بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي جعل قلوب عباده مستقرا للايمان به ومعرفته. وعظم مشاعرها بمعرفة جلال وعظمته ثم الصلاة والسلام على من اشرقت شمس الدنى بنور رسالته وتبدد ظلام الكون بظياء في بعثته صلوات ربي وسلامه عليه وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان واهتدى بهديه واستن بسنته رضينا بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه واله وسلم نبيا ورسولا وبعد ايها الاخوة المباركون فاي بلد هذا واي مسجد هذا واي ليلة هذه هذا بلد الله الحرام وهذا مسجده وبيته الحرام وكعبته المعظمة. وهذه ليلة الجمعة الشريفة الوضاءة المشرفة وهذا مجلس نتذاكر فيه كل ليلة من ليالي الجمعة شرف المصطفى صلى الله عليه واله وسلم وشمائله العطرة وسيرته النضرة واخباره التي نرتوي فيها ايمانا وعلما وادبا. نزداد فيها حبا وصدقا في التمسك بالسنة ووفاء عظيما لنبي الامة صلوات ربي وسلامه عليه هذا مجلس كل ليلة من ليالي الجمعة نستكثر فيه من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وانا والله في مجلس كهذا في ليلة كهذه ان نكون من اوفر الامة حظا من قوله عليه الصلاة والسلام اكثروا من من الصلاة علي ليلة الجمعة ويوم الجمعة. فان صلاتكم معروضة علي. يقوم احدكم من مجلس كهذا وقد صلى على نبيه صلى الله عليه وسلم عشرات وعشرات وربما مئات. فيكون عونا له على ان يكمل بقية ليلته. ويمضي في جمعته عبدا مباركا ببركة الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. لم لا وقد فاز في كل لمرة فيها صلى على رسوله عليه الصلاة والسلام بعشر صلوات من ربه سبحانه وتعالى تتنزل عليه من فوق سبع سماوات صلوات الله على العبد رحمته بركته هداه ونور الحياة في ظل طاعة الله كل ذلك يلتمس يا كرام بكثرة الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم هذا مجلس نتابع فيه ابواب الكتاب الثاني من كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى. صلى الله عليه واله وسلم الامام القاضي عياض رحمه الله تعالى في هذا الباب مر بكم ان المصنف رحمه الله اراد ان يجمع فيه شيء كان عظيما من الابواب التي نقف فيها على جمالي وكمالي وجلالي ما حبا الله به نبيه عليه الصلاة والسلام. جمال الخلقة وحسن المظهر والهيئة. حلو المنطق وفصاحة اللسان. جمال البدن وطيب العرب وحسن الرائحة كل ذلك قد تقدم في فصول مضت. بالاضافة الى وفور العقل وذكاء اللب وقوة البدن الحواس تلكم يا كرام صفات كمال. كمل الله بها نبيه عليه الصلاة والسلام. فكان في منظر الامة وسمعها الرجل الاكمل عليه الصلاة والسلام. والنبي الاعظم امام هدى ونبي رحمة وقرة عين الناس فتنظر اليه فتأنس. تعرفه القلوب فتتقرب اليه وتسعد. امن به من امن وصدق به من صدق وظفر بصحبته من ظفر ثم جئنا امما من بعدهم نسلك سبيلهم ونخطو قفاهم ونحن نرجو والله ان املأ القلوب حبا صادقا له عليه الصلاة والسلام. نرجو بصدق ان نرتوي حتى النخاع. ترتوي فيها شعورنا اظفارنا وترتوي فيها افئدتنا وقلوبنا باطنا وظاهرا بهذا الايمان الصادق للرسول الاكرم عليه الصلاة والسلام بهذا التام لنبي الامة عليه الصلاة والسلام بهذا الحب الذي يقطر طاعة واتباعا واستمساكا بسنته عليه الصلاة والسلام هذا والله يا قوم درب فلاح ومسلك نجاة حب رسول الله عليه الصلاة والسلام والسير في سنته وتخطي اثار نبوة والاستمساك بهديه كله في الشأن كله ظاهرا وباطنا دقا او جل في كل امور الحياة. في هذا الباب ما زلنا نقف على فصول نقف فيها على عظمة رسول الله عليه الصلاة والسلام. من اجل ان يحل في قلوبنا من التعظيم المحل اللائق به فان تعظيمه مقصد من ارساله ونبوته. وقد قال ربنا سبحانه وتعالى انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه. فتعزيره وتوقيره عليه الصلاة والسلام ما هو والا تعظيمه واجلاله وملء القلوب بمحبة تقطر تعظيما وادبا واجلالا ومهابة للرسول المصطفى صلوات الله وسلامه عليه. نحن اذا نخطو خطوات نحقق فيها مقصدا عظيما. من مقاصد بعثته وهو احلاله اللائق به في القلوب في الافئدة في النفوس والصدور. فانه والله ما عظم احد احدا الا احبه. واطاعه واتبعه وصدقه فيما جاء به. كل ذلك يراد في موقف العبد من رسول الامة عليه الصلاة والسلام ان يكون تعظيما لمن يقود الى اتباع سنته الى تمام محبته الى صدق السير في دربه عليه الصلاة والسلام. في فصول مضت تقدمت معان متعددة الابواب مختلفة الانحاء كل باب منها كفيل بان يثبت لك عظمة المصطفى عليه الصلاة والسلام ما زالت بنا الفصول تعرض جوانب العظمة من انحاء مختلفة. هذا فصل نشرع فيه الليلة في نسب المصطفى عليه الصلاة والسلام ومنشأه وكرم موطنه الذي بعث منه عليه الصلاة والسلام. وان محمدا لرسول قم حسيب في نبوته نسيب امين صادق بر تقي عظيم ماجد هاد وهوب صلوات الله وسلامه عليه نعم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين ولجميع المسلمين. هذا هو المجلس التاسع والعشرون من مجالس تدارس كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم. للقاضي العلامة في الفضل عياض بن موسى ليحصو بي الاندلس رحمه الله تعالى رحمة واسعة. قال رحمه الله تعالى في الباب الثاني في شرف نسبه صلى الله عليه وسلم. وكرم بلده ومنشأه. واما شرف نسبه وكرم بلده ومنشأه فمما لا يحتاج الى اقامة دليل عليه. ولا بيان مشكل ولا خفي منه فانه نخبة بني هاشم وسلالة قريش وصميمها واشرف العرب واعزهم نفرا من قبل ابيه وامه ومن اهل مكة من اكرم بلاد الله على الله وعلى عباده. اجتمع في اصل المصطفى عليه الصلاة والسلام شرف النسب وشرف الموطن والبلد الذي ولد فيه ونشأ على ثراه وترعرع فوق ترابه عليه الصلاة والسلام اما البلد فمكة بلد الله الحرام. احب البلاد الى الله التي اختارها لتكون مقر بيته المعظم وكعبته وبيته العتيق. واما المنشأ والنسب فالاصطفاء البشري الشريف. له عليه الصلاة والسلام كما يأتي في ثنايا الاحاديث الاتي ذكرها. لكن ها هنا سؤال اشرف النسب شيء يعد من مفاخر الجوانب التي يبرز فيها عظمة الانسان؟ الجواب نعم طالما لم يتخذ ذلك ذريعة لتكبر وتجبر وتعال واحتقار للخلق وحاشاه عليه الصلاة والسلام اوتي من شرف النسب ما يفرض عظمته وهيبته واحترامه واجلاله بين البشر عليه الصلاة والسلام اوتي شرفا في النسب وعلوا في رتبة الاصطفاء من بين قبائل العرب نسبة الى ابي الانبياء ابراهيم السلام هذا الاصطفاء في النسب يورث ولا شك مجدا وعظمة هي المقصودة بالاتيان بها في فصول هذا الباب كما عظم الله نبيه عليه الصلاة والسلام في خلقته وجمال طلعته وبهاء منظره. كما عظم الله نبيه عليه الصلاة والسلام بحواسه وعظيم عقله ورجاحة رأيه. كما عظم الله نبيه عليه الصلاة والسلام بحلاوة منطقه وفصاحة لسانه براعة بيانه وبلاغة اسلوبه كما عظم الله نبيه عليه الصلاة والسلام بجوانب شتى عظمه بشرف نسبه صلى الله عليه واله وسلم وليس يخفى على احد ان العرب حفية بانسابها تهتم به للغاية وتتوارثه وتعلمه ابنائها ليعرف المرء فيهم الى اي اسرة ينتسب الى اي قبيلة ينتمي الى اي فخر يورثوه لاولادهم فالعرب امة نسابة تحفظ انسابها وتعترف بها وتفخر بها نعم قد يكون في شيء ان نزعاتها جاهلية يأباها الاسلام. العنصرية التفاخر البغي به واحتقار الاخرين. ذلك جانب مذموم. اما اصل مسألة فشرف النسب هو محل افتخار يتوارثه العرب. ولذلك لما وفد ابو سفيان في مجموعة من تجار قريش على هرقل عظيم الروم. كما في البخاري وغيره. واخلوا عليه وقد بلغ هرقل شأن المصطفى ونبوته عليه الصلاة والسلام فاقدمهم اليه وجعل ابا سفيان امامه يسائله ويحدثه فكان كما روى البخاري في صحيحه قال ترجمانه هرقل يقول لترجمانه اني سائل هذا عن هذا الرجل. يعني سائل ابا سفيان عن من عن محمد صلى الله عليه وسلم قال اني سائل هذا عن هذا الرجل فان كذبني فكذبوه. يقصد من ما كان مع ابي سفيان الا الا يصدقوه على كذب في لوم لو خالف في بعض اجابات الاسئلة. يقول ابو سفيان فوالله لولا الحياء من ان يأثروا علي كذبي بل لكذبت عنه ما كان عند ذاك ابو سفيان مسلما وكان رأسا من رؤوس الكفر الذين يقاومون النبوة ويعادونها. يقول ابو سفيان ثم كان اول ما سألني عنه ان قال كيف نسبه فيكم؟ هذا هرقل هناك في الروم فكانت احدى علامات النبوة والاصطفاء البشري ان يكون المختار لهذا الدور العظيم ولهذا ولهذه المهمة الشريفة انسان ليس كسائر الناس بل له المنزلة التي تفرض هيبة واحتراما وتعظيما. وهرقل انما استقى اسئلته التي خاطب بها ابا سفيان بشيء من بقايا النبوة واثارها في علم بني اسرائيل مما ورد في كتبهم فقال كان اول ما سألني عنه ان قال كيف نسبه فيكم؟ قال ابو سفيان قلت هو فينا ذو نسب فاقر ابو سفيان وتوالت الاسئلة فيما هذا؟ ليس محل شاهده. فالمقصود اذا ان شرف النسب امر عظيم. والله عز وجل قد حبى نبينا عليه الصلاة والسلام بعظيم النسب واشرفه واعظمه واجله. ثم نحن بعد ذلك كله لا والله ما رأيناه عليه الصلاة والسلام تفاخر بنسبه على احد ولا احتقر احدا من العرب ولا من العجم مع عظيم ما شرفه الله به من رتب النسب وجليل الانتماء الى اعرق وقبيلة وعرق ومع ذلك انما كان جانب عظمة كسائر جوانب العظمة. تملأ القلوب ايمانا وتعظيما وحبا له عليه الصلاة والسلام. نعم قال رحمه الله تعالى حدثنا قاضي القضاة حسين بن محمد الصدفي رحمه الله قال حدثنا القاضي ابو الوليد سليمان ابن خلف قال حدثنا ابو ابو ذر عبد ابن احمد قال حدثنا ابو محمد الصرخي وابو اسحاق وابو الهيثم كلهم قالوا حدثنا محمد بن يوسف قال حدثنا محمد محمد ابن اسماعيل قال حدثنا قتيبة ابن سعيد قال ابن اسماعيل هنا في السند والامام البخاري فمساق السند هنا عند المصنف القاضي عياض يسوق فيه حديثا يصل فيه سنده بالامام البخاري رحمه الله بحديث من احاديث الصحيح نعم قال حدثنا محمد بن اسماعيل قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن عمر عن سعيد المقبوري عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بعثت من خير قرون بني ادم قرنا فقرنا حتى كنت من قرن الذي كنت منه. يقول نبينا عليه الصلاة والسلام بعثت من خير قرون بني ادم قرنا فقرنا اذا اصطفاء كان متوارثا من لدن ادم عليه السلام. ما مر بالبشرية قرن الا وفي صفوتها رسولنا عليه الصلاة والسلام ينتقل في اصلاب الاباء قرنا بعد قرن اصطفاء يرث فيه شرفا متوارثا جيلا بعد جيل يقول حتى كنت من القرن الذي كنت منه وفي الاحاديث الاتية مزيد تفصيل. قال رحمه الله عن العباس رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم ان الله تعالى خلق الخلق فجعلني من خيرهم من خير قرنهم ثم تخير القبائل فجعلني من خير ثم تخير البيوت فجعلني من خير بيوتهم فانا خيرهم نفسا وخيرهم بيتا. الحديث اخرجه الترمذي وحسنه وفيه قصة. في اوله يقول العباس رضي الله عنه قلت يا رسول الله ان قريش جلسوا فتذاكروا احسابنا احسابهم بينهم. قال ان قريشا جلسوا فتذاكروا احسابهم بينهم يعني جعلوا يذكرون انساب قبائلهم فجعلوا مثلك العباس يقول لرسول الله عليه الصلاة والسلام. قال فجعلوا مثلك نخلة في كبوة من الارض الكبوة من الارض الكناسة منها اجلكم الله يقصد انهم طعنوا في نسبه عليه الصلاة والسلام ولم يذكروا له عظمة ومجدا بينهم فقال عليه الصلاة والسلام الحديث الذي سمعتموه اجابة للعباس عمه وقد اورد عليه تلك المقالة. فقال ان الله تعالى خلق الخلق فجعلني من خيرهم من خير قرنهم. ثم تخير القبائل فجعلني من خير قبيلة ثم تخير بيوتا فجعلني من خير بيوتهم فانا خيرهم نفسا وخيرهم بيتا. فاذا اردت الخيرية تجدها في في عمقها في صلبها لرسول الله عليه الصلاة والسلام. واذا بحثت عن القبائل في تسلسل نسبها في بني ادم لوجدتها فعلا تنحدر في شريف النسب جيلا بعد جيل وقرنا بعد قرن كما قال عليه الصلاة والسلام. نعم قال رحمه الله تعالى وعن واثلة ابن الاصقع رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله اصطفى من ولد ابراهيم اسماعيل واصطفى من ولد اسماعيل بني كنانة واصطفى من بني كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفان من بني هاشم. قال الترمذي وهذا حديث حسن صحيح. هذا الحديث اخرجه مسلم ايضا في صحيحه عن واثلة ابن الاسقعي رضي الله عنه ان رسولنا عليه الصلاة والسلام قال ان الله اصطفى من ولد ابراهيم اسماعيل. ابتدأ يحكي عليه الصلاة والسلام شرف الانحدار في هذا النسب من ابراهيم عليه السلام فاين الحديث عما قبل ابراهيم؟ الحديث عنه ينتهي به الشرف وقد وصلت الى ابي الانبياء ابراهيم عليه السلام. يعني حسبك ان يكون له عليك الصلاة والسلام في توارث الشرف في النسب الانتهاء الى خليل الله وحبيبه ونبيه ابراهيم عليه السلام فاذا وصل الى ابراهيم عليه السلام فانت ظارب في اعماق التاريخ شرفا في النسب بالانتساب الى ابي الانبياء عليه السلام. قال ان الله اصطفى من ولد ابراهيم اسماعيل واصطفى من ولد اسماعيل بني كنانة وذلك ان ابراهيم عليه السلام له من ذريته نسلين. الاول من اسماعيل عليه السلام والثاني اسحاق عليه السلام. فكانت انبياء بني اسرائيل هم من نسل ابراهيم من ذرية اسحاق وبعد اسحاق يعقوب وبعد يعقوب يوسف والاسباط ثم الى ان جاءت بنو باسرائيل بانبيائهم كلهم كانوا من نسل اسحاق عاق ابن ابراهيم عليهما السلام واما اسماعيل عليه السلام فليس في ذريته نبي كما توارثت الانبياء من ذرية اسحاق لكن جاء في ذريته محمد عليه الصلاة والسلام فكان امام الانبياء صلوات ربي وسلامه عليه وهذا الذي حسدت فيه اليهود العرب ان كان امام الانبياء وخاتم المرسلين ليس من انبياء بني اسرائيل. بل نبي عربي من ذرية اسماعيل عليه السلام. ولما جاء لهم رسول من عند الله مصدق لما معهم. وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا. فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به. فلعنة الله على كافرين ولما جاءهم كتاب من عند الله. فالمقصود انهم حسدوا العرب لاجل هذا. فليس في العرب انبياء قبل. لكن جاء فيهم محمد ابن عبد الله ابن عبد المطلب صلوات ربي وسلامه عليه. فحازت العرب شرف الاولين والاخرين بانتساب محمد بن عبدالله اليهم صلوات ربي وسلامه عليه. قال ان الله اصطفى من ولد ابراهيم اسماعيل فكانت هذه بداية الاصطفاء. ثم كان في ذرية اسماعيل انساب من العرب وقبائل. قال واصطفى من ولد اسماعيل بني كنانة واصطفى من بني كنانة قريشا واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم فكان صفوة الصفوة صلوات الله وسلامه عليه. نعم قال رحمه الله تعالى وفي حديث عن ابن عمر رضي الله عنهما رواه الطبري انه صلى الله عليه وسلم قال ان الله اختار خلقه فاختار ومنهم بني ادم ثم اختار بني ادم فاختار منهم العرب ثم اختار العرب فاختار منهم قريشا ثم اختارا قريش فاختار منهم بني هاشم ثم اختار بني هاشم فاختارني منهم فلم ازل خيارا من خيار الا من احب العرب فبحبي احبهم. ومن ابغض العرب فببغضي ابغضهم. الحديث في سنده ظعف لا تقوم به حجة والمعنى في جزء منه صحيح وهي قضية الاصطفاء والاختيار. وتقدمت احاديث الصحيحين في البخاري ومسلمين وغيرهما. فشاهدوا الاصطفاء ثابت باحاديث اخر. ان الله اختار خلقه فاختار منهم بني ادم. ثم اختار بني ادم فاختار منهم العرب ثم اختار العرب فاختار منهم قريشا ثم اختار قريشا فاختار منهم بني هاشم ثم اختار بني هاشم فاختارني منهم فلم ازل خيارا من خيار. ذلك تقدم وثابت. قوله الا من احب العرب فبحبي احبهم ومن ابغض العرب. فببغضي ابغض يقوم مقام ذلك في في المناقب وفضائل فئات المسلمين عربا وعجما احاديث صحاح تغني عن هذا وان كان لا تصح سندا نعم قال رحمه الله تعالى وعن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم كانت روحه نورا بين يديه الله تعالى قبل ان يخلق ادم بالفي عام يسبح ذلك النور وتسبح الملائكة بتسبيحه لما خلق الله ادم القى ذلك النور في صلبه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فاهبطني الله الى الارض في صلب ادم وجعلني في صلب نوح وقذف بي في صلب ابراهيم ثم لم يزل الله تعالى قولوني من الاصلاب الكريمة والارحام الطاهرة حتى اخرجني بين ابوي لم لم يلتقيا على فسفاح قط الحديث بهذا السياق وبهذا اللفظ حديث ضعيف للغاية بل ذكره الامام ابن الجوزي رحمه الله في كتابه الموضوعات وقال الامام ابن عساكر غريب جدا وقال الامام ابن كثير منكر جدا ولسنا بحاجة كما قلنا مرارا. في اثبات شيء من الفضائل العظيمة والمناقب الشريفة لرسول الله عليه الصلاة والسلام. ففي الصحيح حما يغني وما هو اجل واعظم من مثل هذه الروايات خصوصا تلك التي تتحدث عن قبل الخلق لانه من الغيب الذي يتوقف على الوحي انه كأن روحه كانت نورا قبل خلق ادم بالفي عام وامثال ذلك من الاحاديث انه خلق قبل الخلق وقبل ان تخلق الافلاك وما الى ذلك لا يصح فيها شيء والثابت في شرفه وعظيم قدره عليه الصلاة والسلام احاديث كثيرة وفيرة صحيحة تغني عن مثل هذا او الاستمساك به او التعويل عليه. وفي الحديث هذا جملة انه عليه الصلاة والسلام خرج نكاحا من غير سفاح. وهي لفظة مروية ايضا في عدد من دواوين السنة خرجت من نكاح غير سفاح هذا اللفظ ايضا لا يصح واحاديثه كلها منقطعة وفيها اعظال لكن معناه صحيح كما يقول الامام الذهبي رحمه الله المقصود اذا شرف النسب في احد معانيه. عدم انحداره عليه الصلاة والسلام في النسب من نسل يختلط الحرام في زنا او سفاح او فاحشة اكراما من الله لرسول الله عليه الصلاة والسلام ان يقي الله عرضه ونسله ونسبه الذي ينتسب اليه من مثل هذا الذي تألفه النفوس الشريفة وتأباه العقول. نعم قال رحمه الله ويشهد لصحة هذا الخبر شعر العباس في مدح النبي صلى الله عليه وسلم المشهور. شعر العباس جاءه المصنف رحمه الله الى موطن لاحق في الكتاب وفيه يقول العباس من قبلها طبت في الظلال وفي مستودع حيث يخسف الورق ثم هبطت البلاد لا بشر انت ولا مضغة ولا علق بل نطفة تركب السفينة وقد الجم نسرا واهله الغرق تنقل من صالب الى رحم اذا مضى عالم بدا طبق حتى احتوى بيتك المهيمن من خند فعلياء تحتها النطق وانت لما ولدت اشرقت الارض وضاءت بنورك الافق. وسيأتي في صحة اثبت نسبة هذه الابيات ايضا الى عباس شيء من كلام اهل العلم في موضعه اراد المصنف ان ابيات العباس في صحة نسب رسول الله عليه الصلاة والسلام وشرف فيه ما كان واردا في تلك الابيات. نعم قال رحمه الله تعالى فصل فيما كان التمدح والكمال بقلته واما واما ما تدعو ضرورة الحياة اليه مما فصلناه فعلى ثلاثة دروب ضرب الفضل فيه في قلته وضرب الفضل في كثرته وضرب تختلف الاحوال فيه يقصد المصنف رحمه الله في هذا الفصل عندما يريد ان يعدد جوانب العظمة والجمال والكمال في رسول الله عليه الصلاة والسلام فان هذا الجلال تارة يكون ممتدحا في اوصاف الجلال فيها والكمال ان يكون قليلا عند صاحبه وبعض الاوصاف المدح فيها بالجلال والكمال ان يكون كثيرا عند صاحبه وصنف تختلف فيه الاحوال. فلهذا قال فما اجمل مما تدعو ظرورة الحياة اليه فعلى ثلاثة دروب يعني على ثلاثة انواع وسيورد لك الان مثالا هل النوم والاكل والشرب الاوصاف التي لا ينفك عنها البشر باعتباره بشرا بمنطلق الانسانية لا يستغني انسان عن من ام وطعام وشراب. فالسؤال مثل هذا اذا اردت ان تمدح انسانا به فهل يمدح باكثاره من هذه الاوصاف ام بقلته بقلته وهكذا ستقف على ان بعض الاوصاف التي يمدح بها الناس يمدحون بها اذا كانت قليلة عندهم واوصاف اخرى بالعكس كالعلم مثلا والكرم والحلم والشجاعة. هذه الاوصاف انما تمدح بكثرتها عند اصحابها واوصاف هي تختلف باختلاف الاحوال. فهذا فصل الذي شرعنا فيه الان يورد فيه المصنف رحمه الله من الاوصاف التي يمتدح فيها صاحبها بقلتها فيه لا بكثرتها. اذا فليس دوما يمدح الانسان بكثرة الشيء عنده خصوصا اذا كان هذا الشيء يأتي من قبيل الذم حال الاكثار وسيأتي بذلك مزيد بيان. نعم. قال رحمه الله فاما ما التمدح والكمال بقلة اتفاقا وعلى كل حال عادة وشريعة كالغذاء والنوم ولم تزل العرب والحكماء تتمادح بقلتهما وتذم بكثرتهما لان كثرة الاكل والشرب دليل على النهم والحرص والشره وغلبة الشهوة مسبب لمضار الدنيا والاخرة جالب لادواء الجسد النفس وابتلاء الدماغ. نعم هذا كما قال متقرر عادة وشريعة بمعنى ان الشريعة جاءت بذم الاكثار من النوم وذم الاكثار من الطعام والشراب. وانه يورث صاحبه خمولا وكسلا وارتخاء وضعف همة ويورثه تخلفا عن الفضائل والمكارم وتأخرا وتوانيا عن السبق الى المكارم والمحارم والعلا هذا متقرر شرعا قال ومتقرر ايضا عادة يعني حتى لو لو تقف لو لم تقف في هذا على شيء يأتيك من الشريعة دينا كتابا او سنة فان الانسان بطبعه يذم ذلك ويرى الناس المهتم حتى الاغراق بالطعام تراب فانه موصوف بالنهمة. موصوف بالشره. موصوف بشغل البال بالطعام والشراب. وذلك ابدا لا يكون محمودا عند العقلاء ولا يوصف به الفضلاء والنبلاء. واذا ما رأت الناس انسانا همه بطنه طعامه وشرابه. عليه يصحو وعليه ينام وليس شغله الشاغل الا الموائد واللذائذ ما المطاعم والمشارب ما اورثه الا ذما وقبحا وتوبيخا. نعم هي لذة من اذ الحياء لكن الاغراق فيها والانهماك في حدودها على حساب الكمالات في حياة البشر هي منقصة بلا شك فمن اجل ذلك جاء التوجيه الشرعي. وتقرر ايضا فطريا عند البشر ان هذا الباب حده عند العقلاء بما يقوم به حاجة الانسان وان نتجاوز هذا الحد. يورث المرء مذمة بقدر ما يتجاوز فيه الحد المطلوب. نعم قال رحمه الله تعالى وقلته دليل على القناعة وملك النفس وقمع الشهوة مسبب. يعني قلة ما ذكر من هذه الصفات التي تحمد فيها الاقلال الغذاء الطعام والشراب والمنام فهذه قلتها دليل قناعة دليل ملك النفس ملكها عن الانطلاق نحو الشهوات والنزوات. دليل على ملك النفس وحبس عن الشهوة مسبب للصحة. كل ذلك ممدوح بقلته. مذموم بكثرته. نعم مسبب للصحة وصفاء الخاطر وحدة الذهن. كما ان كثرة النوم دليل على الفصولة والضعف وعدم الذكاء والفطنة مسبب للكسل وعادة العجز وتضييع العمر في غير نفع وقساوة القلب غفلته وموته. ولهذا يا كرام لن تجد الكبراء في الامة العظماء سواء كانوا علماء او امراء او كانوا قادة او كانوا من اصحاب النفع العام للامة لن تجدهم الا اقواما تذكر في سيرهم واخبارهم الاقلال من المنام. وان احدهم ابدا ما كان يستوطن الفراش وان احدهم ابدا ما كان يوسع الوسادة. وان احدهم ابدا انما يأخذ حظه من النوم ساعات يقيم فيها الجسد وينزل فيها العناء ويريح فيها البدن. فاذا ما رأيت مفرطا في المنام فهو احد اثنين. اما مريض يحتاج الى علاج واما خمول كسول عاطل بطال ليس ينفع نفسه ولا امته بل ولا حتى اهل بيته. هذا متقرر عند النفوس. فاذا تقرر ذلك ثبت عندك بما وردت به الروايات نسبة هذا المعنى الكبير العظيم الى رسول الله عليه الصلاة والسلام. نعم. قال رحمه الله والشاهد على هذا ما يعلم ضرورة ويوجد مشاهدة وينقل تواترا من كلام الامم المتقدمة والحكماء واشعار العرب واخبارها وصحيح الحديث واثار من سلف وخلق. مما لا يحتاج الى الاستشهاد كاد عليه وانما تركنا ذكره هنا اختصارا واقتصارا وانما تركنا ذكره هنا اختصارا واقتصارا على اشتهار العلم به وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد اخذ من هذين هذين الفنين بالاقل. ما المقصود بهذين الفنين الغذاء والنوم اخذ منهما بالاقل. اما الغذاء فستأتيك الروايات والاحاديث. واما المنام فهو ايضا انما انا بقدر ما يقوم به جسده عليه الصلاة والسلام. نعم قال رحمه الله هذا ما لا يدفع من سيرته وهو الذي امر به وحض عليه لا سيما بارتباط احدهم ما بالاخر قال رحم الله حدثنا ابو علي الصدفي الحافظ بقرائته عليه قال حدثنا ابو الفضل الاصبهاني قال حدثنا ابو نعيم الحافظ قال حدثنا سليمان ابن احمد قال حدثنا بكر بن سهل قال حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثني معاوية بن صالح ان يحيى بن جابر حدثه عن المقدام عن المقدام ابن معد كلب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما ملأ ابن ادم وعاء شرا من بطنه حسب ابن حسب ابن ادم اكلات يقمن صلبه ان كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه ولان كثرة النوم من كثرة الشرب والاكل قال سفيان الثوري رحمه الله تعالى بقلة الطعام يملك سهر الليل وقال بعض السلف رحمهم الله لا تأكلوا كثيرا فتشربوا كثيرا فترقدوا كثيرا فتخسروا كثيرا. نعم اذا الخسارة بكثرة المنام والمنام كثرته بكثرة الطعام والشراب هذا الحديث عن المقدام بن معد كذب رضي الله عنه ما ملأ ابن ادم وعاء شرا من بطن بحسب ابن ادم اكلات او لقيمات يقمن صلبه لقيمات يقمن صلبه يعني ما يسد جوعته. فان كان لا محالة يعني فان كان اكلا عن هذا القدر لا محالة ان كان ولابد ان يتجاوز اللقيمات والاكلات فينبغي الا يتجاوز المقدار الذي حدده رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه. بمعنى ان يأكل اذا اكل اشبع اذا شبع تاركا على الاقل في معدته وخواء بطنه مساحة الثلث فارغا للنفس ويبقى الثلثان للطعام والشراب كما قال عليه الصلاة والسلام. فاذا تجاوز ذلك حد الامتلاء والتخمة كان ذلك مخالفا للهدي النبوي. كان مورثا بكل ما يذم به كثرة الطعام. الخمول الكسل البطالة الرغبة في كثرة النوم اضاعة الاوقات وما الى ذلك من المعالي. اذا هذا هدي نبوي عام. والحديث اخرجه الترمذي وصححه. والحاكم وصححه. وابن وابن حبان ايضا رواه عدد ممن اشترط الصحيح وحكم به. هذا المنهج النبوي والهدي النبوي ما زال متوارثا على السنة العلماء سلفا وخلفا يقول سفيان الثوري بقلة الطعام يملك سهر الليل. يعني من اراد ان يصيب من الليل حظا بالقيام. وسهرا في طاعة لا فليس له سبيل الا بالاقلال من الطعام. لان من اكثر الطعام وازداد منه ارتخى البدن. ورغب في النوم وقضى والساعات ثقيلا على الفراش لا يقوى على رأسه هذا المعنى كان يعيشه السلف وينصحون به ويورثونه. اذا هذا معنى متقرر شرعا. متوارث ايضا بين العلماء وحكما وتوجيها وتأديبا. نعم قال رحمه الله تعالى وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم انه كان احب الطعام اليه ما كان على ظفف اي كثرة الايدي وعن عائشة رضي الله عنها لم يمتلئ جوف النبي صلى الله عليه وسلم شبعا قط. وانه كان في اهله لا يسألهم طعاما لا يسألهم طعاما ولا يتشهاه. ان اطعموه اكل وما اطعموا وهو قبل وما سقوه شربوا. صلوات ربي وسلامه عليه كان احب الطعام اليه ما كان على ضفف اي كثرة الايدي الحديث اخرجه الترمذي في الشمائل وقد مر بكم في درس الشمائل سابقا. وابن حبان ايضا في صحيحه عن انس رضي الله عنه ليس بهذا اللفظ انه كان احب الطعام اليه بل بلفظ انه لم يجتمع له صلى الله عليه وسلم غداء ولا عشاء من خبز ولحم الا على ضفاف قيل وما الظفف؟ قال كثرة الايدي. بمعنى انه ما كانت مائدته عليه الصلاة والسلام. يجتمع فيها غداء وعشاء يوما واحدا يتوالى فيه خبز ولحم يؤكل مرة ومرتان في اليوم الا اذا كان يضيف احدا عليه الصلاة والسلام فيلتمس ضيافة لضيفه خبزا او لحما. لكن اذا نظرت الى شأنه وعيشة بيته عليه الصلاة والسلام فذاك تحدثك عنه عائشة وابن عباس وانس وصحابة كثيرون رضي الله عنهم الذي فيها من مثل الرواية ما شبع ال محمد صلى الله عليه وسلم من خبز الشعيرين يومين متتاليين يا قوم يوم ان لا يستقيم تتابعهما لرسول الله عليه الصلاة والسلام يشبع فيها من خبز الشعير. ليس اي خبز. خبز الشعير فيه خشونة وفيه وبوسا وليس الطعام بالمستساغ كما نأكل في انواع الخبز اليوم حتى هذا الخبز على خشونته ويبوسته وقلة الرغبة في مذاقه ما كان يتوفر ليشبع منه يومين يقول ابن عباس كان عليه الصلاة والسلام يبيت هو واهله الليالي المتتابعة طاويا ربما مرت ليلتان ثلاث اربع طاويا يبيت جائعا عليه الصلاة والسلام. هذه عيشة نبيكم عليه الصلاة والسلام يا قوم حدثوني الان اي هم لشأن الطعام في حياته حدثوني الان اين يبلغ همه بالسفر والموائد وما يطبخ وانواع الاطعمة الحلو منها والمالح والساخن والبارد لسنا نذم طعاما مباحا احله الله. لكن تدري ما الذي يذم؟ الذي يذم ان يظل المرء مشغولا في كرهه بهم الطعام والشراب وانه يفكر في عشائه قبل غدائه. وانه يرتب لما سيأكل غدا ولا يدري اين يستيقظ صباحا او لا يستيقظ وان يتحدث وهمه الطعم الفلاني والطبخ الفلاني. ومن يجيد طبخ كذا ومن يحسن طعام كذا؟ اذا ظل هذا شغل الانسان الشاغل واستمر تتابع هم المرء به اورثه والله يا اخوة انحطاطا في الهمم. اورثه انصرافا في الذهن الى تلك القضايا التي لا تعدو ان تكون من بنيات الطريق يا رجل طعام احدنا ما هو الا زاد يتزوده. والله لا يليق بعاقل ويربأ الفاضل النبي ان تكون قضايا حياته منحصرة في امور ما هي الا محطات حياة. ما هي الا مراكب عبور. يا رجل في حياتنا اكبر اهم واعظم ان تملأ بها قلبك فكرا. وقلبك اهتماما ونفسك همة بها. امور الحياة الكبرى دورك في الكون رسالة الاسلام عظمة المقصد عبودية الله عمارة الارض والاستخلاف في الدنيا حضارة الامة عودتها الى قيادة الركب بين الامم السيادة الشرف السؤدد المجد العز الانعتاق من الذل والهوان قضايا اكبر من حقه ان يعيش المرء عليها همه وفكره وقلبه وفؤاده. اما الطعام والشراب فغاد ورائح وات ومنصرف وداخل وخارج فما الغرض ان يتعلق به عقل الشريف النبيل الحصيف؟ هذا ابدا يعكس لك ان هدي المصطفى عليه الصلاة والسلام. وقد كان اعظم الامة من منزلة عند ربه هذا هذه الحياة يا اخوة هذا النمط من قلة العيش والتقشف والفقر وعدم التوسع في المطاعم والشراب. اعرف انه من اجل فقر عاشه عليه الصلاة والسلام. السؤال الان ماذا لو وسع له في الحياة اكانت تمتد له الموائد وينهمك في الطعام والشراب حاشاه عليه الصلاة والسلام. ودليل ذلك شيئا. اما الاول فانه اتسعت له الحياة في بعض اوقاتها فلا والله ما كان اتساع المال بين يديه ولا وفوره بحضرته ابدا ما كان له لحظة تفكير ان يجعل ذلك في توسع المطاعم والمشارب والملابس. انما يوسع فيه خدمة دين الله والجهاد في سبيل الله ونشر الدين. واما الدليل الاخر فان ربك الذي رفع مكانته واعلى منزلته وشرف قدره واغناه وعصمه من الناس كان قادرا ربك جل في علاه ان يوسع له في الحياة قادر على ان ينزل له مع كل اية من السماء درهما ودينارا او رغيف خبز وطعاما وشرابا فلم تقلص ظل الحياة عنده عليه الصلاة والسلام؟ والله ما زوى ربه عنه شيئا من الدنيا حرمانا له وحاشاه عليه الصلاة والسلام. انما زوى عنه ما وجعل له سعة في امر اعظم واشرف واكبر كل تلك الجوانب في قلة الحياء وشرف العيش والزهد فيها والاقلال. كل ذلك يأتي مصحوبا بتوجيه الرباني من فوق سبع سماوات يقول الله له ولا تمدن عينيك الى ما متعنا به ازواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه رزق ربك خير وابقى والله مثل هذا المنهج يورثك قناعة تملأ قلبك حتى الممات. والله لن تأسى على دنيا ذهبت من امامك قليل او خير ولن تحزن على حظوظ الدنيا التي انتقلت بين كفوف الناس وتسابقوا اليها وتطايروا اليها. اتحزن ان دنيا وسعت لغيرك وزويت عنك يا حبيبي زويت من قبلك عن رسول الامة عليه الصلاة والسلام. والله قولوا لكل من ضاقت به الحياة لا فقد ضاقت قبلك بسيد البشر عليه الصلاة والسلام. وربك الذي وسع لغيره قادر على ان يوسع له في هذه الحياة. لكنها ما كانت بطعامها وشرابها وزخرفها ومتاعها الزائل ابدا ما كانت سعتها دلالة على كرامة العبد عند الله. ولا على منزلته ولا حظوته ولا رفعة درجته. لكن الكرامة ميزانها اخر. ان اكرمكم عند الله اتقاكم. هذا المنهج وجه اليه النبي عليه الصلاة والسلام وعاش حياته عليه بابي وامه عليه الصلاة والسلام. نعم قال رحمه الله تعالى ولا يعترض على هذا بحديث بريرة بريرة رضي الله عنها وقوله الم البرمة فيها لحم. اذ لعل سبب سؤاله ظنه صلى الله عليه وسلم اعتقادهم انه لا يحل فاراد بيان سنته اذ رآهم لم يقدموه اليه. مع علمه انهم لا يستأثرون عليه فصدق عليهم ظنه وبين لهم ما جهلوا من امره. بقوله صلى الله عليه وسلم هو لها صدقة ولنا هدية. بريرة رضي الله عنها مولاة جارية اعتقتها ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها اشترتها من اهلها فاعتقتها فكانت تخدم في بيت عائشة رضي الله عنها دخل النبي عليه الصلاة والسلام ذات يوم على امنا عائشة رضي الله عنها فسألها كما يسأل عادة امهات المؤمنين اعندك عام فكانت الاجابة الكثيرة في دورانها على السنة امهات المؤمنين انه ليس عندهن شيء. فقالت ما عندنا شيء يا رسول الله. فقال سائل اذا الم ارى البرمة على النار فيها لحم؟ البرمة هو القدر من حجر ومن خزف اذا كان صنع من الطين فيطبخ فيه يسمى برمة قال الم ارى البرمة على النار فيها لحم؟ ابصر عليه الصلاة والسلام قطعا من لحم في هذا القدر الصغير في بيته عائشة فقالت بلى يا رسول الله لكنه طعام تصدق به على بريرة بريرة جارية واتاها هذا اللحم صدقة من بعض المسلمين وعائشة رضي الله عنها تعلم انه عليه الصلاة والسلام لا تحل له الصدقة فلذلك ما عرضت عليه اللحم قالت ذاك لحم تصدق به على بريرة. فقال عليه الصلاة والسلام هو عليها صدقة ولنا منها هدية. يعني الصدقة ليست انما اليها وقد امتلكتها بالصدقة. فلما اصبح اللحم ملكا لها بالصدقة اهدت منه الى بيت النبي عليه الصلاة والسلام فكان حضور اللحم الى بيته ليس من مدخل الصدقة بل مدخل الهدية فابان لهم مشروعية ذلك اللحم فسرت بذلك عائشة رضي الله عنها وقربته الى رسول الله عليه الصلاة والسلام. يقول المصنف رحمه الله سؤال النبي عليه الصلاة والسلام عن اللحم وقد رآه واشتهاؤه له ما كان يعارض ما تقدم قبل قليل. كيف؟ يقول انما كان سؤاله لظنه انهم فهموا مسألة بالخطأ فاراد تصويبها لهم. وهو عدم اباحة الصدقة عليه صلى الله عليه وسلم. وهذا صدق وصحيح وقد حدث في الحديث والسؤال والجواب يدل عليه لانه سألهم عن اللحم فاخبرته فاجابها بالوجه الشرعي لاستعماله. لكن لا حاجة لنا الى ان في انه بشر عليه الصلاة والسلام ومن شأن البشر اذا رأى طعاما بحضرته مما تشتهيه النفوس ان تميل النفس اليه مثل هذا لا مستنكر ونفيه لن يكون تنزيها لاحد. يعني ما المانع ان نقول؟ ما بحث ولا سأل ولا طلب عليه الصلاة والسلام. لكن رأى طعاما امامه من الحلال المشتهى. افلا تشتهيه النفس؟ بلى فاذا اشتهته النفس ورغبت فيه اي يكون ذلك ذما؟ ابدا. ايكون ذلك نوعا من انشغال النفس بالطعام والشراب؟ الجواب كلا ولذلك ثبت انه كان يحب بعض انواع الطعام كان يحبب اليه صلى الله عليه وسلم من اللحم ذراع الشاة وهو احبه اليه. وكان يحب الحلو البارد. حتى الصحابة كانوا يعرفون دون ذلك فان يحب شيئا من الطعام عليه الصلاة والسلام او يراه امامه فيشتهيه او يطلب ليأكل كل ذلك لن يعارض فسبق بل ذلك دليل على بشريته صلوات الله وسلامه عليه يشتهي الطعام الطيب الذي تراه العين اليها وهذا غير الشره ونصب الهم للطعام والشراب المذموم فيما ذكر انفا والله اعلم. نعم قال رحمه الله تعالى وفي حكمة لقمان يا بني اذا امتلأت المعدة نامت الفكرة وخرست الحكمة وقعدت الاعضاء عن العبادة. هذا في مأثور حكم لقمان الحكيم يا بني اذا امتلأت المعدة نامت الفكرة. اي فكرة؟ يقصد فكرة العقل وحكمته يريد ان يقول ان العقل انما يرقد اذا امتلأت البطن فاذا امتلأت البطون تعطلت العقول لا يقصد بالامتلاء دفع الجوع لا هو يقصد امتلاء التخمة وفعلا هو معطل للفكرة. قال نامت الفكرة وخرست الحكمة وقعدت الاعضاء عن العبادة. نعم وقال سحنون رحمه الله لا يصلح العلم لمن يأكل حتى يشبع. لا يصلح العلم لمن يأكل حتى يشبع. يعني لمن كان ديدنه انه واذا اكل لن يقوم الا اذا شبع قال مثل هذا انسان لا يصلح للعلم. لم؟ قال لانه لن يتصف بصفات طالب العلم الذي يحتاج الى سهر الليالي وصرف الاوقات والانكباب على الكتب والمطالعة واشغال الذاكرة بالحفظ والتكرار. كل ذلك يحتاج الى تعب ويحتاج الى لون من الجهاد وحياة طلبة العلم جهاد. فيقول مثل هذا لا يقوى عليه الاكول كثير الطعام. هذه العبارة عندما تصدر من امام عالم فقيه فاعلم انها تجربة حكيمة. سحنون رحمه الله عبدالسلام بن سعيد بن حبيب المالكية في زمنه فقيه المغرب صاحب المدونة التي عليها فقه الامام مالك واصحابه الى اليوم والى يوم القيامة. تلوخي مغربي قيرواني رحمه الله ساد اهل المغرب في تحرير مذهب الامام مالك فانتهت اليه رئاسة المذهب واشتهر بالقضاء الورع والحكمة والعبادة فمثله تؤثر عنه هذه العبارات دليلا على ما يستحق لطالب العلم ان يشتغل به. وان الاقلال من الطعام والشراب ما زالت وصية العلماء لطلبة العلم. الا يكثروا فيه حد التخمة والشره والا صار مضيعة للاعمال والاوقات والجهود. نعم. قال رحمه الله تعالى وفي صحيح الحديث قوله صلى الله عليه وسلم. اما انا ولا اكل متكئا. والاتكاء هو التمكن للاكل والتقع والتقاعد والتعدد والتقاعد في الجلوس له كالمتربع وشبهه من تمكن الجلسات التي يعتمد فيها على ما تحته والجالس على هذه الهيئة يستدعي الاكل ويستكثر منه. طيب قال عليه الصلاة والسلام في صحيح بخاري اني لا اقول متكئا وعند الترمذي بلفظ اما انا فلا اكل متكئا وورد النهي لا تأكل متكئا في بعض مرويات السنن وفي اسانيدهما قال لعله يحسن بعضها بعضا. النهي عن الاتكاء في الاكل ما الاتكاء انت يقرب اليك الطعام فتجلس على المائدة. ما المنهي عنه في الاتكاء يتبادر الى الذهن عادة الاتكاء هو الميل الى الجنب اما ان تتكئ على احدى ذراعيك او تتكئ على وسادة فيكون هذا هو المنهي؟ يقول ابن القيم رحمه الله الاتكاء ثلاثة انواع الاتكاء على الجنب وهو المتبادل الى الاذهان والاتكاء على اليد ان تجعل يدك خلفك فتتكأ عليها وتأكل بالاخرى والاتكاء التمكن في الجلسة بمعنى كما قال القاضي عياض التمكن للاكل والتقاعد في الجلوس كالمتربع. جلسة متربع على المائدة هو اتكاء. قد تقول اين الاتكاء؟ هذا في لسان العرب تسمى اتكاءة التمكن في الجلوس واتخاذ شيء يتمكن فيه الجالس من الجلسة يسمى اتكاءة. وقد قال عدد من اهل العلم كما اورد ابن الاثير في النهاية وغيره. قال المتكئ في العربية كل من استوى قاعدا على وطاء متمكنا. والعامة لا تعرف المتكئ الا من مال في عوده متكئا على احد شقين. اذا هذا معنى اوسع فحتى التربع هذا الذي نجلسه كثيرا يا قوم على الموائد هو مذكور في كلام بعض اهل العلم انه نوع من الاتكاء المنهي عنه. لم؟ قال القاضي عياض الجالس على هذه الهيئة يستدعي الاكل ويستكثر منه بمعنى انه يأخذ راحته في الطعام. واذا جلس متكئا وتفسح في المجالس وعلى السفر كانت المسافات استدعى مزيدا من الاكل بخلاف من يجلس مزدحما على المائدة. وحوله الايدي تتكاثر او جلس جلسة كجلسة الصلاة مثلا او جلس ناصبا ساقيه كلتيهما او احداهما كما كان يجلس عليه الصلاة والسلام يجلس بقعيا يعني يجلس على مقعدته ناصبا ذراع آآ ساقيه يضمها الى فخذيه يعني حتى هذا يضم فيه الفخذ على البطن ففيه تضييق على المعدة. وبالتالي لا يستريح الاكل في اكلته واذا اكل قليلا مع ضغط المعدة الذي يحصل بضم الساقين والفخذين الى البطن قال رحمه الله تعالى والنبي صلى الله عليه وسلم انما كان جلوسه للاكل جلوس جلوس المستوفز مقعيا مقعية مقعية نعم كما اخرجه مسلم في صحيحه. كان يجلس مستوفزا مستوفزا يعني متهيأ للقيام غير متمكن غير جالس مقعيا يجلس على اليته عليه الصلاة والسلام ناصبا ساقيه مضمومة الى فخذيه وهي قريبة من بطنه. فمثل ذلك لم يتمكن لن يشبع واذا اكلك لقليلا امتلأت البطن بسبب ضم الساقين والفخذين اليها. نعم. قال رحمه الله تعالى ويقول صلى الله عليه وسلم انما انا عبد اكل كما يأكل العبد واجلس كما يجلس العبد. الحديث اخرجه عدد من اصحاب السنن وكل ضعيفة وظعفها عدد من اهل العلم لكن لعلها بمجموع طرقها هي السبب الذي حسنه به بعظ اهل العلم. نعم قال رحمه الله تعالى وليس معنى الحديث في الاتكاء في الاتكاء الميل على شق عند المحققين. هو اذا احد معان ثلاثة كما تقدم الميل على الشق او على جانب والاتكاء على اليد او اول اتكاء بمعنى التربع كما تقدم. نعم. وكذلك نومه صلى الله عليه وسلم كان قليلا. شهدت بذلك كالاثار الصحيحة ومع ذلك فقدق. فقد قال صلى الله عليه وسلم ان عيني تنامان ولا ينام قلبي وتقدم ذلك الحديث في خصوصيته عليه الصلاة والسلام ينام تنام عيناه ولا ينام قلبه بمعنى وعيه وادراكه عليه الصلاة والسلام وعدم استغراقه في النوم. هذا الى جانب قلة ساعاته التي يضع فيها جنبه على صلوات ربي وسلامه عليه يقوم الليل يقطعه قياما وتبتلا وتسبيحا ودعاء. فاذا كان النهار مضى في هم الامة يسعى في حاجة هذا ويعلم ذاك يزور المريض ويشهد الجنازة ويعود المحتاج ويتفقد الارامل ويمشي مع الناس في حاجاتهم ويسوق الجهاد ويقود الغزوات عليه الصلاة والسلام. عاش الصحابة ذلك كله. ويأتيه القاصد له في المسجد وفي البيت ويطرقون بابه فما وجدوه الا متسعا صدره صلى الله عليه وسلم لذلك كله. فضاقت ساعات راحته وضاقت ساعات مثوله الى الفراش واضجاع بدنه عليه الصلاة والسلام. نعم. قال وكان نومه على جانبه الايمن جهارا على قلة النوم لانه على الجانب الايسر اهنأ لهدو القلب وما يتعلق به من الاعضاء الباطلة حينئذ لميلها الى الجانب الايسر فيستدعي ذلك الاستثقال فيه والطول واذا نام النائم على الايمن تعلق القلب وقلق فاسرع الافاقة ولم يغمره الاستغراق. نعم هذا الثابت في هدي ايه؟ المنام على الجانب الايمن وقد ذكر اهل العلم ما قاله القاضي هنا رحمه الله من ان النوم على الجانب الايمن اقل استغراقا في النوم لان القلب في الجانب ايسر فاذا نام النائم على جانبه الايسر كان اكثر راحة ودعة للبدن في الاستغراق في النوم والاطالة فيه. فجاء الهدي النبوي بما يحقق صحة البدن على مقتضى الطب كما يقول الاطباء. وجاء ما يحقق ايضا وظيفة العمد في الحياة وهي ان يصرف وقته وجهده لما خلق من اجله. فاذا قضى حاجته من النوم توجه الى قضاء عبادة ربه والقيام بحقوق الخلق كما عاشت عليه البشرية هذا الهدي النبوي في جملته كان اقلالا في المنام واقلالا في الطعام والشراب وهي جوانب مدح يعظم بها الانسان واعظم من مدح بها رسولنا عليه الصلاة والسلام. تم هذا فالسرور يكون المجلس القادم فيما مدح بكثرته وهو نوع اخر مما يمدح به الانسان ومن اوصاف الجبلة والخلقة عادة مجلسنا الليلة القادمة الاسبوع القادم نعتذر عنه ان شاء الله الى الاسبوع الذي يليه لظروف سفر. هذه ليلة افتتحتموها بكثرة الصلاة والسلام على رسول الله. فاختموها بكثرة الصلاة والسلام عليه. واجعلوا جمعتكم غدا ايضا عاطرة مشرقة لكثرة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه واله وسلم القلب كم يشتاقه والعين كم تهفو اليه؟ صلوا عليه فوالله من خاب من صلى عليه. صلوات الله وسلامه عليه دائما ابدا الى يوم الدين. اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء. اللهم اجعل لنا وللمسلمين جميعا من كل هم انفرج ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين. اللهم مكن لدينك ولعبادك وللمجاهدين في سبيلك في كل مكان. اللهم احفظنا والمسلمين جميعا بحفظك من شر الاشرار. وكيد الفجار وشر طوارق الليل والنهار يا سميع الدعاء ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. اللهم ربنا صل وسلم وبارك على حبيب القلوب وانسها بهجة الفؤاد وسعدها محمد بن عبدالله صلاة وسلاما كما تحب ان يصلى عليه. واحشرنا يا ربي في زمرته. واكرمنا في الاخرة بصحبته وارفع درجاتنا واغفر زلاتنا وارحم ابائنا وامهاتنا يا ارحم الراحمين. واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين. وصلى الله