بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى والذي اخرج المرعى فجعله غثاء احوى احمد الله تعالى واشكره واستعينه واستغفره واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى ال بيته وصحابته وسلم تسليما كثيرا اما بعد معشر الكرام اخوة الايمان فهذا بيت الله الحرام. وهذه ليلة الجمعة التي ما ان تقبل الا وتقبل معها قلوب المحبين شوقا لنبيهم صلى الله عليه وسلم. ما ان تقبل ليلة جمعة حتى تقبل معها افواه المحبين بالاستكثار من الصلاة والسلام على رسولهم صلى الله عليه واله ان لم وهم يستحضرون مليا قوله عليه الصلاة والسلام اكثروا من الصلاة علي ليلة الجمعة ويوم الجمعة وهم يعلمون تماما ان الاستكثار من الصلاة والسلام عليه حسنات كلها. وخيرات وبركات كلها بل لكل واحد منهم بالصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم عشر صلوات من ربه سبحانه وتعالى صلاة الله على عبده منجاته من الهم وتفريجه من الكرب ورحمته التي تحيط به جل ربنا في علاه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ذكر وشرف وفخر يحوط العبد به نفسه في هذه الليلة ويوم الجمعة يا رب صل على نبيك ما بدا نور الصباح واشرقت افاق يا رب صل على نبيك ما قلب المحب وحنت الاشواق. فاللهم صل وسلم وبارك عليه صلاة وسلاما دائمين ابدا ولم يزل مجلسنا هذا ايها الكرام متتابعا بفضل الله تعالى وكرمه وعونه ومنته. في مدارسة كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله الله عليه وسلم للامام القاضي عياض بن موسى الي حصوبي رحمة الله عليه وما زلنا في فصول الباب الذي خصه المصنف رحمه الله لذكر المعجزات والايات الباهرات التي امد الله بها نبينا صلى الله عليه وسلم. فكانت معجزة تأييد وهي في طياتها تحمل رفعة القدر العظيم. الذي حبى الله تعالى به نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم لان الله عز وجل اصطفاه واجتباه واتاه النبوة وهداه صلى الله عليه وسلم. ثم لم تزل نعم ربه عليه تترى تحيط به ويرتفع بها قدر المصطفى صلى الله عليه وسلم حتى اجتمعت فتواترت وتكاثرت وتتابعت اما ان المعجزات على تعدد انواعها ما زلنا في فصولها من مجالس كثيرة. ووقف بنا الحديث عند معجزة عظيمة الا ذكرها في عداد معجزاته عليه الصلاة والسلام. وهي من اعظمها واظهرها واكبرها دلالة على نبوته عليه الصلاة والسلام هي معجزة العلم الذي فتحت له ابوابه صلى الله عليه وسلم العلم الذي تجاوز حدود الوحي والشريعة والحلال والحرام وما جاء به الدين الى ما اتاه الله عز وجل علمه من العلوم الاخر الذي يعكف عليه البشر في تحصيله ومدارسته وتعلمه. كعلم الطب والنسب وعلم فرائض وتعبير الرؤى وغير ذلك مما ساق فيه المصنف رحمة الله عليه الوانا وفصولا وفيه جمل من الاحاديث المرفوعة في هذا الباب كل جملة منها تدل على معنى عظيم من معاني العلم الذي فتح الله فيه ابوابه لنبينا صلى الله عليه واله وسلم. وهو القائل له سبحانه وتعالى وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فظل الله عليك عظيما. وقف بنا الحديث في ختام هذا الفصل فيما ساقه المصنف رحمه الله لبيان عظم هذه المعجزة في حق نبينا عليه الصلاة والسلام. ان كان اميا بعثه الله تعالى على غير في عهد منه بالقراءة والكتابة. وها هنا تعظم معجزة العلم في حقه عليه الصلاة والسلام. وذلك لان الواحد من بني ادم اذا كان متعلما وعرف بتحصيل العلم ثم ارتقى في مراتبه حتى تبوأ في العلم امامة العلماء سيوصف بانه عالم ومهما اتسع علمه سيزداد قدره في اعين الناس تعظيما واجلالا هكذا هو الشأن في حياة الناس ونظرتهم الى العلماء من بني ادم. يزداد عجبك بعلم العالم اذا رأيت انواع مع علمه ومعارفه تتسع فيحيط مع العلوم علوما اخر ويجمع الى علم فنا واخر حتى تتسع عنده العلوم. هكذا يقاس علم لما وهكذا تعظم اقدارهم في عيون الناس. فكيف اذا كان مع هذا كله اعني مع تنوع العلوم دعت المعارف والاحاطة بابواب شتى من العلم. كيف اذا كان مع ذلك صاحبه ليس له عهد بقراءة ولا كتابة ولا درس ولا تحصيل ولا جلوس الى اهل العلم ولا ما يتعاطاه الناس في سبيل تحصيل العلم فان هذا ولا شك يضاعف الايمان بعظمة هذه المعجزة التي اتاه الله اياها عليه الصلاة والسلام. وقف الحديث عند قول المصنف رحمه الله الى غير ذلك مما لا يعلم بعض هذا ولا يقوم به ولا ببعضه. الا من مارس الدرس والعكوف على الكتب. ومثافنة اهلها عمره نعم بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين قال المصنف رحمه الله تعالى فصل في معجزاته صلى الله عليه وسلم فيما جمع الله له من المعارف والعلوم الى ان قال الى غير ذلك مما لا يعلم بعض هذا ولا يقوم به ولا ببعضه الا من مارس الدرس والعكوف على الكتب ومثافنة اهلها عمره. يقصد بالمثافنة هنا الملازمة المحيطة الشديدة. والعكوف الذي يتصل صاحبه ملازمة ومجالسة ودرسا وتحصيلا. ظرب امثلة لانواع من العلوم مر عرظها في مجالس سابقة يقول تلك العلوم بل بعض تلك العلوم لا يمكن بلوغه عند ابن ادم من التعلم الا بصرف العمر والوقت وثني ركب عند العلماء والجلوس اليهم وقراءة الكتب والدراسة. لا يبلغ لا يبلغ به ولا ببعضه الا من ما الدرس والعكوف على الكتب ومثافنة اهلها يعني مزاحمتهم ومجالستهم وملازمتهم ملازمة طويلة عمره حتى يبلغ ذلك المبلغ من العلم. نعم وهو رجل كما قال تعالى امي لم يكتب ولم يقرأ ولا عرف بصحبة من هذه صفته. ولا نشأ بين قوم ان لهم علم ولا قراءة لشيء من هذه الامور. ولا عرف هو قبل بشيء منها. قال تعالى وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك اذا لارتاب المبطلون. وهو رجل كما قال الله تعالى لا امي لم يكتب ولم يقرأ وقد وقع خطأ في الدرس الماظي في اواخره ذكر ان الله لم يذكر وصفه بالامي في القرآن لكنه وصف العرب. ثم ذكر بعض الاخوة تعقيبا جزاهم الله خيرا في ختام الدرس المنصرم انه جاء النص على ذلك في اكثر من اية. في مثل قوله تعالى في سورة اعراف الذين يتبعون الرسول النبي الامي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل. وقوله سبحانه امنوا بالله ورسوله النبي الامي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون. فجزاهم الله خيرا وصفه الله بالامي الذي لم يقرأ ولم يكتب. ووصف قومه بالاميين هو الذي بعث في الاميين رسولا منهم يتلو عليهم اياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة. وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين. فنبينا صلى الله عليه سلم الذي ما عرف بمدارسة ولا قراءة ولا كتابة قال ولا عرف بصحبة من هذه صفته ايضا لم يعهد انه في مرحلة نشأته بمكة عليه الصلاة والسلام انه كان ملازما لمن كان معروفا بالعلم او التحصيل او مجالسا له فالسؤال. اذا فمن اين اتاه ذلك العلم الواسع ومن اين اوتي عليه الصلاة والسلام تلك العلوم والمعارف على اتساع انواعها وسعة ابوابها؟ ليس الا ان تقول هو الوحي الذي امده الله تعالى به. اذا هي معجزة ان فتحت له ابواب تلك العلوم معجزة من الله سبحانه وتعالى قال ولا نشأ بين قوم لهم علم ولا قراءة لشيء من هذه الامور ولا عرف هو قبل بشيء منها ثم استدل قول الله سبحانه وما كنت تتلو من قبله من كتاب من قبله يعني من قبل نزول القرآن من قبل الوحي والنبوة وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك اذا لارتاب المبطلون. يعني لو كان كذلك وعرف عنه القراءة والكتابة لكانت ريبة عند بعض قومه من اهل الباطل انه انما اتى بهذا القرآن والوحي لما قرأ او كتب ومما اتى به من علوم الامم ووحي الشعوب. لكن الله عز وجل حماه وجعل امنيته صلى الله عليه وسلم مبالغة في الاعجاز الدال على نبوته صلى الله عليه وسلم انما كانت غاية معارف العرب النسب واخبار اوائلها والشعر والبيان. وانما حصل ذلك لهم بعد التفرغ لعلم ذلك والاشتغال بطلبه ومباحثة اهله عنه وهذا الفن نقطة من بحر علمه صلى الله عليه وسلم. يعني ارأيت علم العرب؟ فان العرب الامة الامية التي لم تكن تقرأ ولا تكتب تدري ما حدود العلم الذي كانت تشتغل به كان حدود علمها النسب واخبار اجدادهم وابائهم ومعرفة الشعر والبيان هذه بضاعتهم لانها امة لسان ويحصل لهم العلم بالنسب والشعر واخبار الاباء والاجداد بالتفرغ والتصدي لذلك. واحدهم لا يسمى نسابة الا اذا ارتحل وحفظ النسب وقابل الكبار والتقى بالاجداد وعرف الانساب ولا يعرف ايضا بشيء من ذلك العلم بسعة الرواية في الشعر الا اذا ارتحل وسمع الشعار وروى عنهم وحفظ وانتقل من مكان الى مكان حتى الذي كانت العرب لا تتجاوز حدوده ما كان يحصل لها الا بتفرغ وانتظام وبحث عنه واشتغال بطلبه ومباحثة اهله عنه يقول المصنف هذا الفن نقطة من بحر علمه صلى الله عليه وسلم الذي كانت العرب تفني اعمارها في تحصيله ثم تجتهد وتبذل الاسباب لبلوغه لم يكن هذا كله بالنسبة الى ما اوتي صلى الله عليه وسلم من العلم الا قطرة تنفي بحر فاين انت عن اخبار الامم نوح وعاد وثمود وقوم شعيب واين انت عن اخبار الاوائل وقصة بداية الخليقة ادم عليه السلام. وزوجه حواء وابليس لعنة الله عليه اين انت عن خلق السماء والارض وما قبل ذلك؟ اين انت عن مراحل الخلق وعلم الغيب؟ وتكوين الانسان منذ وان كان نطفة حتى تم خلقه واكتمل. اين انت؟ عن علم ما يكون في الحياة وبعد الممات. اين انت؟ عن علم ما كون في العالم الاخر في البرزخ ثم في النشور والبعث والحساب اي علم هذا؟ ومن الذي سيتعلمه؟ ومن اين اذا اراد ان يتعلمه سيتعلمه؟ تلك العلوم على سعاتها. ناهيك كعن علوم البشر كالطب والحجامة وما يتعلق به حاجتهم من تعبير الرؤى وعلم الفلك والحساب. كل ذلك من اين اوتيه صلى الله عليه وسلم هذا كله يقودك الى جواب عظيم. يمتلئ به قلب اهل الايمان ايمانا بنبيهم صلى الله عليه وسلم واثباتا لمعجزة عظيمة امده الله تعالى بها هي معجزة العلم. الذي وسع الله فيه مداركه. واتاه مفاتيحه عليه الصلاة والسلام فبلغ في مراتب العلم مبلغا ما يبلغه بشر لتعلمه ولا بدراسته ولا بعقله ولا حذقه ولا بسفره ولا بارتحاله. هذا علم لا يؤتى ببذل اسباب من قبل البشر. لكنه علم يهبه رب البشر سبحانه لمن شاء من عباده ولمن اصطفى من الانبياء والرسل عليهم وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام. كل ذلك تمهيد لما سيقوله المصنف الان رحمه الله من شبهة وفرية اثارها العرب الاوائل. في الوحي الذي نزل على رسول صلى الله عليه وسلم والقرآن الذي عجبت له العرب وانسحرت له البابهم وائتسرت له قلوبهم ثم ما وجدوا فرية يدفعون بها عظمة ما جاء به من الوحي والعلم والقرآن والدين. الا ان يتهموه عليه الصلاة والسلام بانها اساطير الاولين اكتتبها. فهي تملى عليه بكرة واصيلا. وانه ساحر وكذاب وشاعر كل ذلك مقاومة لما لا سبيل لهم ولا قبل لهم بدفعه ولا مجاراته ولا محاولة شيء من المضاهاة مما جاء به عليه الصلاة والسلام فكانت حيلة العاجز وبضاعة الكاسد الذي لا يمكن ان يقف لحظة امام عظمة ما اتاه الله عز وجل من العلم العظيم والوحي المبين والقرآن والشريعة التي بعثه الله تعالى بها فصلى الله عليه واله وسلم ولا سبيل الى جحد الملحد لشيء مما ذكرناه. ولا وجد الكفرة حيلة في دفع ما نصفناه الا قولهم اساطير الاولين. وقولهم انما يعلمه بشر. نعم. هذه هي الهرية قالوا اساطير الاولين حتى اذا جاءوك يجادلونك يقول الذين كفروا ان هذا الا اساطير الاولين. فاذا جاءوا في المحاجة اذا جاءوا في اثبات ما عندهم اذا ارادوا دفع الحق والنور الذي عميت به ابصارهم وشرقت به حلوقهم قالوا اساطير الاولين واذا ارادوا المكابرة على كفرهم والاصرار على باطلهم قالوا انما يعلمه بشر كل هذا لما اذعنت به قلوبهم واستنكفت عنه نفوسه من الايمان بصدق رسالته صلى الله عليه واله قالوا اساطير الاولين. هذه مقولة النظر ابن الحارث. فانه قد جاء في القرآن في غير ما موضع قولهم في رميه عليه الصلاة والسلام ان هذا الا اساطير الاولين قائل هذه المقالة هو النظر ابن الحارث العبدلي من بني عبد الدار. فانه كان يقول بمكة ان القرآن قصص من قصص الماضين. وكان النظر هذا قد اتى بلاد الحيرة في شمال الجزيرة العربية وتعلم قصص ملوك الفرس واحاديث رستم واسفنديار. فكان يقول لقريش لما ينزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويسمعهم الان اية تلو الاية والسورة بعد السورة التي تقرع الالباب وتهز القلوب وتحرك مكامن الايمان في النفوس كان في مدافعة هذا الحق فرية منه واعتداء كان يقول انا والله يا معشر قريش احسنوا حديثا من محمد. فهلم فيجتمعون حوله في ظل يلقي عليهم قصص ملوك الفرس واخبار العرب وقصص الماضي يريد ان عنده ما محمد صلى الله عليه واله وسلم فكان يقول في القرآن هو اساطير الاولين. يقول ابن عباس رضي الله عنهما كل ما اذكر فيه اساطير الاولين في القرآن؟ فالمقصود منه قول النضر ابن الحارث. فانه صاحب هذه المقولة التي اصبحت مذكورة في القرآن فرية تدفع وتروى على السنة عرب قريش بمكة في مدافعتهم لرسول الله عليه الصلاة والسلام. قوله هم اساطير الاولين يعني قصص الاولين. واخبار الماضيين التي تتلقاها الافواه وينقلها كل احد. يعني ما جاء جديد وهم يسمعون ان في الوحي ما هو اعظم من قصص الماضيين واخبار السابقين. وهم يعلمون ان في ايات القرآن ما يسحر الالبان فصاحة وبلاغة واعجازا لكنها المكابرة. فيقولون اساطير الاولين وهذا محمد استنسخها ورواها وجاء ينقلها كما يفعل غيره من رواة الاخبار. يقول المفسرون وهم يروون هذا في سياق الايات التي تحكي مقولة كفار قريش هذا القول منهم في وصف القرآن بانه اساطير الاولين فيه عدة عظائم منها رميهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو ابر الناس واصدق الناس عليه الصلاة والسلام رميه بالكذب والجرأة العظيمة. حاشاه فداه ابي وامي والناس اجمعين. عليه الصلاة والسلام ومن عظائم هذه الفدية اخبارهم عن هذا القرآن الذي هو اصدق الكلام واعظمه واجله اطلاقا بانه كذبة وفرية جاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا. ايضا ومن عظائم فريتهم هذه ان في ضمن ذلك دعوة قدرتهم على الاتيان بمثله. لان المضاهاة بما يأتيه المخلوق من كل وجه ممكن ليس مستحيلا ومن علمهم بحال نبينا صلى الله عليه وسلم بمكة قبل النبوة وانه لم يكتب ولم يقرأ وانه لم في مرحلة نشأته ولا صباه ولا شبابه ما اجتمع بمن يعلم القراءة والكتابة ولا عرف عنه التردد الى المجالس ولا المدارس ولا الرواية والتحصيل. فقولهم اساطير الاولين كذبة هم اعرف الناس بانها كذب قبل غيرك قالوا انما يعلمه بشر سبحان الله فاي بشر هذا الذي يملك كل تلك العلوم التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كانوا محقين لعرف هذا المعلم بل لو كان هذا المعلم موجودا لكان اولى بالنبوة منه عليه الصلاة والسلام ان كان محمد صلى الله عليه وسلم اتى بهذا العلم من بشر فارتقى فاصبح نبيا يشار اليه وتدين له النفوس بالايمان فاولى بمعلمه الذي علمه ان يكون هو المتبوء لتلك المنازل. لكنه الباطل الذي لا يثبت ابدا. ولا يمكن ان يبقى ولقد نعلم انهم يقولون هكذا يصف الله الفدية في القرآن. ولقد نعلم انهم يقولون دون انما يعلمه بشر وسيأتي المصنف رحمه الله بعد قليل بالخلاف في اسم هذا البشر الذي زعمته قريش. اي انسان هو؟ قيل هو غلام الفاكهة ابن المغيرة واسمه جبر كان نصرانيا فاسلم، وكانوا اذا سمعوا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ما يأتي به من الوحي وما هو ماض وما هو ات مع انه امي؟ قالوا انما يعلمه جبر وجبر هذا غلام اعجمي يقول الله عز وجل لسان الذي يلحدون اليه اعجمي. وهذا لسان عربي مبين. فكيف يستقيم ان يتعلم من اعجمي ما ينطق به في غاية الفصاحة والبيان قرآنا عربيا لعلهم يعقلون وقيل ايضا اي كيف يعلمه جبر وهو اعجمي؟ ثم ان الانس والجن لم يستطيعوا معارضة سورة واحدة منه فما فوقها يرى النقاش ان مولى جبر سيده قيل هو الفاكه بن المغيرة وقيل غيره كان يضربه بمكة ثم يقول له انت تعلم محمدا فيقول لا والله بل هو يعلمني ويهديني وحكى بن اسحاق ايضا في سيرته كان النبي صلى الله عليه وسلم فيما بلغني كثيرا ما يجلس عند المروة الجبل الذي يسعى فيه الناس الى اليوم. قال كان يجلس عند المروة الى غلام نصراني يقال له جبر عبد بني الحضرمي وكان هذا الغلام يقرأ الكتب فقال المشركون والله ما يعلم ما يعلم محمدا ما يأتي به الا جبر النصراني وقال عكرمة ايضا انما كان اسم هذا الغلام يعيش وهو عبد لبني الحضرمي كان النبي صلى الله عليه وسلم يلقنه وذكر الثعلبي عن عكرمة وقتادة انه غلام لبني المغيرة واسمه يعيش كان يقرأ الكتب الاعجمية قالت قريش انما يعلمه بشر وقال ايضا في رواية عن عكرمة انه غلام لبني عامر ابن لؤي. وقال بعضهم انما هو غلام اسمه يسار واخر اسمه جبر وكان النبي عليه الصلاة والسلام ربما مر بهما او ترددا على احدهما. ويقال كان يعملان السيوف بمكة وكانا يقرأان كتابا لهم يقرأان التوراة والانجيل. فكان النبي صلى الله عليه وسلم ربما مرة وبهما وسمع قراءتهما وكان المشركون يقولون هذا محمد يتعلم منهما. فانزل الله هذه الاية واكذبهم وقيل بل المقصود سلمان الفارسي رضي الله عنه قاله الضحاك وقيل نصراني بمكة اسلم قبل الهجرة واسمه بلعام كان غلاما يقرأ التوراة وقيل كان ليقال له ابو ميسرة رجل رومي يأتي بمكة ويعمل بها كل ذلك من اجل دفع اثبات ان القرآن حق وانه كلام الله. وهم اول من يعلم كذب مقولتهم تلك. لانهم اول من يشعر بعظمة ما يسمعون من القرآن الذي ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وانه ليس بكلام انسان وليست الجمل فيه والايات والسور ليست من نظم البشر ولا من عبارات بني ادم لكنه كلام الله جل جلاله يقول الله عز وجل حكاية عنهم انما يعلمه بشر. قال الله لسان الذي يلحدون اليه اعجمي وهذا لسان عربي يقول الامام الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره هذا الكلام يعني قولهم اساطير الاولين يقول هذا الكلام لسخافته وكذبه وبهتهه منهم كل احد يعلم بطلانه فانه قد علم بالتواتر وبالضرورة ان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يعاني شيئا من الكتاب لا في اول عمره ولا في اخره. وقد نشأ بين اظهرهم من اول مولده الى ان بعثه الله نحوا من اربعين سنة وهم يعرفون مدخله ومخرجه وصدقه وبره وامانته ونزاهته من الكذب والفجور وسائر الاخلاق الرذيلة حتى انهم لم يكونوا يسمونه في صغره الا الصادق الامين صلى الله عليه وسلم لما يعلمون من صدقه وبره فلما اكرمه الله بما اكرمه به نصبوا له العداوة بهذه الاقوال التي يعلم كل عاقل براءته منها. ثم حاروا ماذا يقذفونه به فتارة يقولون ساحر وتارة يقولون شاعر وتارة يقولون مجنون وتارة يقولون كذاب. قال الله عز وجل انظر كيف ضربوا لك فظلوا فلا يستطيعون سبيلا. لا يمكن ان يهتدي احدهم الى طريق يطعن فيه بنبوة لله صلى الله عليه وسلم يا قوم هذا مقام حفظه الله لنبينا عليه الصلاة والسلام. النبوة والرسالة. والله ما افلح طاعن فيها في اول الامر ولا في اخره منذ ان انزل الله عليه الوحي وشرفه بالنبوة واصطفاه صلى الله عليه وسلم عاداه الحساد وكاد له تدوم واجتمعوا بالفراء والكذب والاباطيل للتهم والقذف في عرضه عليه الصلاة والسلام ومحاولة الاعتراض على سبيل دعوته. فما افلح في اقوى ما يكونون. في نشأة الاسلام. وفي مهد النبوة وفي مطالع الوحي. افيفلح وكذاب ومعتد ومفتر اليوم للطعن في نبوته صلى الله عليه وسلم انما الذي يعنينا نحن امة الاسلام ان نزداد تمسكا بيقيننا انه رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذا القرآن لا وهو يحكي هذه الاباطيل وهذه الافتراءات والاكاذيب. يحكيها القرآن وهو يرد عليها. ويفندها ويظهر بطلانها ليزداد الذين امنوا ايمانا. ويزداد الذين اهتدوا هدى. لتثبت قلوب اهل الاسلام. وتثبت قلوب اهل الايمان فيما هم عليه من اليقين برسالته عليه الصلاة والسلام. والايمان بنبوته صلى الله عليه وسلم وبما بعثه الله تعالى به من القرآن والدين والعلم والوحي الذي اكرمه الله تعالى به. قال الله عز وجل لسان الذي يلحدون اليه اعجمي وهذا لسان عربي مبين. نعم فرد الله قولهم بقوله لسان الذي يلحدون اليه اعجمي وهذا لسان عربي مبين ثم ما قالوه مكابرة العيان فان الذي نسبوا تعليمه اليه اما سلمان سلمان الفارسي او العبد الرومي وسلم انما عرفه بعد الهجرة ونزول الكثير من القرآن وظهور ما لا ينعد من الايات هي سوق المصنف رحمه الله تعالى الان جملا في تفنيد هذه الفريا ورد هذا الباطل الذي تضمنته الاية في حكاية قولهم اساطير الاولين انما يعلمه بشر ونحو هذا. قال ان الذي نسبوا تعليمه اليه اما الفارس او العبد الرومي سواء سمي في بعض الروايات بيعيش او سمي بجبر او بيسار او غير ذلك يقول اما سلمان الفارسي فما عرفه عليه الصلاة والسلام ولا التقى به الا بعد الهجرة. فهذا من ابطل الباطل. ومن اضعف اقوال التي تساق في مثل هذا السياق. يقول بعد الهجرة ونزول الكثير من القرآن وظهور ما لا ينعد من الايات اذا سلمان ما اتى الى النبي عليه الصلاة والسلام الا بالمدينة. وما التقى به الا هناك والاية مكية. لسان الذي يلحدون اعجمي. فالمقصود هنا بالاعجمي بعيد ان يكون المقصود به سلمان. فان قريشا بمكة ما عرفت سلمان رضي الله عنه. فهو وما اتى ولا لحق بالاسلام الا بالمدينة. فالغالب ان يكون المقصود بعض النصارى الذين سيسوق المصنف هنا بعض من ذكر عنه ان انه هو باسمه نعم واما الرومي فكان اسلم وكان يقرأ على النبي صلى الله عليه وسلم. واختلف في اسمه وقيل بل كان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس عنده عند المروة. نعم قيل هذا الرومي انه كان اسلم وكان يقرأ على النبي عليه الصلاة والسلام عن اختلاف في اسمه وسيسوق المصنف هنا بعض الاسماء التي سيقت في هذا قال وقيل بل كان يجلس عنده عند المروة قال وكلاهما اعجمي اللسان من هما سلمان الفارسي ان قيل هو المقصود لسان الذي يلحدون اليه اعجمي او قالوا يعلمه بشر او ان يكون المقصود ذلك العبد الرومي على اختلاف شديد في اسمه كما سيأتي. يقول كيف يمكن ان تقبل؟ هب اننا صدقنا اه انه تعلم هذا العلم من سلمان او من هذا الغلام الرومي افتعلمه منهم بالعربية ام بالفارسية بالعربية ام بالرومية فان الذي اتى به صلى الله عليه وسلم ليس بمجرد العربية فقط بل بارقى فصاحت العرب وبلاغة العرب وبيان العرب افيتعلم مثل هذا من عبد فارسي؟ او من رومي ربما كان بينه بمكة لا يقيم لسانه العربية ولا يحكيها بين العرب فانى يقبل عاقل هذه الفدية لكنه هو هكذا دوما. لجج الباطل واباطيله التي تساق في ابطال الحق. اوهى من بيت العنكبوت في غاية الضعف وفي غاية الافتظاح والانكشاف يحكمون هذا القول ثم يسوقونه بين الناس ويروجونه بينهم بمكة اضعافا لرسالته زعموا صلى الله عليه وسلم ورغبة في حجب النور الذي اتى به صلى الله عليه وسلم. ورغبة في صد الناس عنه. وانفضاض البشر عن وعن القرآن الذي جاء به عليه الصلاة والسلام. نعم وكلاهما وكلاهما اعجمي اللسان وهم الفصحاء اللد والخطباء اللسن قد عجزوا عن معارضة اتى به والاتيان بمثله بل من فهم بل عن فهم رصفه وصورة تأليفه ونظمه فكيف باعجمي الكن؟ يقول وهم عرب فصحاء لد يعني في غاية الفصاحة التي ورثوها بالعربية وهم اقحاح. قال وهم طباء لسم احدهم لسن اذا تكلم ما جاره احد. واذا انشد الشعر وقفوا له احتراما. واذا تكلم بالكلام والبيان كان له من الجزالة في اللفظ وروعة البيان وقوة الكلام. ما يمكن ان يكون مشهود اللوم بكثير من احادهم يقول وهم كذلك عجزوا عن معارضة ما اتى به عليه الصلاة والسلام. والاتيان بشيء يماثل القرآن بل يعجزون عن فهم وصفه وصورة تأليفه ونظمه وهم عرب. فكيف باعجمي الكن؟ ايبلغ يعيش للنصراني او جبر او سلمان الفارسي او غيرهم ممن نسب اليه انه علم محمدا صلى الله عليه وسلم. بالله ماذا يعلمه؟ ايعلمهما عجزت العرب عنه وهم عرب ايأتي اعجمي فيعلموه به؟ سبحان الله! لكنه الباطل كما قلت مرارا. اذا قاوم الحق فكأنما ما غربال يريدون به حجب نور الشمس. ويأبى الله عز وجل الا ان تكون حجج المبطئين واهية. وان تكون ادوات الصادين عن سبيله والمفسدين من البشر دوما على مر الزمان في غاية الضعف والذل والهوان من الله عز وجل حكمة وتقديرا لنصر دينه وعباده واوليائه. نعم قد عجزوا عن معارضة ما اتى به والاتيان بمثله بل عن فهم رصفه وصورة تأليفه ونظمه فكيف باعجمي الكن نعم وقد كان سلمان او بلعام الرومي او يعيش او جبر او يسار على اختلافهم في على اختلافهم في اسمه بين اظهرهم يكلمونهم مدى اعمارهم. فهل حكي عن واحد منهم شيء من مثل ما كان يجيء به محمد عليه السلام عليه الصلاة والسلام. انظر كيف الان يتدرج المصنف رحمه الله ويتنزل مع هذه الفدية والتي في تفنيدها ودفعها مرحلة بعد مرحلة من البداية اثبتنا ان هذه المقولة لا يمكن ان تثبت ولا ان يقر لها قرار كيف ينسب قرآن فصيح عربي مبين؟ الى قوم اعاجم احدهم لا يقوى على فهم القرآن فظلا عن ان يعلم النبي عليه الصلاة والسلام طرفا من ذلك القرآن العظيم يقول وقد كان سلمان او بلعام الرومي او يعيش او جبر او يسار قيل يعيش غلام حويط بن عبدالعزى وقيل جبر غلام الفاكهة بن المغيرة ويسار وغيرهم على اختلافهم في اسمه قد كانوا بين اظهرهم سنتنزل معكم لنقول والخطاب لاصحاب الفدية من قريش وغيرهم هب اننا صدقنا ان محمدا صلى الله عليه وسلم فعلا جاء بهذا الوحي ممن كان يجالسهم من اولئك القوم من من النصارى الذين كانوا قد قرأوا التوراة والانجيل. السؤال يقول هؤلاء الذين زعمتم انه عليه الصلاة والسلام تعلم منهم. الم يكونوا بين اظهرهم بمكة اما عاشوا بينهم كانوا يكلمونهم مدى اعمارهم فهل حكى واحد من كفار قريش؟ انه سمع من يعيش او من جبر او من يسار او من سلمان انه سمع منه شيئا من مما كان اتى به النبي صلى الله عليه وسلم من الوحي والقرآن العقل يقتضي ان تقول هذا انسان وهذا امرؤ تزعم انه هو الذي اتى بهذا القرآن لمحمد عليه الصلاة والسلام حكم عقلك ان كان هذا قد اتى به وقد عاش بين اظهركم سنوات طويلة هل سمعتم منه مرة جملة واحدة تشابه ما يأتي به النبي عليه الصلاة والسلام من القرآن فان لم يكن كذلك فاي وجه لربط الوحي والقرآن بعظمته وجلالته وبلاغته كيف هو وجه الربط لما يتكلم به عبد رومي او فارسي لا يحسن العربية اعجمي الكن هذا على سبيل التنزل وهو من المصنف رحمه الله تدرج في رد الباطل والفرية على سبيل التنزل معهم خطوة بعد خطوة نعم وهل عرف واحد منهم بمعرفة شيء من ذلك يقول القرطبي رحمه الله تعالى وهو يحكي تلك الاقوال في اسم هذا الرجل الذي نسب الى النبي عليه الصلاة والسلام انه تعلم منه القرآن. يقول القرطبي رحمه الله قيل عداس غلام عتبة بن ربيعة وقيل عابس غلام حويضب بن عبد العزى ويسار ابو فكيهة مولى بن الحظرمي وكان قد اسلم يقول قلت والكل محتمل. فان النبي صلى الله عليه وسلم ربما جلس اليهم في اوقات مختلفة ليعلمهم اعلمه الله وكان ذلك بمكة. هذه الاقوال ليست بمتناقضة. قال النحاس لانه يجوز ان يكونوا اومأوا الى هؤلاء جميعا وزعموا انهم يعلمونه. يقول المصنف رحمه الله في التنزل الثاني هل عرف واحد منهم بمعرفة شيء من ذلك هل كان معروفا عن سلمان او يعيش او عن جبر او يسار او بلعام انه كان معروفا بينهم بهذه الاقاويل وتلك الجمل والقصص والاخبار والعبارات التي جاء بها القرآن وتحدث بها النبي صلى الله عليه وسلم لما اوحى الله اليه ايظا هي دعوة الى احكام العقل والمنطق في تفنيد مثل هذه الفدية الا يصدقها قائلها فظلا عن سامعها. نعم وما منع العدو حينئذ على كثرة عدله ودؤوب طلبه وقوة حسده ان يجلس الى هذا فيأخذ عنه ايضا ما يعارض به هذا تنزل ثالث. هب انكم وجدتم ان بلعام او يعيش او جبرا او سلمان او غيرهم كانوا فعلا يملكون من مثل تلك القصص التي في القرآن. وكان عندهم طرف من هذا العلم العظيم الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم في القرآن. الان قريش التي سلكت كل السبل لمعاداته عليه الصلاة والسلام بمكة. واعلنت الحرب والعداوة على مدى ثلاث عشرة سنة اكان يعجز قريشا التي جربت كل الوسائل وحاولت كل المحاولات اما كان من المنطق ان تذهب قريش او بعضها الى هؤلاء الذين زعموا انهم مصدر العلم الذي يأتي به محمد صلى الله عليه وسلم. فليأخذوا منهم ما يستطيعون به معارضة القرآن اليس هو المصدر لما يأتي به الرسول عليه الصلاة والسلام من القرآن فليذهبوا اليه اذا اما تحداهم عليه الصلاة والسلام عن مجاراة القرآن والاتيان بمثله. وبسورة وبعشر سور من مثله. فلما لم يذهبوا اليهم اذا ويأخذ عنهم بعض الجمل والسور والايات ويثبت بها تحديهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم. لم لم يفعلوا؟ الجواب انهم اول من يدرك ان هؤلاء لاعلم عندهم ولا شيء لديهم ولا يمكن ان يلتمس عندهم شيء من ذلك قال وما منع العدو حينئذ على كثرة عدده ودؤوا بطلبه وقوة حسده ان يجلس الى هذا فيأخذ عنه ايضا لا يعارض به ويتعلم منه ما يحتج به على شيعته. نعم ويتعلم منه ما يحتج به على شيعته كفعل النضر ابن الحارث بما كان يمخرق به من اخبار كتبه طبق لكم في ان صدر المجلس ما يذكر عن النظر ابن الحارث هذا فانه كان يقول يا قريش هذا محمد ياتيكم بقصص ماضين وانا احسن حديثا منه فهلم الي فربما جلس واجتمعوا اليه يحكي لهم من اخبار رستم واسفنديار وملوك الفرس وقصص حروبهم واخبارهم وشيئا من مسامير والاباطيل التي تعلمها لما ارتحل وجاوره في بلاد الحيرة ونحوها. يزعم انه ليس شيء مما يأتي به رسول الله ا صلى الله عليه وسلم من الوحي شيء زائد عن تلك القصص والاخبار. فكان النضر ابن الحارث يفعل ذلك رغبة في مضاهاة ومجاراة ومعارضة القرآن. السؤال فان كان هذا النصراني موجودا بينهم بمكة. فلما لم يذهبوا اليه ويأخذوا منه ما اخذ منه محمد صلى الله عليه وسلم كما زعموا وحاشاه عليه الصلاة والسلام. هذا اذا مزيد لاظهار بطلان المقولة التي تشبثوا بها. نعم ولا غاب النبي صلى الله عليه وسلم عن قومه ولا كثرت اختلافاته الى بلاد اهل الكتاب. فيقال له استمد منهم بل لم يزل بين اظهرهم يرعى في صغره وشبابه على عادة ابنائهم ثم لم يخرج عن بلادهم الا في سفرة او سفرتين لم يطل فيهما مكثه. مدة يحتمل فيها تعليم القليل فكيف الكثير؟ نعم هذا جواب رابع. يقول هب انه لم يتعلم من هؤلاء لكنه تعلم خارج مكة. يقول لم يكن عليه الصلاة والسلام طيلة حياته اربعين سنة من عمره قبل النبوة ما غاب عن قومه ولا كثرت اختلافاته الى بلاد اهل الكتاب. ما عرف انه سافر حتى يقال سافر فالتقى ببعض النصارى والاحبار رهبان وتعلم بعض الجمل فجاء بها قال ولا يقال استمد منهم بل لم يزل بين اظهرهم يرعى في صغره وشبابه رعى الغنم عليه الصلاة والسلام كما يفعله عادة ابنائهم بمكة انذاك قال ثم لم يخرج عن بلادهم الا في سفرة في سفرة او سفرتين يشير الى خروجه في قصة التجارة مر بتجارة خديجة ومرة اخرى في صحبة عمه ابي طالب ثم في كلتا السفرتين لم يطل فيها مكثه. بل في احداهما رجع من الطريق لما تنبأ به بعض احبار النصارى انه النبي الذي سيبعث اخر الزمان فخوفهم عليه الا تمكر به اليهود او صار فرجعوا به وكل ذلك هب انه وصل بلاد الروم ونزل بها للتجارة ونحوها. لم تكن المدة التي قضاها مدة تسمح بتعلم القليل فكيف بالكثير هب انه فعلا في تلك الرحلة لقي بعض النصارى والاحبار والرهبان واخذ منهم بعض العلوم والقصص والاخبار كم الذي يمكن ان يجمعه في رحلة كتلك اهو بمقدار ما جاء في القرآن في ثلاثين جزءا ومائة واربع عشرة سورة في كل سورة عدد من الايات في كل اية تحد واعجاز عجزت البشرية بل الانس والجن منذ ان نزل القرآن الى اليوم عن مضاهاته والاتيان بمثله ايعقل هذا كل ذلك تفنيد لهذه الشبهة والفرية التي سطرها القرآن قالوا انما يعلمه بشر. نعم بل كان في سفره في صحبة قومه ورفاقة عشيرته لم يغب عنهم ولا خالف حاله مدة مقامه بمكة فمن تعليم واختلاف الى حبر او قص او منجم منجم او منجم او كاهن بل لو كان هذا بعد كله لكان مجيء ما اتى به في معجز القرآن قاطعا لكل عذر ومدح ولكل حجة ومجليا لكل امر. يقول ثم انه كان حتى في اسفاره تلك. ورحلته عليه الصلاة والسلام لم يكن وحده لم يكن منفردا منعزلا فيقال غاب عنا شهرا ثم عاد الى مكة كان بصحبتهم لما سافر وكانوا يحيطون به ما غاب عنهم وكان حاله في سفره لا يخالف حاله بمكة وهو بمكة لم يعرف عنه كما قلنا لا ولا كتاب ولا تعلم ولا تعليم ولا درس ولا جلوس الى استاذ. وفي سفره كان حاله هو حاله الذي كان عليه بمكة لم يختلف الى حبر او قس او كاهن او منجم حتى تقول ربما كان في جلسته التي التقى وفيها الكاهن او الحبر او المنجم ربما تعلم شيئا. ثم يقول المصنف في ختام هذا التفنيد لتلك الشبهة والفرية الباطلة بل لو كان هذا بعد كله حتى لو افترضنا ان كل ذلك وقع وانه كان يجلس الى جبر ويعيش وبلعان وتعلم منه. وانه سافر الى بلاد النصارى فلقي بعض الرهبان والاحبار. والكهان والدجاجلة فتعلم منه لنفترض اخيرا ان ذلك كله قد وقع. يقول لو كان هذا بعد كله لكان كل ذلك صفحة وطويت من بعد نزول اقرأ باسم ربك الذي خلق فكل ذلك سيزول ويمحى ويذهب ادراج الرياح سيصبح هباء منثورا لا قيمة له. يقول لكان مجيء ما اتى به في معجز القرآن قاطع لكل عذر ومدحضا لكل حجة ومجليا لكل امر هذا القرآن وقد نزل والنور وقد انبلج والحق وقد ظهر. فاي شيء سيبقى لفرية وباطل وكلام لا يمكن ان يحتمله عقل عاقل تدركون الان يا كرام وقد تم الفصل في كلام مصنف رحمه الله ان هذه الفرية التي حكاها القرآن عن قريش بمكة ما كانت الا نفثة مصدر حاسد وعدو حاقد يعمل كل ما بوسعه لرد الحق بباطله الذي امتلأ به صدره وعقله تدركون اذا ان صاحب الباطل ليس بالضرورة ان يبحث عن حجة مقنعة ولا عن دليل وبرهان بل سيقول ما يأتي على لسانه دون ان يحكم عقله لانه حقد الحاقد وحسد الحاسد وعداوة المعتدي افينتظر من حاسد وحاقد شيء من التعقل او الحكمة او الانصاف. هؤلاء ابعد الناس عن تلك الاوصاف وها هنا ملحظ مهم جدير بالعناية يا كرام هذه الشبهة القديمة التي انطلقت وانبثقت منذ ايام بعثته صلى الله عليه وسلم. منذ اوائل سني دعوته بمكة صلى الله عليه وسلم انظر الى هذه الفريا رغم تهافتها وشدة بطلانها. انظر كيف رصدها القرآن ثم كيف رد الله عز وجل بنفسه عليها يقولون انما يعلمه بشر فجاء الجواب لسان الذي يلحدون اليه اعجمي وهذا لسان عربي مبين وقبلها يقول الله قل نزله رح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين امنوا وهدى وبشرى للمسلمين تدري لما كل ذلك مع تهافت هذه وضوح بطلانها تدري لما؟ هو لامر عظيم. حماية جناب النبوة ومقام المصطفى صلى الله عليه وسلم هو اثبات الدين هو اقامة هذا الوحي والشريعة هو الدفاع عن الاسلام هذا الكلام لا ينبغي السكوت عنا ولا الاستسهال بشأنه ولا الرضا بامره اليوم تتجدد الفدية المعاصرة في جناب النبوة وفي مقام السنة. ليقول بعض ايضا من ذهبت عقوله وسفهت احلامهم طعنا في سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم. واستكثار حجم ما روي عنه من الاحاديث يطعن بعض المعاصرين افكل ما يجد اهل الاسلام في كتب الرواية والسنة احقا يمكن ان يكون كلام امن نطق به محمد صلى الله عليه وسلم اتروى عنه مئات الالاف من الاحاديث ايعقل ان ترويها الامة جيلا بعد جيل؟ كل ذلك تمهيدا لطعن في مصدر شريعتنا سنته عليه الصلاة والسلام واقصاء لها ثم اذا هم كلما وجدوا في السنة حكما لا تطيب به نفوسهم ولا تحتمله عقولهم طعنوا فيه بانه ليس مما في القرآن وليس شيء ثبت به نص في كتاب الله في اية من اياته او سورة من سوره. ويجعلون ذلك مطعنا ثم طلت هذه الفدية على بعض بني الاسلام واسفاه. واذا بهم يتردد بعضهم في الوقوف امام نص من كلام المصطفى الله عليه وسلم ثبت عند اهل العلم بالسنة ورواية الحديث انه صحيح منسوب الى المصطفى المعصوم صلى الله عليه وسلم والحق الواجب على كل مسلم امن بالله ربا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا وبالاسلام دينا انه لا وسع له الا ان يقول سمعنا واطعنا وامنا. ثم يمتثل طوعا او كرها لكننا بددنا ننبت نجد نابتة سوء بدأت تطعن في السنة وثبوت حجيتها ان كانت تلك الفدية هافتة يعلمه بشر ما مررها القرآن ونفاها ودحضها واظهر بطلانها في ايات تتلى الى يوم القيامة. نحن اليوم والله احوج الى ان نتداعى الى دفاعي عن حمى سنته عليه الصلاة والسلام. وحماية جناب المصطفى صلى الله عليه وسلم. وعدم القبول بالمساس بشيء ان من دينه وسنته الذي بعثه الله تعالى به. فانه متى سلم المسلمون بذلك والعياذ بالله. او رضوا بشيء من عياذا بالله او تساهلوا في الوقوف امام شيء من ذلك يوشك طوفان هذه الفدية وامثالها ان يؤثر في اجيال وان يكون عندهم شيئا ما يزعزع في ثوابتهم وقيمهم وعقيدتهم ويقينهم بما جاء في ديننا وشريعة ربنا من الكتاب السنة يا كرام تم الفصل من كلام المصنف بحمد الله. وها هنا وقفات جلية تستحق التأمل. في ختام هذه المعجزة العظيمة التي يد الله بها نبينا صلى الله عليه وسلم. انها معجزة العلم العلم باب كبير. شرف العلم فضلا عن النصوص الوافرة في بيان فضله. فانها في طيات تأييد النبي صلى الله عليه وسلم بها. فان معجزة العلم تدل على شرفه ومكانته. وقل رب زدني علما. لم يأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم في القرآن بالازدياد من شيء سواه. بالعلم امة الاسلام تحيا ويرتفع قدرها هي امة اكرمها الله بهذه الكرامة. العلم هو باب النبوة الاكبر. ومعراجها. فمن صعد فيه ارتقى الى وراثة النبوة. وان الانبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما. وانما ورثوا العلم فمن اخذه اخذ بحظ وافر باب العلم في الاسلام باب شريف. كل العلم جليل شريف محبوب. واجل العلم واشرفه ما قاد الى الله به سبحانه وقرب منه جل جلاله. لان مقصود العلم الاعظم الدلالة على الله. والتقريب الى الله كيف بالله جل جلاله فكل علم كان حظه من هذا المقصود الاكبر اعظم كان شرفه في الشريعة ايضا اعظم من هذا المقام ينبغي للعبد ان يدرك ان شرف العلم انما هو في شعبة منه قبس مما ايد الله به نبينا صلى الله عليه وسلم وخصه به من الايات والمعجزات فكان علما اتسعت فيه ابوابه بالعلم اكرم الله نبيه صلى الله عليه وسلم وبالعلم اكرم الله اتباع نبيه من امته اعني العلماء الذين ورثوا وراثة الانبياء عليهم السلام. هذا العلم الذي استفتح به قرآننا امة الاسلام. اقرأ باسم ربك الذي خلق المقصود ان يعي العبد المسلم ان في معجزات نبيه صلى الله عليه وسلم ما هو؟ لا مما لا يقل درجة عن المعجزات الحسية الباهرة التي كان فيها معجزات خالفت سنن الكون كانشقاق القمر ونبع الماء من بين الاصابع او نتقي الحصى والجماد او البهائم تلك معجزات خرقت قوانين الكون فكانت باهرة. لكنها ابدا ليست باعظم من معجزة العلم الذي اوتيه المصطفى صلى الله عليه واله وسلم. فاجلوا العلم امة الاسلام وارفعوا به رأسا وشرفوا به اقداركم ومقادير ابنائكم لتدركوا ان العلم هو الدرب الذي اكرم الله به الانبياء والرسل عليهم السلام فلا اقل من ان يكون سالكوه سالكوه طريق شرف وعز وفخر اراده الله لهذه الامة الحفية العظيمة. هذه الليلة الكريمة ما زال فيها متسع لكل محب يكثر الصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم ما يزال في دقائقها وساعاتها نبضات قلب محب ينبض قلبه بالصلاة والسلام على المصطفى صلى الله عليه وسلم. ولسان مشتاق ينطلق ليلته يملأ صحيفته من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم كالغيث احيا الله به انا واستبشرت بحديثه ارجانا صلوا عليه وسلموا واستلهموا من هديه ما يسعد الانسان. فاللهم صل وسلم وبارك عليه صلاة وسلاما دائمين ابدا. اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء. اللهم اجعل لنا ولامة الاسلام جميعا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين. اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم وتب علينا انك انت التواب الرحيم. اللهم وربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك بك نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. والحمد لله رب العالمين