بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. واصلي واسلم على الهادي البشير المنير سيدنا ونبينا محمد بن عبدالله. وعلى اله وصحبه ومن استن بسنته واهتدى بهداه. اما وبعد ايها الاخوة الكرام ففي رحاب بيت الله الحرام حيث شرف المكان وفضله وبركته. وفي ليلة الجمعة حيث شرف الزمان ايضا وفضلها وبركتها. نعقد هذا المجلس لمدارسة حقوق النبي صلى الله عليه وسلم وفضائله العظيمة ومناقبه الجمة وعظيم قدره عند ربه. نستكثر بذلك من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم في ليلة عظيمة شريفة هي ليلة الجمعة وفي مكان عظيم مبارك هو رحاب بيت الله الحرام الله عنه اكثروا من الصلاة علي ليلة الجمعة ويوم الجمعة فان صلاتكم معروضة علي. يقولها نبيكم الله عليه وسلم حثا لي ولك ولكل مؤمن من امته محب له عليه الصلاة والسلام مدرك لعظيم حقه وواجب الوفاء الكبير له صلى الله عليه وسلم ان يكون كثير الصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم كل يوم وليلة لكنه في يوم الجمعة وليلتها اكد. فالمحب في هذه الليلة اكثر صلاة وسلاما على نبيه صلى الله عليه واله وسلم يستشعر حقه العظيم وخلقه الكريم ومكانه الذي بوأه الله سبحانه وتعالى اياه بين الخلاء فصلى الله ربي وسلم وبارك عليه ما تعاقب الليل والنهار. عليك صلى اله الناس يا طه يا روحن الولها وبشراها الارض تشهد عرفانا وما كذبت. ما مثل احمد خير الناس وافاها. لما اتاها في الخير زاهية فانه الغيث حياها. فاحياها. فاللهم صل وسلم وبارك عليه. واجعل يا رب صلاتنا سلامنا عليه قربة تتقبلها خالصة لوجهك الكريم. واجعل صلاتنا وسلاما عليه سلما نرتقي به الى حب واستنان اتم لنبينا صلى الله عليه وسلم وبعد يا كرام فما يزال مجلسنا هذا منعقدا تباعا بفضل الله تعالى وكرمه ومنته في رحاب بيته الحرام لمدارسة كتاب الشفا بتعريفه بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم. للامام القاضي عياض رحمه الله تعالى ما زلنا في الباب الذي ساق فيه فصولا متتابعة في المعجزات والايات الباهرات التي امده الله بها. والتي كانت دلالة واضحة على عظيم قدره عند ربه صلى الله عليه وسلم. فاذا كان قد بوأه الله المكانة الرفيعة عند له سبحانه فهو اولى ان يكون في قلوب الخلق كذلك في المكانة الاسمى والقدر الارفع عليه الصلاة والسلام. مر في معجزاتي انواع شتى. غير ان المعجزة التي وقف بنا الحديث عندها هي معجزة العلم العظيم. الذي فتحت ابوابه لنبينا عليه الصلاة والسلام فنحن امة العلم واول مفتتح الوحي في القرآن هو العلم واحد اعظم معجزات نبينا صلى الله عليه وسلم هي العلم. مر بنا في مجلسين سابقين ان الله جمع له من المعارف والعلوم وخصه من الاطلاع على مصالح الدنيا والدين ومعرفته امور الشرائع وما كان في الامم قبله وقصص الانبياء والرسل والقرون الماضية. وما حواه الله له من لغات العرب وغريب الفاظها والاحاطة بظروف فصاحتها. فضلا عن دروب العلم وفنون المعارف كالطب والعبارة والفرائض والحساب والنسب وغير ذلك وقف بنا الحديث ليلة الجمعة الماضية عند جمل من العلم المتصل بالطب الذي ما زالت الناس منذ عهد البشرية الاول تعتني به لحاجتها اليه. ولان الطب لا يستغني عنه جيل من البشر ولا حضارة من حضارات الامم. غير ان نسبة الطب النبوي الى طب الاطباء كنسبة ما عندهم من العلم الى ما جاء به الوحي من العلم والمعرفة. فشتان ما بينهم وخصوصا ادواء القلوب والارواح. فانها في طب الاطباء لا تجد لها دواء. لكنها في وحي الله عز وجل الذي بعثه عز وجل الى الانبياء والرسل فيه اعظم الدواء وانفعه وفيه سعادة القلوب والارواح. لانها متصلة بالنفخة الالهية التي نفخها الله تعالى في جوف ابينا ادم عليه سلام. فكان علاج الارواح ودواؤها وشفاؤها مرتبطا بالوحي الذي بعث الله تعالى به الانبياء والرسل قل عليهم السلام مر بنا في الفصل الماضي في قوله عليه الصلاة والسلام خير ما تداويتم به السعوط واللدود والحجامة والمشي. ولا يزال الحديث موصولا في جمل من الاحاديث متعلقة الطب الذي جرت جمل منه على على لسانه عليه الصلاة والسلام. نعم حمدا لمن شفى بالسنة النبوية الغراء والسيرة المصطفوية الزهراء قلوبا كانت من الهلكة على شفا ووفق من احبهم فعرفهم قدر حبيبه المصطفى واجتباهم للقيام بحقوقه كما قام به اهل وفاء فهم في رياض سيرته العطرة ينعمون وفي حياض محبته النضرة يحضرون. صلى الله عليه وعلى على اله الابرار واصحابه الاخيار والتابعين لهم باحسان الى يوم القرار. اللهم اغفر لنا ولشيخنا والديه ولجميع المسلمين هذا هو مجلسنا الرابع عشر بعد المئة من المجالس العامرة في هذه البقعة الشريفة الطاهرة. وباسانيد المتصلة ورواياتكم المتسلسلة الى كتاب الشفا للقاضي عياض رحمه الله تعالى قال فصل في معجزاته صلى الله عليه وسلم فيما جمع الله له من المعارف والعلوم قال النبي صلى الله عليه وسلم وخير الحجامة يوم سبع عشرة وتسع عشرة واحدى وعشرين وقال وفي العود الهندي سبعة اشفية نعم مظى بنا الحديث في مختتم ليلة الجمعة الماضية عند قوله عليه الصلاة والسلام خير الحجامة يوم سبع عشرة وتسع عشرة واحدى وعشرين وقد تقدم بكم ان الاحاديث التي جاءت في تحديد ايام الحجامة على نوعين نوع منها يبين فضل ايام بعينها كمثل هذا الحديث ونوع يذم اياما بعينها كيوم الاربعاء مثلا. وقد تقدم ان محصل ما عند المحدثين في هذا الباب انه ولا يصح منها حديث مرفوع وتقدم بكم ايضا انه ثبت عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم حرصهم بل وتواصيهم على الاحتجام في هذه الليالي الثلاث ليلة السابع عشر والتاسع عشر وليلة الحادي والعشرين. وقد ذهب جمع من المحدثين الى ان مثل الذي يحرص عليه الصحابة ويتواصون به لابد وان يكون لهم فيه مستند مرفوع عن المصطفى صلى الله عليه وسلم. فمن فمن ثم ذهب من ذهب الى تصحيح الحديث بعمل الصحابة وتواطؤهم عليه رضي الله عنهم واما قوله وفي العود الهندي سبعة اشفية فيشير الى حديث اخرجه الشيخان. ولفظ البخاري في صحيحه من حديث ام قيس بنت محصن رضي الله عنها قالت بعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول عليكم بهذا العود الهندي فان فيه سبعة اشفية. يستعطل به من العذرة ويلد به من ذات الجنب. هذا الحديث اشار فيه الى احد انواع العلاجات وهو المسمى بالعود الهندي وقد بوب البخاري رحمه الله في الصحيح فقال باب السعوط بالقسط الهندي البحري القسط بالقاف ويقال ايضا ترقيقا بالكاف والتاء بالقسط او بالكست كما قال البخاري رحمه الله مثل ما يقال الكافور والقافور يفخم او يرقق كلاهما لمسمى واحد. قال ابو بكر ابن العربي رحمه الله القصة نوعان هندي وهو اسود وبحري وهو ابيض. قال والهندي اشدهما حرارة. وما يزال اهل الطب يعرفون ان العود الهندي الذي ينسب الى بلاد الهند من حيث جاؤوا به كان ولا يزال يستعمل منذ حضارة امم في الهند وغيرها للعلاج والتداوي والاستشفاء به. من انواع كثيرة من الاسقام والامراض. ذكر الاطباء في المنافع له اشياء كثيرة. منها انه يدر البول والطمث ويقتل ديدان الامعاء. ويدفع السم وحمى ربع والورد ويسخن ويسخن المعدة ويدفع يذهب كثيرا من الاسقام فذكروا عددا من الادوية التي تجرب لمثل هذا النوع من العلاج. قوله عليه الصلاة والسلام في العود الهندي سبعة اشفية ذكر منها في الصحيح نوعين من الشفاء قال يستعط به من العذرة ويلد به من ذات الجم. يستعط به من العذر. مر بكم في ليلة الجمعة الماضية ان السعوط هو احد وسائل التداوي في الطب. ويراد به وضع قطرات من العلاج في انف المريض حينما يستلقي ويدفع برأسه الى الوراء ليكون ما يقطر في انفه من الدواء نافذا الى رأسه فيحصل بذلك نوع من حرصه على العطاس فيخرج ما به من الداء التي ربما كانت ابخرة او اذى محتبسا في الدماغ ونحوه فقوله عليه الصلاة والسلام به من العذرة اراد به انه يستخدم سعوطا يداوى به من العذرة والمراد بالعذرة داء يصيب الناس او الصبيان غالبا وهو وجع في الحلق يعتري الصغار والاطفال اكثر من غيرهم. وقيل هي قرحة تخرج بين الاذن والحلق. ربما تسببت في خروج منها مختلفة ان بالبلغم اكرمكم الله. وسبب ذلك انها تخرج غالبا عند طلوع العذرة هي خمسة كواكب تحت الشعرى. ويقال لها العذارى. طلوعها يسقط الحر وهذا القسط كما اشار عليه الصلاة والسلام علاج لها. وسبب الحديث في احدى الروايات ان ام محصن التي تروي هذا الحديث تقول انها اتت بابن لها وقد رأى النبي عليه الصلاة والسلام عليه شيئا من الادوية والعلاجات التي وضعته على صبيها بسبب العذرة التي اصابته. فقال لها هذا الحديث عليكم بالعود الهندي فان فيه اتى اشفي يستعط به من العذرة ويلد به من ذات الجم. فالسعوط اذا نوع من العلاج الذي يستخدم فيه الهندي دواء لمثل ذلك العلاج الذي يصيب صبيان غالبا. قوله ويلذ به من ذات الجم. اللدود ايضا احد وسائل التي مر ذكرها في الحديث خير ما تداويتم به السعوط واللدود والحجامة وان امثل ما تداويتم به الحجامة والقسط البحري كما في حديث البخاري فاللدود هو ان يوضع الدواء على اصبع المداوي فيلد به في حنك المريض في احد بحنكيه وهو مستلق ايضا ويفركه فيه حتى ينزل مادة الدواء فتسري الى ريقه ثم تنزل مع حلقه قال ويلد به من ذات الجنب. والمقصود بذات الجنب الالم الذي يصيب الجنب ومثله قريب منه وقيل هو عتق النسا نحو فيكون علاجا به فيستخدم القسط البحري لمثل هذين او القسط الهندي لمثل هذين النوعين من الاسقام والادواء عذره وذات الجم. لما يقول عليه الصلاة والسلام فان فيه سبعة اشفية. ويذكر شفائين فقط ولا يكمل السبعة فقد قال بعض اهل العلم انه ربما قال السبعة فاقتصر الراوي على اثنين منها. واختصر الباقي او نسيه محاولة لاجابة عن سؤال فاين تتمة السبعة التي قال فيها صلى الله عليه وسلم انه فيه سبعة اشفياء. والجواب الاخر ان يقال انه عليه الصلاة والسلام انما اقتصر على هذين النوعين من العلاجين في القسط الهندي لكونهما مما تاوى به الناس يومهم انذاك. وكانوا يقتصرون في التداوي على مثل هذا النوع من الدواء على هذين الاثنين. وما ذكر بقية صلى الله عليه وسلم ومنهم من ذهب الى ان السبعة لا يراد بها تحديد العدد. لكنها الكثرة يعني هو دواء مجموعة من الاسقام والامراض التي يشتكي منها ابن ادم ولذلك ذكر بعضهم عدة علاجات من تجارب الاطباء في بهذا القسط البحري او الهندي. ومال ايضا بعض اهل العلم الى ان السبعة الاشفية المذكورة في الحديث يراد بها تبعث انواع من التداوي بالقسط وليس سبعة امراض يتداوى بها يتداوى منها بالقسط البحري وذلك لان اصول التداوي سبعة اما طلاء او شرب او تكميد او تبخير او سعوط او لدود. فالطلاء مثلا يستعمل بالمراهم ونحوها. وكذا والسعوط يسحق في زيت ويقطر في الانف وكذا الدهن. والتبخير معروف. فربما قصد سبعة اشفي انه يمكن ان يستعمل في اي وجه من وجوه التداوي سواء استعمل بخورا او سعودا او لدودا او شيئا مما يستعمله الناس في التداوي كل ذلك محتمل والعلم عند الله تعالى. فذكر المصنف لهذا الحديث فيما ذكره عليه الصلاة والسلام وجها من وجوه علاجات يدل على باب من ابواب العلم التي فتحت لرسولنا صلى الله عليه وسلم. ما تعلم الطب ولا درسه كالاطباء ولا جالس الاطباء وتعلم منهم الصنعة والحرفة والمهنة لكن الذي علمه ذلك رب الارض والسماء فكان معجزة الهية من جنس العلم الذي كان من اعظم معجزات المصطفى صلى الله عليه واله وسلم قال المصنف رحمه الله تعالى وقوله صلى الله عليه وسلم ما ملأ ابن ادم وعاء شرا من بطن فان كان لابد فثلث للطعام وثلث للشراب وثلث للنفس نعم هذا ايضا حديث من احاديث اصول الطب والتداوي والعلاج والتشافي التي لا يستغني عنها الناس في اي زمان او مكان. تتتابع اجيال وتختلف الحضارات وتختلف الاذواق والثقافات ويختلف بين كل شعب وشعب. الوان الاطعمة والاشربة وما يقتاتون عليه وما يتغذون به. لكن هذا القانون المذكور في هذا الحديث يسري على كل الشعوب والحضارات والامم على كل اختلاف بينها في الاجناس والالوان والاطعمة والاغذية وسائر اوجه الاختلافات. يقول عليه الصلاة والسلام ما ملأ ابن ادم وعاء شرا من بطن ذلك انه اذا امتلأ بطنه كان الشر الذي يمكن ان يصيبه من وراء ذلك شرا من غيره. فان الادمي اذا شبع واذا بطر طغى واذا طغى تجاوز حدود الله فكان من وراء ذلك الوان والوان من العدوان والظلم والاثم الذي يقترف الانسان على نفسه وعلى غيره. وقد قيل ان الشبع هو افة الهلاك الذي يجره على نفسه ابن ادم يقول فان كان لا بد يعني فان كان ولا بد ان يملأ الادمي وعاءه وهو بطنه فلا فلابد ان يراعي هذا القانون قال فثلث للطعام وثلث للشراب وثلث للنفس. روي ان ابن ماسويه الطبيب لما سمع هذا الحديث او قرأه في كتاب ابي خيثمة قال لو استعمل الناس هذه الكلمات سلموا من الامراض والاسقام ولتعطلت المارستانات ودكاكين الصيادلة والمقصود بالمارستينات هي المستشفيات. قال وانما قال ذلك لان اصل كل داء اصل كل داء التخمة وقد تقدم في الجملة في الدرس الماظي ولا يصح حديث مرفوعا القول الذي اشار فيه المصنف اصل كل داء البردة او البردة فالتخمة وامتلاء المعدة هي سبب احتقانه واحتباسه ومن ثم تتفرع الامراض والاسقام في جسد ابن ادم فهذا قانون عظيم يذكره النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث حتى قال بعضهم هذا الحديث اصل جامع لاصول الطب بكلها فان الاطباء يستعملون الادوية اما حمية او علاجا. والحديث يستعمل في الجانبين كليهما. فمن اراد الحمية كان في حمايته بميزان ما يدخله في جوفه في اعظم سبل الحمية وارقاها واذا اصيب ايضا ثم اعتل فان الحمية ايضا لا تزال عند الاطباء في عداد افضل انواع العلاجات التي وبها السقيم اذا احاطت به العلة وتمكنت منه فلا يزالون ينصحونه بالحمية من بعض الاطعمة او الاشربة حتى يعود البدن الى توازنه وصحته المستدامة. هذا الحديث كما يقال في كثير من العبارات الاطباء وما يجري على السنتهم كما يقول الحارث بن كلدة طبيب العرب المعروف الحمية رأس الدواء والبطنة رأس الداء ولا صحوا حديثا مرفوعا وان اشتهر وقال ايضا الذي قتل البرية واهلك السباع في البرية ادخال الطعام على الطعام قبل الانهضام. وقال غيره لو قيل لاهل القبور ما كان سبب اجالكم لقالوا التخم. والمقصود او انه تواطأت عبارات الاطباء والمعتنين والمختصين والمجربين ان تقليل الطعام لا يقود لا الى صحة وعافية. وان استكثاره لا يقود الا الى ضده سواء بسواء. فكلما استكثر المرء من الطعام وازداد وادخل قضى الطعام على الطعام يعني اكل على غير جوع وادخل طعاما والمعدة لا يزال فيها بقية من طعام سابق فان ذلك مؤذن شيء عظيم. فالحديث اذا هل هو وصية بالجوع او بتقليل الطعام اما الجوع فقد كان هدي نبيكم صلى الله عليه وسلم. وعليه عاش وبه جاءت الروايات وفي وصف حياته ومعيشته عليه الصلاة والسلام. واما تقليل الطعام فهي وصيته التي جاءت في جمل من الاحاديث هذا اشهرها. ولذلك جاءت عبارات السلف كثيرة في تبيينهم اهمية العناية بهذا الباب ليس مراعاة لصحة البدن فحسب هي مطلب لكنهم كانوا يرون ان اوراء ذلك اعظم من الحرص على العناية به من تقليل الطعام واجتناب التخمة والاكثار من الطعام. فجاءت تترى فان صلاح البدن وصحته قائم على قلة الغذاء لانها توجب رقة القلب. وكذلك ما يتعلق بضعف الهوى واضعاف الغضب. فان كثرة الغذاء توجب ازدياد ذلك يقول الحسن يا ابن ادم كل في ثلث بطنك واشرب في ثلثه ودع ثلث بطنك يتنفس لتتفكر وقال المروذي جعل ابو عبد الله يعني الامام احمد رحمه الله يعظم امر الجوع والفقر. فقلت له يؤجر الرجل في ترك الشهوات يعني الطعام ومثله قال وكيف لا يؤجر؟ وكان ابن عمر رضي الله عنهما ربما قال ما شبعت منذ اربعة اشهر قلت طلع بعبد الله ايجد الرجل من قلبه رقة وهو يشبع؟ قال لا ارى. يعني كانوا يرون ان الخشوع والاستكانة وحضور قلب والاستعانة على كل العبادات التي تقرب العبد من ربه. وترتقي به في سماء العبودية والتقى والصلاح وشفافية القلب ورقته وحضور الدمع وخشية الفؤاد كل ذلك لا يمكن ان يتحصل مع الاسراف في الطعام والاستكثار منه والاغراق وان ذلك حاجب ليس لانه طعام حرام. لكنه من ابواب المباحات التي كلما اتسعت وكبرت في حياة العبد حرمته من درجات سامية من السمو والرقي والصعود الى حيث تحلق الارواح في قربها ورقتها وشفافيتها وما تتجلى فيه من معاني الوحي الالهي وحاجتها الى تلك المعاني الكريمة. ولذلك اثار عظيمة تروى ها هنا عن السلف في حرصه على عدم الشبع والتقلل من الطعام ايا كان ومهما كانت العبارات فان مرد ذلك كله عائد الى هذا النبوي فان كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه. ولا يزال الاطباء يوصون بذلك باعتباره امرا جامعا. ويعود السؤال من جديد مرة اخرى. لم يكن محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم طبيبا يحضر الناس للتداوي عنده. ولا كان لصيدليا يجمع الادوية ويصرفها للمرضى. فمن اين اوتي عليه الصلاة السلام مثل هذه الدقائق والخفايا من دقيق علم الطب الذي لا يبلغه الاطباء الا بعد ممارسة السنين في التعلم مدارسة والاكتشافات ورصد المرظى وملاحظاتهم وتجربة الادوية والعلاجات. فمن اين اتى بها رسولنا صلى الله عليه وسلم ثقوا انها معجزة اوتيها عليه الصلاة والسلام هي العلم. وهو باب عظيم اوتي مفاتيحه عليه الصلاة والسلام فوق ذلك دلالة للناس على ما فيه طب ارواحهم وقلوبهم وما فيه طب ابدانهم وجوارحهم فجمع الله له بين بالابدان والارواح فصلى الله وسلم وبارك عليه. اللهم صلي وسلم وقوله صلى الله عليه وسلم وقد سئل عن سبأ رجل هو ام امرأة ام ارض؟ فقال صلى الله عليه وسلم رجل ولد عشرة تيامن منهم ستة وتشاءما اربعة. الحديث بطوله. الحديث اخرجه الترمذي وصححه الالباني في صحيح السنن واخرجه كذلك الحاكم وصححه وان ذكر فيه ضعفا بعض اهل العلم كالهيثمي وغيره رحم الله الجميع قوله عليه الصلاة والسلام وقد سئل عن سبأ المذكورة في سورة سبأ لقد كان لسبأ في مسكنهم اية جنتان عن يمين وشمال ما له هل سبأ هذا الاسم هو اسم لامرأة ام لرجل؟ ام لقبيلة ام هو اسم مكان وبلد اسم ارض؟ فقال عليه الصلاة والسلام رجل الحديث كما روى الترمذي وغيره انه قال في سبأ هو رجل ولد له عشرة اولاد قال ثروة ابن مسيكن المراد اتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله الا اقاتل من ادبر من قومي بمن اقبل منهم فاذن لي في قتالهم. قال وامرني فلما خرجت من عنده ان سأل عني ما فعل القطيفي؟ فاخبر باني قد سرت قال فارسل في اثري فردني. فاقبلت منه فأتيته وهو في نفر من اصحابه فقال ادعوا القوم فمن اسلم منهم فاقبل منه ومن لم يسلم فلا تعجل حتى احدث لك. قال وانزل الله في سبأ ما يعني قصة سبأ فقال رجل يا رسول الله ما سبأ؟ ارظ او امرأة فقال ليس بارض ولا امرأة ولكنه رجل ولد له عشرة من العرب فتيامن منهم ستة وتشاءم منهم اربعة. تيمنا يعني ذهب جهة اليمن تشاءم يعني نزل جهة بلاد الشام وسكن بها فمن ثم توزع بنو سبأ في جزيرة العرب جنوبها وشمالها قال تيامن منهم ستة وتشاءم اربع يعني سكن اليمن منهم ستة وسكن الشام منهم اربعة. ثم قال في الحديث مبينا قال فاما الذين تشاءموا يعني نزلوا الشام فلخم فلخم وجذام وغسان وعاملة اسماء قبائل للعرب تنتسب اليها. قال واما الذين تيامنوا فالازد والاشعريون وحمير وكندة ومدحج فقال رجل يا رسول الله وما انمار؟ قال الذين منهم خثعم وبجيلة. الحديث وقد صححه الالباني في سنن ابي في داود ايضا يشير الى باب عظيم وهذا انتقال من المصنف. من احاديث فيها العلم بالطب الى احاديث فيها العلم بالنسب كل ذلك من العلوم البديعة العجيبة التي تعجب ان يكون نبي يوحى اليه بالشرع والدين والقرآن يحدث الناس عليه الصلاة والسلام بما يشغلهم ويهتمون لاجله. والعرب حظية جدا بعلم الانساب. وهي تهتم لذلك اشد تمام فان يتحدث عليه الصلاة والسلام عن اصل اصول العرب ويرد مرد ذلك الى اجدادها الاوائل والى تفرع الجذور الكبيرة كسبأ وما تفرع عنه من ابناء كانت قبائل للعرب هذا ايضا امر مبهر يقود الى باب عظيم من العلم الذي كان عليه الصلاة والسلام يحدث الناس به فيما يتعلق بانساب العرب. نعم قال رحمه الله تعالى وكذلك جوابه في نسب قضاعة وغير ذلك مما اضطرت العرب على شغلها بالنسب الى سؤاله عما اختلفوا فيه من ذلك. جوابه في نسب قضاعة يشير الى حديث اخرجه احمد وابو يعلى وفيه ضعف ايضا. قال عمرو بن مرة كنت جالسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال من ها هنا من معد فليقم قال فاخذت ثوبي لاقوم فقال اقعد ثم قال الثانية من ها هنا من معد فليقم. قال فاخذت بثوبي لاقوم فقال اقعد فلما كرر ذلك قلت فممن انا يا رسول الله؟ قال انتم معشر قضاة على شغلك من حمير. فلما رد نسب قضاعة الى حمير واجاب الرجل بما لا يعرفه هو عن نسبه كان ذلك ايضا اية عظيمة. يقول المصنف رحمه الله وغير ذلك مما اضطرت العرب على شغلها بالنسب الى سؤاله عما اختلفوا فيه من ذلك. العرب ليس يجاريهم احد في معرفة النسب والحرص عليه وتدوينه وحفظه ومعرفة نسب كل قبيلة بل وهم يتفاخرون بذلك الى حد الحمية والجاهلية والمفاخرة الذميمة التي اباها الاسلام ورفضها ومع ذلك فقد كانوا يجدون انفسهم مضطرين لسؤاله عليه الصلاة والسلام عما اختلفوا فيه من قضايا النسب وهو الذي لم يعتني به ولم يشتغل بحفظه ولا ارتحل ولا جالس النسابة ولا روى عنهم ولا دون عنهم شيئا يتعلق بما يعتني به النسابون من العرب لو كان يفوقهم عليه الصلاة والسلام ولا تعجب فعلمه ليس علم بشر علم نبي اوحى الله اليه وهو رب البشر عز وجل. وهذا دلالة ايضا على وجه عظيم من معجزاته الباهرة عليه الصلاة السلام قال المصنف رحمه الله تعالى وقوله صلى الله عليه وسلم حمير رأس العرب ونابها ومدحج هامتها وغلصمتها والازد كاهلها وجمجمتها وهمدان وهمدان غاربها وذروتها او وذروتها. نعم. حمير ومذحج والازد وهمدان قبائل عربية هي ايضا من اصول العرب. الحديث يبين وفيه فضل كل قبيلة. فيه اشارة الى اشتراك هذه القبائل في وان كانت تختص كل منها بفضيلة مع التفنن في التعبير فيشبه قبيلة برأس العرب واخرى بالهامة وثالثة بالكاهل والجمجمة والرابع بالغارب والذروة. كل ذلك من باب التباين بين كل قبيلة واخرى. الحديث وقد اخرجه البزار من حديث عثمان قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الايمان يمان قال لي ورده قال الايمان في قحطان والقسوة في ولد عديان عدنان حمير رأس العرب ونابوها ومذحج هامتها عصمتها او قال وغلصمتها والازد كاهلها وجمجمتها وهمدان غاربها وذروتها اللهم اعز الانصار الذين حين اقام الله بهم الدين الذين اووا ونصروا وحموني وهم اصحابي في الدنيا وشيعتي في الاخرة واول من يدخل الجنة من امتي اخرجه البزار وانما ذكر الانصار لعودهم اوسا وخزرجا الى هذه القبائل من اصول العرب في اليمن. فذكر عليه الصلاة والسلام هذا المعنى والحديث وان ضعفه كثير من المحدثين بل صحح الحافظ ابن حجر عدم ثبوته وقال انه واضح النكارة لما في رواية الحديث في سند الحديث من رواة طعن في ضبطهم وحفظهم. وعلى كل حال فالمقصود برأس العرب ونابيها. الاشارة والى العظمة والسيادة فان رأس الشيء اعظمه والناب هو الذي يقتطع به الشيء الشديد والقاصي من الطعام لحما او غيره قال ومدحج هامتها. الهامة هي اصل البدن. وصلب الظهر ومرتفعه. وغلصمتها الغلصمة هي الحلقوم. الذي يسري منه الطعام فمنه مادة الحياة التي تنزل الى سائر البدن. قال والازد كاهلها وجمجمتها. الكاهل مجمع الكتفين. وفيه ايضا الى محمل القوة والثقل في البدن فان الانسان يرفعه على كاهله. والجمجمة الاشارة ايضا الى الرفعة والعلو على سائر اعضاء بدن؟ قال وهمدان وغاربها وذروتها. يقال في مثل العرب القى الحبل على الغارب. والمراد به عنق البعير اذا ارتفع يشار به ايضا الى ارتفاعهم في العز والشرف وذروة الشيء اعلاه. والحديث لو صح لكان ايضا اصلا من اصول النسب في العرب وبيان فضل كل قبيلة منها على الاخرى قال وقوله صلى الله عليه وسلم ان الزمان قد استدارك هيئته يوم خلق الله السماوات والارض انتقل المصنف الان الى جمل من الاحاديث النبوية فيها نوع اخر من انواع العلم. الذي فتح الله ابوابه لنبيه عليه الصلاة والسلام ليس بعلم الطب ولا بعلم النسب بل هو علم الحساب وذكر الحديث الذي اخرجه الشيخان البخاري ومسلم ان الزمان قد استدار كهيئته. قالها عليه الصلاة والسلام يوم فتح مكة لما فتح الله له مكة قال جملا من الحديث عليه الصلاة والسلام يوم فتح مكة فيها قوله ان الزمان قد استدار ترك هيئته يوم خلق الله السماوات والارض اثني عشر شهرا منها اربعة حرم. ثلاث واليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب منفرد بين جمادى وشعبان والحديث دل على علم علمه عليه الصلاة والسلام بالحساب. كيف؟ قالوا لان الحساب مرتبط بالزمان وحركته الدورية ومبني عليه. قوله ان الزمان قد استدار. يشير الى معنى في الاية في سورة التوبة. انما النسيئ زيادة في الكفر يظل به الذين كفروا او يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله. كانت العرب تعبث بتواريخ الاشهر الحرم من كل عام فاذا احتاجت بعض قبائل العرب الى القتال وحل شهر رجب. ورجب شهر حرام وهم يريدون استمرار القتال ويخشون من استباحة الحرام تعظيما للزمان فيعبثون بتقديمه شهرا او تأخيره فيعلنون على العرب ان شعبان يتقدم هذا العام اخروا رجب بدلا عنه فما زالوا يعبثون بتقديم الشهور وتأخيرها وعام اثر عام فتضطرب شهور العام ولا يمكن الجزم في تلك الاعوام بان الشهر الذي نحن فيه هذا العام الان هو شعبان حتى استدار الزمان تتابع وتعاقب عاما بعد عام وهم على عبثهم حتى كان العام الذي نطق فيه صلى الله عليه سلم بهذا الحديث من وحي الغيب الذي اوحى الله اليه فقال انه في هذا العام عاد الى هيئته التي خلقه الله يوم خلق السماوات والارض فانضبط تاريخ الاشهر وعادت السنة في مواضع اشهرها على الوضع الذي خلقها الله عز وجل منذ ان خلق السماوات والارض واشار الى الاشهر الحرم وتتابع ثلاثة منها وانفراد رجب الواقع بين جمادى وشعبان. ففي الحديث ايضا نوع من العلم هو علم الزمان علم الفلك علم الحساب المرتبط بالزمان وثمة احاديث ايضا تتصل بهذا المعنى قال رحمه الله تعالى وقوله صلى الله عليه وسلم في الحوض زواياه سواء. نعم تقدم في سابق الحديث عن حوض المصطفى صلى الله عليه وسلم احدى الكرامات العظيمة التي عطاه الله اياها والتي ما تزال منية كل مسلم ومسلمة الورود على حوضه صلى الله عليه وسلم يوم الفزع الاكبر والرية من ذلك الحوض المبارك والشرب منه. نسأل الله ان يشملنا يلياكم جميعا بكرمه نحن ووالدينا وازواجنا وذرياتنا وجميع المسلمين. حوضه عليه الصلاة والسلام كرامة عظيمة ومعجزة باهرة وقدر عظيم خص الله به نبيه عليه الصلاة والسلام في بعض الفاظ احاديث الحوض وهي كثيرة. قال عليه الصلاة والسلام في وصف حوضه قال وزواياه سواء. لما اشار عليه الصلاة والسلام الى سعة الحوض. وان سعته كما بين صنعاء وايلة. صنعاء في جنوب الجزيرة باليمن وايل في شمال الجزيرة على اطراف بلاد الشام بقرب اذرعات او درعا المعروفة اليوم. هذه المسافة البعيدة هي سعة حوضه يوم القيامة عليه الصلاة والسلام. وفي بعض الفاظ الحديث حددت باسماء مدن اخرى كعدن بدل صنعاء. وعدن ايظا مسامتة لصنعاء. فان تحسب المسافة بين عدن الى الشمال او بين صنعاء الى شمال الجزيرة. فالوصفان متقاربان ايضا. وفي بعض الفاظ الحديث قال عليه الصلاة والسلام بين عمان الى ايلة وعمان ايضا هي الواقعة جنوب الجزيرة كذلك. والمراد انه على اختلاف الالفاظ والحديث صحيح. في تحديد سعة يقول عليه الصلاة والسلام زواياه سواء. الزوايا جمع زاوية. والزاوية هي ما يحصل من تلاقي خطين من الداخل كما يعرف اهل الحساب والرياضيات. اذا التقى خطان فملتقى الخطين من الداخل يسمى زاوية وهي انواع عند اهل الحساب. لما يقول عليه الصلاة والسلام في الحوض زواياه سواء. يقتضي انه مربع. مربع وهذا لا يعرفه الا من درس الحساب وتعلم الرياضيات يشير الى انه مربع الشكل متساوي الاضلاع مستقيم الاضلاع كذلك. لانه لا تتساوى الزوايا الا اذا استقامت الاضلاع. هذا ابني على علم المساحة ودقائق الهندسة فمن اين قال عليه الصلاة والسلام في وصف الحوض هذه الجملة؟ ان زواياه سواء. هذا ايضا لون عجيب هو علم. لا تسل ما امسك بقلم ولا خط كتابا صلى الله عليه وسلم. ولا درس في مدرسة ولا تعلم عند معلم. لكن الله اوحى اليه فكان اعظم العلم في صدره صلى الله عليه وسلم اوتي النبوة فكانت اسمى المراتب واشرفها. العلم يا احبة الذي هو جانب النبوة الاخر فان حقيقة النبوة ومحتواها علم يوحي الله تعالى به الى انبيائه ورسله عليهم السلام فكانت النبوة في حقيقتها هي العلم. ولذلك هي المعجزة الكبرى العظيمة التي نتحدث عنها في هذا الفصل. نعم قال رحمه الله تعالى وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث الذكر وان الحسنة بعشر امثالها فتلك مئة وخمسون على اللسان والف وخمسمائة في الميزان هذا ايضا يشير الى معرفة بالحساب. الحسنة بعشر امثالها في حديث اخرجه اصحاب السنن الاربعة. وصحح اسناده الامام النووي والحافظ ابن كذلك وصححه الترمذي وايضا في سننه. لما ذكر عليه الصلاة والسلام ما يتعلق ببعض جمل الذكر وانها تقال خمس عشرة مرة او تقال تكرارا في عشر مرات مضروبة فتصل مائة وخمسين. قال عليه الصلاة والسلام وان الحسنة اتى بعشر امثالها فاذا عددت خمس عشرة مرة بالذكر ولك بكل حسنة عشر قال فتلك مئة على اللسان والف وخمسمئة في الميزان. فان كانت الخمس عشرة بمئة وخمسين. تكون المئة والخمسون بالف وخمسمائة وهو ايضا معرفة بالحساب. لان المضاعفة لا يعرفها الا من عرف الحساب وعرف طرق التضعيف في العدد اذا كان من احد الاعداد بعينه وما الذي يتضاعف به العدد مرة واثنين وخمسا وعشرا؟ قالها نبينا عليه الصلاة والسلام وهو الذي كما قلنا مرارا ما تعاطى علما ولا درس ولا جلس عند احد يلقنه مبادئ القراءة ولا الكتابة ولا الحساب لكنه الوحي الذي علمه الله تعالى به صلى الله عليه وسلم. قال وقوله صلى الله عليه وسلم وهو بموضع نعم موضع الحمام هذا. الحمام او الحمام هذا. الحديث ضعيف اخرجه الطبراني في معجمه. وهو اشارة الى انه كان عليه الصلاة والسلام ذات يوم بموضع. فلما مر بموضع استحسن الموضع الذي مر به فقال نعم موضع الحمام هذا المقصود بالحمام المغتسل وليس الحمام المعد لقضاء الحاجة اكرمكم الله. فالحمامات في الازمنة الاولى عبارة عن غرف واحواض يجمع فيها الماء الساخن يقصده الداخل للاغتسال والتنظف من حرارة الماء وسخونته فتتعرض له والاجساد بعدما تزال عنها الملابس فيكون في حرارة الماء والابخرة الصاعدة عنها ما يزيل الوسخ والعرق وانسداد المسام ونحوها. وانتشرت تلك الحمامات في ازمنة الامة المتقدمة في قرونها السابقة. لكنه عليه الصلاة والسلام ما عرف الحمام في زمنه ولا بني في عهده ولا عرفته الامة انذاك. ففي هذا الحديث موضعان لو صحا الحديث كان فيه موضعان من الاعجاز اول ذكره للحمام ولم يعرف في زمنه عليه الصلاة والسلام وانما عرف بعده. فتكون نبوءة مستقبلة. والموضع الثاني تحديد المكانة فان المكان الذي ذكر فيه مناسبة المكان لمحل البناء ومهب الهواء وما يناسب مثله لمواقع بناء الحمام مات فتحتاج الى حيث يتحرك الهواء ويرتفع المكان فيصلح لبناء الحمامات واتخاذها. فلما قالها عليه الصلاة والسلام كان ذلك ايضا دلالة على علمه بذلك الجانب على غير تعلم. هذا ان صح الحديث والا فهو ضعيف. نعم قال وقوله صلى الله عليه وسلم ما بين المشرق والمغرب قبلة هذا القول لاهل المدينة خاصة ومن كان في شمال مكة والحديث صححه الترمذي واخرجه ابن ماجه ايضا ما بين المشرق والمغرب قبلة. كان ابن عمر رضي الله عنهما يقول اذا جعلت المغرب عن يمينك والمشرق عن يسارك فما بينهما قبلة وهذا لا يتأتى الا لمن كان في شمال مكة. فان الكعبة تكون جنوبه. فاذا تيامنت عنه غرب الشمس وتياسرت عنه شرقها كانت القبلة امامه. هذا يخص اهل المدينة تحديدا وهي قبلتهم. والحديث فيه دلالة على علمه بالمواقيت والاماكن وتحديد الجهات وهو ايضا معجزة في حق نبي امي صلى الله عليه واله وسلم قال رحمه الله وقوله صلى الله عليه وسلم لعيينة او الاقرع انا افرس بالخيل منك الحديث في احد هذين الصحابيين عيينة بن حصن الفزاري او الاقرع بن حابس التميمي. وقد اخرج ابن اثير في النهاية ابن الاثير في النهاية انه عرضت عليه الخيل صلى الله عليه وسلم وعنده عيينة ابن حصن فقال انا اعلم بالخيل منك فاجابه عليه الصلاة والسلام انا افرس بالخيل منك. قالها جوابا على كلمته واراد عليه الصلاة والسلام الا يكون في جوابه ما يسوء الرجل. فما قال له لست تعلم الخيل او ما قال له لست به بعليم انما قال انا افرس بالخيل منك. راعى عليه الصلاة والسلام كونه اعرابيا. ويغلب على حرام الجفوة وعدم احتمال بعض العبارات. فتلطف معه فقال انا افرس بالخيل منك. افرس يعني اشد فراسة معرفة بالخيل يعني بانواعها واساليب التعامل معها والحديث اخرجه احمد وايضا فيه ارسال وصحح بعضهم عدم ما وصله ورفعه الى النبي صلى الله عليه وسلم قال وقوله صلى الله عليه وسلم لكاتبه ضع القلم على اذنك فانه اذكر للممل هذا الحديث لا يصح ايضا ضعف اسناده الترمذي. والمقصود بالممل هنا المملي. يعني عندما يتخذ الانسان شخصا يكتب عنه فيكون هو ممليا. والكاتب يكون مستمليا. يقول لكاتبه ظع القلم على اذنك فانه اذكر للممل يعني اكثر استحضارا لذكره والاملاء هو ان تلقي كلاما لشخص يكتب عنك والحديث لا يصح سنده. نعم قال المصنف رحمه الله تعالى هذا مع انه صلى الله عليه وسلم كان لا يكتب ولكنه اوتي علم كل شيء حتى قد وردت اثار بمعرفته حروف الخط وحسن تصويرها لقوله صلى الله عليه وسلم لا تمدوا ببسم الله الرحمن الرحيم. رواه ابن شعبان من طريق ابن عباس رضي الله عنهما وقوله في الحديث الاخر الذي يروى عن معاوية رضي الله عنه انه كان يكتب بين يديه عليه الصلاة والسلام فقال القي الدواء الدواة وحرف القلم واقم الباء وفرق السين ولا تعور الميم وحسن الله ومد الرحمن وجود الرحيم وهذا وان لم تصح الرواية انه عليه السلام كتب فلا يبعد ان يرزق علم هذا ويمنع الكتابة والقراءة ويمنع ويمنع الكتابة والقراءة. اما الحديثان فلا يصحان بوجه بل هي من الاحاديث الضعيفة التي لا تثبت بعضها لا اصل لها لا تمدوا بسم الله الرحمن الرحيم. يذكره الخطاطون ويعتنون بفنون الكتابة وكيف تمد الحروف وما الذي يصلح فيها المد يعني في الخط وما الذي لا يصلح؟ لكنه لا يصح حديثا مرفوعا بل ذكر السيوطي ان الحديث لا سند له فهو مما لا يعرف له اصل في الرواية الحديث الاخر في حديث معاوية القي الدواة الدواة هي الاناء الذي يوضع فيه الحبر يتخذه الكاتب ليغمس فيه القلم يستمد منه الحبر ليستمر في الكتابة وقوله القي الدواة يعني اصلح مدادها واعتن بصنع الحبر فيها فان الحبر ايضا كانت صنعة وطريقة استعماله في قطن ونحوه من المواد التي تجمع المادة السائلة ثم يصلح غمس القلم فيها ايضا فن خاص يتعاطاه الخطاطون والكاتبون على نحو معين يتعلم قال وحرف القلم يعني المقصود به بري القلم وقطه على سنة يصلح بها الخط عند الخطاط. فقال اعتني بحرف القلم بتحريفه وقطعه على زاوية معينة يستقيم بها الخط للكاتب. قال واقم الباء يعني في بسم الله الرحمن الرحيم وفرق السين يعني بين سناتها لا تعور الميم يعني لا تطمس تجويفها وحسن لفظ الجلالة ومد كلمة وجود يعني واحسن كلمة الرحيم لكنها ايضا مما تفرد به الدينمي في مسند الفردوس وهي من امارات الضعف اذا به دون غيره من دواوين السنة. والحديث في غنى عن ذلك بان العلم بهذه القضايا ليست تنبئ ايضا عن علم دقيق. يقول هذا وان لم تصح الرواية انه صلى الله عليه وسلم كتب. يعني لم يثبت انه امسك قلما وكتب فلا يبعد ان يرزق علم هذا ويمنع الكتابة والقراءة. يعني هل يمكن لانسان لا يتعلم الكتابة؟ ان يتعلم قواعدها وفنونها قال هذا ممكن فنقول ان صح الحديث فاهلا ومرحبا وان لم يصح لم نحتاج الى مثل هذا التكلف. قال رحمه الله تعالى واما علمه عليه السلام بلغات العرب وحفظه معاني اشعارها فامر مشهور. قد نبهنا على بعضه الكتاب. نعم. اما هذا فقد تقدم كثيرا. ووردت جمل عظيمة فيها علمه صلى الله عليه وسلم بلغات العرب وعلم بلغات العرب خاطب بها الوفود والقبائل وكتب بها الرسائل. فكان ايضا هذا مبهرا فان العرب تتفاوت لهجاتها يجاري كل قبيلة بالفصيح من لغتها. وبالعذب من الفاظها ويحفظ معاني الاشعار وهذا ساقه المصنف في فصل في اوائل الكتاب في الحديث عن فصاحته فيما كمل له صلى الله عليه وسلم من الصفات والخلال بابي وامي هو عليه الصلاة والسلام. قال رحمه الله تعالى وكذلك حفظه لكثير من لغات الامم لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث سنة سنة وهي حسنة بالحبشية نعم اخرج البخاري من حديث ام خالد رضي الله عنها قالت قدمت من ارض الحبشة وانا طويرية يعني جارية صغيرة. فكساني رسول الله صلى الله عليه وسلم خميصة لها اعلام. يعني ثوبا مخططا فجعل عليه الصلاة والسلام يمسح الاعلام يعني يجعل بيده الشريفة هكذا على القميص الذي كساها اياه وهو يقول سنة سنة ويروى بتشديد النون ايضا سنة سنة. وهي كلمة حبشية معناها حسن حسن. يعني بلغة ارض قدمت منها للتو. فانها كانت ممن هاجر مع والديها الى الحبشة. فتسمع الكلمات وتعرف العبارة فخاطبها ملاطفة لها وهي صبية صغيرة فقال لها سنة سنة يعني حسنة حسنة يشير الى جمال لبس ما البسها عليه الصلاة والسلام ملاطفة لها ومداعبة لها في في هذا الحال نعم. قال المصنف رحمه الله تعالى وقوله صلى الله عليه وسلم تروا الهرج وهو القتل بها فهو القتل بها يشير بالضمير الى اللغة الحبشية لما ذكر عليه الصلاة والسلام في اشراط الساعة فشو الجهل وارتفاع العلم؟ قال ويكثر الهرج. قيل وما الهرج يا رسول الله؟ قال قتل قال المصنف ايضا ان الهرج من اللغة الحبشية التي تكلم بها عليه الصلاة والسلام. وقد ذكر غير واحد من اهل العلم انها اعربية فصيحة فقيل هي مما اشتركت فيه اللغتان وقيل مما تتواطأ عليه اللغات ايضا وهذا وارد. نعم وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابي هريرة رضي الله عنه اسكند دردم اي وجع البطن بالفارسية. اخرج ابن ماجة في سننه من حديث ابي هريرة رضي الله عنه انه قدم على النبي عليه الصلاة والسلام وفي لفظ انه دخل عليه فوجده يشتكي بطنه يعني ابا هريرة رضي الله عنه فقال له هذه الجملة بالفارسية وهي كذلك اشكمت درد. يعني تشتكي بطنك فان اشكم معناه معناه الوجع للبطن خاصة فقوله اشكم يعني البطن ودرد هو الوجع. فقال جملة بالفارسية والحديث عند ابن ماجة في سننه. وفي اسناده ضعيف. فان صح الحديث ايضا فيه اشارة الى استعمال بعض الجمل ذات الكلمات المعدودات. كما تكلم بالحبشية في كلمة بالفارسية ايضا بكلمتين واشارة الى ما اوتي عليه الصلاة والسلام من بعض كلمات لغات الشعوب الاخرى التي لم انه مكث عندهم ولا تربى بينهم ولا زار بلدانهم عليه الصلاة والسلام قال رحمه الله الى غير ذلك مما لا يعلم بعض هذا ولا يعلم مما لا يعلم بعض هذا ولا يقوم به ولا ببعضه الا من مارس الدرس والعكوف على الكتب ومثافنة ومثافنة اهلها عمرة وهذا رجل كما قال الله تعالى امي لم يكتب ولم يقرأ ولا عرف بصحبة من هذا صفته ولا نشأ بيعه كقوم لهم علم ولا قراءة لشيء من هذه الامور. ولا عرف هو قبل بشيء منها كما قال الله قال الله تعالى وما كنت تتلو من من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك اذا لارتاب المبطلون. هذا نص في كتاب الله انه عليه الصلاة والسلام ما كان قبل الوحي يقرأ كتابا ولا يخطه بيمينه. فمن اين جمعت له هذه العلوم؟ من اين جاءت له عبارات الطب وتعبير الرؤى والحساب والانساب؟ كل ذلك تدرك تماما انها عظمة الوحي الذي اعطاه الله اياه فهي معجزة باهرة اذا. قال مثل ذلك المذكور عنه والثابت عنه لا يقوم به ولا ببعظه من مارس الدرس وعكف على الكتب وجالس اهل العلم. واما نبينا عليه الصلاة والسلام فما عرف عنه شيء من ذلك. يقف هو رجل كما قال الله تعالى امي فهل في القرآن هذا الوصف له عليه الصلاة والسلام نصا بانه امي ليس صريحا لكن الله لما قال اكان للناس عجبا ان اوحينا الى رجل منهم وقد وصف الله العرب فقال هو الذي بعث في الاميين رسولا من انفسهم يتلو عليهم اياته. فاذا كان اميا من امة امية صلى الله عليه وسلم فمن اين فتحت له هذه العلوم الواسعة؟ واوتي مفاتيحها هي المعجزة اذا التي لا تكون الا كذلك. قال ولا في بصحبة من هذه صفته. ولا نشأ بين قوم لهم علم ولا قراءة لشيء من هذه الامور. ولا عرف هو قبل بشيء منها. اذا هي المعجزة الباهرة التي اتاها الله لنبينا عليه الصلاة والسلام. ولا يزال في الفصل بقية مرجئها الى ليلة الجمعة المقبلة ان شاء الله تعالى يا من لشربة حوضه نشتاق وبمدحه تتعطر الاوراق صلى عليك الله حتى تنتهي انوار نجم في السماء براق اتموا ليلتكم بكثرة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم. واعمروا جمعتكم غدا ايضا بكثرة الصلاة والسلام عليه. فمن صلى صلاة صلى الله عليه بها عشرا. فاللهم صلي وسلم وبارك عليه كما تحب ان يصلى ويسلم عليه. اللهم انا نسألك علم من نافع ورزقا واسعا وشفاء من كل داء. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. ربنا اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين. وتقبل منا انك انت السميع العليم. وتب علينا انك انت التواب الرحيم اللهم ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار وصل يا ربي وسلم وبارك على عبدك وحبيبك نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين والحمد لله رب العالمين