بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي اكرمنا بالاسلام وعلمنا الحكمة والقرآن احمد الله تعالى حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السماوات وملء الارض وملء ما بينهما وملئ ما شاء ربنا من شيء بعد. احمده سبحانه وتعالى واشكره وهو لكل حمد وثناء اهل واستعينه واستغفره واتوب اليه ونحن لكل ذنب وقصور اهل واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان نبينا وحبيبنا وقرة عيوننا محمد العبد الله ورسوله امام الانبياء وخاتم المرسلين وحبيب رب العالمين وصفوة الله من خلقه اجمعين صلوات ربي وسلامه عليه تترى الى يوم الدين يا من لشربة حوضه نشتاق وبمدحه تتعطر الاوراق. صلى عليك الله حتى تنتهي. انوار نجم في السما براق فصلوات الله وسلامه على امام الهدى وسيدي الورى ما تعاقب الليل والنهار واختلف الجديدان وبعد ايها الكرام فان مجلسنا العامر هذا في رحاب بيت الله الحرام وعلى مقربة من كعبته المعظمة مدارسين ومتدارسين كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم. للامام القاضي عياض رحمة الله عليه انا نرجو بذلك ان يكون لنا في هذه الليلة الشريفة المباركة بهذا المجلس المبارك. وفي هذا المكان المبارك ليكون لنا مزيد صلاة وسلام على حبيب القلوب وانسها. وبهجة الارواح وسعدها رسولنا صلى الله عليه وسلم نستكثر من الصلاة والسلام عليه طامعين في فضل ربنا سبحانه. وان لنا وعدا حقا من صلى علي صلاة صلى الله الله عليه عشرا وانا لنطمع ايضا بكثرة الصلاة والسلام عليه. ان تضيء صحائفنا وان نستمطر من البركات بهذا العمل العظيم والقربة الجليلة. ما عساه تنفرج به الكربات وتندفع به الملمات وتتنزل به الرحمات فصلى الله ربي وسلم وبارك على عبده ورسوله سيدنا ونبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. واجعلوا هذا فاتحة في هذه الليلة بكثرة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه واله وسلم. وبعد ايها الكرام فما زال الفصل الذي ابتدأناه ليلة الجمعة الماضية. وهو في اواخر ابواب المعجزات النبوية والايات التي جعلها الله الله لنبينا صلى الله عليه وسلم في الفصل الذي جعل فيه المصنف رحمه الله من الايات التي ظهرت عند مولده عليه الصلاة والسلام. وتقدم في تلك الايات ما ورد من كونه وضع عليه الصلاة والسلام رافعا رأسه اخصا ببصره الى السماء وان اظهر ذلك ما ذكر من النور الذي رؤي عند ولادته فيما روته ام عثمان ابن ابي العاص واسمها فاطمة بنت عبدالله. وما روته ايضا الشفاء ام عبدالرحمن بن عوف وما ورد ايضا في حديث حليمة السعدية ابان رضاعه صلى الله عليه وسلم عندها. وان النور المذكور المصحوب لولادته عليه الصلاة والسلام كان اية وذلك ما يتقرر عند البشر عادة باستقراء التاريخ. ان الحوادث العظام يصحبها دوما من الايات العظام والكونيات غير المعتادة ما يناسب ذلك الحدث. وقد صح هذا الاثر في ذكر النور الذي روي عند ولادته عليه الصلاة تنام في غير ما حديث وبمجموع ذلك يتقوى الشأن لاثبات مثل هذه الاية التي ذكرت عند مولده عليه الصلاة والسلام. وان كان هذا النور حسيا فان النور المعنوي الذي جعله الله بولادته وبعثته وخروجه للدنيا عليه الصلاة والسلام فهذا مما لا يختلف فيه وان نور الرسالة المحمدية التي اشرقت شمسها من رحاب هذا البلد الحرام وانتشر نوره في ارجاء الدنيا بعثته ونور الوحي الذي اكرمه الله به صلوات الله وسلامه عليه فانما هو نور اضاء ما بين الدنيا الى السماء حتى يأتي الناس الى جنة عرضها السماوات والارض. وقد احسن من جمع بين هذين المعنيين في النور لما قال منذ استهل ونوره لا ينطفي اسكنته قلبي فشعت احرفي. صلوا عليه صلاة مشتاق جرت من ثغره وفؤاده لا يكتفي فصلى الله ربي وسلم وبارك عليه. لا يزال في الفصل تتمة من الايات التي ذكرها المصنف رحمة الله عليه بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين قال المصنف رحمه الله تعالى فصل في الايات التي ظهرت عند مولده صلى الله عليه وسلم. الى ان قال وانه كان عليه الصلاة والسلام اذا اكل مع عمه ابي طالب واله وهو صغير شبعوا ورووا فاذا غاب فاكلوا في غيبته لم يشبعوا وكان سائر ولد ابي طالب يصبحون شعثا ويصبح هو صلى الله عليه وسلم ثقيلا دهينا كحيلا هذا اثر رواه ابن سعد عن ابن عباس ومجاهد واسماعيل في حديث دخل فيه كلام بعضهم في بعض. وفيه انه عليه الصلاة والسلام لما كان طفلا صغيرا والة حضانته الى عمه ابي طالب بعد موت امه امنة فموت جده عبد مطلب انتقل في كفالته كما تعلمون جميعا الى عمه ابي طالب. وكان عمه ابو طالب كثير العيال وكثير النفقة فانضم عليه الصلاة والسلام الى بني عمه ابي طالب وتربى معهم ونشأ بينهم. قال هنا وانه كان الصلاة والسلام اذا اكل مع عمه ابي طالب واله وهو صغير شبعوا ورووا فاذا غاب فاكلوا في غيبته لم يشبعوا. وفي نسخة للشفاء قال ولم يرووا وذكر عامة اهل السير مثل هذا في شأن فترة كفالته عند عمه ابي طالب. وان البركة كانت تحل بطعامهم وشرابهم وان ابا طالب كان اذا جمع بنيه على الغداء او العشاء واقبلوا على الطعام طلب منهم الانتظار وقال امهلوا حتى يأتي ابني يقصد محمدا صلى الله عليه وسلم. لانه كان يرى اثر ذلك في حضوره بين طعامهم وشرابهم. قال فاذا اكلوا معه شبعوا ورووا فاذا غاب فاكلوا في غيبته لم يشبعوا. ويذكر بعض ذلك ايضا في عامة ما يروى في كتب السير وانه يقول له انك لمبارك يعني عمه ابو طالب. وعلى كل حال وان لم يصح بذلك رواية ذات سند متصل على طريقة محدثين فان عامة ما ثبت في شأن البركة من حياته عليه الصلاة والسلام قبل النبوة وبعدها مما تواتر معنا. قال وكان سائر ولد ابي طالب يصبحون شعثا وفي بعض الروايات عند ارباب السير يصبحون شعثا رمصا. ويصبح هو صلى الله عليه وسلم ثقيلا كحيلا كان سائر ولد ابي طالب يصبحون شعثا من الشعث وهو اغبرار الرأس. يعني عدم جمال الهيئة. وانه يحتاج المرء بين الحين والحين الى الاعتناء بمظهره وتمشيط الشعر والادهان وازالة اثر العناء. في زمن كانت الناس تعيش في بيوت حجر او شعر او في خيام فلا يقي ذلك من الغبار والتراب وحر الشمس. فيحتاج احدهم الى تعاهد في نظافته وهيئته وملبسه قال فكانوا يصبحون شعثا رمصا. والرمص يعني من يستيقظ ويجد في عينيه بعض اثر الغمس. مما تقذف به العين قال ويصبح هو صلى الله عليه وسلم سقيلا. دهينا كحيلا. سقيلا يعني رائق اللون كأنما هو مغتسل متنظف قال ودهينا يعني كأنما الدهن فعليه اثر الزيت ولمعاله. وكحيلا كأنما اكتحل. والمقصود بالكحيل من يرى في اثر جفنيه سواد الكحل خلقة وان لم يكتحل عادة. هذا ايضا يشير الى شيء من الجمال الذي حباه الله عز وجل به على غير عناية بشرية لم يكن هذا معتادا بشأن نظافة او لبس او شيء من العناية بالمظهر كان يتعاناه عليه الصلاة والسلام. واولاد ابي طالب حمامة المقصود بهم هنا من كانوا معه في تربيته عليه الصلاة والسلام واولاد عمه سبعة اربعة من الابناء وثلاث من البنات وهم عقيل وجعفر وطالب وعلي واما البنات فهن ام هانئ وام طالب وحمامة. كلهم اسلموا عدا ابنه طالب فانه مات كافرا. واما ستة فصحابة رضي الله عنهم اجمعين. نعم قالت ام ايمن حاضنته ما رأيته صلى الله عليه وسلم شكى جوعا قط ولا عطشا صغيرا ولا كبيرا ام ايمن حاضنة النبي صلى الله عليه وسلم واسمها بركة بنت محصن ابن ثعلبة. ام ايمن ابنها ايمن بن عبيد الحبشي وقد تزوجها زيد ابن حارثة فيما بعد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم لها رواية في الصحيحين ذكر الواقدي وفاتها في خلافة عثمان رضي الله عنه والصواب كما في صحيح مسلم عن الامام الزهري انها ماتت بعد النبي عليه الصلاة والسلام بخمسة اشهر او ستة ام ايمن حاضنة النبي عليه الصلاة والسلام. يعني كانت في من تولى حضانته صغيرا. ذلك لانها كانت وصيفة لابيه عبد الله ابن عبد المطلب. يعني القائمة على شأنه وتربيته. فلما ولد محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت ام ايمن ممن شرفها الله بحضانته عليه الصلاة والسلام. ولهذا فانها تدرك من اثره وخبره وشأنه الخاص خصوصا في زمن طفولته وصباه ما لا يدركه غيرها. وذلك لاختصاصها وقربها من بيته عليه الصلاة والسلام يذكر هنا في الرواية انها قالت ما رأيته صلى الله عليه وسلم شكى جوعا قط ولا عطشا صغيرا ولا كبيرة ويمكن ان تحمل هذه الرواية ان صحت على احد معنيين. المعنى الاول صبره واحتماله عليه الصلاة سلام والا فهو بشر كسائر البشر. ينتابه الجوع والعطش لكنه لا يشكو ذلك لشدة صبره واحتماله وان كان جائعا عليه الصلاة والسلام ويدل لذلك عامة ما روي في كثير من المواقف والاحداث التي يذكر فيها جوع النبي عليه الصلاة والسلام. وخصوصا مثل ما روي في غزوة الخندق فانه عرف الجوع واذا ببطنه الشريف صلى الله عليه وسلم قد شد عليه حجرين والصحابة يربطون الحجر من الجوع ولك ان تحمل ايضا بالمعنى الاخر ان الله عز وجل تكفل به. فما كان يحس جوعا ولا عطشا. وان الله يتولاه سبحانه وتعالى ويشهد لذلك نهيه صلى الله عليه وسلم عن الوصال في الصوم فقال له الصحابة انك تواصل يا رسول الله والمقصود بالوصال ان يصل الصائم صوم يوم بيوم لا يفطر بينهما. فلما نهاهم عن الوصال وقد كان جائزا قبل قالوا انك تواصل ارادوا ارادوا الاقتداء به عليه الصلاة والسلام. فقال اني لست كهيئتكم اني ابيت يطعمني ربي قيل عليه الصلاة والسلام فهذا ايضا معنى محتمل ان يكون عدم شعوره بالجوع والعطش عليه الصلاة والسلام من اجل عناية الله عز وجل به وتكفله بما يتعلق بجوعه وعطشه فلا جرمئذ لا يحس بجوع ولا عطش قال قائل هذا انما يثبت بعد النبوة. انما ابيت يطعمني ربي ويسقيني. وام ايمن هنا تقول ما شكى جوعا قط طول عطشا صغيرا ولا كبيرا. فانه يستأنس له بطرف من دلالة الاية الم يجدك يتيما فاوى فان الله امتن عليه بإيوائه زمن يتمه. واليتم انما كان حال صغره عليه الصلاة والسلام وعلى كل حال فالمتقرر قطعا بما دلت عليه النصوص الشرعية عظيم عناية الله جل جلاله بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم منذ ان كان حملا في بطن امه فطفلا في المهد فرضيعا فصغيرا ففتى فشابا حتى من الله عليه بالنبوة فاكتمدت له العناية الالهية من جميع ابوابها. وتولاه الله عز وجل وخصه من الشرف والقدر والمكانة بما لم يؤته سبحانه وتعالى احدا من البشر قط. فصلى الله ربي وسلم وبارك عليه ومن ذلك حراسة السماء بالشهب وقطع رصد الشياطين ومنعهم استراق السمع. قال ومن ذلك يعني من الايات التي حفت بولادته او بنشأته عليه الصلاة والسلام حراسة السماء بالشهب. وقطع رصد الشياطين ومنعهم راق السمع في صورة الجن على لسان الجن قل اوحي الي انه استمع نفر من الجن فقالوا انا سمعنا قرآنا عجبا. يهدي الى الرشد امنا به ولن نشرك بربنا احدا. الى ان قال الله عز وجل وانا لمسنا السماء يعني الجن فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا وانا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الان يجد له شهابا رصدا. هل كان هذا بمولده عليه الصلاة والسلام ام ببعثته ما حكته الجن من منعها من استراق السمع وارسال الشهب عليها. هل كان هذا في مبعثه عليه الصلاة والسلام او في مولده عامة كلام المفسرين ان هذا كان ببعثته عليه الصلاة والسلام. وان هذا من ارهاصات النبوة. وان الله عز وجل لما هيأ لمحمد صلى الله عليه وسلم ان يكون خاتم الانبياء والمرسلين وان يكون صفوة الله من خلقه اجمعين حفت بذلك ايات كونية جليلة عظيمة تناسب هذا الحدث العظيم. فكان من بين ذلك حراسة السماء. ومنع الشياطين من استراق سمع وقد كانت قبل ذلك الكهنة والسحرة يستعملون الجن في استراق السمع والاخبار بطرف من الغيب فربما استرق الشيطان كلمة من السماء فقذف بها الى من تحته ثم لا يزالون يزيدون عليها الكذبة تلو الكذبة فتأتي على لسان الكاهن ففيها جملة صادقة وتسعة وتسعون كذبة معها. والمقصود ان هذا كان دارجا فلما اراد الله عز وجل لهذه الدنيا ان تشرق فيها شمس البعثة المحمدية كان هذا اغلاقا لابواب الرصد حماية من الله لنبيه عليه الصلاة والسلام وحفظا للوحي الذي ينزل به امين الوحي جبريل عليه السلام من السماء الى قلب المصطفى صلى الله عليه وسلم. فلذلك جاءت الايات وانا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا وانا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الان يجد له شهابا رصدا. وان كان اهل العلم من السلف قد اختلفوا في مسألة بعثة النبي صلى الله عليه وسلم. هل كانت الشياطين تقذف قبل بعثته عليه الصلاة والسلام؟ هل كانت الشهب ترسل عليها من صلى وتحرقها عندما تسترق سمع او كان ذلك امرا حدث عند بعثته عليه الصلاة والسلام. فقال عدد من اهل العلم لم تكن تحرس السماء في الفترة التي كانت بين نبي الله عيسى عليه السلام ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم مدة نحوا من خمس مئة عام وانما حرست السماء وقذفت الشهب واحرقت الشياطين ببعثته صلى الله عليه وسلم وحرست السماء الملائكة وبالشهب وذكر البيهقي ذلك عن ابن عمر رضي الله عنهما قال لما كان اليوم الذي نبئ رسول الله صلى الله عليه وسلم منعت الشياطين ورموا بالشهب. وقال عبدالملك بن سابور لم تكن السماء تحرس في الفترة بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام فلمحمد صلى الله عليه وسلم حرست السماء ورميت الشياطين بالشهب ومنعت من الدنو من السماء. وقال نافع بن كانت الشياطين في الفترة يعني بين محمد صلى الله عليه وسلم وعيسى عليه السلام. كانت الشياطين في الفترة تسمع فلا ترمى. فلما بعث رسول الله صلى الله الله عليه وسلم رميت بالشهب ونحوه ايضا عن ابي ابن كعب رضي الله عنه قال لم يرم بنجم منذ رفع عيسى عليه السلام حتى طبئ رسول الله صلى الله عليه وسلم فرمي بها. وقالت طائفة من اهل العلم وهم الاكثر بل كانت السماء محروسة قبل بعثته عليه الصلاة والسلام وكانت الشهب ايضا تحرق الشياطين قبل بعثته عليه الصلاة والسلام. فما معنى الاية؟ معنى الاية انه لما بعث عليه الصلاة والسلام زاد ذلك ببعثته انذارا بحاله. ولهذا جاء في الاية وانا لمسنا السماء فوجدناها ملئت فالامتلاء يدل على الكثرة وعلى زيادة عما كانت عليه قبل. قال اي زيد في حرسها. قال اوس بن حجر وهو جاهلي يستشهد ببيت وان كان بعضهم يقدح فيه. فالقول بالرمي اذا قبل البعثة اصح لقوله تعالى فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا يعني يزيد في حرس السماء حتى امتلأت منها. ولما روي ايضا عن ابن عباس رضي الله عنهما قال بينما النبي صلى الله عليه وسلم جالس في نفر من اصحابه اذ رمي بنجم يعني رأوا شهابا في السماء. فقال عليه الصلاة والسلام ما كنتم تقولون في مثل هذا في الجاهلية قالوا كنا نقول يموت عظيم او يولد عظيم. فقال عليه الصلاة والسلام انها لا ترمى لموت احد ولا ولكن ربنا سبحانه وتعالى اذا قضى امرا في السماء سبح حملة العرش ثم سبح اهل كل تماء حتى ينتهي التسبيح الى هذه السماء ويستخبر اهل السماء حملة العرش. ماذا قال ربكم يخبرونهم ويخبر اهل كل سماء حتى ينتهي الخبر الى هذه. يعني الى السماء الدنيا فتتخطف الجن يرمون فما جاءوا به فهو حق ولكنهم يزيدون فيه. فهذا يدل على ان الرجم بالشهب كان قبل بعثته عليه الصلاة سلام. وفي الحديث ايضا فيما روى الزهري في اخره قيل كان يرمى في الجاهلية؟ قال نعم فقيل له ارأيت قوله سبحانه وانا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الان يجد له شهابا رصدا قال غلظت وشدد امرها حين بعث النبي صلى الله عليه وسلم التي جعلها امام. ولذلك ايضا قال ابن قتيبة ولكن اشتدت يعني السماء في حراستها ورماية الشهب بالجن عندما كانت تسترق السمع. فهذا اذا موجز القول في اية من الايات التي جعلها الله عز وجل ببعثة النبي صلى الله عليه واله وسلم. نعم وما نشأ عليه من بغض الاصنام والعفة عن امور الجاهلية ونشأ عليه الصلاة والسلام من بغظ الاصنام وعن العفة عن امور الجاهلية. اشار المصنف رحمه الله تعالى ها هنا الى حديث اخرجه ابو نعيم في الدلائل عن شداد ابن اوس. واخرج الاخر البزار ايضا في مسنده وغيره. فيه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لما نشأت بغضت الي الاوثان وبغظ الي وهذه الجملة وقعت من حديث طويل في قصة رجل من بني عامر وفد على النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن امر النبوة ومبدأها الحديث ظعفه البصيري وضاعفه ابن عساكر ايضا في تاريخ دمشق بهذا اللفظ لما قال لما نشأت بغضت الي الاوثان وبغض الي الشعر. والصحيح المستقر الثابت يا امة الاسلام ان نبينا صلى الله عليه وسلم قد عصمه الله عز وجل عن افعال الجاهلية فما للصنم ولا تعبد لوثن بل انه قبل النبوة عليه الصلاة والسلام كان يتحنث يعني يتعبد في غار حراء ربما خرج هناك يخلو بربه وحبب اليه الخلوة فيبقى هناك الليالي ذوات العدد ثم يرجع الى امنا خديجة رضي الله عنها فيستزيد ويتحمل من الطعام والشراب ما يقتات به ويعود الى مثلها. فما عليه الصلاة والسلام من حال فيها عصمته من تلك القضايا كانت اية ايضا. ومن ارهاصات النبوة التي جاءت بين يدي بعثته عليه الصلاة والسلام. قال بغض اليه الاوثان وشؤون الجاهلية. وايضا اكرمه الله فتعفف عن قضايا الجاهلية شأنها اخرج البزار وغيره من حديث علي ورجاله من حديث علي رضي الله عنه ورجاله ثقات وصححه ابن حبان ايضا والحاكم وحسنه الحافظ ابن حجر في حديث ذكر فيه البزار من شأن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال ما هممت بشيء مما كان اهل الجاهلية يعملون به غير مرتين وهو يشير الى شأنهم وحالهم فيما كانوا يعتدونه من افعال واقوال. قال ما هممت بشيء مما كان اهل الجاهلية يعملون به غير مرتين. كل ذلك يحول الله بيني وبين ما اريد من ذلك قال ثم ما هممت بسوء حتى اكرمني الله برسالته ليلة قال قلت ليلة لغلام كان يرعى معي. لو ابصرت لي غنمي حتى ادخل مكة فاسمر بها كما يسمر الشباب قال فخرجت كذلك حتى جئت اول دار من مكة سمعت عزفا بالدفوف والمزامير لعرس بعضهم. فجلست انظر فظرب على اذني فنمت. فما ايقظني الا مس الشمس. فرجعت ولم اقظ شيئا. ثم عراني مرة اخرى اخرى مثل ذلك ثم لم اهم بعد ذلك بسوء صلوات الله وسلامه عليه. وهذا فيه اشارة الى ما ذكره المصنف هنا ايجاز وقد تقدم ايراده رحمه الله لهذه الاحاديث فيما سبق من فصول فيها بيان ما خصه الله عز وجل به صلى الله عليه وسلم وما خصه الله به من ذلك وحماه حتى في ستره في الخبر المشهور عند بناء الكعبة اذ اخذ ازاره ليجعله على عاتقه ليحمل عليه الحجارة وتعرى. فسقط الى الارض حتى رده حتى رد ازاره عليه. فقال له عمه ما بالك؟ قال اني قد نهيت عن التعري. نعم. اخرج تيخان البخاري ومسلم من حديث جابر رضي الله عنه قال ان النبي صلى الله عليه وسلم كان ينقل مع قريش الحجارة للكعبة. والقصة في حادثة من الحوادث قبل نبوته عليه الصلاة والسلام. وقبل نزول الوحي عليه لكنه كان في الجاهلية قبل الاسلام لا يعرف الا بالحياء عليه الصلاة والسلام ولا يعرف الا بالصدق والامانة عليه الصلاة والسلام. ولا يعرف الا بالوفاء والنبل وكل خلق جميل صلى الله عليه وسلم فكانت له الاخلاق الفاضلة وكانت له السمات الحسنى عليه الصلاة والسلام. فلما اكرمه الله بالنبوة ذلك من فضل الله عليه حتى اعتلى على عرش الاخلاق فتربع عليها صلوات الله وسلامه عليه. قال كان ينقل معهم للكعبة وعليه ازاره. فقال له العباس عمه ابن اخي لو حللت ازارك فجعلت على منكبك كدون الحجارة قال فحله فجعله على منكبيه فسقط مغشيا عليه فما رؤي بعد ذلك عريانا الله عليه وسلم وربما استشكل بعض الناس كيف يفعل ذلك صلى الله عليه وسلم؟ او كيف يأمره بذلك عمه العباس؟ كيف يطلب منه ان يفعل ذلك وان يرفع طرف ازاره على عاتقه. والجواب عن ذلك انه لا اشكال انما كانت قريش تفعل ذلك على عادتها. لاحظ ان العباس امره بشيء كانوا يفعلونه. فلما كان فلما كانوا ينقلون الحجارة كانوا يتقون حر الحجارة او خشونتها ان تؤذيهم على مناكبهم وعواتقهم واحدهم اذا لبس الازار رفع طرفه فجعله على كتفه. فربما ادى ذلك الى انكشاف شيء من العورة. وليس التعري تماما من ولما رآه يعني العباس رأى ابن اخيه صلى الله عليه وسلم يحمل الحجارة ولا يتقي شيئا من ذلك على كتفه نصحه ما كانوا يفعلون فيما بينهم فلا هم بذلك عليه الصلاة والسلام ولما اراد ان يشاركه في صنيعه غشيه ما سمعت لطف من الله وادراكا لنبيه عليه الصلاة والسلام. فلما حل الازار وتكشف سقط مغشيا عليه. ذكر اصطلاني في شرح الحديث في صحيح البخاري قال ان سقوطه الى الارض عند سقوط الازار خشية من عدم الستر في تلك اللحظة هو لما اغشي عليه سقط الى الارض قال هذا فمن تمام لطف الله تعالى به الا يتعرى والا تقع العين على شيء من سوءته عليه الصلاة والسلام او عورته فحماه الله عن ذلك وجنبه ذلك كله. ومن اهل العلم من قال ان الذي انكشف جزءا من الجسد وليس جزءا من العورة. قال ابن الجوزي رحمه الله والظاهر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم جزع لانكشاف وليس في الحديث دليل على انهم كشف شيء من عورته واذا اخذنا بظاهر الحديث وقلنا ان جزءا من العورة قد انكشف فليس في هذا غضاضة. من قدره الشريف صلى الله عليه وسلم قط لان الحادثة كانت قبل النبوة وانتم تعلمون ان من اهل العلم من يرى انه صلى الله عليه وسلم قبل نبوة لم يكن موحى اليه شرع ولا مكلفا بشيء من ذلك وعلاوة على ذلك. فمن كان عرفا في قومه سائغا بينهم يتداولونه فانه جرى على كعرفهم فليس في ذلك شيء يستنكر من شأنه الشريف صلوات الله وسلامه عليه. يقول الحافظ ابن حجر وفي الحديث انه صلى الله عليه وسلم كان مصونا عما يستقبح قبل البعثة وبعدها ويقول الامام النووي رحمه الله وفي هذا الحديث بيان بعض ما اكرم الله سبحانه وتعالى به رسوله صلى الله عليه وسلم وانه صلى الله عليه وسلم كان مصونا محميا في صغره عن القبائح واخلاق الجاهلية. وقد تقدم بيان عصمة الانبياء صلوات الله عليهم في كتاب الايمان. وجاء في رواية في غير الصحيحين والكلام للنووي رحمه الله ان ملك نزل فشد عليه ازاره صلى الله عليه وسلم والله اعلم انتهى كلام الائمة رحمة الله عليهم. نعم ومن ذلك اظلال الله له بالغنام في سفره وفي رواية ان خديجة ونساء رأيناه لما قدم ونساءها وفي رواية ان خديجة ونساءها رأينه لما قدما وملكان يظلانه فذكرت ذلك لميسرة فاخبرها انه رأى ذلك منذ خرج معه في سفره. ايضا يشير المصنف رحمه الله هنا الى رواية سبق له ذكرها فيما تقدم من حديثه مع الراهب في ابتداء امره وانه خرج تاجرا مع عمه ابي طالب حتى اتوا الى مكان فيه راهب لا يخرج لاحد لكنه خرج تلك المرة فجعل يتخللهم حتى اخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هذا سيد العالمين يبعثه الله رحمة للعالمين فقال له اشياخ من قريش ما علمك؟ يعني كيف علمت بشأنه؟ فقال انه لم يبق شجر ولا حجر الا خر ساجدا له ولا يسجد الا لنبي وذكر القصة ثم قال واقبل صلى الله عليه وسلم وعليه غمامة تظله. فلما دنا من القوم وجدهم سبقوه الى فيئ الشجرة فلما جلس مال الفيء اليه. الحديث السابق الذي ذكره المصنف رحمه الله. اخرجه الترمذي والبيهقي في دلائل النبوة والسيوطي ايضا في الخصائص صححه الحاكم. والحافظ ابن حجر. وحسنه الترمذي. ضعفه الذهبي وغيره من اهل العلم وان كان الصواب في ذلك كما رجح الالباني رحم الله الجميع ان الحديث وان ضعف سنده لكنه يتقوى ببعض الروايات وتناقلها ارباب السير في صحة تظليل الغمام له عليه الصلاة والسلام. في قصة خروجه مع عمه ابي طالب تاجرا في مال خديجة رضي الله عنها الى الشام. وان الغمامة اقبلت تظله. وانه يذكر تظليل الغمامة في غير ما حادث يشير المصنف ايضا الى بعضها. وعلى كل حال قال المصنف هنا اظلال الله له بالغمام في سفره وفي رواية ان خديجة ونساءها رأينه لما قدم وملكان يظلانه فذكرت ذلك لميسرة. ومن غلامها الذي كان يصحب النبي صلى الله عليه وسلم في رحلة التجارة تلك. فاخبرها ميسرة ان الذي تلك تلك في تلك الاونة انما رآه منذ صحبه في سفره يعني طيلة المدة. وهذا الحديث او هذا الاثر رواه ابن سعد عن نفيسة بنت منية وهي احدى النساء اللاتي كن مع خديجة رضي الله عنها في علية لها ينظرن الى مقدم النبي صلى الله عليه وسلم بعد رجوعه من التجارة. نعم وفي رواية ان خديجة ونساءها رأينه لما قدم وملكان يظلانه فذكرت ذلك لميسرة فاخبرها انه رأى ذلك منذ خرج معه في سفره وفي رواية وفي وقد روي ان حليمة رأت غمامة غمامة تظله وهو عندها وروي ذلك عن اخيه من الرضاعة. ايضا ذكرت ظلالة الغمام له صلى الله عليه وسلم في حديث عن حليمة او او عن اخيه من الرضاع وفي بعض النسخ اخته من الرضاعة. والمقصود بهذه الحادثة فترة رضاعته في بني سعد عند امه من حليمة السعدية قال وقد روي اشار المصنف الى تضعيف الرواية لان الذي ينقلها الواقدي وهو عند المحدثين مما الا يحملوا حديثه. روي انها رأت غمامة تظله. وقيل ان الذي رآه اخوه من الرضاع. وانما نقل لها ذلك ولفظ الواقد عن ابن عباس رضي الله عنهما ان حليمة كانت تتخوف على رسول الله صلى الله عليه وسلم. لما كان صبي عندها وكانت تتعاهده وتتفقده اذا غاب عن بصرها. فخرجت تطلبه ذات يوم فوجدته مع اخيه وقيل اختي من الرضاعة وهو ولدها فقالت افيحر الشمس يمكث؟ شفقة عليه منها؟ فقال اخوه او قالت اخته يا اماه ما وجد اخي حرا رأيت غمامة تظلله اذا وقف وقفت واذا سار سارت ها وعلى عدم صحة هذه الرواية في حديث حليمة فان الثابت في قصة تجارته في مال خديجة رضي الله عنها الى الشام وصحوا واكدوا واثبتوا والله اعلم. نعم ومن ذلك انه نزل في بعض اسفاره قبل مبعثه تحت شجرة يابسة. فعشوشب ما حولها. واينعت هي وتدلت عليه اغصانها بمحضر من رآه وميل فيء الشجرة اليه في الخبر الاخر حتى اضلته. من ذلك انه نزل في بعض اسفاره قبل البعثة تحت شجرة يابسة تتنفع شوشب ما حولها واينعت هي يعني تلك الشجرة اليابسة فاشرقت وتدلت عليه اغصانها. لا يعرف من روى حديث والان موقف له على سند ومثل هذا ايضا يستغنى في اثبات بعض كرامات ومعجزات وايات نبينا صلى الله عليه وسلم يستغنى بالصحيح الثابت عن الواهي او الضعيف او المستنكر الذي لا يعرف له سند. واما ميل وفيء الشجرة فقد تقدم قبل في الاقاليم في قصة تجارته في مال خديجة رضي الله عنها وانه لما قدم على الراهب كانت الشجرة لما سبقه غيره اليها فمالت بفيئها اليه صلى الله عليه وسلم ولا يتعارض هذا مع تظليل الغمام له عليه الصلاة والسلام وما ذكر من انه كان لا ظل لشخصه في شمس ولا قمر. لانه كان نورا. قال وما ذكر اشارة الى التضعيف وان الحديث الذي اخرجه الحكيم الترمذي في نوادر الاصول وليس هو الامام الترمذي صاحب السنن الجامع فما اخرجه الحكيم الترمذي وتفرد به فانه من مظان الضعيف جدا او الموضوع عند المحدثين. وهذا الحديث منه فان في اسناده راويا متهما بالكذب واخر مجهول. فمثل هذا لا يصح به حديث قط. قال انه كان لا ظل لشخصه في ولا قمر مثل هذا ان ثبت بسند صحيح نقلناه واعتبرناه. والا فلا حاجة الى التكلف. قال لانه كان نورا وان لا ظل له عليه الصلاة والسلام. ان صح هذا في السند المنقول كان هذا التأويل سائغا. لكن ان لم يثبت فحسبنا ان الله عز وجل خلق نبينا صلى الله عليه وسلم على مقتضى البشرية. فكان له جرم شريف عليه الصلاة والسلام بجرمه ظل اذا اتى الشمس عليه الصلاة والسلام وان ذلك لم يكن شيئا مستنكرا والا لتواترت الرواية بذكر ذلك من الصحابة سواء في مكة قبل الهجرة او في المدينة بعدها. وما زلنا نقول ما صح وثبت من المعجزات والكرامات والايات البينات اضعاف اضعاف ما يورد من الحديث الضعيف او الواهي الذي لا حاجة الى التمسك به مع وجود مطعن في روايته او عدم توثيق لهم. نعم وان الذباب كان لا يقع على جسده ولا ثيابه. هذا ايضا مما لا يذكر له سند ولا يعرف من رواه ولا خرجه من اهل العلم نبينا عليه الصلاة والسلام اعظم من ان تذكر له في كرامته ان الذباب لا يقع على جسده او ثوبه. السؤال يعني فاذا ثبت ان الذباب كان يقع على ثوبه او جسده هل يكون منقصة في حقه عليه الصلاة والسلام؟ الجواب لا. فمثل ذلك ايضا لا يتكلف في اثباته لنبينا صلى الله عليه واله وسلم ومن ذلك تحبيب الخلوة اليه حتى اوحي اليه. ومن ذلك يعني من علامات النبوة وارهاصاتها ودلائلها قبل ان ينزل عليه جبريل عليه السلام بقول ربنا من فوق سبع سماوات اقرأ باسم ربك الذي خلق. من تلك العلامات تحبيب الخلوة اليه حتى اتاه الوحي وهذا يدل له ما اخرجه الشيخان من حديث عائشة رضي الله عنها ولفظ البخاري كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحنث وفي اول الرواية اول ما بدي بها رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة فكان لا يرى رؤيا الا جاءت مثل فلق الصبح. قالت ثم حبب اليه التحنث وهو التعبد. فكان يتحنث في حراء الليالي ذوات العدد ما الذي قذف حب الخلوة في قلبه عليه الصلاة والسلام حبه لمناجاة ربه وهذا قبل ان يبعث وقبل ان يأتيه الوحي لكن هذه من دلائل النبوة وعلاماتها فانه كان يفعل ذلك تصفية قية لروحه عليه الصلاة والسلام. وبعدا عما كانت تقع عينيه عيناه صلى الله عليه وسلم من دنس الجاهلية ومن ممارساتها الشركية تطوف بالكعبة وحولها الاصنام. وتتقرب الى الاوثان وما كان عليه الصلاة والسلام يشارك في ذلك فحبب اليه الابتعاد فيأتي الى حراء. قال اهل العلم وانما احب حراء من بين جبال مكة لانه رغم بعده الا انه يشرف على المكة على مكة ويطل منها على الكعبة فيقع انسه بوقع عينه على بيت الله المعظم. فيرتبط قلب بربه وما زال كذلك عليه الصلاة والسلام حتى اكرمه الله بالنبوة واتاه الوحي. فهذا اذا من علامات النبوة ومن الايات قبل ان يبعث حببت اليه الخلوة وحبب اليه التحنث والتعبد قبل ان يوحى اليه صلى صلى الله عليه واله وسلم ثم اعلامه بموته ودنو اجله صلى الله عليه وسلم. عليه الصلاة والسلام. اعلامه بموته دلل هو ذلك في حديث الصحيحين حديث عائشة رضي الله عنها عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله وعنها في الحديث المشهور الذي رأت فيه عائشة رضي الله عنها فاطمة اقبلت رضي الله عنها على ابيها صلى الله عليه وسلم فسرها في اذنها فبكت. ثم استدعاها فاقبلت فاسر اليها في اذنها فضحكت فما استعلمت منها الا بعد موته عليه الصلاة والسلام فاخبرتها ان الذي اسر بها اول مرة اليها انه مقبوض هي الصلاة والسلام ملتحق بربه في الرفيق الاعلى. فبكت فاطمة رضي الله عنها بكاء البنت على ابيها. فكيف وابوها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لما اسر اليها انها اول اهله لحوقا به استبشرت فضحكت رضي الله عنها ادراكا منها لابيبها لابيها وحبيبها ونبي الامة صلى الله عليه وسلم. فهذا اذا من ارهاصات النبوة. اعلامه بالموت ودنو الاجل. وان كان هذا الحديث صريحا فان مما دل عليه ايضا بالاشارة والتضمين. نزول سورة النصر اذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله فواجا فسبح بحمد ربك واستغفره. انه كان توابا. فانه ايضا كان عليه الصلاة والسلام يفهم من ذلك قرب اجله يدل لذلك حديث عمر رضي الله عنه لما جمع الاشياخ في مجلسه وابن عباس رضي الله عنهم بينهم صغيرا. فاستكثروا ذلك عليه كيف يضم الى مجلس الشيوخ والكبار من الصحابة الاجلة رضي الله عنهم فتى صبيا. فاراد عمر رضي الله عنه ان يظهر فضل ابن عباس وعلمه الذي جعله مستوجبا لجلوس هؤلاء الكبار ومشاركتهم مجلس عمر رضي الله عنه فسألهم عن الاية فسبح بحمد ربك واستغفره انه كان توابا. فاجاب عامتهم ان الله امر نبيه اذا من عليه بالنصر وفتح مكة ان يكثر من التسبيح والاستغفار. فلما جاء الكلام الى ابن عباس رضي الله عنهما قال هذا من الله اشعار بقرب اجله عليه الصلاة والسلام وانه حان اذ كانت هذه الاية العظيمة بفتح مكة ودخول الناس في الاسلام ان يكثر من تسبيح الله واستغفاره. تقول عائشة رضي الله عنها قل ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة. بعد اذ نزل عليه اذا جاء نصر الله والفتح الا كان يكثر في ركوعها وسجودها ان يقول سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي يتأول الاية عليه الصلاة والسلام وان قبره بالمدينة وفي بيته نعم ايضا هذا من العلامات اعلامه بان قبره بالمدينة قبل ان يموت عليه الصلاة والسلام ان قبره سيكون في بيته عليه الصلاة والسلام يدل لذلك الحديث الذي روته عائشة رضي الله عنها المدينة مهاجر وفيها مضجعي والحديث ذاته ايضا بالرواية معقل ابن يسار المدينة مهاجري وفيها مضجعي. وحديث عائشة رضي الله عنها صحابة في جحيم ولا يصح حديث معقل لضعف اسناده وعدم تقوية بعض طرقها المجتمعة عن معقل رضي الله عنه. واما كون القبر في بيته خصوصا فيشهد لذلك حديث الترمذي والبزار من رواية ابي بكر رضي الله عنه لما قبض المصطفى صلى الله عليه وسلم وتفاوت الصحابة في دفنه ان يكونوا بالبقيع ام في المسجد او في موضع اخر. فقال ابو بكر رضي الله عنه سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ما قبض الله نبيا الا في الموضع الذي يحب ان يدفن فيه. فاستقرت كلمتهم على دفنه في حجرته في حجرة عائشة تحديدا رضي الله عنها لانه الموضع الذي قبض فيه روحه عليه الصلاة والسلام. اذا فاعلامه بذلك وتحديثه الصحابة بذلك اية وعلامة قبل ان يموت يخبرهم ان موته بالمدينة هو فيها بل بحجرته وبيته عليه الصلاة والسلام وان بين بيت وان بين بيته وبين منبره روضة من رياض الجنة. بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على ترعة من ترع الجنة هذا الذي جعل الناس الى اليوم يحرصون على صلاة الركعتين في الروضة كلما اتى احدهم مسجده عليه الصلاة والسلام. الحديث المتفق عليه من رواية عبدالله بن زيد وابي هريرة رضي الله عنهما فيه هذه الاية. وان العلماء ما معنى ان تكون تلك البقعة من الجنة؟ اهي على الحقيقة او المجاز قولان. فمنهم من يقول ان المقصود ما يحصل فيها من الى الروح وانشراح الصدر وكانك في نعيم الجنان. ومنهم من يقول بل هي قطعة من الجنة على الحقيقة. كما ان الحجر الاسود اليماني ياقوتتان من يواقيت الجنة وان تلك المواضع ستعود الى مثلها في الجنة اذا اذن الله لهذه الدنيا بالفناء والزوال على كل حال فكون اخباره عليه الصلاة والسلام عن روضته انها قطعة من الجنة كرامة وفيها اية فما دخل الجنة فحين قال ذلك عليه الصلاة والسلام واعلام الله تعالى له بذلك اية واخباره لنا امة الاسلام بذلك المعنى هو جزء من علم الغيب فكان هذا في عداد المعجزات ان يخبر عن قطعة من الدنيا او بقعة فيها انها جزء من الجنة. ولذلك فمن لطيف في قول بعض اهل العلم ان من دخل الروضة وصلى فيها ركعتين فانه يدعو الله مستصحبا هذا المعنى عندما يقول ربنا انك اوعدت انك من ادخلته الجنة لا يخرج منها. وقد ادخلتني روضة من رياضها فاكرمني بسكناها يوم القيامة دون خروج منها نسب اسأل الله الكريم من فضله وتخيير الله له عند موته صلى الله عليه وسلم. وتخيير الله تعالى له عند موته. يشير المصنف رحمه الله الى ما اخرج الشيخان البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها يقول عليه الصلاة والسلام في مجمع من اصحابه وهم جلود ان عبدا خيره الله بين ان يؤتيه زهرة الدنيا بين ان يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء وبينما عنده اختار ما عند الله قال فبكى ابو بكر رضي الله عنه فقال عمر الا تعجبون لهذا الشيخ يخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن عبد يخيره الله بين زهرة الدنيا ما شاء وبينما عنده فاختار ما عند الله فيبكي قال ثم لم يفطن الصحابة الى ما فطن له ابو بكر. وان العبد الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم يقصد به نفسه وانها تخيير من الله له. بين ان يبقى في الدنيا منعما ويؤتى من زهرتها ما شاء وبين ان يكون عند الله منعما مكرما فاختار ما عند الله. ولهذا بكى ابو بكر رضي الله عنه ادرك وفهم رضوان الله عليه وعلى سائر الصحابة ما لم يدركه بقية الصحب. ويدل ذلك على فقه الصديق رضي الله عنه وامامته في والعلم واستحقاقه الخلافة من بين سائر الصحابة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فتخير الله لنبيه عليه الصلاة والسلام هي ايضا من الايات التي يصلح اندراجها في عداد الايات العظيمة التي تدل على شأن النبي صلى الله عليه وسلم قومه الشريف ونبوته العظيمة. نعم وما اشتمل عليه حديث الوفاء من كراماته وتشريفه وصلاة الملائكة على جسده على ما رويناه في بعضها واستئذان ملك الموت عليه ولم يستأذن على غيره على غيره قبله. وندائهم الذي سمعوه الا ينزعوا عنه عند غسله. وما روي من وما روي من تعزي من تعزية الخضر والملائكة اهل بيته عند موته. الى ما ظهر على اصحابه من كراماته وبركته في حياته وموته نعم قال المصنف رحمه الله في ختام هذا الفصل الذي هو اخر فصول المعجزات والايات قال وما اشتمل عليه حديث الوفاة من كراماته صلى الله عليه وسلم وتشريفه صلى الله عليه وسلم. وصلاة الملائكة على جسده على ما رويناه في بعضها واستئذان ملك الموت عليه ولم يستأذن على غيره قبله وندائهم الذي سمعوه الا ينزعوا القميص عنه عند غسله. وما روي من تعزية الخضر والملائكة اهل بيته عند موته. هذه الجمل اشار المصنف رحمه الله الى بعض ما روي في ذلك من الاحاديث التي اخرج بعضها البيهقي في الدلائل واخرج عدد من اهل العلم طرفا منها. قال الحافظ العراقي في تخريج احاديث احياء علوم الدين الحديث منكر. وقال واما ذكر الخضر في التعزية فانكر النووي وجوده في كتب الحديث وقال انما ذكره الاصحاب. وقد رواه الحاكم في المستدرك من حديث انس ولم يصححه ولا يصح الحديث. فما يذكر هنا في هذه الجمل ان الخضر او لملائكة الكرام عزوا اهل بيته عليه الصلاة والسلام في مماته صلى الله عليه وسلم فلا به الحديث. واما استئذان ملك الموت او نزول الملائكة وصلاتها على جسده فان ذلك من علم الغيب ولا يعلم الغيب الا بوحي. ولما كان حيا صلى الله عليه وسلم كان يخبر الامة بذلك الغيب. فاما وقد مات. فمن الذي اخبر بنزول الملائكة ومن الذي رأهم فعلم ان ذلك قد وقع؟ فذلك مما لا يصح به رواية تثبت هذا القدر من علم الغيب الذي لا يعلم الا الله او من يطيع الله عز وجل من شاء من خلقه على ذلك النحو من علم الغيب. نعم الى ما ظهر الى ما ظهر على اصحابه من كرامته وبركته في حياته وموته. كاستسقاء عمر بعمه تبرك غير واحد بذريته صلى الله عليه وسلم. عليه الصلاة والسلام. قال الى ما ظهر على اصحابه يعني الى عداد تلك الاية ايات التي ظلت مستصحبة في عداد المعجزات والكرامات التي خص الله بها نبينا صلى الله عليه وسلم. قال ما ظهر على اصحابه من كراماته وبركته في حياته وموته اما في حياته عليه الصلاة والسلام فقد تواترت الرواية بعدد كبير مما صح من فعل الصحابة في التماسهم البركة من رسول الله صلى الله عليه وسلم البركة في دعائه وقوله ومس جسده الشريف صلى الله عليه وسلم البركة في مجالسته والنظر اليه سماع خطابه ولذيذ حديثه عليه الصلاة والسلام. البركة في الاستجابة لامره ونهيه. البركة في تعلم ما يلقي اليهم من الدين والوحي والشريعة فكانت حياته بركة عليه الصلاة والسلام. ونال اصحابه رضوان الله عليهم من تلك البركات بقدر عظيم صحبتهم له عليه الصلاة والسلام واقتباسهم ونيلهم من تلك البركات. وهذا قدر لا يسعه الحديث الاشارة اليه في جلسة كهذه لكنك حسبك ان تقول ان الايمان ونور الوحي والشريعة وخروجهم في ذلك الجيل من ظلمات الشرك والجاهلية انما هي من بركات بعثته عليه الصلاة والسلام وما حباهم الله عز وجل به من شرف الصحبة ايضا هي بركة عمتهم بصحبتهم له صلى الله عليه وسلم واما عند موته فان البركة باقية في امته باتباع سنته عليه الصلاة والسلام واما البركة بعد مماته صلى الله عليه وسلم فان الجانب الاعظم منها انما هو في اتباع سنته واقتفاء اثره وهديه عليه الصلاة والسلام. ثم كان في الجيل الاول بعد مماته عليه الصلاة والسلام فيما بقي لهم من من اثره كبعض شعرات من جسده الشريف صلى الله عليه وسلم كما صح من حديث انس واحتفاظهم ببقايا من شعره في داري ابي طلحة ظل بعضها لدى بعض السلف حتى فقد ذلك في العصور المتأخرة في الاسلام واما ما اشار اليه المصنف من قوله كاستسقاء عمر بعمه وتبرك غير واحد بذريته فالمراد به ما صنعه امير المؤمنين عمر رضي الله عنه في خلافته لما ارادوا الاستسقاء وقد تأخر عليهم نزول الغيث فقام خليفة رضي الله عنه يستسقي فقال اللهم انا كنا نستسقي نستسقيك بنبينا صلى الله عليه وسلم فتسقينا وانا نتوسل اليك بعم نبينا صلى الله عليه وسلم قم يا عباس فاستسقي لنا. فرأى عمر رضي الله عنه ان العباس بقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرب للاجابة عند الله. التماسا لهذه البركة من ال بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فضلا عن ان العباس رضي الله عنه له في الصحبة قدم راسخة وله في الايمان مقام عظيم وجعل عمر رضي الله عنه ذلك من هذا القبيل وليس المقصود التبرك بشخص العباس ولا بذاته لكن لمقامه ونسبه به الشريف وقرابته من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. تم هذا الفصل من كلام المصنف رحمه الله تعالى يعقبه في اخر ذلك بمقارنة بمعجزات نبينا صلى الله عليه وسلم مع معجزات الانبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام اكملوا ليلتكم ايها الكرام بمثل ما استفتحتموها به من كثرة الصلاة والسلام عليه. صلى الله عليه وسلم. فهي ليلة مباركة ونبينا عظيم القدر رفيع الشرف صلى الله عليه وسلم. صلوا عليه وسلموا صلاة مشتاق محب يخفق قلبه قبل نطق لسانه بحب نبيه عليه الصلاة والسلام. ما مر ذكرك يا حبيبي لحظة الا جعلت نحوك سلما صلى عليك الله ما طير شدا مترنما صلى عليك وسلم. واجعلوا من صلاتكم وسلامكم عليه قربة صالحة ترجون بها كرامة عند الله وشفاعة من نبيه صلى الله عليه وسلم يوم تلقون الله. فاللهم وسلم وبارك عليه كما تحب ان يصلى ويسلم عليه. وصل يا ربي وسلم وبارك عليه عدد ما صلى عليه عبادك من امته وعدد ما غفل عن الصلاة عليه الغافلون. اللهم انا من كل ذلك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما يا رب العالمين. اللهم ارحم موتانا واشف مرضانا واهدي لنا وتقبل منا انك انت السميع العليم. وتب علينا انك انت التواب الرحيم. اللهم احفظنا والمسلمين جميعا ام بحفظك من شر الاشرار ومن كيد الفجار ومن شر طوارق الليل والنهار انت خير حافظا وانت ارحم الراحمين ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد وال وصحبه اجمعين والحمد لله رب العالمين