقسامه بالازلام ودنا حتى اقترب وسمع قراءة النبي صلى الله عليه وسلم. قال ثم حتى سمع رأت النبي صلى الله عليه وسلم وهو لا يلتفت وابو بكر رضي الله عنه يلتفت فقال للنبي صلى الله عليه وسلم اوتينا يعني اتانا ات منهم يا رسول الله فقال له صلى الله عليه واله وسلم لا تحزن ان الله معنا وفي قدومه الثاني هذا سراقة كان قربه كما سمعت قال حتى سمع قراءة النبي صلى الله عليه وسلم قال فساخت ثانية الى ركبتها يعني قوائم الفرس. وكان انغماس قدمها في الارض هذه هذه المرة اشد الى ركبتها. قال وخر عنها فزجرها فنهضت ولقوائمها مثل الدخان يعني ثار الغبار حتى صعد كانه دخان في السماء. فناداهم بالامان جعل سراقة ينادي رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه ابا بكر بالامان يعني الا يبلغهم منه شر واذى يخافون. فناداهم بالامان فكتب له النبي صلى الله عليه وسلم امانا كتبه ابن فهيرة وقيل ابو بكر ابن فهيرة هو عامر راعي الغنم مولى ابي بكر رضي الله عنه. وقد كان يأتيهم طيلة اختبائهما في الغار. يأتيهم رضي الله عنه باللبن يسقيهم من رعي الغنم. وكان معهم اثناء خروجهم من الغار. متوجهين في منطلق مسيرهم الى المدينة في هجرته صلى الله عليه وسلم. وقيل ان الذي كتب الامان ابو بكر يعني اراد سراقة ان يحتفظ بميثاق يكون بين يديه من رسول الله صلى الله عليه وسلم. فكتب له كتابا قيل الذي كتبه عامر وقيل ابو بكر. قال واخبرهم بالاخبار اعطاهم موجز ما بلغت اليه قريش حتى الساعة. وما الذي خططوا ورتبوا له؟ واين بلغ بحثهم ورصدهم وطلبهم؟ قال فامره النبي صلى الله عليه وسلم الا يترك احدا يلحق بهم ان يصد الناس من ورائه وان يدفع عنهم الاذى والطلب والرصد والبحث في مقابل الامان الذي بذل له. قال فانصرف يقول للناس وهو راجع من الطريق الذي وجدهم فيه. قال كفيت ثم ها هنا يعني انا للتو عائد وليس شيء تحتاجون للبلوغ فيه كفيتكم هذا الطريق فارجعوا. وانت تعلم انه في طريق السفر كلما طالت مدة البحث والتتبع كان الفقد اكد فكان المراد هنا ان يبتعدوا عن تتبعه صلى الله عليه وسلم وقيل بل قال لهما يعني للنبي عليه الصلاة والسلام وصاحبه ابي بكر اراكما دعوت ما علي فادعوا لي لما رأى من تعثر فرسه وكيف ساخت اقدامها في التراب وكيف سقط فادرك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم معصوم محفوظ وانه لا يمكن ان يبلغه باذى بل رأى الهلاك لنفسه فخاف واراد النجاة فطلب الامان. وقصة سراقة البخاري في صحيحه ومسلم ايضا في صحيحه رحمهما الله ومرويتها في التفاصيل لها احداث ووقائع سنأتي عليها ليلة المقبلة ان شاء الله ففيها مزيد تفصيل وفي روايتها ايضا فوائد وحكم مليئة بالعبر في قصة سراقة ليس في حفظ الله لنبيه عليه الصلاة والسلام فحسب بل لما في قصة سراقة من الايات والدلائل التي بشر فيها بملك سواري كسرى وقد مر بنا في ليلة جمعة سابقة. ايها المحبون لنبيكم عليه الصلاة والسلام. اعمروا قلوبكم بحب يفيض صلاة وسلاما على السنتكم للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم. جرت اليك رسول الله اشواقي نهرا من الحب دمعا ملء احداق