بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له له الحمد في الاخرة والاولى. واشهد ان ونبينا وحبيبنا محمدا عبد الله ورسوله المصطفى. ونبيه المجتبى. صلى الله ربي وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته وصحابته ائمة الهدى. ومن سار على نهجهم واتبعهم باحسان واقتفى اثرهم الى يوم اللقاء. اما بعد ايها الاخوة الكرام فهذه الليلة العظيمة المباركة ليلة الجمعة فيها من الفضائل والخيرات والبركات ما يجعل احدنا حريا معشر المؤمنين على اغتنامها والاستكثار من بركاتها. الا وان الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الليلة من بين سائر الليالي على وجه الخصوص لهو من العمل الجليل والطاعة المباركة التي اكثروا منها امة الاسلام. ونحن مأمورون في قوله صلى الله عليه وسلم ان من افضل ايامكم يوم فاكثروا من الصلاة علي فيه. صلى الله عليه وسلم. وهو القائل ايضا عليه الصلاة والسلام اكثروا من الصلاة علي ليلة الجمعة ويوم الجمعة فان صلاتكم معروضة علي. وهذا المجلس الذي فيه كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه واله وسلم. للامام القاضي عياض رحمه الله تعالى ونحن في رحاب بيت الله الحرام لهو من العوامل التي تحمل احدنا على كثرة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه واله وسلم. وقد وقف بنا الحديث عند منتهى الفصل الاخير من الباب الرابع في القسم الاول من الكتاب بعدما اتم المصنف رحمه الله في نحو ثلاثين فصلا ذكر معجزاته صلى الله عليه واله وسلم. ثم ختم هذا الباب العظيم المبارك بذكر ما يتعلق بالمقارنة بين معجزاته صلى الله عليه وسلم ومعجزات الرسل عليهم وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام. تقدم في مجلس ليلة الجمعة الماضية ان المصنف رحمه الله تعالى قال ان معجزات نبينا صلى الله عليه وسلم اظهر من سائر معجزات الرسل بوجهين اثنين احدهما كثرتها وانه لم يؤتى نبي المعجزة الا وعند نبينا مثلها صلى الله عليه وسلم. مثلها او ما وابلغوا منها وفي سياق احاديثه رحمه الله عن كثرة معجزات رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهو الذي قد في نحو ثلاثين فصلا عددا عظيما من المعجزات ما اراد سردها وعدها وانها بمجموعها اكثر من معجزات الرسل عليهم السلام. واكتفى رحمه الله في اثبات هذا بالنظر الى معجزة واحدة فحسب وهي معجزة القرآن وان القرآن وحده لو نظرنا اليه من حيث اعجازه فانه وحده يبلغ في العدد والكثرة ما يفوق معجزات الانبياء عليهم السلام. واعتمد رحمه الله في ذلك على ان القرآن معجز بمجموعه وبعشر سور منه وبسورة او بحديث من مثله كما تقدم في الاستدلال. فاذا كانت سورة القصيرة في قدر سورة الكوثر تبلغ معجزة بعدها فان القرآن لو قسم على عدد الجزء لبلغ اكثر من سبعة الاف في العدد. ثم ان القرآن معجز من وجوه عدة في بلاغته وفي فصاحته وفي اخباره بالغيب. فاذا اعتبرت كل جزء من اجزاء القرآن بقدر اقصر سورة منه معجزة ومن وجوه متعددة فانه بالعدد يبلغ اضعاف ذلك بكثير فاذا اردناها بالحساب فان معجزة القرآن وحدها تبلغ في عددها ما يفوق معجزات الرسل عليهم وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام ثم قال رحمه الله ان الوجه الثاني الذي به تظهر معجزات نبينا صلى الله عليه وسلم على معجزات الرسل وضوحها وشهرتها وانتشارها فان معجزات الرسل انما كانت بقدر ما يعتني به اقوامهم معجزة موسى عليه السلام في السحر ومعجزة عيسى عليه السلام في الطب. وهنا وقف بنا الحديث ان العرب كان جملة معارفها وعلومها اربعة. البلاغة والشعر والخبر والكهانة. فكانت معجزة النبي صلى الله عليه وسلم المتمثلة في اعظمها وهي القرآن كانت ايضا اعجازا للعرب فيما فاقت به امم وفيما تفردت به وتنافست فيما بينها عليه وهو الوجوه المشار اليها. وقف بنا الحديث هنا عند قول صنفي رحمه الله وهكذا سائر معجزات الانبياء. نعم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. قال المصنف رحمه الله تعالى وهكذا سائر معجزات الانبياء. ثم ان الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم وجملة معارف العرب وعلوم اربعة البلاغة والشعر والخبر والكهانة. فانزل عليه القرآن الخارق لهذه الاربعة فصول من الفصائل والايجاز والبلاغة الخارجة عن نمط كلامهم. ومن النظم الغريب والاسلوب العجيب الذي لم يهتدوا في المنظوم الى طريقه ولا علموا في اساليب الاوزان منهجه. ومن الاخبار عن الكوائن والحوادث والاسرار والمخبئات والضمائر. فتوجد على ما كانت ويعترف المخبر عنها بصحة ذلك وصدقه. وان كان اعدى العدو. فابطل الكهانة التي تصدق مرة وتكذب عشرة ثم اجتثها من اصلها برجم الشهب ورصد النجوم. وجاء من الاخبار عن القرون السالفة وانباء الانبياء والامم البائدة والحوادث الماظية ما يعجز من تفرغ لهذا العلم عن بعضه على الوجوه التي بسطناها وبينا المعجزة فيها قال رحمه الله ثم ان الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم وجملة معارف العرب وعلومها اربعة البلاغة والشعر والخبر والكهانة. يريد رحمه الله ان العرب قبل الاسلام انما اشتهر شأنهم وتنافسوا فيما بينهم وكثر بينهم هذه الامور الاربعة. البلاغة يعني في كلامها العرب سواء كان ذلك شعرا او نثرا وانما يوصف بالبلاغة عادة النثر من الكلام لا الشعر منه خاصة. فيقال في كلام العرب بليغ ويضرب به المثل في وجوه البلاغة فيه من عدد كبير من الانماط التي كانت عليها لغة العرب في بلاغتها التي تسحر الالباب في خطابتها وجملها التي تغدو حكما وامثالا سائرة وهكذا كانت العرب يجري على لسانها سليقة فصيح الكلام وبديعه ويزيده رونقا وبهاء ما يؤتاه بعضهم من من بيان وبديع وبلاغة راقية تأخذ بالباب السامعين. وهكذا الشأن في شعر العرب وقد كان ديوانها قبل الاسلام ولا يزال ان العرب انما تحفظ تاريخها وانسابها وعلومها بالشعر خاصة. وفتح لامة العرب في هذا الباب ميلادها العرب. ثم الشعري والادب ما لم يفتح لغيرها من الامم حتى كانت تفخر بها. فاذا ما انشدت الاشعار واستحسنتها الاسماع سارت بها الركبان طارت بها شرقا وغربا الى درجة ان تعلق بعض قصائد العرب على جدران الكعبة تعظيما لشأنها وايمانا بعظيم قدرها فكان هذا ايضا من الانماط التي اعتادها العرب ثم يجتمعون ايام المواسم عند اجتماع العرب وقبائلها من سائر انحاء في جزيرة العرب ويجتمعون في الحجاز لاجل موسم الحج فيجتمعون في اسواقهم المؤدية الى مسواقهم المؤدية الى بيت الله الحرام في عكاظ ومجنة وذي المجاز فتنشد الاشعار وتقام هناك الليالي التي تجتمع لها القبائل فيقوم شاعرها وينشد وكذلك الشعب في الخبر ويريد به حفظ اخبارهم. ورواية انسابهم ومعرفة تاريخه كعلما يروى عند العرب احفظها النسابة ويرتحل في طلبها وسماع اخبارها. والامر الرابع الكهانة. فانه لم تكن لم تكن تخلو قبيلة من العرب من كاهن او كاهنا يترجمون الغيب ويبحثون عندهم عن شيء من تلك الاخبار التي يقتاتون عليها فان الامم كلما سفلت حضارتها وضعف نصيبها من العلم المؤدي الى الرقي والازدهار. جنحت الى الخرافة والاساطير. وعمدت الى ما تعوض وبه ذلك النقص في تراثها وعلومها وكذلك كانت العرب قبل الاسلام. فانها ركنت الى الكهانة واشتهر امرها وقد ايضا ان من ارهاصات النبوة ما سمعته الكهنة من قبائل العرب شرقا وغربا وشمالا وجنوبا وما حدثت به في جمل تنبأت فيها بقرب بعثته صلى الله عليه وسلم. هذه الاركان الاربعة البلاغة والخبر والكهانة انظر كيف كانت معجزة رسول الله صلى الله عليه وسلم في ان يفوق العرب قاطبة في ذلك كله اجمع. فنزل القرآن فاذا به لا يدانيه في البلاغة من كلام العرب كلام. وليس يسحر الالبان ويأخذ بالاسماع شيء من شعر العرب بمثل اية من القرآن. ولا اخبارها فان القرآن لما نزل ما كان يحكي تاريخ كالعرب فحسب بل حكى تاريخ الامم. واثبت من خبر الاولين والسابقين والسالفين من لدن ادم عليه السلام وبدء الى اخر ازمنة العرب قربا بهم عهدا. واما الخبر الاخر المغيب فهو التنبؤ بما سيكون. وحوى القرآن من شيئا عجيبا ما على مثله يؤمن المهتدي المستدل على ذلك بصدق نبوته صلى الله عليه وسلم والوحي المنزل له من عند الله عز وجل. واما الكهانة فان القرآن بما فيه من الاعتقاد بالله جل جلاله وابطال التعلم بشيء من الرجم بالغيب والتنبؤ بما لا يعلمه الا الله اقفل ذلك. فضلا عما كان ابان بعثته بين يدي رسالته صلى الله عليه وسلم من اغلاق باب الكهانة وجاء كما قال المصنف رحمه الله تعالى برصد ذلك باغفال باغلاق ذلك الباب ما سلط الله عز وجل على الجن من الشهب التي منعتها من استراق قال المصنف رحمه الله فانزل عليه القرآن. الخارق لهذه الاربعة فصول من الفصاحة والايجاز والبلاغة الخارجة عن نمط كلامهم. ومن النظم الغريب والاسلوب العجيب الذي لم يهتدوا في المنظوم الى طريقه ولا علموا في اساليب الاوزان منهجه. ومن الاخبار عن الكوائن والحوادث والاسرار والمخبئات والضمائر. فتوجد على اما كانت ويعترف المخبر عنها بصحة ذلك وصدقه وان كان اعدى العدو. فابطل الكهانة التي تصدق مرة وتكذب عشرا ثم اجتثها من اصلها برجم الشهب ورصد النجوم. يشير الى مثل قوله تعالى وانا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع ان يجد له شهابا رصدا. قال وجاء من الاخبار عن القرون السالفة وانباء الانبياء والامم البائدة والحوادث الماضية. ما يعجز من تفرغ لهذا العلم عن بعضه على الوجوه التي بسطناها. وبينا المعجزة فيها. يشير رحمه الله الى ما سبق ذكره في ان كما في القرآن من الاخبار يعني الامم السابقة وحده هو وجه معجزة عجيب. لانه لا احد من العرب في اكبر من حفظ تاريخها وروى اخبارها لا يستوعب ما جاء في القرآن ولا ببعضه فيما حكى القرآن من تفاصيل دقيقة تحكي شيئا من الامم السابقة اخبار موسى عليه السلام مع فرعون واخبار عيسى عليه السلام مع الحواريين وقصة المائدة وغيرها من الوقائع فضلا عن الامم كامة شعيب وثمود وعاد وغيرهم فيما حكى القرآن مما كان بين الانبياء عليهم السلام وبين اقوامهم من الحجج والادلة والبراهين ثم المعجزات الخارقة ثم الحديث عن العقوبات الالهية كل ذلك لو تفرغ له احد من البشر ليتعلمه ويحصله ويرتحل في طلبه لن يجد شيئا مما حوى القرآن. فاستدللنا بذلك على ان ما في القرآن ليس ليس من جمع بشر ولا تحصيل انسان انما هو وحي من الله جل جلاله فكانت قبوءة صادقة بعث الله بها نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم. نعم. قال المصنف رحمه الله ثم بقي هذه المعجزة الجامعة لهذه الوجوه الى الفصول الاخرى التي ذكرناها في معجزات القرآن ثابتة الى يوم القيامة. بينة الحجة لكل امة تأتي لا يخفى وجوه ذلك على من نظر فيه وتأمل وجوه اعجازه. الى ما اخبر به من الغيوب على هذه سبيل فلا يمر عصر ولا زمن الا ويظهر فيه صدقه بظهور مخبره على ما اخبر. فيتجدد الايمان. طيب لو تكلمنا معجزة القرآن يا امة الاسلام اترون ان القرآن كان معجزة في زمنه الذي انزل فيه على قريش زمن خلال بعثته صلى الله عليه وسلم ثم انتهى وجه الاعجاز العظيم البليغ الذي حواه القرآن؟ الجواب كلا كما كان القرآن عند قريش وفي شعورها وحسها شيئا معجزا استمر نزوله على مدى وعشرين سنة فان الوجه العجيب الكامن في اعجاز القرآن انه معجزة متجددة على مر الزمان. وهذا وجه في معجزات نبينا صلى الله عليه وسلم. قال ثم بقيت هذه المعجزة الجامعة لهذه الوجوه الى الفصول التي ذكرناها في معجزات القرآن ثابتة الى يوم القيامة. اتظن ان فصاحة القرآن على مر الزمان قد اعتراها بلا واتلفها الانسان فاصبحت من قديم الكلام؟ ابدا. ما زال القرآن رغم نزوله الذي مضى عليه اكثر من خمسة عشر قرنا من الزمان الى اليوم لا يزال طريا نديا. ولا يزال عذبا حلوا لا يزال له اثره وهي وسلطانه لا تزال العرب الى اليوم عالمها وجاهلها مثقفها ومتعلمها وعاميها واميها في بهذا الشعور مع القرآن على حد سواء. انه اية في الاعجاز. ولا يزال الناس الى اليوم يسمعون القرآن فيسحروا البابهم ويستولي على قلوبهم واذا به يهيمن على مشاعرهم فيقودهم. لان المتكلم به ليس من كلام البشر. المتكلم به البشر فكانت هذه الوجوه في المعجزات القرآنية ثابتة الى يوم القيامة. بينة الحجة لكل امة تأتي لا يخفى فوجوه ذلك على من نظر فيه. ثم حتى الغيوب التي اخبر بها القرآن لا يمر عصر ولا زمن. الا ويظهر فيه صدقه بظهور مخبره على ما اخبر. فيتجدد الايمان وينمو. ويزداد اليقين ليس عند امة الاسلام فحسب. بل عندها وعند غيرها والمقصود يا كرام الا يقع في حس مسلم الى يوم القيامة ان الحديث عن معجزة القرآن هو حديث عن صفحة من التاريخ رافقت بعثته عليه الصلاة والسلام يا اخوة معجزة القرآن ليست كمعجزة انشقاق القمر ولا كمعجزة الاسراء والمعراج ولا كمعجزة نبع الماء من بين اصابعه صلى الله عليه وسلم. ولا كمعجزة تكفير الطعام بين يديه صلى الله عليه وسلم ولا كمعجزة تسليم الحصى والحجر عليه صلى الله عليه وسلم. ولا كغيرها من المعجزات العديدة التي سردها المصنف رحمه الله في فصول هذا الباب. ووجه الاختلاف الاكبر ان معجزة القرآن لم تنقض بانقضاء حياته صلى الله عليه وسلم ولا انتهى اثرها بانتهاء حادثتها وواقعتها. اليوم انا وانت نؤمن بان القمر قد انشق اية له صلى الله عليه وسلم فهل رأيت انشقاق القمر؟ هل شهدته بعينيك؟ هل ادركته؟ فكيف تؤمن بشيء خارق مستحيل عادة في نظام الكون ان يحصل تؤمن لانه مذكور في كتاب الله اقتربت الساعة وانشق القمر. فتؤمن به ولو لم تره. لان الله اخبر به هذا الفرق بين ايمانك بمعجزة ما شهدتها. لكن القرآن اثبتها. او صحيح السنة ايضا رواها ونقلها. فرق بين هذا وبين ان ترى المعجزة حية بين يديك. يا امة القرآن القرآن الذي نقرأه اليوم امة الاسلام. والذي نسمع خلف ائمتنا في الصلوات ونقرأه في المصاحف ويحفظه صبياننا قبل كبارنا ورجالنا ونساؤنا وكل امة اسلام واحدة من وجوه العجب البين فيه انه القرآن الذي كان يقرأه ابو بكر وعمر وعثمان وعلي انه القرآن الذي سمعوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم. فما هو كامل فيه من كل وجوه الاعجاز لا يزال محفوظا قائما فلا تزال معجزته طرية ندية. هذا وجه عظيم حفظ الله تعالى به. معجزة عظيمة من معجزات نبيه صلى الله عليه وسلم. فبقيت اليوم وغدا والى ان تقوم الساعة والى ان يرث الله الارض ومن عليها. يقول رحمه الله فلا يمر عصر ولا زمن الا ويظهر فيه صدقه بظهور مخبره على ما اخبر. نعم فيتجدد الايمان ويتظاهر البرهان وليس الخبر كالعيان كما قيل. وللمشاهدة زيادة في اليقين. والنفس اشد طمأنينة الى عين اليقين منها الى علم اليقين. وان كان كل عندها حقا. وسائل علم اليقين وعين اليقين. اليقين الذي يحصل في قلب الانسان هو الجزم الذي لا شك فيه ولا ريبة ولا امتراء كيف يقع اليقين عندك عبد الله باي قضية في الحياة؟ كيف يقع في قلبك يقين بان المطر نزل البارحة وان فلانا توفي اليوم كيف يحصل عندك يقين تجاه خبر او قضية ما في الحياة يحصل اليقين بواحد من طريقين اما بعلم بخبر يأتيك فتعلمه فيثبت عندك من هذا الخبر ويحصل لك اليقين في نفسك. وهذا لا يكون للاخبار الا الا اذا تواترت فاذا تكاثرت الاخبار عندك بقضية ما وسمعتها من واحد واثنين وخمسة وعشرة ومئة استقر عندك اليقين. فاذا بك نزل المطر البارحة في المدينة المنورة وانت لم تكن بها ولا رأيت المطر ينزل لكنك تجزم به فقط لانه حصل عندك علم اليقين هذا علم اليقين. واما عين اليقين فالشيء الذي يحصل عند اليقين به لانك عاينته. فاذا كنت بالمدينة البارحة ونزل المطر وانت حاضر فهذا عندك علم يقين او علم اليقين هذا عين اليقين ايهما اقوى وابلغ في حصول اليقين في النفس؟ عين اليقين يقول المصنف رحمه الله وللمشاهدة زيادة في اليقين والنفس اشد طمأنينة الى عين اليقين منها الى علم اليقين. اذا عين اليقين المستفاد بالمعاينة وعلم اليقين المستفاد بالتواتر استدلالا. قال وان كان كل عندها حقا عند النفس وان كان علم اليقين عندنا حق وعين اليقين عندنا حق. وهذا كالذي ضربت لك به المثل. نؤمن بمعجزات نبينا صلى الله عليه وسلم وجلها لم نشهدها ولم نعاينها ولم نكن حاضرين لها كما ضربت لك في الامثلة. لكنه حصل عندنا بها علم اليقين من اين من الاخبار المتواترة من اية اثبتت تلك المعجزة كمعجزة الاسراء وانشقاق القمر. او احاديث تظاهرت بها رواية وصح بها السند واستقر عندنا بها العلم استدلالا انها حاصلة. هذه المعجزات نحصل بها يقينا بالعلم ايهما ابلغ؟ يقين يحصل عندك بالعلم او يقين يحصل عندك بالمشاهدة والمعاينة بالمعاينة هو اكد وابلغ. وان كان كل منهما حق عندنا. ويقين عندنا. فالقرآن الكريم معجزة عظيمة كبيرة تحصل بها اليقين عندنا امة الاسلام بعين اليقين. لان القرآن لا يزال بين ظهرانينا. نقرأه ونسمعه ونحفظه ثم نقف على عجائبه ووجوه الاعجاز فيه يوما بعد يوم بل ساعة بعد ساعة. نعم وسائر معجزات الرسل انقرضت بانقراضهم وعدمت بعدم ذواتها. ومعجزة نبينا صلى الله عليه وسلم لا تبيد ولا تنقطع واياته تتجدد ولا تظمحل. ولهذا ما يزال في القرآن متسع لكل من رام الوقوف على وجوه الاعجاز في واقبل اهل العلم في كشف اللثام عن وجوه عجيبة من اعجاز القرآن. فاعجاز علمي تارة وطبي تارة واعدادي تارة الى سائر وجوه الاعجاز. لكن الاعجاز الاكبر فيه ما تقدم في ذكره في كلام المصنف رحمه الله تعالى سائر معجزات الرسل انقرضت بانقراضهم. فاذا مات النبي عليه السلام دفنت معه المعجزة التي جاء بها وانتهت بانتهاء حياته عليه السلام. قال ومعجزة نبينا صلى الله عليه وسلم لا تبيدوا ولا تنقطع. واياته وتتجددوا ولا تظمحل فهذا وجه من وجوه مقارنة معجزاته صلى الله عليه وسلم بمعجزات الانبياء عليهم السلام وانها مشتهرة واضحة على مر الزمان لا تضعف ولا تغيب ولا تختفي. نعم. قال رحمه الله ولهذا اشار عليه السلام بقوله فيما حدثنا القاضي الشهيد ابو علي قال حدثنا القاضي ابو الوليد قال حدثنا ابو ذر قال حدثنا ابو محمد وابو اسحاق وابو الهيثم قالوا حدثنا الفربري. قال في ربري؟ قالوا حدثنا الف ربري. قال حدثنا البخاري. قال حدثنا عبد العزيز عبد العزيز بن عبد الله قال حدثنا الليث عن سعيد عن ابيه عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من نبي الا اعطي من الايات ما مثله امن عليه البشر. وانما كان الذي اوتيت وحيا اوحاه الله الي. فارجو اني اكثرهم تابعا يوم القيامة. هذا معنى الحديث عند بعضهم وهو الظاهر والصحيح ان شاء الله. ما من الانبياء نبي الا اعطي من الايات ما مثله امن عليه البشر. يعني ان الله ما بعث نبيا الا اتاه معجزة. معجزة بحيث تكون سببا يقود البشر الى الايمان. فكل نبي لم يعدم معجزة الهية تكون سببا في ايمان امته. قال الا وانما كان الذي اوتيت وحيا اوحاه الله الي. ماذا يقصد عليه الصلاة والسلام يقصد معجزة القرآن قال فارجو اني اكثرهم تابعا يوم القيامة هل ينفي النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث المعجزات الاخرى التي ايده الله بها؟ الجواب لا. لكن لماذا على ذكر معجزة القرآن. لانها الاظهر والاعظم والابقى الى قيام الساعة. ولهذا قال فارجو اني اكثرهم تابعا يوم القيامة. لماذا يكون اكثرهم تابعا يوم القيامة عليه الصلاة والسلام؟ لان معجزته لا تنتهي بنهاية حياته ولا تموت بوفاته صلى الله عليه وسلم فلتتعاقب الامم والقرون والاجيال ومعجزته عليه الصلاة والسلام ظاهرة ناطقة فيؤمن على مثلها البشر. ويفنى جيل ويأتي جيل فتتعاقب الاجيال. واذا بهذه المعجزة في القرآنية العجيبة تكون سببا لدخول الناس في الايمان. قال ولهذا اشار عليه الصلاة والسلام يعني الى هذا اعلى اي معنى بقاء معجزته عليه الصلاة والسلام وانتشارها وعدم انتهائها بنهاية حياته ولا كونها تبيد بعد وفاته صلى الله عليه وسلم قال هذا معنى الحديث عند بعضهم وهو الظاهر والصحيح ان شاء الله وسيشير الى معنى اخر حمل عليه بعض العلماء معنى هذا الحديث عليه. نعم. وذهب غير واحد من العلماء في تأويل هذا الحديث وظهور وظهور معجزة نبينا عليه السلام الى معنى اخر من ظهورها بكونها وحيا وكلاما لا يمكن فيه ولا التحيل عليه ولا التشبيه. فان غيرها من معجزات الرسل قد رام المعاندون لها باشياء طمعوا في التخييل بها على الضعفاء كالقاء السحرة حبالهم وعصيهم وشبه هذا مما يخيله الساحر او يتحيل فيه. والقرآن كلام ليس للحيلة ولا للسحر في التخييل فيه عمل. فكان من هذا الوجه عندهم اظهر من غيره من المعجزات. كما لا يتم لشاعر ولا لخطيب ان شاعرا او خطيبا بضرب من الحيل والتمويه. هذا معنى من المعاني الذي فسر به بعض العلماء حديثه عليه الصلاة والسلام ان وحيه الذي ان الوحي الذي اوحاه الله اليه معجزة كانت تفوق معجزات الانبياء عليهم السلام. وهو ان المعجزة النبوية المتمثلة في القرآن لا يمكن التخييل فيها ولا التحيل عليها ولا التشبيه. ما معنى هذا لما جاء موسى عليه السلام بمعجزته وجمع السحرة لميقات يوم معلوم. ماذا فعلوا السحرة القوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون انا نحن الغالبون. وسترهبوا الناس وجاؤوا بسحر عظيم. لما القى السحرة بسحرهم ماذا كان تخييلا وتمويه يخيل اليه من سحرهم انها تسعى. فاوجس في نفسه خيفة موسى. بعض الحيل التي كان المعاندون للامن بياء يرومون فيها غلبة النبي في معجزته التي يؤتاها لكن القرآن لا سبيل فيه الى مثل ذلك لا يمكن للقرآن وهو كلام ونظم بديع جمع وجوه الاعجاز من فصاحة وبلاغة لا يمكن ان يحتال على مثله ولا ان يتموه عليه ولا ان يعاند فيه ولذلك عجزت العرب واستسلمت منذ اول اية نزلت في القرآن واعترف كافرهم قبل مؤمنهم بان هذا ليس من كلام البشر ولما بالغ معاندهم وكافرهم وقال ان هذا الا قول البشر جاء الوعيد ساصليه سقر. لانها كذبة مفتراه هو ادرى الناس بكذبه فيها. وهوى ليس من جنس كلام البشر قط لكن العجيب فيه انه من جنس كلامهم. الا انهم ما استطاعوا سبيلا الى معاندته ولا الى قبول التحدي فيه قال قد رام المعاندون في معجزات الانبياء باشياء طمعوا في التخييل بها على الضعفاء. كالقاء السحرة حبالهم عصيهم. اما القرآن فليس للحيلة ولا للسحر في التخييل فيه عمل لانه كلام. فكان من هذا الوجه عند بعض العلماء في ان معجزة القرآن اظهر من معجزات الرسل عليهم السلام. قال كما لا يتم لشاعر ولا خطيب ان يكون شاعرا او خطيبا بضرب من الحيلة والتمويه فاما ان يكون شاعرا بحق والا فلا يستطيع مجاراة الشعراء. واما ان يكون خطيبا مفوها بليغا والا فلا يستطيع التحدي بمجاراة الخطباء. لانه كلام والكلام صنعة لا يؤتى بحيلة ولا بسحر ولا بتخييل فكان في هذا المعنى الذي حمله بعض العلماء تأويلا على معنى حديث قوله صلى الله عليه وسلم ما من الانبياء نبي الا اعطي من الايات ما مثله امن عليه البشر. وانما كان الذي اوتيته وحيا اوحاه الله الي. نعم. والتأويل الاول اخلص ارضى وفي هذا التأويل الثاني ما يغمض الجفن عليه ويقضى. يرجح المصنف رحمه الله المعنى الاول الذي ذكره قال انه اخلص وارى واما المعنى الثاني فقد اشار الى ضعفه ونقده بعبارة لطيفة قال وفي هذا التأويل الثاني ما يغمض الجفن وعليه ويغضى يعني يلتمس العذر فيه ويغمض الجفن عنه ويعني يتجاوز لانه ليس بمرضي في نقد اما للحجج ولا للبراهين. نعم. ووجه ثالث على مذهب من قال بالصرفة. وان المعارضة كانت في مقدور البشر عنها او على احد مذهبي اهل السنة من ان الاتيان بمثله من جنس مقدورهم. ولكن لم يكن ذلك قبل ولا يكون بعد ان الله تعالى لم يقدرهم ولا يقدرهم عليه. مذهب الصرفة هو قول عند بعض علماء المعتزلة وبه قال بعض العلماء من غيرهم وملخص هذا القول ان وجه المعجزة في قرآن ليس انه يعجز العرب عن مثله بل لان الله صرفهم عن الاتيان بمثله. وان الله سلب العرب القدرة على ان ان يأتوا بمثل القرآن مع ان احدهم اذا تكلم كان بليغا واذا انشد الشعر كان ايضا مما يؤخذ عنه ويروى ويحفظ واذا تكلم بكلامه المعتاد كان من جميل الكلام الذي يحفظ ويروى ويضرب به المثل. فاذا رام القرآن سلب ذلك. هذا معنى الصرف ان الله صرفهم عن الاتيان بمثله. وهذا القول لم لم يرضى به اهل سنة لانه بهذا المعنى لا يكون فيه تحديا ولا اعجازا افيكون تحديا واعجازا وقد سلبهم الله القدرة عليه هذا وجه قال به بعض من يقول بان وجه الاعجاز في القرآن ان الله صرف العرب عن الاتيان بمثله وعلى بعض طريقة بعض علماء اهل السنة في قول اخر قريب من قول الصرفة الذي يقول به المعتزلة ان العرب كانوا قادرين على الاتيان بمثله لكنه لم يكن ذلك لان الله لم يقدرهم. يعني كانت القدرة حاصلة لكن الله ما اراد لهم فعل ذلك هو قريب من مذهب المعتزلة يقول المصنف على كلا القولين يبقى في القرآن وجه اعجاز ان العرب على تاريخ تاريخها الطويل القديم والحديث لم يتأتى لواحد منهم ان يقبل هذا التحدي فينظم اية تحاكي القرآن او يؤلف جملا على هيئة اقصر سورة من القرآن. ولم يحصل ذلك قط في تاريخ العرب. في الوقت الذي تحملت فيه العرب وجوها اعظم من معاندة الاسلام. قبلت العرب في جاهليتها. وفيما بعد قبلت الحروب. قبلت الاسرى والاسترقاء قبلت اراقة الدماء. قبلت كثيرا من الوان معاندة الاسلام. لكنها ما قبلت التحدي في الاتيان بمثل القرآن افتركب العرب المركب الصعب الذي تزهق فيه الارواح وتباد فيه الامم وتفنى فيه الاجيال ايتأتى لهم الاتيان بمثل اية وسورة قصيرة من القرآن هذا وجه عظيم اشار اليه المصنف سابقا في حديثه عن معجزات القرآن وسيشير اليه الان هنا اختصارا. نعم. وبين المذهبين فرق بين وعليهما جميعا فترك العرب الاتيان بما في مقدورهم او ما هو من جنس مقدورهم ورضاهم بالبلاء والجلاء والسباء والاذلال وتغيير الحال وسلب النفوس والاموال والتقريع التوبيخ والتعجيز والتهديد والوعيد رضاهم بالبلاء والجلاء والصباء يعني قبلوا في تاريخهم الطويل في محاربة الاسلام قبلوا اشياء عظيمة كانت انكى وكانت اكثر اذلالا لهم قبلوا الحروب فكان بلاء لهم. قبلوا الجلاء ونفيهم من ديارهم قبلوا السبي الذي يكون عقب الحروب والاسترقاق وقبلوا الاذلال وتغيير الحال وسلب النفوس والاموال. قبلوا التقريع والتوبيد قبلوا التحدي والتهديد والتعجيز الذي جاء في القرآن والوعيد الذي كان يأخذهم لاياته وسوره اية فاية وسورة سورة فسورة بالله عليكم اتقبل امة العرب حربا واستلابا لحريتها واسترقاقا واذلالا وهي امة النخوة والكرامة والعزة والاباء تقبل ذلك في مقابل ماذا؟ في مقابل عجزها عن قبول التحدي بالقرآن هذا اية كبيرة وبيان عظيم وبرهان ساطع ان العرب والله لو وجدت مركبا اسهل من هذا لاتجهت اليه. لكن قبول التحدي باية او سورة قصيرة من مثل القرآن كان اصعب عليهم من ذلك كله لتعلم ان الاعجاز في القرآن شيء يفوق ما جبلت عليه العرب قاطبة ولو اجتمعت عن بكرة ابيها نعم ابين اية للعجز عن الاتيان بمثله والنكول عن معارضته. وانهم منعوا عن شيء هو من جنس والى هذا ذهب الامام ابو المعالي الجويني وغيره قال وهذا عندنا ابلغ في خرق العادة بالافعال البديعة في كقلب العصا حية ونحوها. فانه قد يسبق الى بالناظر بدارا ان ذلك من اختصاص صاحب ذلك بمزية معرفة في ذلك الفن وفضل علم الى ان يرد ذلك صحيح النظر. واما التحدي للخلائق في مئين من السنين بكلام من جنس ليأتوا بمثله فلم يأتوا فلم يبق بعد توفر الدواعي على المعارضة ثم عدمها الا منع الله الخلق عنها بمثابة ما لو قال نبي اية ان يمنع الله القيام عن الناس مع مقدرتهم عليه وارتفاع الزمانة عنهم. فكان ذلك وعجزهم الله تعالى عن القيام لكان ذلك من ابهر اية واظهر دلالة. وبالله التوفيق. قال والى هذا ذهب الامام ابو المعالي الجويني يقصد به امام الحرمين ابا المعالي للجوينم الفقيه الشافعي رحمه الله وغيره من اهل العلم. قال وهذا عندنا ابلغ في خرق العادة بالافعال البديعة في انفسها يعني ايهما اعجب في المعجزات الافعال البديعة في انفسها كقلب العصا حية وكاحياء الموتى الذي كان لموسى وعيسى عليهما السلام. هذا اعجب هذا ابدع هذا اظهر هذا ابلغ في الاعجاز ام القرآن؟ يقول بل القرآن اعجز تدري لما؟ لان الفعل البديع في نفسه مثل قلب العصا حيا واخراج يده عليه السلام بيضاء للناظرين. هذا وان كان فعلا بديعا. وابلغوا في خرق العادة لكن ما كان في اعظم لم؟ قال لانه قد يسبق الى بالناظر ابتداء ان ما فعله من قلب العصا حي واخراج يده بيضاء واحياء الموتى ونحو ذلك قد يتبادر الى الذهن ان هذا من اختصاص صاحب المعجزة بمزية معرفته مثلا بالسحر او بالطب وانه بلغ فيه درجة ما بلغها من قبلوا التحدي معه من الاقوام. وان ذلك ربما كان لزيادة علم وخبرة يعني شعره السلام استطاع بعصاه التي القاها ان تكون حية تلقف ما يأفك السحرة الذين القوا بحبالهم وعصيهم ربما لان سحر موسى الذي تعلمه كان اعلى درجة من سحر السحرة وان ما فعله عيسى عليه السلام باحياء الموتى ربما كان لان علمه في الطب قد تجاوز الطب الذي بلغه قومه انذاك يعني هذا قد يتبادر الى الذهن. قال واما التحدي للخلائق في مئين من السنين. يعني مئات متتابعة بكلام من جنس كلامهم ليأتوا بمثله فلم يأتوا فهذا ابلغوا واعجز قال فلم يبق بعد توفر الدواعي على المعارضة. يعني عندهم الكذب والمعاندة وعندهم كل وسائل واساليب تكذيبه صلى الله عليه وسلم ثم ما استطاعوا وعدموا ان يأتوا بمعارض للقرآن قال لم يبقى الا ان الله منعهم وان الله لم يأذن لهم في ان يعارضوا كلامه. قال بمثابة ما لو قال نبي ايتي ان يمنع الله القيام ما عن الناس مع قدرتهم على القيام وارتفاع الزمانة عنهم. الزمان يعني المرض المزمن. يعني ليسوا باصحاب اعداد طبية وهم على تمام في الصحة فتكون المعجزة ان يتحدى النبي اية من الله ان يتحدى القوم القيام من المجلس. فيحاول احدهم فلا يستطيع القيام هذا على مذهب بعض من يقول بالقول القريب من قول المعتزلة في الصرف ان العرب وان كانوا فصحاء بلغاء ارباب بلسان واصحاب شعر وبيان الا انهم اذا راموا معارضة القرآن سلب الله ذلك عنهم فلم يقدروا عليه قال فهذا يكون من ابهر اية واظهر دلالة. نعم. وقد غاب عن بعض العلماء وجه ظهور ايته على سائر ايات الانبياء حتى احتاج للعذر عن ذلك بدقة افهام العرب وذكاء البابها ووفور عقولها. يختم المصنف رحمه الله الان الفصل بمذهب ذهب اليه بعض العلماء في محاولة المقارنة بين معجزات نبينا صلى الله عليه وسلم واظهرها القرآن ومقارنتها بمعجزات سائر الانبياء عليهم السلام. يقول لما غاب هذا المعنى المعنى الذي قرره المصنف وهو اعجاز القرآن وانه وحده بحد ذاته يفوق معجزات الانبياء مجتمعة. يقول لما غاب هذا المعنى اراد بعض العلماء ان يجيب عن هذا الاشكال ايهما اعجب؟ معجزة القرآن او معجزة احياء الموتى مثلا؟ قد يتبادر الى الذهن عند لم يتأمل ان معجزة احياء الموتى ابلغ. لم؟ لانها شيء ليس في مقدور البشر. ما بالغوه بطب ولا بتريال ولا بعقار ولا بغيره من اساليب العلاج. وانه ما عرف في تاريخ العرب منذ ان خلق الله البشر. ان الروح اذا خرجت لا ترد الجسد فقد يتبادر الى الذهن مثلا ان معجزة احياء الموتى ابلغ. واعظم. بعض العلماء لما اراد ان يزيل هذا الاشكال ما عمد الى الجواب الذي قرره المصنف بل ذكر جوابا اخر وهو ان العرب امة رقيقة الطبع مادة الفهم دقيقة النظر. فسلط الله عليهم معجزة تناسب طبعها بينما باقي الامم قبل الاسلام سواء كانت امة اليهود او امة النصارى من القبط او من بني اسرائيل كانوا على خلاف ذلك وكان فيهم من غلظة الطباع وجمود الفكر وظعف اساليب الترقي في الفهم ما ناسب ان يؤتى احدهم في تلك الازمنة بمعجزة بليغة عظيمة تناسب غلظ الطباع وبلادة الافهام. هذا معنى لم يرتضه المصنف. انما ذكره لان بعض اهل العلم قرره على هذا النحو فهو يسوقه رحمه الله ويبينه ويبين انه بهذا المعنى لا حاجة اليه مع ظهور المعنى العجيب في وجوه اعجاز القرآن ليكون ابلغ في مقارنته بمعجزات الانبياء عليهم السلام. نعم وقد غاب وقد غاب عن بعض العلماء علماء وجه ظهور اياته على سائر ايات الانبياء حتى احتاج للعذر عن ذلك بدقة افهام العرب وذكاء البابها ووفور وانهم ادركوا المعجزة فيه بفطنتهم. وجاءهم من ذلك بحسب ادراكهم. وغيرهم من القبط وبني اسرائيل وغيرهم لم يكونوا بهذه السبيل وغيرهم من القبط وبني اسرائيل. القبط هم قوم فرعون وبنو اسرائيل قوم موسى عليه السلام. وكلا الجنسين والصنفين كانوا من سكان مصر زمن موسى عليه السلام. ثم ما زال استعمال لفظ القبطي الى اليوم ساريا في بلاد مصر ويقصد به اليوم عرفا صار من اهل مصر على وجه الخصوص. نعم وغيرهم من القبط وبني اسرائيل وغيرهم لم يكونوا بهذه السبيل. يعني لم يكونوا على سمت العرب فيما وصفهم من دقة الافهام وذكاء باب ووفور العقول نعم بل كانوا من الغباوة وقلة الفطنة بحيث جوز عليهم فرعون انه ربهم وجوز عليهم السامري في ذلك في العجل بعد ايمانه والان ليس يتهم الامم ولا يشتمها ولا يحقرها. هو لما وصف القبط وبني اسرائيل بالغباوة وقلة الفطنة. لم يكن هذا استهزاء بالاقوام ابدا وليست عنصرية. لكن يقول الا ترى ان فرعون لما قال انا ربكم الاعلى استخف قومه فاطاعوه وان السامري بمجرد ان اتاهم بعجل جسد له خوار وقال هذا ربكم استجابوا له. يقول لا يفعل هذا من الامم الا ان كان هذا سمتهم بحيث يسهل انقيادهم لكثير من سبل الاستعباد والاذلال وعدم قبول الامر بمنطق وعقل حجة وبرهان نعم بحيث جوز عليهم فرعون بل كانوا من الغباوة وقلة الفتنة بحيث جوز عليهم فرعون انه ربهم وجوز عليهم السامري ذلك في العجل بعد ايمانهم وعبدوا المسيح مع مع اجماعهم على صلبه وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم. نعم هذا ايضا وجه اخر ذكر القبطة وذكر بني اسرائيل وذكر النصارى. فاما القبط فقال جوز عليهم فرعون انه ربهم فاستجابوا له. واما بنو اسرائيل اسرائيل وهم من تبع موسى عليه السلام وامنوا به ونجاهم الله عز وجل من ظلم فرعون وجبروته وبطشه بمجرد ان غاب موسى عليه السلام للقاء ربه رجع فوجدهم قد عبدوا العجل من دون الله. وجوز عليهم السامري ايضا ذلك في العجل بعد ايمانه وهذا في غاية الدلالة على انها امة من البشر تنقاد لاي خرافة واي ضلالة لا تحكم فيه العقل ولا تطلب فيه البرهان. وهذا دلالة ايضا على قدر من عقل تعيش عليه امة كهذه الامم قال وعبدوا المسيح مع اجماعهم على صلبه. يجمعون على صلبه ثم يعبدونه الها. وهذا فيه من التناقض العقلي الذي لا تستقر عليه العقائد. قال وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم. فاذا كانت هذه الامم البشرية على هذا قدر من ضعف التفكير وفقدان الة العقل فان المعجزة المناسبة لمثلهم لا تحتاج لان تكون معجزة في غاية من الترقي ودقة النظر وبعده. بل تحتاج الى معجزات فيها من القسوة والقوة والشدة ما غلاظة تلك الافهام. نعم. فجاءتهم من الايات الظاهرة البينة للابصار بقدر غلظ افهامهم ما لا يشكون فيه ومع هذا فقالوا لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرا. ولم يصبروا على المن والسلوى واستبدلوا الذي هو ادنى بالذي هو خير. يعني مع ذلك ومع الايات والمعجزات التي كانت فيها ايات ظاهرة فيها من القوة والوضوح ما يمكن ان يكون معجزة على مثلها البشر فانهم ايضا لم تبقى لهم تلك المعجزات طريقا معبدا لاستقرار الايمان في قلوبهم فانهم حتى بعد نجاهم الله عز وجل من فرعون وبطشه. واذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرا. ما زالت هذه العقول الرجعية المتأثرة بضعف الة التفكير تطلب من المعجزات شيئا عجيبا. يأتيهم عيسى عليه السلام بمعجزات وايات بينات فيبرئ الاكمه والابرص باذن الله. ويحيي الموتى باذن الله. وينبئهم بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم ثم يقولون انزل علينا مائدة من السماء فيخاطبهم عيسى عليه السلام امثل هذا ترضون به؟ يعني تركوا الايات الكبار وطلبوا ما هو ابعدوا عن ذلك بكثير قالوا نريد ان نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم ان قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين. هذه سيرة امم تشير الى قدرها من العقل وحظها من التفكير والنظر. قال وايضا فان قوم موسى عليه السلام لن يصبروا على المن والسلوى. فبعد ان انجاهم الله من التيه. قالوا لموسى عليه السلام اخرجتنا من العمران للقفر يعني حيث لا مدنية ولا حضارة ولا شيء مما كنا نعيش فيه فدعا الله عز وجل لهم فانزل عليهم المن والسلوى والمن حلوى لذيذة. والسلوى طعام لحم يأكلون حتى ان احدهم كان يأخذه بيده من كثرته ووفرته ومع ذلك فانهم ما رظوا بما رزقهم الله من رزق في في باب الطعام وقوت الانسان في اسمى مراتبه واعلى درجاته فانهم عدلوا عن ذلك. قالوا يا موسى لن نصبر على طعام واحد. تدعو لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الارض من بقرها وقصائها وفومها وعدسها وبصلها. طلب الفوم والعدس والبصل والله يرزقهم المن والسلوى. وكانت حجتهم الملل لن نصبر على طعام واحد فاستبدلوا الذي هو ادنى بالذي هو خير كل هذا يسوقه المصنف من كلام من نسب اليه من اهل العلم استدلالا على ان تلك الامم من البشر كان عندها من غلظ الطباع والافهام ما ناسب ان تكون معها المعجزات على قدرها. بخلاف العرب فانها كما وصف قائل هذا القول عرف بدقة الفهم وذكاء اللب ووفور العقل وادراك المعجزة فناسب ان يكون معهم من المعجزات ما كان مثله انزل القرآن في ان يكون كلاما. وليس اكثر من ذلك وان يكون نظما وبيانا. وان يكون بلاغة وان يكون كلاما يأخذ بالعقل فيسحر اللب ويأسر الانسان حتى يعلم ان هذا انما هو كلام الخالق الذي بعث نبيه صلى الله عليه وسلم بهذا الدين وهذه المعجزة. نعم. والعرب على جاهليتها اكثرها يعترف بالصانع. وانما كانت تقربوا بالاصنام الى الله زلفى. الصانع يقصدون به الخالق سبحانه وتعالى. وهي من الالفاظ التي جرت على السنة بعض اهل العلم من المتقدمين وليست في نصوص الكتاب ولا السنة الصحيحة. قال والعرب على جاهليتها اكثرها يعترف بالخالق. والقرآن اثبت هذا ان سألتهم من خلق السماوات والارض وسخر الشمس والقمر؟ ليقولن الله قل من يرزقكم من السماء والارض؟ ام من يملك السمع والابصار؟ ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الامر فسيقولون الله فكان اكثرهم يؤمن بذلك. قال اكثرهم لان بعض العرب مثل الدهريين لم يكن يؤمنوا بهذا فما عمم الحكم ولكن نسبه الى الاكثر. قال وانما كانت تتقرب بالاصنام الى الله زل فبعض العرب كان يعتقد في الصنم نفعا وظرا. وبعظهم كان يعبدهم كما في سورة الزمر. انما نعبدهم ليقربونا الى الله زلفى يعني مع يقينهم بعدم صلاحيتها للالوهية. نعم. ومنهم من امن بالله وحده من قبل الرسول صلى الله عليه وسلم بدليل عقله وصفاء لبه. نعم. كزيد بن نوفيل وقص بن ساعدة وامية بن ابي الصلت. فان هؤلاء من العرب ممن اهتدى الى التوحيد بالفطرة ولم يكونوا ادركوا شيئا من النبوة ولا اياتها ولا علاماتها. فكان هذا طرفا من دليل من دليل رقة اه مشاعر العرب وعاطفتها ايضا وصفاء ذكائها دليل عقلها كما قال المصلي نعم ولما جاءهم الرسول بكتاب الله فهموا حكمته وتبينوا بفضل ادراكهم لاول وهلة وهلة معجزة فامن به يعني وما احتاجوا الى معجزات عظيمة بينة كما حصل للانبياء السابقين. هذا على قول من نسب اليه المصنف رحمه الله الله فامنوا به وازدادوا كل يوم ايمانا ورفضوا الدنيا كلها في صحبته وهجروا ديارهم واموالهم وقتلوا اباءهم وابناءهم في نصرته واتى في واتى في معنى هذا بما يلوح له رونق ويعجب منه زبرج. لو احتيج اليه وحقق لكن قدمنا من بيان معجزة نبينا صلى الله عليه وسلم وظهورها ما يغني عن ركوب بطون هذه المسالك وظهورها. وبالله استعين هو حسبي ونعم الوكيل. يقول اما العرب فانها لوفرة عقلها وصفاء لبها كفاهم لما جاء القرآن معجزة بينوا لاول وهلة وجوه الاعجاز فيه فامنوا. وازدادوا كل يوم ايمانا. ثم ماذا كان؟ كان من العرب من هداه الله الى الاسلام فامن فرفضوا الدنيا كلها في صحبته صلى الله عليه وسلم. وقد هاجروا وترك المهاجرون بمكة ديارهم واموالهم وما كان ذلك الا فداء لدين الله ونصرة رسوله صلى الله عليه وسلم. قال وهجروا الديار اموال وقتلوا ابائهم وابنائهم في نصرته. يعني لما كان يلتقي بعضهم ببعض في غزواته صلى الله عليه وسلم قال المصنف رحمه الله واتى يعني بعض اهل العلم ممن يقولوا بهذا القول بما يلوح له رونق يعني يظهر لديه شيء من زينة الكلام ويعجب منه زبرج لو احتيج اليه وحقق. يعني بينما هو في الحقيقة ليس بتلك المثابة في قول العلمي المتين واما الذي قدمه مصنفي وجوه اعجاز القرآن ابلغ واعظم في بيان تفضيله على باقي معجزات انبياء عليهم السلام. قال لكنا قدمنا من بيان معجزة نبينا صلى الله عليه وسلم وظهورها. ما يغني عن ركوب بطون هذه المسالك قوى ظهورها وبالله استعين وهو حسبي ونعم الوكيل. تم بهذا الفصل كلام المصنف رحمه الله على الباب الرابع وهو باب الايات والمعجزات وفي تمام الباب الرابع تم القسم الاول من الكتاب بحمد الله والكتاب مقسم على اقسام اربعة هذا ربعها الاول. وسيشرع المصنف في القسم الثاني في بيان حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم الواجبة له على امته وقسمها ايضا على ابواب اربعة. سنأتي عليها تباعا في مجالس بعد انقضاء موسم الحج بعون الله تعالى ايها الكرام هذه الليلة العظيمة المباركة حقها ملؤها بكثرة الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الله ملء الارض تترى عليك وترتقي ملء السماء نبي حاز عند الله قدرا ومن محمد في الانبياء صلى الله عليه وسلم. واستحضروا بكثرة صلاتكم وسلامكم عليه. قوله صلى الله عليه وسلم. فمن صلى اعلي صلاة صلى الله عليه بها عشرا. فاللهم صل وسلم وبارك عليه عدد ما صلى عليه المصلون. وصل يا رب وسلم وبارك عليه عدد ما غفل عن الصلاة عليه الغافلون. اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء عملا صالحا متقبلا يا ذا الجلال والاكرام. اللهم اعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. اللهم ارحم موتانا واشف مرضانا لنا وتقبل منا انك انت السميع العليم وتب علينا انك انت التواب الرحيم ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار وصلي اللهم وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين والحمد لله رب العالمين