بسم الله الرحمن الرحيم. ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره. ونعوذ اعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. صلى الله عليه وعلى ال بيته وصحابته وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فان اصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. وشر الامور محدثاتها. وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة. وبعد ايها الاخوة المباركون فما يزال مجلسنا هذا عامرا بفضل الله تعالى ومنته وكرمه في رحاب بيته الحرام. في ليلة شريفة عظيمة هي ليلة الجمعة التي ندبنا فيها الى الاستكثار من الصلاة والسلام على رسول الهدى ونبي الرحمة صلى الله عليه وسلم وهو يقول اكثروا من الصلاة علي ليلة الجمعة ويوم الجمعة. فان صلاتكم معروضة علي صلى الله عليه وسلم ونحن في مجلسنا هذا اذ نتدارس شمائله العظيمة صلى الله عليه وسلم. وحقوقه الكبيرة صلى الله عليه وسلم فانما نستحث من الاستكثار والصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم كلما ذكر اسمه وجاء ما يتعلق بحق من حقوقه عليه الصلاة والسلام لك مهجتي صلت عليك بنبضها ما الحب ان بخل المحب مهجته فعلى عظيم الخلق صل محبة يكفيك انك واحد من امته. صلى الله عليه وسلم. وما زال قال مجلسنا هذا متتابعا في مدارسة كتاب الشفاء بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم للامام القاضي عياض ابن موسى ليحصوا بي رحمة الله عليه. وما زلنا في رابع ابواب القسم الاول من الكتاب. والحديث فيه عن المعجزات والايات ذات ذات الدلائل الباهرات على عظيم قدر نبينا صلى الله عليه وسلم عند ربه من فوق سبع سماوات عظم الله قدره ورفع شأنه صلى الله عليه وسلم وجعل له من العظمة ورفعة المكانة دلائل وعلامات عظيمة منها تلك المعجزات التي ايده بها كسائر الانبياء عليهم وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام. وتلك المعجزات متنوعة كثيرة الانحاء متنوعة الاجناس متعددة الاصناف. مر جملة كبيرة منها في هذه المعجزات وكان قد تم الحديث في ليلة الجمعة الماضية في الفصل الذي كان فيه اطلاعه صلى الله عليه وسلم على الغيب. ثم في الفصل الذي قص فيه بالعصمة من الله والحفظ والنصرة له صلى الله عليه وسلم. نشرع الليلة في فصل من فصول المعجزات التي ايد الله بها نبينا عليه الصلاة والسلام. هي شاهد اخر ومعنى متجدد من معاني المعجزات والايات التي امد الله بها نبينا عليه الصلاة والسلام. ايا امة محمد صلى الله عليه وسلم انتم احق من ينبغي ان على علم بين ومعرفة تامة ودراية كافية. بهذا الباب الكبير من ابواب النبوة. معجزات صلى الله عليه وسلم نعم نحن يا امة الاسلام احق من ينبغي ان نكون على المعرفة التامة بمعجزات نبينا عليه الصلاة والسلام اولسنا من امته ونرفع الرأس بالانتماء الى امته ونفخر باننا في بعثته عليه الصلاة والسلام ونجعل شأنه العظيم صلى الله عليه وسلم فدا لارواحنا ومهجنا وما ملكت ايدينا الباب ينبغي ان يكون من العلوم التي يتعلمها بنو الاسلام صغارا وكبارا. وان يتنشأوا عليها اعني عناية بالعلم بمعجزاته عليه الصلاة والسلام. فانها ايات وما امده الله بها الا تثبيتا لنبوته وزيادة في ايمان المؤمنين من امته عليه الصلاة والسلام. وانا وانت في عداد هذا المعنى الكبير. ما كانت المعجزات من اجل ان يشهدها جيل الصحابة فقط رضي الله عنهم. ولا لتقوم الحجة على المشركين انذاك في بعثته صلى الله عليه وسلم ولكنها كانت ولا زالت باقية معلما كبيرا يمر بها كل ابناء المسلمين جيلا بعد جيل ليقال قال هكذا ايد الله محمدا عليه الصلاة والسلام. وبهذه الايات المعجزات ثبت الله صدقه وايده بالمعجزات حتى كانت دلائل النبوة واضحة وكان صدقه ظاهرة بينة. نحتاج الى العناية والتواصي بهذا الباب من العلم بدلائل نبوته ومنها المعجزات والايات العظيمات صلى الله ربي وسلم وبارك عليه. في هذا الفصل معنى الاخر من معاني المعجزات غير الذي تقدم والذي تقدم كثير. لكن هذا فصل ذو وجه بديع في فصول معجزاته عليه الصلاة والسلام وسيخصه المصنف بالعلم الذي فتح الله فيه ابوابه للمصطفى صلى الله عليه وسلم. اي علم علم عظيم واسع الانحاء. متعدد الارجاء. ليس علم الشريعة فقط فهذه بعثته. وليس علم القرآن والوحي فهذه مهمته بل هناك امور اعظم حسبك قول الله عز وجل له وعلمك ما لم تكن تعلم وكان الله عليك عظيما. ان فسر الفضل هنا في الاية بالنبوة فهو اعظم فضل اوتيه عليه الصلاة والسلام. لكن ان يكون في اوائل بل اول ما ينزل عليه من الوحي عليه الصلاة والسلام اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الانسان من علق اقرأ وربك الاكرم الذي علم بالقلم علم الانسان ما لم يعلم. فكانت هذه الايات فاتحة باب عظيم من العلم القاه الله في قلب نبيه صلى الله عليه وسلم. فسيعد المصنف هنا وجوها من العلم التي فتحت ابوابها لنبينا عليه الصلاة والسلام تدهش لها وتقف معجبا امامها اهو علم بامور الكون والدنيا ومصالح ناس وحياة العباد ومعايشهم؟ ام هو العلم بالاخرة وما وراء الغيب ومن كشف له من الحجب؟ عليه الصلاة والسلام؟ ام هو العلم باخبار الامم الماضية وشأن الانبياء وقصصهم وسيرهم عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام ام هو العلم بما يمر بحياة الناس من الادواء والامراض والاسقام وشفاء ذلك وعلاجه واوصافه ام هو العلم بما يحتاج اليه الناس في مستقبل ايامهم من سياسة الكون ومعرفة تدبير امور المعاش؟ ام هو العلم بما فتح الله له صلى الله عليه واله وسلم من ابواب علم تتعلق بالعرب وانسابها ولغاتها وثقافاتها وما تخص به كل قبيلة وما تخص به كل قبيلة عن الاخرى فقد جمع له ذلك في نبوته عليه الصلاة والسلام فكان اية عظيمة بينة حيثما انا اتكلم يا احبة عن العلم العظيم في معجزات نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم فينبغي ان ننتبه ان هذه معجزة لها وجهان. الوجه الاول انه بعث في امة امية صلى الله عليه وسلم. يندر فيها فمن يقرأ ويكتب ويتعلم القراءة والكتابة. هذه الامة الامية ليس فيها الجهل بمعنى عدم العلم والعناية بشيء بل كانوا يعلمون امور الطب والفلك والنجوم ويعلمون ايضا انسابهم ويعلمون الطب والعلاج وسائر ذلك لكن الامة الامية التي لم تعتني بدرس ولا قراءة ولا كتاب فان يبعث عليه الصلاة والسلام في هذه الامة الامية ثم يفتح له من ابواب العلم ما لا يخطر على بال وما لا يحصله متعلم بعلمه. ولا دارس بدراسته ولا قارئ بقراءته ولا كاتب بكتابته. فمن اين له ذلك ليس الا وحيا من الله ليس الا اية بينة من الله عز وجل لنبيه عليه الصلاة والسلام. ولذلك يقول الله عز وجل في اثبات هذا المعنى الكبير لنبينا صلى الله عليه وسلم وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك اذا لارتاب المبطلون بل هو ايات بينات في صدور الذين اوتوا العلم وما يجحد باياتنا الا ظالمون. هذا الوجه الاول في هذه المعجزة العظيمة ان يكون هذا العلم الذي لا يعد له طرف ولا يدرك ساحله ان يكون مخصوصا به نبي كريم يبعث في امة امية يفشو فيها عدم العلم بالقراءة والكتابة ولا الدراسة تعلم والوجه الثاني في هذه المعجزة العظيمة انها معجزة عظيمة الانحاء متعددة الاطراف فيها عجيب وفيها سعة علم ليست ابدا في مقدور بشر ان يشبعها. هذه العلوم المتنوعة التي اوتيها صلى الله عليه وسلم لا يقدر ان يجمعها بشر بجهده وكده وتعلمه ودراسته هذا العلم الواسع فيما وصفت لك في في علم بانساب العرب ولغاتها والسنتها. في علم باخبار الانبياء السابقين قيل وفي محتويات كتب الله التي انزلت عليهم وفي الشرائع والاحكام السابقة وعلم بما يكون بعد هذا الممات من الاخرة وبعث وحساب وسراط وميزان. وعلم ايضا بما يمر بحياة الناس في في طب ابدانهم واسقاهم وامراضهم وعلاج ذلك ودوائه. هذا العلم الواسع لا يؤتاه انسان بتعلم يدرس فيه كتابا. ولا يقرأ فيه شيئا لكنه علم ليس الا اية بينة على معجزة عظيمة امده الله بها فكانت اية ضمن ايات التي كانت معجزة له صلى الله عليه واله وسلم. جعل المصنف رحمه الله هذا الفصل الذي نشرع فيه الليلة لايضاح هذا الباب العظيم من المعجزات. وبيان انحائه وكيف انه يأتي في عداد المعجزات العظيمات التي كانت لرسول الا صلى الله عليه وسلم ليدرك امرا مهما امة الاسلام. عندما تذكر المعجزات لا ينبغي ان ينحصر الذهن في انشقاق القمر وهو معجزة. ولا في قصة الاسراء والمعراج وهي معجزة. ولا في نزول القرآن فحسب وهو معجزة ولا في نبع الماء من بين اصابعه وتكفير الطعام بين يديه صلى الله عليه وسلم. وكل تلك معجزات. لا ينبغي ان ينحصر الذهن في تلك المعجزات المحسوسة التي شوهدت وانتهت في زمانه عليه الصلاة والسلام وادركها من ادركها من صحابته. لكن هذه المعجزات معنوية في ابواب العلم هو ما فتح الله له من حجب العلم الذي لا يدركه البشر بمقدورهم وهم بشر هي ايضا من العظيمة التي ينبغي ان تعيها نفوس المؤمنين وان تحفظها عقولهم وان يدركوا انها باب من ابواب معجزات المصطفى صلى الله عليه واله وسلم. نعم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي وفقنا لمدارسة كتاب الشفا والصلاة والسلام على نبينا المصطفى وعلى اله وصحبه اهل الكرم والوفاء ومن تبعهم باحسان ان ما همهمت واظفى اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين ما ما طاف طائف ويمم للصفا. قال رحمه الله تعالى فصل في معجزاته صلى الله عليه وسلم فيما جمع الله له من المعارف والعلوم. ومن معجزاته الباهرة ما جمع الله له من المعارف والعلوم. وخصه به من الاطلاع على جميع مصالح الدنيا والدنيا ومعرفته امور شرائعه وقوانين دينه. وسياسة عباده ومصالح امته. نعم. هذا طرف من العلم الذي فتح لرسول الله صلى الله عليه وسلم فكان اية ودلالة على معجزة من المعجزات. هذا العلم كما وصفت لك في صدر هذا المجلس علم واسع الابواب متعدد الانحاء. وليس ينبغي ان يشكل عليك في قول المصنف رحمه الله ومعرفته امور الشرائع وقوانين الدين وسياسة العباد ومصالح الامة وما خصه الله بهم من الاطلاع على جميع مصالح الدنيا والدين لا ينبغي ان يشكل هذا على بعض المواقف في السيرة. التي فيها انه صلى الله عليه وسلم تكلم لامته بكلام ثم بدله خلاف ذلك فرجع عنه. كما حصل مثلا في غزوة بدر. وقبوله صلى الله عليه وسلم في بادئ الامر افتداء الاسرى ودفعهم المال حتى نزل قوله سبحانه ما كان لنبي ان يكون له اسرى حتى يسخن في الارض ومثله ايضا منعه عليه الصلاة والسلام او اشارته لاصحابه بالمنع من تأبير النخل. وقد مر بهم في المدينة والانصار يلقحون نخله فسألهم عن ذلك. فقالوا انهم يدخلون الذكر في الانثى حتى يطلع النخل. فقال اما هم لو تركوه لن يضرهم فتركوا تلقيح النخل عامهم ذلك فلم يطلع. فقال عليه الصلاة والسلام انتم اعلم بمصالح اياكم او بامور دنياكم والحديث عند الامام مسلم في صحيحه. فهل يقال كيف يقال انه فتح له من ابواب العلم يقول المصنف خص به من الاطلاع على جميع مصالح الدنيا والدين. فكيف حصل الفوات في مثل تلك المواقف؟ لا اشكال لان تلك المواقف هي نادرة وقليلة اولا. ثم هي ثانيا تؤكد معنى المعجزة التي نتحدث عنها لانه لو استمر الامر في كل احواله على شأنه الاكمل قبل ان يتكلم وبعد ان يتكلم صلى الله عليه وسلم لما بدأ انه مؤيد بالوحي ولربما فهم انه كذلك كان الامر ولولاه لكان كذلك على حاله. لكن عليه الصلاة والسلام يؤيد بالمعجزات. وثالثها في بيان عدم الاشكال في مثل تلك المواقف انه عليه الصلاة والسلام. قال ذلك ظنا في الامور الاجتهادية في قضايا الدنيا التي تتعلق بتأبير النخل وافتداء الاسارى وليس شيء من ذلك يتعلق وبالشرائع ولا باحكام العبادات ولا بالعقائد. فقال ما قال عليه الصلاة والسلام ظنا منه على اجتهاد بين فيه عليه الصلاة والسلام انه لا يقوله عن وحي وانه انما يشير اشارة باجتهاد فيؤكد ذلك تصويبه بالوحي فيما بعد فهذا ابلغ انه مؤيد موصول بحبل السماء يمده الوحي بما يأتيه من الله جل جلاله. فلا يزال كلام المصنف رحمه الله الله ان من العلم الذي خص به معرفته امور الشرائع وقوانين دينه وسياسة عباده ومصالح امته. نعم وما كان في الامم قبله وقصص الانبياء والرسل والجبابرة والقرون الماضية من لدن ادم الى زمنه وحفظ شرائعهم وكتبهم ووعي سيرهم. سيرهم وسرد انبائهم وايام الله فيهم. وصفات واختلاف ارائهم والمعرفة بمددهم واعمارهم وحكم حكمائهم. هذا وجه ايضا من وجوه اتساع في العلم الذي اتاه الله لنبينا صلى الله عليه وسلم فكان معجزة. اما رأيت انه يحكي لنا شأن الامم السابقة ويذكر قصص الانبياء والرسل. ويذكر ايضا قصص ما وقع في ازمنتهم من الجبابرة والعتاد. حكى لنا قصة قارون وهامان وفرعون في زمن موسى عليه السلام وحكى لنا قصص الطغاة المتكبرين كما فعل اصحاب الاخدود وكما فعلوا مع ابراهيم عليه السلام. كل ذلك حكي ونقل وهو في تراث الامم السابقة وفي وحضاراتهم قال من لدن ادم الى زمنه. ثم قال وحفظ شرائعهم وكتبهم ووعي سيرهم وسرد انبائهم وايام الله فيهم كل ذلك تجده مبثوثا في كتاب الله الكريم. الذي اتانا من طريقه صلى الله عليه وسلم. واتانا ايضا في احاديثه التي خبر بها الصحابة ونقلت لنا بري واية ما كان يحصل في تلك الامم وشأن الانبياء والصالحين فيهم وشأن الطغاة والمتكبرين ايضا فيهم. كل ذلك جاء محفوظا. فبالله عليكم اي علم هذا الذي اوتيه عليه الصلاة والسلام ادرس كتابا احضر عند استاذ او قرأ ذلك من اين؟ هذا الوحي العظيم هو اية فيها دلالة صادقة على معجزة امده الله تعالى بها. فكان من بين سائر البشر يعلم ما لا يعلمه الاخرون بتعليم الله اياه اقرأ وربك الاكرم الذي علم بالقلم علم الانسان ما لم يعلم. فكان هذا العلم العظيم بل يقول وصفات اعيانهم لا في ارائهم والمعرفة بمددهم واعمارهم وحكم حكمائهم. لقد وصف لنا خلقة الانبياء ووصف لنا عليه الصلاة والسلام كما في قصة الاسراء والمعراج. وصف عيسى عليه السلام لما رآه ووصف موسى عليه السلام وصف إبراهيم عليه السلام وقد رآه في السماوات في المعراج. كل هذا من اين له به ولم يقرأ ولم يكتب صلى الله عليه وسلم. لكن لما اتاه الوحي واتصل بحبل السماء واوحى الله اليه فقد جمع له من العلوم ما لا يدركه علم العلماء ولو اجتمعوا. نعم وحكم حكمائهم ومحاجة كل امة من الكفرة ومعارضة كل فرقة من الكتابيين بما في كتبهم واعلامهم باسرارها ومخبئات علومها ومخبئات ومخبئات علومها واخبارهم بما كتموه من ذلك وغيروه. ايضا من واسع العلم الذي اعطاه الله عز وجل في شأن الامم السابقة كل امة من الكفرة اي حجة كل امة وبرهانها ومجادلتها لانبيائها قالوا يا نوح قد جادلتنا افأكثرت جدالنا فاتنا بما تعدنا ان كنت من الصادقين. قالوا يهود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي الهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين قالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا ان كنت من المرسلين. حكي لنا في كل امة ما الذي كانت له حجة وبرهانا مع انبيائهم عليهم السلام. ولك ان تقول ايضا محاجة كل امة من الكفرة اي ما اوتيه عليه الصلاة والسلام من الحجج التي كان يواجه بها امم الكفر كما حصل في مجادلته ومناظرته صلى الله عليه وسلم لوفد نصارى نجران لما قدموا عليه والاية في ال عمران قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم ان لا نعبد الا الله ولا نشرك به شيئا الاية. فالمقصود انه اوتي هذه الحجج عليه الصلاة والسلام. وذكر لنا حجج انبياء مع اقوامهم ومجادلتهم لهم. والبراهين والايات التي كان كل نبي يؤتيه الله اياها فيدلي بها حجة كما قال كما قال الله عز وجل في شأن إبراهيم عليه السلام وتلك حجتنا اتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء تلك الحجج جاءت محكية فالسؤال قالوا يبقى ها هنا حاضرا يسأله غير المسلم ان لم يعلم نبوته عليه الصلاة والسلام. ويبديه المسلم اثباتا على صدق نبوة صلى الله عليه وسلم فمن اين له صلى الله عليه وسلم هذه الانباء؟ هذه العلوم هذه المعارف كيف اوتيها كيف وقف عليها؟ بل قال المصنف ويؤتى ما معارضة كل فرقة من بما في كتبهم. واعلامهم باسرار ومخبئات علومها واخبارهم بما كتموه من ذلك وغيروه. كم في قصة اقام الحجة على يهود المدينة؟ كما في شأن رجم الزانية لما اوتي باثنين من اليهود وقعوا في الفاحشة فاخبرهم بالرجل فقالوا انها لن يجدوها في التوراة فاتوا بها يحاولون تخبئتها واذا بها ثابتة من الذي اخبره عليه الصلاة والسلام بشأن التوراة وحكم الله فيها وان الرجم مشروع في ملتهم هذه وغيرها تنبيك عن معنى هذا العلم الذي اوتيه صلى الله عليه وسلم ويجمع هذه الجمل المذكورة في كلام المصنف رحمه الله تعالى هذا الجنس الاول من العلوم. علوم ما يتعلق بالامم السابقة واخبارهم وانبيائهم وصالحهم وكذلك عتاتهم وطغاتهم والمتكبرين والحجج والايات وما اوتيه عليه الصلاة والسلام من الوقوف على ما افي كتبهم من المخبئات والاسرار؟ واخبارهم بما كتموه من ذلك من الحق وكتموا او غيبوا جحودا واستكبارا. هذا كله جنس عظيم من العلم لا يتعلمه بشر بدراسة ولا قراءة لكنه وحي الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه عليه وسلم الى الاحتواء على لغات العرب وغريب الفاظ فرقها والاحاطة بضروب فصاحتها والحفظ لايامها وامثالها وحكمها ومعاني اشعارها والتخصيص بجوامع كلمها الى المعرفة بضرب الامثال الصحيحة والحكم بالبينة لتقريب التفهيم للغامض والتبيين للمشكل. هذا جنس ثان من العلوم التي فتح له بابها صلى الله عليه وسلم هو الاحتواء على لغات العرب وعلى غريب الفاظ فراقها. العرب امة. لكنها ذات فروع واجناس كثيرة. وهي على كثرتها تجمعها العروبة لكنها تختص كل شعبة منها وكل فخذ منها وكل قبيلة منها يختص بطرف من اللسان العربي لهم طريقتهم في الكلام واسلوبهم في الحوار بل لهم لهجتهم التي يتكلمون بها ولا يزال العرب الى اليوم عرب الشام وعرب العراق وعرب مصر وعرب اليمن وعرب كثير من البلدان تختلف لهجاتهم تجمعهم العربية ويفهم بعضهم لبعض ولو اختلفت اللهجات يفهمون مجمل الكلام لكن يغيبوا عن بعضهم ما تختص به كل لهجة من اللهجات العرب في بعض الكلمات والمفردات وفي بعض السياقات والتراكيب والالفاظ. هذه التي يختلف فيها العرب جمعت له صلى الله عليه وسلم فكان يقف على غروب فصاحتها ويحفظ ايامها وامثالها وحكمها ومعاني وقد سبق للمصنف رحمه الله تعالى في اوائل الكتاب في بيان فصل فصاحته صلى الله عليه وسلم ان ساق امثلة لذلك منه ما قال رحمه الله ومن تأمل حديثه وسيره علم ذلك وتحققه. قال ليس كلامه مع قريش والانصار واهل الحجاز ونجد ككلامه مع ذي المشعار الهمدان وطهفة النهد وقطن ابن حارثة العليني والاشعث ابن قيس ووائل ابن حجر الكندي وغيرهم من اقيال حضرموت وملوك اليمن. انظر كتابه الى همدان يقول فيه ان لكم فراعها ووهاطها وعزازها تأكلون علافها وترعون عفائها لنا من دفئهم ما سلموا بالميثاق والامانة. ولهم من الصدقة الثلب والناب والفصيل والفارغ والداجن. والكبش ولي وعليهم فيها الصالغ والقارئ هذه ليست كلمات قريش ولا عربي الحجاز لكنه تكلم صلى الله عليه وسلم وخاطب بها قبيلة من همدان وهذه الفاظهم وعباراتهم يقول وتأمل قوله عليه الصلاة والسلام لنهد وهي اسم قبيلة الى اليوم يقول اللهم بارك لهم في محضها ومخضها ومذقها. وابعث راعيها في الدثر وافجر له الثمد. وبارك له في المال والولد من اقام الصلاة كان مسلما ومن اتى الزكاة كان محسنا. ومن شهد ان لا اله الا الله كان مخلصا. لكم يا بني نهد ودائع والشرك ووظائع الملك لا تلقط في الزكاة ولا تلحد في الحياة. ولا تتثاقل عن الصلوات. ثم كتب لهم ايظا في فريضة الزكاة في الوظيفة الفريضة ولكم العارظ والفريش وذو العنان الركوب والفلو الظبيس لا يمنع صرحكم ولا يعبد طلحكم ولا يحبس دركم ما لم تضمروا الرماق وتأكلوا الرباق. من اقر فله الوفاء بالعهد والذمة ومن ابى فعليه الربوة هذه كلمات والفاظ ليست ايظا على لسان عرب الحجاز في قريش ولا غيرها. قال ومن كتابه لوائل ابن الى الاقيال العباهلة والارواع المشابيب. يقصد الى الملوك العظماء والسادة الرؤوس الاذكياء. فهذه العبارات والفاظها مثلها وقال في فريضة الزكاة له يخاطبه في التيعة شاة لا مقورة الالياط ولا ضناك وامطوا السبجة يعني اعطوا وفي السيوب الخمس ومن زنا من بكر فاصقعوه مئة واستوظوه عاما ومن زنا من ثيب فبرجوه الاضامين كل ذلك وغيره ساقه المصنف في احاديث سبقت ومنه قوله في حديث عطية السعدي فان اليد العليا هي امتي يعني المعطي ولا يزال بعض العرب يقول الى اليوم انطني مكان اعطني هذه وغيرها من الذي اوقفه صلى الله عليه وسلم على السنة العرب فيها ومن الذي علمه؟ وهو الذي ما ارتحل من مكة ولا خرج منها الا في رحلة تجارة قصيرة الى الشام قبل بعثته. فمن الذي علمه لسان تلك القبائل والفاظها وكلماتها وهو الذي لم يطف بالبلاد ولم يقم بها ولم يخالط اصحابها. فكل ذلك كما يشير مصنف هو اية يدخل في عداد العلم العظيم الذي فتح الله ابوابه لنبينا الكريم صلى الله عليه وسلم الى تمهيد قواعد الشرع الذي لا تناقض فيه ولا تخاذل. مع اشتمال شريعته على محاسن الاخلاق ومحاسن الاداب وكل شيء مستحسن مفضل لم ينكر منه ملحد ذو عقل سليم شيئا الا من جهة الخذلان بل كل جاحد له وكافر من الجاهلية به اذا سمع ما يدعو اليه صوبه واستحسنه دون طلب اقامة برهان عليه. هذا جنس ثالث من العلوم التي فتح الله ابوابها لنبينا صلى الله عليه وسلم فكانت معجزة قال هي العلم بقواعد الشريعة واحكامها وتفاصيلها وتفاريعها انظر اليوم الى علماء امة الاسلام جيلا بعد جيل تجاوزنا قرون وقد تجاوزنا اليوم اربعة عشر قرنا من تاريخ امة الاسلام وهجرة المصطفى عليه الصلاة والسلام اربعة عشر قرنا من الزمان كم عبر فيها من عال في الامة بالتفسير والحديث والفقه والفرائض والعقيدة واحكام الدين اصولا وفروعا؟ كم من عالم؟ كم من امام؟ كم الف فيها من كتاب؟ كم فتحت من مدارس ومعاهدات وجمعاهد وجامعات كم تخرج فيها طلبة العلم وحملة رايته اما رأيت ان تلك الالوف المؤلفة من العلماء وطلاب العلم وشداته وحملته انما ينهلون من علم علمه الله نبيه صلى الله عليه وسلم ثم كلهم كلهم يجمع طرفا من العلوم مجموعها. عندما اتاه الله لنبينا صلى الله عليه وسلم. كل كل هؤلاء على مدى اربعة قرنا من الزمان ولا يزال في عمر الامة بقية الى ما شاء الله وهم يتعلمون ويعلمون ويؤلفون ويكتبون ما هم الا تلاميذ في مدرسته صلى الله عليه وسلم. يتعلمون من العلم الذي اتاه والله عز وجل لنبيه عليه الصلاة والسلام في تمهيد قواعد الشريعة في تفاصيل الحلال والحرام. في بيان المسائل في طريق العبادة الى الله عز وجل. وما الذي يقربه مع اشتمال الشريعة على محاسن الاخلاق ومحامد الاداب. جاءنا بكل خلق كريم. وشرع لنا كل خصلة لم يستطع حاسد منذ بعثته صلى الله عليه وسلم الى اليوم ما وجد والله في كل الامم والحضارات على كثرة الحساد والشامتين والمبغظين والحاقدين والاعداء والخصوم ما استطاع احد ان يخرج لنا من شريعة محمد صلى الله عليه وسلم حكم فيه قبح او نقيصة او يمكن ان يعير به امة الاسلام ما استطاع احد يستطيع لان العلم الذي جاء به للامة والشريعة التي حملها للامة والاخلاق والاداب التي قدمها للامة عليه الصلاة والسلام على احسن وجه واتمه واكمله. هذا من جليل العلم وانت تجد في علم كل عالم من البشر تجد في علمه الزلة والهفوة والخطأ مهما بلغ من العلم حاول ان تستذكر اعلم علماء البشر على الاطلاق بل اجمع علم الاولين والاخرين ستجد علم كل عالم مهما بلغ في التمام والكمال فيه نقص وفيه عيب وفيه هفوة وفيه وفيه خلل وفيه خطأ لكن حاشى والله ان يقف واقف ولو كان حاسدا او كافرا او ملحدا او مبغضا حاشاه ان يجد شيئا في علم جاء به النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم ليقول هذه زلة او هفوة او خطأ او نقيصة اليس هذا عجيبا؟ اليس هذا علما ليس كعلوم البشر المعتادة؟ اليس هذا شيء يستحق الاجلال والتعظيم؟ وان تمتلئ القلوب والصدور جلالا لهذه المعجزة العظيمة التي ايد الله بها نبينا صلى الله عليه وسلم محاسن شريعتنا الغراء ومكارم اخلاق التي نفاخر فيها بين الامم والتي نرفع بها الرؤوس ونعتز بها هي في غاية الكمال والسمو والجلال التي لتزداد بها حياة البشرية سعادة. ورونقا وبهاء وتفيض بها وجوه السعادة من كل انحاءها على حياة البشر. اذا ما قاموا على المنهاج والعلم الذي ورثهم اياه نبي الامة صلى الله عليه وسلم. ولهذا قال لم ينكر منه ملحد ذو عقل سليم شيئا الا من جهة الخذلان بل كل جاحد له وكافر من الجاهلية اذا سمع ما يدعو اليه صوبه واستحسنه دون طلب اقامة برهان عليه فهذا وجه عظيم من وجوه العلم واجناسه التي فتحت ابوابها فيه للنبي المصطفى صلى الله عليه وسلم ثم ما احل لهم من الطيبات وحرم عليهم من الخبائث. وصان به انفسهم واعراضهم واموالهم من المعاقبات والحدود عاجلا والتخويف بالنار اجلا. مما لا يعلم علمه ولا يقوم به الا من مارس الدرس والعكوف على الكتب ومثافنة بعض هذا. ايضا هذا متصل بما قبله. وهو ان شريعته الغراء صلى الله عليه وسلم وان الوحي الذي اتانا به صلى الله عليه وسلم. وان العلم الذي ورثه للامة قبل الالتحاقه بالرفيق الاعلى صلى الله عليه وسلم كان علما عظيما. بين لنا فيه الحلال والحرام ما التحق بربه حتى تركنا على البيظاء ليلها كنهارها ما ترك صلى الله عليه وسلم للامة خيرا الا دلها عليه ولا شرا الا حذرها منه استشهد الصحابة قبلنا فشهدوا الاهل بلغت؟ قالوا نعم. قال اللهم فاشهد تركنا عليه الصلاة والسلام وما طائر يقلب جناحيه في السماء الا علمنا منه علما. علمه من علمه وجهله من جهله هذا العلم العظيم ليس بمقدور بشر ان يحصله. ولا ان يجده في دراسة ولا تعلم ولا كتاب ولا قراءة دفتر ولا كتاب هذا علم الهي. هذه معجزة ربانية خص الله بها نبيا اصطفاه للامة صلى الله عليه وسلم قال احل الطيبات وحرم الخبائث صان به انفسهم واعراضهم واموالهم من المعاقبات والحدود عاجلة الى والتخويف بالنار اجلا كل تلك المكارم كل تلك الكمالات التي جاءت بها الشريعة انما تعلمناها من سيرات وسنته صلى الله عليه وسلم قال بما لا يعلم علمه ولا يقوم به الا من مارس الدرس والعكوف على الكتب ومثافنة بعض هذا. المسافنة المقصود بها الاقبال والانكباب والمتابعة والاجتهاد. وفي بعض النسخ عند الشراح ومناقشة يعني استخراج بعضي هذا. كل هذا الذي يجتهد العلماء في تعلمه. وطلاب العلم في تحصيله في تلك المكارم في اخلاق الشريعة ومحامدها وخلالها وخصالها هي لا هي هي قطرة في بحر علم مصطفى صلى الله عليه وسلم هي غيظ من فيظ ما جاءنا به صلى الله عليه وسلم. فعن اي علم تتحدث علم الشهادات والجامعات والدرجات العاليات؟ لا هذا علم فوق كل تلك المراتب. هذا علم الهي. قذف الله به واوحاه الى نبيه ومصطفاه صلى الله عليه وسلم فارتقى في مرتبة العلم امامة العلماء وسيادة البشر صلى الله عليه وسلم. فعندما نتحدث عن علم هو معجزة اؤتيها النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم فادرك جيدا اي حدود لهذا العلم الذي نصفه. ونتكلم به ونتحدث عنه في جناب المصطفى صلى الله عليه واله وسلم الى الاحتواء على ضروب العلوم وفنون المعارف كالطب والعبارة والفرائض والنسب وغير ذلك من العلوم من ما اتخذ اهل هذه المعارف كلامه صلى الله عليه وسلم فيها قدوة واصولا في علمهم. هذا جنس ايضا او خامس ان شئت من انواع العلوم التي فتحت له ابوابها صلى الله عليه وسلم قد لا يبدو لك غريبا ان يكون في علمه بالشريعة واصولها وفروعها وما اوحى الله به اليه ان يكون فيها على علم عظيم بان هذه رسالته وان يحيط ان يحيط صلى الله عليه وسلم علما بما اوحى الله به اليه فهذه مهمته. قد لا يبدو هذا عجيبا لكن العجيب كما مر بك علمه بالسنة العرب ولهجاتها وطرائقها واساليبها. وهذا ايضا قد لا يبدو عجيبا اذ يقال ربما ان بعض العرب فتح له في الفصاحة والبلاغة والبيان وربما اقتبس من كلام العرب ومن اساليبها فحاول ان يجمع من تلك الانواع والاجناس من الفصاحات ما فتح له عليه لكن هذا الجنس من العلم هو ايضا مبعث دهشة واعجاب. قال الاحتواء على ضروب العلوم وفنون المعارف كالطب والعبارة والفرائض يقصد بالعبارة تعبير الرؤى وتفسير المنامات والفرائض يعني قسمة اموال الاموال وتركاتهم لورثتهم والحساب والنسب وغير ذلك من العلوم هذه علوم ليست شأن انبياء لا الطب ولا الحساب ولا الفرائض ولا النسب ليست من اختصاصات الانبياء. ومع ذلك فانت تجد عجبا عجابا في اوصافه صلى الله عليه وسلم في امور الطب يأتي المريض فيصف له عليه الصلاة والسلام دواء وينصح الامة على العموم باتخاذ بعظ الادوية فمن اين تعلمنا الاستشفاء بالعسل والحجامة والكي والحبة السوداء والقسط الهندي وامثال ذلك كثير جدا من اين جاءت الامة مثل هذه العلاجات الطبية التي افرد لها بعض اهل العلم كتبا كما صنع ابن القيم رحمه الله فانه افرد جزءا في كتابه العظيم زاد المعاد في هدي خير العباد صلى الله عليه وسلم افرد جزءا ضخما لكل تلك الاحاديث النبوية التي تصلح ان تكون وصفات طبية بلا مبالغة ثم افردها كثير من من الناشرين في كتاب اسماه الطب النبوي هذا هذا باب عظيم من العلم فاخبرني ايضا اين تعلم صلى الله عليه وسلم امور الطب والادواء والامراض والعلاجات وما يحتاج اليه كل مريض وكيف وصف الحمية واسبابها؟ وكيف وصف العلاجات النافعة في تلك الابواب اب الطب والحساب والنسب والفرائض هذه علوم لا شأن لها بمهمات الانبياء. ان قلت ان النبي اي نبي في امته عليه على نبينا الصلاة والسلام ان قلت ان وظيفته تبليغ الوحي وتعليم الحلال والحرام وبيان العبادات واركانها وصفاتها وانه جاع يعلمنا الوضوء الصلاة والطواف والدعاء والصيام والزكاة والحج. فمن اين اوتي صلى الله عليه وسلم علم تلك العلوم هنا ينبغي ان يتقرر عندك بلا تردد عبد الله ان هذا من عظمة العلم الذي هو في حقيقته معجزة من الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه واله وسلم هذه العلوم وفنون المعارف على امثلة ساقها المصنف كالطب والعبارة والفرائض والحساب والنسب يقول المصنف وغير ذلك من العلوم مما اتخذ اهل هذه المعارف صلى الله عليه وسلم فيها قدوة واصولا في علمهم. فاصبح اهل الطب يتخذون من اقاويله وعباراته في الطب قوانين لطبهم واصبح اهل النسب يحتكمون الى مقولاته في اصول النسب وعباراته. وكذلك الشأن في باقي العلوم. كما في علم التعبير الرؤى وغيره جعلت اقواله وعباراته صلى الله عليه وسلم قواعد واصولا لتلك العلوم جعلوها قدوة لهم. هذا ليس علما بشريا معتادا هذا ليس شيئا طبيعيا ليس علم بشر ولو اجتمع البشر في تعلم علم على هذا النحو ما تأتى لهم اجتماعه ايقنوا انه نبي الله صلى الله عليه وسلم. واملأوا صدوركم تعظيما واجلالا لهذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم. واعلموا ان ان هذه من امهات المعجزات الا فتحت ابوابها لرسول الله صلى الله عليه وسلم. نعم هذا علم عظيم. ولا يزال العقلاء في كل امة من البشر ولا يزال المنصفون يدركون ان هذا من اوضح الدلائل واظهر العلامات واكبر المعجزات التي تدل على صدق نبوته صلى الله عليه وسلم. ونحن امة الاسلام اولى بان نكون اول من يقف على مثل هذا نتعلمه فنزداد به ايمانا ويقينا وتصديقا بنبينا صلى الله عليه وسلم لنكون ايضا اعظم حب بل وتقديرا له صلى الله عليه وسلم لانك كلما وقفت على جانب من من جوانب عظمته عليه الصلاة والسلام ازددت تله حبا وتقديرا واجلالا وتوقيرا وهذا مطلوب مني ومنك عبد الله ان نملأ قلوبنا حبا واجلالا وتوقيرا للحبيب صلى الله عليه وسلم ثم يكون هذا بوابة لاقتداء عظيم بسيرته وسنته وتمسك جليل بهديه عليه الصلاة والسلام واتباع له في شأن الحياة كلها صغيرها وكبيرها صلى الله ربي وسلم وبارك عليه كقوله صلى الله عليه وسلم الرؤيا لاول عابر وهي على رجل طائر وقوله صلى الله عليه وسلم الرؤيا ثلاث رؤيا حق ورؤيا يحدث بها الرجل نفسه ورؤيا تحزين من الشيطان وقوله صلى الله عليه وسلم اذا تقارب الزمان لم تكد لم تكد رؤيا المؤمن تكذب. نعم هذه اربعة احاديث ساقها المصنف رحمه الله من اقاويله صلى الله عليه وسلم وسيشرع من ها هنا في ذكر جمل نبوية هي الفاظ احاديث او جزء منها ليثبت المعنى الذي قرره قبل قليل اما قال انه فتح له من انواع المعاريف والعلوم كالطب والعبارة والفرائض والنسب والحساب سيأتيك الان بجمل من احاديثه عليه الصلاة والسلام ستسأل نفسك سؤالا تندهش معه من الذي علمه صلى الله عليه وسلم قوانين الطب او تأويل الرؤى او تعبير المنامات والاحلام يقول مثل قوله الرؤيا لاول عابر وهي على رجل طائر وقوله صلى الله عليه وسلم الرؤيا ثلاث رؤيا حق ورؤيا يحدث بها الرجل نفسه ورؤيا تحزين من الشيطان وقوله اذا تقارب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب هذه احاديث جمل متفرقات. وبعضها اصح من بعض. قوله عليه الصلاة والسلام في الجملة الاولى الرؤيا لاول عابر وهي على رجل طائر يشير بها الى جملة من حديث ساقه المصنفون رحمه الله فيما اخرج ابن ماجة الرؤيا لاول عابر اخرج ابن ماجة هذا الحديث وفيه ضعف لضعف بعض رواته ومعنى الحديث ان الانسان اذا رأى رؤيا في المنام فقصها على اكثر من شخص يعبرها يعني يفسر له تأويلها فانها تقع على تعبير اول واحد منهما هذا العموم يتبادر فهمه من هذا الحديث. الرؤيا لاول عابر يعني تفسيرها سيقع على تعبير اول من يعبرها. في الحديث الثاني قال وهي على رجل طائر يشير ايضا الى اخرجه اصحاب السنن ابو داود والترمذي وابن ماجة. الحديث يقول الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر. فاذا وقعت قال وفي بعض الحديث قال واحسبه قال ولا يقصها الا على واد او ذي رأي الحديث مرة اخرى يقول الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر. فاذا عبرت وقعت قال واحسبه قال ولا الا على واد او ذي رأي. الحديث حسنه الترمذي وحسنه الحافظ ابن حجر وصححه الالباني ايضا في صحيح الترمذي وبعضهم يضعفه لوجود بعض ضعف في رواته. وعلى كل حال معنى الحديث الرؤيا على رجل طائر رأيت الطائرة اذا طار وقد تعلق في رجله شيء فانه سرعان ما يسقط ولا يبقى معلقا برجله مع طيرانه كثيرا يقول الرؤيا على رجل طائر يعني هي في خفتها توشك ان تقع وتسقط. وقوع الرؤيا هو بمعنى تعبيرها وتحققها في الحياة. قال الرؤيا على رجل ما لم تعبر. فاذا عبرت وقعت ووقوعها سيكون تفسيرا بما يعبره المعبر في الرؤى. قال ولا يقصها الا على واد يعني شخص يحمل مودة له او على ذي رأي يعني ناصح لانك متى اخبرت بها محبا ودودا عبر لك الرؤيا على احسن محاملها وان وجد فيها شيئا يسوؤك كتمه عنك لانه يودك او على ذي رأي يكون ناصحا فتكون في تعبيره نصيحة لك ومشورة انت تنتفع بها وقوله صلى الله عليه وسلم الرؤيا ثلاث رؤيا حق ورؤيا يحدث بها الرجل نفسه ورؤيا تحزين من الزمان هذا جزء من حديث اخرجه مسلم. والجملة التي بعده اذا تقارب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب. هذه الجملة اتفق فيها مع الامام مسلم على اخراجها الامام البخاري. واما رواية مسلم في صحيحه من حديث ابي هريرة رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم اذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المسلم تكذب واصدقكم رؤيا اصدقكم حديثا ورؤيا المسلم جزء من خمس واربعين جزءا من النبوة. والرؤيا ثلاثة فالرؤيا الصالحة بشرى من الله ورؤيا تحزين من الشيطان ورؤيا مما يحدث المرء نفسه. فان رأى احدكم ما يكره فليقم فليصلي. ولا يحدث بها الناس. الى اخر الحديث عند الامام مسلم وكل جملة من هذه الاحاديث معنى عظيما. الرؤيا ثلاث كلما رأى الانسان في منامه شيئا لا تخرجوا عن واحدة من هذه الاحتمالات الثلاثة. اما ان تكون رؤيا حق والمقصود برؤية هي الحق ان الله يبعث له في منامه ما يراه على هيئة من ام فتكون حقا. اما ان تكون بشارة او تثبيتا وتصبيرا او تكون تنبؤا بامر يقع له في مستقبل ايامه او دلالة له على باب خير يسلكه او ترد يحذره فهذه رؤيا حق قال في الثانية ورؤيا يحدث بها الرجل نفسه رؤيا تكون حديث نفس يعني ينام النائم وهو يفكر مهموما في امر ما. ولشدة تفكيره وهمه بالامر. يستمر تفكيره حتى في المنام فيرى وفيها مشاهد ومنامات هي في الحقيقة استمرار لتفكيره الذي كان يفكر به في اليقظة. فهذه لا دلالة لها ولا تعبير لها لانها جزء من اهتمامه بامر ظل يشغل باله وملأ همه وملأ همه القلب عليه. والثالثة قال ورؤيا تحزين من الشيطان عبث يريه الشيطان شيئا يضايق به صدره ويحزن به قلبه. وينكد عليه في منامه اما فزع يقوم به من المنام او شيء يكدر به الخاطر او يسوءه في نفسه في عرضه في ماله في اهله قال هذا تحزين من الشيطان وارشد صلى الله عليه وسلم الى ما ينبغي عليه فعله. وخلاصة ذلك فيما دلت عليه النصوص انها متى كانت رؤيا حق ولها علامات ودلائل لا يقصها الا على ناصح امين. خبير بر اعالم بها ليكون تعبيره ادعى الى استنباط ما فيها من المعاني الملهمة وان كان التحزينا من الشيطان واضغاث احلام استعاذ بالله وتفل عن يساره ثلاثا ولا يحدث بها احدا فلا يخبر بها لا حتى زوجته ولا ولده. ولا صديقه المقرب ولا صاحبه الحميم. لان هذا من الشيطان وقد نهى صلى الله عليه وسلم ان يحدث الرجل ما يرى في منامه من هذا القبيل. والنوع الثالث ليس الا هم نفس وحديث خاطر وهو شيء مما يشغل قلبه فلا تعبير له لانه لا يخرج عن اهتمام الفؤاد. يبقى ان تدرك رعاك الله ان قوله صلى الله عليه وسلم الرؤيا الصادقة جزء من ستة واربعين جزءا من النبوة وفي لفظ من خمس واربعين. ما المقصود؟ المقصود ان النبوة التي اوحى الله بها الى الانبياء درجات واجزاء. من اجزاء النبوة علم غيب. عالم الغيب فلا يظهر على غيبه احدا الا من ارتضى من رسول اولست ترى ان النائم في المنام ربما رأى رؤيا تعبر له في المستقبل بان يولد له ولد وان يجد رزقا وان تحدث له مشكلة وعليه اذا ما وجد شيئا ان يفعل كذا ولا يفعل كذا. هذا طرف من علم الغيب. وقع له في الرؤيا التي تكون رؤيا من الله هذا معنى ان تكون جزءا من النبوة. ان تكون فيها شعبة ومعنى من معان هي جزء من اجزاء كثيرة من نبوة ليس معنى هذا ان الرائي في منامه اذا رأى قد حصل شيئا من النبوة لكن الرؤيا الصالحة هي من علامات الامن بل ان رؤى الانبياء وحي كما حصل له عليه الصلاة والسلام ولغيره من الانبياء. فالمقصود ان الرؤيا الصالحة باب خير. ولا يزال اهل الايمان يستبشرون بها. قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الاخير اذا تقارب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب الله اكبر والمراد بقوله صلى الله عليه وسلم اذا تقارب الزمان احد معنيين احدهما ارجح من الاخر. المعنى الاول اذا تقارب الزمان بمعنى اذا استوى وقت الليل والنهار واعتدلا في الزمان وهذا يكون في فصل الربيع غالبا عند اعتدال الطبيعة واهل التعبير والمعبرون يقولون اصدق الرؤى ما كان وقت اعتدال الليل والنهار وادراك الثمار. وساق بعضهم من معبرين يزعمون ان اصدق الازمان لوقوع التعبير وقت انفتاق الازهار وادراك الثمار. قال لان هذا الوقت تعتدل فيه بها الطبيعة باعتدال الليل والنهار. فكأنهم يحملون ان ما يراه النائم في تلك الازمنة ادعى الى سكون النفس والاستقرار وقلة المؤثرات المعنى الثاني اذا تقارب الزمان يعني قرب قيام الساعة. ويشير اليه الحديث الصحيح في تقارب الزمان ان الشهر يكون كالاسبوع اسبوع يكون كاليوم واليوم يكون كالساعة والساعة كاحتراق السعفة في سرعة انقضاء الايام وهذا اظهر وارجح ان الحديث يشير الى ما يقع في اخر الزمان وانها لا تكاد تكذب رؤيا المؤمن لم؟ قالوا لانه لا يكون فيها غالب الا الصدق واهل الايمان في اخر الزمان هم اهل الغربة. بدأ الاسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ. فعند عدم وظهور الفتن وكثرة الهرج واندراس معالم الدين وانقباض العلم وفشو الجهل يبقى من المثبتات للمؤمن في في زمن الفتن واعاصير الشهوات والشبهات ان يثبته الله بالرؤى الصالحة فهذا معنى قوله لا تكاد رؤيا المؤمن تكذب. ومعنى عدم كذبها انها تقع كما يرى. وتكون له كانفلاق الصبح الفجر لا يشك فيها ويقع تعبيرها كذلك. لا يزال في الحديث عن الرؤى وتعبيرها والوقوف مع جمل الحديث المذكورة عنه صلى الله عليه وسلم ها هنا بقية نأتي عليها في ليلة الجمعة المقبلة ان شاء الله تعالى. ولا يزال في ليلتكم هذه ايضا بقية للاستكثار من الصلاة والسلام على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم. فاملؤوها وعطروا الساعات وطيبوا الانفاس. بالصلاة والسلام على حبيبي المصطفى صلى الله عليه وسلم. اقربكم مني مجلسا يوم القيامة واولاكم بي اكثركم صلاة علي. ونحن بصلاتنا وسلامنا عليه صلى الله عليه وسلم ندنو مسافات كبيرة من حبه والوفاء له والشوق الى لقياه صلى الله ربي وسلم كعليم وقد اخبرنا الله ونبيه عليه الصلاة والسلام بما في فضل الصلاة عليه من الشرف والكرم والاجر فليحز احدكم من تلك كارم بقدر ما تنبعث نفسه من الصلاة والسلام عليه. من صلى علي صلاة صلى الله عليه عشرا. فاللهم صل وسلم وبارك عليه عدد من صلى عليه المصلون وصل وسلم وبارك عليه عدد ما غفل عن الصلاة عنه الغافلون. نسألك اللهم علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا. وزدنا علما يا اكرم الاكرمين. اللهم ارحم موتانا. واشفي مرضانا وعافي مبتلانا واهدنا الى سواء السبيل. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. وصل يا ربي وبارك على عبدك ورسولك وحبيبك نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. والحمد لله رب العالمين