بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك. نحمدك ونشكرك ونستعين ونستغفرك واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله وصفيه قليله امام الانبياء وخاتم المرسلين وحبيب رب العالمين صلى الله ربي وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته وصحابته التابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. وبعد ايها الاخوة الكرام فان هذه الليلة ليلة الجمعة. وهي الليلة التي ما يزال المحبون من امته صلى الله عليه وسلم يترقبونها كل اسبوع يجدون فيها منسما كبيرا ونفحا وعبيرا بكثرة صلاتهم وسلامهم على الرسول المصطفى. والحبيب مجتبى صلى الله عليه وسلم يستكثرون من صلاة يعلمون ان ربهم عز وجل يحبها ويثيبهم ويكافئهم عليها بعشرة اضعاف مثلها. من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا. والمحب انما يبحث عن صلاة فيها ربه ويذكر فيها نبيه صلى الله عليه واله وسلم والصلاة عليه صلى الله عليه وسلم تفريج للكربات ورفعة في الدرجات. وهي ايضا تفريج للهموم والكربات. صلاة على نبينا صلى الله عليه وسلم حق واجب في رقابنا امته عليه الصلاة والسلام وفاء هو ايمانا وحبا وعرفانا. يا من لشربة حوضه نشتاق وبمدحه تتعطر الاوراق. صلى عليك الله حتى تنتهي انوار نجم في السماء براق. وهذه المجالس التي نتدارس فيها سيرته وشمائله حقوقه عليه الصلاة والسلام انما نستكثر بها ونستجلب مزيدا من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم الا وان مجلسنا المبارك هذا في رحاب بيت الله الحرام ونتدارس في هذه الليلة الشريفة كتاب الشفا بتعريف حقوق صلى الله عليه وسلم للامام القاضي عياض بن موسى الي رحمة الله عليه وقد وقف بنا الحديث في القسم الثاني من اقسام المتعلق بحقوقه صلى الله عليه وسلم. وهو لب الكتاب وعصارته كما تقدم. وقد ذكر المصنف في ابواب اربعة جملة الحقوق التي تجب لنبينا عليه الصلاة والسلام. وافتتحنا في مجلس ليلة الجمعة الماضية. الفصل الذي الذي خصه المصنف رحمه الله في وجوب اتباع نبينا صلى الله عليه وسلم. وامتثال سنته صلى الله عليه وسلم والاقتداء بهديه صلى الله عليه وسلم واورد في هذا الفصل المبارك من النصوص ايات واحاديث فيها تعظيم هذا الامر العظيم اتباع النبي الكريم عليه الصلاة والسلام. اما انه امر عظيم ايصاله بشهادتنا ان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولعظم امره فهو متعلق بعقيدتنا وديننا شهادتنا متعلق بحق عظيم من حقوق نبينا صلى الله عليه وسلم اتباعه وامتثال سنته هي المقصد من التي بعثه الله عز وجل بها والنصوص في هذا وافرة وقد تقدم طرف طيب كريم منها. هذا الفصل في وجوب اتباعه عليه الصلاة والسلام هو ترجمان المحبة الطاعة والاتباع والحرص على الاقتداء والاجتهاد في الاستنان بسنته عليه الصلاة والسلام هي اجلى علامات المحبة واظهر دلائل صدقها. وقد مر بكم الاية الكريمة قل ان كنتم تحبون يحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم. وقعت هذه الجملة العظيمة فاتبعوني بين قوله ان ان كنتم تحبون الله وقوله يحببكم الله. فهذا الامر العظيم الذي وقع في الشريعة موقعا كريما عظيما مباركا ومن اعظم حقوقه عليه الصلاة والسلام. وقف بنا الحديث عند ذكر المصنف رحمه الله عقب تلك الاية الكريمة طرف من اقوال اهل العلم فقال ذكر فيه مقولة الزجاج والقشيري وقال يقال محبة العبد لله تعظيمه له وهي منه ومحبة الله له رحمته له وارادته الجميلة له وتكون بمعنى مدحه وثنائه عليه لما فرغ المصنف من الايات التي تبين منزلة الاتباع لنبينا صلى الله عليه وسلم. سينتقل رحمه الله الى النصوص الشرعية الاخرى من السنة النبوية وما فيها من الاحاديث الدالة على المعنى ذاته. جمع في هذا الفصل بين الايات القرآنية والاحاديث النبوية. نعم بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اجمعين قال المصنف رحمه الله تعالى حدثنا ابو اسحاق ابراهيم بن جعفر الفقيه قال حدثنا ابو الاصبغ عيسى ابن سهل وحدثنا ابو الحسن يونس ابن مغيث الفقيه بقراءة عليه قال حدثنا حاتم بن محمد قال حدثنا ابو حفص الجهني قال حدثنا ابو بكر الاجري قال حدثنا ابراهيم بن موسى الجوزي قال حدثنا داوود ابن رشيد قال حدثنا الوليد ابن مسلم عن ثور ابن يزيد عن خالد ابن معدان عن عبدالرحمن بن عمرو الاسلمي وحجر الكلاعي عن العرباض بن سارية رضي الله عنه في حديثه في موعظة النبي صلى الله عليه وسلم انه قال فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ واياكم ومحدثات الامور. فان كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة. زاد في حديث جابر وكل ضلالة في النار. هذا اول الاحاديث التي اوردها المصنف رحمه الله في هذا الفصل لبيان مكانة للنبي صلى الله عليه وسلم. وهو حديث صحيح اخرجه اصحاب السنن ابو داود والترمذي وابن ماجة. واخرجه الحاكم ايضا وصححه وابن حبان كذلك. والحديث صحيح على ما انتهى اليه جملة من المحدثين يقول النبي عليه الصلاة والسلام كما في حديث العرباض بن سارية وهو يصف ذلك المجلس فقال وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب. وذرفت منها العيون. فقلنا يا رسول الله كانها موعظة مودع فاوصينا فاوصاهم صلى الله عليه وسلم قائلا اوصيكم بالسمع والطاعة. وان تأمر عليكم عبد حبشي وعليكم بسنتي. وسنة الخلفاء الراشدين وهذا موضع الشاهد الذي اقتصر عليه المصنف في ايراده الحديث من طريقه. قال فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ واياكم ومحدثات الامور فان كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة زاد في حديث جابر من معناه قال وكل ظلالة في النار معنى قوله عليه الصلاة والسلام عليكم بسنتي الامر وقوله عليكم كذا يفيد الوجوب في نصوص الشريعة ومثله استفاد الوجوب من قوله سبحانه وتعالى يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم قوله عليه الصلاة والسلام ان الله كتب عليكم الحج فحجوا. فما جاء في نصوص الشريعة من الامر بالشيء بصيغة كتب الله او كتب عليكم افاد الوجوه. وقوله ولله على الناس ايضا يفيد الوجوب عند العلماء بانه في معنى ولله واجب على الناس. فقوله عليه الصلاة والسلام عليكم بسنتي هو في تقديري واجب عليكم قم الاخذ بسنتي والتمسك بها والاستنان بها. هذا امر صريح يا كرام نبينا صلى الله عليه وسلم يأمرنا بالاخذ بالسنة بالتمسك بها بالحرص عليها يقول لي ولك عبد الله يقول عليكم بسنتي ايزهد مسلم بعد ذلك وهو يرى موضعا من مواضع السنن فيعرظ عنها وينصرف مقدما شيئا من اهواء النفس ورغبها مثلا او عادات المجتمع وتقاليده التي تنبذ فيها بعض السنن احيانا او شيئا من التحرج في النفس وقد مضى في مجلس ليلة الجمعة الماضية ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما اتباع السنن يا كرام مطلب والسنة هنا بمفهومها العام كل ما اسر وثبت عندنا من شأن نبينا صلى الله عليه وسلم. ما علمناه من العقائد وما بلغناه من الوحي عليه الصلاة والسلام. وما دلنا عليه من صفة العبادات التي امرنا باخذها عنه. صلى الله عليه وسلم سلم ويدخل في ذلك ايضا جملة السنن التي يصفها الفقهاء بالمستحبات بالتطوع بالنوافل بالسنن غير الواجبة. هي ايضا جزء من هذا المعنى العام في مفهوم السنن. يدخل فيها هديه الكريم عليه الصلاة والسلام وخلقه النبيل عليه الصلاة والسلام وشمائله العطرة عليه الصلاة والسلام داخلة في هذا مفهومي العام للسنن وهو يقول عليكم بسنتي هي في عمومها تماما كما في عموم الاية الكريمة وما اتاكم الرسول فخذوه. فكل شيء بلغنا عنه اخذناه وكل شيء نهانا عنه اجتنبناه وتركناه. يقول عليكم بسنتي. هذا موضع الشاهد في ان الاخذ بالسنن مطلب شرعي دعت اليه الشريعة على عموم مفهوم سنته صلى الله عليه وسلم. عليكم بسنتي وعطف عليها قائلا اذا وسنة الخلفاء الراشدين المهديين والمراد بهم اصحاب الفضل في الامة والمنزلة الكريمة وخلافة نبيها صلى الله عليه وسلم في الحكم والامامة بعد نبيها عليه الصلاة والسلام. ابو بكر وعمر وعثمان علي رضي الله عن الجميع. هؤلاء الذين اجمعت الامة على سمو مراتبهم. وعلى علو درجاتهم بل على افظليتهم على سائر الامة اطلاقا فان الامة مراتب في ايمانها ودرجاتها وكرامتها عند الله. واعلاهم صحابته عليه الصلاة والسلام واصحابه درجات يتفاوتون. يتبوأ على عرش الامامة والفضل عنهم. والايمان والمناقب الاربعة الخلفاء الراشدون وترتيبهم في الفضل على ترتيبهم في الخلافة رضي الله عنهم اجمعين. قال وعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ والنواجذ في الفم هي مؤخر الابراس وها هنا مجاز فان المرء اذا تمسك بالشيء عض عليه يعني شد عليه باسنانه فاذا كانت الاسنان التي يشد بها على الشيء هي مؤخر ما في فك اسنانه كان هذا كناية عن شدة التمسك وانه لا يمكن نزعه اطلاقا لانه قد عض عليها بمؤخر اسنانه. فهذا تشديد في التمسك عظوا بالنواجذ يا كرام في الحديث الماحا الى انه ربما واجه بعضنا شيئا النفس نحو الانصراف عن تلك السنن التي امرنا باتباعها فينبغي التمسك وعدم التنازل عضوا عليها بالنواجذ وربما واجه بعضنا في بعض الاعصار والامصار شيئا من الانتقاص ولحظ الانظار المشعر بقدر فيه انحطاط من اجل التمسك بالسنن لغرابتها وغرابة اهلها في زمن ما او بلد اما كل ذلك عوامل قد تظعف المرء في طريق استنانه وتمسكه بهدي المصطفى صلى الله عليه وسلم. وقد تلى المرء في دينه ببعض من يسلط عليه لسفاهته ونقص عقله واذاه من اجل تمسكه بالسنن فيؤتى في في هذا السياق بهذا التذكير قال عضوا عليها بالنواجذ. فلا ينبغي ان يصرفنا عن السنن عادات مجتمع نشأ على خلاف السنن او على شيء من مصادمتها ولا يصرفنا ايضا عن التمسك بالسنن عادة امرئ الفها ونشأ عليها لا يظنها بعد والا امرا مباحا فاذا هي خلاف صريح لبعض السنن. هذه كلها مما تصرف النفوس عن المضي في طريق الاستنان فجاءت الوصية النبوية عضوا عليها بالنواجذ. اذا هو طريق يا كرام يحتاج الى الى مجاهدة واستمساك وعدم وعدم تراجع وتنازل الى صبر وثبات. عضوا عليها بالنواجذ. واما شطر الحديث الاخر فهو لاثر التنكب عن طريق السنن ومخالفتها. قال واياكم ومحدثات الامور فان كل محدثة بدعة محدثات الامور هي جديدها التي لم تكن في الشريعة على عهده صلى الله عليه وسلم. الطرائق المحدثة في التعبد في دين الله وسماها النبي صلى الله عليه وسلم محدثات وسماها بدعا. فهذا مصطلح شرعي. كل طريقة في الدين ترعى يراد بها التقرب الى الله لم يدل عليها نبينا صلى الله عليه وسلم فانها من المحدثات في الدين وهي نوعان في الجملة اما ان تكون محدثة وبدعة اصلا بابتداع عبادة ليس لها اصل في الشريعة فتلك بدعة لا يختلف اهل العلم في رفظها والحكم بظلالتها كمن يروم عبادة جديدة بصيام وجوب غير في رمضان وصلاة غير الخمس المفروضة وشيء من العبادات التي ما انزل الله بها من سلطان والنوع الاخر هو ان يعمد الى العبادات المشروعة. ثم تخص باوصاف او اعداد او امكنة او ازمنة او هيئة لم يدل عليها ايضا هدي النبي صلى الله عليه وسلم فانها مشروعة في اصلها محدثة في هيئتها ووصفها ويسميها بعض اهل العلم البدعة الاضافية على كل يقول عليه الصلاة والسلام واياكم ومحدثات الامور فان كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وزاد في رواية وكل ضلالة في النار اذا هما طريقان اما استنان واتباع واما احداث وابتداع. هكذا قسم النبي صلى الله عليه وسلم الطريق في هذه الحياة لبني الاسلام. فامر وبالاول وحذر من الثاني. قال عليكم بسنتي. وقال واياكم ومحدثات الامور. هما طريقان ما يزال اهل السنة من بني الاسلام يحرصون على ايضاح معالمها. وعلى رفع رايتها السنن والدلالة اليها تحذير الناس من المحدثات والبدع فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ الا الحديث اذا على وجوب اتباعه صلى الله عليه وسلم. والاستنان بسنته. ودل ايضا على وجوب التحذير من تنكب بيهديه وابتداع محدث في الدين ما دل عليه نبينا صلى الله عليه وسلم ولا امر به ولا شرعه لامته يشمل ذلك العقائد المحدثة فانها بدع وضلالات. ويشمل ذلك العبادات المحدثة فانها بدع وضلالات. ويشمل وكلما يدخل في طريق التعبد ولان لا يخطأ ويساء فهم الحديث. لا يتناول الحديث ما احدث الناس في حياتهم من المباحات. وامور دنياهم انه لا يقصد بها التعبد لله. فاذا ما احدث الناس من لباس او طعام او شراب او مركوب او اثاث لم يكن على مثال سابق في عهد النبوة لا يدخل هذا في عداد البدع. طعامنا وشرابنا ولباسنا ومواصلاتنا وانما طول الحياة التي نتعاطاها ليس لها صلة بالتعبد فهذه لا تدخل في عداد البدع ولا يمكن وصفها كذلك. ومن خطأ يقال بل هي بدع ولنسميها بدعة حسنة وتكون البدع في الدين بدعة سيئة. والنبي عليه الصلاة والسلام اطلق فقال واياكم ومحدثات الامور. وعمم فقال فان كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة. وهذا احد الاصول في السنة النبوية التي يقام بها علم السنن والتي يدفع بها احداث البدع في الامة وما يزال اهل العلم يذكرون بهذا الحديث وامثاله حرصا على بقاء السنة النبوية صافية نقية لا يشوبها شوائب ولا يكدرها بدع ولا محدثات. نعم. قال رحمه الله وفي حديث ابي رافع عنه عليه السلام لا الفين احدكم متكئا على اريكته يأتيه الامر من امري مما امر به او نهيت عنه فيقول لا ادري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه. وفي حديث عائشة رضي الله اخرج هذا الحديث الذي سمعته حديث ابي رافع رضي الله عنه اخرجه اصحاب السنن ابو داود والترمذي وابن ماجة وصححه الترمذي والحاكم كذلك عليه الصلاة والسلام يصف في هذا الحديث حالا لبعض امته ممن يأتي بعده فيقول لا الفين احدكم يعني لا اجدن احدكم متكئا على اريكته مدته. والاريكة المقعد الواسع كالسرير. يجلس عليه وايضا يمدد عليه الجسد لا الفين احدكم متكئا على اريكته. يأتيه الامر من امري مما امرت به او نهيت عنه فيقول لا ادري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه هذا تحذير يقول عليه الصلاة والسلام اياكم ان يأتي احدكم في يوم من الايام فيصنع هذا الصنيع ما هو؟ عندما يعرض عليه شيء من سنته عليه الصلاة والسلام امرا كان او نهيا فيرفضه بدعوى الاقتصار على ما جاء في القرآن يقال له هذا امره هذا نهيه صلى الله عليه وسلم فيقول لا ادري. يعني لا ادري ما الذي تقوله ولا اجده في القرآن اما انا على ما ثبت في القرآن ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه. يحذر عليه الصلاة والسلام من هذا الصنيع. بل ويصف قائل هذه المقولة بوصف يشعر بازدراء السنن. يقول متكئ على اريكته. ثم يعرض عن السنن بلا مبالاة هذا الوصف مشعر ان هذا الصنيع من صاحبه ان هذا الصنيع من صاحبه يحمل قدرا من الزهد في السنن وحط قدرها في قلبه عياذا بالله. والا فلا والله ما يحترم احد احدا فيصنع امامه مثل هذا الصنيع المشعر بقلة الهيبة وعدم الاحترام وضعف الاكتراث واللامبالاة. عندما يدخل وعليك من تعزه وتحترمه ابا او اخا كبيرا او شيخا واستاذا ومعلما او ذا هيبة ومنصب وسلطان فانك لا تجرؤ على ان تظل امامه متمددا منسدحا مضطجعا وانت تحدثه او تتكلم معه. فضلا عن ان يكون لك في ردك لحديثه وكلامه ومقوله معك شيء يشعر بالله مبالاة فترده غير مكترث ولا عابئ. من الذي يجرؤ على ان يصنع مع السنن النبوية هذا الصنيع نعم هي نبتة نبتة في الامة لا انماها الله. ممن انتسب اليها وقد ظهر في قرون ولهم بقية يحملون مثل هذا المنهج المعوج المنحرف. ويسمون انفسهم بالقرآنيين يزعمون انهم اصحاب تمسك بالقرآن. ويرفضون السنن ويعرضون عنها جملة وتفصيلا. ولا يرون الحجة فيها قائمة عليهم بحال ولا يرجعون اليها في اثبات حلال ولا حرام. يزعمون انهم بهذا اخذون بالصحيح الثابت من كلام ام الله واما السنن فان فيها صحيح وضعيف والاعراض عنها والتمسك بالقرآن وحده مما تستقيم به الديانة. وفضل عن ان يكون هذا الفكر في ظلاله وخطأه من الوضوح بيان ما لا يحتاج معه الى رد ولا اقامة حجج. ان كانوا متمسكين بالقرآن فماذا عساهم يفعلون بكل الايات التي وردت معنا في ليلة الجمعة الماضية في مثل قوله وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا وبمثل قوله وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا في مثل قوله وما ارسلنا من رسول الا ليطاع باذن الله في مثل قول فيه من يطع الرسول فقد اطاع الله في مثل قوله فان لم يستجيبوا لك فاعلم ان ما يتبعون اهواءهم في مثل قوله فلا وربك يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما. الحديث اغلاق لهذا الباب من الفكر المنحرف والمنهج وان زعم صاحبه انه اخذ بكتاب الله فلا والله هو مناقض صريحا لكتاب الله عز وجل. وكل تلك الايات وامثالها واضعافها تأمر صراحة بالتمسك بطريقه واتباع سنته صلى الله عليه وسلم. ثم ليت شعري كيف يصنع هؤلاء اذا ارادوا الاقتصار على القرآن وحده زعموا فليصلي احدهم صلوات خمسا بركعاتها وصفتها وهيئاتها مقتصرا على ما جاء في القرآن. فانى يجد فيه الفجر ركعتين قرى اربعا والعصر والعشاء والمغرب ثلاثا وكيف يجد فيه صفة الركوع والسجود وسائر هيئة الصلاة؟ وانى يجدون فيه الزكاة ومقاديرها وانصبتها والحج وصفته وهيعاله وافعاله اركانا وواجبات وسننا كل ذلك قول منحط لكنه موجود. والنبي عليه الصلاة والسلام حذر منه فقال لا الفين احدكم متكئا على اريقه كثير يعني ان وجد من يشق هذا الطريق المبتدعة الذي يقطر ضلالة وانحرافا فاياكم واياهم ولا تتبعوهم والتحذير منهم ها هنا لكشف عوار هذا المنهج المعوج. لاحظ معي ان هذا المنهج المضل المنحرف كيف كانت افته بالاعراض عن هذا الباب اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ لتعلم انه والله ليس وراء ترك سنته عليه الصلاة والسلام الا الضلال. والغواية والانحراف لا شيء سوى ذلك. لا الفين احدكم متكئا على اريكته يأتيه الامر من امري مما امرت به او نهيت عنه فيقول له ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه. نعم. قال رحمه الله وفي حديث عائشة رضي الله عنها صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ترخص فيه. فتنزه عنه قوم فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فحمد الله ثم قال ما بال قوم يتنزهون عن الشيء اصنعه؟ فوالله اني لاعلمهم بالله واشدهم له خشية. الحديث اخرجه الشيخان البخاري ومسلم. من حديث امنا عائشة رضي الله عنها وفيه قالت صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ترخص فيه. فتنزه عنه لم تذكر في الرواية هنا ما الشيء الذي صنعه نبينا صلى الله عليه وسلم؟ ما هو الفعل الذي فعل؟ لكن الحديث يشير الى انه ترخص ولذلك في رواية بلغهم عني امر ترخصت فيه فكرهوه وتنزهوا عنه يقول الحافظ ابن حجر رحمة الله عليه وهو يشرح هذا الحديث ويبين ما فيه من المعاني. يقول ولم اعرف اعيان القوم المشار اليهم في هذا الحديث ولا الشيء الذي ترخص فيه النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا ادري ما هو ثم ثم يظهر رحمه الله احتمالا. لمعرفة هذا الشيء الذي اشار اليه الحديث اجمالا. قال ثم وجدت ما يمكن ان يعرف به ذلك ولم يجزم لكنه يقول لعله يكون. وهو ما اخرجه مسلم في كتاب الصيام من وجه اخر عن عائشة رضي الله عنها ان رجلا قال يا رسول الله اني اصبح جنبا وانا اريد الصيام فاغتسل واصوم قال صلى الله عليه وسلم وانا تدركني الصلاة وانا جنب فاصوم. فقال يا رسول الله انك لست مثلنا. قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال اني ارجو ان اكون اخشاكم لله واعلمكم بما اتقي ونحو هذا في حديث انس رضي الله عنه ان ثلاثة رهط سألوا عن عمل النبي صلى الله عليه وسلم فكأنهم استقلوا امره فقالوا قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فقال والله اني لاخشاكم لله واتقاكم له لكني اصوم وافطر واصلي وارقد واتزوج النساء. يقول الحافظ ابن حجر لعله هو هذا او ذاك ايا كان. المقصود في الرواية ان النبي عليه الصلاة والسلام ما اعجبه صنيع المشار اليهم ما بال قوم. يتنزهون عن الشيء اصنعه. يثبت عند ان النبي صلى الله عليه وسلم فعل فعلا او صنع صنيعا فيرونه غير ذي موضع في حياتهم للعمل به والسير على منواله. قال يتنزهون عنه يعني يترفعون لا يجدون في انفسهم قبولا للاخذ به والاقبال عليه يتنزهون عنه فغضب عليه الصلاة والسلام ويصعد المنبر فيقول ولم هذا الصنيع وكان من هديه الكريم وخلقه النبيل عليه الصلاة والسلام ولطفه ورأفته بامته التورية في مثل هذا الانكار والتعليم والتوجيه من غير ان يجرح المشاعر. ولا يسمي صاحب الصنيع. يصعد المنبر فيقول ما باله اقوام ما بال رجال دون ان يسميهم؟ فيعرف المقصود بالكلام الشخص المقصود يعرف نفسه وغيره لا يمكن ان يقع في علمه من المقصود؟ ويحصل التوجيه لعامة اصحابه دون جرح لمشاعر احد. او اساءة لاحد او فضح له امام الناس ويحصل المطلوب من تصحيح الموقف والارشاد والتعليم والتوجيه مع كامل الاحترام للمشاعر والنفوس والاخذ بزمامها بكل لطف ورأفة ورحمة للانقياد الى هديه صلى الله عليه وسلم. فقال ها هنا ما بال قوم عن الشيء اصنع ايليق هذا؟ ان يثبت عندك صنيع النبي عليه الصلاة والسلام لامر ما في باب ما فتتنزه وانت عنه تتنزه يعني لا ترى نفسك قابلة للاخذ به تترفع عنه فوالله اني لاعلمهم بالله واشد له خشية ان كانت رخصة فعلتها ثم دللتكم عليها ترون ان شيئا من من سوى سنتي ان تأخذوا به يكون اقرب لكم الى الله اتظن ان الرخصة النبوية ان تركتها واخذت بما هو اشد واشق واصعب انك تختصر الطريق الى الله للوصول الى جنتك لا والله لا طريق الى الجنة اقصر من طريقه عليه الصلاة والسلام. ولا باب يبلغنا الى رحمة الله ومرضاته وجناته اوسع ولا اكبر من بابه عليه الصلاة والسلام يا جماعة والله نحتاج ان نفتح الاعين والقلوب والابصار والاسماع على هذا المعنى العظيم. كل من يروم القرب من الله والمزاحمة على الجنان وسكن الفردوس والتنعم بكل نعيم الاخرة. فلا يجتهدن في طريق ليس فيه اثر الحبيب صلى الله عليه وسلم ولا يسلكن في درب لا يجد فيه خطى المصطفى صلى الله عليه وسلم. ولا يقفن كثيرا على ابواب اعمال في الاسلام لا يثر النبوة ولا مشكاة الرسالة. ليست القضية في العبادة والقرب من الله ليست مبنية على اجتهاد وبذل ومضاعفة عمل بل هي مبنية على صدق في الاتباع. والاستنان واخذ بطريقه صلى الله عليه وسلم. ولهذا قالوا وسيأتينا مثل تلك العبارات اقتصاد في السنة خير من الاجتهاد في غيرها. ان تكون على السنة مقتصرا على القدر قليل خير من التكثر في باب ليس فيه اثر من نبوة ولا هديه عليه الصلاة والسلام. فيقول فوالله ان اني لاعلمهم بالله واشدهم له خشية. فلا يمكن ان يقال ان وردا او طريقة او عبادة او مسلكا يحمل فيه الناس انفسهم على اجتهاد في الطاعة واستكثار من الابواب على خلاف السنن ان يقال انما تقربنا من ربنا وترفع من درجاتنا لانه يقول فوالله اني لاعلمهم بالله واشدهم له خشية صلى الله عليه سلم قال رحمه الله وروي عنه عليه السلام انه قال القرآن صعب مستصعب على من كرهه وهو الحكم فمن استمسك بحديثي وفهمه وحفظه جاء مع القرآن. ومن ومن تهاون بالقرآن وحديثه خسر الدنيا والاخرة. امر امتي ان يأخذوا بقولي ويطيعوا امري ويتبعوا سنتي. فمن رضي بقولي فقد رضي بالقرآن. قال الله تعالى وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا. واتقوا الله ان الله شديد العقاب. اخرج ابو نعيم الدينمي والخطيب البغدادي ايضا في الجامع لاخلاق الراوي واداب السامعين هذا الحديث بالرواية من رواية الحكم ابن عمير الليثي قال عليه الصلاة والسلام القرآن صعب مستصعب على من كرهه يعني من وجد مشقة واعراضا وجد صعوبة في الاقبال على القرآن. فمن استمسك بحديثي وفهمه وحفظ جاء مع القرآن ومن تهاون بالقرآن وحديثه خسر الدنيا والاخرة امرت امتي ان يأخذوا بقولي اطيعوا امري ويتبعوا سنتي. فمن رضي بقولي فقد رضي بالقرآن. قال الله تعالى وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا. الحديث الذي اخرجه الحكم اخرجه من سمينا من اصحاب السنن من حديث الحكم ابن عمير الثومالي بعض جمله وان لم يصح الحديث بعض جمله بل غالبه ثابت بمعاني النصوص الشرعية الاخرى. فان الامة امرت ان تتبعه عليه الصلاة والسلام وان تسلك سنته وان تهتدي بهديه. وان الاخذ بالقرآن يلزم الاخذ بالسنن. وان سلوك اخذ بالقرآن وهذا معنى قوله امرت امتي ان يأخذوا بقولي ويطيعوا امري ويتبعوا سنتي فمن رضي بقولي فقد رضي بالقرآن وهذا معنى قوله سبحانه من يطع الرسول فقد اطاع الله ومن تولى فما ارسلناك عليهم حفيظا ومعنى الاية التي تذيل بها المصنف رحمه الله الحديث. وما اتاكم الرسول فخذوه. وما نهاكم عنه فانتهوا. نعم. قال رحمه الله وقال عليه السلام من اقتدى بي فهو مني. ومن رغب عن سنتي فليس مني. ومن رغب عن سنتي فليس مني هذه الجملة من الحديث متفق عليها في الصحيحين. من رغب عن سنتي فليس مني. واما شطر الحديث في جملته الاولى ان اقتدى بي فهو مني فانها مرسلة عن الحسن البصري رحمه الله في حديث اخرجه معمر في الجامع والمرسل لا والحديث بجملته صحيح المعنى. اما قوله عليه الصلاة والسلام من اقتدى بي فهو مني. من اتبع سنته عليه الصلاة والسلام ما دام انتسب اليه الى ملته. ولهذا يوصف صاحب السنة بانه من اهل السنة. ولا يزال اهل السنة في في اوصافهم والتعريف بهم ومناقبهم ان يوصفوا بانهم اهل سنة. وهذا اشرف اوصافهم والله. وما حملهم على هذا الوصف ولا نسبهم اليه الا حرصهم على اتباعه صلى الله عليه وسلم. واما قوله ومن رغب عن سنتي فليس مني فانا قد ثبتت في سياق اكثر من حديث منها حديث الثلاثة الرهط الذي رواه انس لما جاءوا فسألوا عن عمل النبي صلى الله عليه وسلم فلما اخبروا عن عمله كأنهم تقالوه. فقال احدهم اما انا فاقوم ولا ارقد. وقال الثاني انا ولا افطر وقال الثالث انا لا اتزوج النساء ما ارادوا بذلك الا ان يحملوا انفسهم على اجتهاد في العبادة ورأوا او حسبوا وظنوا ان النبي عليه الصلاة والسلام سلام انما كان يخفف من العبادة لان الله قد احله الدرجات الاولى. فلا يحتاج الى حسنات. وليس له ذنوب وسيئات يحتاج الى الاجتهاد في تكفيرها ومحوها ولهذا قرروا ذلك فلما بلغوا عليه الصلاة والسلام عتب وغضب وصعد المنبر وحدث الامة بحديث يروى الى يوم الى يوم القيامة ما بال اقوام يتنزهون عن الشيء اصنعه يقول عليه الصلاة والسلام اما انا فانام واصلي او قال اصلي وارقد واصوم وافطر واتزوج النساء. فمن رغب عن سنتي فليس مني ليس من طريق سنته عليه الصلاة والسلام مخالفة صنيعه او الظن ان طريقا من طرق التعبد والاجتهاد في الطاعة يمكن ان يأخذك الى طريق اقرب وموضع اعلى عند ربك عز وجل فمن رغب عن سنتي فليس مني تأكيد على ان الاخذ بالسنن طريق ومطلب لا بد منه لكل سالك الى الله لكل راغب في النجاة لكل باحث عن مراتب يتبوأها تقر بها عينه يوم يلقى الله. فمن رغب عن سنته فليس مني نعم قال رحمه الله وعن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ان احسن الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى محمد وشر الامور محدثاتها. حديث ابي هريرة رضي الله عنه المرفوع هنا. اخرجه عدد من الائمة واه اعظمهم في ذلك الامام مسلم في صحيحه رحم الله الجميع. وقد اخرجه كثير منهم موقوفا عن ابن مسعود. وانها من خطبة النبي صلى الله عليه وسلم التي كان يستفتح بها مجالسه وخطبه وحديثه ان يقول في ثنايا جمل يكررها على مسامع اصحابه ان احسن الحديث كتاب الله وهذا لا يختلف عليه مسلم ان احسنوا الحديث كلام الله ووجه الحسن فيه لفظا ومعنى اما اللفظ فما سمع العرب في كلام فصيح شعر ولا نثر ولا خطب ابلغ ولا افصح ولا اروع في السمع ولا اوقع في القلب من كلام ربنا جل وعلا. اجمعت على ذلك الانس والجن والعرب والعجم والجاهلية وما بعد من الوحي والاسلام اجمعوا على انه لا شيء في كلام العرب يوازي او يقارب كلام ربنا عز وجل. هذا حسن اللفظي اما حسن المعنى فحسبك انه كلام يفتح به الله قلوب عباده. وتقذف به نور الهداية فيهم. وتدر فيه مدامعهم وتقشعر به جلودهم وتكشف بها حجب الغفلة وتداوى بها اسقامهم وتشفى بها عللهم حسبك انه كلام الله جل وعلا الذي يبلغ من الاثر ما لو سيرت به الجبال او قطعت به الارض او كلم به الموت لكان كلام الله الله جل وعلا هذا الاثر العظيم والحسن في كلام الله جعله في كلامه صلى الله عليه وسلم بقوله ان الحديث كتاب الله ثم قال وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم الهدى الطريق الذي يسلك يراد به الاهتداء. لا شيء اهدى للعبد في حياته من اتباع هدي نبيه صلى الله وعليه وسلم ولهذا تقرر في في مسائل اهل العلم انه من اعتقد من اهل الاسلام ان هديا اكمل من هديه صلى صلى الله عليه وسلم فقد كفر وان من نواقض الايمان التي يخرج بها العبد من الاسلام الى الكفر عياذا بالله ان يقع في قلبه اعتقاد ان طريق بشريا وهديا انسانيا يفوق او يتجاوز هدي النبي صلى الله عليه وسلم في كماله وفي فضله وهدايته. قال وشر الامور محدثاتها وقد تقدم في حديث العرباظ بن سارية رضي الله عنه قال رحمه الله وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم العلم ثلاثة فما سوى ذلك فهو فضل. اية محكمة او سنة قائمة او فريضة عادلة. العلم ثلاثة فما سوى ذلك فهو فظل اية محكمة او سنة قائمة او فريضة عادلة. الحديث اخرجه ابو داوود وابن ماجة والحاكم. لكن الحديث ضعيف ظعفه عدد من اهل العلم ولا يثبت ولا يصح نسبته عن النبي صلى الله عليه وسلم قال المنذري رحمه الله في اسناده عبد رحمن ابن زياد ابن انعم الافريقي وقد تكلم فيه غير واحد وفيه ايضا عبدالرحمن بن رافع التنوخي وقد غمزه البخاري وابن ابي حاتم وحكم عدد من الائمة بضعف الحديث فلا يصح عنهم. والحديث في معناه على فرض صحته انه يذكر اصول علومي التي ينتفع بها البشر. العلم ثلاثة ما يوصف بانه علم يوصى بالاخذ به. ويبلغ بصاحبه رتب العلم ويخرجه عن الجهل. يعود الى ثلاثة اشياء اية محكمة او سنة قائمة او فريضة عادلة. الاية المحكمة يعني القرآن غير المنسوخ والذي ليس له الا المعنى الصريح الواحد الواضح. او سنة قائمة يعني صحيحة ثابتة عن رسول الله صلى الله الله عليه وسلم معمول بها متوارث بها في اجيال الامة جيلا بعد جيل. فهي قائمة محفوظة متوارثة قوله او فريضة عادلة اي مستقيمة. قيل المراد بها الحكم المستنبط من الكتاب والسنة بالقياس فسمي فريضة لانه يعادل الحكم المنصوص في السنة والكتاب يساويها في وجوب العمل وكونه صدقا وصوابا افه الى معنى الفريضة العادلة في الحديث ما اتفق عليه المسلمون من الاحكام. ويشير الى مواضع الاجماع في الفقه الاسلامي الثابت به. وقيل بل قوله فريضة عادلة يراد به علم الفرائض. ومن اهل العلم من جعل هذا الحديث على ضعفه دلالة على اصول الشرع الكتاب والسنة مواضع الاجماع. والقياس يدخل فيه بالمعنى المشار اليه انفا. وكأن الحديث قول ان علم الشريعة قائم على هذه الاصول الاية المحكمة والسنة الصحيحة الثابتة المتوارثة وما اجمع عليه المسلمون وما كان في معنى الكتاب والسنة من معنى قوله فريضة عادلة يعني ساواها في الحكم للمعنى المشترك فوجب العمل به. على كل حال ايضا الحديث في دلالته على شاهد المصنف منه في هذا الفصل ان السنن التي من اصول علم الشريعة التي ينبغي الاخذ بها او العناية بها قال رحمه الله وعن الحسن بن ابي الحسن رضي الله عنه قال قال عليه السلام عمل قليل في سنة خير من عمل كثير في بدعة. هذا الحسن البصري رحمه الله حكيم الامة والذي يوصف كلامه بشبه بكلام الانبياء عليهم السلام. لما فيه من الصواب ونور الهداية وبصيرة الشريعة. يقول عمل قليل في سنة خير من عمل كثير في بدعة فرق بين ان يتصدق عبد بدرهم وريال وجنيه ودولار واحد يقصد به وجه الله في سبل من سبل مرضات الله اعطاه فقيرا او فرج به كربة او يشتري به دواء لمريض ونحو هذا وان كان قليلا فرق بين هذا ومن ينفق اضعافه في باب خرج فيه عن مرضاة الله فانفقه في شرك في ذبح لغير الله وانفاق في رياء او سمعة او شيء من الضلالات التي ما انزل الله بها من سلطان. عمل قليل في خير من عمل كثير في بدعة. فرق بين من يجتهد ويحث الخطى فيبذل المال والجهد والوقت ليظن نفسه على طريق تعبد واقتراب من الله واذا به لا يزداد من ربه الا بعدا ليس لانه عصى الله بل لانه يظن انه يقترب من حيث هو في الحقيقة يبتعد الاقتراب والابتعاد من ربنا لا يكون الا بالقياس على طريق نبينا صلى الله عليه وسلم. فمن اقترب من طريق نبينا اقترب من ربنا ومن ابتعد عن طريق نبينا صلى الله عليه وسلم ابتعد عن طريق ربنا يا كرام في العبادات لا يقاس الامر بكثرة العمل ولا بضخامته. بل يقاس بصوابه وكونه واقعا على طريق سنة نبينا صلى الله عليه وسلم. فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا. ولا يشرك بعبادة ربه احد هذا اخلاص القصد لله شرط والاخر ان يكون العمل صالحا. وصلاح العمل بكونه موافقا لهدي النبي صلى الله الله عليه وسلم غير مخالف له هو الذي سبحانه وتعالى الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم ايكم احسن عملا. وما قال اكثر عملا ولا اكثر عبادة احسن عملا. قال الفضيل بن عياض احسن عملا اي اخلصه واصوبه. ولا يكون العمل خالص حتى يكون لله ولا يكون صوابا حتى يكون على طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولهذا تقرر عند اهل العلم ان العبادة انما تصح وتقبل بشرطين. اولهما اخلاصها لله وثانيهما كونها موافقة لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وانطلق في عبادتك كلها من هذا الباب. فمهما دعيت الى عبادة الى صوم وصلاة وقراءة وورد وذكر وطواف وسعي وسائر ابواب العبادات. فانظر فيها في امرين اخلاص قلبك لربك جل وعلا والا تكون مرائيا ولا مسمعا. وانظر ثانيا الى دليل عليه اثارة من النبوة تسلكه وبها التعبد وانت تعلم ان نبينا صلى الله عليه وسلم قد فعله او دل عليه او حث عليه او ارشد الامة اليه وما سوى ذلك فاقتصد عبد الله واياك والاسراف في هذا الباب فانما زلت اقدام بتنكبها عن طريق السنن يقول الحسن البصري عمل قليل في سنة خير من عمل كثير في بدعة هذا الميزان الذي ابصرها ابصره السلف منذ هذا الجيل المبكر من زمن اتباع التابعين يعد قانونا ومقياسا ما يزال نبراسا ومصباحا ان يضيء الطريق للامة الى اليوم. نعم. قال رحمه الله وقال عليه السلام ان الله تعالى يدخل العبد الجنة بالسنة تمسك لك بها وعن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال المتمسك بسنتي عند فساد امتي له اجر مائة شهيد. كعادة المصنف رحمه الله تعالى يرجئ في اخر الفصل من الاحاديث التي هي اوهى شأنا مما يتقدم في الفصل او الباب فان الصحيح والثابت يقدمه ويؤخر ما عاداه. حديث ان الله تعالى يدخل العبد الجنة سنة تمسك بها لا يعرف من خرجه من اهل العلم ولا يدرى سنده حتى يمكن الحكم عليه. والمعنى في الجملة صحيح من وجه مجمل بمعنى ان اعظم ابواب دخول الجنة التمسك بالسنن. والحرص عليها. فان التمسك بالسنن يورث الصلاح والسداد والتوفيق ما تمسك عبد بالسنة الا رزق الهداية. وقد تقدم قوله سبحانه واتبعوه لعلكم تهتدون. واطيعوا الرسول لعلكم ترحمون فامنوا بالله ورسوله النبي الامي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون وقوله سبحانه وتعالى فان تولوا فانما عليه البلاء فان تولوا فانما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم. وان تطيعوه تهتدوا. هذه كل تدل على ان الهداية كامنة في طاعته عليه الصلاة والسلام واتباع سنته. واما حديث ابي هريرة رضي الله عنه متمسك بسنتي عند فساد امتي له اجر مئة شهيد. فقد اخرجه الطبراني في المعجم الاوسط وقال الهيثمي فيه محمد بن صالح العدوي لم ارى من ترجمه وبقية رجاله ثقات. فجهالة بعض الرواة في الحديث ايضا مظنة لضعفه. وعدم ثبوته عند المحدثين. واما ما في الباب من النصوص التي تؤكد مكانة الاتباع والاستنان فاعظم واكثر مما تقدم عندما في هذا الفصل قال رحمه الله تعالى وقال عليه السلام ان بني اسرائيل افترقوا على اثنتين وسبعين ملة وان امتي تفترق على ثلاث وسبعين كلها في النار الا واحدة. قالوا ومن هم يا رسول الله؟ قال الذي انا عليه اليوم واصحابي. حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي اخرج الترمذي من حديث عبد الله ابن عمر ابن العاص وله طرق وروايات والفاظ مؤداها هذا المعنى تراق امة الاسلام على فرق عديدة قوله ان بني اسرائيل اخترقوا على اثنتين وسبعين ملة. وان امتي على ثلاث وسبعين وفي بعض طرق الحديث فرق بين اليهود والنصارى فقال افترقت اليهود على احدى وسبعين فرقة تركت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة وستفترق امتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار الا واحدة. افتراق امم افتراق الامم هو من سنن الحياة البشرية التي ارادها الله لحكمة هو اعلم بها سبحانه. قالوا ولا يزالون مختلفين الا من رحم ربك ولذلك خلقهم. فان الناس لم يكونوا ولن يكونوا على حد الزوج ولن يدخل البشر كلهم الجنة. ليس تضييقا لرحمة الله لكنه اصرار كثير من البشر على غوايتي عياذا بالله وتنكبا عن الهدى الذي دلهم الله عز وجل على ابوابه وطرقاته. افتراق الامم حاصل في ما سبق واخبار هذا الحديث بانه واقع في الامة لا محالة. قال وان امتي تفترق على ثلاث وسبعين. من اهل العلم من قال العدد ها هنا غير مقصود وليس المراد به تحديد ثلاث وسبعين بهذا العدد. وانها فرق تبلغ هذا العدد تحديدا وانما المراد الكثرة. فان العرب اذا بالغت قالت سبعين كذا استغفر لهم او لا تستغفر لهم ان تستغفر لهم سبعين مرة. وكذلك في عامة النصوص الشرعية يحمل السبعون على لهذا المعنى وهو المبالغة ومنهم من قال بل العدد مقصود. وقد شرع بعض اهل العلم قديما في تعداد تلك الفرق التي خرجت عن طريق السنة وحاول بعض اهل العلم في تصنيف كتب الملل والمحن والاهواء باحدى احصاء تلك الفرق وتسميتها بيان وجه تنكبها للسنن واحداثها البدع في ابواب العقائد حتى خرجت عن مسمى الامة ها هنا. قال تفترق على ثلاث وسبعين كلها في النار الا واحدة. هذا الموضع من الشاهد هو الذي يؤكد اهمية العناية بالسنن. وكون افتراق امتي على هذا العدد سواء قلنا بحقيقته او بمعناه انما هو دلالة على خطر يشتت الامة ويمزقها يفرقها ويباعدها عن طريق ربها. قال كلها في النار الا واحدة. وهنا بادر الصحابة من ايمانهم وحرصهم وحبهم رضي الله عنهم فقالوا ومن هم يا رسول الله من الفرقة الواحدة التي ستكون من اهل الجنة سالمة ناجية من النار. قال الذي انا عليه اليوم واصحابي. ولهذا اما اهل العلم هذا الحديث بالحديث الفرقة الناجية. لانه لما ذكر افتراق الامم ذكر فرقة واحدة ناجية من دخول النار. فلما سئل من هم؟ قال الذي انا عليه اليوم واصحابي. اما انها طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم. واتباعها التزام هديه والتمسك بسنته هو درب النجاة وهو مسلكها الذي يوصل الى الجنان ويباعد عن النيران. نعم قال رحمه الله وعن انس رضي الله عنه قال عليه السلام من احيا سنتي فقد احياني ومن احياني كان معي في الجنة وعن عمرو بن عوف المزني ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال بن الحارث من احيا سنة من سنتي قد اميتت بعدي فان له من الاجر مثل من عمل بها من غير ان ينقص من اجورهم شيئا. ومن ابتدع بدعة ضلالة لا ترضي الله ورسوله كان عليه مثل من عمل بها لا ينقص ذلك من اوزار الناس شيئا. الحديثان في معنا واحد حديث انس من احيا سنتي فقد احياني ومن احياني كان معي في الجنة وفي حديث بلال بن الحارث الذي يرويه عمرو بن عوف من احيا سنة من سنتي قد تتبعني فان له من الاجر مثل من عمل بها من غير ان ينقص من اجورهم شيئا دلالة على عظيم اجر وثواب من احيا الله على يديه سنة من السنن. والمقصود باحياء السنن هنا هو بثها ونشرها ودلالة الناس عليها حتى يكثر العمل بها فكأنها حياة دبت في الامة وكانها سنة عادت الى موقعها من العباد حرصا وحبا وتطبيقا واستنانا قال عليه الصلاة والسلام ومن ابتدع بدعة ضلالة لا ترضي الله ورسوله كان عليه والحديث الذي اخرجه المصنف هنا واورده من حديث عمرو بن عوف المزني قد اخرجه الترمذي وحسنه. وفي اسناده راوي متروك لا يستقيم معه تحسين الحديث وهو برفض ما ساق المصنف من احيا سنة من سنتي قد اميتت بعدي. والحديث اخرجه ابن ماجة واسناده صحيح ولفظه في اوله من احيا سنة من سنتي فعمل بها الناس. كان له مثل اجر من عمل بها لا ينقص من اجورهم شيئا ومن ابتدع بدعة فعمل بها كان عليه من اوزار من عمل بها لا ينقص من ثم هو زار من عمل بها شيئا. فالحديث يدل على فضل احياء السنن والعمل بها. والمقصود باحياء السنن كما تقدم العمل بها. وتعلمها وتعليمها للناس عليها فرحم الله امرأ طفق يبحث عن السنن حبا لها وحرصا على تطبيقها ثم هو لا يألو جهدا في ان يعلم الناس مواضع تلك السنن ويدلهم عليها. ان صلى فرأى مما من صلى بجواره تقصيرا وتركا لبعض السنن حرص على دلالته عليها. وان كان في سوق او في عمل او في مدرسة وفي اي مكان لا يزال هم احياء السنن هاجسا يحيى عليه يشغل قلبه وفكره. هذا الصنيع يا كرام عود عليه باجر عظيم واعظم اجوره وفضائله انه لا يزال يلحق العبد من حسنات اولئك الذين وانتفعوا بتعليمه وارشاده ودلالته لا يزال يجني من حسنات صليعهم واعمالهم واستنانهم. والله عز وجل كريم. فمن عمل سنة كان له الاجر لعمله بها وكان له مثل الاجر لمن دله عليها. هذا من فضل الله ورحمته. ويشهد لهذا حديث الامام مسلم في في صحيحه من رواية ابي هريرة من دعا الى هدى كان له من الاجر مثل اجور من اتبعه لا ينقص ذلك من اجورهم شيئا ومن دعا الى ضلالة فعليه من الاثم مثل اثام من اتبعه لا ينقص ذلك من اثامهم شيئا. يقول الحافظ بن البر رحمه الله تعالى هذا الحديث ابلغ شيء في فضائل تعليم العلم اليوم والدعاء اليه والى جميع قبل البر والخير لان الميت منها كثير جدا. يقصد الميت من العلم والعمل الصالح والسنن. ومثل هذا الحديث في المعنى قوله صلى الله عليه وسلم ينقطع عمل المرء بعده الا من ثلاث علم علمه فعمل به بعده وصدقة يجري عليه اجرها وولد صالح يدعو له. فالسنن السنن امة الاسلام امة محمد صلى الله عليه وسلم فوالله ليس من ورائها الا خير وسعادة وهداية ورزق واسع واجر وفير. السنن يا كرام سعادة في الحياة وانشراح الصدر واستجابة لامر الله ودلالة صادقة في القلوب على حبها لرسول الله صلى الله عليه وسلم الليلة جمعة والاستكثار فيها من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مطلب يا كرام نتواصى به ونستكثر منه يحث بعضنا بعضا على الاقبال عليه فان النبي صلى الله عليه وسلم قال اكثروا من الصلاة علي ليلة الجمعة ويوم الجمعة فان لا تكن معروضة علي صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. ونحن انما نتواصى به حرصا على الاجر والثواب. فيا رب صل على نبيك ما بدا نور الصباح واشرقت افاق يا رب صل على نبيك ما هفى قلب المحب وحنت الاشواق فصلى الله وسلم وبارك عليه. اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء. وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما تمتنع وزدنا علما يا رب العالمين. اللهم اغفر لوالدينا ولجميع المسلمين. وارحم امواتنا وموت المسلمين واشفي مرضانا ومرضى المسلمين اللهم اعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك يا رب العالمين. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين