بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي هدانا للاسلام. وعلمنا الحكمة والقرآن. وجعلنا في خير امة اخرجت للناس. فاللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك. حمدا يملأ السماء والارض ويملأ ما بينهما. ويملأ ما شاء ربنا من شيء بعد. سبحانه وبحمده لا نحصي ثناء ان علي واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له تتابعت الائه وترادفت نعماؤه هو اهل الثناء والمجد اهل التقوى واهل المغفرة. هو لكل نعمة وفضل واحسان اهل. واشهد ان سيدنا ونبينا وحبيبنا محمدا عبد الله ورسوله. امام الانبياء وخاتم المرسلين وحبيب رب العالمين وقرة عيون المحبين صلى الله ربي وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته الطيبين الطاهرين وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. كالغيث احيا الله به دنيانا واستبشرت بحديثه ارجانا صلوا عليه وسلموا واستلهموا من هديه ما يسعد الانسان. اللهم صلي وسلم وبارك عليه صلاة وسلاما دائمين ابدا وهو القائل صلى الله عليه وسلم اكثروا من الصلاة علي ليلة الجمعة ويوم الجمعة. وهذه ليلة معشر المسلمين ليلة الصلاة والسلام على النبي الكريم صلى الله عليه وسلم. يتسابق المحبون وسلامهم على نبيهم صلى الله عليه وسلم. يملؤون صحائف اعمالهم يعمرون اوقاتهم يضيئون دنياهم بصلاتهم وسلامهم على النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم. وهم يعلمون في جوف ذلك ان الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم منجاة من الكرب ومدفعة للهم وتحقيق للمآرب. اذا تكفى همك ويغفر ذنبك. قالها عليه الصلاة والسلام لابي رضي الله عنه اذ قال له اذا اجعل لك صلاتي كلها لها صلى الله عليه واله وسلم. وما يزال مجلسنا هذا ايها الاحبة الكرام كل ليلة من ليالي الجمعة في رحاب بيت الله الحرام. نتدارس هذا السفر المبارك كتاب الشفا لتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم للامام القاضي عياض رحمه الله تعالى فننتظر صلاة الى صلاة نحوز اجرها ونحن في رحاب بيت الله الحرام ليس كسائر المساجد على وجه الارض اطلاقا. ونحن نعمر ليلتنا ونستفتح جمعتنا بالصلاة والسلام على رسول هدى ونبي الرحمة صلى الله عليه وسلم. ونحن نتذاكر جملا من من حقوقه العظيمة. وسيرته العطرة عليه الصلاة والسلام. وقف بنا الحديث في الفصل الذي خصه المصنف رحمه الله لبيان ما حفظ الله به نبيه عليه الصلاة الصلاة والسلام وما عصمه به من كيد الكائدين وعدوان المعتدين واذى الناس والجن اجمعين. فعصمه الله وحفظه وايده في دلالة عظيمة ذات تأكيد على عظيم قدره عند ربه صلى الله عليه واله وسلم. مضى في هذا الفصل مجلسان فيهما الايات الواردة في هذا الباب. والله يعصمك من الناس انا كفيناك المستهزئين. اليس الله بكاف عبده؟ وامثال ذلك من النصوص التي حفظه الله تعالى بها تكفل له بالعناية به وحماية قدره واصبر لحكم ربك فانك باعيننا عليه الصلاة والسلام ومضى كذلك جملة من الحوادث والوقائع التي كان فيها الناس في ذاك الوقت احرص ما يكون احدهم حال كفرهم بالله وعدائهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ان يجمعوا عليه من المكائد والرغبة في الاذى والتخلص منه ما نقلته احداث السيرة وحفظته الروايات. مضى حديثنا عن جملة من تلك المواقف وكان اخر ذلك قصة سراقة بن مالك رضي الله عنه في تتبعه لرسول الله صلى الله عليه وسلم صاحبه الصديق رضي الله عنه في طريق الهجرة ونستأنف حديث الليلة حيث وقف بنا ليلة الجمعة الماضية من قصة رضي الله عنه حمدا لمن شفى بالسنة النبوية الغراء قلوبا كانت من الهلكة على شفا ووفق من احبهم فعرفهم قدر حبيبه المصطفى واجتباهم للقيام بحقوقه كما قام به اهل الوفاء فهم في رياض سيرته العطرة ينعمون وفي حياض محبته النضرة يحظرون صلى الله عليه وعلى اله الابرار واصحابه الاخيار. والتابعين لهم باحسان الى يوم قرار اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه ولجميع المسلمين. فهذا هو الحادي عشر بعد المئة من المجالس العامرة في هذه البقعة الطاهرة الشريفة. وباسانيدكم المتصلة رواياتكم المتسلسلة الى كتاب الشفا للقاضي عياض رحمه الله تعالى قال فصل في عصمة الله تعالى له من الناس وكفايته من اذاه. قال رحمه الله تعالى وقصته مع سراقة ابن ما لك ابن جعشم حين الهجرة وقد جعلت قريش فيه وفي ابي بكر رضي الله عنه الجعائل فانذر به فركب واتبعه حتى اذا قرب منه دعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم. فساخت قوائم فرسه فخر عنها واستقسم بالازلام فخرج له ما يكره. ثم ركب ودنا حتى سمع قراءة النبي صلى الله الله عليه وسلم وهو لا يلتفت وابو بكر رضي الله عنه يلتفت فقال للنبي صلى الله عليه وسلم اوتينا فقال عليه الصلاة والسلام لا تحزن ان الله معنا. فساخ الثانية الى ركبتها وخر عنها فزجرها فنهضت ولقوائمها مثل الدخان. فناداهم بالامان فكتب له النبي صلى الله عليه وسلم امانا كتبه ابن فهيرة وقيل ابو بكر رضي الله عنه واخبرهم بالاخبار وامره النبي صلى الله عليه وسلم الا يترك احدا يلحق بهم. فانصرف يقول للناس فيتم كفيتم ما ها هنا. وقيل بل قال لهما اراكما دعوتما علي فادعوا لي فنجا ووقع في نفسه ظهور النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم. كان هذا ختام مجلسنا ليلة الجمعة الماضية قصة سراقة رضي الله عنه واحدة من اعاجيب القصص في السيرة النبوية. ليس لما فيها من غرامة الاحداث لكنها حقيقة حدث عظيم وفيه فوق ما كان من النصرة الجلية من الله لنبيه عليه الصلاة والسلام فان الهجرة النبوية طيل في تاريخ السيرة وصفحة جديدة انتقل منها نبينا الاكرم صلى الله عليه وسلم من حياته بمكة طيلة ثلاث عشرة سنة الى مهاجريه بطيبة الطيبة فكانت عشر سنوات الاخيرة من عمره الشريف صلى الله عليه وسلم حافلة بالجهاد والامتداد والفتح والنصر والتمكين حتى التحق بالرفيق الاعلى. قصة الهجرة ذات عبر واحداثها عظيمة وفيها والله من مواضع الايمان ما يملأ صدر المسلمين الى يوم القيامة. وفي احداث ما يستلهم منه العبر والحكم والفوائد التي تحتاجها الامة ليس اليوم بل في كل زمان ومكان اوجز المصنف رحمه الله حادثة الهجرة وقصة سراقة فيها ايجازا. وهي مروية في عامة كتب السير والتوازي ومخرجة ايضا في كل دواوين السنة بلا استثناء. ومنها ما اخرج البخاري رحمه الله تعالى. في صحيحه في باب الهجرة من حديث عائشة رضي الله عنها حديثا من الاحاديث الطوال في صحيح الامام البخاري رحمه الله تعالى فانه ذكر في قصة هجرة رسولنا صلى الله عليه وسلم. من رواية عائشة بنت ابي بكر رضي الله عنها وعن ابيها وقد كانت يوم الهجرة حين ابتداء الرحلة والانتقال من دار ابي ابيها ابي بكر الصديق كانت شاهدة على وحاضرة لاحداثها ثم جمعت ما تم لابيها مع النبي عليه الصلاة والسلام اثناء تلك الهجرة واحداثها العظام حتى سردت ذلك في رواية هي في اعلى اسانيد الصحة ثبوتا لدينا امة الاسلام وخرجها الامام البخاري رحمه الله على في الصحيح وموضع الشاهد ذلك الحدث الذي لحق فيه سراقة برسول الله عليه الصلاة والسلام. وحتى نأتي الى موضع الشاهد من الحديث تحديدا فان نبينا صلى الله عليه وسلم لما اذن الله له بالهجرة وبشر صاحبه ابا بكر رضي الله عنه بالصحبة خرج فكمنا في الغار ثلاثة ايام. ليس يعلم بمكانهم احد الا ال ابي بكر فعامر بن فهيرة مولاه رضي الله عنه يأتيهم بالطعام باللبن وابنه عبدالله ابن ابي بكر يأتيهم الاخبار وابنته اسماء ذات النطاقين رضي الله عنها تأتيهم بالطعام والزاد الذي جعلته في منطقها بعد انقطعت نطاقها نصفين فجعلت احدهما سفرة تحمل فيه الطعام والاخر تمنطقت به. فكانت اسرة ابي بكر ال ابي بكر كلها نصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في قصة هجرته. لتعلموا ما للصديق من وزن في اسلام وما له من مكانة في قلب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. لما خرج بعد الكمون في الغار ثلاثة ايام وانطلق يخطان درب الهجرة الى طيبة ادركتهم حادثة سراقة وهي كما في صحيح البخاري وقد رواها ابن شهاب الزهري رحمة الله عليه قال واخبرني عبد الرحمن بن مالك المدلجي وهو ابن اخي سراقة ابن مالك ابن ان اباه اخبره انه سمع سراقة ابن جعشم يقول جاءنا رسل كفار قريش يجعل في رسول الله صلى الله عليه وسلم وابي بكر دية كل واحد منهما من قتله او اسره يعني جعلوا جائزة في من يأتي برسول الله صلى الله عليه وسلم او بصاحبه الصديق حيا او ميتا يأتي به مقتولا او اسيرا جعلوا فيه الجائزة دية. والدية كانت مئة من الابل وهذا من اثمن ما يكون وابلغ ما يكون في التحفيز والعطاء. قريش لما خرج من يديها رسول الله صلى الله عليه وسلم من داره بعد ما احاطوا به رأوه كأنما الدنيا انقلبت عليهم. فكان الهم الاكبر ان يظفروا به صلى الله عليه وسلم. والا يخرج من فاستنفروا ذلك الاستنفار العظيم. قال فجعلوا في رسول الله صلى الله عليه وسلم وابي بكر دية كل واحد منهما من قتله او اسره. يقول سراقة ويحكي ما حصل له في القصة قال فبينما انا جالس في مجلس من مجالس قومي بني مدلج اقبل رجل منهم حتى قام علينا ونحن جلوس فقال يا سراقة اني قد رأيت انفا اسودتا بالساحل اراها محمدا واصحابه اسودتا يعني ظلالا واشخاصا يحكي هذا الرجل انه رأى على بعد ظلال اشخاص يمشون على الساحل. قال احسبهم محمدا واصحابه. قال فعرفت انهم هم فقلت له انهم ليسوا بهم اراد سراقة ان يظفر بالجائزة وان يتفرد هو بهذا الصيد الثمين فاراد ان يصرف ناقل الخبر والرائي الذي رصد مسيرة ثلاثة نبينا صلى الله عليه وسلم وصاحبه ابا بكر رضي الله عنه والخريت الدليل ويقال بل عامر بن فهيرة فاراد ان يظفر سراقة ويتفرد بالجائزة فصرف ناقل الخبر فقال انهم ليسوا بهم. ولكنك رأيت فلانا وفلانا انطلقوا باعيننا يعني على مرآنا. يعني انا اعرف من تقصد هم فلان وفلان. انطلقوا عما قريب فلعلك ابصرتهم وهو يعرف في قرارة نفسه ان المقصود في الغالب انه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثم لبثت في المجلس ساعة ثم قمت فدخلت فامرت جاريتي ان تخرج بفرسي. وهي من وراء فتحبسها علي. واخذت رمحي فخرجت به من ظهر البيت. فحططت بزجه الارظ وخفضت عاليه حتى اتيت فرسي اتخذ كل تدابير الخفية لبث في المجلس هنيهة حتى لا يلحظ استعجاله ويستغرب امره ثم امر بالجارية ان تجهز الفرس لئلا يخرج بها هو فيلتفت الى شأنه وخرج من ظهر البيت وليس من الامام. ثم لما اخذ الرمح يأخذه بيده خارجا قال فحططت بزجه الارض زج الرمح اسفله الحديدة التي تكون في ادناه. يعني خفض الرمح فجعل يخط فيلحظه في الارض. يخشى ان يرفعه كالمعتاد فيبرق الرمح بالشمس فيلحظه الناظر من قريب او من بعيد. اتخذ كل تدابير الاختفاء حتى لا يلحظ قال وخفضت عاليه حتى اتيت فرسي فركبتها فرفعتها تقرب بي يعني اصبح يسرع بفرسه يخط بها المسافات. حتى دنوت منهم فعثرت بي فرسي فخررت عنها يعني سقطت من على ظهرها. فقمت فاهويت يدي الى كنانتي. فاستخرجت منها الازلام فاستقسمت بها اضرهم ام لا وعلى عادة العرب في الجاهلية فانها اذا ارادت اتخاذ قرار في امر ذي بال يستقسمون بالازلام بها الاعتقاد فيما يكون في المستقبل من خير او شر. والازلام هي رؤوس السهام ونحوها يجعلونه في قدح. ويكتبون على بعضها عبارات تشير الى تفاؤل او تشاؤم خيرا او شرا تطيرا بذلك. قال فلما ادخل يده خرج العلامة التي تدل على الشر والسوء. ومثله في اعتقاد العرب ينبغي ان يثنيه عن امره ويصرفه عن مراده قال فاستقسمت بالازلام فاهويت يدي الى كنانتي فاستخرجت منها الازلام. فاستقسمت بها اظرهم ام لا؟ قال خرج الذي اكرهه فركبت فرسي وعصيت الازلام خالف عقيدته وهو كافر لان الاغراء كان اكبر والصيد ثمين وهو على مقربة منهم وقد ابصرهم فليس شيء يحول بينه وبين الحصول على الدية التي وعدت بها قريش. قال وعصيت الازلام تقرب بي يعني الفرس حتى اذا سمعت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لا يلتفت يعني بلغ من القرب مدى يسمع فيه قراءة نبي صلى الله عليه وسلم قال وهو لا يلتفت وابو بكر يكثر الالتفات. قال ساخت يدا فرسي في الارض يعني غاصت قوائمها واصبحت داخل الارض قال حتى بلغت الركبتين فخررت عنها. ثم زجرتها فنهضت. يعني الفرس فلم تكد تخرج يديها فلما استوت قائمة اذا لاثر يديها عثام ساطع في السماء مثل الدخان فكان هذا امرا مرعبا مخيفا بالنسبة اليه. قال فلما بالكاد اخرجت قوائمها من الارض. اذا بدخان يعلو وغبار يصعد الى السماء فكان ايضا ينبغي ان يزيده ذلك خوفا وانه يقبل على امر قد يكون فيه هلاكه وحتفه. قال مثل الدخان فاستقسمت بالازلام مرة ثانية. قال فخرج الذي اكره قال فناديتهم بالامان. فوقفوا فركبت فرسي حتى جئتهم ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم ان سيظهر امر رسول الله صلى الله الله عليه وسلم فقلت له ان قومك قد جعلوا فيك الدية واخبرتهم اخبار ما يريد الناس بهم لانه اعطى الامان ورأى انه امام رجل من البشر معصوم من رب البشر وانه لا سبيل اليه الامان واخبره ما بمكة من رصد وتتبع ومن حث بالجوائز على الاتيان به صلى الله عليه وسلم قال سراقة وعرضت عليهم الزاد والمتاع لانه بلغ منه الامان والثقة بحاله عليه الصلاة والسلام بدأ يبذل الزاد ويبذل الركب والمتاع ليتقوى به على قال فلم يرزقاني يعني ما تحملا شيئا ولا اخذ ولا كلفاني شيئا مما عرظت فلم يقبل عليه الصلاة والسلام سلام منه هدية ولا ولا مساعدة. قال فلم يرزقاني ولم يسألاني الا ان قال اخف عنا يعني اكتم الخبر ولا تدل احدا. قال سراقة فسألته ان يكتب لي كتابا او كتاب امن فامر عامر بن فكتب في رقعة من اديم يعني من جلد ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم التحق عليه الصلاة والسلام ببقية طريقه حتى ما كان من بلوغه طيبة الطيبة في هجرته وما كان فيها من احداث والمقصود في موضع الشاهد هنا انه لما بلغ به الامر قربا شديدا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأى ما هم عليه من الحفظ والعصمة الالهية ايقن ان هذا امر ليس بمقدور البشر لكنه تدبير رباني هذه صفحة من نصرة ربكم لنبيكم صلى الله عليه وسلم. عصمه الله وحفظه وسخر له من الاسباب ما لم يظفر بالوصول اليه عدو ولا حاسد ولا ذو كيد يرغب في اذاه او اعتراضه صلوات ربي وسلامه عليه. هذه اية من الله امة الاسلام. حفظ الله لنبينا صلى الله عليه وسلم في مواقف عظام واحداث جسام لعل من اعظمها واكبرها حادثة الهجرة في مبتدأ خروجه وهم يحيطون بداره يريدون قتله. قد تآمروا واعدوا ورتبوا ما لا يمكن ان يفسد او يفشل لكن الله عز وجل حفظه فنجا. ثم ادركوه في طريق الهجرة ووقفوا على باب الغار حتى يقول ابو بكر رضي الله عنه لو ان احدهم ابصر تحت قدميه لرآنا فيعصمهم الله ويحفظهم ثم يدركهم الطلب مع سراقة في هذا الموضع. لكن الله عز وجل يحفظه وما زال حفظ الله تعالى به تحقيقا لوعده الكريم والله يعصمك من الناس. وقوله عز اسمه اليس الله بكاف عبده؟ فكانت الكفاية التامة والعصمة العظيمة والحفظ الاكمل من ربنا سبحانه وتعالى لنبينا صلى الله عليه واله وسلم. قصة سراقة فيها من الاحداث العظام فوق هذا المظهر الكبير. من العصمة من الله لنبيه الكريم صلى الله عليه وسلم ان الله عز وجل اذا شرف احدا من عباده باداء امر من واجباته او تبليغ رسالته من الانبياء والرسل عليهم السلام. او من يخلفهم في اممهم من حين والدعاة فلا والله لن يخذل الله عز وجل عبدا قام برسالته وادى الناس الى دعوته وتحمل اعباء هذا التكليف العظيم بكل شرف وفخر فالله عز وجل ناصر دينه وحافظ اولياءه وعباده المؤمنين. لكن الدنيا ابتلاءات ومواضع اللقاء فيها بين اهل الايمان واهل الكفر. وما كتب الله من عداوة ومدافعة بين الحق والباطل بين الخير شر توجب كثيرا من المواضع التي يصعب فيها. اهل الايمان والخير والصلاح يصابون فيها باذى ومشقة وشيء كثير من العدوان هو ابتلاء من الله عز وجل. كما تقدم بكم غير ما مر. لكن الحفظ متحقق. ودين الله عز وجل منصور محفوظ بامر الله من فوق سبع سماوات. في قصة سراقة من الايات والعبر. هذا الكتاب من الامان الذي كتب له وتذكر الروايات الاخر ان سراقة احتفظ به. ثم قدم به النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح بمكة. واظهره له واعلن اسلامه بقي سراقة محفوظا بهذا الموقف وهذا اللقاء. لا تذكروا الرواية هنا ان سراقة اسلم لكنه وعد فوفى بوعده. واخفى عن قريش طريق رسول الله عليه الصلاة والسلام. فجعل وهو عائد بعد انصرافه من لقائه بالمصطفى صلى الله عليه وسلم وصاحبه الصديق رضي الله عنه يرد كل من لقيه في الطريق قولوا كفيتم ما ها هنا لا شيء هنا. انا عائد للتو فاصرفوا جهدكم وبحثكم في طريق اخرى وسبيل اخر فحفظ هذا الامر وفاء بوعده ولم يكن على اسلام. وفى بالوعد تذكر الروايات وفي غير الصحيحين ان النبي عليه الصلاة الصلاة والسلام بشره لما قال كيف بك يا سراقة اذا لبست سواري كسرى ليست في رواية الصحيحين وهي عند غيرهم. فلما فتحت فارس وجيء بكنوز كسرى واتي بها الفاروق عمر رضي الله الله عنه في خلافته فابصرهما تذكر هذا الوعد فنادى سراقة واتى به فاعطاه السواري وتعجب فايقن نبوءة نطق بها المصطفى صلى الله عليه وسلم قبل عشرات السنين تتحقق ذاك اليوم. فزادهم ذلك ايمانا انا في قصة سراقة من الاحداث والعبر العظام ونحن نذكر حادثة الهجرة بكل ما فيها لنزداد ايمانا. اي لحظة هي لحظة المشقة والصعوبة والابتلاء بلغها قلب ابي بكر رضي الله عنه هو بشر مثلي ومثلك. نعم شرف بصحبة المصطفى عليه الصلاة والسلام في قصة الهجرة. ولم يشركه فيها احد فنال فضلا وسبق الامة كلها رظي الله عنه بذل نفسه وبذل ماله لكن تلحظ انه عندما جاء البحث الى فم الغار ادركه القلق والخوف الطبيعي الذي يدرك البشر بالنظر الى ما تقع عليه الحواس. والله يا رسول الله لو ان احدهم نظر تحت قدمه الى ابصارنا فيقول النبي صلى الله عليه وسلم له يا ابا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما وفي ادراك سراقة يقول ابو بكر رضي الله عنه اوتينا يا رسول الله يشير الى ادراك سراقة وانه قد ادرك وجعل وسراقة يقرب منهم فيقول اوتينا يا رسول الله يعني نحن قد ادركنا الطلب واتانا من يمكن ان يكون الاسر بيديه وسنعود بكل خسارة الى قريش واذاها. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم بكل طمأنينة لا تحزن ان الله معنا يلتفت ابو بكر وحق له ان يتلفت لن نظن ان خوفه على نفسه اعظم من خوفه على رسول الله صلى الله عليه وسلم. اريد ان اقول ان ابا بكر رضي الله عنه بكل ما بلغه من درجة الايمان التي لو جعل فيها ايمان الصديق وحده في كفة وايمان الامة كلها انا وانت واباؤنا واجدادنا وكل بني الاسلام في كفة لرجحت كفة ابي بكر رضي الله عنه ما بلغ من صدق الايمان وثقله في قلبه رضي الله عنه. لكنه مع ذلك مر بتلك المضائق فادرك من صعوبة ومشقة وحزن قلب والم فؤاد ما تكلم به في تلك المواقف. تدري ما المراد انه لن يأمن احد منا ولن يسلم في هذه الدنيا مهما بلغ في قربه من الله وولايته عند الله وصدق ايمانه بالله وعظمة تقواه لله والله لم يبلغا ايمان ابي بكر ولا نصفه ولا عشرة ايسلم احدنا لايمانه في دنياه من موقف فيه ابتلاء عصيب يرجف بالابدان وتهتز له القلوب وتخفق فيه المشاعر خوفا على دينه او امته او كتاب ربه او سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ابدا لو حصل هذا الامان والاطمئنان لاحد لكان اصدق الناس واحراهم به بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ابو بكر رضي الله عنه لنوقن انه قد تدركنا مواقف يعتصر فيها القلب حزنا او الما على حال الاسلام او بني الاسلام او امة الاسلام فلا تأسى كانت قلوب اعظم من قلوبنا اصابها هذا الاسى. واصابها الخوف والهم والحزن. لكنها دلالة صادقة على ايمان وحب للدين وتضحية لاجله وحمل لهمه. هذه امارة صدق يفرح بها صاحبها. اذا ما شعر في في بعض مواقف الحياة باعتصار قلب وحزن فؤاد وغم قلب لا لنفسه بل لدينه ولامة سيرة نبيه هذه امارة خير وابو بكر رضي الله عنه وجدها. ليس مرة ولا اثنتين لكنه كان في كل مرة يزيده نبينا صلى الله عليه وسلم استبشارا وتفاؤلا وثقة بوعد الله ونصر الله عز وجل له. قصة سراقة سطر في تاريخ كبير من سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم. تحكي هذه القضية العظيمة ما هي؟ حفظ الله لنبيه صلى الله عليه وسلم وتأييده له وعصمته له عز وجل ستأتيك الشواهد الاخرى في هذا الفصل تباعا. قال القاضي رحمه الله الله تعالى وفي خبر اخر ان راعيا عرف خبرهما فخرج يشتد. يعلم قريشا فلما على مكة ضرب على قلبه فما يدري ما يصنع. وانسي ما خرج له حتى رجع الى موته. ساق المصنف رحمه الله خبر هذا الراعي بوليس يعرف في كتب الرواية شأنها او سند لها وانها ان كان لها شيء يثبت هو من قبيل هذا الحفظ الذي تقدم وان الراعي لما اتى قريشا ورد مكة ظرب على قلبه فأنسي شأن البحث رؤيته للنبي عليه الصلاة والسلام وضرب على قلبه فما يدري ما يصنع وانسي ما خرج له حتى رجع الى موضعه. نعم قال رحمه الله تعالى وجاءه فيما ذكر ابن اسحاق وغيره ابو جهل بصخرة وهو ساجد ينظرون ليطرحها عليه فلزقت بيده ويبست يداه الى عنقه واقبل يرجع القهقر الى خلفه ثم سأله ان يدعو له ففعل فانطلقت يداه وكان قد تواعد مع قريش ذلك وحلف فلان رآه ليدبغنه فسألوه عن شأنه فذكر انه عرض لي دونه فحل ما رأيت مثله نقط هم بي ان يأكلني. فقال النبي صلى الله عليه وسلم ذاك جبريل لو دنا لأخذ قصة عدو الله ابي جهل لعنه الله في اذاه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليست هذه القصة الوحيدة في تاريخ السيرة. وابو جهل من الد الاعداء دعوتي بمكة واشدهم عداوة لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم. بلغت بابي جهل عداوته وحقد ما ذكر ها هنا وقد ذكر ابن اسحاق هذه القصة في سيرته عن شيخ له لم يسمه في السند وقد قال الامام البيهقي رحمه الله ابن اذا لم يذكر اسم من حدث عنه لم يفرح به. المقصود انه ليس بالسند الذي يعول عليه المحدث عادة لان ابن اسحاق عندهم في عداد المدلسين وانما يحتمل من حديثهما صرح فيه بالتحديث. ان سمى شيخه الذي روى عنه فاذا لم يسمه كان ذلك دونها بكثير في التعويل على روايته. لكن من القصص المنتشرة جدا في احداث سيرة والمذكورة في كثير من مواضعها وهذه القصة ساقها ابن اسحاق في سياق مفاوضة كفار قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم انهم لما ارادوا ان يتنازل عن دينه وان يترك الدعوة وارادوا اغراءه ببعض المغريات فما وجدوا الا اباء واصرارا وثباتا على الحق والدعوة وهذا التشريف بالرسالة من رسول الله صلى الله عليه وسلم انقلبت تلك المفاوضة الى اعلان صريح بالعداوة وتوعد صريح بالاذى والقتل والنكال وعد ابو جهل لعنه الله فقال اعاهد الله لا ان لاجلسن له غدا بحجر ما اطيق حمله فاذا سجد في صلاته فضخت به رأسه. يقول مخاطبا قريشا فاسلموني عند ذلك او امنعوني. يعني انا قاتله غدا لا محالة. فان شئتم ان تتخلوا عني وتسلموني لقبيلته من قريش من عبدي بناف فاكون ضحية لذلك واقتص من اجله او امنعوني. قال فاسلموني عند ذلك او امنعوني. ليصنع بعد ذلك بنو عبد مناف ما بدا له فقالوا لا والله ما نسلمك لشيء ابدا فامضي لما تريد فلما اصبح اخذ حجرا كما وصف لا يطيق له بالكاد يحمله واتى به فناء الكعبة يرصد رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر بهم نبينا اصلى الله عليه وسلم كما هي عادته. وعبر من امامهم وابو جهل ما يحرك ساكنا. فاتى عليه الصلاة والسلام عند الكعبة فطاف وصلى حتى اذا سجد قام ابو جهل ينفذ ما وعد وخسئ عدو الله. انطلق يحمل الحجر او الصخرة. قال وقريش لعله يتأتى له ان يطرحها عليه. قال فلزقت يده ويبست يداه الى عنقه واقبل يرجع القهقرة. يعني يتراجع بخطواته الى الوراء ثم سأله ان يدعو له ففعل فانطلقت يداه فسقط الحجر واذا به يرجع قد ارتعد واصفر لون وسقط قلبه من صدره لا يدرون ما الذي حل به. فلما عاد وهو الذي حلف ليفعلن ويفعلن سألوه عن شأنه ما الذي حصل؟ فذكر انه له دونه دون النبي صلى الله عليه وسلم فحلم من الابل. قال والله ما رأيت مثل هامته ولا مثل انيابه لفحل قط. هم بي ان يأكلني. فذاك الذي ارعبه واسقط قلبه فجفت يده وتصلبت فتراجع. يقول ابن اسحاق فبلغني ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ذاك جبريل لو انا لاخذه. والحديث كما سمعت ليس بالسند الصحيح الذي به تحكم على الاحاديث صحتها لكنه من ضمن قصص السيرة واخبارها التي تروى. وبعضها يتساهل في هذا الشأن. نعم قال القاضي عياض رحمه الله تعالى وذكر السمرقندي ان رجلا من بني المغيرة اتى النبي صلى الله عليه وسلم يقتله فطمس الله على بصره فلم يرى النبي عليه وسلم وسمع قوله فرجع الى اصحابه لم يرهم حتى نادوه. وذكر ان في هاتين القصتين وذكر ان في هاتين القصتين انا جعلنا في اعناقهم اغلالا فهي الى الاذقان فهم مقمحون. وجعلنا من بين ايديهم سدا ومن خلفهم سدا فاغشيناهم فهم لا يبصرون. ذكر شيخ المفسرين الامام ابن جرير الطبري رحمة الله عليه نزول هاتين الايتين قولا من الاقوال في قصة ابي جهل وقصة الرجل المخزومي من بني المغيرة وذكر القرطبي كذلك والبغوي ايضا رحمة الله عليهم اجمعين ان مما ذكر في سبب نزول هاتين الايتين من سورة ياسين قصة ابي جهل وصاحبه المخزوميين. القصة تحكى انها حادثة واحدة ذات موقفين. سمعت قبل قليل قصة ابي جهل تذكر في بعض كتب الرواية انه كان بصحبته اثنان من بني مخزوم احدهما الوليد بن المغيرة. وان ابا جهل قبحه الله لما عاد مرعوبا قد التقصت تلك التصقت يداه ويبست فلم يستطع ان ينفذ ما وعد من رمي الحجر على رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الوليد بن المغيرة فقال انا افعل. يقول هنا ان رجلا من بني المغيرة قيل هو الوليد ابن المغيرة. اتى النبي صلى الله عليه وسلم ليقتله. فلما عاد ابو جهل ولم يصل الى ما يريد من مراده من رسول الله صلى الله عليه وسلم سقط الحجر منه اخذه رجل من بني مخزوم قيل هو الوليد فقال انا اقتله. فلما دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم طمس الله بصره فلم يرى النبي صلى الله عليه وسلم ويسمع قوله لكنه لا يراه فرجع الى اصحابه ولم حتى نادوه يا فلان فلما سمع الصوت اقبل اليهم والا فقد ذهب عنه رؤية الاشخاص والابصار. فما عاد يرى شيئا حفظا من الله لنبيه صلى الله عليه واله وسلم. هذا كذلك في عداد ما شاع في قصص السيرة واخبارها وحكاياتها لكنه لم يثبت على مقتضى الصنعة الحديثية عند اهل العلم. وذكر في سبب نزول هاتين الايتين غير ذلك من الاسباب. فسياق القصتين في ابي جهل والرجل المخزومين من بني المغيرة واحدة وانها محاولة بعد محاولة وكرة بعد كرة لكن الله عز وجل يحفظ نبيه صلى الله عليه واله وسلم. قال رحمه الله تعالى ومن ذلك ما ذكره ابن اسحاق وغيره في اذ خرج الى بني قريظة في اصحابه فجلس الى جدار بعض اقامهم فانبعث عمرو بن جحاش احدهما ليطرح عليه رحا فقام النبي صلى الله عليه وسلم فانصرف الى المدينة واعلمهم بقصتهم. وقد قيل ان قوله تعالى يا ايها الذين امنوا اذكروا نعمة الله عليكم اذ هم قوم ان يبسطوا اليكم ايديهم فكف ايديهم عنكم واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون. في هذه القصة نزلت نعم هذه قصة بني قريظة كما ذكر المصنف ان النبي عليه الصلاة والسلام اتى اليهم وان اتيانه اليهم كان لسبب واختلف في ذكر السبب الذي من اجله اتى بني قريظة. ولعل سبق قلم او سهوا من المصلي رحمه الله تعالى ذكر فيه بني قريظة والصواب انهم بنوا النظير. فان اليهود في المدينة كانوا على ثلاثة قبائل على ثلاث قبائل بنوا قينوقاع وقد اجلاهم رسول الله عليه الصلاة والسلام بعد بدر بسبب غدرهم وخيانتهم وبنو النظير واجلاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد احد وبنو قريظة واجلاهم عليه الصلاة والسلام بعد الخندقي فتوالى اخراجهم واجلاؤهم من المدينة تباعا عقب كل غزوة من الغزوات النبوية الكبار بدر واحد والخندق. فالصواب انه اتى بني النظير. فجلس الى جدار بعض اقامهم الاقام جمع اطم. وهو اما الحصن منيع مرتفع او البناء المربع مثل القصور والدور العالية الاسوار. وعموما كانت مساكن اليهود بالمدينة على هذه الاشكال حصون منيعة وبنيان مرتفع. قال فلما جلس الى جدار بعض اقامهم يعني اسند ظهره الى جدار الحصن فانبعث عمرو بن جحاش وبعضهم يضبطها عمرو بن جحاش بتشديد الحاء بن كعب انطلق ننفذ غدرا ما زال يجري في دماء اليهود قبحهم الله. غدر العهود ونقض الوعود. وقد تعاقدوا مع رسول الله عليه الصلاة والسلام اول مقدمه المدينة على الحفظ والنصرة وعدم الغدر والخيانة وان يكونوا معه يدا واحدة. وقيل انه اتاهم في قصة الدية يستعينهم كما في الرواية الاتية بعد قليل. وهذا هو الصواب. انه اتى بني النظير ليستعين بهم في دية قتيل قتلهما عمرو بن امية الظمر رضي الله عنه. لما كان غافلا من سرية بئر معونة فاعتدى فقتل اثنين خطأ ان فتحمل النبي عليه الصلاة والسلام دية القتيلين. فاتى الى بني النظير يستعين بهم. وبينه وبينه من العهود والمعاقدات ما يوجب عليهم التعاون. فاتى فلما ارادوا التفاوض معه وعدوه ان ينتظر. فانتظر عند دار واسند ظهره الشريف اليه. ثم انطلقوا يتآمرون فقال قائلهم لن تجدوا فرصة افضل من هذه لقتله فقام اشقاهم عمرو بن جحاش ابن كعب ليطرح عليه الرحى وحجر الرحى حجر كبير الذي يدار ليطحن عليه الحب وثقيل اذا سقط من علو قتل ما تحته. فانطلق يحمل الرحى لكن النبي صلى الله عليه وسلم المحفوظ بحفظ الله. المعصوم من فوق سبع السماوات اتاه الوحي فاعلمه بقصتهم فانطلقوا هذه الرواية بهذا السند اخرجها بعض اصحاب السنن ويذكرها بعض اصحاب السير وهو حديث مرسل وهو ضعيف السند اصح منه ما يأتي في الرواية الاخرى التي يشير اليه المصنف الان. نعم وحكى السمرقنديل قال رحمه الله تعالى وحكى السمرقندي وانه خرج الى بني النظير يستعين في عقل الكلاب الكلابيين الذين قتلهما عمرو بن امية فقال لهم حيي بن اخطب اجلس يا ابا القاسم حتى نطعمك ونعطيك ما سألتنا. فجلس النبي صلى الله عليه وسلم مع ابي بكر وعمر رضي الله عنهما. وتوامرا حيي معهم على قتله. فاعلم جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم بذلك. فقام فكأنه يريد حاجته حتى دخل المدينة. هي قصة واحدة وليست قصتان في بني النظير لكنه اختلف في السبب الذي من اجله قدم الى بني النظير فذكر في الرواية الاولى انه اتاهم وذكر هنا تفصيلها قال خرج يستعين في عقل الكلابيين العقل هي الدية وسميت دية القتل عقلا لان الدية كانت تدفع عند العرب من الابل فيأتون يأتي اهل القاتل الى اهل القتيل يسوقون الابل دية للمقتول. فيأتون الى فناء فيعقلونها فسميت الابل التي تساق للدية عقلا واصبحت هذه حتى في فقه الشريعة في باب القصاص والديات يذكر العقل فيقال عقل الخطأ وعقل الجناية ونحوها قال يستعين في عقد الكلابيين يعني في دية الرجلين من بني كلاب الذين قتلهما عمرو بن امية فقال له حيي بن اخطب احد رؤساء يهود وكبرائهم اجلس يا ابا القاسم حتى نطعمك ونعطيك ما سألتنا فجلس عليه الصلاة والسلام مع ابي بكر وعمر. وفي بعض الروايات وغيرهم من الصحب الكبار كسعد والزبير وغيرهم. قال امر حيي يعني تآمر على قتله فاعلم جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقام نبينا صلى الله عليه وسلم من غير ان يكلم احدا كانه يريد حاجته قيام تشعر به انه ربما قام ليعود قريبا. قال فقام حتى دخل المدينة ولم يرجع فادركه لطف الله وحفظ الله وعصمه من كيد يهوده هذه الرواية هي التي قبلها لكنها بينت السبب. والسند فيها كما سمعت ضعيف لانه حديث مرسل والاصح منه سندا ما اخرجه الامام ابو داوود. رحمه الله تعالى في سننه وصححه الحافظ ابن حجر ان بني النظير ارسلوا الى النبي صلى الله عليه وسلم ارسلوا اليه صلى الله عليه وسلم في رغبة في المفاوضة والمجادلة والمناظرة. فقالوا للنبي عليه الصلاة والسلام اخرج الينا في ثلاثة من اصحابك ويلقاك ثلاثة من علمائنا. فان امنوا بك اتبعناك وما قالوه الا نوعا من الحيلة والمكيدة قالوا اخرج لنا في ثلاثة من اصحابك يلقاك ثلاثة من علمائنا فان امنوا بك اتبعناك. والنبي صلى الله عليه وسلم لا جهدا في تبليغ الاسلام وحرصهم على اسلام البشر ابلغ من اي حرص صلى الله عليه وسلم. قالوا فان امنوا بك اتبعناك قال فاشتمل اليهود الثلاثة على الخناجر فارسلت امرأة من بني النظير منهم فارسلت امرأة من بني النظير الى اخ لها من الانصار مسلم. تخبره بامر بني النظير وما عزموا عليه فاخبر اخوها النبي صلى الله عليه وسلم قبل ان يصل اليهم. فرجع وصبحهم بالكتائب وحاصرهم يوم ثم عدا على بني قريظة حتى نزلوا على الجلاء وعلى ان لهم ما حملت الابل الا السلاح فاحتملوا حتى ابواب بيوت فكانوا يخربون بيوتهم بايديهم فيهدمونها. يقول الحافظ ابن حجر هذا الحديث اقوى مما ذكر ابن اسحاق من ان سبب غزوة بني النظير طلبه صلى الله عليه وسلم ان يعينوه في دية الرجلين. يقول الحافظ لكن وافق ابن اسحاق وافق ابن اسحاق جل اهل المغازي فالله اعلم. فهاتان الروايتان في قصة سبب مجيئه الى بني النظير. والذي ترتب عليه عزمه عليه الصلاة والسلام على حصاره ثم طردهم من المدينة لغدرهم الصريح برسول الله عليه الصلاة والسلام وليس هذا اول موقف لليهود قبحهم الله يغدرون فيه برسول الله صلى الله عليه وسلم. هذا موقف وثان في مؤامراتهم مع قريش وكان سببا لقتل كعب بن الاشرف. وثالث في قصة السم الذي وضعته اليهودية في ذراع الشاة بعد فتح خيبر لرسول الله صلى الله عليه وسلم ورابع في قصة السحر في المشط والمشاطة الذي صنعه لبيد بن الاعصم اليهود لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فكانت المؤامرات تترى ورغبة يهود في قتله كانت تتابع لكن الله عز وجل الذي حفظ نبيه صلى الله عليه وسلم حال بينهم وبين ما يريدون. يقول المصنف وقد قيل ان قوله تعالى يا ايها الذين امنوا اذكروا نعمة الله عليكم اذ هم قوم ان يبسطوا اليكم ايديهم فكف ايديهم عنكم واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون انها نزلت في هذه القصة وهذا سبب من اسباب ثلاثة تذكر في سبب نزول الاية مضى احدها في ليلة ليلة الجمعة الماضية وهي ان سبب نزولها قصة غورث ابن الحارث لما عدا على النبي صلى الله عليه وسلم واصلت سيفه فقال من يمنعك مني؟ قال الله. فاسقط في يده فكان هذا سببا يقال ايضا في ذكر نزول الاية هنا. وعلى كل حال هي عدة واسباب ذكرها الائمة كابن كثير والواحدي عن ابن اسحاق ومجاهد وعكرمة وغير واحد ان سبب نزول الاية قصته صلى الله عليه وسلم مع بني النظير والله اعلم. قال رحمه الله تعالى وذكر اهل التفسير والحديث عن ابي هريرة رضي الله عنه ان ابا جهل لعنه الله وعد قريشا لئن رأى محمدا يصلي ليطأن رقبته. فلما صلى النبي صلى الله عليه وسلم اعلموه فاقبل. فلما قرب منه ولى هاربا ناقصا على عقبيه متقيا بيديه. فسأل قيل فقال لما دنوت منه اشرفت على خندق مملوء نارا كدت اهوي فيه وابصرت هوى هولا عظيما وخفق وخفق اجنحة قد ملأت الارض. فقال النبي فقال صلى الله عليه وسلم تلك الملائكة لو دنا لاختطفته عضوا عضوا ثم انزل على النبي صلى الله عليه وسلم كلا ان الانسان يا طغاة ان رآه استغنى. ان الى ربك الرجعى. ارأيت الذي ينهى عبدا اذا صلى؟ ارأيت فان كان على الهدى او امر بالتقوى ارأيت ان كذب وتولى؟ الم يعلم بان الله يرى لئن لم ينتهل نسفعا بالناصية. ناصية كاذبة خاطئة. فليدعو ناديه الزبانية كلا لا تطعه واسجد واقترب. ابو جهل مرة اخرى قبحه الله في عداوته لرسول الله صلى الله عليه وسلم. والقصة هذه اكد من تلك. واصح سندا بل خرجها الشيخان البخاري ومسلم في صحيحيهما رحمة الله عليهما وعامة اهل السنن والروايات. بخلاف تلك الاولى التي جاء فيها يحمل الحجر. وانه رأى هولا عظيما فنكص على عقبيه وعاد. الرواية هنا اخرجها البخاري رحمه الله مختصرة جدا. ولم يسق فيها الا قول النبي صلى الله عليه وسلم لو فعل لاخذته الملائكة. وذلك ان ابا جهل حلف وقد جاء في رواية مسلم قال ابو جهل هل يعفر محمد وجهه بين اظهركم يعني هل يجرؤ على ان يصلي صلاته لربه فيسجد بين اظهركم مخالفا دينكم وعقيدتكم وملتكم قالها على سبيل العلو والغطرسة والكبرياء وهو رأس من رؤوس الكفر بمكة واحد اعتى صناديدها يقولها في مستهل كلام يريد ان يعلن به تحديا وتعديا على رسول الله صلى الله عليه وسلم. يقول هل يعفر محمد وجهه بين اظهركم؟ قيل نعم قال واللات والعزى لان رأيته يفعل ذلك لاطأن رقبته او لو عفرن وجهه في التراب وخسئ لعنه الله قل لافعلن ذلك فانطلق فلما اقبل ولما صلى النبي صلى الله عليه وسلم اعلموه يعني قالوا لابي جهل ها هو ذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اقبل فلما قرب منه ولى هاربا ناقصا على عقبيه لما اقترب ولم يكن بينه وبينه الا مسافة خطوة. قال ولى هاربا ناقصا على عقبيه متقيا بيديه سقط من قيامه واتكأ على يديه ساقطا على خلفه قال فقال لما دنوت منه اشرفت على خندق مملوء نارا كدت هوي فيه وابصرت هولا عظيما وخفق اجنحة قد ملأت الارض. وفي رواية لمسلم قال ان بيني وبينه لخندقة من نار وهولا واجنحة والله ما تدري ماذا رأى الخبيث لكنها اية والله والحديث عند مسلم في صحيحه بلفظه يقول رأى خندقا من نار وهولا واجنحة وسمع خفقا من ان خلع لها قلبه وسقط على يديه ونكص على عقيبيه يقول صلى الله عليه وسلم تلك الملائكة لو دنا لاختطفته عضوا عضوا. ايجرؤ ان يضع قدمه اللعين على رقبة رسول الله صلى الله عليه وسلم. لا الله لملائكة ينزلها ربك من فوق سبع سماوات نصرة لنبيه ومصطفاه صلى الله عليه وسلم يقول الحافظ ابن حجر وانما شدد في حق ابي جهل. يعني ليس ابو جهل اللعين هو وحده الذي يعلن هذه العداوة والاذى وعقبة ابن ابي معيط مثلا واحد من الذين تجرأوا اليس هو الذي وضع سلا الجزور؟ ووسخ الناقة الذي يخرج مع الولادة فقاموا ووضعه على ظهره صلى الله عليه وسلم وهو ساجد ومع ذلك يقول لم يحصل لاحد من الوعيد والتهديد مثلما حصل لابي جهل ابو جهل هو الذي نزلت فيه الاية. ارأيت الذي ينهى عبدا اذا صلى؟ ارأيت ان كان على الهدى او امر بالتقوى؟ رأيت كذب وتولى الم يعلم بان الله يرى ثم جاء الوعيد. كلا لان لم ينتهي لنسفعا بالناصية لنأخذنه من مقدم رأسه اخذا شديدا. هذا الوعيد ينزله الله في قرآن يتلى الى يوم لنسفعا بالناصية ناصية كاذبة خاطئة. فليدعو ناديا. فليذهب ابو جهل وليستنجد بناديه واهله ورفاقه واصحابه وعشيرته يدعو ناديه سندعوا الزبانية ثم لينظر اي الفريقين اقوى جندا واقوى عدة واقدر على النصر والثبات. كلا لا تطعه واسجد يا محمد واقترب. اسجد على مرأهم وعلى عينهم وابصارهم واسماعهم فهذا بيت الله وانت تعبد الله. والله عز وجل حافظك. يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في بيان الفرق بين ابي جهل وعداوة غيره من كفار قريش قال وانما شدد الامر في حق ابي جهل ولم يقع مثل ذلك لعقبة ابن ابي معيض حيث طرح سلا الجزور على ظهره وهو يصلي صلى الله عليه وسلم. قال لانهما وان اشتركا في بمطلق الاذية حال صلاته. لكن زاد ابو جهل بالتهديد وبدعوى اهل طاعته وبارادة وطأ العنق الشريف. فمن المبالغة ما اقتضى تعجيل العقوبة لو فعل ذلك ولان سلا الجزوري لم يتحقق نجاستها وقد عوقب عقبة بدعائه عليه صلى الله عليه وسلم وعلى من تركه في فعله فقتلوا يوم بدر. فحتى عقبة ما سلم واصابته الدعوة. لكن ابا جهل عجل بعقامه وبهذا وعيد والتهديد الذي بلغه لانه كان اكثر جرأة وسفاهة مع مقام النبي صلى الله عليه وسلم. ثمان ابا انتهى كلام الحافظ رحمه الله. ثمان ابا جهل اذا كنا نعد فعلة عقبة خطيئة وقبحا واجراما بوضعه سلا الجزور. فلا تنسى ان ابا جهل هو صاحب الفكرة. وهو الذي قال من يعمد الى سلا بني فلان فيأتي بها فيضعها على ظهر محمد وهو ساجد صلى الله عليه وسلم. فقام اشقى القوم عقبة ففعل ذلك ما ثبت في صحيح مسلم والمقصود ان هؤلاء العتاة رغم عنادهم ومعايشتهم للنبي صلى الله عليه وسلم بمكة على مدى ثلاث عشرة سنة كانوا يرصدون فيها العداء والكيد والتدبير والمؤامرات لكنهم ما بلغوا شيئا من مراده من رسول الله صلى الله عليه وسلم. ليست قريش بل لو اجتمعت العرب كلها قاطبة بل لو اجتمعت الانس كلها بل لو حالفتهم الجن باسرها لا والله ما يصلون الى نبي عصمه الله من فوق سبع سماوات. ووعد الله بكفايته وحفظه من كل من يريد اذاه وصده عن دعوة الله لامر يسير جدا انهم يخالفون بمرادهم مراد الله. يبعثه الله ليبلغ دعوته ويريدون ان يصدوه. افي امرهم ومرادهم على امر الله ومراد الله حاشا والله فكانت هذه العصمة الالهية العجيبة. وهذه الحوادث المتعددة التي مرت بنا في مجلسين سبقا وهذا ثالثها. ولا زال في فاصلي بقية تأكيدا عظيما على عظم حفظ الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم. ما يزال في الفصل بقية نأتي عليها في المجلس المقبل ليلة الجمعة القادمة ان شاء الله تعالى. صلاة الله ما ابتسم الغمام. وما هتف الاحبة والكرام على الهادي اليه قلبي يتوق فيزدهي فيه الكلام. املأوا ليلتكم صلاة وسلاما على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم. واعملوا سمعتكم غدا بكثرة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم تتضاعف لكم من ربكم صلوات كل واحدة بعشر امثالها فيا رب صل وسلم وبارك عليه كما تحب ان يصلى ويسلم عليه. ويا رب صل وسلم وبارك عليه كما ينبغي ان يصلى وسلم عليه اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء. اللهم اتي نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها. اللهم اجعل لنا ولامة الاسلام جميعا من كل هم فرجا. ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين. اللهم ارحم موتانا وانس في القبور وحشتهم وارفع درجاتهم وكفر سيئاتهم اللهم ارحم مرضانا واشفي من كل من كل داء وسقم يا ارحم الراحمين. اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار وصلي يا ربي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد واله وصحبه اجمعين