بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له له الحمد في الاخرة والاولى واشهد ان سيدنا وحبيبنا نبينا محمدا عبد الله ورسوله. امام الانبياء وخاتم المرسلين وصفوة الله من خلقه اجمعين اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته وصحابته. ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. وبعد ايها الاخوة الكرام فهذا مجلس نتدارس فيه طرفا من حقوق النبي المصطفى صلى الله عليه واله وسلم ويحملنا هذا ولابد على الاستكثار من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه واله وسلم. وهذا وهذا مناسب ليوم عظيم وليلة شريفة مباركة هي ليلة الجمعة. التي ندبنا فيها الى الاستكثار من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه واله وسلم. وهذا المجلس ما زال موصولا بفضل الله تعالى في مدارسة كتاب الشفا بتعريف حقوق صلى الله عليه وسلم للامام القاضي عياض ابن موسى الي رحمة الله تعالى عليه وتتابع هذا المجلس بفضل الله عز وجل امتداد لهذا المكان المبارك وبركته وعظيم ما حبانا الله تعالى به. فاجتمع لنا فيه شرف الزمان وشرف المكان. وهذا الشهر الحرام ونحن في مطلع العام الهجري الجديد. هو ايضا موافقة لطيفة استئنافنا في القسم الثاني من اقسام الكتاب الاربعة وذلك انا فرغنا بحمد الله تعالى وتوفيقه قبل ايام حج هذا العام المنصرم من تمام القسم الاول من اقسام الكتاب وربطا للسابق باللاحق فان المصنف رحمه الله تعالى قسم كتابه اربعة اقسام جعل القسم الاول من اقسام الكتاب الاربعة مخصوصا ايراد ثناء الله جل جلاله على نبينا صلى الله عليه وسلم واظهاري عظيم قدر النبي صلى الله عليه وسلم عند ربه فيما دلت عليه نصوص القرآن الكريم من وجوه شتى اتى بها المصنف وفي ابواب اربعة جعلها مودعة في القسم الاول من اقسام الكتاب فلما تم للمصنف الحديث عن ثناء الله عز وجل على النبي صلى الله عليه وسلم. واظهار عظيم قدره عند ربه في الابواب الاربعة من القسم الاول اتى فيها بما كمل الله به نبينا عليه الصلاة والسلام من المحاسن خلقا وخلقا واتى فيه ايضا بما خصه الله تعالى به من الايات والمعجزات والخصائص والكرامات. واورد فيه بابا مخصوصا بالاحاديث والاخبار الصحيحة والمشتهرة فيما يدل على فضل النبي عليه الصلاة والسلام وعظيم قدره عند ربه. فلما تم رحمه الله ذلك القسم الاول من الكتاب ناسب ان يشرع في هذا القسم الثاني والذي عنون له بقوله ما ايجب على الانام من حقوقه صلى الله عليه وسلم هذا القسم الثاني ايها الاخوة الكرام الذي نشرع فيه من مجلس الليلة بعون الله تعالى هو عصارة الكتاب وهو لب مقصوده وهو ايضا بين ابواب الكتاب متعتها وبهجتها ولذتها وحلاوتها. لان الامام القاضي يا عياض انما عنون لكتابه بقوله الشفاء بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم. فهو اراد بهذا السفر العظيم ان يبين فيه حقوق النبي الكريم عليه الصلاة والسلام. فكان هذا القسم الثاني من اقسام الكتاب مخصوصا لبيان على الانام عليه الصلاة والسلام. وحقوقه كثيرة وعديدة. لكن المصنف رحمه الله استوعب ذلك في سامي هذا في ابواب هذا القسم وهي اربعة ابواب يأتي بيانها بعد قليل هذا القسم من الكتاب كما سلف هو المقصود الاعظم من تصنيف الامام القاضي عياض رحمه الله. وهو الذي من اجله اتى بالقسم كاملا فانه اتى بالقسم الاول تمهيدا لهذا الثاني لم لانه انما يعظم حق الانسان بقدر عظمة مقداره فكلما عظم قدره عظم حقه واعظم البشر قدرا نبينا صلى الله عليه وسلم فكان اعظم البشر علينا حقا عليه الصلاة والسلام اطال المصنف في القسم الاول من الكتاب لكنها اطالة لابد منها. واتى في الابواب الاربعة بما يقرر فيه تمام قدر النبي الكريم عليه الصلاة والسلام. ولم يذر رحمة الله عليه في سبيل ذلك اية او حديثا او ترن او تفسيرا او رأيا او مذهبا لبعض اهل العلم. من السلف في ايراد ما يثبت هذا المعنى ويقرره على النحو الذي اراد رحمه الله تعالى القسم الثاني من الكتاب حقوقه علينا صلى الله عليه وسلم وانما جعلها في هذا الموضع بعد ان عرفنا بعظيم قدره عليه الصلاة والسلام. فاذا عرفت قدره عليه الصلاة والسلام وانزلته في قلبك منزله اللائق به كنت احرى ان تقوم بحقه كما ينبغي عليه الصلاة والسلام. ومرد ذلك يا كرام ان المحبة والوفاء والطاعة والاقتداء من احدنا برسول الله صلى الله عليه وسلم انما يبنى على عظيم معرفة احدنا بنبيه عليه الصلاة والسلام. فكل من كان بالنبي صلى الله عليه وسلم وبسيرته وبشماله وبفضائله كل من كان بذلك اعرف كان له اشد حبا صلى الله عليه وسلم. وكان اكثر وفاء له صلى الله عليه وسلم وكان اكثر حرصا على اتباع سنته والاقتداء بهديه ورفع رايته عليه الصلاة والسلام. اذا مرد المسألة في منطلقها الاساس الى ما يقع في قلبي وقلبك وما وقر في النفوس من معرفة صادقة ايمان به صلى الله عليه وسلم. فكان هذا القسم الثاني من الكتاب بهذا الترتيب في موضعه اللائق به تماما جعل المصنف رحمه الله ابواب هذا القسم اربعة ابواب في حقوق النبي صلى الله عليه وسلم على امته. وجعل فيها الفصل الاول او الباب الاول في وجوب الايمان به وتصديقه واتباع سنته صلى الله عليه وسلم. وجعل الباب الثاني في وجوب محبته. ومناصحته صلى الله عليه وسلم وجعل الباب الثالث في توقيره واجلاله وبره صلى الله عليه وسلم. وجعل الباب الرابع في اخر ابواب هذا القسم من الكتاب في الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم وزيارة مسجده وقبره عليه الصلاة والسلام. فجمع الحقوق في هذه الابواب الاربعة. والذي ينبغي ان نقوله بين يدي شروعنا في هذا القسم من هذا الكتاب والسفر العظيم ان هذه الابواب الاربعة في القسم الذي نشرع فيه الليلة ان شاء الله. هي مربط الفرس. وهي حقيقة مبنى ايحتاجه المسلم في قلبه لنبيه عليه الصلاة والسلام. كيف تؤسس حبا صادقا؟ وايمانا راسخا؟ كيف تزرع في قلبك للنبي صلى الله عليه وسلم طاعة واقتداء لا يجاريها فيها احد. وكيف تجعل من نفسك المؤمنة اشد وفاء وحبا ونصرة واجلالا واحتراما لنبي الامة صلى الله عليه وسلم. ثم ما الذي سيحملك على ان تكون في عداد امته من اشد المحبين واكثرهم صلاة وسلاما عليه صلى الله عليه وسلم. اذا حبه والايمان به وطاعته واتباع ومحبته ونصرته وتوقيره واحترامه وبره والصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم كل تلك حقوق واجبة له علي وعليك وعلى كل مسلم ومسلمة وهذا اوان الشروع فاتى المصنف رحمه الله بهذا الكلام العظيم والواجبات الوافرة في ابواب هذا القسم الثاني من الكتاب جعل المصنف رحمه الله ابواب هذا القسم عامرة حافلة بما يحملون نحو محبة وطاعة لاكرم انسان واعظم وخاتم الرسل صلى الله عليه وسلم. ساق في الابواب الاربعة من الادلة. والنصوص واثار السلف رضوان الله عليهم ما يجعل هذا المعنى اكثر تحقيقا في القلوب واكثرها تصديقا في الافئدة. ثم جعل ايضا في ثنايا ذلك تعليقات نفيسة فكان صنيع القاضي عياض رحمه الله في هذا الباب في هذه الابواب الاربعة من القسم الثاني من الكتاب كان مرجعا لمن جاء بعده في من يستقي نصوصا واثارا تدل على شيء من هذه الواجبات العظيمة والحقوق الكريمة له علينا صلى الله عليه وسلم فجمع واحسن وصنف وافاد. رحمة الله تعالى عليه. فنحن نشرع فيما وقف به الحديث من كلام المصنف بدءا من القسم الثاني من هذا الكتاب المبارك سائلين الله عز وجل للمصنف الرحمة والرضوان والاجر ثواب والدرجات العلى في الجنة ونسأله لنا ولكم القبول والتوفيق والاخلاص والفهم والسداد والتوفيق للقول والعمل نعم الحمد لله خالق الانام والصلاة والسلام على رسول الاسلام محمد وعلى اله واصحابه البررة الكرام. اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولجميع المسلمين. اما بعد انتم اليوم في موعد مع كتاب القاضي عياض ابن موسى رحمه الله تعالى الشفاء بتعريف حقوق المصطفى وذلك في سنته الرابعة وفي مجلسه الخامس والعشرون بعد المئة. وباسانيدكم المتصلة الى القاضي عياض رحمه الله الله تعالى قال بسم الله الرحمن الرحيم. القسم الثاني فيما يجب على الانام من حقوقه عليه السلام قال القاضي ابو الفضل رحمه الله تعالى وهذا قسم لخصنا فيه الكلام في اربعة ابواب على ما ذكرناه في اول الكتاب. ومجموعها في وجوب تصديقه واتباعه في سنته وطاعته ومحبته ومناصحته وتوقيره وبره وحكم الصلاة عليه والتسليم وزيارة قبره عليه الصلاة والسلام. قال رحمه الله تعالى الباب الاول في فرض ايماني به ووجوب طاعته واتباع سنته. قال اذا تقرر بما قدمناه ثبوت ثبوت نبوة وصحة رسالته وجب الايمان به وتصديقه فيما اتى به. قال الله تعالى فامنوا بالله ورسوله والنور الذي انزلنا. وقال سبحانه انا ارسلناك شاهدا ونذيرا لتؤمنوا بالله ورسوله. وقال تعالى فامنوا بالله ورسوله النبي الامي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون. قال المصنف الله تعالى الباب الاول. يعني من القسم الثاني من الكتاب كما تقدم انفا وجعل اول الحقوق ومبتدائها واصلها العظيم الايمان به صلى الله عليه وسلم. وهذا حق فان اعظم حقوقي له علينا صلى الله عليه وسلم هذا الحق الكبير. الايمان به. ثم هو ثم هو اصل الاعتقاد وهو قوة الايمان التي منها تنطلق باقي الحقوق. فالايمان به حق يتفرع عنه سائر الحقوق له عليه الصلاة والسلام. ثم فهو اصل العقيدة وشهادتنا نحن في الاسلام بان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم. يقول المصنف رحمه الله اذا تقرر بما قدمناه ثبوت نبوته وصحة رسالته يعني فيما سلف من الابواب الاربعة من القسم الاول في الكتاب وخصوصا بابها الرابع وهو الايات والمعجزات. والخصائص والكرامات فانها من اعظم البراهين التي جعلها الله له دلالة على صدق نبوته عليه الصلاة والسلام وانه رسول من رب العالمين صلى الله عليه وسلم. وان الله ايده ليكون حجة على الخلق. واتاه من تلك المعجزات ما على امثله يؤمن الخلق قال اذا تقرر بما قدمناه ثبوت نبوته وصحة رسالته وجب الايمان به. وتصديقه صلى الله عليه وسلم فيما اتى به ثم ساق ثلاثة ادلة من القرآن اولها قول ربنا سبحانه وتعالى فامنوا بالله ورسوله والنور الذي انزلنا. هذا امر صريح ومثله في كتاب الله مثل قوله سبحانه يا ايها الذين امنوا امنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله هو الكتاب الذي انزل من قبل يأمرنا الله معشر العباد بان نؤمن به سبحانه وان نؤمن برسوله صلى الله عليه وسلم بالله ورسوله والنور الذي انزلنا. ما النور الذي انزل الله القرآن الكريم. قيل هو القرآن وهذا المتبادر فان الله وصف كتابه الكريم بانه نور. وقيل بل هي الشريعة كلها الاحكام والحلال والحرام ويتضمن ذلك بلا ريب كتاب الله الكريم. فانه من جملة شرعه سبحانه على نبيه صلى الله عليه وسلم. هذا لون من الادلة كما ترى. فيه امر صريح بوجوب الايمان به عليه الصلاة والسلام. وامر الله واجب واذا هذا تعلق بامر في في في صميم الاعتقاد كان من اوجب الواجبات ولا شك. الدليل الثاني قوله سبحانه قال انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه. ان لا التعليل والاية فيها بيان صريح للمقصد من رسالته وبعثة الله اياه. عليه الصلاة والسلام. يقول الله له انا ارسلناك يا محمد شاهدا ومبشرا ونذيرا. وقد تقدمت الاية باستيفاء تام. والمقصود بالشهادة والنذارة يقول الله له انا ارسلناك ثم يقول لتؤمنوا معشر العباد. لتؤمنوا فكانت رسالته وارساله صلى الله عليه وسلم لتحقيق هذا المقصد ما ارسله الله الا لنؤمن به وما بعثه الا لننقاد لرسالته جعله عز وجل مكلفا بالتبليغ والبيان واوحى اليه بالقرآن الا لاجل ان تسلم له النفوس وتنقاد له القلوب لتؤمنوا بالله ورسوله. هذا المقصد الاعظم من ارسال الرسل. وبعثة الانبياء وانزال الكتب. لانك لو لم تحمل في قلبك ايمانا للنبي او الرسول لم يحملك ذلك على ايمان بما حمل اليك من الرسالة. فلن امن عبد بالله الا اذا امن بالرسول الذي ارسله الله. كيف عرفنا الله؟ ومن بلغنا كلام الله ومن دلنا على صراط الله ومن بعثه الله الينا طريقا لبيان السبيل الى هداه وطاعته ورضاه. الا النبي صلى الله عليه وسلم فكان هذا فرعا ينبني عليه ايماننا بالله جل وعلا. فايماننا برسول الله صلى الله عليه وسلم هو المقصد من ارساله انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا لتؤمنوا بالله ورسوله. والنوع الثالث من الادلة ما ساقه او المصنف رحمه الله في قوله عز وجل فامنوا بالله ورسوله النبي الامي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون. هو ايضا امر صريح. لكنه معلل بما تنشده البشرية في الحياة على وجه الارض الهداية لان الله لما اهبط ابانا ادم عليه السلام وامنا حواء قال جل جلاله منذ تلك الساعة الاولى في البشر على وجه الارض قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فاما يأتينكم مني هدى. فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى. ومن اعرض عن ذكري ان له معيشة ضنكا. ونحشره يوم القيامة اعمى. فاقتضت سنة الله منذ اليوم الاول للحياة على الارض انهما طريقان لا ثالث لهما. فمن اتبع هداي ومن اعرض عن ذكري واذا كانت النجاة والسلامة والعودة الى المنازل الاولى في الجنة متوقفة عن اتباع هدى الله توقف ذلك على معرفة سبيل الهداية فاين هدى الله ها هو ربنا سبحانه يقول في احد ابواب الهداية العظمى التي شرعها للعباد. لئلا يضلوا ولان لا يخسروا حياتهم على الارض ولان لا يكون مصيرهم الشقاء والغواية عياذا بالله يقول سبحانه واتبعوه لعلكم تهتدون. فالهداية اية مناطة في احد مواظيعها العظيمة في القرآن برسول الله صلى الله عليه وسلم. اما قال الله له وانك لتهدي الى صراط مستقيم. جعل الله الهداية في اتباع سنته. صلى الله عليه وسلم. والاستجابة لامره ونهيه. والتمسك بهديه الاكمل عليه الصلاة والسلام. ما ظل عبد والله جعل نصب عينيه حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم من وشريعة وسبيل حياة وبالعكس فكل من تنكب عن هديه وسنته واستبدل بها شيئا من امور الدنيا واهواء البشر فان سبيله الاعراض الذي لا يقوده الا الى الغواية والشقاء. ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا. يؤكد ذلك قول ربنا الكريم سبحانه لنبينا صلى الله عليه وسلم في تقرير هذين المصيرين الذين لا ثالث لهما. يقول الله له فان لم يستجيبوا لك فاعلم ان ما يتبعون اهواءهم ومن اضل ممن اتبع هواه بغيري هدى من الله فالذي يتبع الهوى سيبتعد عن الهدى. ومن اراد الهدى لزم سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم. هذا تقرير القرآني جاء في مواضع عديدة. جاء المصنف رحمه الله منها بهذه الاية فامنوا بالله ورسوله النبي الامي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون. فمن رام الهداية ونشد السلام واراد السعادة في والاخرة فليس له الا هذا الطريق ومبدأه الايمان به صلى الله عليه وسلم ايمانا يحمل على واتباع سنته والاقتداء الامثل بهديه عليه الصلاة والسلام. هذه ايات ثلاث ليست وحدها في القرآن التي تأمر بالايمان بالنبي صلى الله عليه وسلم. بل هي كثيرة وفيرة. اراد المصنف رحمه الله ان يأتي بشواهد من والا فكتاب الله جل وعلا ناطق بوجوب الايمان به جل وعلا وبنبيه المصطفى صلى الله وسلم قال قال رحمه الله تعالى فالايمان بالنبي محمد عليه السلام واجب متعين لا يتم الايمان الا به. ولا يصح اسلام الا معه. قال الله تعالى ومن لم يؤمن بالله ورسوله فانا اعتدنا للكافرين سعيرا. هكذا مصير كل من امن من اهل الامم السابقة وادرك نبوته عليه الصلاة والسلام اليهود والنصارى وسائر الملل. من كان على ايمان صحيح بالله عز وجل وتوحيد له في العبادة ولم قع في شرك ولا صرف شيء من وجوه التعبد لغير خالقه ومولاه. غير انه طالما ادرك بعثة النبي صلى الله عليه تعين في حقه ووجب عليه الايمان به ولن يكفيه ايمانه بموسى عليه السلام وبعيسى عليه السلام. وبسائر الانبياء والرسل ما لم يختم ذلك بايمانه بخاتم الرسل صلى الله عليه وسلم. ومن لم يؤمن بالله ورسوله فانا اعتدنا للكافرين سعيرا في الاية معنى ضمني ومن لم يؤمن بالله ورسوله خرج عن دائرة الايمان الى الكفر قال الله عز وجل ومن لم يؤمن بالله ورسوله فانا اعتدنا للكافرين سعيرا. هذا حكم بالكفر ثم وعيد بالعقاب عليه. هذا تصريح ايها المسلمون. ان الايمان المعتد به في كتاب الله الكريم لن يتم ولاية حقق الا بالجمع بين الايمان بالله وبرسول الله صلى الله عليه وسلم فلو جاء عبد اليوم وقال انا موحد بالله ووجدته في عبادته لا يصرف شيئا من العبودية لغير الله واعتقد يقينا ان الله الخالق الرازق المدبر المتصرف في الكون. من بيده مقاليد السماوات والارض لكنه لم ينعقد قلبه بعد على الايمان بمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا. فان ايمانه هذا لا يغني عنه شيء ولا يقول قائل كيف وقد وحد الله وامن به الجواب لان الله الذي وحده هو الذي جعل هذا الامر مناطا بالايمان به. فقال ومن لم يؤمن بالله ورسوله فانا اعتدنا للكافرين سعيرا وجعل سبحانه طاعته عز وجل موقوفة على طاعة نبيه صلى الله عليه وسلم قال من يطع الرسول فقد اطاع الله وسيأتي مزيد بيان بتفصيل لهذه الابواب الاربعة في اقسام هذا الكتاب اراد المصنف رحمه الله تقرير وجوب الايمان بمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا. وهذا الايمان كما سيأتي بيانه بعد قليل يتوقف على قرار ويقين وعقيدة تستقر في القلب مع نطق باللسان بالشهادتين ليتم للعبد هذا الايمان الذي اوجبه الله على العباد قال رحمه الله تعالى حدثنا ابو محمد الخشني الفقيه بقراءتي عليه قال حدثنا الامام ابو علي الطبري قال حدثنا عبد الغافر الفارسي قال حدثنا ابن عمرويه قال حدثنا ابن سفيان عمرويه بظبط النحات والمحدثون يضبطونها ابن عمروية قال حدثنا ابن عمروية قال حدثنا ابن سفيان قال حدثنا ابو الحسين ابو الحسين في هذا السند هو امام مسلم رحمه الله تعالى صاحب صحيح ابو الحسين مسلم ابن الحجاج والمصنف رحمه الله يسوق هذا الحديث بسنده من طريق الامام مسلم والحديث في الصحيحين عند البخاري ومسلم رحمة الله عليهما. نعم. قال حدثنا امية بن بسطام قال حدثنا يزيد ابن زريع قال حدثنا روح عن العلاء بن عبدالرحمن بن يعقوب عن ابيه عن ابي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال امرت ان اقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا اله الا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به اذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم واموالهم الا بحقها وحسابهم. قولوا نبي على الله اه هذا الحديث العظيم المخرج في الصحيحين من روايات عدة من حديث ابي هريرة وانس رضي الله عنهما وغيرهم عد العلماء هذا الحديث في احد اصول العقائد العظيمة في الاسلام. والتي عليها مدار تحديد حد الاسلام وحد يقول نبينا صلى الله عليه وسلم امرت ان اقاتل الناس. يعني جهادا في سبيل الله ودعوتهم الى الاسلام حتى يشهدوا ان لا اله الا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به. فاذا تحقق هذا القدر فقد اصبحوا مسلمين اذا هذا حد الاسلام اعد مرة اخرى سمعك لقول النبي صلى الله عليه وسلم قال حتى يشهدوا ان لا اله الا الله لو كان الايمان بالله كافيا في حيازة دم العبد صونه عن اراقته باعتباره مسلما لاكتفى نبينا صلى الله عليه وسلم بها. وقال حتى يشهدوا ان لا اله الا الله وكفى لكنه قال حتى يشهدوا ان لا اله الا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به ما الذي جاء به الاسلام والشريعة والقرآن. اذا هذا الحديث تماما في معنى الاية الكريمة الانفة فامنوا بالله ورسوله والنور الذي انزلناه هذا الذي امر الله به في القرآن ها هو ذا يامر به نبينا عليه الصلاة والسلام. قال حتى يشهدوا ان لا اله الا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به فجاء المصنف بهذا الحديث بهذا اللفظ خاصة لانه يتضمن لفظ ايجاب الايمان به عليه الصلاة والسلام. قال اذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وابوالهم. عصموا دماءهم واموالهم بالاسلام فلا يحل قتل بعضهم وقد اسلم ولا يحاز ماله بسبي ولا بغيره من الاسباب وقد اسلم. قال الا بحقها والمقصود بحق الدماء والاموال ما بينته الاحاديث الاخر. ومنها رواية انس لهذا الحديث نفسه. قال انس قيل يا رسول الله وما حقها؟ قال زنا بعد احصان او كفر بعد اسلام او قتل نفس فيقتل بها فمن اتى واحدة من هذه الثلاثة فقد حل دمه. وهو ايضا الوارد في قوله عليه الصلاة والسلام لا يحل دم امرئ مسلم الا باحدى الثلاث النفس بالنفس والثيب الزاني قال النفس بالنفس والثيب الزاني والتارخ لدينه المفارق للجماعة. فمن كفر بعد اسلامه او زنا بعد احصانه او اعتدى على نفس معصومة فقد عرظ رقبته للقتل. لانه اتى سببا شرعه الله عز وجل للقصاص للعباد ردة حدا او شيئا مما سبق في الحديث الان في ذكره. قال فاذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم واموالهم هم الا بحقها وحسابهم على الله تعالى. فاتى المصنف بهذا الحديث بلفظه ليدل على ان الايمان به واجب عليه الصلاة والسلام. والحديث من رواية ابي هريرة اخرجه الجماعة اصحاب الكتب الستة. قال السيوطي وهو متواتر بلفظ امرت ان اقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا اله الا الله واني رسول الله. فاذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم واموالهم الا بحق الاسلام وحسابهم على الله تعالى. قصد بقوله وحسابهم على الله تعالى يعني فيما لو اخفى بعضهم خلاف ما يظهر كالمنافقين والعياذ بالله فان اظهروا الاسلام عصموا الدماء والاموال ويبقى الحساب في امر بواطنهم التي انعقدت على الكفر الى الله جل وعلا. والا فستجري في الدنيا الاحكام على ظواهرهم وسرائرهم وهم توكل الى الله سبحانه. قال القاضي ابو الفضل رحمه الله تعالى والايمان به عليه السلام هو تصديق نبوته ورسالة الله له. وتصديقه في جميع ما جاء به به وما قاله ومطابقة تصديق القلب بذلك شهادة اللسان بانه رسول الله. فاذا اجتمع التصديق به بالقلب والنطق بالشهادة بذلك باللسان تم الايمان به والتصديق له. كما ورد في هذا الحديث نفسه الرواية عبدالله بن عمر رضي الله عنهما انه صلى الله عليه وسلم قال امرت ان اقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم. شرع صنف رحمه الله في بيان معنى هذا الحق العظيم. وهذا يا كرام لابد ان نعيه تماما. وان ندركه بيقين. عندما نقول ان تأول حق له علينا صلى الله عليه وسلم هو الايمان به وعندما نردد ان اعظم الحقوق له علينا صلى الله عليه وسلم هو الايمان به. وعندما نقرأ كثيرا في القرآن وفي السنة وجوب ايماني به. فيقول احدنا انا مؤمن برسول الله صلى الله عليه وسلم. ما معنى الايمان به يقول المصنف رحمه الله والايمان به عليه الصلاة والسلام هو تصديق نبوته ورسالة الله له وتصديقه في جميع ما جاء به وما قاله هذه الخطوة الاولى عبد الله ان تربط على قلبك عقيدة جازمة ويقينا راسخا. اولا ان الله بعثه نبيا وان الله اصطفى ليكون خاتم الرسل وان الله اوحى اليه دينه الذي نسلك سبيله. وان الله بلغه القرآن الذي بلغه الينا عليه الصلاة والسلام وان تصدق ثانيا جميع ما جاء به ونطق به وخرج من شفتيه صلى الله عليه وسلم فما قال والله الا ان كان الذي قاله امرا وجبت علينا طاعته. وان كان الذي قاله نهيا وجبت علينا طاعته. وان كان الذي قاله خبر يتعلق بغيب سابق في اخبار الامم او لاحق بما بعد الحياة في القبر والحشر والجنة والنار والبعث والجزاء وجب تصديقه والايمان به ها هنا ينبغي ان ندرك تماما ان بعض الخلل ربما يصيب بعض قلوب اهل الايمان. عندما يجعل في تلك موضعا للشك والتردد او المناقشة او القبول وعدمه. من نحن يا كرام حتى نحكم عقولنا في غيبنا يثبت عندنا صدق الخبر به عنه صلى الله عليه وسلم. فيحدثنا بشيء من علم الغيب الذي اوحى الله اليه. في اخبار الامم السابقة او بما سيكون في الحياة الاخرة وبالبعث والجزاء والجنة والنار وعذاب القبر ونعيمه. عندها تدرك ان بعض وعقائد الفرق المنتسبة الى الاسلام خالفت هذا الاصل العظيم. عندما ترد بعض النصوص النبوية الصحيحة. التي ثبتت عنه صلى الله عليه وسلم بحجة انها لم تبلغنا بطريق التواتر. ولا بلغت مبلغ القطع. وان على قائد ان تثبت على يقين وليس على خبر ربما تطرق اليه الظن مع ثبوت صحته. فالذي انعقدت عليه عقائد اهل السنة ان ما صح عندنا من خبره صلى الله عليه وسلم وجب التصديق له. وكل ما قاله حق عليه الصلاة والسلام غير انا نفرق بينما صح عنه وثبت وبينما لم يثبت وكان ضعيفا في سنده فنحتاط له فضلا عن ان يكون في سنده راوي يتهم بالكذب او كان يريد الاساءة للاسلام فان روايته لا تدخل في عداد منسوبي الى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. قال المصنف رحمه الله والايمان به عليه الصلاة والسلام هو تصديق نبوته ورسالة الله له وتصديقه في جميع ما جاء به وما قاله ومطابقة تصل القلب بذلك شهادة اللسان. هذه الخطوة الثانية اذا استقر في القلب هذا اليقين. واذا تحققت في الفؤاد هذه العقيدة تأتي الخطوة التالية بظرورة ووجوب شهادة اللسان بما استقر في القلب. قال ومطابقة تصديق القلب بذلك شهادة اللسان بانه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاذا اجتمع التصديق به بالقلب والنطق بالشهادة بذلك باللسان تم الايمان به. والتصديق له فماذا تقولون فيمن اقر بقلبه ولم ينطق بلسانه لا يثبت اسلام عبد يا كرام حتى يتحقق له الاعتقاد بالقلب مع النطق باللسان هكذا انعقد اجماع اهل الاسلام سلفا وخلفا. ولهذا عرفوا الايمان بانه التصديق بالقلب والقول باللسان احسان واظافوا اليه العمل بالجوارح ليكون ذلك استيفاء لاركان الايمان الثلاثة. والايمان ثلاثة اركان. ركنه الاول القلب وما يستقر في الفؤاد. وركنه الثاني النطق باللسان والشهادة بان الله اله واحد لا شريك له. وان النبي صلى الله عليه وسلم رسوله الموحى اليه ويبقى الركن الثالث في الالتزام بمقتضى هاتين الشهادتين واداء الواجبات واجتناب المحرمات واستيفاء الاركان حتى يكون العبد على الدين الذي بعث الله به نبينا عليه الصلاة والسلام قال المصنف حتى يجتمع القلب في عقيدته مع اللسان بنطقه. وكل ما يريده السلف من تعبيرات في اثار مروية عنهم ان الايمان قول وعمل وان الايمان قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالجوارح والاركان تثبيت لهذا انا الذي تواتر عليه علماء الاسلام. قال المصنف اذا اجتمعت التصديق به بالقلب. والنطق بالشهادة بذلك باللسان تم الايمان به والتصديق له. اذا ها هنا نفهم يا كرام ان بعض غير المسلمين المعاصرين من المثقفين او من العلماء او من المفكرين عندما يقفون على سيرة النبي صلى الله عليه وسلم. ويقودهم العلم الى الاذعان بعظمة هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم فترى احدهم يعترف بعظمته وانه انسان لا كسائر البشر. ويقدمونه في ابحاثهم ومؤتمراتهم وفي سائر ما يصدرون انه نبي كريم عظيم. هل هذا القدر كاف لاثبات ايمان احدهم؟ الجواب كلا. ما لم يعترف بقلبه يقينا بلسانه بانه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يبني على ذلك الانقياد لهاتين الشهادتين بالعمل والامتثال قال المصنف رحمه الله تعالى كما ورد في هذا الحديث نفسه بالرواية ابن عمر رضي الله عنهما امرت ان اقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم. فهذه الرواية مع السابقة حتى يشهدوا ان لا اله الا الله امنوا بي مع قوله في الثانية ويشهد اني رسول الله يدل على ان الايمان به عقيدة بالقلب ونطق باللسان وبهذا تجتمع الادلة والعلم عند الله قال رحمه الله تعالى وقد زاده وضوحا في حديث جبريل عليه السلام اذ قال اخبرني عن اسلام فقال النبي صلى الله عليه وسلم ان تشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله وذكر اركان الاسلام ثم سأله عن الايمان اركان الاسلام وذكر اركان الاسلام نعم. ثم سأله عن الايمان فقال ان تؤمن بالله وملائكته كتبه ورسله الى اخره الحديث. وقد قرر ان الايمان به محتاج الى العقد بالجنان الاسلام به مضطر الى النطق باللسان. وهذه الحال المحمودة التامة. ولهذا قال العلماء ان النصوص الشرعية اذا اجتمع فيها لفظ الايمان مع الاسلام حمل الايمان على ما يتعلق بالقلب من العقيدة واليقين وحمل الاسلام على ما يؤديه العبد من العمل بالجوارح. فلما تضمن الايمان في اركانه الايمان بالرسل ومنه النبي وسلم نبينا صلى الله عليه وسلم كان المقصود به في سياق حديث جبريل عليه السلام هو الجانب اليقيني العقدي في القلب لانه جاء مقرونا به ذكر الاسلام وفيه الاعمال واولها شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله صلى الله الله عليه وسلم فجمعت النصوص بين الامرين النطق بالشهادة له عليه الصلاة والسلام بالرسالة والنبوة واعتقاد قلبي الجازم بصدق ما بعثه الله تعالى به من نبوة ورسالة وخبر جاءه وحيا من ربه عز وجل. قال المصنف وهذه الحال المحمودة التامة يقصد اجتماع النطق باللسان مع اليقين بالقلب والعقيدة في الصدر. قال هذه الحال المحمودة التي جاءت بها الشريعة والتي قرر المصنف رحمه الله انه لا يصح ايمان ولا يتم اسلام لعبد الا باجتماع هذين الامرين ان يعقد بقلبه وان ينطق بلسانه. نعم قال رحمه الله تعالى واما الحالة المذمومة فالشهادة باللسان دون تصديق بالقلب هذا هو النفاق. نعم. فان المنافقين يشهدون انه رسول الله بالسنتهم لا لا بقلوبهم ففقدوا الركن الاعظم في الايمان وهو عدم اعتقاد القلب فلم يغنهم نطقهم باللسان ولم تفيدهم شهادتهم باللسان ان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال هذه الحال المذمومة ان يفقد العبد في ركني الايمان اعظمهما وهو اعتقاد القلب وهو الاقرار في النفس وهو اثبات هذا في الصدر انه رسول الله حقا صلى الله عليه وسلم. نعم قال قال الله تعالى واما الحال المذمومة فالشهادة باللسان دون تصديق بالقلب وهذا هو النفاق. قال الله تعالى اذا المنافقون قالوا نشهد انك لرسول الله. والله يعلم انك لرسوله. والله يشهد وان المنافقين لكاذبون. اي كاذبون في قولهم ذلك عن اعتقادهم وتصديقهم وهم لا يعتقدونه الله يشهد ان المنافقين لكاذبون لكاذبون في ماذا فيما قالوا وماذا قالوا قالوا نشهد انك لرسول الله. طيب وهل هذا الكلام كذب لما يقول انسان اشهد ان محمدا رسول الله تقول له كذبت؟ لا فكيف يقول الله الله يشهد انهم لكاذبون والذي قالوه انك لرسول الله ما كذبهم الله في لفظهم ولهذا وهذا من لطائف الاية قال الله اذا جاءك المنافقون قالوا نشهد انك لرسول الله. ما قال الله بعدها والله يشهد ان المنافقين لكاذبون. جعل بين كلامهم وبين الحكم عليهم جملة جاءت معترضة. والله يعلم انك لرسوله. لتثبيت صدق نبوته عليه الصلاة والسلام. ثم قال بعدها ها والله يشهد انهم لكاذبون في ماذا في قولهم كلاما باللسان نعم لم يطابق ما في قلوبهم وهذا كذب هذا كذب اعتقاد ان تقول بلسانك كلاما لا تعتقده بقلبك. قال والله يشهد ان المنافقين لكاذبون. نعم. اي كاذبون قال رحمه الله اي كاذبون في قولهم ذلك عن اعتقادهم وتصديقهم كاذبون في قولهم عن اعتقادهم يعني حيث يطابق ما قالوه باللسان لم يطابق ما اعتقدوه في قلوبهم. نعم. اي كذبون في قولهم ذلك عن اعتقادهم وتصديقهم وهم لا يعتقدونه. فلما لم تصدق ذلك ضمائرهم لم ينفعهم ان يقولوا بالسنتهم ما ليس بقلوبهم فخرجوا عن اسم الايمان ولم يكن لهم في الاخرة حكمه اذ لم يكن معهم ايمان بالكافرين في الدرك الاسفل من النار. نعم. قال الله تعالى ان المنافقين في الدرك الاسفل من النار. وفي غير ما اية يقول الله عنهم يقولون بافواههم ما ليس في قلوبهم. ففضح الله شأنهم وجعل هذا حكما شرعيا عظيما. ان العبارة باللسان ولو كانت تحمل معنى التوحيد الخالص. لا تفيد صاحبها الم ما لم يعتقد بقلبه ما قاله بلسانه فليس ينفع عبدا شهادته ان لا اله الا الله ولو قالها في اليوم الف فمر ثم هو اذا رفع يديه ودعا سأل غير الله لن ينفع عبد شهادته بان الله عز وجل اله حق. ثم هو يصرف شيئا من مقتضى الالوهية لغير الله ومن علق قلبه بعبد مخلوق اعتقد انه يضره او ينفعه او انه يملك له خيرا او دفع شر سواء كان وليا او نبيا او صالحا حيا او ميتا كل ذلك مناقضة صريحة ولو قال صاحبها اشهد ان لا اله الا الله في اليوم الف مرة فليست القضية مقترضة باللسان فقط ولا متوقفة عليه. ما لم يصاحب ذلك اعتقاد جازم ينعقد في القلب ان الذي قاله بلسانه متحقق بقلبه. وكذلك الشأن في شهادة ان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رحمه الله تعالى ولحقوا بالكافرين في الدرك الاسفل من النار. وبقي عليهم حكم الاسلام باظهار شهادة اللسان من هم المنافقون بقي عليهم حكم الاسلام. نعم بقي وبقي عليهم حكم الاسلام باظهار شهادة اللسان في احكام الدنيا المتعلقة بالائمة وحكام المسلمين الذين احكامهم على الظواهر بما اظهروه من علامة الاسلام اذ لم يجعل للبشر سبيل الى السرائر ولا امروا بالبحث عنها بل لها النبي صلى الله عليه وسلم عن تحكم عليها وذم ذلك وقال عليه الصلاة والسلام هلا شققت عن قلبه؟ اهل النفاق عياذا بالله وقعوا في فصام نكد. فصام بينما في قلوبهم وبين ما تنطق به السنتهم. اما القلوب فكافرة واما الالسنة فمؤمنة الالسنة مسلمة يقولون باللسان اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله فجعل الله عز وجل لهم من الاحكام في الدنيا ما يناسب الظاهر فاعلنوا الاسلام فتجري عليهم احكام الاسلام وهذا مقصود المصنف في احكام الدنيا المتعلقة بالائمة وحكام المسلمين الذين احكامهم على الظواهر لاننا بشر ولسنا نرى الا الظاهر فنحكم بالظاهر واما الباطن فمرده الى العليم بالبواطن سبحانه وتعالى قال النبي صلى الله عليه وسلم حتى يشهدوا ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله. فاذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم واموالهم فلن يقتل ولو قيل انه منافق ولن يراق دمه ولن يسبى ماله وقد قيل انه مسلم واظهر الاسلام. ولو حكم عليه بالنفاق. قال وحسابهم على الله تعالى الدماء والاموال بمجرد اظهار الاسلام. هذا قانون الشريعة. فمن اظهر الاسلام عصم دمه وماله. ولو لكنه في الحقيقة خلاف ذلك ولو قلت لكنه يسر الى خاصته وبطانته اذا خلا بهم واذا انفرد قال خلاف ذلك يا اخي هكذا حكى الله عن المنافقين واذا لاقوكم امنا امنا واذا خلوا الى شياطينهم قالوا انا معكم انما نحن مستهزئون. ورغم فضح القرآن لهم الا ان النبي صلى الله عليه وسلم ما اقتادهم ولا اتى بهم ولا قطع رقابهم ولا اعتبرهم كفارا مرتدين. لسبب واحد كان يعلمنا منهجا شرعيا ان لنا الحكم على البشر بما ظهر واما امر الباطن فمرده الى العليم بالبواطن جل وعلا. فتجري احكام الاسلام عليهم في الظاهر. واما الباطن فمرده الى الله عز وجل قال بل نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التحكم عليها يعني السرائر والبواطن وذم ذلك وقال هلا شققت عن قلبه قال هذا لاسامة ابن زيد وهو حبه وابن حبه رضي الله عنهما. يقول اسامة بن زيد بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الحرقة من جهينة يعني في سرية بعث مجموعة فيها اسامة. قال ولحقت قال اسامة بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم للحرقة من جهينة فهزمناهم ولحقت انا ورجل من الانصار رجلا منهم فلما غشيناه قال لا اله الا طاء قال اسامة فكف الانصاري عنه وطعنته برمحي حتى قتلته فلما قدمنا بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي يا اسامة اقتلته بعد ما قال لا اله الا الله فقلت يا رسول الله انما كان متعوذا. يعني يا رسول الله ما قالها حقيقة لانه اسلم. لكن اراد ان يستعيذ بتلك الكلمة من قتله انما كان متعودا يعني فقط اراد ان يرد السيف عن نفسه وما قالها عقيدة ولا صدق اسلام ولا رغبة في الدين فاعاد عليه صلى الله عليه وسلم يا اسامة اقتلته بعد ما قال لا اله الا الله؟ قالها مرتين او ثلاثة ثم قال هلا شققت عن قلبي يعني انت لك لسانه الذي نطق ولك الظاهر الذي ابدى لك. اما ان تقول لا هو ما قصد الاسلام واراد فقط حماية نفسه. هذا امر يتعلق بالباطل وبما في قلبه هلا شققت عن قلبه هذه قاعدة عظيمة. وجعل النبي صلى الله عليه وسلم في حديث اسامة هذا منهجا عظيما للامة ان نقف عند حدود ما يظهر لنا او ما يظهره لنا البشر. فان اظهروا الاسلام قبلناه ولو كانوا في الحقيقة على خلاف ذلك فان مردهم الى الله وحسابهم ايضا على الله. فاذا هذا منهج عظيم في عدم التكلف في البحث عن بواطن البشر. نعم قال القاضي رحمه الله تعالى وللفرق بين القول والعقد والعقد ما جعل في حديث جبريل عليه السلام الشهادة من الاسلام والتصديق من الايمان. للفرق بين النطق باللسان قولا وبين عقيدة القلب يقينا جاء حديث جبريل لما سئل عن الاسلام فقال ان تشهد فذكر النطق باللسان ولما ما سئل عن الايمان ذكر عقيدة القلب ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله فهذا يبين لك الفرق بين امرين كلاهما مطلوب في اثبات اسلام العبد اعتقاد القلب ونطق اللسان. نعم قال رحمه الله وبقيت حالتان اخريان بين هذين. بين هذين. ماذا وماذا قول بين اجتماع النطق مع القول بين اجتماع النطق مع عقيدة القلب قال وهي الحال المحمودة التامة وبين الحالة الاخرى للمنافقين افتراق العقيدة في القلب عن نطق اللسان. فاذا كان مجرد نطق باللسان فلا اسلام ولا ايمان قال بين حال الايمان والنفاق حالتان سيبين المصنف احوالهما وحكمهما قال احداهما ان يصدق بقلبه ثم قبل اتساع وقت الشهادة بلسانه. ان يصدق ثقة بقلبه يعني ان يؤمن يعني ماذا لو وجدنا عبدا عرظنا عليه الاسلام فاذعن بقلبه وصدق وامن. لكن قال ثم يخترم قبل اتساع وقت الشهادة بلسانه يعني مات انعقد في قلبه الايمان لكن المنية وافته قبل ان يقول اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله السؤال هذا ما حكمه هل هو في عداد الاسلام والمسلمين؟ لان العقيدة في قلبه قد وقعت لكن النطق باللسان لم يقع. فانت ان نظرت الى ان انه كان متجها الى الاسلام لولا احترام المنية له تقول هو على الايمان وان نظرت الى اشتراط الجمع بين العقد بالقلب مع النطق باللسان ستقول ما اتى بعده بنطق اللسان وهذان مذهبان يحكيها الامام القاضي عياض قال فاختلف فيه فشرط بعضهم من تمام الايمان القول والشهادة به. ورآه بعضهم مؤمنا مستوجبا الجنة لقوله عليه السلام يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من ايمان فلم يذكر سوى وما في القلب وهذا مؤمن بقلبه غير عاص ولا مفرط بترك غيره. وهذا هو الصحيح في هذا الوجه صحح المصنف ان الحكم على مثل هذا الصنف وهذه الحالة الحكم بايمانه. هذا لا يعنينا نحن معشر العباد لان المسألة تتعلق بالثواب والعقاب. لكن نتكلم عن حكم مسألة في ميزان الاسلام. فمن انعقد قلبه على الايمان لكن المنية ادركته قبل ان ينطق باللسان فالصحيح انه في عداد اهل الايمان لانه لم يأتي الا بما اطاق ولم يقصر في شيء وجب عليه الثانية قال الثانية ان يصدق بقلبه ويطول مهله ويطول مهله. نعم ويطول مهله يعني يقع عنده التصديق بالقلب ثم يمهل النطق باللسان ويطول الامهال. يعني يتأخر في النطق باللسان ليس لمنية ولا وفاة لا زال حيا يرزق يقول نعم اقتنعت بالاسلام لكنه ما نطق الشهادتين بعد هل هذا مسلم؟ ثم مات مع وجود مهلة وامكان لنطق الشهادتين فلم ينطق. ومات هل هذا مسلم وهل يعد في عداد المسلمين؟ نعم وعلم ما يلزمه من الشهادة فلم ينطق بها جملة ولا استشهد في عمره ولا مرة واحدة. فهذا اختلف ففيه ايضا فقيل هو مؤمن لانه مصدق. والشهادة من جملة الاعمال فهو عاص بتركها غير مخلد في النار. وقيل ليس بمؤمن حتى يقارن عقده شهادة اللسان. حتى يقارن عقده. حتى قارن عقده شهادة اللسان اذ الشهادة انشاء عقد والتزام ايمان وهي مرتبطة مع العقد ولا يتم التصديق مع المهلة الا بها. وهذا هو الصحيح. اذا صحح المصنف رحمه الله في الصورة الثانية خلاف الذي صححه في السورة الاولى وانه لا يعد في اهل الايمان. والسبب ان المهلة كانت متسعة وتباطؤه عن النطق بالشهادتين يعني عدم اتيانه بركن مهم من اركان الايمان وهو النطق باللسان والا لجعلت عامة من يصدق بصدق الاسلام وبحق النبي عليه الصلاة والسلام والاعتراف له فضلي والعظمة والجلال ولم يدخل بعد في الاسلام. اذا ستجعل هذا في عداد المسلمين وهذا ليس صوابا قال الصحيح في مثل هذا انه ليس بمؤمن حتى يقارن عقده يعني عقد قلبه ومن طوى عليه من اعتقاد حتى يقارن شهادة اللسان. اذ الشهادة انشاء عقد والتزام ايمان. واما مجرد باقتصار على ما في القلب فليس كافيا وهي مرتبطة مع العقد ولا يتم التصديق مع المهلة الا بها. والمذهب الثاني لاهل العلم عقد عليه في مثل هذه الحالة هو الاكتفاء او بما عقد عليه هذا المرء قلبه من الايمان بشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم وان لم ينطق به لسانه. على كبار ان الشهادة باللسان جزء من العمل وان العمل ليس شرطا في الايمان وهو مذهب مرجوح عند اهل العلم ومذهب اهل السنة على خلافه نعم. قال رحمه الله تعالى وهذه نبذة تفضي الى متسع من الكلام في الاسلام والايمان وابوابهما وفي الزيادة فيهما والنقصان وهذا التجزي ممتنع على مجرد التصديق لا يصح فيه جملة وانما يرجع الى ما زاد عليه من عمل وقد وقد يعرض فيه الاختلاف صفاته وتباين حالاته من قوة يقين وتصميم اعتقاد ووضوح معرفة ودوام حالة وحضور قلب. بسط هذا خروج عن عن غرضك تأليف وفيما ذكرنا غنية فيما قصدنا ان شاء الله شرع المصنف رحمه الله في الكف عن الاستطراد في مسألة يطول بها الكلام في مسائل الاسلام والايمان وما حرره في ذلك العلماء في ابوابهما وان الايمان يزيد وينقص قال وهذا التجزي ممتنع على مجرد التصديق يقصد رحمه الله اننا لو اقتصرنا على ان الايمان هو التصديق بالقلب فقط على مذهب غلاة بعض الجهمية فان هذا باطل. لانه قد انعقد الاعتقاد على ان الايمان يزيد وينقص. واذا كان الايمان هو الاعتقاد بالقلب فقط فانه لا يتجزأ ولا يزيد ولا ينقص. قال وانما يرجع الزيادة والنقصان الى ما زاد على اهذا الاعتقاد من العمل؟ ثم اشار الى ان الاعتقاد ربما يعرض له شيء من الزيادة والنقصان لاختلاف صفاته بمعنى ان ايمانا اقوى من ايمان. ايمان ابي بكر في قلبه اقوى من ايماني انا وانت وكثير من اهل الاسلام. والسبب ما اختلفت فيه صفات الايمان ايمان وتباين حالاته من قوة يقين وتصميم اعتقاد ووضوح معرفة ودوام حالة وحضور قلب. ثم قال وفي لهذا خروج عن غرض التأليف وفيما ذكرنا غنية فيما قصدنا ان شاء الله. وسيشرع المصنف تباعا في فصول يبين فيها هذا الباب الاول الايمان والطاعة للنبي صلى الله عليه وسلم. اتموا ليلتكم المباركة هذه بكثرة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم تسيل المحابر وفيك تسيل المحابر شوقا وتهفو النفوس حنينا اليك تطيب الحياة دوما ويشرح قلب يصلي عليك. صلى الله عليه واله وسلم. اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا واسعا عملا صالحا متقبلا وشفاء من كل داء يا رب العالمين. اللهم اجعله عام خير ورحمة وبركة. وهداية وتوفيق وسداد لنا جميع المسلمين واجعل لنا ولامة الاسلام من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين. ربنا تقبل من انك انت السميع العليم وتب علينا انك انت التواب الرحيم. واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الاحياء منهم مو الميتين ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. وصلي اللهم وسلم وبارك على عبدك ورسولك كنبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. والحمد لله رب العالمين